آبائياتأبحاث

إقصاء الله خارج الحياة العلمانية ف5 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس

إقصاء الله خارج الحياة العلمانية ف5 - الفردوس بين يديك - الأب أنتوني م. كونيارس

إقصاء الله خارج الحياة العلمانية ف5 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس

إقصاء الله خارج الحياة العلمانية ف5 - الفردوس بين يديك - الأب أنتوني م. كونيارس
إقصاء الله خارج الحياة العلمانية ف5 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس

 

الفردوس بين يديك

هأنذا واقف على الباب وأقرع

الفصل الخامس – إقصاء الله خارج الحياة العلمانيَّة

 

 

لقد أسَّسنا ديانة عدم سماع قرع الله على أبواب قلوبنا,

 بل وإقصائه خارجًا…

ديانة الإنسانية العلمانيَّة.

 

 

البشريَّة العلمانيَّة

  • «هأنذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي أدخل إليه وأتعشَّى معه وهو معي.»
  • لقد أسَّسنا ديانة إقصاء الله خارج نطاق حياتنا. كثير من البشر اليوم يرفضون السماح للرب يسوع بدخول حياتهم رفضًا باتًّا, ويبقون الباب مغلقًا تمامًا. على سبيل المثال: هناك اتجاه تربوي راسخ يُعَلِّم الأطفال اليوم أنه ليس هناك صوابٌ أو خطأٌ، لكن الأمر يرجع إليك شخصيًا، وأن الله غير موجود، وأن الإنسان هو إله ذاته. الاتِّجاه يؤثِّر إلى ما أبعد من مجال التربية، فهو ظاهرة عالميَّة تخترق كافة جوانب الحياة الحديثة, ونحن نراها في الأفلام، والتلفاز، والروايات، والسياسات، في كل مكان, حتى أصبح لدينا اسمٌ جذَّابٌ لهذه الديانة, فنحن نسميها الإنسانية العلمانيَّة secular humanism.
  • معظم الناس لا يميلون إلى اعتبارها ديانة, فهم يُفضِّلون أن يُسمُّوها فلسفة, ورغم ذلك فنحن نقول إنَّ الإنسانية العلمانية ديانة, ديانة إلحاديَّة. بينما تضع المسيحية الربَّ يسوع في مركز الكون معتبرة إياه الطريق والحق والحياة، فإن الإنسانية العلمانية تضع الإنسان في مركز الكون، معتبرة إياه الحاكم الأكبر للمصير الإنساني. يقول تابع الإنسانية العلمانيَّة: “الله لابد أن يُلغَى”, وهو يقول ذلك رغم أنه يؤمن بإله وعقيدة وديانة خاصة به، والتي هي الديانة الإنسانية، الإنسان كإله.

     «هأنذا واقف على الباب وأقرع… »

     لقد أسَّسنا ديانة عدم سماع قرع الله على أبواب قلوبنا، وإقصائه خارجًا… ديانة الإنسانيَّة العلمانيَّة.

إغراء العلمانيَّة:

  • إن إغراء الإنسانيَّة العلمانيَّة يقع في فكرة أن الإنسان يُشكِّل مصيره الذاتي للأفضل أو للأسوأ، وأنه يفعل ذلك بمفرده, وتصير مفاهيم “العناية الإلهية، والحياة بين يدي الله، وإرشاد الله لنا” غير مقبولة بالنسبة للإنسانيَّة العلمانيَّة.
  • تمَّ تصنيف القانون الإنساني للمرة الأولى في العام 1933 حينما صاغ الإنسانيون الأمريكان “منشور الإنسانيَّة العلمانيَّة” تحت قيادة جون ديوي John Dewy الفيلسوف والمُعلِّم. كانت الوثيقة مُتخَمَة بالعداء للدين, وكان من بين بنودها: الله غير موجود، الاعتقاد الديني هو أحد أعداء التقدُّم الإنساني، العقلانية والعلم فقط هما اللذان يمكنهما منحنا الخلاص, وكل من يقول إن يسوع هو الله المحب الباحث عن الإنسان، الذي يقرع على أبواب نفوسنا قائلاً: «هأنذا واقف على الباب وأقرع… » يُحسب مجنونًا في نظر الإنسانية العلمانية.
  • ومن هنا تأسَّست ديانة عدم سماع قرع الله على باب حياتنا، ديانة إقصاء يسوع خارجًا، وتشكيل فلسفة تشرح لماذا يجب إقصاؤه هكذا بصورة عقلانية.

جذور العلمانيَّة:

  • في الواقع لم تبدأ الإنسانية العلمانية في العام 1933م مع جون ديوي, لكنها كانت منتشرة قبل هذا التاريخ من مدَّة طويلة, وهناك بعض الفلاسفة وعلماء الاجتماع في القرن التاسع عشر الذين أثَّروا على جون ديوي.
  • قام لودفيغ فيورباخ Ludwig Feuerbach عام1830م والذي يطلَق عليه أحيانًا “أبو حركة مناهضة الله”، ببسط أفكار من قبيل: “النقطة الفاصلة في التاريخ سوف تكون تلك اللحظة التي يدرك فيها الإنسان أن الإله الحقيقي للإنسان هو الإنسان نفسه.”
  • وقام كارل ماركس سنة 1848م, متأثِّرًا بـأقوال فيورباخ بكتابة الوثيقة الشيوعية, وهي لحدٍّ ما على أساس مسوَّدة أعدَّها صديقه فريدريك إنجلز Frederick Engels. كتب إنجلز يقول: “الدين أفيون الشعوب”, وهكذا بضربة واحدة تحطَّمَت أسطورة الله, كما ظنُّوا وأعلنوا!

     وفي عام 1851م قال أوغسط كومتي Auguste Comte: “بلا شك, الله رَحَل دون عودة”.

     وفي عام 1855م قال إميل سواسيه Emil Soisset: ” إنَّ فويرباخ قد أعطى أوروبا المسيحيَّة إلهًا جديدًا ليعبدوه, ألا وهو الجنس البشري”.

     وفي عام 1888م قال: فريدريك نيتشه Friedrich Nietzche “الله ميت, ونحن الذين قتلناه… نحن الذين سفحناه… وسنظلُّ في حرب مع الخيال والمثال المسيحي, وضدَّ التعليم الذي يجعل التطويبات والخلاص هي نهاية الحياة”.

  • «هأنذا واقف على الباب وأقرع… »
  • بأسماء مثل لودفيغ فيورباخ، وكارل ماركس، وأوغسط كومتيه, وفريدريك نيتشه، وجون ديوي، حاولنا أن نؤسِّس ديانة محترمة عقليَّة, لا تسمع قرع الله على أبواب قلوبنا, ديانة هدفها الوحيد إقصاء الله خارج نطاق حياتنا, والتأكد من أنه واقف خارج الباب.

الأفكار مرتبطة بالأفعال:

  • هناك علاقة وثيقة بين الأفكار والأفعال, فالفكرة لا تبقى فكرة لمدةٍ طويلة، لكنها تصير فعلاً. قال نيتشه: “الأفكار تأتي قبل الأفعال كالبرق قبل الرعد.”
  • أولاً يأتي المفكِّرون الملحدون، ثم يليهم المنفذون. أولاً يأتي المفكِّرون الملحدون، ثم يليهم معسكرات العمل الشاقة، ومعسكرات الاعتقال.
  • قام هتلر Hitler بتأليه “نيتشه”، وأصبح لكمته الحديديَّة, وشنَّ حربًا قتلت ما يزيد عن 30 مليون إنسان. في الاتحاد السوفيتي ألَّهوا كارل ماركس، ولينين Lenin وبعد ذلك بدأ ستالين Stalin في صعوده الدامي إلى السُّلطَة, وبنى أولى دول العالم الإلحاديَّة القائمة على القتل الجماعي. وفي الفترة بين 1918م, 1959م, مات أكثر من 60 مليون فلاح في معسكرات الاعتقال الروسيَّة, أي ما يوازي أحد عشر ضعفًا لعدد الموتى في معسكرات هتلر, وهذا ما حدث عندما أقصينا الله عنَّا وجعلناه خارج باب حياتنا.
  • حربان عالميَّتان، مجازر، معسكرات أعمال شاقة، مذابح… هذه هي النتائج، وهذه هي عواقب الإلحاد المسلَّح.
  • إنها ديانة ليست من إله، بل من الشيطان, لأنه إن لم يُفتح الباب للرب يسوع المسيح, فإن إبليس سيدخل ويملك وينشئ جحيمًا حقيقيًّا على الأرض، مستخدمًا مصطلحاتٍ عقليَّة مثيرة زائفة تبدو وكأنها مصطلحات محترمة عقليًا, مثل مصطَلَح الإنسانية العلمانيَّة. ونحن لأجل تدمير سلطان إبليس داخلنا، نحتاج أن نفتح الباب للرب يسوع، وندعوه للدخول ليجعل سكناه فينا.

ملحدٌ يفتح الباب:

  • منذ سنوات قليلة، وفي سن الرابعة والثلاثين، اعتذر ويليام موراي William Murray، ابن أكبر ملحِدة: مادلين موراي، اعتذارًا رسميًّا عن دوره في المعركة الدائرة في دار القضاء التي جعلت المحكمة الأمريكية العليا تمنع الصلاة المقرَّرة من قِبَل الدولة في المدارس الحكومية. أدرك ويليام موراي أن هناك شيئًا ما- أو بالأحرى شخصًا ما- غائبًا عن حياته، إذ إنَّه قد تربَّى في جو إلحادٍ مدقع عن طريق أُمٍّ ملحِدَة عدوانيَّة. سمع ويليام القرع على الباب ففتحه، ودعا الرب يسوع للدخول إلى حياته.

يأتي لينصب فينا خيمته:

  • الرب الإله صار جسدًا, جاء إلينا ولا يزال معنا، قارعًا أبواب قلوبنا، طالبًا الدخول لتأسيس ملكوته فينا.
  • اِفتَح الباب للرب يسوع، ومن هنا سيتحول الجحيم الداخلي إلى سماء، حيث سيأتي المُخلِّص المسيح رئيس السلام، وإله كل تعزية كي “ينصب خيمته” في نفوسنا, لأن هذا هو معنى الكلمة اليونانية eskinosen.
  • «والكلمة (المسيح الرب) صار جسدًا، وحلَّ فينا (نصب فينا خيمته eskinosen)، ورأينا مجده، مجدًا كما لوحيد من الآب، مملوءًا نعمة وحقًّا… ومن ملئه نحن جميعًا أخذنا، ونعمة فوق نعمة.»            (يو 16،14:1) الرب يسوع يقف قارعًا على الباب تمامًا لأنه يريد أن “ينصب خيمته” ويستقرَّ فينا.

Øصلاة×

ربِّي يسوع،

طويلاً جدًا تركناك واقفًا خارج الباب،

طويلا جدا اتخذنا أدوار الآلهة،

كي نصنع على الأرض جحيمًا.

ها نحن نفتح لك الباب سريعًا،

حتى تنصب فينا خيمتك، وتؤسِّس ملكوت الله في قلوبنا. آمين.

 

إقصاء الله خارج الحياة العلمانية ف5 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس