افتح له جميع الأبواب ف4 – الفردوس بين يديك – الأب أنتوني م. كونيارس
الفردوس بين يديك
هأنذا واقف على الباب وأقرع
الفصل الرابع – افتح له جميع الأبواب
كثيرٌ منَّا فتحوا الباب الأمامي، وسمحوا له بدخول
الأروقة والسلالم فقط.
أمَّا الحجرات التي نعمل أو نستمتع فيها بأنفسنا,
فهي ما زالت مغلقة في وجهه.
ويليام تمبل
William Temple
ممنوع الانتظار في قلب الطريق
- لكي نفهم لماذا ترك الناسُ الربَّ يسوع خارج باب حياتهم ولا يدعونه للدخول، لنستمع إلى هذه الكلمات التي كتبها أحد الشباب:
”البعض يقولون: “الله ميت”
وأنا لا أومن بذلك.
والبعض يقولون: “الله ليس ميتًا, لكنه لا يمكن أن يجد مكان انتظار.”
وغالبًا ما أومن بذلك.
تخيَّل أنك تتجوَّل في سيارة.
وأبوك خلف عجلة القيادة يضغط على الفرامل محاولاً التوقف,
فيشير رجل الشرطة لعلامة: “ممنوع الانتظار”.
فتطوف تلك الأنحاء بحثًا عن مكان انتظار.
فيردُّون عليك: نأسف لعدم توافر مكان.
ربما يكون هناك مكان شاغر في الريف.
ومع ذلك فهناك أيضًا تقرأ: ممنوع الانتظار في قلب الطريق.
البعض يطبِّقون هذه المشكلة على الله,
فلا يسمحون له أبدًا بالانتظار في قلوبهم.
ويواجهونه بهذه العلامة: ممنوع الانتظار,
فلابد أن يستمر المرور في مرونته.
ساحة انتظارهم ممتلئة بأشياء أخرى.
فلو لم تُفسح لله مكانا للوقوف،
ربَّما يصير الله غائبًا بالنسبة لك،
ولن يمكنه أن يعيش فيك.
أما لو أفسحتَ له مكانا للتوقُّف،
فحينئذ ستحيا لأنه يحيا فيك ـ
باكتمال، وجمال ـ وإلى الأبد.“
- بعض الناس يشكون دائمًا من “غياب الله”, ولكن ليس لهم الحق في هذه الشَّكوى لأنَّهم هم الغائبون عن الله وليس العكس. كيف يكون الله غائبًا بينما هو يقف خارج الباب قارعًا وداعيًا؟ لو كان الله غائبًا, فهذا بسبب أن الناس قد تركوه واقفًا بالخارج.
- تُعبِّر أنشودة ميلاديَّة مُعاصِرة عن ذلك بالقول:
”لا يوجد مكان ليسوع في العالم الذي خلقه.
هناك مكانٌ للفانيات,
أمَّا للواحد الذي يملك إلى الأبد فلا يوجد له اليوم مكان.
إنَّه يواصل القرع, لكنَّه يسمع منك القول: “لا يوجد مكان”.
- «هكذا أحبَّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد», أهدانا أعظم عطيَّة, ابنه يسوع. لكن الهبة لا تُحسَب هبة إن لم نقبلها. اليوم يدعونا الله أن نقبل ابنه يسوع, وأن نفتح قلبنا, وأن ندعوه ليدخل ويتعشَّى معنا ونحن معه.“
إلى خاصته جاء:
- يكتب الرسول يوحنا عن الرب يسوع قائلا: «إلى خاصَّته جاء.» جاء طوعًا. جاء حُبًّا. جاء كالنور المشرِق في الظلمة. جاء كالمخلِّص: «كي يطلب ويُخلِّص ما قد هلك.» جاء لمن أهداهم العهد والمواعيد. يقول الرسول يوحنا: «إلى خاصته جاء», ثم نقرأ هذه الكلمات التي لا تُصدَّق: «وخاصته لم تقبله», «وأما الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه.» (يو 12:1)
إنه سيِّد البيت كله وليس فقط الطرق والسلالم:
- ذات مرة كتب ويليام تمبل: William Temple
هأنذا واقف على الباب وأقرع ـ هذه هي دائما علاقة الله فادينا بنفوسنا. لقد دفع الثمن كاملاً، واجتاز الموت الكفاري، ومع ذلك لا يزال منتظرًا حتى نفتح باب قلوبنا كي نقبل محبته في أعماقنا.
كثيٌر منَّا فتحوا له الباب الأمامي، وسمحوا له بدخول الأروقة والسلالم فقط, أمَّا كل الحجرات التي نعمل ونستمتع فيها بأنفسنا فهي ما زالت مغلقة في وجهه. مازالت هناك جماهير كثيرة تُرحِّب به في بعض الحجرات، ويتمنَّوْن ألا يسألهم عمَّا يدور خلف أبواب الحجرات الأُخرى, ولكن آجلاً أو عاجلاً سوف يسأل، وإن لم توافقه وترافقه في ذلك على الفور ليرى، فسوف يترك المكان الذي كنَّا نشعر فيه بمنتهى الارتياح معه، وسوف يقف قارعًا الباب المغلق, وحينئذ لن يمكننا مرة أخرى أن نستعيد فرحة حضوره في الحجرة الأولى حتى نفتح له الباب الذي يقرعه الآن. يمكن أن يكون يسوع معنا في المكان الذي نختاره له بشرط أن نعطيه دليلاً إرشاديًّا لكافة أرجاء البيت.
- الرب يسوع هو سيد البيت كله، لا الأروقة والسلالم فقط, ولابد أن يُدعى يسوع لكل غرفة من غرف البيت, الغرفة التي نعمل فيها, تمامًا كالغرفة التي نمرح فيها, ولن يقبل وجود مجرد أيقونة مزخرفة موضوعة على جدار حياتنا. إنه كإله حي يأتي كي يملك الأمور، ويكون له حق دخول كل حجرة من حجرات البيت وكل منفذ فيه.
لو جاء يسوع اليوم إلى بيتك:
- الرب يسوع يقرع طالبًا الدخول، لكن ليس الجميع سيشعرون بالارتياح في حضوره عندما يدخل.
- كتب واحدٌ يقول:
”لو جاء الرب يسوع إلى بيتك
كي يقضي معك يوما أو يومين…
لو ظهر دون أن تلاحظه،
أتساءل ماذا ستفعل؟
هل ستضطر لتغيير ملابسك
قبل أن تدعوه للدخول،
أم ستخفي بعض الكتب
وتضع مكانها الكتاب المقدس؟
أيسُرُّكَ أن يقابل أقرب أصدقائك أم ستود أن يبقوا بعيدًا حتى تنتهي زيارته؟
أيسُرُّك أن يبقى معك إلى الأبد،
أم أنك ستتنفس الصعداء بمجرد أن يرحل أخيرًا؟
من المثير أن أعرف الأشياء التي ستقوم بها،
لو أن يسوع قد جاءك شخصيًّا كي يقضي معك بعض الوقت“.
الله وجَّه هذه الكلمات للمسيحيِّين:
- «هأنذا واقف على الباب وأقرع… »
- سياق هذه الآية يُنير أذهاننا, فهذه الآية لم تُكتَب للوثنيِّين بل للمسيحيَّين. فمن الممكن أن تكون مسيحيًّا معمَّدًا بينما لم تدعُ يسوع حتى الآن ليدخل حياتك. هذه الآية «هأنذا واقف على الباب وأقرع…» تظهر في رسالة يوجِهها المسيح من خلال الرسول يوحنا إلى كنيسة لاودكية المعروفة الآن في تركيا. كان المسيحيون آنذاك مُترفين راضين عن أنفسهم، فكانوا مسيحيِّين بالاسم فقط. لم يكونوا باردين ولا حارِّين، لذلك قال لهم يسوع إن هذا الوضع كريه بالنِّسبة له, ولذلك فهو مزمِع أن يتقيَّأهم من فمه, والآن يُوجِّه يسوع كلمات هذه الآية لمثل هؤلاء المسيحيين. كان مسيحيو لاودكية مترفين للغاية لدرجة أنهم شعروا بعدم حاجتهم للمسيح, وما لم يدركوه هو أنهم كانوا عرايا أخلاقيًّا، بلا أردية تؤهِّلهم لحضور الله وسكناه فيهم. كانوا عميانًا عن الحق الروحي.
- المسيح وحده يمكنه أن يُلبسنا برَّه، ويعيد النظر لعيوننا، ولكن بعد أن نسمح له بالدخول. وإلى أن نفتح له الباب، نبقى متسوِّلين وعميانًا وعرايا، غير مؤهَّلين لحضوره، محرومين من غني نعمته ورحمته التي يأتي كي يغمرنا بها. ومن هنا يكون سبب قرعه، ويكون سبب طلبه أن يدخل قلوبنا هو أن يمنحنا أن ننال بنعمته ما هو عليه بطبيعته, أي نصير له أولادًا بالتبنِّي كما يقول القدِّيس إيريناؤس.
- خلق الله السماء والأرض لتكونا وطنًا للجنس البشري, لكنه خلق أيضًا الجسد الإنساني والنفس الإنسانيَّة ليكونا مسكنه الخاص، حتى يمكن أن يسكن ويحل فيهما كما في بيت مَصون جيِّدًا: «وبيته نحن… » (عب6:3) البشر يُكدِّسون ثرواتهم في بيوتهم بعناية، والرب يجمع في بيته نفوسنا وأجسادنا, ويخزن ثروات الروح السماويَّة فيها.
تنازُل الله:
«هأنذا واقف على الباب وأقرع… »:
- لاحِظ تنازل الرب يسوع المهيب واتضاعه العجيب, إنه واقف على الباب دون أن يدفعه قهرًا ، هو يتحدث إلينا، ولا يصرخ فينا. البيت بيته، وهو البنَّاء والمعماري الحي الذي صمَّمه وبناه, وهو المالك، حيث اشتراه بدماه. يمكنه أن يدفع الباب بكتفه, لكنه يُفضِّل أن يضع يده على مطرقة الباب. يمكنه أن يأمرنا بفتح الباب له، لكنَّه يدعونا أن نفعل ذلك اختيارًا. لاحظ أنه يقف بالخارج، على عتبة الباب، فالباب مغلق.
- للأسف، هذا هو مكانه الحقيقي في حياة معظم البشر, في الخارج! ولهذا السبب تبدو المسيحية شيئًا قاسيًا محزنًا غير مُبهِج بالنسبة لكثيرين, لأنَّ مصدر الفرح والسلام يجعلونه خارجًا, وكل ما يعرفونه عن يسوع يعرفونه من الخارج. لكن جمال المسيحية لا يمكن رؤيته من الخارج مثلما لا يمكن رؤية جمال نافذة زجاجيَّة معتمة من خارج كنيسة.لابد للإنسان أن يدخل الكنيسة ويرى النافذة الزجاجية المعتمة من الداخل كي يتسنَّى له أن يعاين جمالها الأخَّاذ.
تدريب روحي:
- كتب شخصٌ غير معروف تدريبًا روحيًّا يمكنك أن تمارسه وأنت تفتح الباب ليسوع وتتمشَّى معه في كافة أنحاء بيت حياتك من أعلى إلى أسفل:
”يسوع يقرع على باب بيتك،
فهل تدعوه للدخول؟
هل تحتاج أولاً أن تزيل أقفالاً كثيرة؟
قابله بالتَّرحيب.
فهو صديقٌ حميمٌ,
لا يمانع أن تكون الأطباق غير نظيفة في القاع،
أو أن تكون الأَسِرَّة محطَّمة،
فهو يقبلك كما أنت.
رافقه لعُليَّة بيتك.
ماذا ترى هناك؟
انظر لغرفتك الخاصة المغلقة، وصناديق ثيابك المغلقة.
أتريد أن تفتحها؟
ربما تكون ملأى بالذكريات…
أو بمشاعر الذنب.
أو بالإخفاقات الماضية… أو بمشاعر الندم..
أو بارتكاب الأخطاء… أو بالآلام..
ربما ظلَّت مغلقة لعدَّة سنوات…
هل آن أوان إظهارها والكشف عنها؟
أتود أن تفحصاها معًا؟
أتشعر بالارتياح أن تجعل يسوع يعرف
ماذا يدور وراء الغُرف المغلقة وصناديق الثياب المغلقة؟
كرِّس وقتًا للصلاة,
كي تتحدث إلى يسوع عن رحلتك عبر أرجاء السطح.
رافقه إلى بدروم بيتك.
إنه بارد مظلم مليء بأنسجة العنكبوت والرُّكام.
هل قلبك مثل ذلك؟
هل تخبئ أي شيء في البدروم؟
هل أنت مستعدٌّ لتفريغ سلال المهملات التي كوَّمت أطلالاً عبر السنين؟
فكِّر فيما يمكن أن يكون في هذه السلال.
تحدث مع يسوع عن رحلتك خلال البدروم.
عُد إلى مطبخك.
الجو هناك دافئ ومُغْرٍ. تَشَارك وليمة مع يسوع- سر التناول المقدس.
اختبر دفء صداقته. اختبر فرصة القبول والغفران.
ادعُه كي يكون حاضرًا في حياتك.
في أي زمان“.
نصيحة:
لا تُضيِّع أيام الصوم المقدس الأربعيني,
ادعُ الرب الواقف قارعًا الباب كي يشفي نفسك،
ويصنع معك وليمة إلى الأبد!
إيملي هوايت
Emily White
Øصلاة×
ربِّي يسوع،
هلم بالدخول، فهناك مكانٌ لك في قلبي.
بالتوبة ساعدني أن أطرح الخطايا التي تكدَّست في حياتي ولم تترك لك مكانًا.
هلمَّ بالدخول الآن واملك علىَّ كربٍّ.
ها أنا أفتح لك بابًا من أبواب البيت حتى تغمر كل غرفة بحضورك المُتحنِّن المُعزِّي,
لأنني أدرك الآن، يا رب، أن بيت لحم الحقيقية التي وُلدتَ أنت فيها هي قلبي.
ولذلك تقف هناك قارعًا. تعالَ، أيها الرب،
تعالَ. آمين.