Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

مفهوم الوحي والعصمة ج1

مفهوم الوحي والعصمة ج1

مفهوم الوحي والعصمة ج1

 

 

س1 : ماهو “النقد الكتابي”؟

ج : ” النقد الكتابي ” Biblical Criticism  تعبير قديم أُستخدم في اللغة اليونانية تحت إسـم ” كرتيكي ”  ويعني ” القدرة علي التمييز ، وبدونه لا يكون هناك أمر محدد وواضح في أمر ما ” فالنقد الكتابي يعني تقيّيم النص الكتابي ، والحكم عما إذا كان هذا النص قانونياً أي صحيحاً مُوحي به من الله أو نصاً زائفاً ( أبو كريفا ) ؟

وإن كان ” النقد ” بصفة عامة يعني الإدراك والتمييّز والتقيّيم ومحاولة إصدار الحكم من جهة المميزات والعيوب ، فإن النقد الخاص بالكتاب المقدَّس دُعي ” النقد الكتابي ” Bablical Criticism وجاء تعريف النقد الكتابي في دائرة المعارف المسيحية على أنه العلم الذي به نصل إلى المعرفة الكافية لأجل النص الأصلي للكتاب المقدَّس ، وتاريخه ، وحالته الحالية ( Gardner, CC, 206 )  [ راجع جوش مكدويل – برهان يتطلب قراراً ص 363 ]0

وقد إستخدمت الكنيسة الأولي مفهوم ” النقد الكتابي ” في فرز النصوص القانونية، التـي بها ” تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس ” ( 2 بط 1 : 21 ) من النصوص الأبوكريفا التي جاءت نتيجة مجهود شخصي محض ، وبناء علي النقد الكتابي بمفهومه الايجابي قبلت كنيسة العهد القديم 46 سفراً ورفضت أسفاراً أخري كثيرة مثل أسفار آدم ، وشيث ، وأخنوخ ، ونوح ، وإبراهيم ، وعزدراس الذي جاء فيه أن الروح القدس قد أملى عزرا الكاهن سبعين سفراً لا يطلع عليها إلاَّ الحكماء فقط دون عامة الناس ( لاحظ أن الوحي في المسيحية ليس وحياً إملائياً ) وأيضا بناء علي النقد الكتابي بمفهومه الايجابي قبلت كنيسة العهد الجديد 27 سفراً ورفضت أسفاراً أخرى كثيرة مثل أناجيل الإثنى عشر ، والعبرانين ، والمصريين ، وبطرس ، ومريم المجدلية ، ويعقوب ، وفيلبس ، ونيقوديموس ، ويهوذا الأسخريوطي الذي ظهرت نسخة منه منذ سنوات قليلة ولكنه كان معروفاً من قبل أنه إنجيل مرفوض رفضته الكنيسة الأولي ، والإنجيل الأبدي0

وأيضاً عندما قام ” تاتيان ” في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي بتفكيك محتويات الأناجيل الأربعة ، وأعاد نسجها في قصة متصلة ، ودُعـي بالإنجيـل الرباعي ( الدياطسرون ) لم تقبله الكنيسة كسفر قانوني لأنه كان نتيجة مجهود بشري حتى لو كانت محتوياته مُوحي بها ، فقد شاء الله أن يكون هناك أربعة كتَّاب للإنجيل كلٍ على حدة ، وكل واحد منهم يركز علي جانب معين في شخصية السيد المسيح ، فلا يمكن تغافل هذه الإرادة الإلهية0

س 2 : ما المقصود بالنقد الأدنى والنقد الأعلى ؟

ج : أفرز لنا النقد الكتابي بمفهومه الإيجابي ” مدرسة النقد الأدنى ” Lower Criticism وهى التي تقرُّ وتعترف بالوحي الإلهي في الأسفار القانونية ، وتهتم بالنواحي الإيجابية مثل دراسة المخطوطات ومدى تطابقها مع الأصل ، وتحديد أعمارها ، وأيضاً دراسة اللغات القديمة التي كتبت بها الأسفار المقدًّسة وكذلك دراسة البيئة التي وُلدت فيها هذه الأسفار 000 إلخ وقد قدمت لنا هذه المدرسة الكثير من العلم النافع0

ويقول ” بول ليتل ” : ” إن فحص الأسفار وأصولها يُسمى علم نقد النص (text criticism  ) وهو له علاقة بمدى موثوقية النص ، أي كيف يمكن مقارنة النص الحالي مع الأصول وما مدى دقة نسخ المخطوطات القديمة إلى أن وصلت إلينا الآن(1)0

أما ” مدرسة النقد الأعلى “Higher Criticism   فكل إهتمامها ينصب علي نقض الكتاب المقدس ، فهي لا تعترف بالوحي الإلهي ، وتضع الكتاب تحت ميكروسكوب النقد ، وتحكم فيه كما تحكم في أي كتاب بشري ، فتنتقده بشدُّة وحدَّة ، وتحدد هذا صح وهذا خطأ ، وقد طوحت بالتقليد وكتابات الآباء ، وسيّدت العقل علي الإيمان ، فأخضعت كلمة الله للعقل البشري عوضاً عن إخضاع العقل لكلمة الله المقدسة 00إلخ0 و ” إيخهورن ” J. G. Eichern ( 1752 – 1827م ) أستاذ اللغات الألماني ، والذي كان والده قساً هو أول من إستخدم مصطلح ” النقد العالي ” حيث قال في مقدمة الطبعة الثانية لكتابه ” مقدمة العهد القديم ” سنة 1787م ” لقد وجدت نفسي مضطراً لبذل هذا القدر الكبير من الجهد في مجال غير مسبوق حتى الآن ، وهو فحص التركيب الداخلي لكل سفر من أسفار العهد القديم بمساعدة النقد العالي (1) وهو يقصد بالتركيب الداخلي للسفر معرفة المصادر التي إستخدمها الكاتب لكتابة سفره ، وطريقة إستخدامه لهذه المصادر ، ومعرفة كاتب السفر ، وتاريخ كتابته عن طريق ربط الأحداث الواردة في السفر بالتاريخ المدني ، ولذلك دُعي إيخهورن أبو نقد العهد القديم0

وقال الدكتور جوزيف موريس فلتس أن لفظتي ” الأدنى ” و ” الأعلى ” مستعارتان من صورة النهر الذي تجري مياهه من النبع الأعلى للمصب الأدنى ، فالناقد الأدنى يضع نفسه في مستوى أدنى من الكتاب المقدس ، معترفاً بوحيِّه محاولاً الإرتواء منه والتمتع به ، ولسان حاله يقول ” فهمني يارب فأفهم ” . أما الناقد الأعلى فهو يسعى للتوغل في أعالي النهر أقرب ما يكون من المنبع ، مسلماً نفسه لسطوة العقل فحسب ، حاسباً نفسه أنه هو الحَكم في كلمة الله ، وإذ هو يترآى فوق ما ينبغي أن يترآى يتكبر ويسقط .

وقد أفرز لنا النقد الأعلى الهجوم الشرس علي الكتاب المقدَّس بعهديه ، فلا تكاد آية تفلت من أيديهم ، ولا سيما العهد القديم ، فدعوه بشريعة الغاب ، وقالوا أن إله العهد القديم إله جزار يأمر بذبح الأطفال وطمر الآبار وقطع الأشجار ( راجع كتابنا : مدارس النقد والتشكيك جـ 2 ص 165 – 276 )  ويعتبر الهجوم علي العهد القديم أقدم تاريخياً من الهجوم علي العهد الجديد ، فحتى القرن الثامن عشر لم يكن هناك من يجرؤ علي مهاجمة العهد الجديد وشخصية السيد المسيح علانية إلاّ في القليل النادر ، حتى جاء ” هيرمان صموئيل ريماروس ” ( 1694 – 1768 ) الذي إتهم كتَّاب العهد الجديد بانهم مزوّرون أتقياء ( ولا أدري كيف يتفق التزوير مع التقوي ؟! ) وأنكر الوحي الإلهي ، والميــلاد العـذراوي للسيد المسيح ، وقيامته ، ولكنه لم يجرؤ علي نشر آراءه هذه ، حتي جـاء ” ليسنج ” بعد موته ونشر القليل من آراء ريماروس ، فقوبل بمعارضة شديدة ، إلاَّ انه فتح الباب للنقد العالي للتطاول علي العهد الجديد أيضاً .

ويقول جوش مكدويلولسوء الحظ فإن مدرسة النقد العالي التي نمت في الأوساط الدراسية الألمانية في القرن قبل الماضي إستخدمت بعض المناهج الخاطئة التي إستندت على بعض الإفتراضات المسبقة المثيرة للجدل 00 هذه المدرسة التي سيطرت على دراسات العهد القديم منذ البداية معاً بالإضافة إلى المنهج الذي أنتج هذه النتائج المتطرفة ، أصبحت تُعرف في بعض الدوائر بأنها ” النقد العالي الهدام ” 00 (1)0

ونستطيع أن نقول أن ” النقد الأعلى ” وُلد من أبويين شرعيّين هما :

1 – الحركة العقلانية : التي بدأت تتضح منذ القرن السابع عشر ، وهدفت إلي تسيّيد وتأليه وعبادة العقل ، ورفع العقل علي النقل ( النصوص المقدسة ) وعارضوا كل ما هو يرتفع عـن مستوي العقل ، ولذلك أنكروا الوحي الإلهي، ورفضوا المعجزات الكتابية ، والأرواح ، والقيامة العامة 00 إلخ0

2 – الفلسفة المثالية : فقد أسَّسها  ” عمانوئيل كانط ” ( 1724 – 1804 م ) الذي أسَّس المذهب الأخلاقي إذ أعتبر أن الدين ما هو إلاَّ مجموعة أخلاق ومُثل ، والكتاب المقدَّس هو مجرد كتاب أخلاقي ، وكل ما يهمنا هو الأخلاق ، ولا حاجة لنا للعقيـدة ، وبما أن مبادئ الأخلاق واحدة في العالم كله ، فقـد نادي ” كانط ” بديانة طبيعية تقوم علي الأخلاق دون الحاجة إلى أية أمور عقائدية .

س 3 : ما المقصود بالأسفار القانونية ؟ وكيف قرَّرت الكنيسة قانونية الأسفار المقدَّسة ؟

ج : الأسفار القانونية Canon ، وكلمة Canon  مشتقة من الكلمة الإنجليزيةCane  أي قصبة ( في اللغة العبرية Ganeh وفي اليونانية Kanon  ) حيث أستخدمت القصبة كقضيب للقياس ، ثم أصبحت تعني معيار ، وأول من إستعمل كلمة ” قانون ” بالنسبة للأسفار المقدَّسة هو أوريجانوس ، فالأسفار القانونية هي الأسفار المقدَّسة المُوحى بها من الله والتي قبلتها الكنيسة .

وإذا تساءلنا : هل الكنيسة هي التي قرَّرت قانونية الأسفار ؟

نستطيع أن نقول : نعم الكنيسة هي التي قرَّرت قانونية الأسفار .. كيف ؟

الكنيسة هي التي إكتشفت الأسفار القانونية ، فالسفر يعد قانونياً ، أولاً لأنه كلمة الله ، ولهذا قبلته الكنيسة ، فأولاً : السفر هو كلمة الله ، وثانيـاً : لأنه كلمة الله لذلك قبلته الكنيسة .

وإذا تساءلنا : ماهو المعيار الذي إستخدمته الكنيسة للتمييز بين الأسفار القانونية والأسفار المزيفة ؟

نجد أن هناك خمسة معايير إستخدمتها الكنيسة للتمييز بين الأسفار القانونية والأسفار المزيفة، وهي :

1 – أن يكون كاتب السفر أحد رجال الله القديسين سواء من أنبياء العهد القديم ، أو أحد رسل العهد الجديد .

2 – أن يكون للكاتب حياته المقدَّسة ، وكثيرون منهم قد أيدهم الله بالمعجزات0

3 – أن يُعلّم السفر طريق الله بالحق والإستقامة ، وأن يكون خالياً تماماً من أي تناقض ، بعيداً عن روح الكذب ” لا يمكن أن الله يكذب ” ( عب 6 : 18 ) .

4 – أن يُظهر السفر قـوة الله ، ويكون لـه تأثيره علي النفس البشريـة ” لان كلمـة الله حيَّة وفعالة ” ( عب 4 : 12 ) . تعمل في الإنسان فتغير حياته ” لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح ” ( 2 تي 3 : 17 ) .

5 – قبول المعاصرين للسفر ، كما قبل أهل تسالونيكي رسالة معلمنا بولس الرسول لهم ” إذ تسلَّمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هى بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضاً فيكم أنتم المؤمنين ” ( 1 تس 2 : 13 ) ومثلما قبل معلمنا بطرس الرسول كتابات بولس الرسول كأسفار مقدّسة ( 2 بط 3 : 15 ، 16 ) وإتبع آباء الكنيسة المبدأ القائل ” إذا خامرك الشك في سفر فإلقه جانباً ” ( راجع جوش مكدويل – برهان جديد يتطلب قراراً طبعة 2004 ، ص 66، 67 ، وإيريل كيرنز – ترجمة عاطف سامي – المسيحية عبر العصور ص 134 ، 135 ) .

س4 : ماهو مفهوم الأسفار المقدَّسة في فكر الآباء ؟

ج : ما أجمل فهم وأقوال الآباء للأسفار المقدسة ، ودعنا ياصديقي نتذوق عينة بسيطة منها :

إنها لغة الله بعينها(1) ( الشهيد يوستين )0

  ” المسيح هو الكنز المخفي في الحقل ، والحقل هو الأسفار الإلهية(2) ( إيريناؤس ) 0

         ويقول القديس ” إيريناؤس ” أيضاً عن الكتاب المقدَّس أنه ” يؤالف الإنسان مع الله والله مع الإنسان(3)0

 ” تنفخ الكتب المقدَّسة روح الملء ، إذ ليس في الناموس أو الأنبياء ، في البشيريين أو في الرسل، ما لم ينزل من ملء الجلال الإلهي (4) ( أوريجانوس ) 0

 ” كلمات الأنبياء هـي كلمات الله(5)  ( ثاؤفيلس الأنطاكي )0

 “ في كلمات الكتاب الرب هناك (6)  ( اثناسيوس الرسولي )0

 ” لن يزول منها – أي الكتب المقدسة – نقطة واحدة حتى تكمل ، لأن فم الرب الروح القدس تكلم بها (1) ( اكليمنضس الاسكندري )0

 ” إنها صوت الروح القـدس(2) ( غريغوريوس النيزنزي )0

 ” إن الكتاب كله ينقسم إلى عهديـن 00 وقد إستعمل اليهود العهد القديم ، ونحن الجديد ، ومع ذلك فليس هناك تناقض ، إذ أن الجديـد هـو إتمـام للقديـم ، والشاهـد فـي كليهمــا هو المسيح (3) ( لاكتانتيوس )0

 ” من هو كفء يا الله لأن يدرك كل الثراء الذي في كلمة واحدة من كلماتك(4) ( مار افرام السرياني )0

 ” لقد رُبّيت على أن أجزل كل إحتراماتي وتقديري فقط للأسفار القانونية في الكتاب المقَّدس ، بهذا فقط أؤمن أن كاتبيها كانوا أحراراً من أي أخطاء(1) ( اوغسطينوس ) 0

 ” الكتاب المقدَّس هو رسالة موجهة من الله القدير إلي مخلوقاته العاقلة ، فيها نسمع صوت الله نفسه ، وفيها نعاين قلب أبينا السماوي (2) ( اوغسطينوس )0

 ” ولهذا فكل الكتاب نفخة من الله ونافع للتعليـم من كل وجه ، ولعل أفضل ما يفعله الإنسان ولخير نفسه أن يفتش الكتب المقدَّسة (3) ( يوحنا الدمشقي ) 0

 ” لا يجمُل بالإنسان أن يفصل العهد القديم عن الجديد ، وليس له أن يقول أن روحاً واحداً هنا وآخر هناك 00 فإننا نعلم أن الروح القدس هو الذي تكلم إلي الأنبياء ، وهو الذي حلَّ على الرسل يوم الخمسين (4) ( كيرلس الدمشقي )0

 ” الذي يجهـل الكتــاب يجهـل المسيح بكل تأكيد(5) ( إيرونيموس )0

عندما إلتقى الأب زوسيما مع القديسة مريم المصرية بعد إنقطاعها عن العالم 47 سنة ، صارت تتلو آيات من سفر المزامير ، وعندما سألها الأب زوسيما عما إذا كانت تمتلك سفر المزامير ؟ أجابته ” لم أقرأ المزامير في حياتي قط وإنما روح الكتاب نفسه هو فيَّ (1)0

         وقد رأي القديس إيرونيموس في القرن الرابع الميلادي حلماً تعرَّض فيه للتوبيخ لأنه يهمل دراسة الكتاب المقدَّس ، فأمضي سنوات طويلة ترجم فيها الكتاب إلي اللغة اللاتينية ، وهي ماعُرفت بترجمة ” الفولجاتا ” أي الشعبية ، والتي سادت نحو ألف عام ، وهي أول كتاب تم طباعته في العالم كله .

س5 : ما هو مفهوم الوحي الالهي في المسيحية ؟ وماهي الطرق التي يتكلم بها الوحي للانسان ؟

ج : جاء في قاموس وبستر عن الوحي أنه ” هـو تأثير روح الله الفائق للطبيعة علي الفكر البشري ، به تأهل الأنبياء والرسل والكتبة المقدَّسـون لان يقدموا الحق الإلهي بدون مزيج من الخطأ ” .

         وجاء في قاموس شامبرز عن الوحي أنه ” التأثير الإلهي الذي بواسطته أُرشـد كتبـة الكتاب المقدَّس القديسون “0

         فالوحي الإلهي هو مصطلح لاهوتي يشير إلي دور الروح القدس في إرشاد كتَّاب الأسفـار المقدَّسة لكل ما هو حق ، وعصمتهم من كل ما هو خطأ ، وهذا الوحي كان يتخذ في العهد القديم طرق مختلفة في حديثه مع الإنسان مثل :

أ – الحديث فماً لفم : كما حدث مع موسي النبي ” أما عبدي موسي .. فماً إلي فم وعياناً أتكلم معه لا بالألغاز . وشبه الرب يعاين ” ( عد 12 : 7 ، 8 )0

ب – الكلام الصريح المباشر : مثلما كلم الأنبياء في العهد القديم ، وتحاور معهم ، وكلفهم بتوصيل رسائله للشعب ، فمثلاً قال الله لأرميـا ” خـذ لنفسك درج واكتب فيه كل الكلام الذي كلمتك به .. ” ( أر 36 : 2 )0

ج – الرؤى والأحلام : كما قال الله لهرون ومريم “ إن كان منكم نبي فبالرؤيا أُستعلن له في الحكـم أكلمه ” ( عد 12 : 6 ) .

د – إلهام داخلي يصعب وصفه : كما قال أرميا النبي ” قد أقنعتني يارب فاقتنعت وألححت عليّ فغلبت .. فقلت لا اذكره ولا انطق بعد باسمه . فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الإمساك ولم أستطع ” ( ار 20 : 7 ، 9 )0

         أما في العهد الجديد : فكان كمال الوحي الإلهي ” الله بعدما كلَّم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة . كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في إبنه ” ( عب 1 : 1، 2 ) ثم تكلم التلاميذ القديسون والرسل الأطهار بهذه البشارة المفرحة للبشرية جمعاء مسوقين من الروح القدس ، ويقول الأب جورج فلورفسكيإن الكتاب هو مُوحي به من الله، فهو كلمته .. لكن بحث ماهية الوحي بدقة فهو أمر مستحيل، لأنه مُحاط بسّرِ ، بسّرِ مواجهة الله للإنسان . إننا لا نستطيع أن نفهم الطريقة التي سمع بها قديسوا الله كلمة سيدهم ، ولا كيفية تعبيرهم اللغوي عما أوحي به الله إليهم . وحتى في عملية تعبيرهم الإنساني كان صوت الله معهم . هذه هي معجزة الكتاب وأسراريته . أنه ظهور كلمة الله مدوَّنة في لغة بشرية(1)0

ويدعو البعض الوحي الإلهي بالإعلان الإلهي ، ولكن يجب ملاحظة أن الوحي الإلهي يختص بتسجيل الحقيقة الإلهية المُعلنة ، فقد كانت هناك إعلانات إلهية لم يسمح الروح القدس بتسجيلها ، كما حدث مع يوحنا الرائي ” وبعدما تكلمت الرعود السبعة كنت مزمعاً أن اكتب فسمعت صوتاً من السماء قائلاً لي اختم علي ما تكلمت به الرعود السبعة ولا تكتبه ” ( رؤ 10 : 4 )0

س6 : ما معني ” موحى به من الله ” ؟

ج :  قـال الـروح القدس علي لسان معلمنا بولس الرسـول ” كـل الكتـاب هـو مُوحى به من الله ” ( عب 3 : 16 ) و ” مُوحـى به من الله ” فــي الأصل اليوناني ” ثيؤبينوستوس ”                    Theopneustos        و        أي الله ، و                    أي نُفخ ، ونلاحظ أن العبارة جاءت في صيغة المبني للمجهول ، فثيؤبينوستوس أي ” نُفخت من الله ” أي صيغت بروح الله ، فالله هو مصدرها وليس الإنسان ، صـدرت من الله وعبرت خلال الذهن البشري ، فالأسفار المقدسة هي نفخة من روح الله القدوس ، هي نسمة من الله ، وهذا ينسجم تماماً مع قول السيد المسيح له المجد ” ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ” ( مت 4 : 4 )0

         و ” نُفخت من الله ” تنسجم تماماً مع تعبير الوحي الإلهي على لسان معلمنا بطرس الرسول ” تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس ” ( 2 بط 1 : 21 ) وتعبير ” مسوقين ” أي محمولين بالروح القدس ، فالأسفار المقدسة مُعطاه لنا من الله من خلال أُناس الله القديسين ، ولأنهـا ” نُفخت من الله ” لذلك فهي ثابتة لا يمكن أن تتغير ولا تتبدل ولا تتحرف ، وهذا ينسجم تماماً مع قول السيد المسيح ” ولا يمكن أن ينقض المكتوب ” ( يو 10 : 35 ) .. ” وأما كلمه إلهنا فتثبت إلي الأبد ” ( أش 40 : 8 ) .

         و ” نُفخت من الله ” فهي معصومة تماماً وكلياً من الخطأ ، معصومة في مجملها كل سفرٍ علي حدة ، ومعصومة في تفصيلاتها كل آية علي حدة ، وقد أرتبطت كلمة ” مُوحى ” بكلمة  ” معصوم ” لأنهما يؤديان نفس المعني . وقد إحتج البعض قائلاً أن الكتاب قال عن نفسه أنه مُوحى به من الله ولم يقل أنه معصوم صراحة وهذا الإحتجاج يشبه الإحتجاج علي عقيدة التثليث بحجة أن الكتاب لم يذكر صراحة أن الله مثلث الأقانيم .. مع أن الحقيقة واضحة ، وهي أن الكتاب ذكر عن الآب أنه هو الله ، والأبن هو الله ، والروح القدس هو الله ، وأكد أن الله واحد ، وبهذا نخلص إلى أن الله الواحد وحدانيته ليست مصمدة لكنها جامعة ، ففيها الأبوة والبنوة والإنبثاق ، الآب والأبن والروح القدس . وبالمثل إن كان الكتاب لم يذكر صراحة ومباشرة انه ” معصوم ” لكنه ذكر أن كلام الله هو حق ” كلامك هو حق ” ( يو 17 : 17 ) والحق لابد أن يكون معصوم من أي خطأ ، فمن ينسب الخطأ للكتاب المقدس ، ففي الحقيقة هو ينسب إمكانية الخطأ لصاحب الكتاب ، الله نفسه .

و ” نُفخت من الله ” أي بكل تأكيد صدرت من الله ذاتـه ، ولذلك تكرَّرت عبارات “ قال الرب ” ، و ” هكذا يقول الرب ” ، و ” فكانت كلمة الرب إليَّ ” ومثل هذه المترادفات نحو 3800 مرة لتؤكد أن كلام الكتاب هو هو كلام الله ، ولذلك قال داود النبي ” روح الرب تكلم بي وكلمته علي لساني ” ( 2 صم 23 : 2 ) فالمتكلم هو الروح القدس من خلال فم أبينا داود ، وقـال ميخا إبن يمله ” حي هـو الـرب أن ما يقوله لـي الـرب به أتكلم ” ( 1 مل 22 : 14 ) وقال الرب لأرميا النبي ” وتتكلم بكل ما آمرك به ” ( أر 1 : 7 ) . وقال الرب لزكريا النبي ” الكلام الذي أرسله رب الجنود بروحه عن يد الأنبياء الأولين ” ( زك 7 : 12 ) وقال بولس الرسول ” حسناً كلم الـروح  آباءنا بأشعياء النبي ” ( أع 28 : 25 ) .. إلخ ( راجع كتابنا مدارس النقد والتشكيك جـ1 صــ107 – 110 ) .

كما أن تعبير ” ثيؤبينوستوس ” يعني أيضاً ” نَفَسْ الله ” أو ” تنفس الله ” أو ” الله تنفس ” فالكتاب هو نَفَسْ الله ، هو نسمة من الله نفخها عبر الكتَّاب ، ولذلك دُعي الكتاب المقدَّس بأنفاس الله    أنظر كيف قال المزمـور عـن خلـق الملائكة ” بكلمة الرب صُنعت السماوات وبنسمة فيه كـل جنودهـا ” ( مز 33 : 6 ) وقال عن خلق الإنسان ” نفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية ” ( تك 2 : 7 ) فالكتاب المقدس قد خـرج للوجود بذات القدرة التي خلق بها الله الملائكة والإنسان .

س 7 : هل هناك آراء خاطئة في فهم الوحي لا يجب أن نقبلها ؟

ج : نعم ، فهناك من نظر للوحي على أنه مجرد إلهام طبيعي وبصيرة داخلية للكاتب ، وهناك من ظن أن الوحي يُملئ الإنسان ما يكتبه ، وهناك من ظن أن الوحي يوحي للكاتب برأس الموضوع ويترك له كل التفصيلات ، وهناك من ظن أن هناك أجزاء في الكتاب مُوحى بها وليس كل الكتاب مُوحى به .. إلخ وفيما يلي نعرض بإختصار شديد لتلك التصورات الخاطئة التي يجب أن نرفضها :

1 – النظرية الطبيعية : تعتبر الوحي هو إلهام طبيعي بدون أي تدخل إلهي ، فهو إلهام يشبه إلهام الشاعر وهو ينظم قصيدته أو يقرض شعره ، ومثل إلهام الراوي وهو يكتب روايته ، فالكاتب يعتمد علي بصيرته الداخلية النفاذة اللمَّاحة لمعرفة الحق . نحن نرفض هذه النظرية تماماً .. لماذا ؟ لأنها تتجاهل عمل الروح القدس ، وتقتصر العمل على المجهود البشري وحده .

2 – النظرية الميكانيكية الإملائية ( التنزيل ) : وتعتبر الوحي هو إملأ الكاتب الرسالة كلمة كلمة وحرفاً حرفاً ، فيصير الكاتب مثل جهاز تسجيل أو آلة صماء تسجل ما يريده الوحي دون أن يكون له أدني حرية في إختيار الأسلوب ، أو الألفاظ التي يعبر بها ، ونحن لا نقبل هذه النظرية .. لماذا ؟ لأنها تلغي دور الجانب البشري فالكتاب المقدَّس هو كلمات الله التي عبرت بذهن الكاتب فاكتسبت أسلوبه وثقافته ، ولذلك من السهل أن تميز وتعرف الكاتب من النص ، فأسلوب سليمان عُرِف بالحكمة ، وأسلوب أرميا بالرثاء ، وأسلوب يوحنا بالحب ، وأسلوب بولس بالفلسفة ، وأسلوب لوقا تغلُب عليه النظرة الطبية .. إلخ .

3 – نظريـة الانخطاف الروحي : وتعتبر الوحي هو الإستيلاء التام علي الكاتب ، وقد إقترحها أفلاطون (Timaeus.71) وإستعارها فيلو الفيلسوف اليهودي السكندري ( de spec.Ley.1v.18 ) والمـؤرخ اليهـودي يوسيفـوس ( الآثار 4 : 4 ، 5 ) أما القديس أكليمنضس فقد أعتبرها سيطرة الروح الشرير على النبي الكاذب ( راجع د. أميل ماهر – الكتاب المقدس – أسلوب تفسيري السليم وفقاً لفكر الآباء القويم صــ47 ، 48 ) .

4 – النظرية الموضوعية : وهي أن الروح القدس يوحي للكاتب برأس الموضوع ، ويترك له الحبل علي الغارب يكتب ماشاء من التفصيلات التي تحتمل الصح والخطأ ، وهي نظرية قاصرة لأن الروح القدس كان يرافق الكاتب من أول حرف إلى آخر حرف في تسجيل الرسالة الإلهية ، وخلال هذه الرحلة يفتح ذهنه ويرشده ويساعده علي إنتقاء الألفاظ المناسبـة ، ولذلك تجد الكتاب المقدَّس يتناول أشد الأمور حساسية بأسلوب مهذّب وراقي جداً ، وأيضا الروح القدس يعصمه من أي خطأ أو شبه خطأ .

5 – النظرية الجزئية : وتعتبر أن هناك أجزاء مُوحى بها من الله مثل الوصايا العشر والشرائع وكلمات الله وهذه معصومة من الخطأ ، وهناك كلمات الكاتب في وصف الأحداث أو ما أدلي به من معلومات تاريخية أو جغرافية أو علمية ، وهذه غير موحى بها ، وبالتالي فهي تحتمل الصح أو الخطأ ونحن نرفض هذه النظرية لان ” كل الكتاب هو مُوحى به من الله ” ( 2 تي 3 : 16 ) وقيل عن اليهود الذين حفظوا العهد القديم أنهم  ” أُستومنوا علي أقوال الله ” ( رو 3 : 2 ) وما كتبه الكاتب ولم يصدر من فم الله مباشرة فأنه يخص العلاقة بين الله والإنسان ، وعمل الله من أجل الإنسان ، فلا يمكن أن يحتمل الخطأ . ونستطيع أن نقول أن الفرق بين كلام الله في الكتاب المقدَّس وكلام الكاتب هو فرق تشريفي ، ولا يعني على الإطلاق أن هذا معصوم وذاك غير معصوم .

         وقد يتساءل البعض قائلاً : هل أقوال الشياطين والأشرار التي وردت في الكتاب المقدس هي مُوحى بها ؟ .. الحقيقة أن دور الوحي هنا يقتصر على الأمر بتدوين تلك الأقوال من أجل فائدة الإنسان ليعرف مقاصد عدو الخير . أما الكلمات الخاطئة فإنها تُنسب لأصحابها .

س 8 : ما هو دور الجانب الإلهي ودور الجانب البشري في تدوين الأسفار المقدَّسة ؟

ج : 1 – الجانب الإلهي : إختار الله الرجال القديسين الذين سيسجلون الأسفار المقدسة ، وأعدهم لهذه المهمة ، فقد تهذب موسى بكل حكمة المصريين نحو أربعين عاماً ، وتعلم الهدوء والتأمل في البرية أربعين عاماً أخري فاستحق أن يدون لنا التوراة ، وأعدَّ السيد المسيح تلاميذه فخرج منهم من سجل أسفاراً في العهد الجديد مثل متى ويوحنا وبطرس ، وأعد الله بولس الرسول تحت رجلي غمالائيل ، ثم إنفرد معه في البرية لمدة ثلاث سنوات ، فاستطاع بولس أن يسجل لنا أربعة عشر رسالة ، وبعد أن إختار الله هؤلاء الرجال دفعهم للكتابة سواء بطريقة أو بأخرى كما رأينا من قبل ، دون أن يلغي شخصياتهم .

2 – الجانب البشري : دور الكاتب يشبه دور ” العَرَبة ” التي حملت لنا فكر الله، أو دور ” البوق ” الذي نفخ فيه الروح القدس ليُسمعنا صوته ، أو دور ” القيثارة ” التي عزف عليها الروح القدس أجمل الألحان ، وقد شبه نيافة الأنبا أثناسيوس المتنيح مطران بني سويف الوحي الإلهي بالطاقة الكهربائية غير المرئية ، والكتاب بالمصابيح المختلفة الأشكال والألوان ، فقد تتخذ اللمبة الشكل الكمثري أو الأنبوبة المستطيلة أو الملتوية ، وقد يصدر عنها ضوء أبيض أو مائل للصفرة ، ومع ذلك فإن التيار الكهربائي الذي يسري في جميع هذه المصابيح هو تيار واحد ( راجع كتابنا : أسئلة حول صحة الكتاب المقدس ص 17 )0

إذاً فالأسفار المقدسة تحمل طبيعة مزدوجة ، إلهيَّة وبشرية ، فالكتبة الملهمون هم قيثارة الروح القدس ، وروح الله القدوس هو العازف علي هذه القيثارات ، لذلك فالأسفار المقدَّسة هي كلمة الله كُتبت بيد البشر ، ونحن نصلي في قانون الإيمان ” نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيي .. الناطق في الأنبياء “0

يقول ” هنري نيس ” عن الأسفار المقدسة ” يجب أن نعترف بالطبيعة المزدوجة للأسفار ، فهى من جهة : كتاب مُوحي به من الله ، ومن الجهة الأخرى : لا تلغي شخصية الإنسان(1) .

ويقول ” د. جراهام سكروجي ” : ” مرت هذه الكتب من خلال أذهان البشر، وكُتبت بلغة البشر وبأقلامهم ، كما أنها تحمل صفات تتميز بأنها من أسلوب البشر(1) .

ويقول ” د. أميل ماهر ” أن  ” الوحي هو العمل الفائق الطبيعة الذي يقوم به الروح القدس ، فيؤثر في أذهان كتبة الأسفار المقدَّسة ، بحيث تكون الأسفار المقدَّسة ليست هي مجرد كتاباتهم الشخصية ، وإنما هي كلمة الله . فالكتاب المقدَّس ليس مجرد كتاب يحتوي علي كلمة الله ، ولكنه كلمة الله ، فالكلمة المكتوبة كاملة إلهياً ، وهي في نفس الوقت كاملة إنسانياً . لها سلطان معصوم لأنها كلمة الله ، وهي مفهومة لأنها بلغة البشر(2) 0

         ويقول ” الخوري بولس الفغالي ” أن  ” الروح القدس الذي يدفع النبي ويقوده ويحمله كما يحمل الهواء السفينة ويجرها ، بسلطانة المطُلق . أن هذه الكلمات هي من وحي الروح ، والوحي هو صوت الله ، وشفاه الأنبياء هي أداة يلجأ إليها الله ليُسمع صوته . ولهذا فالكلمات التي يتلفظ بها البشر هي بالحقيقة كلام الله  ( 1 تس 2 : 13 ) وتتمتع بسلطان مطلق علي العقول والقلوب ، وتحتوي علي ينابيع النور والحياة ( 2 تي 3 : 14 – 17 ) وهكذا يأتي الوحي إلينا عبر حروف وكلمات وجمل وفصول تكوّن الكتاب المقدس0 هذا الكتاب ، الله هو كاتبه ، ومسئوليته في وضعه مباشرة . وإن لجأ الله إلى إنسان .. فيصبح الإنسان أداة بين يديه وقيثارة تصل إلينا عبرها معرفة الأمور الالهيَّة(1) .

         إن الله هو مؤلف الكتاب المقدَّس باستخدام الأداة البشرية ” كيف ( يكون ) الله هو مؤلف الكتاب ؟ الكتاب كتاب موسى ويشوع ومرقس وغيرهم ، ولكن مع ذلك فالله هو المؤلف ، هو الذي يوحي 00 الله حينما يتكلم في الكتاب يضع في ” أداته ” أفكاره هو وإرادته هو 00 الله ينحني نحو الإنسان ليكتب كتابه 00 إن الإنسان الذي يقتبل وحي الله يكتبه ، ولكن الإنسان ليس أداة مائتة كالقلم بل شخص حي0 الإنسان كائن مفكر حر ، وبالتالي فهو ينقل وحي الله بكلامه هو وطريقته وإستطاعته0 كلام الله هو وحي الله حقاً ، ولكنه يمر عبر الإنسان ويتحد بكلامه0 إذاً أنا أقرأ في الكتاب كلاماً كتبه إنسان ولكن عليَّ أن أدخل إلى حيث الله حاضر في كلام مختاره(1)0

وعندما نتحدث عن الجانب البشري في تسجيل كلمة الله ، فإننا لا نعني على الإطلاق أن الإنسان كتب أجزاءاً من عندياته ، ثم أضاف إليها أجزاءاً أخري مُوحى بها من الله ، فلا يمكن تقسيم الكتاب إلى قسمين ، قسم إلهي وقسم بشري ، فالكتاب وحدة واحدة كتبها أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس ، وكل ما تكلم به الأنبياء هو هو ما أراد الله أن يعلمه للبشرية،  ويقول ” جوش مكدويل ” : ” أن الكتاب هو أنفاس الله0 لقد أستخدم هو رجالاً ليكتبوا بالضبط . ما أراد لهم أن يكتبوه وجنَّبهم الأخطاء ، لكن في نفس الوقت أستخدم شخصياتهم المنفردة وأساليبهم المتميزة لينقل لنا ما أراده بالضبط(1)0

         ويقول ” بول ليتل ” عن عصمة الكتاب المقدس ” يعد مبدأ عصمة الكتاب المقدس تعليماً آخر شديد الأهمية وهو أيضاً يحتاج إلى تعريف دقيق .. ويمكن تقديم التعريف العام التالي : في المخطوطات الأصلية ، فإن الأفكار التي أراد الله أن تُكتب قد كُتِبت، كذا فإن الكلمات التي إستخدمها الكتَّاب كانت خاضعة لحماية الله  ” (2) .

           وقد أعلن مجمع المعلمين اليهوديإن قال أحد أن التوراة هي من الله ما خلا آية واحدة ليست من الله بل من موسي .. فقد إحتقر كلام الله  ” (3) .

ولأن الكتاب المقدس نتاج مشترك بين الله والإنسان ، لذلك فإن الروح القدس لم يفارق الكاتب عند تسجيل الأسفار المقدَّسة ، بل كان يظلل عليه ويحفظه ويرشده ، فيكشف له كل ما هو خفي وغامض ، مثلمـا كشف لموسي عن أيام الخلق ، وأيضاً يعصم الكاتب من أي خطأ كان . كما كان الروح القدس يضع على أفواه الأنبياء نبوات ربما لا يدركون أغوارها مثلما نطق بلسان أشعياء النبي ” ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمه عمانوئيل ” ( أش 7 : 14 ) ومن يصدق أن عذراء تحبل وتلد ؟! حتى سمعان الشيخ لم يقدر علي تصوُّر هذا الأمر ، حتى مرت الأيام والسنون وتحققت النبوة0 كما وضع الروح القدس نبؤات علي فم الأنبياء عن نينوى وبابل وصور والشعب اليهودي .. إلخ وكان يصعُب جداً تصوُّر حدوث هذه الأمور ، لكنها حدثت وتحقَّقت النبوات ( راجع كتابنا : أسئلة حول صحة الكتاب المقدس ص 77 – 101 ) .

س9 : هل يمكن أن تكون هناك أموراً معصومة في الكتاب المقدس مثل الأمور اللاهوتية ، وأخري غير معصومة مثل الأمور العلمية ؟

ج : هذا ما نادي به أصحاب النقد الأعلى ، فقالوا أن العصمة في الكتاب المقدَّس تخص الأمور اللاهوتية والعقائدية والروحية والأدبية ، أما الأمور التاريخية والجغرافية والعلمية فمشكوك فيها ، لأن الكاتـب إبن عصره ، فهو يكتب من معارف عصره البدائية ، بما ساد فيها من أساطير وخرافات ، وأين موسي الذي كتب قصيدة شعرية في أيام الخلق من علماء الفلك والطبيعة والجيولوجيا في العصر الحديث ، وقالوا أن الأخطاء المتوقعة في هذه المواضع ترجع لضعف الطبيعة البشرية ولا تمس سلامة ولا قدسية الوحي ، ومن ثمَّ يجب الإعتراف بها وشبهوا ذلك بالشعاع النقي الذي ينفذ من زجاج نافذة تعلق به ذرات التراب ، فإن الشعاع النافذ لن يكون في نقاوته الأولي وضيائه الأول ( راجع كتابنا : مدارس النقد والتشكيك والرد عليها جـ2 ص121 – 132 ) .

ونحن في الرد علي هذا الفكر المنحرف ، وفي عجالة ، نود أن نؤكد على الحقائق الآتية :

1 – وحي الكتاب المقدَّس وحُي مطلق : فكل ما جاء في الكتاب المقدَّس سواء أمور لاهوتية أو تاريخية ، روحية أو جغرافية ، أدبية أو علمية ، جميعها موُحى بها من الله  ( 2 تي 3 : 16 ، 2 بط 1 :21 ) وبالتالي فـإن جميعها معصومة من أي خطأ يظنه الإنسان ويقول ” جوش مكدويل ” : ” العصمة تعني أنه عندما تتكشف كل الحقائق وتُترجم الكتب من أصولها ، وتُفسَّر بشكل صحيح ، فإنها حينذاك ستكون كلية الصدق في كل ما يكتب به ، سواء كان الكلام عن المعتقدات ، أو الأخلاقيات ، أو العلوم والمبادئ الاجتماعية ، أو الطبيعية للحياة ”  (1)0

2 – من ينسب الخطأ لجزء من الكتاب فإنه في الحقيقة ينسب هذا الخطأ لصاحب الكتاب : فإن سلمنا بضعف الكاتب ومعارفه المحدودة ، فأين هنا دور الروح القدس المرافق للكاتب يعلمه ويرشده ويعصمه ؟!! هل عجز الله عن إنتاج كتاباً خالياً من الأخطاء ؟!! وهل عجز أن يحفظ للأداة البشرية نقاوتها حتى تنطق بكلماته دون أن توهنهـا أو تصيبها بالضعف ؟!!

         ويقـول ” د. ادوار ج . يونج ” : ” النص الأصلي لكلمة الله والذي صدر من فم الله ، معصوم ، وأن أي تهاون ، في قبول هذه النتيجة، لا يضع الكتاب نفسه في خطر ، بل أكثر من ذلك يضع الله ذاته في كرامته وصدقه ومجده في أدق المواضع .. إن تصوَّر أن النص الأصلي لكلمة الله خاطئ ، وغير معصوم يعني أن الكلمة التي خرجت من فم الله ليست كاملة ، وأن إله الحق نفسه مُدان بالذنب ، وإذا كانت كلمة الله باطلة ، وهو مُدان بالبعد عن الحق ، فإنه يُبتنيَ علي تلك النتيجة التي لا مهرب منها ، وهي أن الديانة المسيحية ديانة باطلة(1)0

ويقول ” جوش مكدويل ” : ” الكتاب المقدَّس هو كلمة الله .. والله لا يخطئ أبداً ( عب 6 : 19 ، تي 1 : 2 ) وأن ننكر عصمة الكتب المقدَّسة ، فإننا بذلك نطعن في كمال الله ، أو نشك في كون الكتاب المقدَّس هو كلمة الله .

تستلزم صفات الله العصمة ، وإذا كانت كل عبارة في الكتاب المقدَّس هي من الله ، والله هو الحق ، كما أعلن عنه الكتاب ، لذا يجب أن يكون الكتاب المقدَّس كله حقيقي وصحيـح ، وهو معصوم من الخطأ ، قال يسوع عن كلام الله ” كلامك هو حق ” ( يو 17 : 17 ) .. إذاً فالتحليل النهائي يخلص إلي أن أي هجوم علي الكتاب المقدَّس هو هجوم علي صفات الله(1)0

3 – الله قادر أن يحفظ كلمته نقية رغم الأداة البشرية الضعيفة : وقـد أكد الكتاب هذه الحقيقة ” كل كلمة من الله نقية ” ( أم 30 : 5 ) ويصحح ” وورفيلد ” تشبيه الشعاع والزجاج فيقول ” كما أن الضوء الذي يمر في الزجاج الملون لنافذة الكاتدرائية يتأثر بألوان الزجاج الذي يمر فيه ، هكذا كلام الله يمر بعقل ونفس الإنسان ، فيخرج وهو يحمل طابع الشخصية التي مرَّ بها ، وانه عند هذه الدرجة يكف عن أن يكون كلمة الله النقية الصافية – كقول النُقَّاد – ولكن ماذا لو أن هذه الشخصية قد شكلتها وصاغتها يد الله ، بحيث تصبح منسجمة تماماً مع كلمته ، وبحيث يخرج الضوء منها محتفظاً بخواصه الأصلية ، وبحيث يتحقق بذلك قصد الله في توصيل كلمته صافية للناس(1) .

ويؤكد ” الأب جورج فلورسكي ” علي أن الإنسان الذي جُبل علي صورة الله قادر علي أن ينطق بكلمات الله دون أن يصيبها الوهن فيقول ” إن الكتاب ينقل إلينا كلمة الله في لغة بشريَّة . فالله كلَّم الإنسان بالفعل ، وهذا يفترض وجود من يسمع الكلمة ويعيها .. لا مجال هنا للإنزلاق نحو الضعف البشري ، لأن اللسان البشري لا يفقد خصائصه الطبيعية عندما يصير عربة للإعلان الإلهي .. إن الإلهام الإلهي لا يمحو العنصر البشري .. ومادام الإنسان مخلوقاً علي صورة الله ومثاله فهو يقدر أن يعبّر عن كلمة الله بكلماته البشرية بشكل كاف وصحيح،  لان كلمة الله لا تخفت عندما ينطق بها لسان بشري 00 وعندما ينفخ الروح القدس في نظام اللغة البشرية يقدر الإنسان ، أن ينطق بكلام الله(1) .

4 – لو سلمنـا بضعف الطبيعة البشرية مما ترتب عليه بعض الأخطاء التاريخية والجغرافية والعلمية ، فمن الذي يضمن لنا أن الأمور اللاهوتية والعقائدية والأدبية لم يشبها الخطأ أيضاً ؟! .. أليس الكاتب واحد ؟! 00 وكيف يكون الكتاب الواحد معصوم وغير معصوم في آن واحد ؟! 00 وأي كتاب تشوبه الأخطاء هل يمكن الثقة فيه ؟! 00 أليس القضية التي تفقد مصداقيتها في جزئية منها هي قضية خاسرة أمام القضاء العادل ؟!

ويقول  ” د . اميل ماهر ” عن عصمة الكتاب الكاملة ” لا يكفي فقط أن نقرر أن الكتاب موحي به وله سلطان ، إنما لابد أن نعترف أيضاً بأنه مُنزَّه عن الخطأ  ( Inarrancy ) ومعصوم ( Infallibility  ) ونعني بذلك أنه بدون أخطاء في مخطوطاته الأصلية . فهو مُنزَّه عن الخطأ في كل ما يؤكده ، سواء كانت هذه أمور تاريخية أو علمية أو أخلاقية أو عقائدية والتنزَّه عن الخطأ يمتد إلى الكتاب كله ، ولا يقتصر علي تعاليم معينة في الكتاب “0

5 – لا يمكن فصل الأمور الإيمانية عن الأمور التاريخية  : من يستطيع أن يفصل الأمور الإيمانية عن الأمور التاريخية إن كان الإثنان ممتزجان معاً ؟! .. أليس التجسد وحياة السيد المسيح على الأرض وصلبـه وموته وقبره وقيامته وصعوده وكرازة الرسل ومجيئه الثاني ، كل هذه حقائق إيمانية ، وفي نفس الوقت هي حقائق تاريخية ؟! .. الإصحاح الأول في الكتاب المقدس الذي يتكلم عن الله الخالق وهذه حقيقة إيمانية ، ويتكلم عن أيام وترتيب الخلقة وهذه أمور زمنية ، من يقدر أن يفصل هذه عن تلك ؟! .. متي ينتهي الإيمان ويبدأ التاريخ ؟! ولو كان هذا الإصحاح غير معصوم فلماذا لم يأخذ موسي من معارف عصره من أساطير الخلق السومرية ، والمصرية ، والبابلية ( الاينوما إيليش ) وعندما كتب عن الطوفان وهو موضوع تاريخي ، وبالتالي فهـو في نظرهم غير معصـوم ، فلمـاذا لـم يأخذ موسي من أسطورة جلجاش؟! ( راجع كتابنا : هل اخذ سفر التكوين من الأساطير ؟ )0

حقاً إن محوتَ التاريخ فقد أزلتَ الإيمان ، والإيمان لم يصل إلينا إلاَّ علي أجنحة التاريخ ، والله هو العامل في التاريخ وجاء في معجم اللاهوت الكتابي عن الوحي ” يقوم الدين الذي يُقدّمه لنا الكتاب المقدَّس على أساس من الوحي التاريخي .. يبدو الوحي من الكتاب المقدَّس أنه حقيقة تاريخية يمكننا التحقق منها .. فالإيمان إذاً بالنسبة إلى المسيحي يعني قبول هذا الوحي الذي يصل إلى البشر محمولاً علي أجنحة التاريخ(1)0

ورداً علـى القائليـن بأن الكتاب المقدَّس يحوي أخطاء تاريخية يقول ” جوش مكدويل ” : ” أما روبرت ديك ويلسون المُلم بأكثر من خمس وأربعين لغـة ، فبعد أن أمضي حياته في دراسة العهد القديم خلص إلي ما يلي : يمكنني أكثر فأكثر إلى تعميق إيماني بأن لدينا مـن خلال العهـد القديم سجلاً تاريخياً صحيحاً لتاريخ الشعب الإسرائيلـي “ ( Wilson : WB.42  ) (1)0

س10 : هل أخطاء الأنبياء تسقط عنهم العصمة عند كتابة الأسفار ؟ وحتى لو كانت خطايا الأنبياء حقيقة فلماذا ذكرها الكتاب المقدَّس ؟ هل يقصد التشهير بهم ؟ وتساءل صموئيل ريمارس : كيف يعمل الوحي في رجل قاتل مثل موسى ، أو رجل زاني مثل داود ، أو  رجل مضطهد الكنيسة بإفراط مثل بولس ؟

ج : نود في سياق إجابتنا علي هذه التساؤلات ان نؤكد علي الحقائق الآتية :

1 – جميع الرجال الذين كتبوا الأسفار المقدَّسة هم بالحقيقة قديسون ، ليس بمعني إنهم كانوا معصومين في حياتهم الشخصية ولم يخطئوا قط ، لأنه ليس مولود إمرآه بلا خطية ، ولكن بمعني إنهم أحبوا الله من كل قلوبهم ، وقد قدموا توبة صادقة عن كل خطية أرتكبوها .. عجباً لإنسان يركز علي خطية داود ويغض البصر عن توبته ودموعه ( راجع مز 6 : 6 ، 51 : 3 – 11 )0

2 – لم يتساهل الله مع أنبيائه الذين أخطأوا ، ولم يعفهم من العقوبة ، إنما حملوا عقاب خطاياهم بالكامل ، فليس لدى الله محاباة قط ، حتى لو كان المخطئ هو ملاكاً ، أو هو الإنسان الوحيد علي الأرض ( آدم ) ، أو يعقوب المحبوب ، أو موسي رئيس الأنبياء ، أو داود قيثارة الروح .. الخ0

3 – نحن لا نعترف بعصمة إنسان ما علي الأرض ، فالجميع تحت الضعف ، والعصمة الوحيدة لكتَّاب الأسفار المقدسة هي أثناء تسجيلهم لكلمات الله في الأسفار المقدَّسة أما في حياتهم الشخصية فإنهم كانوا عرضة للسقوط ، فهم من نفس عجينة البشرية ، و ما أجمل صلوات الكنيسة في أوشية الراقدين ” لأنه ليس موت لعبيدك بل هو إنتقال، وإن كان لحقهم توان أو تفريط كبشر ، إذ لبسوا جسداً وسكنوا في هذا العالم فأنت كصالح ومحب البشر اللهم تفضل أغفر لهم . فإنه ليس أحد طاهراً من دنس ولو كانت حياته يوماً واحدً علي الأرض ” .

ويقول ” د . ادوار ج . يونج ” : ” فإنه من الحماقة أن يتصوَّر ريماروس أن بعض الكُتَّاب كان لا يجوز أن يكونوا من حملة الوحي نسبة إلى الخطايا التي أرتكبوها في حياتهم إذ أن الله لم يعطِ كتابه للبشر عن طريق رجال معصومين من الخطية ( في جميع جوانب حياتهم ) .. كانت حياة داود ملطخة بالخطية ، ومع ذلك كتب ( بعد توبته ) أروع المزامير التي أعطاه الله إياها ، كان موسي قاتلاً .. وكان بولس مُضطهد الكنيسة ، ولكن الله إختارهم وصيَّرهم كُتَّاباً للوحي ، ولكن ليس معني ذلك أن الله كان لا يُبالي أو يقلّل من خطاياهم ، بل بالعكس كان ذنبهم أمامه قاسياً .. كانوا فقط معصومين عندمـا حملهـم الـروح ليكتبوا الكتاب المقدَّس !! ..(1)0

4 – عندما ذكر الكتاب المقدس أخطاء هؤلاء الأنبياء فلكي يعلمنا أن الجميع تحت الضعف ، وأن هؤلاء الأنبياء كانوا من نفس عجينة البشرية ولكيما يتعلم الإنسان أنه مهما بلغت قامته الروحية فإنه معرض للسقوط ، ولكيما يتعلم الإنسان أن السقوط ليس نهاية المطاف ، إنما التوبة تعيد الإنسان إلى مرتبته الأولي . إذاً لم يقصد الكتاب المقدَّس التشهير بهؤلاء الأنبياء القديسين ، ولم يذكر خطاياهم ليشجع الإنسان علي إرتكاب المعصية ، إنما ليحذر الإنسان ، ومن أجل تعليمنا سمح الوحي الإلهي بتسجيل خطايا هؤلاء العظماء0 إن الكتاب المقدَّس كتاب صادق وأمين ، يذكر الحقائق كما هي ، إن كانت خيراً أو شراً ، ولم يلتمس الأعذار لمن أخطأوا ..

(1)   ترجمة وجدي وهبه – لماذا أؤمن – إجابات منطقية عم الإيمان ص88

(1)   دائرة المعارف الكتابية جـ6 ص 319

(1)   برهان يتطلب قراراً ص364

(1)   دائرة المعارف الكتابية جـ6 ص 227

(2)   أنور يسى منصور – المتهم المعصوم ص165

(3)   رهبنة دير مارجرجس الحرف – مدخل إلى الكتاب المقدَّس ص 19

(4)   د0 إدوار ج0 يونج – أصالة الكتاب المقدَّس ص 180

(5)   المرجع السابق ص 97

(6)   المرجع السابق ص 180

(1)   د0 إدوار ج0 يونج – أصالة الكتاب المقدَّس ص 180

(2)   دائرة المعارف الكتابية جـ6 ص 324

(3)   ترجمة القس إلياس مقار – أصالة الكتاب المقدَّس ص 131

(4)   أنور يسى منصور – المتهم المعصوم ص 165

(1)   جوش مكدويل – برهان جديد يتطلب قراراً ص 318

(2)   أنور يسى منصور – المتهم المعصوم ص 166

(3)   أصالة الكتاب المقدَّس ص 131

(4)   المرجع السابق ص 131

(5)   أنور يسى منصور – المتهم المعصوم ص 165

(1)  رهبنة دير مارجرجس الحر – مدخل إلى الكتاب المقدَّس ص36

(1)   ترجمة الأب ميشال نجم – الكتاب المقدَّس والكنيسة والتقليد ص 31 ، 32

(1)   أنور يسى منصور – المتهم المعصوم ص 26

(1)   أنور يسى منصور – المتهم المعصوم ص 26

(2)    الكتاب المقدَّس – أسلوب تفسيره السليم وفقاً لفكر الآباء القويم ص 40

(1)   المدخل إلى الكتاب المقدَّس جـ 1 التوراة وعالم الشرق القديم ص 37

(1)   رهبنة دير مارجرجس الحرف – مدخل إلى الكتاب المقدَّس ص 18

(1)   برهان جديد يتطلب قراراً ص 313

(2)   ترجمة وجدي وهبه – لماذا أؤمن ؟ إجابات منطقية عن الإيمان ص 80

(3)   المدخل إلى الكتاب المقدَّس جـ 1 ص 37

(1)   برهان جديد يتطلب قراراً ص 313

(1)   أصالة الكتاب المقدَّس ص 101 – 103

(1)   برهان جديد يتطلب قراراً ص 312 ، 313

(1)   صموئيل كريج – ترجمة باقي صدقة جرجس – المسيحية الحقيقية ص 91

(1)   الكتاب المقدَّس والكنيسة والتقليد ص 32

(1)   معجم اللاهوت الكتابي ص 840

(1)   برهان جديد يتطلب قراراً ص 58

(1)   أصالة الكتاب المقدَّس س 94 ، 95

مفهوم الوحي والعصمة ج1

Exit mobile version