Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

ورأيت الجور في بيت العدل ف11 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

ورأيت الجور في بيت العدل ف11 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

 

ورأيت الجور في بيت العدل ف11 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

 

اقرأ وافهم
روايات إيمانية

الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

 

الفصل الحادي عشر: ورأيتُ الجور في بيت العدل

 

          إنتهت المحاكمة الثانية ، وكان يمكن للمعلم أن يطعن في كـل من المحاكمة الأولى والثانية ، بسبب المخالفات الصارخة ومنها :

1- عندما لطمه الخادم في المحاكمة الأولى كان له الحق أن يطالب بمحاكمة هذا الخادم0

2- الطعن في إجراءات القبض عليه التي تمت بأوامر رؤساء الكهنة دون أن يكون هناك مشتكين ولا شهود حقيقيين ، والرشوة التي دُفعت ليهوذا لكي يسلمه إليهم0

3- تمت المحاكمتان ليلاً ، بينما القانون يُحرّم عقد مثل هذه المحاكمات تحت جناح الظلام 0

4- النطق بالحكم ، لأن القانون يُحرّم النطق بالحكم في ذات الجلسة التي يُحكم فيها على المتهم بالإعدام 0 بينما أجاز القانون النطق بالحكم في ذات الجلسة إذا كان بالبراءة 0

5- شهود الزور ، والمطالبة بمحاكمتهم والحكم عليهم0

6- موقف قيافا الذي ظهر بدور المُشتكي أحياناً والقاضي أحياناً0

          هذا ما نعرفه نحن بحسب تصور فكرنا 0 أما بحسب تفكير المُعلّم ، فإن المخالفات لا تُعد ، فربما كل جملة نُطقت كان بها خطأ أو أكثر 00

          وحكم رؤساء الكهنة وأعضاء المجلس على يسوع بأنه مستوجب الموت ، وفي إنصرافهم إنحطوا إلى الدرجة التي نسوا فيها أنفسهم ومراكزهم ، فمنهم من لكمه ومنهم من بصق في وجهه ، وأكثرهم أدباً أطلق الضحكات في وجهه هازئاً به0 وبتصرفاتهم هذه أعطوا الضوء الأخضر للخدم والعبيد والحرس ليفعلوا ما يريدون بحسب هواهم وبحسب مستواهم الأخلاقي المتدني ، وصنع الشيطان وليمة لذبانيته حول يسوع ، إذ دفع بالخدم والعبيد والحرس ، فصاروا يرقصون مثلما رقص الفلسطينيون حول شمشون في القديم ، ولكن ما أعظم الفارق بين يسوع وشمشون ؟! فيسوع هو القدوس الطاهر الذي بلا خطية وحده ، أما شمشون فهو الذي سلم نفسه لدليلته ، التي قادته إلى العمى والسخرية 00

          وأخذوا يشتمون يسوع ، ويبصقون في وجهه ، ويلكموه لكمات قوية ، ويدورون حوله وسط ضحكات شيطانية هستيرية تشق صمت الليل وهم يسخرون منه : تنبأ لنا أيها المسيح من لطمك ؟! 00

ألستَ أنتَ صانع المعجزات ؟! 00

لماذا لا تدفع عنك الأذى إن إستطعت ؟! 00

لماذا لا تُنزل علينا ناراً من السماء لتلتهمنا معاً ؟! 00

أين قوة سحرك وخداعك يا إبن المبارك ؟! 00

لِمَ لا تأمر الأرض فتفتح فاها وتبتلعنا ؟! 00 هيا يايسوع 00 إفعل شيئاً إن قدرت0

إنهم يبصقون في وجهه 00 مُنتهى الإستفزاز ، إن كان البصق على الأرض أمام إنسان يُعتبر إهانة لكرامته للدرجة التي يحاول أن يثأر فيها لكرامته الجريحة ، فكم وكم البصق على الوجه ؟!! 00 وأي إنسان حتى لو إقترف خطيئة شنعاء يبصقون على وجهه ويصمت ؟! فما بالك بالقدوس الطاهر الذي بلا خطية يحتمل كل هذا 00 من أجلي 0

إنهم يكيلون له اللكمات ، فلا يدفعها ، ولا يحاول تفاديها 00

لكمات وحشية تصيب الوجه والصدر والبطن من رجال أقوياء مفتولي العضلات وعبيد شرسين 00

كل لكمة تسبب ألماً وأحياناً تترك أثراً ، ولاسيما لكمات الوجه التي أسالت الدماء من الوجه الطاهر 00

تحمل يسوع كل هذا لكيما يشارك كل إنسان مظلوم يُساق مثل البهائم ويتعرض للأذى البدني 00

تُرى ماذا يُجرى في معسكرات التعذيب ؟! 00 إنه هناك يقاسمهم العذابات 00 تُرى ماذا يجري للأسرى ؟! 00 عذابات تفوق الوصف ، وبلا شك فإن يسوع هناك معهم يشاركهم الآلام ، وكنيسته تُصلي من أجلهم 0

وآخرون لطموه 00 واللطمة تترك أثراً نفسياً أعمق بكثير من الأثر الجسماني ، فاللطمة هي تحقير وإزدراء بالملطوم ، ولهذا يحذر علماء النفس الوالدين من لطم أبنائهم كنوع من العقوبة ، فإنها تُحطم شخصية الطفل وتشعره بالمهانة وصغر النفس 0

وغطوا وجهه وضربون قائلين : تنبأ لنا أيها المسيح من لطمك ؟! 00 جعلوه لعبتهم وتسليتهم وسخريتهم ، ولم يدركوا أنه هو الذي خلقهم ، وبيده نسمتهم 00

عجباً 00 رب الناس يسمح لأحط الناس أن يعاملوه كأحقر الناس !!

وقف أشعياء النبي وأيوب البار في حالة ذهول ” وجهي لم أستر عن العار والبصق ” ( أش 50 : 6 ) 00 ” أما الآن فصرت أغنيتهم وأصبحت لهم مثلاً يكرهونني 0 يبتعدون عني وأمام وجهي لم يمسكوا عن البسق ” ( أي 30 : 9 ، 10 )0

إقشعري يانفسي وذوبي خجلاً ، لأن يسوع البار يُلطم على وجهه المبارك ، وعن ذاك الوجه الذي هو أبرع جمالاً من بني البشر لم يرد خذي البصاق 00 أليس كل هذا من أجلكِ ، لكيما يُحضركِ بلا لوم أمامه ؟!!

تورم وجهه وإنتفخت عيناه ، وتركت الكدمات أثرها الداكن على الوجه ، مع بعض الجروح التي تنزف 00 تركوه ليستريح قليلاً إستعداداً للمحاكمة القادمة 00

ورأيتُ الجور في بيت العدل ، والباطل في بيت الحق ، والظلـم القاسي في محل العدالة ، والتعذيب الوحشي في بيت الرحمة 00

أما يوحنا الذي كان يتابع الأخبار عن كثب ، وقد رأى الحكم على يسوع ، وتعرضه للإيذاء ، أدرك أن الكارثة قد وقعت بالفعل ، فذاب قلبه داخله ، ولم يضبط دموعه ، وإذ لم يحتمل أن ينظر إلى يسوع وهو يترنح تحت وطأة الضربات واللكمات ، وسمع داود يصرخ ” قد أحاطت بي كلاب 0 جماعة من الأشرار إكتنفتني ” ( مز 22 : 16 ) 00 آثر يوحنا أن ينسحب إلى الخارج يبكي يسوعه كطفل صغير ، ووجد أن الواجب يلزمه بإبلاغ الأم الحنون وبقية الأحباء في بيت عنيا ، فسار إلى هناك بلا قلب إذ ترك قلبه يتألم بجوار حبيبه العبد المتألم0

وصل يوحنا في الصباح الباكر إلى بيت عنيا ، وإستيقظ كل من في البيت 00 إلتفوا حوله يستوضحونه الأمر ، مع إن المأساة كانت مرسومة على ملامحه 00 ماذا يايوحنا ؟ هل قبضوا على المعلم ؟! 00 هل حاكموه ؟! 00 هل تعدوا عليه ؟!00 هل التلاميذ معه ؟ وألقى يوحنا بالخبر الصاعق 00 إن المعلم يعبُر في محاكمات ظالمة ، ويبدو أنهم سيصدرون اليوم حكماً بصلبه ، وسقط الخبر عليهم سقوط الصاعقة ، وإذ بالسيف يجوز في نفس العذراء التي كانت تستشعر هذه النهاية المأسوية ، منذ أن تحدث معهـا سمعان الشيخ وكان يسوع مازال طفلاً عمره ثمانية أيام حينها ، ولكنها لم تكن تتوقع أن تكون النهاية بهذه السرعة 00 نهضت لتسرع إلى أورشليم وتقف بجوار إبنها الحبيب ، وقد وضعت في قلبها أن تكبت مشاعر الأم الثكلى حتى لا تزيد آلامه آلاماً 00

 

ورأيت الجور في بيت العدل ف11 – الأربعة والعشرون ساعة الأخيرة من حياة السيد المسيح على الأرض

Exit mobile version