نساء النبوة في الكتاب المقدس – المرأة في الكتاب المقدس ج9
مقدمة:
- إن الأنبياء هم أولئك الذين يقيمهم الله ويلهمهم روحه لإعلان إرادة الله ومشيئته
- عند البحر الأحمر نرى مريم النبية أخت موسى تبرز معلنة ومنشدة لقوة وأمانة الله.
- ثم تأتى نبية في العهد القديم كانت قاضية لإسرائيل خلال أربعة قرون وكانت محاربة وشاعرة دبورة.
- وفي وسط الظلمة التى سادت مملكة يهوذا منذ أن دخلتها عثليا…. فقد ظل شعاع من نور الحق يسطع في قلب امرأة… هذه خلدة النبية.
لقد امتازت خلدة النبية بفضيلتين عظيمتين هما: البر والبصيرة النافذة ولأنها تميزت بالأولى وعرفت أن تستعين بالثانية بحكمة, والأسفار الإلهية تعلمنا أن الله لم يهب البصيرة النافذة إلا لمن يستحقها فوهبها لخلدة لأنها أحبته بكل قلبها.
وفي العهد الجديد نجد أشهر أرامل الكتاب المقدس حنة بنت فنوئيل النبية التى لم تبرح الهيكل مدة 84سنة خادمة الله بأصوام وصلوات ويجب أن تعتبر حنة بين قائمة الأنبياء والنبيات الذين أعلنوا مجئ المسيا عبر الأجيال المتعاقبة.
تعالوا بنا نذهب في رحلة مقدسة مع الشهب الوامضة, مع نبيات الكتاب المقدس العظيمات.
مريــم النبيــة
هي مريم بنت عمرام ويوكابد أخت موسى النبى
وهرون رئيس الكهنة (عدد26: 59)
“رنمـــــوا للـــــــرب فإنـــه قـــد تعظــــــم…”
الشاهد الكتابى: (خر15: 21)
أول مرة قابلنا فيها مريم كانت تقوم بعمل من أعظم أعمال التاريخ تنفيذاً لخطة الرب وهو رعاية أخوها موسى…. إذ كانت تراقبه وهو طفل يطفو على سطح نهر النيل في مهد لا ينفذ إليه الماء وكانت سرعة بديهة مريم هي السبب في أن تقوم أمه بتربيته عندما قالت لأبنة فرعون:
” هل أذهب وأدعو لك امرأة مرضعة من العبرانيات لترضع لك الولد فقالت لها ابنة فرعون أذهبى – وذهبت ودعت أم الولد فقالت لها ابنة فرعون أذهبى بهذا الولد وارضعيه لى وأنا أعطى أجرتك فأخذت المرأة الولد وأرضعته” (خر2: 7-9).
وهي مريم النبية المسبحة للرب
- “بعد عبور بنى إسرائيل بحر سوف بعد خروجهم من أرض مصر- أخذت مريم النبية أخت هرون الدف بيدها وخرجت جميع النساء ورائها بدفوف ورقص- وأجابتهم مريم رنموا للرب فإنه قد تعظم, الفرس وراكبه طرحهما في البحر” (خيل فرعون دخلت بمركباته وفرسانه إلى البحر عندما تعقب بنى إسرائيل عند خروجهم من أرض مصـر – ورد الـرب مـاء البحر عليه) (خر15: 20, 21).
وهي مريم الغيورة على الرب إلهها:
- عندما علمت بزواج موسى من المرأة الكوشية غريبة الجنس ظنا منها أن المرأة الكوشية من الشعوب التى حذر الرب من الزواج منهم ولكن الرب حذرهم من الكنعانيين وليس من الكوشيين (المرأة الكوشية من نسل كوش الأبن الأكبر لحام ابن نوح)
- “وتكلمت مريم وهرون على موسي بسبب المرأة الكوشية التى اتخذها لأنه كان قد اتخذ امرأة كوشية” (عدد12: 1)
- “فقالت الرب حالا لموسى وهرون ومريم اخرجوا انتم الثلاثة إلى خيمة الاجتماع فخرجوا هم الثلاثة” (عدد 12: 4)
- “فنزل الرب في عمود سحاب ووقف في باب الخيمة ودعا هرون ومريم فخرجا كلاهما فقال أسمعا كلامي إن كان منكم نبى للرب فبالرؤيا أستعلن له في الحلم أكمله وأما عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين في كل بيتى. فماً إلى فم أتكلم معه بالألغاز وسبه الرب يعاين فلماذا لا تختشيان أن تتكلما على عبدي موسى” (عدد 12: 5-8).
- “فحمى غضب الرب عليهما ومضي فلما ارتفعت السحابة عن الخيمة إذا مريم برصاء كالثلج فالتفت هرون إلى مريم وإذا هي برصاء كالثلج” (عدد12: 10).
كان تأديب الرب لمريم لأنها:
- أخطأت في حق الله الأمين “هو أمين في كل بيتى” (عدد12: 7).
- الرب لم يكلمها هي وهرون مثلما كان يكلم موسى فماًً لفم.
“فحجزت مريم خارج المحلة سبعة أيام ولم يرتحل الشعب حتى أرجعت مريم” (عدد12: 15)
بالرغم من تأديب الرب لها إلا أن الرب عاد وتحنن عليها وشفاها عندما صلى موسى من أجلها” “صلوا من أجل الذين يسيئون إليكم” (مت5: 44)
“واتى بنو إسرائيل الجماعة كلها إلى برية صين في الشهر الأول وأقام الشعب في قادش وماتت هناك مريم ودفنت هناك” (عدد20: 1).
ماتت مريم في قادش ولم تدخل أرض الموعد.
جـاء ذكـرهـا في:
- في سفر التثنية: “أذكر ما صنع الرب إلهك بمريم في الطريق عند خروجكم من مصر” (تثنية 24: 9).
- في أخبار الأيام الأول “وبنوا عمران وهرون ومـوسى ومريـم” (1أخ6: 3).
ج- في سفر ميخا: “يا شعبى ماذا صنعت بك وبماذا أضجرتك اشهد علي- إنى أصعدتك من أرض مصر وفككتك من بيت العبودية وأرسلت أمامك موسى وهرون ومريم” (ميخا 3: 3, 4).
نقـاط القـــوة في شخصيـة مريـم النبيـة:
- سريعة البديهة أمام الشدائد.
- قائدة قديرة.
- مسبحة للرب
- غيورة على الرب إلهها.
نقـــاط الضعــف
- تكلمت على رجل الله – وانتقدت قيادته علناً
دبـــورة
الشاهد الكتابى: (قض 4, 5)
لن نجد شخصية متكاملة في العهد القديم ذات مزايا وأعمال ظاهرة ومجسمة مثل دبورة فهي نبية وقاضية ومحاربة وشاعرة, لقد نقت السلوك الأخلاقى للشعب وبثت فيه روح الحب لله, ثم حررته من اعدائه بجرأتها ونشاطها في قيادتها معاً نحكي قصتها:
دبورة اسم عبري معناه نحلة
مهنتها قاضية ونبية (قض4:4) وذلك من 1209- 1169 قبل الميلاد وهي رابع قاضية على إسرائيل والمرأة الوحيدة بين قضاة إسرائيل خلال أربعة قرون, ولكنها ثانى نبية في العهد القديم, فالأول نبية كانت مريم أخت موسى وهرون (خر15: 20).
زوجها هو لفيدوت ومعنى اسمه مصباح, وكان قائد الجيش في عهدها باراق.
كانت تعيش في كنعان, وحكمت بنى إسرائيل وهي جالسة تحت شجرة نخيل سميت باسمها, وهي تقع بين الرامة وبيت إيل في جبل افرايم حيث يأتى إليها بنو إسرائيل لتقضى بينهم.
شغلت دبورة مراكز عدة:
1- كانت ثائرة:
- ثارت على الحالة الروحية السيئة التى وصل إليها الشعب الإسرائيلي بعد موت أهود القاضى السابق لها.
2- كانت قاضية:
- في ذلك العصر كان ينظر للمرأة أنها أقل مركزاً عن الرجل لذلك كان مركز دبورة مرموقاً وحساساً لقد استطاعت أن تملأ مركزها كقاضية وتعطيه حقه, فكان بنو إسرائيل يصعدون إليها للقضاء وتحت النخلة التى سميت باسمها أقامت العدالة باستقامة ورحمة, وبروحانيتها وحكمتها وشجاعتها هزمت سيسراً القائد الشرس واستراحت الأرض أربعين سنة.
3- كانت محاربة:
- كما حاربت دبورة لتثبت كلمة الله في نفوس الشعب وانتصرت على الشيطان ونزعته من قلوب سامعيها من بنى إسرائيل, هكذا بددت نير عبودية يابين ملك الكنعانيين فأثبتت بالحقيقة أنها بطلة ملهمة تتكلم وتتصرف بروح الله.
4- كانت شاعرة:
- دبورة لم تتنبأ ولا أقامت الشريعة في إسرائيل ولم تحارب فحسب ولكنها كانت أديبة وكاتبة فنظمت أغنية للرب تعتبر من أجمل المقاطع الشعرية في الأدب العربى هذه التسبحة مكتوبة في الإصحاحين الرابع والخامس من سفر القضاة وهي متناسقة مع الحوادث التاريخية, وإنها فاقت تسبحة مريم أخت هرون قوة وتنظيماً وتعبر دبورة في هذه التسبحة بأن الرب نفسه قد هيأ انتصار إسرائيل على أعدائهم.
صفـات دبــورة
1- حكيمة:
- وهذا واضح من خلال قدرتها كقاضية والفصل في المشاكل والخصومات التى احتار فيها بنو إسرائيل وبالطبع لا يمكن أن يذهب إليها الرجال المتخاصمون إلا إذا كانوا واثقين أن حكمتها تفوق حكمة الرجال الموجودين في جيلها.
2- ذات شخصية قوية ومهابة:
- فالأحكام التى كانت تصدرها كقاضية كانت موضع التنفيذ, كما باراق لم يستطع أن يحارب سيسرا إلا إذا ذهبت معه دبورة فهي القوة التى تشجعه وتحركه.
3- امرأة ترعى زوجها وأم حنون:
- فهي لم تهمل زوجها والدليل على هذا هو شهرة زوجها بين بنو إسرائيل, فعندما عرفها الكتاب المقدس قال عنها دبورة زوجة لفيدوت (قض 4:4), الكتاب لم يوضح لنا إذا كان لديها أولاد أم لا ولكن أمومتها كانت تشمل البلاد بأكملها فهي كانت أم لكل بنو إسرائيل (قض5: 7)
4- امرأة تقية تحب الله
- قربها من الله في وقت كان الظلام يسيطر على الشعب والخطية كانت تملأه (قض4: 1) جعلها ترى ما لا يستطيع أن يراه أحد, فقربها من الله جعلها شفافة واختارها الله نبية له.
5- امرأة شجاعة
- لم تخف دبورة أن تذهب للحرب مع باراق وأن تصبح في ميدان المعركة وإن كانت لم تقود الحرب ولكنها هي الدافع للجيش للقتال.
عظمة تسبحتها
- في تسبحتها حزنت لتعديات شعبها وقالت “وعابروا السبيل ساروا في مسالك معوجة خذل الحكام في إسرائيل…. اختار إلهة حديثة” (قض5: 6)
- في تسبحتها نادت شعبها لليقظة الروحية وترك الرفاهية التى تتمثل في المأكل الدسم والملابس الفاخرة والمساكن المزينة مع إهمال الرحمة للفقراء وقالت “أيها الراكبون الأتن الصحر الجالسون على طنافس والسالكون في الطريق سبحوا” (قض5: 10).
- وفي تسبحتها شجعت باراق لنصرة شعبه وقالت “قم يا باراق واسب سبيك يا ابن ابينوعم ” (قض 5: 12).
- في تسبحتها كشفت سر ضعف سبط رأوبين فقالت ” على مساقى روأبين أقضية قلب عظيم, لماذا أقمت بين الحظائر لسمع الصغير للقطعان لدى مساقى رأوبين مباحث قلب عظيم”, فالأقضية والمشاكل والانقسامات والصغير للقطعان في الحظائر ومحبة العالم وعدم نقاوة العنينين والقلب أضعفت هذا السبط, بل وهي تضعف أى مؤمن.
- في تسبحتها أظهرت سر ضعف سبط زبولون فقال ” زبولون شعب أهان نفسه إلى الموت” , أهان نفسه بالخطية الخاطئة جداً.
- في تسبحتها أعلنت إمانها ونبوتها لم تسقط للأرض في البداءة قالت لباراق “لأن الرب يبيع سيسرا بيد امرأة” ثم بينت في تسبحتها كيف كان ذلك. (قض5: 25).
قضت دبورة 40 سنة لإسرائيل, وهي حقاً كانت نحلة حطت على زهور الإيمان فامتصت القوة وفاضت حياتها بمجد إلهها.
لقد حاربت دبورة حروب الرب وبين شفتيها تسبحة وفي يدها سيف.
خلدة النبية
الشاهد الكتابى: (2 مل 22: 14)
“خلدة النبية…. وهي ساكنة في أورشليم”
خلدة ومعنى إسمها “ابن عرس”
كل ما نعرفه عنها باستثناء خدمتها أنها كانت زوجة شلوم, حارس ثياب الملك, وكنبية في عصر الملك يوشيا آخر الملوك الأتقياء في مملكة يهوذا.
كان يمكن أن توجد جالسة في القسم الأوسط من المدينة على استعداد أن تستقبل كل من يرغب في الاستفسار ويبدو أن خلدة كانت معروفة عند القاضى والدانى وإلا لما أرسل الملك يوشيا في طلبها, فقد بعث إليها بخمسة من أخصائه يحملون إليها كتاب الناموس الذي اكتشفه من كانوا يجددون بناء الهيكل. وكان يريد أن يعرف منها إن كان هذا الكتاب أصيلاً أم دخيلاً لأنه كان واثقاً من قواها الروحية وادراكها اللاحسي.
ولا يعطينا الكتاب أية صورة لهذه النبيه بل يكتفي بالقول بأنها كانت زوجة شالوم ” حارس الثياب” – والثياب التى كان لها حراس في ذلك العهد هي ثياب الملك أو ثياب الكهنة – وأغلب الظن أنها ثياب الكهنة فلو كانت تلك الخاصة بالملك لكانت تقيم مع زوجها بالقرب من القصر الملكي في حين أن الكتاب يذكر بأنها كانت “في أوشليم في القسم الثانى”
وتبين لنا بعض الخرائط الخاصة بأورشليم القديمة أن هذا القسم يقع تجاه الهيكل, ويروي التقليد العبري أنها كانت تعلم في مدرسة عامة بينما يقول تقليد آخر أنها كانت تعلم النساء, وسواء كان التقليد الأول صحيحاً أم الثانى فالذي يهمنا الإشارة هو أنها اشتغلت بالتعليم العام.
وليس من شك أن خلدة كانت ذات مكانة ممتازة لأن من بين رسل الملك إليها رئيس الكهنة حلقيا الذي كان قد عثر بنفسه على درج الناموس, وشافان كاتب الهيكل الذي كان أول من أراه حلقيا الكتاب بعد أن عثر عليه, وبعض هذا الدرج مكتوب في سفر التثنية الأن.
على أنه من الميسور أن نرسم بخيالنا صورة لتلك المرأة: فهي امرأة خائفة الله, تشتغل بالتعليم, وهي زوجة لرجل له صلة بالكهنة والهيكل, وليس من شك في أنها امرأة ذات حساسية خاصة وكرامة لدى الجميع لأن الملك ورئيس الكهنة لا يجدا من يسألانه عن سفر من الأسفار غيرها, وقد ثبت أن هذا السفر كان من أهم الأسفار المقدسة كما أعلنت خلدة. وقد قبل الكاهن والملك حكم هذه النبية ووثقاً به, مما يدل على أنها كانت معروفة باستقامتها.
ولم تعلن خلدة صحة السفر المقدم لها فحسب بل تنبأت عما سيحل بمملكة يهوذا لأن شعبها قد نسى الله الواحد وذهب وراء آلهة غريبة, على أنها أكدت مراحم الله للملك يوشيا لتواضعه ورقة قلبه.
ورب معترض يسأل: لماذا استشار الملك امرأة ؟ ألم يوجد في أورشليم رجل يمكن استشارته في هذا الموضوع ؟ بك كيف يقبل رئيس الكهنة أن يذهب بنفسه ليستشيرها ؟
ولكى يمكننا الإجابة بدقة يجب أن نرجع إلى سيرة يوشيا أولاً والأسفار الإلهية تبين لنا أن اباه أمون سلك في طريق الشر وعبد الأصنام ثم قتله عبيده, وكان يوشيا بن ثمانى سنين عند مقتل أبيه – فمن الذي عمله أن يسير في طرق الرب إذ يقول الكتاب إنه” عمل المستقيم في عيني الرب وسار في طريق داود أبيه ولم يحد يميناً ولا شمالاً” (قض 22: 2)
ليس من شك إطلاقا في أن أمه هي التى ربته فهي لابد كانت امرأة خائفة الرب, وليس أيضاً في أن يوشيا الذي تربى هذه التربية نشأ عارفاً قيمة المرأة المتجملة بالروحيات.
وتقديره لأمه جعله يقدر غيرها من خائفات الرب وبالتالى لم يجد أى غضاضة في استشارة امرأة, ثم مادام الله قد كرم خلدة بمنحها المقدرة على التنبؤ فهل في إكرام الملك لها أية غرابة ؟ أما خلقيا رئيس الكهنة فهو أيضاً يكرم الذين يكرمهم الله, ثم ألم يرى بعينيه شرور الملك آمون والد يوشيا وبر الملكة يديدا أم يوشيا ؟ وبعد هذا كله ألم يكن من الجائز أنه لم يوجد في أورشليم رجل له المزايا والمواهب التى لخلدة ؟ إن الله ليست عنده محاباة, وهو يهب عطاياه لمستقيم القلب سواء كان رجلاً أو امرأة.
ويجدر بنا أن نلحظ أن خلدة رددت كلمة “هكذا قال الرب” أربع مرات في رسالتها إلى الملك رغم قصر الرسالة ومن هذا الترديد نستطيع أن نستكمل الصورة التى يرسها خيالنا عن هذه المرأة إذ ندرك من حديثها أنها جعلت من نفسها المجرى الذي ينساب فيه وحى الله.
وقد تشجع الملك بكلمات هذه النبية فجعل الكاهن يقرأ السفر في بيت الرب على مسمع من الشعب كله كما تعاهد أن يسير حسب وصايا الرب وأحكامه, عملاً بنصيحة خلدة ضاعف مطاردته للشر وللأشرار وقد ظل طيلة حياته متجهاً نحو الله ليكون جديراً برحمته.
ونظراً لتقوى الملك يوشيا فقد تنبأت خلدة أنه سيموت قبل مجئ سبى بابل (2 مل 22).
وقالت في نبوتها “هكذا قال الرب هأنذا جالب شراً على هذا الموضع ” (2مل 22: 16).ومن أجل أنه قد رق قلبك وتواضعت أمام الرب…. قد سمعت… لذلك هأنذا أضمك إلى آبائك…… بسلام ولا ترى عيناك كل الشر” (2مل 22: 19, 20).
ومن البديهي أنه لو لم تكن خلدة ممن يتأملن الكتاب المقدس ويداومن على الصوم والصلاة ويسرن في خوف الله لما نالت نعمة التنبؤ بما سيحدث في المستقبل, ولكنها جعلت نفسها أهلاً لهذه النعمة الإلهية فاستطاعت أن تزيح الستار عما خفي عن أعين غيرها من الناس.
حنــة بنـت فنوئيل
“وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط أشير” (لو2: 36)
قيل عن أشير بن يعقوب (إسرائيل) ومنه جاء سبط أشير أحد أسباط الإثنى عشر “وهو يعطى لذات ملوك” (تك49: 20).
كانت حنة من سبط أشير مات رجلها بعد زواجها بسبع سنين وترملت 84 سنة ولم تفارق الهيكل وكان عمرها حوالي 105 سنوات عند دخول السيدة العذراء القديسة مريم الهيكل وهي تحمل على يديها الطفل يسوع, والرب يسوع المسيح هو حامل الكل” حامل كل الأشياء بكلمة قدرته”.
حنة احتملت تجربة موت رجلها في بدارى حياتها الزوجية بشكر ورضا ووجدت سلامها وعزاءها في هيكل الرب.
حنة في حب عجيب لم تفارق الهيكل مقدمة مثال وقدوة للعبادة الحقة بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً وفي الهيكل تذوقت حلاوة الرب “ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب”, ولعلها رفضت الزواج مرة أخرى إذ اختارت الرب نصيباً صالحاً.
حنة في فرح وقفت تسبح الرب وتكلمت مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم إذن فهي أول من كرز بالبشرى, أليس التكلم عن العذراء كارزا ؟ وإن لم يكن كارزاً فماذا يكون ؟ وهنا العجب: أن أول من حمل الكرازة بالمسيا امرأة, بل إنها في كرازتها تخطت الخلاص إلى الفداء, أنها ذهبت أبعد من سمعان الشيخ في وعيها بالرسالة المسيانية.
وانطلقت عليها النبوة القائلة ” وكلم الرب كل واحد قريبة والرب أصغى” (ملا3: 16), قال يعقوب (إسرائيل) أبو الأباء عن أبنه أشير خبزه ثمين وهو يعطى لذات ملوك”.
جاءت حنة من نسل أشير وقدمت خبزها الثمين أى تسبيحها المبارك وشكرها وحمدها كأطياب لملك الملوك ورب الأرباب “الرب يسوع المسيح”.
فلماذا إذن لا نتذكر هذه الكارزة الى كانت لديها الشجاعة على الرغم من كونها ” متقدمة في أيام كثيرة” لأن تتكلم عن الفداء وهي داخل الهيكل ؟ وواضح أن المحيطين بها استمعوا إلى كرازتها في غير اعتراض, أليس في هذا عجباً ؟.
حنة ترينا صفات التى هي أرملة بحق
إنها لحقيقة شيقة أن نعرف أنها الوحيدة ذات الأهمية التى ذكرت في الكتاب المقدس من سبط أشير مع أن الاسم يعنى البركة.
- كأرملة طاعنة في السن
- كعابدة غيورة للآلة الحي
- كنبية تعلن الكلمة النبوية
والآن فهي تقوم بدور آخر – فعلى الرغم من كبر سنها فهي تذهب لتصبح كارزة.
إن حنة من القلة التقية في إسرائيل والتى على مر القرون وحتى في أحلك الأيام قبل مجئ السيد المسيح كانت تتطلع لبزوغ نور الصباح من العلا, هكذا فعندما سمعت شكر سمعان الشيخ لتحقيق النبوة ذهبت للأتقياء أصدقائها تعلن لهم الأخبار فقد كافأ الله إيمانها بعد سنوات طويلة من الانتظار وصارت أول امرأة تعلن التجسد لجميع الذين كانوا يبحثون عن الفادى في أورشليم.
ولنا في حنة مثالاً “لامرأة مسنة تنتظر تحقيق النبوات”
“ومبارك كل الذين ينتظرون بصبر وصلاة ظهور المجئ الثانى للسيد المسيح في نهاية الأيام”
انتظروا الجزء العاشر من المرأة في الكتاب المقدس
المرأة وخدمة الكنيسة