آبائياتأبحاث

كرازة المسيح في الجحيم – د. أنطون جرجس عبد المسيح

كرازة المسيح في الجحيم - د. أنطون جرجس عبد المسيح

كرازة المسيح في الجحيم – د. أنطون جرجس عبد المسيح

كرازة المسيح في الجحيم - د. أنطون جرجس عبد المسيح
كرازة المسيح في الجحيم – د. أنطون جرجس عبد المسيح

 

كرازة المسيح في الجحيم

(رؤية كتابية وآبائية وليتورجية)

المقدمة

موضوع ”كرازة المسيح في الجحيم“ هو موضوع في منتهى الأهمية، لذا نقلته الأسفار المقدسة في مواضع عدة سواء في العهد القديم أو الجديد، كما ذكره الآباء الرسل في كتاباتهم كتقليد رسولي مسلَّم من الرب يسوع نفسه، وهكذا نجد آباء الكنيسة الجامعة في شتى العصور ينقلون هذا التعليم المسيحي الرسولي المسلَّم من المسيح نفسه إلى الرسل، وهكذا تُسلِّمه الكنيسة عبر الأجيال والعصور، سواء في كتابات الآباء القديسين، معلمي الكنيسة الجامعة شرقًا وغربًا، أو في تقاليدها الليتورجية المختلفة. حيث يُمثِّل التعليم عن ”كرازة المسيح في الجحيم“ رجاء المسيحية في خلاص جميع البشر، ودعوتها المستمرة إلى الخلاص سواء قبل الموت أو بعده، لأن هذه هي إرادة الله أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. لقد قمت في هذا البحث بتتبع التعليم عن ”كرازة المسيح في الجحيم“ عبر الكتاب المقدس بعهديه، ثم إشارات الآباء القديسين المختلفة في كتاباتهم، ثم إشارات التقليد الليتورجي بالأخص التقليد الليتورجي القبطي إلى هذا التعليم الراسخ في الكنيسة منذ نشأتها. وهكذا ننتقل في هذا البحث بين دفتي الكتاب المقدس والتعاليم الآبائية والليتورجية المختلفة حول موضوع ”كرازة المسيح في الجحيم“. حيث سيجد القارئ العديد من الإشارات الكتابية والآبائية والليتورجية المختلفة إلى هذا التعليم الثابت في الكنيسة. ولقد اعتمدت في هذا البحث على العديد من مصادر التعليم الأرثوذكسي في الكنيسة.

أرجو أن يكون هذا البحث سبب بركة، ورجاء، وعزاء لكثيرين، بصلوات القديسة العذراء مريم والدة الإله، وصلوات آبائي الرسل القديسين الذين أناروا العالم بالتعاليم الخلاصية، وصلوات آبائي القديسين معلمي الكنيسة الجامعة شرقًا وغربًا، وصلوات أبينا وراعينا البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.

د. أنطون جرجس عبد المسيح

القاهرة – يناير 2023

 

 

كرازة المسيح في الجحيم

سوف نستعرض في هذا البحث موضوع في غاية الأهمية، وهو كرازة المسيح في الجحيم بعد موته على الصليب، حيث نزل المسيح إلى الجحيم، وكرز بالخلاص للأرواح التي كانت في الجحيم دون تمييز. وسوف نتناول موضوع كرازة المسيح في الجحيم من خلال إشارات الكتاب المقدس إلى ذلك الحدث المهم، ومن خلال كتابات وشروحات آباء الكنيسة الأولى في القرون الخمسة الأولى من المسيحية، وأيضًا من خلال نصوص الليتورجية القبطية في مواضع ومناسبات احتفالية مختلفة. حيث سوف نرى أن موضوع كرازة المسيح في الجحيم بالخلاص هو موضوع متداول وأساسي في الكتاب المقدس وفي الكتابات الآبائية والنصوص الليتورجية.

الكتاب المقدس

يتنبأ هوشع النبي عن كرازة المسيح وخلاصه للذين في الجحيم قائلاً: ”مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ تَخْتَفِي النَّدَامَةُ عَنْ عَيْنَيَّ“ (هو13: 14).

ويتنبأ سفر الحكمة عن نزول المسيح إلى الجحيم قائلاً: ”لأن لك سلطان الحياة والموت، فتحدر الى أبواب الجحيم وتصعد“ (حك 16: 13).

ويتحدث متى الإنجيلي عن وجود المسيح في بطن الأرض (الجحيم) مثلما كان يونان في بطن الحوت لمدة ثلاث أيام وثلاث ليال كالتالي: ”لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال“ (مت 12: 40).

ويتحدث متى الإنجيلي عن تفتح القبور، وقيامة أجساد الراقدين، وخروجها من القبور بعد قيامة المسيح كالتالي: ”وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ، وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ، وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ، وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ، وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ“ (مت27: 52- 53).

ويتحدث بطرس الرسول في عظته الشهيرة في يوم الخمسين عن نزول المسيح إلى الجحيم كالتالي: ”هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضًا سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا“ (أع 2: 23- 24).

ويتحدث بطرس الرسول عن نزول المسيح إلى الجحيم وقيامته مُستعينًا بنبوة داود عن قيامة المسيح قائلاً: ”سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا“ (أع 2: 31).

يتحدث بطرس الرسول في موضع آخر عن كرازة المسيح للموتى في الجحيم قائلاً: ”فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ“ (1بط 4: 6).

ويتحدث بطرس الرسول في نفس السياق عن كرازة المسيح للأرواح التي في الجحيم دون تمييز كالتالي: ”فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ، إِذْ عَصَتْ قَدِيمًا، حِينَ كَانَتْ أَنَاةُ اللهِ تَنْتَظِرُ مَرَّةً فِي أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى، الَّذِي فِيهِ خَلَصَ قَلِيلُونَ، أَيْ ثَمَانِي أَنْفُسٍ بِالْمَاءِ. الَّذِي مِثَالُهُ يُخَلِّصُنَا نَحْنُ الآنَ، أَيِ الْمَعْمُودِيَّةُ“ (1بط3: 18- 21).

ويتحدث بولس الرسول عن نزول المسيح إلى الجحيم وتحريره للأسرى من إبليس كالتالي: ”وَأَمَّا أَنَّهُ ’صَعِدَ‘، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ“ (أف 4: 9).

ويتحدث بولس الرسول في موضع آخر عن نزول المسيح إلى الجحيم قائلاً: ”فَيَقُولُ هكَذَا: ’لاَ تَقُلْ فِي قَلْبِكَ: مَنْ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ؟‘ أَيْ لِيُحْدِرَ الْمَسِيحَ، ’أَوْ: مَنْ يَهْبِطُ إِلَى الْهَاوِيَةِ؟‘ أَيْ لِيُصْعِدَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ“ (رو10: 6، 7).

ويستشهد بولس الرسول بنبوة هوشع عن انتصار المسيح على الهاوية والجحيم كالتالي: ”وَمَتَى لَبِسَ هذَا الْفَاسِدُ عَدَمَ فَسَادٍ، وَلَبِسَ هذَا الْمَائِتُ عَدَمَ مَوْتٍ، فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ الْكَلِمَةُ الْمَكْتُوبَةُ: ’ابْتُلِعَ الْمَوْتُ إِلَى غَلَبَةٍ‘. ’أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟‘ أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ، وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ“ (1كو 15: 54- 56).

ويصور ق. بولس الرسول انتصار المسيح على الشيطان وملائكته قائلاً: ”وَإِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فِي الْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أَحْيَاكُمْ مَعَهُ، مُسَامِحًا لَكُمْ بِجَمِيعِ الْخَطَايَا، إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدًّا لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّرًا إِيَّاهُ بِالصَّلِيبِ، إِذْ جَرَّدَ الرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينَ أَشْهَرَهُمْ جِهَارًا، ظَافِرًا بِهِمْ فِيهِ“ (كو 2: 13- 15).

ويشهد يوحنا الرسول عن أن المسيح يمتلك مفاتيح الموت والهاوية كعلامة انتصاره على الجحيم كالتالي: ”أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتًا، وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ“ (رؤ 1: 17، 18).

كما يشهد يوحنا الرسول أيضًا عن طرح الموت والهاوية في بحيرة النار كعلامة لانتصار المسيح النهائي على الجحيم كالتالي: ”وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ“ (رؤ 20: 14).

 

 

تعاليم آباء الكنيسة الجامعة

كتاب الراعي لهرماس

يتحدث كتاب ”الراعي هرماس“ – والذي كان أحد الأسفار القانونية في العهد الجديد – عن كرازة الرسل للراقدين من قبلهم، ويعطونهم ختم الكرازة، ويقومون بتعميدهم كالتالي:

”وأيضًا أولئك الراقدون الذين أخذوا ختم ابن الله، ودخلوا ملكوت الله. لأنه قبل أن يأخذ الإنسان اسم ابن الله يكون ميتًا، ولكن عندما يأخذ الختم يتخلص من الطبيعة المائتة وينال الحياة. الختم إذًا هو الماء، ينزل الموتى إلى الماء فيخرجوا منه أحياء، وهكذا يُعلَن لهم هذا الختم فيتزودون به ليدخلوا ملكوت الله. فقلتُ: ’لماذا، يا سيدي، صعد الأربعون حجرًا معهم من العمق، ما دام لهم الختم بالفعل؟‘ فأجاب: لأن الرسل والمعلِّمين الذين يكرزون باسم ابن الله بعدما رقدوا في القوة والإيمان بابن الله، كرزوا أيضًا للذين رقدوا قبلهم، وأعطوهم ختم الكرازة. وهكذا نزل [الرسل] معهم إلى الماء وصعدوا مرةً ثانيةً. ولكن هؤلاء [الرسل] نزلوا وهم أحياء، وصعدوا وهم أحياء، أما أولئك الذين كانوا قد رقدوا من قبل، فقد نزلوا وهم أموات وصعدوا وهم أحياء، وبمساعدة [الرسل] استطاعوا أن يحيوا وعرفوا اسم ابن الله“.[1]

تعاليم سيلفانوس Silvanus

وهو نص مسيحي تم اكتشافه في مكتبة نجع حمادي بمصر، ولم يكن نصًا غنوسيًا في الأساس. لقد كُتِبَ أصلاً باليونانية، وحُفِظَ في ترجمة قبطية. يؤرخ الباحثون تركيب هذه التعاليم أنها من القرن الثاني إلى نهاية العقد الثاني أو الثالث من القرن الرابع. يتحدث النص عن كرازة المسيح في الجحيم وتحريره للأموات من الجحيم في صورة حوار يخاطب فيه النفس البشرية قائلاً:

”يا أيتها النفس، المثابرة، في أيّ جهل تقبعين؟! لأنه مَن هو مرشِدك إلى الظلمة؟! وكم عدد الصور التي لبسها المسيح من أجلك؟ فبالرغم من أنه كان الإله، إلا أنه وُجِدَ بين البشر كإنسان. نزل إلى الجحيم. وحرَّر بني الموت. لقد كانوا في ضيقةٍ، كما قال الكتاب الإلهي. وختم [الجحيم] قلبه. ولكنه كسَّر مصارعيه القوية تمامًا. وعندما رأته جميع القوات هربوا، وهكذا ينتشلك من البائس، ويُصعِدك من الجحيم، ويموت من أجلك فديةً عن خطيتك. خلَّصكِ من اليد القوية للعالم السفلي“.[2]

ق. ميلتيوس أسقف ساردس

يتحدث ق. ميلتيوس عن نزول المسيح إلى الجحيم وانتصاره على إبليس وتحريره لجميع أسرى البشر المعجونين بالخطايا كالتالي:

”قال: أنا هو المسيح، أنا الذي دمَّرت الموت، وانتصر على العدو، ووطئ جهنم، وربط القوي، وخطف الإنسان إلى أعالي السماوات، أنا هو المسيح تعالوا، إذًا، يا جميع أسرى البشر المعجونة بالخطايا، ونالوا غفران الخطايا، لأني أنا هو غفرانكم، أنا فصح الخلاص، أنا الحمل المذبوح من أجلكم، أنا فديتكم، أنا قيامتكم، أنا نوركم، أنا خلاصكم، أنا ملككم، أنا الذي يرشدكم إلى أعالي السماوات، أنا الذي سيُقيمكم، أنا الذي سيريكم الآب الذي هو قبل الدهور“.[3]

ويشهد ق. ميلتيوس أن المسيح: ”ظهر إلى الأموات في الجحيم وللموتى في العالم“.[4]

أناشيد سليمان

يتحدث كاتب أناشيد سليمان [نص شهير من القرن الأول أو الثاني] عن كرازة المسيح في الجحيم والانجماع الكلي في المسيح قائلاً:

فذهبتُ أكرز للمأسورين بالعتق من الإذلال، فحللتُ قيودهم، وما تركت أحدهم مربوطًا بأغلال. وأعطيتهم معرفتي، وأريتهم محبتي وقيامتي بجلال. قد زرعت ثماري في القلوب، فتغيَّرت فيَّ للتجديد، وأخذوا نعمتي فأحيتهم، وانجمعوا فيَّ لخلاص أكيد، وصاروا أعضاء جسدي، وأنا صرت رأسهم الجديد، المجد لك يا رأسنا، أيها المسيح الرب المجيد، هللويا!“.[5]

ويشير كاتب أناشيد سليمان في موضع آخر إلى نزول المسيح إلى الجحيم، وكرازته للموجودين هناك، وهكذا آمن به مَن كانوا هناك، وأسرعوا إليه، وصاروا من خاصته لأنه حرَّرهم كالتالي:

”كنت للموت خلاً ممزوجًا بمرارةٍ؛ فنزلت معه للجحيم السفلي بجسارةٍ حتى وصلت […] فكرزت لهم بشفاهٍ حيةٍ كلها حرارة، حتى لا ترجع كلمتي فارغةً بخسارةٍ، قد أسرع نحوي أولئك […] وصاروا من خاصتي لأني حرَّرتهم هللويا!“.[6]

ق. يوستينوس الشهيد

يتحدث ق. يوستينوس عن نبوة إرميا التي حذفها اليهود، والتي تتحدث عن كرازة المسيح للموتى في الجحيم كالتالي:

”وحذفوا أيضًا هذه الكلمات من سفر إرميا: ’الرب الإله تذكر موتاه من بني إسرائيل، الراقدين في القبور، ونزل إليهم ليبشرهم بخلاصه‘“.[7]

ق. هيبوليتوس الروماني

يُعتبر ق. هيبوليتوس الروماني أول مَن تحدث عن كرازة يوحنا المعمدان في الجحيم قبل نزول المسيح إليه ليكرز للأرواح التي في الجحيم دون تمييز كالتالي:

لقد كرز [يوحنا المعمدان] أولاً أيضًا لأولئك الذين في الجحيم، صائرًا المتقدم هناك، عندما قتله هيرودس، وذلك ليعلن هناك أيضًا عن نزول المخلص ليفدي أرواح القديسين من قبضة الموت“.[8]

ويثير هيبوليتوس السؤال حول نزول نفس المسيح إلى الجحيم، بينما ظلَّ جسده في القبر في نصٍ باقٍ في اليونانية إلى الآن باسم ”هيبوليتوس“ كالتالي:

”ولهذا السبب، انزعج حراس الجحيم عندما رأوه (أي 38: 17 سبعينية)؛ وتكسرت البوابات النحاسية والمصاريع الحديدية. لأن الابن الوحيد دخل بنفسٍ وسط أنفس، الله الكلمة بنفسٍ بشريةٍ. فجسده ملقى في القبر، ولكنه لم يكن خاليًا من اللاهوت، ولكن، بينما كان في الجحيم، كان مساويًا في الجوهر مع أبيه، وهكذا كان في الجسد أيضًا وفي الجحيم. لأن الابن مثل الآب تمامًا، لا يحويه مكان، ويعرف كل الأشياء في ذاته. ولكنه حلَّ بإرادته في جسد بنفسٍ حيةٍ لكي ما يمكنه بنفسه دخول الجحيم، وليس بمحض لاهوته“.[9]

العلامة ترتليان الأفريقي

يتحدث العلامة ترتليان عن نزول المسيح إلى الجحيم ليكرز بمهمته الخلاصية للآباء البطاركة والأنبياء كالتالي:

”لأننا نقرأ أن المسيح قضى ثلاثة أيام في قلب الأرض (مت 12: 40)، بمعنى في التجويف المختفي في الجزء الداخلي من الأرض، والمحاط كله بالأرض، والمبني على الهاوية التي لا تزال تقع في مستوى أسفل (مز 85: 13)، وبالتالي، المسيح لكونه إلهًا وإنسانًا بحسب الكتب مات ودُفِنَ. لذا أختار أن يخضع لشريعة الموت التي تخص الطبيعة البشرية، نازلاً إلى الجحيم في شكل إنسان ميت. ولم يصعد إلى أعالي السماوات (أف 4: 9؛ يو 3: 13) قبل أن ينزل إلى المناطق السفلية من الأرض، لكي ما يخبر الآباء البطاركة والأنبياء بمهمته الخلاصية (1بط 3: 19). […] وسيخبروننا الآتي: ’لكن لهذا السبب عينه، نزل المسيح إلى الجحيم حتى لا نذهب إل هناك. فضلاً عن ذلك، أي فرق بين الوثني والمسيحي؟ إذا كان نفس السجن مفتوحًا لكل منهما بعد الموت؟“.[10]

ق. إيرينيؤس أسقف ليون

يتحدث ق. إيرينيؤس عن نزول المسيح إلى الجحيم لخلاص الأموات كالتالي:

نجد في إرميا التنبؤ بموته ونزوله إلى الجحيم (الهاوية)، إذ يقول: ’الرب قدوس إسرائيل تذكر أمواته الراقدين في التراب، ونزل إليهم مبشرًا إياهم بخلاصه‘. يبين هنا بوضوح سبب موته، وأن نزوله إلى الجحيم هو لخلاص الأموات“.[11]

ويتحدث ق. إيرينيؤس عن كرازة المسيح بمجيئه في الجحيم من أجل مغفرة الخطايا للذين يؤمنون به هناك كالتالي:

”ولهذا السبب أيضًا، فإن الرب نزل إلى المناطق التي تحت الأرض، كارزًا بمجيئه هناك أيضًا، ومُعلنًا غفران الخطايا الذي يناله أولئك الذين آمنوا به (أنظر 1بط 2: 19، 20). والآن، فكل الذين آمنوا به لهم رجاء فيه، أي أولئك الذين كرزوا بمجيئه“.[12]

ويتحدث ق. إيرينيؤس في موضع آخر عن نزول المسيح إلى أقسام الأرض السفلى وكرازته في الجحيم كالتالي:

”فإن كان الرب قد حفظ ناموس الموت، لكي يصير البكر من الأموات، ومكث حتى اليوم الثالث: ’في أقسام الأرض السفلى‘، ثم بعد ذلك قام بالمجد ’وأرى التلاميذ آثار المسامير‘ (يو 20: 20، 27)، ثم صعد إلى الآب، (إن كانت كل هذه الأمور قد حدثت)، فكيف لا تُغلَق أفواه هؤلاء الرجال، الذين يدَّعون أن ’الأقسام السفلى‘ تشير إلى عالمنا هذا، أما إنسانهم الداخلي فيترك الجسد هنا، ويصعد إلى الأماكن الفوق سمائية؟ لأنه كما أن الرب ذهب إلى وادي ظل الموت (مر 23: 4)، وحيث كانت نفوس الأموات، إلا أنه بعد ذلك قام بالجسد، وأُصعِدَ بعد القيامة إلى السماء، فهو أمر ظاهر تمامًا، أن نفوس تلاميذه أيضًا، الذين من أجلهم احتمل كل هذه الأمور، ستذهب أيضًا إلى الأماكن غير المنظورة، المخصَّصة لهم من الله، ويظلون هناك حتى القيامة، مُنتظرين ذلك الحدث، ثم يأخذون أجسادهم ويقومون بكاملهم، أي جسديًا كما قال الرب، وسيأتون بعد ذلك إلى حضرة الله. ’لأنه ليس التلميذ أفضل من معلمه، بل كل مَنْ صار كاملاً يصير مثل معلمه‘ (لو 6: 40). لذلك، فكما ان معلمنا لم يرحل في الحال هاربًا إلى السماء، بل أنتظر ميعاد قيامته المعيَّن من الآب، والذي أوضَّحه أيضًا بواسطة يونان، وقام بعد ثلاثة أيام، وأُصعِدَ إلى السماء، هكذا يجب أن ننتظر نحن أيضًا ميعاد قيامتنا المعيَّن من الله، الذي سبق الإنباء عنه بواسطة الأنبياء، وهكذا إذ نقوم، نُصعَد أيضًا كل مَن يحتسبهم الرب مُستحقين لهذا الامتياز“.[13]

ويشير ق. إيرينيؤس إلى ادعاء ماركيون الهرطوقي الغريب جدًا بأن نزول المسيح كان لخلاص الأشرار مثل قايين والسدوميين فقط دون الأبرار أمثال هابيل، وأخنوخ، ونوح؛ لأنهم تشككوا فيه ولم يؤمنوا به كالتالي:

”إن النفوس التي تبلغ إلى الخلاص هي تلك التي تعلَّمت عقيدته فقط [أي عقيدة ماركيون]. أما الجسد، فلأنه أُخِذَ من الأرض، فلا يمكنه أن يشترك في الخلاص. وبالإضافة إلى تجديفه على الله نفسه، فهو يقول هذا أيضًا كما لو كان يتكلم بفم الشيطان، ويقول كل شيء ضد الحق تمامًا، أما قايين والذين مثله السدوميين، والمصريين، والآخرين المماثلين لهم، وبالاختصار، كل الشعوب التي سلكت في كل أنواع الأمور الممقوتة، قد خلُصوا بواسطة المخلص عند نزوله إلى الجحيم، وعند إسراعهم إليه، وأنهم رحَّبوا به في مملكتهم. أما الحية [الشيطان] التي كانت في ماركيون، أعلنت أن هابيل، وأخنوخ، ونوح، والرجال الأبرار الآخرين الذين انحدروا من البطريرك إبراهيم، مع كل الأنبياء، وكل الذين أرضوا الله، لم ينالوا الخلاص. فهول يقول إن هؤلاء الرجال إذ عرفوا إن إلههم يحررهم باستمرار، هكذا فإنهم يتشككون الآن إنه يُجرِّبهم، ولم يسرعوا إلى يسوع، ولم يؤمنوا بكلامه، ولهذا السبب، فقد أعلن أن نفوسهم ظلت في الجحيم“.[14]

ويشير ق. إيرينيؤس أيضًا إلى نبوة العهد القديم عن نزول المسيح إلى الجحيم من الكرازة بالخلاص هناك كالتالي:

”وأما إن مَن مات لأجلنا لم يكن مجرد إنسان، فهذا يقوله إشعياء: ’والرب الإله ذكر إسرائيل الميت، الذي رقد في القبر، ونزل ليُبشِّرهم بخلاصه لكي يخلصهم‘“.[15]

ويستخدم ق. إيرينيؤس نفس النبوة السابقة التي تشير إلى كرازة المسيح في الجحيم بالخلاص للذين لم يعاينوا الرب بالجسد في أيامهم، أي كل الذين لم يروه ولم يسمعوه كالتالي:

”ولهذا السبب أيضًا، أعطاهم طعامًا وهو متكئ، مشيرًا إلى أولئك الذين كانوا مضطجعين في الأرض، هم الذين جاء لكي يمنحهم الحياة. كما يقول إرميا: ’الرب القدوس ذكر إسرائيل الميت، الذين يرقدون في أرض القبور، ونزل إليهم ليعرفهم بخلاصه لكي يخلُصوا. ولهذا السبب أيضًا، تثقلت عيون التلاميذ، حينما كانت آلامه تقترب، وحينما وجدهم الرب في المرة الأولى نيامًا، فإنه تجاوز عن الأمر -مشيرًا بهذا إلى صبر الله- من جهة حالة السبات التي يرقد فيها الناس، ولكن لما جاء في المرة الثانية أيقظهم، وجعلهم يقفون، رمزًا إلى أن آلامه تُوقِظ تلاميذه النائمين، الذين من أجلهم نزل أيضًا إلى أقسام الأرض السفلى (أف 4: 9)، لكي يرى بعينيه حالة أولئك الذين كانوا يستريحون من أتعابهم، الذين قال التلاميذ عنهم: ’أبرار كثيرون، وأنبياء اشتهوا أن يروا وأن يسمعوا ما أنتم ترون وتسمعون‘ (مت 13: 17). فالرب لم يأت فقط للذين آمنوا به في أيام طيباريوس قيصر، ولا الآب ظلَّل بعنايته الناس الذين هم أحياء الآن فقط، بل كل الناس الذين من البداية، حسب طاقتهم، وفي جيلهم، قد خافوا الله وأحبوه معًا، وتصرفوا بعدلٍ وتقوى مع أقربائهم، واشتهوا جديًا أن يروا المسيح، وأن يسمعوا صوته. لذلك، ففي مجيئه الثاني، سوف يُوقِظ من النوم أولاً الأشخاص الذين لهم هذا الوصف، وسيقيمهم هم وكل الباقين الذين سيدانون، ويعطيهم مكانًا في ملكوته“.[16]

العلامة كليمندس الإسكندري

يتحدث العلامة كليمندس الإسكندري عن كرازة المسيح للأرواح التي في الجحيم بالإنجيل، وأنه كرز للجميع دون استثناء يهودًا وأممًا، وإنهم سيخلصون في حالة قبولهم الكرازة بالإنجيل كالتالي:

”إذًا، إذَا كان الرب نزل إلى الجحيم لا لغرض آخر سوى أن يكرز بالإنجيل كما نزل. فإنه إمَّا كرز بالإنجيل للكل، أو كرز للعبرانيين فقط. وبالتالي، إذَّا كان للكل؛ فإن كل مَنْ يؤمن إذًا سيخلُص. على الرغم من أنهم قد يكونوا من الأمم وذلك عند إقرارهم، حيث أن عقوبات الله هي للخلاص والتهذيب، وتقود إلى الهداية واختيار التوبة بدلاً من موت الخاطئ (حز١٨: ٢٣) وخاصةً لأن النفوس على الرغم من أنها أظلمت بالأهواء، عندما تحرَّرت من أجسادها، تكون قادرة على الإدراك بأكثر وضوحًا بسبب أنها لم تعُد محصورة بالجسد التافه“.[17]

ويتحدث العلامة كليمندس عن كرازة الرسل – مثلما رأينا في كتاب الراعي لهرماس – في الجحيم للجميع يهودًا وأممًا مقتفيين أثر الرب كالتالي:

”وقد بيَّنا أيضًا في الكتاب الثاني من المتفرقات أن الرسل، مقتفيين أثر الرب، بشروا بالإنجيل لأولئك الذين في الهاوية. لأنه كان من المطلوب في رأييّ، أنه كما هنا، كذلك أيضًا هناك، أن يحاكي أفضل التلاميذ معلمهم، لكي ما تُقدَّم التوبة للعبرانيين وللأمميين. أي لأولئك الذين عاشوا في البر وفقًا للناموس، وأولئك الذين عاشوا في صلاح وفقًا للفلسفة، الذين لم ينهوا حياتهم في كمال، بل كخطأة“.[18]

العلامة أوريجينوس الإسكندري

يتحدث العلامة أوريجينوس عن كرازة المسيح للنفوس في الجحيم ردًا على اعتراض كلسوس بأن المسيح بعدما رفضه الناس على الأرض، ذهب لإقناع الذين في الجحيم كالتالي:

”يقول [كلسوس] بعد ذلك لنا: ’لن تقولوا عنه – على ما أعتقد – أنه بعدما فشل في إقناع الناس على الأرض، ذهب إلى الجحيم لإقناعهم بذلك‘. حتى لو كان يكره ذلك [أي كلسوس]، فإننا نؤكده، إنه عندما كان في الجسد لم يقنع مجرد قلة، بل الكثير جدًا لدرجة أنه بسبب العدد الكبير من الذين أقنعهم أدى ذلك إلى قيام المؤامرة ضده، وإنه بعدما قام أصبح نفسًا عاريةً من الجسد تحدث مع النفوس العارية من الأجساد، محولاً أيضًا أولئك الذين كانوا على استعداد لقبوله، أو أولئك الذين لأسباب عرفها هو نفسه، ورأى أنهم مستعدون للقيام بذلك“.[19]

ويتحدث العلامة أوريجينوس عن نزول الرب يسوع إلى الجحيم من أجل إطلاق الجالسين في ظلال الموت، ونقلهم من الجحيم إلى ملكوت السماوات كالتالي:

”ومع ذلك، لا يجب أن يتملكنا اليأس، فحتى مَن قد ابتُلِعَ، يمكن أن يُقذف مرةً ثانيةً، إذا رجع إلى رشده وتاب، كما حدث مع يونان (يون 2: 11). وأعتقد إننا نحن أيضًا جميعًا، قد ابتلعتنا الأرض في أعماق الجحيم؛ ولهذا نزل الرب ليس فقط إلى الأرض، ولكن ’إلى أعماق الأرض السفلى‘ (أف 4: 9)؛ وقد وجدنا هناك مُبتلعين، ’جالسين تحت ظلال الموت‘ (لو 1: 79)، وإذ أخرجنا من هناك أعدَّ لنا مكانًا لا على الأرض، لئلا نُبتلع من جديد، ولكن في ملكوت السماوات“.[20]

ويصور العلامة أوريجينوس نزول المسيح إلى الجحيم من أجل تحرير الذين أُمسِكوا هناك تحت سلطان الموت كالتالي:

”على الجانب الآخر، كما يُقرأ في بعض المخطوطات ’على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم‘، هذا الموت، أعني الذي كان يجعل النفوس مُقيَّدةً في العالم السفلي، قيل إنه يمارس تسيُّده، فحينئذ علينا أن نفهم أنه يعني أنه حتى القديسين قد سقطوا فريسةً لهذا الموت، قطعًا تحت ناموس الموت، حتى إذ لم يكن تحت عقوبة الخطية. لكن لهذا السبب، نزل المسيح إلى العالم السفلي، ليس فقط لأنه لا يمكن أن يُمسَك من الموت (راجع أع 2: 24)، ولكن حتى يحرر مَن أُمسِكوا هناك، كما قلنا، ليس بسبب جريمة التعدي بقدر ما أن هذا بسبب حالة الموت. كما هو مكتوب ’وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين […] ودخلوا المدينة المقدسة‘ (مت 27: 52- 53). وفي هذا أيضًا تحققت أقوال النبي، التي قال فيها عن المسيح: ’صعدت إلى العلاء. سبيت سبيًا‘ (مز 68: 8؛ أف 4: 8). وبالتالي، بقيامته حطَّم بالفعل تسيُّد الموت، ولهذا كُتِبَ أيضًا أنه حرَّر المسبيين. أصغِ الآن لما يقوله الرسول إن العدو والطاغية، الذي حطَّم المسيح هيمنته، سيهلك. يقول: ’آخر عدو يبطل هو الموت‘ (1كو 15: 26). وبالتالي، فإن مملكة الموت قد تحطمت بالفعل، والأسرى الذين كانوا تحت سلطانه أُفرِجَ عنهم. لكن لأن العدو والطاغية لا يزال سيهلك أخيرًا في نهاية الدهر، فلهذا السبب، فإننا نراه الآن أيضًا، لا أقول يملك بقدر ما يسرق. ولأنه طُرِدَ من مملكته، فنحن نراه يتجول عبر البوادي والقفار، ساعيًا إلى أن يجمع لنفسه جماعةً من غير المؤمنين. لهذا السبب، يصرخ الرسول: ’إذ لا تملكن الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته‘ (رو 6: 12)“.[21]

ويشير العلامة أوريجينوس -كما أشار هيبوليتوس الروماني من قبله- إلى نزول يوحنا المعمدان إلى الجحيم، وكرازته بالمسيح هناك كالتالي:

لقد كان يوحنا [المعمدان] ممهدًا للرب، ومات قبله لكي ما ينزل إلى العالم السفلي، وينادي بمجيئه. لذا فإنني أؤمن بأن سر يوحنا مازال يتحقق في العالم اليوم. لأنه إن كان أي أحد في طريقة إلى الإيمان بيسوع المسيح، فإن روح يوحنا وقوته تأتي إلى نفسه، ’وتُعدّ شعبًا كاملاً للرب‘ (لو1: 17)“.[22]

ويتحدث العلامة أوريجينوس في موضع آخر عن كرازة المسيح في الجحيم من أجل خلاص العالم قائلاً:

”أما عن الآية: ’وأنا أرجعك في النهاية‘ (تك46: 4)، فأعتقد أنها تعني، كما سبق وقلنا منذ قليل أنه في أواخر الدهور، نزل ابنه الوحيد إلى الجحيم (أف 4: 9) من أجل خلاص العالم، وأعاد من هناك ’الإنسان الأول‘. فلا ينبغي أن نفهم القول الموجَّه للص: ’اليوم تكون معي في الفردوس‘ (لو 23: 43)، إنه قد قيل له فقط، بل إلى كافة القديسين الذين نزل [الابن الوحيد] من أجلهم إلى الجحيم. فإنه إذًا قد تحقق فيه، أكثر مما في يعقوب، هذا القول: ’وأنا أُرجِعك في النهاية من هناك‘“.[23]

ق. أثناسيوس الرسولي

يتحدث ق. أثناسيوس الرسولي عن ذهاب الكلمة بنفسه إلى الجحيم ليكرز للأرواح في الجحيم بالخلاص كالتالي:

”وهذا يُبيِّن بالأكثر هوس الذين يقولون إن الكلمة تحوَّل إلى عظام ولحم -فلو كان الأمر كذلك، لما كانت هناك حاجة إلى قبر، ولكان الجسد ذاته قد مضى بنفسه ليكرز للأرواح التي في الهاوية. أما الآن فإنه مضى هو بنفسه ليكرز، أما الجسد فبعد أن كفنه يوسف بالكتان، وضعه في الجلجثة. وهكذا اتضح أن الجسد لم يكن الكلمة، وإنما هو جسد الكلمة“.[24]

ويشير ق. أثناسيوس إلى نزول المسيح إلى الجحيم وارتعاد وهروب بوابي الجحيم من أمامه كالتالي:

”وأيضًا ليس من الجائز أن يُقال إن الرب كان مرتعدًا، وهو الذي هرب من أمامه بوابو الجحيم، ’والقبور تفتحت، وقام كثير من أجساد القديسين وظهروا لأهلهم‘ (مت 27: 53)“.[25]

ويتحدث ق. أثناسيوس في كتابه ”تجسد ربنا يسوع المسيح“ المنسوب إليه ضد الهرطقة الأبولينارية عن كرازة المسيح للنفوس التي كانت في الجحيم كالتالي:

”فكيف حُسِبَ الرب عداد الموتى وهو في الجحيم؟ إنه لم يذهب إلى الجحيم بجسده، بل ذهب إلى الجحيم، لكي يُبشِّر النفوس التي كانت في سلاسل العبودية، وذهب وبشَّر بصورة إنسانيته، التي لم تخضع لسلطان الموت، بل غلبت الموت ودحرته. وهكذا كان حاضرًا مع الموتى لكي يصور أساس القيامة، ويحطِّم السلاسل التي كانت تربط النفوس الأسيرة في الجحيم“.[26]

يوسابيوس القيصري

ويروي يوسابيوس القيصري عن نزول المسيح إلى الجحيم وإقامته للموتى كما جاءت في رسالة تداوس الرسول إلى الأمير أبجار حاكم الرها كالتالي:

”وكيف تنازل، ومات، وحجب لاهوته، وصُلِبَ، ونزل إلى الجحيم، وحطَّم المتاريس التي لم تكن قد تحطمت منذ الأزل، وأقام الموتى، لأنه نزل وحده، ولكنه قام مع كثيرين، وهكذا صعد إلى أبيه“.[27]

ق. باسيليوس الكبير

يصور ق. باسيليوس إخراج المسيح للخطأة السالكين بوحشية مثل الحيوانات من سجن الجحيم وتسليمهم للملائكة القديسين كالتالي:

هؤلاء السالكين بوحشية، قد شبههم بالحيوانات غير العاقلة، كغنم بلا عقل، ولا قوة، يستطيعون بها أن يدافعوا عن أنفسهم صد ذاك الذي يخطفها لكي يجعلها أسيرةً، لأنه عدو، وقد ألقى بها في هوةٍ، وسلَّمها إلى الموت لكي يرعاها. والموت قد ملك من آدم حتى الناموس الموسوي (رو5: 14)، إلى أن آتى الراعي الحقيقي، الذي يُقدِّم نفسه ذبيحة لأجل الخراف (يو 10: 11)، وهكذا بعدما أقامها معه، وأخرجها من سجن الجحيم إلى مجد القيامة، وسلَّمها إلى المستقيمين، أي إلى الملائكة القديسين، أصبح هناك ملاكًا بجوار كل مؤمن مُستحق أن يرى الآب السماوي“.[28]

ثم يتحدث ق. باسيليوس في موضع آخر عن نزول المسيح إلى الجحيم وتحريره لنفس النبي داود مع نفوس الآخرين حتى لا تبق هناك فيما بعد كالتالي:

”إن النبي، كما هو واضح بجلاء، يتنبأ عن نزول الرب إلى الجحيم، والذي سيحرر نفس النبي مع الآخرين أيضًا حتى لا يبق هناك“.[29]

ويؤكد ق. باسيليوس على نزول المسيح إلى الجحيم لكي يملأ الكل قائلاً:

لأنه لم يبق بدون حركة ساكنًا خلال الأيام الثلاثة، والليالي الثلاثة، بل نزل إلى الجحيم حسب تدبير القيامة لكي يملأ الكل (أف 4: 10). وينشر أيضًا السليخة، لأن السليخة هي قشرة عطرية دقيقة للغاية مُغلَّفة بقطعة من الخشب. إذًا، قد يشير استخدامه لكلمة سليخة بعمق وحكمة إلى ألم الصليب، الذي اجتازه بسبب رأفته على الخليقة كلها. إذًا، فهناك مُر للدفن، وميعة للنزول إلى الجحيم (لأن كل نقطة طيب مقطَّرة، تسقط إلى أسفل، وأخيرًا، سليخة حسب تدبير صلب الجسد على خشبة. انطلاقًا من هذا السبب، يقول: ’تُسرَّ به بنات الملوك في كرامتك‘، ومَن غيرهن، يمكنهن أن يكن بنات الملوك سوى النفوس العظيمة الملوكية؟ هذه النفوس، لأنها عرفت المسيح بسبب غفرانه للبشر، شكرته من خلال الكرامة التي أعطتها له، وبالإيمان الحقيقي، والمحبة الكاملة، مجَّدوا ألوهيته“.[30]

ق. غريغوريوس النزينزي اللاهوتي

يتحدث ق. غريغوريوس عن كرازة المسيح في الجحيم لخلاص الجميع أو لخلاص المؤمنين به مخاطبًا المستمعين كالتالي:

وإنْ نَزلت إلى الجحيم فأِصعد معه، تَعرفُ أسرار المسيح الموجودة هناك أيضًا ما هو التدبير، والسبب من أجل النزول مرتين؟ ببساطة ليخلص الجميع بظهوره، أو ليخلص المؤمنين به فقط“.[31]

ويشير ق. غريغوريوس في قصيدة ”عن نفسه“ إلى نزول المسيح للجحيم، وتدميره لبوابات الظلام في الجحيم، وتحريره للنفوس التي كانت هناك كالتالي:

”اليوم، قام المسيح العظيم من الأموات، مع مَن كان مختلطًا به، وشفى لدغة الموت، وسحق بوابات الظلام في الجحيم المرعب، وحرَّر النفوس. اليوم، بعدما قام من القبر، ظهر للناس. الذين وُلِدَ لأجلهم، والذين لأجلهم قد مات، والذين لأجلهم قد قام من الأموات. لكي ما يصعدوا [إلى السماء] متجددين ومتحررين من الموت، مع مَن يصعد إلى [هناك]“.[32]

ويتحدث ق. غريغوريوس في مسرحيته ”الآم المسيح وقيامته“ على لسان العذراء والدة الإله بأن الابن الأزلي سيُطلِق جميع الموتى الذين كانوا في الجحيم كالتالي:

”والدة الإله: […] إنه الابن الأزلي للآب الأزلي، فكيف يستطيع أن يهلكه سلطان الظلمات الجهنمية؟ أظن أنه بالحري سيُطلِق جميع الموتى الذين احتوتهم الجحيم، واحتجزتهم في ظلمات مهاويها“.[33]

ويتحدث ق. غريغوريوس على لسان والدة الإله أيضًا في نفس المسرحية عن سطوع نور المسيح في الجحيم عندما نزل إليه كالتالي:

”والدة الإله: يا ابني، يا حبيبي، أيها الوجه الإلهي، متى أراك؟ أين أراك في شقوتي؟ يا ابني، تعال إليَّ بسرعة النور، تعال! دع مأوى الأموات، وأبواب الظل، المكان المظلم الذي جعلت فيه الجحيم مقرها، والذي شاهد تألقك الساطع، عندما انحدرت إليه. تعال، تعال، وأظهر سابقًا نور النهار. فجميع الكائنات تستقبلك لها إلهًا، إلهها الذي يسود السماوات“.[34]

ويتحدث ق. غريغوريوس أيضًا على لسان الملاك في نفس المسرحية السابقة عن هزيمة الجحيم وخروج المسيح من القبر حيًا، وخلاص الأموات مبتهلين لله قائلاً:

”الملاك: […] إن الجحيم قد غُلِبت، وإن المسيح خرج من القبر حيًا. لقد دُحرِجَ حجر القبر بشدةٍ، فاستولى الذعر على الحراس، فتركوا بوابات جهنم، ولاذوا بالفرار. الأموات فيها ذهبوا إلى أرض النور مبتهلين إلى الله الذي خلَّصهم: بفضله تحطمت القيود، وانحلت الرباطات جميعها“.[35]

ق. غريغوريوس النيسي

يتحدث ق. غريغوريوس النيسي عن الكرازة بموت المسيح وخلاصه للمأسورين قائلاً:

”في هذا اليوم نقض أوجاع الموت (أع2: 24)، أصبح ذا اليوم بمثابة استقبال للبكر من بين الأموات (كو1: 18)، في هذا اليوم سُحِقت أبواب الموت الحديدية (مز107: 16)، وكُسِّرت مصاريع الجحيم النحاسية. اليوم فُكت أربطة الموت، اليوم يُكرَز بإطلاق المأسورين (إش42: 7)، اليوم العميان يُبصِرون (لو1: 79)، اليوم يُشرِق النور السمائي على الجالسين في الظلمة وظلال الموت (إش9: 2)“.[36]

ق. يوحنا ذهبي الفم

يتحدث ق. يوحنا عن نزول المسيح إلى الجحيم، وتحطيمه لطغيان الموت وقوته كالتالي:

”لأن الحياة الحاضرة هي حقًا أوان المحادثة الحقة، أما بعد الموت فتكون الدينونة والعقاب. قيل: ’في الهاوية مَن يحمدك؟‘ (مز 6: 5). كيف إذًا ’كسَّر مصاريع نحاس وقطع عوارض حديد؟‘ (مز 107: 16). بواسطة جسده؛ إذ أظهر أولاً جسدًا خالدًا محطمًا طغيان الموت. ويشير أيضًا هذا إلى تحطم قوة الموت، وليس إلى حل خطايا الذين ماتوا قبل مجيء المسيح. وإن لم يكن الأمر هكذا، بل خلَّص جميع الذين كانوا قبله في الجحيم، فكيف يقول: ’ستكون لأرض سدوم وعمورة […] حالة أكثر احتمالاً‘ (مت 10: 15)؟ لأن هذا القول يفترض أن أولئك سيُعاقبون أيضًا ولو بصورة أخف. ومع أنهم قاسوا هنا أيضًا العقاب لأقصى شدةً، فرغم ذلك، لن يخلصهم حتى هذا. وإنْ كان الأمر معهم على هذا النحو، فبالأولى كثيرًا مع الذين لم يقاسوا شيئًا“.[37]

ق. إبيفانيوس أسقف سلاميس

يذكر ق. إبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص – والمعروف بلقب ”صائد الهرطقات“، وإنه بطل من أبطال مجمع القسطنطينية المسكوني 381م – الكرازة في الجحيم وأنها كانت للجميع، ولكن الذين خلصوا هم الذين آمنوا بالمسيح آنذاك قائلاً:

”إذًا، فلننزل معه ونتعلم مما نعلم عما هناك من أسرار. ولنعرف العجائب الخفية، غير المنظورة، التي تحت الأرض، ولنتعلم كيف كرز للذين هم أيضًا في الجحيم. ولكن، ماذا سيحدث عندما ينزل المسيح إلى الجحيم؟ أ بنزول الإله إلى الجحيم يخلص الجميع بدون استثناء؟ لا، لأنه كما على الأرض، هكذا أيضًا هناك يخلُص الذين آمنوا به“.[38]

ويتحدث ق. إبيفانيوس -مثله مثل الآباء السابقين عليه مثل هيبوليتوس الروماني وأوريجينوس الإسكندري- عن كرازة يوحنا المعمدان في الجحيم كتمهيد لكرازة المسيح في الجحيم، مثلما كان يفعل على الأرض كالتالي:

”هناك أيضًا ذلك الفائق يوحنا، الأعظم من كل الأنبياء، جالسًا في ظلمة الجحيم كما لو كان في رحم أمه المظلم (قبل ولادته) يكرز بالمسيح لكل الذين في الجحيم، وهو السابق والكارز للأحياء والأموات معًا. وعندما قُطِعَ رأسه، أُرسِلَ من سجن هيرودس إلى سجن الجحيم، إلى الأبرار والمظلومين الراقدين منذ الدهور“.[39]

ق. كيرلس الإسكندري

ويتحدث ق. كيرلس عن إبادة المسيح للجحيم وكرازته للأرواح التي في الجحيم، وهكذا قد صار هذا برهانًا على محبته للبشر بإعطائه الخلاص لا للأحياء فقط، بل للأموات أيضًا بكرازته لغفران الخطايا كالتالي:

”فالآن إذ اقترب زمن موته الذي سيجعله غير مرئي بالنسبة لتلاميذه لفترة قصيرة إلى أن يقوم بإبادة الجحيم، ويفتح الأبواب لخروج أولئك الذين كانوا هناك، ثم يبني بعد ذلك هيكل جسده؛ لأنه بعد ذلك أظهر نفسه لتلاميذه، ووعدهم أنه سيكون معهم دائمًا إلى انقضاء الدهر كما هو مكتوب (أنظر مت 28: 20). فرغم أنه غائب بالجسد، إذ قد مضى إلى الآب، وجلس عن يمينه لأجلنا، فهو لا يزال يسكن بواسطة روحه مع أولئك الذين هم جديرين به، وهو على اتصال دائم مع قديسيه؛ لأنه قد وعد أنه لن يركنا بدون عزاء. ولأنه كان هناك وقت قليل قبل أن تبدأ آلامه، فهو يقول: ’بعد قليل لا تبصرونني‘؛ لأنه كان سيختفي عن الأنظار بواسطة الموت لفترة قصيرة، ثم يقول: ’ثم بعد قليل أيضًا ترونني‘. لأنه قام في اليوم الثالث بعد أن كرز ’للأرواح التي في السجن‘ (أنظر 1بط 3: 19). وبهذا صار البرهان على محبته لجنس البشر كاملاً تمامًا، بإعطائه الخلاص ليس فقط للأحياء، بل أيضًا لكرازته بغفران الخطايا لأولئك الذين ماتوا، والذين كانوا يجلسون في الظلمة في أعماق الهاوية بحسب الكتاب“.[40]

ويؤكد ق. كيرلس في موضع آخر أن المسيح بعدما أتم عمله الخلاصي على الصليب ذهب ليبشر ويفتقد الأرواح التي في الجحيم بالخلاص، وبالتالي، يثبت أنه رب الأحياء والأموات كالتالي:

”لذلك، صرخ: ’قد أُكمِل‘، فقد أتت الساعة التي يذهب فيها ليبشر الأرواح التي في الجحيم. لأنه افتقدهم، لكي يكون هو رب الأحياء والأموات؛ ولأجلنا قابل الموت نفسه، وتحمل النصيب المشترك لكل البشرية، وذلك حسب الجسد، رغم أنه كإله هو الحياة بالطبيعة، لكي يسبي الجحيم، ويجعل العودة إلى الحياة ممكنة للطبيعة البشرية، وبذلك يتبرهن أنه ’باكورة الراقدين‘ (1كو 15: 20)، و ’البكر من الأموات‘ (كو1: 18) بحسب الكتب“.[41]

ق. مكاريوس الكبير

يتحدث ق. مكاريوس الإسكندري عن إخراج المسيح للنفوس من الجحيم والموت وردها إليه مرةً أخرى، وهكذا أطلق نفوس أبناء آدم المأسورين لدى إبليس، وأعاد نفوس آدم وبنيه إليه كالتالي:

هنا يأتي الرب إلى الموت، ويحاوره ويأمر سلطان الموت أن يُخرِج النفوس من الجحيم والموت، ويردها إليه. وكأن الموت قد انزعج من أمر الرب، وكأنه يذهب إلى خدامه ويجمعهم معًا مع كل قواته، ويأتي رئيس الشر بوثيقة الدَّين، وكأنه يقول: ’أنظر فإنهم قد أطاعوا كلماتي، أنظر كيف صار بني البشر عبيدًا لنا‘. ولكن الرب لكونه ديَّان عادل يُظهِر عدله هنا أيضًا، وكأنه يقول للشيطان: ’إن آدم قد أطاعك، وأنت قد امتلكت قلوب كل البشر، وكل البشرية أطاعتك، ولكن ما الذي يفعله جسدي هنا، إن جسدي هو بلا خطية، وإن كان جسد آدم الأول قد صار تحت سلطانك، ولك الحق أن تستعبده بسبب الخطيئة، ولكن من جهتي أنا فالجميع يشهدون أني لم أخطئ قط، ولذلك ليس لك فيَّ شيء بالمرة، بل الكل يشهدون أني أنا ابن الله، وقد جاء الصوت من أعلى السماوات، وشهد لي على الأرض قائلاً: ’هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا‘ (مت 3: 17)، (مت 17: 5). لقد شهد يوحنا أيضًا قائلاً: ’هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم‘ (يو 1: 29). ويقول الكتاب أيضًا: ’الذي لم يفعل خطية، ولا وُجِدَ في فمه غش‘ (إش 53: 9)، (1بط 2: 22)، وأيضًا: ’رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء‘ (يو 14: 30). وكأن الرب يقول للشيطان، وأنت نفسك شهدت لي قائلاً: ’أنا أعرفك مَن أنت، قدوس الله‘ (مر 1: 24)، ’أنك أنت ابن الله‘ (مر 3: 11)، وقلت أيضًا: ’ما لنا ولك هل أتيت قبل الوقت لتهلكنا‘ (مت 8: 29؛ لو 4: 34). إن هناك ثلاثة شهود يشهدون لي -الأول هو الآب الذي أرسل الصوت من السماء، والثاني هم الذين شهدوا لي على الأرض، والثالث هو أنت بعينك. وكأن الرب يقول للشيطان: ’ولذلك فأنا أفتدي الجسد الذي باعه لك آدم الأول، وأُبطِل صكوكك بصليبي. لقد دفعت ديون آدم حينما صُلِبت ونزلت إلى الجحيم، والآن أنا آمرك أيها الجحيم، والظلمة، والموت، أن تُطلِق نفوس أبناء آدم المأسورين‘، وهكذا فالقوات الشريرة تُصاب برعبٍ شديدٍ، وتضرب بالفزع، وتعيد نفوس آدم وبنيه التي كانت محبوسة“.[42]

ويتحدث ق. مكاريوس عن نزول المسيح إلى أعماق الجحيم لينقذ النفس الإنسانية الغارقة في هوية الظلمة وعمق الموت من أعماق الجحيم والموت كالتالي:

”وبنفس الطريقة فإن النفس التي غطست وغرقت في هاوية الظلمة وعمق الموت، تنفصل عن الله في صحبة الحيوانات المخيفة، (هذه النفس) مَن الذي يستطيع أن ينزل إلى الأماكن المخيفة وإلى أعماق الجحيم والموت لينقذها إلا ذلك الخبير والصانع العظيم الذي خلق النفس والجسد. وهو بشخصه يدخل إلى الناحيتين، إلى عمق الجحيم وإلى عمق القلب، حيث يكون الموت ممسكًا بالنفس وأفكارها، ويُخرِج آدم المائت من الهاوية المظلمة. إذًا، فحتى الموت نفسه -عن طريق التمرن والخبرة- يصير مساعدًا للإنسان، كما يفعل الماء مع السبَّاح“.[43]

مار أفراهاط الفارسي

يتحدث مار أفراهاط عن نزول المسيح إلى الجحيم، وحينما رأه الموتى ذهبوا إليه ليصعدوا معه وهكذا أخرج المسيح بسلطانه كل المحبوسين فخرجوا إليه ليروا النور كالتالي:

”وحين جاء يسوع قاتل الموت، لبس جسدًا من زرع آدم، وصُلِبَ بجسده وذاق طعم الموت. وحين أحسَّ الموت أنه نزل إليه، أخذ يرتجف في موضعه، ويضطرب لما رأى يسوع. فأوصد أبوابه، وما أراد أن يستقبله. حينئذ حطَّم يسوع أبوابه ودخل يسلبه مقتنياته. وحين رأى الموتى النور في الظلمة، رفعوا رؤوسهم من سجن موتهم، وتطلعوا فرأوا بهاء الملك المسيح. حينئذ جلست قوات الظلمة تبكي، لأن الموت ذُلَّ وحُرِمَ من سلطانه. ذاق الموت السم الذي يقتله، فتراخت يداه وعرف أن الموتى سيحيون ويفلتون من عبوديته. وحين أُجبِرَ الموت على التجرُّد من مقتنياته، ولول وصرخ بصوت كله مرارة، وقال ليسوع: ’أُخرج من موضعي ولا تعد تدخل إليه. مَن هو هذا، ليدخل حيًا إلى موضعي!‘، وأخرج الموت أصواتًا غريبةً، إذ رأى أن الظلمة بدأت تنقشع، وأن الأبرار الراقدين قاموا ليصعدوا معه. وعرف أنه حين يأتي في نهاية الزمن، يُخرِج بسلطانه كل المحبوسين، فيخرجون إليه ليروا نوره. وحين أتَّم يسوع خدمته لدى الموتى، أفلته الموت من موضعه، ولم يتحمل أن يبقى هنا. ولم يلذ له أن يأكله كسائر الموتى، ’كما لم يكن له سلطان على الطاهر، فلم يمسه الفساد‘ (مز 16: 10)“.[44]

 

 

الليتورجية القبطية

وهناك العديد من الإشارات إلى نزول المسيح إلى الجحيم وكرازته للأرواح التي هناك موجودة في الليتورجية القبطية، سوف نستعرض بعضها في بحثنا هذا، حيث يصلي الكاهن في طلبة ”تجسد وتأنس“ في صلاة الصلح بالقداس الباسيلي، مشيرًا إلى نزول المسيح إلى الجحيم من قِبل الصليب قائلاً:

”هذا الذي أحب خاصته الذين في العالم، وأسلَّم ذاته فداءً عنا إلى الموت الذي تملك علينا. هذا الذي كنا ممسكين به، مبيعين من قِبل خطايانا، نزل إلى الجحيم عن طريق الصليب“.[45]

ويصلي الكاهن أيضًا في طلبة ”أنت الكائن في كل زمان“ في صلاة الصلح بالقداس الغريغوري، مؤكدًا على إطلاق المسيح للأسرى في الجحيم قائلاً:

”وباركت طبيعتي فيك. وأكملت ناموسك عني. وأريتني القيام من سقطتي. أعطيت إطلاقًا لمن قُبِضَ عليهم في الجحيم. أزلت لعنة الناموس. أبطلت الخطيئة بالجسد“.[46]

ويصلي الكاهن أيضًا في قسمة للابن تُقال في سبت الفرح، مشيرًا إلى نزول المسيح إلى الجحيم وإبطاله عز الموت كالتالي:

”يا يسوع المسيح ذا الاسم المخلص الذي بكثرة رحمته نزل إلى الجحيم وأبطل عز الموت. أنت هو ملك الدهور، غير المائت، الأبدي، كلمة الله، الذي على الكل“.[47]

ويصلي الكاهن أيضًا في قسمة للابن تُقال في القيامة، مشيرًا إلى نزول المسيح إلى الجحيم وإبطاله عز الموت، وسبيه للأرواح من يد إبليس، وإعطائه للناس الكرامات كالتالي:

”هذا هو الجسد الذي أخذه من سيدتنا وملكتنا كلنا القديسة مريم، وجعله واحدًا مع لاهوته. هذا هو الذي نزل إلى الجحيم، وأبطل عز الموت، وسبى سبيًا، وأعطى الناس كرامات. رفع قديسيه إلى العلاء معه، أعطاهم قربانًا لأبيه. بذوقه الموت عنا خلَّص الأحياء، وأعطى النياح للذين ماتوا. ونحن أيضًا الجلوس في الظلمة زمانًا، أنعم علينا بنور قيامته من قِبل تجسده الطاهر. فليضيء علينا نور معرفتك الحقيقة لنضي بشكلك المحيي“.[48]

ويصلي الكاهن أيضًا في قسمة للآب تُقال في عيد القيامة والخمسين، مؤكدًا على نزول المسيح إلى الجحيم من قِبل الصليب، ورده لأبينا آدم وبنيه إلى الفردوس وإبطاله عز الموت بموته كالتالي:

”أيها السيد الرب الإله ضابط الكل أبو ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي من قِبل صليبه نزل إلى الجحيم، وردَّ أبانا آدم وبنيه إلى الفردوس. ودفننا معه، بموته أبطل عز الموت، وفي ثالث يوم قام من الأموات“.[49]

وتصلي الكنيسة ترنيمة القيامة من قداس عيد القيامة المجيد من ليلة العيد إلى الأحد الخامس من الخماسين وباكر عيد العنصرة، حيث يذكرون سبي المسيح للجحيم سبيًا، وتحطيمه لأبوابه النحاس، وكسره لمتاريسه الحديد، وتجديده للأجسام والأرواح، وإبداله العقوبة خلاصًا، وإعادته آدم إلى الفردوس، وفوز المؤمنين بالصفح عن القصاص كالتالي:

”قد قام الرب مثل النائم. وكالثمل من الخمر. ووهبنا النعيم الدائم. وعتقنا من العبودية المرة. وسبى الجحيم سبيًا. وحطَّم أبوابه النحاس. وكسَّر متاريسه الحديد كسرًا. وأبدَّل لنا العقوبة بالخلاص. وأعاد آدم إلى الفردوس. بفرح وبهجة ومسرة. اليوم انتشرت أعلام الخلاص. وتجددت الأجسام والأرواح. هو وبنيه الذين كانوا في الحبوس. محل النعيم دفعة أخرى. وفاز المؤمنون بالصفح عن القصاص. ومجَّدوا الله بالتسابيح والأفراح“.[50]

وتحتفل الكنيسة في إبصالية واطس في باكر يوم سبت الفرح بخلاص آدم وحواء وجنسهما من الجحيم المملوء كآبةً كالتالي:

”يا يسوع الحي الغير المائت، أبطلت الموت بموتك، وحرَّرت العالم كله، وسحقت شوكة الشيطان، والحية الصماء، وأخزيتهما بقوتك. ثم خلَّصت شعبك آدم وحواء وجنسهما من الجحيم المملوء كآبةً. فلنقل بفرحٍ مع داود المبارك قم يارب لماذا تنام؟ مَن يشبهك في الآلهة أنت هو إله الآلهة نسبحك بأنواع كثيرة، تباركت يا يسوع المصلوب؛ لأنك أبدَّلت حزننا إلى فرح، وخلَّصتنا من عبوديتنا المرة“.[51]

وتصلي الكنيسة في طرح الإنجيل الرابع في الساعة التاسعة من يوم الجمعة العظيمة مؤكدةً على كرازة المسيح في الجحيم للمسبيين هناك كالتالي:

”وصاح بصوتٍ عظيمٍ وأسلَّم الروح. مَن يبشر المسبيين بالذي ذاق الموت عنهم، ومَن الذي يسبق إلى الفردوس فيهيئ الطريق للملك. افرحوا اليوم أيها الأبرار والأنبياء والبطاركة والصديقين. والإنسان الأول الرأس الذي عتق في الحزن، قد تجدد اليوم بالإنسان الجديد الذي قتل الموت، وأبطل عزه، وشوكته المرة كسَّرها وقطَّعها. الله الكلمة بكمالها ومضى إلى الجحيم بالنفس التي أخذها من طبيعة آدم، وجعلها واحدًا معه والنفوس التي كانت في السجن أصعدها معه كعظيم رحمته، والعدو الأخير الذي هو الشيطان قيَّده بالقيود والسلاسل. فما رآه البوابون الأشرار والقوات الكائنة في الظلمة هربوا، ولم يطيقوا الثبوت؛ لأنهم عرفوا قوته وكثرة جبروته، فكسَّر الأبواب بسلطانه، والمتاريس الحديد سحقها، وأما المسبيون إذ رأوا الرب يسوع مخلص نفوسهم، صرخوا بصوت قائلين: حسنًا جئت، أيها المنقذ عبيده، ثم أمسك أولاً بيد آدم فاجتذبه وأصعده وبنيه معه. وأدخلهم إلى الفردوس مسكن الفرح والراحة“.[52]

[1] الآباء الرسوليون، ترجمة: القس لوقا يوسف وآخرون، (القاهرة: باناريون للتراث الآبائي، 2019)، الراعي هرماس، المثل 9: 16: 3-7، ص 291، 292.

[2] Silvanus’s Teachings, Trans. by M. L. Peel & J. Zandee, Account A 103. 28- 4. 14.

[3] ميلتيوس أسقف ساردس، رسالته الفصحية، ترجمة: الأب صبحي حموي اليسوعي، (لبنان: دار المشرق، 2001)، الفصل 103، 104، ص 58، 59.

[4] On Baptism, fragment 8b, 4 (SC 123, 232-233).

[5] الآباء الرسوليون، ترجمة: أحد رهبان دير أبو مقار، (القاهرة: باناريون للتراث الآبائي، 2019)، النشيد 17، ص 476.

[6] المرجع السابق، النشيد 42، ص 508، 509.

[7] يوستينوس الشهيد (قديس)، الحوار مع تريفون اليهودي، ترجمة: أ. آمال فؤاد، (القاهرة: باناريون للتراث الآبائي، 2012)، الفصل 72، ص 232.

[8] On Christ and Anti-Christ, 45 (PG 10: 764b).

[9] Hippolytus of Rome, Fragment III cited by Nicetas the Deacon in Hippolytus Werke/ GCS1, (Leipzig, 1897), p. 268.

[10] ترتليانوس الأفريقي (علامة)، عن النفس، ترجمة: عادل ذكري، (القاهرة: مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية، 2021)، 55: 1-5، ص 133- 135.

[11] إيرينيؤس (قديس)، الكرازة الرسولية، ترجمة: د. نصحي عبد الشهيد و د. جورج عوض، (القاهرة: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2009)، الفصل 78، ص 138، 139.

[12] إيرينيؤس (قديس)، ضد الهرطقات ج2، ترجمة: د. نصحي عبد الشهيد، (القاهرة: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2019)، 4: 24: 2، ص 210.

[13] المرجع السابق، 5: 31: 2، ص 349، 350.

[14] المرجع السابق، 1: 27: 3، ص 115، 116.

[15] المرجع السابق، 3: 20: 4، ص 101.

[16] المرجع السابق، 4: 22: 1، ص 197، 198.

[17] كليمندس الإسكندري (علامة)، المتفرقات (نسخة إليكترونية)، ترجمة: الأب د. بولا ساويروس، (القاهرة: موقع الكنوز القبطية)، ٦: ٦: ٦، ص 1044.

[18] كليمندس الإسكندري (علامة)، المتفرقات (نسخة إليكترونية)، ترجمة: الأب د. بولا ساويروس، (القاهرة: موقع الكنوز القبطية)، ٦: ٦: ٦، ص 1054.

[19] أوريجينوس (علامة)، ضد كلسوس، ترجمة: القس بولا رأفت، (القاهرة، 2021)، 2: 43، ص 206.

[20] أوريجينوس (علامة)، عظات على سفر الخروج، ترجمة: أ. مريم رشاد ود. جرجس بشرى، (القاهرة: باناريون للتراث الآبائي، 2021)، 6: 6: 53- 56، ص 148، 149.

[21] أوريجينوس (علامة)، تفسير رسالة رومية ج1، ترجمة: عادل ذكري، (القاهرة: مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية، 2020)، 5: 1: 37، ص 346، 347.

[22] Origen, Homilies on Luke (Fragments on Luke) vol. 94, Trans. by Joseph T. Lienhard, (Washington D. C.: The Catholic University of America Press, 1996), Homily 4: 5, 6, on (Luke 1: 13-17), p. 19.

[23] أوريجينوس (علامة)، عظات على سفر التكوين، ترجمة: مجموعة من المترجمين، (القاهرة: باناريون للتراث الآبائي، 2015)، عظة 15: 5، ص 248، 249.

[24] أثناسيوس (قديس)، المسيح في رسائل القديس أثناسيوس، ترجمة: د. صموئيل كامل و د. نصحي عبد الشهيد، (القاهرة: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2017)، الرسالة إلى أبكتيتوس، الفصل 6، ص 40، 41.

[25] المرجع السابق، 3: 56، ص 370.

[26] أثناسيوس (قديس)، ضد أبوليناريوس (تجسد ربنا يسوع المسيح)، ترجمة: د. جورج حبيب، (القاهرة: جذور للنشر والتوزيع، 2016)، 1: 14، ص 42.

[27] يوسابيوس القيصري (مؤرخ)، تاريخ الكنيسة، ترجمة: القمص مرقس داود، (القاهرة: مكتبة المحبة، 1998)، 1: 13: 19، ص 48.

[28] باسيليوس الكبير (قديس)، تفسير سفر المزامير ج2، ترجمة: د. سعيد حكيم، (القاهرة: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2021)، عظة 49: 9، ص 111.

[29] المرجع لسابق، ص 113.

[30] المرجع السابق، ص 43، 44.

[31] غريغوريوس النزينزي (قديس)، عظات القيامة (العظة الفصحية الثانية)، ترجمة: القس لوقا يوسف، (القاهرة: المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، 2015)، 45: 24، ص 41.

[32] Gregory of Nazianzus, Hymn “on himself”, (PG 37: 1328 a).

[33] غريغوريوس النزينزي (قديس)، رسائل لاهوتية وفصلان من مسرحية ”المسيح المتألم“، ترجمة: الأب حنا الفاخوري، (لبنان: منشورات المكتبة البولسية، 2000)، ص 81.

[34] المرجع السابق، ص 84.

[35] المرجع السابق، ص 86.

[36] غريغوريوس النيسي (قديس)، عظات آبائية على قيامة المسيح، ترجمة: د. سعيد حكيم، (القاهرة: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2017)، عظة ”وقام في اليوم الثالث“، ص 174.

[37] يوحنا ذهبي الفم (قديس)، شرح إنجيل متى ج2، ترجمة: د. عدنان طرابلسي، (لبنان، 1998)، عظة 36: 3، ص 132، 133.

[38] إبيفانيوس أسقف سلاميس (قديس)، عظة نزل إلى الجحيم من قِبل الصليب، ترجمة: د. جوزيف موريس، (القاهرة: مؤسسة القديس باسيليوس، 2008)، ص 21، 22.

[39] المرجع السابق، ص 34.

[40] كيرلس الإسكندري (قديس)، شرح إنجيل يوحنا مج2، ترجمة: د. نصحي عبد الشهيد وآخرون، (القاهرة: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2015)، 10: 2، تعليق على (يو 16: 16)، ص 336، 337.

[41] المرجع السابق، الكتاب الثاني عشر، تعليق على (يو 19: 30)، ص 478.

[42] مكاريوس الكبير (قديس)، عظات ق. مكاريوس الكبير، ترجمة: د. نصحي عبد الشهيد، (القاهرة: المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، 2014)، عظة 11: 10، ص 108، 109.

[43] المرجع السابق، عظة 11: 12، ص 111.

[44] أفراهاط الفارسي (مار)، المقالات، ترجمة: الخوري بولس الفغالي، (لبنان: دار المشرق، 2007)، المقالة 22: 4، ص 337، 338.

[45] إيسيذوروس البراموسي (قمص)، الخولاجي المقدس وخدمة الشماس، مراجعة وتقديم: نيافة الأنبا متاؤوس أسقف دير السريان، (القاهرة: مكتبة مار جرجس بشبرا، 1994)، ص 153.

[46] المرجع السابق، ص 201.

[47] المرجع السابق، ص 250.

[48] المرجع السابق، ص 251.

[49] المرجع السابق.

[50] ترتيب أسبوع الآلام حسب طقوس الكنيسة الأرثوذكسية، تقديم ومراجعة: القس غبريال، (القاهرة: مؤسسة مينا للطباعة، 1994)، ص 741.

[51] المرجع السابق، ص 670.

[52] المرجع السابق، ص 590، 591.

كرازة المسيح في الجحيم – د. أنطون جرجس عبد المسيح