الخاطئات والمنسحقات – المرأة في الكتاب المقدس ج13
الخاطئات والمنسحقات - المرأة في الكتاب المقدس ج13
الخاطئات والمنسحقات – المرأة في الكتاب المقدس ج13
الخاطئات والمنسحقات وكيف تعامل معهن السيد المسيح
الخاطئــات
الخاطئــة الأولـى: “التى أحبت كثيراً”
الخاطئـة الثانية: ” التى أمسكت في ذات الفعل”
” جاء من أجل الخطاة الذين أولهم أنا “
اختار رب المجد خاطئات هذا العالم أبرار بنعمته ليجعل منهن صورة ساطعة تستهوى القلوب المضطربة وتملأها ثقة في مراحمه.
هل هناك حب أعظم من هذا, أن يحمل رب المجد صليب بارباس – الذي هو مكان زعيم الخطاة وأولهم – ذلك الذي هـو وحـده حمـل أثقالنا “وبحبره شقينا”
ألــم يـمت السيــد لأجـــل الفجـــــار والضعفــــاء (رو 5: 6)
الخاطئة الأولى قدمت توبة بدموع وسكبت الطيب على قدميه من وراءه وليس على رأسه مـن أجل أتضـاعها وقيل عنها ” أنها أحبت كثيراً” (لو 7: 47)
ويجدر بنا أن نقف أيضاً عند تلك الخاطئة التى أمسكت في ذات الفعل والتى جاءوا بها إلى رب المجد ليجربوه إذ أعلنوا له أن موسى أمر بأن ترجم, لقد تأملهم ثم قال ” مـن كـان منـكم بـلا خطـية فليرمـها أولاً بحجـر” (يو 8: 1-11).
وليس من شك في أن العينين اللتين تأملتا هؤلاء الغيورين على الناموس الموسوى كانتا مليئتين بالحزن – الحزن الإلهي اللانهائي لأن الناس يسمعون سمعاً ولا يفهمون, ألم يقل صراحة في موعظته على الجبل ” أخرج أولاً الخشبة التى في عينك وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك” (مت7: 5) وهذا الدرس الذي يستهدف منه رب المجد أن يحاول كل إنسان استكمال ما في نفسه من نقص أولاً, هو بعينه الدرس الذي يلقيه علينا حتى الآن, فماذا نحن فاعلون.
لقد أعطاها الرب الغفران الكامل وقادها لتسلك في النور, لذلك قال بعد ذلك مباشرة ” أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشى في الظلمة بل يكون له نور الحياة”
ولنتأمـل الآن مـا فعلــه رب الحريــة مــع المنسحقــات:
- المرأة الأولى: نازفة الدم: البائسة التى اتجهت بإيمانها إلى صديق البؤساء وسيد المتألمين والمعذبين في الأرض والتي اغتصبت الشفاء والملكوت.
- المرأة الثانية: هي المرأة المنحنية: التى رأى الرب أعماقها, ناداها , وحررها.
أنه رب المجد الذي قال في السبت الأول من كرازته بأنه جاء ليشفي المنكسري القلوب ويرسل المنسحقين في الحرية ( لو 4: 18- 19)
المــرأة الخـاطئـة
” لأنها أحبت كثيراً” (لو 7: 47)
هي امرأة خاطئة لا نعرف اسمها, سمعت عن الرب أنه في بيت سمعان الفريسى الذي دعاه ليأكل عنده, فجاءت بقارورة طيب وعند قدمي المخلص جلست باكية, وبلت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها.
أما سمعان الفريسى فأدان المرأة في فكره لأنها خاطئة, بل وأدان الرب قائلاً في فكره ” لو كان هذا نبياً لعلم من هذه المرأة…. أنها خاطئة”.
وهنا كشف الرب أفكار بل قلب سمعان قائلاً عن مثل أنه كان لمداين على الواحد 500 دينار وعلى الآخر خمسون وإذا لم يكن لهمل ما يوفيان سامحهما جميعاً, ثم سأل الرب سمعان عن أيهما يكون أكثر حباً له فأجاب ” أظن الذي سامحه بالأكثر”.
قصد الرب من المثل أن المداين هو الرب نفسه, والخاطئة عليها الدين الكبير 500 دينار, وسمعان الفريسى عليه 50 دينار , والديون هي الخطايا التى بالفكر والقول والعمل, والاثنان المرأة وسمعان لا يقدرا أن يسددا ديون خطاياهم وبالتالى فالرب سددها نيابة عنهما بموته على الصليب.
ومن كان دين خطاياه كبيراً وسيسامحه الرب فهو يحب كثيراً.
الحب كان قوياً في قلب المرأة التى أحبت من ا لقلب من أحبها وغفر خطاياها ذنوبها وستر عيوبها.
هي تعبيراً عن حبها للرب قدمت دموعها هي سكبت طيبها الفاخر هي قبلت رجلي الرب بإتضاع هي وقفت باكية. هي تطلعت للجلجثة حيث الصليب هي تمسكت بجروح الرب فاغتسلت من خطاياها هي تطلعت إلى مراحم الرب الأمينة | وسمعــــان ماذا قدم وسمعــــان ماذا سكب وسمعــــان ماذا فعل وسمعــــان فبماذا فكر وسمعــــان إلى أن شئ تطلع أما وسمعـان فتمسك بحرفية الناموس فأدان. أما سمعــان فتطلع إلى المظاهر فخسر الكثير |
ماذا عملت المرأة الخاطئة:
- هي ألقت بنفسها بين طيات بحر النعمة لتغتسل في وسط أمواجه.
- جمعت ذهبها لتقتنى به خلاصها.
- اشترت الطيب لزوم تكفين الأفكار والخطايا القديمة.
- دعاها الرب يسوع لأنه أتى من أجلها.
- بدموعها بللت قدميه وبشعرها مسحتهما.
- سكبت الطيب على قدميه ومن ورائه وليس على رأسه من أجل إتضاعها.
- بمعاناة الدموع تكون التوبة ويكون الخلاص من الخطية.
“أعطنا يا رب ينابيع دموع كثيرة كما أعطيت منذ القديم للمرأة الخاطئة واجعلنا مستحقين أن نبلل قدميك اللتين أعتقتانا من طريق الضلال ونقدم لك طيباً فائقاً واقتنى لنا عمرا نقياً بالتوبة”.
وعلمتنا:
- أنها كانت مشغولة بخلاص نفسها فقط.
- وأنها كانت مشغولة بيسوع مخلصها الشخصي.
- وأنها كانت غير مشغولة بآراء الناس ونقدهم لها.
هذه النواحي الثلاثة هي سر التلاقي مع يسوع:
نفس مشغولة بخلاص نفسها – نفسها أغلى من كل شئ – غير مشغولة بإدانة الآخرين
تحب الناس والكنسية والخدمة ولكن لا تنقد أو تدين أو ترتبك بأمور هذا العالم, دموعها كلها من أجل خطاياها, لذلك فهي ليست مشغولة بخطايا الآخرين ولا بإدانتهم, ودموعها من أجل خطاياها فهي لا تبكى على أمور العالم الزائلة ولا تطمع في مناصبه, ثم هي نفس مشغولة بالجلوس تحت أقدام يسوع حيث النصيب الصالح الذي لن ينزع منها أبداً.
وعلمتنــا لغــة الطيب:
لغة الصلاة الصامتة التى هي عند يسوع أعظم من كل كلام. هي لغة ولسان يفهمه الرب يسوع والمرأة فقط, ولكن لابد أنها تفوح رائحته ويشمه الجميع, أنها صلاة مخدع هادئة…..إنها خدمة فقير إنها كأس ماء بارد.
إنها لغة الحب الكثير – فكل عمل كان بسيطاً ولكن بمحبة من أجل المسيح فإنه يتحول إلى رائحة طيب, لذلك يوصينا الرسول أن نحب بعضنا بعضاً من قلب طاهر بشدة (1 بط 1: 23).
إنها لغة المدين للمسيح بخلاصه, لذلك لم يكف الطيب للتعبير عن الدين بل غسلت الأرجل بالدموع
وحـــولت بيــت الفريســى إلى كنيسة:
- حولت بيت الفريسى إلى مكان صلاة – ففاحت كالطيب
- وكشفت عن سر التوبة والاعتراف والغفران.
والكنيسة هي يسوع على المذبح…….
والنفوس التائبة عند قدميه تقدم له توبتها
وحبها ودموعها وصلاتها
في شكل طيب غال كثير الثمن…….
وهكذا حولت بيت الفريسى إلى كنيسة.
المرأة التى أمسكت في ذات الفعل
الزانية ” أذهبـي ولا تخطئي أيضاً” ( يو 8: 12 )
في خطية الزنا أمسكت المرأة وهي سقطت في هذه الخطية ربما بسبب القدوة السيئة من أسرتها أو بسبب سوء التربية, أو بسبب المعاشرات الرديئة مع الأصدقاء الأشرار أو بسبب ملابسها غير المحتشمة أو بسبب خداع أحدهم لها, أو بسبب احتياجها للمال, أو بسبب بعدها عن الشركة المقدسة مع الله, وإن كان قد قيل ” الزانى بامرأة فعديم العقل” فماذا يقال عن امرأة تفرط في عفتها وطهارتها.
أمسكها الكتبة والفريسيون, فليس خفي إلا ويعلن ومكتوم إلا ويعرف, ضربوها جرحوها, شتموها, فضحوها, رفعوا الحجارة على الأرض ليرجموها ولكنهم فجأة استغلوا قصتها ليجربوا الرب يسوع.
وكان يسوع في الهيكل وقالوا له ” موسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم, فماذا تقول أنت ” انحنى الرب لأسفل وكتب بإصبعه على الأرض ثم قال ” من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر”, بكتتهم ضمائرهم فخرجوا واحدا وراء واحد.
وقال الرب المرأة ” يا امرأة…. أما دانك أحد ” أجابت ” لا أحد يا سيد” , فقال الرب ” ولا أنا أدينك, أذهبي ولا تخطئي أيضاً”
أعطاها الرب الغفران الكامل وقادها لتسلك في النور لذلك قال بعد ذلك مباشرة ” أنا هو نور العالم من يتبعنى فلا يمشى في الظلمة بل يكون له نرو الحياة”.
هي نالت خلاصها ثميناً, أما حاملوا الأحجار فتحجرت قلوبهم أمام قرعات النعمة, فخرجوا إلى الخارج وقد حكموا على أنفسهم بينما هي دخلت إلى حظيرة الخراف وصارت في سلام ونقاء.
نــازفـة الــدم
“أن مسست ولو ثيابه شفيت” (مر 5: 25)
هذه المرأة عانت أكثر من نزف الحياة في صحتها, إذ ضاع مالها, ونزفت ثروتها بالكامل, وهي تتنقل من طبيب إلى طبيب باحثة عن العلاج, الذي عز ولم تجده, وأغلب الظن أنها كانت غنية ميسورة الحال, يصفها الكتاب المقدس أنفقت كل ما عندها”.
ولنا أن نتصور الفقر ويضم إلى المرض, وكلاهما رهيب ومخيف ووبيل, وعلى أن ما هو أسوأ من هذا كله, ما عانته من المجتمع الذي كانت تحيا وتعيش فيه إذ أن نزف الدم بحسب الشريعة, كان يعتبر نجاسة وفساداً, وقد أضاف إليه التقليد اليهودى, وفق جماعات الفريسيين والمتزمتين نتيجة الخطية التى يرتكبها الإنسان, إنها إعلان غضب الله على النازفة ومن ثم يلزم أن تطرد هي والأبرص على حد سواء وهي نجسة في كل ما تلبس أو تمس, وهي منجسة أيضاً لمن يلمسها أو يحتك بها.
وهي لا تطرد من العيشة مع الناس فحسب بل أكثر من ذلك , تطلق من زوجها وتفصل عن أولادها, وأعز الناس وأقربهم إليها.
لنا بعد هذا أن تتصور مدى البؤس الذي كانت تعانيه, والوحدة القاتلة التى كانت تعيش فيها, والآلام المبرحة جسدياً ونفسياً وروحياً التى كانت تسيطر عليها.
هذه هي المرأة النازفة الدم, والبائسة, التى كانت تتجه إلى صديق البؤساء وسيد المتألمين والمعذبين في الأرض.
هذه هي التى شقت طريقها إلى يسوع المسيح…. يقول مرقس أنها ” سمعت بيسوع” مما يشر إلى أنها لك تكن رأته من قبل, فماذا سمعت عنه, لقد سمعت أنه الطبيب الذي لا يعصى عليه داء, فالحمى والبرص والعمى والشلل والموت لا تقف في طريقه.
كما أدركت أنه صديق المنبوذ والضائع والمسكين والبائس, ولأن لمسة واحدة لثوبه كافية لأن تغير كل شئ, بدون تعب أو إرهاق أو عطاء.
هي سمعت بخبر يسوع وطوبى لمن بشرها وطوبى لمن يذيع أخبار المخلص ليخلص الخطاة كما قال الرسول بولس عن أهل تسالونيكى ” لأنه من قبلكم قد أذيعت كلمة الرب”.
هي كان لها إيماناً حياً جعلها في رجاء عجيب تفكر ” إن مسست ولو ثيابه شفيت”.
هي جاءت وسط الجموع من وراء الرب ولمست هدب ثيابه فللوقت جف ينبوع دمها وحقاً تم وعد الرب القائل” أنا الرب شافيك”.
كان السيد المسيح في سبيله إلى بيت يايرس وتوقف في الطريق ليعطى رحمة لأخرى, تأتى إليه في الزحام القاسى من الموكب.
توقف السيد المسيح ليصحح الكثير مما تحتاج إليه هذه المرأة, لقد جاءته وهي تؤمن بقدرته, دون أن تعرف شيئاً عن رغبته, فبين لها أن رغبته لا تقل إطلاقاً عن قدرته وأنه يفعل لأنه يرغب, ويقدر لأنه يريد.
لقد جاءته في الظلام من ورائه فأخرجها إلى النور إلى الأمام. لقد جاءته لتأخذ ما تحتاج إليه للجسد, وكان يمكن أن تأخذ هذا دون أن تنال ما هو أعظم وأمجد, حاجة النفس والقلب والروح, التى أعطاها لها أمام الجميع… لم يكن الشفاء إذن عطية تسرق في الظلام, بل بركة تمنح ممن يسر أن يعطى البركة للجميع في وضح النهار.
أوقف السيد المسيح نزفها وأعاد إليها معنى الحياة وطعمها, ولسنا نعلم حقاً كيف عاشت فيما بعد بين الناس, وهل هي كما يذكر أحد التقاليد, كانت تدعى فيرونيكا, وأنها مسحت وجه السيد بمنديلها, يوم كان يتصبب عرقاً, في طريقه حاملاً الصليب إلى هضبة الجلجثة…. وأن هذا الوجه المتألم المبارك قد طبع على المنديل, وأنها عاشت طول حياتها تحفظ هذا الأثر, لتذكر ذاك الذي بلمسته أعطاها الحياة الصحيحة الخالية من كل سقم ومنحها أيضاً بصليبه الحياة الأبدية, بعد أن أوقف نزف الروح والنفس مع الجسد سواء بسواء.
قال الرب ” من لمس ثيابى” احتج التلاميذ قائلين وهم ولم يدركوا أن خفيات القلوب ظاهرة أمامه ” أنت تنظر الجمع يزحمك وتقول من لمسني”,
وهي جاءت خائفة مرتعدة وأخبرته بالحق كله, فقال لها في حب ” يا أبنه إيمانك قد شفاك, أذهبي بسلام وكوني صحيحة من دانك”.
وهكذا اغتصبت المرأة الشفاء والسلام وملكوت الله بينما
كثيرون من المحيطين بالسيد المسيح لم يأخذوا شيئاً.
المــرأة المنحنيـة
الشاهـد الكتابى: (لو 13: 10- 13).
” وكان يعلم في أحد المجامع في السبت, وإذا امرأة كان بها روح ضعف ثمانى عشرة سنة وكانت منحنية ولم تقدر أن تنتصب البتة, فلما رآها يسوع دعاها وقال لها يا امرأة أنك محلوله من ضعفك, ووضع عليها يديه ففي الحال استقامت ومدت الله” (لو 13: 11- 16).
ترى ماذا كان هذا الضعف الذي أفقد هذه المرأة المسكينة المقدرة على الانتصاب, إن الكلمة اليونانية الواردة في الإنجيل هي ” أسثينيا” ومعناها أعمق من الضعف الجسدي, إنه ضعف هو مزيج من الجسدي – النفسي.
إلا يكون من الممكن أن وعيها بما يكال للمرأة من استكانة وتحقير كان وعياً حاداً أنهكها إلى حد أنه أحنى ظهرها ؟
أليس من الممكن أنها بدأت تحنى رأسها خجلاً من أنوثتها, وبمرور السنين أزداد انحناؤها فقدت المقدرة على الانتصاب ؟
إن كلمة الرب لها تضمنت ما يدفعها إلى هذه التساؤلات, ولأن عارف الخفايا رأى ناداها وحررها وهذه الحرية قد أكدها في قوله للفريسيين: ” فأن حرركم الابن فالحقيقة تصيرون أحراراً ” (8: 36) – وبما أنـه جـاء
“مولوداً من امرأة” وبما أنه أعطى الوعد بالخلاص لحواء مباشرة, وبما أنه ” محب البشر” جميعاً فالحرية التى قال عنها للفريسيين تشمل جميع الذين قبلوا أن يحررهن الابن. وهو لهذا حرر المرأة المنحنية كما حرر كل من أتى لأنه لا يرد أحداً رجلاً كان أو امرأة.
” في المسيح ليس ذكراً أو أنثى” (غل 3: 28)
انتظروا الجزء الرابع عشر من المرأة في الكتاب المقدس
مع نساء الكرازة والتبشير