الأب متى المسكين ,وشرح لاهوتي حول “أبي أعظم مني”
المرجع: المدخل لشرح انجيل القديس يوحنا ,دراسة وتحليل,دير القديس أنبا مقار-صـ874-881
يوحنا 28:14 ” سَمِعتُم أني قُلْتُ لكم:أنا أذهَبُ ثم آتي إليكُم , لو كنتم تُحِبُّوننَي ,لكنتم تفرَحُون لأني قلت أمضِي إلى الآبِ ,لأن أبي أعظَمُ مِنِّي”.
كانت هذه الآية موضع اجتهاد ونقاش ومساجلة وحوار ؛بل ومقاومة ,وقد اتخذها الهراطقة أساساً لإيمانهم الخاطئ وعقائدهم المنحرفة ,إذ اعتبروها تفيد أن الابن أقل من الآب من جهة طبيعته ,أي أنه ليس مساوياً للآب من جهة اللاهوت.
إن محور الجدل والمحاورات الكثيرة التي أرهقت اللاهوت المسيحي في هذه الآية هي قول المسيح :”لأن أبي أعظَمُ منيّ” . وفي هذه المعلومة,إذ انحرف الفكر عن البساطة الإعجازية التي فيها ,يسقط في هوة تقسيم اللاهوت إلى أعظم وأقل ,وبالتالي وضع الابن في ضع متدنّي عن الآب ,ورفع الآب إلى درجة المسئول عن الابن .
وسنعرض للقارئ الشرح ونقدمه على جزئين :
الجزء الأول :”لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون “.
الجزء الثاني :”لأن أبي أعظم مني”.
وسوف نقدم الجزء الثاني على الجزء الاول لأن هذا يستلزمه الشرح ,بسبب تقديم المسيح كلمة “لأن”γάρ في الجزء الثاني من الآية ,وهذا يجعل الجزء الأول “كنتم تفرحون” تابعاً للجزء الثاني من الآية :”لأن أبي أعظم مني”.
فترتيب الشرح يكون هكذا :”لأن أبي أعظم مني ,لو علمتم ذلك ,لكنتم تفرحون لأني أنا ذاهب ثم آتي إليكم”.ولكن قوة الآية تكمن في جزئها الثاني الذي قدمناه هنا.
وبادئ الأمر نقول ,إن شرح الآية يستلزم دائماً التمسك بموضعها في الكلام.فلا يصح إطلاقاً أن نخلع الآية من مجرى الحديث ومن موضعها في الكلام ,لكي نشرحها بمفردها , ونقيسها على الأصول اللاهوتية ,بطرق اجتهادية تأملية.
فإذا أخذنا الآية التي نحن بصددها ,ومحورها هو :”لأن أبي أعظم مني” ,نجد أن الظروف التي أوْحَتْ إلى قولها هي كالآتي :
أولاً:المسيح يتكلم في هذا الإصحاح وما قبله وما بعده عن الفراق الذي سيتم بينه وبين التلاميذ ,بذهابه إلى الآب ,وهو يجتهد ليوضح لهم أهميته.
ثانياً :روح التعزية التي حاول المسيح أن يحيط بها تلاميذه ,حتى يخفف عنهم الحزن والضيق الذي ألمَّ بهم
ثالثاً :محاولة التهوين من شأن الموت الذي سيجوزه ,باعتباره فترة قصيرة ,يقوم بعدها,ويتراءى لهم ,ويكون معهم وهم معه.
رابعاً:إن الموت الذي سيجوزه هو الوسيلة الهامة جداً التي سينطلق بها إلى الآب ,مفتتحاً طريق الخلود ,حاملاً معه المختارين.
خامساً:إن ذهابه إلى الآب هو مرتبط ارتباطاً أساسياً بإرسال الروح القدس ,الذي سيقوم بتعزيتهم وتعليمهم وتذكيرهم بكل ما قاله لهم وعمله لهم ,وأنه سيكون معهم وفيهم عِوَضاً عنه ,بل ويكشف لهم حضوره الدائم.
سادساً:تأكيده لهم أن ذهابه إلى الآب ,ولو انه سيُفقدهم رؤيته ,إلا أنه “خيرٌ لهم أن انطلق “(راجع يو7:16)من أن يبقى معهم .فهنا ذهاب المسيح إلى الآب هو حالة قيّمها المسيح ,أنها أعظم وأكثر خيراً بالنسبة لهم هم.
واضح,إذن , أن قول المسيح :”لأن أبي أعظم مني” هو مقولة خاصة بالظروف المحيطة بها وهي ذهاب المسيح إلى الآب ,الذي هو حالة أفضل للتلاميذ وأكثر خيراً بالنسبة لهم .وهذا يجب أن يجعلهم يفرحون .لأن النتائج المتحصلة من ذهابه إلى الآب قد أجْمَلَها لهم بقوله أنه إذا انطلق ,سيطلب من الآب أن يرسل لهم باسمه معزياً آخر هو الروح القدس. والروح القدس سيتولى شرح وتذكير التلاميذ بكل ما قاله المسيح ,بالإضافة إلى أنه سيستعلن لهم كلّ الحق ,ويعرّفهم بكل شيء,ويكشف لهم حقيقة المسيح وكل ما يختص به ,لأنه سيكون واسطة حلول المسيح فيهم ,بالإضافة إلى أنه سيمجّد المسيح فيهم وبهم ,أي يجعلهم شهوداً و الآتٍ لتمجيد المسيح .
هذا كله سيكون ثمرة ذهابه إلى الآب ,فكيف لا يفرحون ,إن كانوا قد أحبّوا المسيح حقاً؟
الجزء الثاني :”لأن أبي أعظم مني”:
حينما يقول الابن إن أبي أعظم مني ,فهو يتعرض لقانون الابوّة والبنوّة ,في وضعه الإلهي الأمثل ,الذي منه خرجت كل أبوّة وبُنوّة في العالم ,فالآب أعظم من الإبن ليس لأنه أعظم جنساً ,فاللاهوت في هذا واحدٌ لا ينقسم ولا يتعالى ,أو يتعاظم في نفسه على نفسه ,فالجوهر ,أي الطبيعة ,في الله واحد وبسيط غير متجزِّئ.
ولكن لما يقال أن جنس بني آدم هو بُنوّة وأبوّة ,أو بالاختصار أن جنس الانسان كجنس هو وِحْدة أو “واحد” يقوم على الذات الإنسانية التي فيها الأبوّة والبُنوّة ,فالإنسان ذكراً كان أم أنثى فهو إنسان ,أي جنس واحد ,وأصلاً خلق الله الجنس الإنساني ليكون واحداً وأتت المرأة كجزء منه وضِلْعاً من ضلوعه ,لذلك يقال أن الرجل والمرأة حينما يتزاوجان يصيران مرة أخرى جسداً واحداً .
فلو ارتفعنا إلى جنس الألوهة ,وهو واحداً حتماً ,فهو حتماً يقوم على الذات الواحدة التي تمثِّله أو تكوّنه ,وهذا الجنس يقوم بالتالي على الأبوّة الواحدة الوحيدة والبنوّة الواحدة الوحيدة في الذات الكاملة الواحدة .وكون الآب أعظم من الابن في ذات الله الواحدة لا يفرق ولا يثني في الذات ولكن هذا قانون الأبوّة و البُنوّة في الله ,الذي انبثقت منه كل أبوّة و بُنوّة في العالم بقانونها الأدبي ,أن الآب يكون دائماً أعظم من الابن ,أدبياً ,وليس طبيعةً,ولا جنساً ,و لا موهبة, و لا قوة ,لأن الأعظم في الأبوة الإنسانية لا يفيد أي صفة كانت سوى صفة الأبوة ,أو اسم الأب في الذاتية البشرية وحسب .
فكون الآب أعظم من الابن ,فهذا هو قانون قيام الذات الذي يضمن وحدتها وكمالها ,فالله الآب يعطي الله الابن ليس لأنه أغنى ولا أقوى ,ولكن منطق الذات المتكاملة يحتم بالحب عطاءً وأخذاً لتصير الذات مكتفية بذاتها وفي ذاتها .والحب يمثل العطاء الاعظم والاقوى في الذات الالهية :”فالآب يحب الابن “,لأن هذا هو قانون الابوّة الحتمي ,والابن يحب الاب ,إنما كرد فعل مساوٍ تماماً ,فهذا أيضاً قانون وفعل البنوّة الحتمي .وهذا الحب المتبادل يعطي للذات اكتفائها .لذلك حينما يقول المسيح باعتباره الابن :”أبي أعظم مني “,فهو يشير إلى علاقة ,فالحب في الله هو طبيعة العلاقة القائمة في الذات المتكاملة .لذلك فالذات الإلهية هي “الاكتفاء” المطلق الوحيد (الكائن بذاته).
لذلك يقول المسيح في الاصحاح الخامس :”لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته” (يوح 26:5),فهو لم يعطه حياه بل “أعطاه” أن يكون له حياة في ذاته .هذا أيضاً هو قانون الابوّة والبنوّة العام. وفي الإنسان يكون نفس الوضع ,لو أخذناه ليس على مستوى الفرد الواحد كأب إنما لو أخذناه على مستوى الذات الانسانية الواحدة كجنسٍ,فإن الابوّة في الذات الانسانية أعطت بكيانها أن يكون للبُنوّة حياة في ذاتها .وهذه الحقيقة لا تظهر على مستوى الفرد الواحد في الجنس البشري إلاّ على مستوى النسل .حيث يعطي الأب حياة لإبنه بالنسل ,فتظهر الحياة ,وهي تنتقل من الاب إلى الابن .وهذا حتّمه حكم الموت ,لأنه بدون أن ينسل الانسان تتوقف حياته على الارض وتتلاشى الذات الانسانية من العالم المادي .فلكي تظل الذات الانسانية كائنة ,وقائمة على الارض ,تحتّم عليها أن تسلم شعلة الروح التي فيها,بالنسل , إلى خَلَفٍ لها ,لتبقى وتدوم على الارض .
أما الله فهو الكائن بذاته ,والحيّ بجوهره الذي لا يعرف الموت ولا التغيير , وهو قائمٌ دائمٌ بذاته ليس فيه ظل دوران (الحركة ويتبعها الزمن ) ,فهو فوق الزمان والاكوان ,وكل كيان يستمدُّ منه كيانه ,وهو هو, لا يتغير,ولا يتبدّل ,وسنوه لا تفنى!!
لذلك, فالذات الإلهية منزّهة عن النسل لذاتها .لأن الابوّة فيها دائمة بحياتها الازليّة فيها,والبنوة دائمة بحياتها الازلية فيها أيضاً .فلا الابوة تحتاج إلى من يقيمها ,فهي قائمة دائمة, ولا البُنوّة تحتاج إلى من يُكمِّلها ,فهي كاملة مع الآب في ذات واحدة.
والأبوّة في الله غير منحصرة في ذاتها ,بل تُعطي عطاءً أزلياً وأبدياً, كل ما لها للابن .والابن غير منحصر في هذا الميراث الابوي, بل يعمل به لحساب الآب ,فكل غنى ميراثه في الآب يردّه للآب ,عملاً ,سواء كان الحب أو المجد أو الكرامة ,حتى أن الابن –كما عرفناه في المسيح –سُميّ بل تعيّن لنا رباً –لمجد الآب!!
“ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب “(في 11:2)
والمجد الذي أعطاه الآب للابن :”المجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم”( يو 5:17),ردّه الابن للآب أعمالاً:”أنا مجدتك على الأرض” (يو4:17)؛والحب الذي أعطاه الآب للابن :”الحب الذي أحببتني به”(يو26:17),ردّه المسيح للآب بصورة منظورة لنا ,في ذبيحة محبته على الصليب ,صُلحاً للعالم كلّه مع للآب :”أي إن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه “(2كو 19:5),وتطهيراً لكل خُطاةِ الأرض :”الله,بعدما كلّم الآباء بالأنبياء قديماً,بأنواع وطرقٍ كثيرة ؛كلّمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه,الذي جعله وارثاً لكل شيء, الذي به أيضاً عَمِلَ العالمين ؛الذي ,وهو بهاء مجده ,ورسم جوهره ,وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعد ما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا ,جلس في يمين العظمة في الأعالي”(عب1:1-3)
وبالاختصار وبشمول يفوق العقل فإن كل ميراث الابن في الآب ,أو بمعنى آخر كل غنى الروح والمعرفة والمجد كميراث للابن ,منحه الابن للذين آمنوا بالآب وبه .فورث الانسان مع الابن في الله ,الأمر المذهل للعقل ,فقد صرنا بالمسيح وفيه “ورثة الله,ووارثون مع المسيح”(رو 17:8).وأهم ما في هذا الميراث هو “البنوّة” الدائمة ,فهذا هو الملكوت الممنوح للإنسان ,ميراث خيرات الله الرّوحية كبنين.وهكذا,بقدر ما ورث الابنُ الآبَ,ردّه للآب مشمولاً بدخول الإنسان هذا الميراث عينه ,ليستوعب هذا الغنى الابدي اللانهائي .
ولكن ميراث الابن للآب لا يشمل عطايا خارج الكيان الجوهري في الذات الإلهية, لأن كلّ ما للآب هو للابن, وكل ما هو للابن هو للآب:”وكل ماهو لي ,فهو لك .وماهو لك ,فهو لي” (يو10:17).لهذا يقول المسيح :”أنا والآب واحد”(يو 30:10).ولكن يتضمن العطاء والأخذ في الله بين الآب والابن تواجدُ الآب في الابن والابن في الآب .فكل واحد يعطي ذاته للآخر بصورة فائقة ,بحسب الطبيعة الفائقة لله .لكن حتى هذا التواجد المطلق بين الآب والابن ,استثمره الابن في الانسان ,لحساب غنى اللاهوت .فكما تواجَدَ “الابن” في الجسد البشري,فتجسد ,وصار “ابناً للانسان”,وهو حامل البنوة الإلهية وكل غناها وميراثها ؛هكذا أعطى الانسان ,بصورة ما,كلّ من يؤمن ويقبل الابن المتجسد ,أي المسيح ,أن يتواجد الابن فيه ,على قدر ما يطيق الانسان ويحتمل :”اثبتوا فيّ وأنا فيكم” (يو4:15).وعاد يُخاطِب الآب بهذا القول العجيب :”ولستُ أسألُ من أجلِ هؤلاء فقط(التلاميذ ),بل أيضاً من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم ,ليكون الجميع واحداً,كما أنك أنت أيّها الآب فيّ وأنا فيك ,ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا.”(يو 21:17-22) .
والمسيح,لكي يمهد لهذا التواجد العالي القدر ويجعله مناسباً وممكناً ,يقول:”وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ,ليكونوا واحداً, كما أننا نحن واحد.”(يو22:17)
ثم يعود المسيح ليُطبّق التوازي في الوجود –مع حفظ الفارق بين ما للاهوت وما للإنسان-هكذا :”أنا فيهم ,وأنت فيّ ,ليكونوا مُكملين إلى واحد”(يو23:17)
وهنا ,وفي كل مرّة يشدد المسيح أن هذا الوجود الجديد للإنسان في عمق الصلة الأبوية والبنوية في الله ,هو آية ,دائماً تكون لحساب الآب ليراها العالم:”ليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني .”(يو23:17)
وهكذا تبدو رسالة الابن المتجسد في العالم كلها لحساب الآب.
وهكذا,أيّها القارئ العزيز,ينكشف سر الإيمان المسيحي الأعظم,الذي كان مخفياً مدى كل الدّهور السالفة, الذي أعلنه الله بإرساله الابن إلى العالم مُتجسداً ,”ليستعلن لنا سر الآب والابن”,الذي به صار تجديد الخليقة البشرية ورفعها إلى مستوى البنوّة لله ,ومنحها كل مميزاتها ,لحياة أبدية مجيدة ,لسعادة الإنسان وفرحه ,عِوَضَ كآبة عبودية الدهور السالفة والحزن والتنهّد والبكاء تحت سُخرة الشيطان والجسد,الذي كتب به الانسان تاريخه السالف .
نستخلص من هذا ,أن الآب أعظم من الابن لأن هذا هو قانون الأبوّة والبُنوّة ,وهذا يرتدُ على الذات ليعطيها الاكتفاء والكمال والوحدانية الخصبة .
وبالنهاية,نكون قد بلغنا العمق والغِنى في قول المسيح:”أبي أعظم مني” ,والذي ينتهي إلى الاكتفاء والتكامل في الذات الإلهية ,على أساس هذه الصفة التي تُميّز الأبوة تمييزاً أدبياً مُطلقاً,وهذا التمييز يجعلُ الذّات الإلهية مُحبّة ومحبوبة,عاملة غير ساكنة,متكلمة غير صامتة,بل مُتكلمة سامعة ,مُريدة فاعِلة ,ناظرة ومنظورة ,راسِلة ومُرسَلة ,عالمة ومُتعلّمة,مجيدة وممجِّدة.
وباختصار ,هي ذات كاملة كمالاً مُطلقاً,مكتفية في كيانها اكتغء مُطلقاً.فال1ات الإلهية ,كآب وابن ,واحدة,ووحدتها غير واقعة تحت العجز والعَوَز .فوحدانية الله خصبة ,ومن خصوبتها يغتني العالم .هذا,وعلى أساس ذلك, نسمع من فم المسيح أسرار هذا التكامل بين الآب والابن :
+”لان الاب يحب الابن و يريه جميع ما هو يعمله “(يو20:5)
+”قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني و اتمم عمله”(يو34:4)
+”لا يقدر الابن ان يعمل من نفسه شيئا الا ما ينظر الاب…”(يو19:5)
+”انا لا اقدر ان افعل من نفسي شيئا كما اسمع ادين و دينونتي عادلة”(يو30:5)
+ “لاني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الاب الذي ارسلني”(يو30:5)
+ “تعليمي ليس لي بل للذي ارسلني”(يو16:7)
+” انا هو و لست افعل شيئا من نفسي بل اتكلم بهذا كما علمني ابي”(يو28:8)
+”الذي ارسلني هو معي و لم يتركني الاب وحدي لاني في كل حين افعل ما يرضيه”(يو29:8)
+” انا انسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله “(يو40:8)
+”لاني لم ات من نفسي بل ذاك ارسلني”(يو42:8)
+ “لكني اكرم ابي و انتم تهينونني”(يو49:8)
+”لاني لم اتكلم من نفسي لكن الاب الذي ارسلني هو اعطاني وصية ماذا اقول و بماذا اتكلم”(يو49:12)
+”الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي لكن الاب الحال في هو يعمل الاعمال”(يو10:14)
هذه هي الابوّة في الله , وهذه هي البنوّة في الله ,ليس بينهما أيُّ تنافرٍ أو شقاقٍ أو تعالٍ.
يستحيل لأي انسان يتمعن هذه الآيات أن يعثر على أيّ انقسام أو ثنائية ,فالوحدة المطلقة بين الآب والابن والتكامل المطلق في الذات ,يضمنها الحبُّ المطلق من الآب نحو الابن ,والطاعة المُطلقة من الابن للآب ,فالآب يشاء ووالابن يُكمل المشيئة بنفس القوة ,والآب يتكلّم والابن يُعلم بنفس الكلام وبنفس الحكمة ,والآب يعمل والابن يعمل بنفس القوة والاقتدار .
فإذا قال الابن أن “الآب أعظم مني”,فلأنه “آب” فقط والابن يُكرّم الآب لأنه”ابن”:”لكني أكرم أبي وأنتم تهيونني”(يو49:8).ولكن إذا خرجنا خارج هذه الدائرة الخاصة جداً والنورانية الفائقة بين الآب والابن ,أي ندخل إلى ما يخصنا نحن من هذه الابوّة والبُنوّة الإلهية ,نسمع من المسيح التساوي المطلق في الكرامة والمجد.
“لكي يُكرم الجميع الابن ,كما يكرمون = كرامة واحدة للآب والابن =إله واحد.
الآب ,من لا يكرم الابن ,لا يكرم الاب الذي
أرسلهُ”(يو23:5)
“أنتم تؤمنون بالله ,فآمنوا بي”(يو1:14) = الايمان بالآب يُحتّم الايمان بالابن
“أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل”(يو17:5) = العمل الواحد بين الآب والابن
“أنا والآب واحد”(يو30:10) = واحد في الجوهر والذات =إله واحد
“كل ماهو لي فهو لك,وما هو لك فهو لي” = كل صفات ومميزات الآب هي في الابن وكل صفات وميراث
(يو10:17) الابن هي في الآب =وحدة الصفات والمميزات
“الذي رآني فقد رأى الآب”(يو9:14) = الله الآب غير منظور .الله الابن هو منظور الآب
الآب والابن منظورٌ واحد.
“أنت أيّها الآب فيّ وأنا فيك “(يو21:17) =الكيان الواحد
“وهذه هي الحياة الابدية ,أن يعرفوك أنت = معرفة الآب والابن فيها الحياة الأبدية
الإله الحقيقي وحدك,ويسوع المسيح الذي
أرسلته” (يو3:17)
هذه الآيات ,تشير بتأكيد ,أن عملَ الآب غير الظاهر يعمله الابن في الظاهر ,كذلك المشيئة وكل شيء ,فالآب والابن لهما عمل واحد ومشيئة واحدة.
وفي الختام نقول ,إن المسيح إذا قال:”أبي أعظم مني”,فذلك لأنه هكذا ينبغي أن يرى الابن أباه ,فالآب يتحتم أن يكون عظيماً في عين الابن ,لتكون الذات الإلهية كآب وابن عظيمة في تكامُلها ووحدتها,أما من جهة العمل ,فالتساوي في المشيئة والقدرة والحكمة هو مُطلق بين الآب والابن ,وأما من جهة الكرامة والمجد والعبادة والسجود فهو واحد بلا تفريق.
[gview file=”http://www.difa3iat.com/wp-content/uploads/2014/08/يوحنا-28-2.pdf”]