Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

أهم عشرة اكتشافات متعلقة بيسوع – بريان ويندل – ترجمة القس مينا – موريس وهيب

أهم عشرة اكتشافات متعلقة بيسوع – بريان ويندل – ترجمة القس مينا – موريس وهيب*

Bryan Windle

ترجمة: القس مينا القمص إسحق سعدÅ

الإكليريكي موريس وهيبÅÅ

أهم عشرة اكتشافات متعلقة بيسوع – بريان ويندل – ترجمة القس مينا – موريس وهيب

لتحميل البحث بصيغة PDF

إنَّ تاريخ يسوع الناصريّ موثق للغاية. إذ الإضافة إلى روايات الإنجيل الموثوقة في الكتاب المقدس، ذكره العديد من الكُتَّاب العلمانيين عبر 150 عامًا. على سبيل المثال، كل من ثالوس Thallus ومارا بار سرابيون Mara Bar-Serapion وفلِجون Phlegon وسوتونيوس Suetonius ولوكيان الساموساطيّ Lucian of Samosata وكيلسوس Celsus، يشيرون إلى يسوع[1]. بالإضافة إلى ذلك، يؤكد يوسيفوس أنَّ يسوع كان يُدعى المسيح وأنَّ أخيه هو يعقوب[2]، ويشير بليني الأصغر إلى أنَّ المسيحيين كانوا يعبدون يسوع “كإله”[3]، وكتب تاسيتس أنَّ المسيح “عانى العقوبة القصوى في عهد طيباريوس على يد بيلاطس البنطي”[4]. باختصار، لا يوجد مؤرخ جاد- مسيحيّ أو غير مسيحيّ- يشكك في وجود يسوع الناصريّ. بالإضافة إلى هذه الإشارات المباشرة، هناك العديد من الاكتشافات الأثريَّة التي تؤكد وتلقي الضوء على تفاصيل عن حياة يسوع كما هي مسجلة في الأناجيل. فيما يلي أهم عشرة اكتشافات تتعلق بشخص يسوع. نبدأ من الأقل أهميَّة إلى الأكثر.

10. مركب الجليل

في عام 1986م، حدث جفاف شديد في إسرائيل تسبب في انخفاض منسوب مياه بحيرة طبريا عدة أمتار. ذهب شقيقان للبحث على طول الخط الساحلي الشمالي الغربي عن قطع أثريَّة واكتشفا إطار لقارب قديم في الوحل. تطلب الخشب الهش، الذي انكشف لأوَّل مرّة منذ 2000 عام، اهتمامًا كبيرًا لإخراجه بأمان. فقد غُمِر في مادة كيميائيَّة حافظة لمدة 11 عامًا قبل عرضه في متحف محلي.

مركب الجليل
Photo: Jerry Hawkes / HolyLandPhotos.org

يبلغ طول قارب الجليل، أو “قارب يسوع” كما يطلق عليه شعبيًّا، حوالي 27 قدمًا وعرضه 7.5 قدمًا وعمقه 4 أقدام، وكان يتسع لطاقم يصل إلى 15 رجلاً[5]. يرجعه تاريخ اختبار الكربون إلى عام 40 قبل الميلاد، يزيد أو ينقص 80 سنة (120 ق.م إلى 40م)[6]. باختصار، ربما كان القارب مستخدمًا في زمن يسوع، وكان بالتأكيد نموذجًا لشكل السفينة التي كان يستخدمها الصيادون مثل بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا (مر 1: 16-20). نقرأ في العهد الجديد عن عبور يسوع لبحر الجليل في مثل هذه القوارب (لو 8: 22)، حتَّى أنَّه كان يُعلم من القارب عندما يكون الشاطئ مزدحمًا بالمستمعين (مت 13: 2-3). قارب الجليل هو القارب القديم الوحيد الذي تم اكتشافه في بحيرة طبريا ويساعدنا على فهم أنواع القوارب التي سافر فيها يسوع وتلاميذه.

 

9. المجامع اليهوديَّة

بقايا المجمع في مجدل، على الأرجح مسقط رأس مريم المجدلية.
Photo: AVRAMGR / Wikimedia Commons / CC BY-SA 4.0

يقول إنجيل متى: “وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ” (مت 4: 23) ويذكر لوقا أنَّ عادة يسوع كانت الذهاب إلى المجامع يوم السبت (لو 4: 16). بينما أشار بعض العلماء إلى أنَّ المجمع لم يظهر إلَّا بعد تدمير الهيكل عام 70م، وأنَّ الإشارات إلى المجامع في الأناجيل هي مفارقة تاريخيَّة، إلَّا أنَّ علم الآثار أثبت عكس ذلك. تم اكتشاف بقايا عشرة مجامع يهوديَّة يعود تاريخها إلى ما قبل 70 بعد الميلاد في إسرائيل حتَّى الآن، بما في ذلك كفرناحوم، وجمالا، ومنطقة هيروديون، وأريحا، ومجدل، ومتسادا، وموديعين، وكريات سيفر[7]، وبيت شيمش، والطواني[8].

بالإضافة إلى بقايا هياكل المجمع الفعلية، هناك نقش ثيؤدوت الشهير، الذي ينص على أنَّ ثيؤدوت بنى مجمعًا في أورشليم “لقراءة التوراة وتعليم الوصايا”[9]. يلخص د. سكوت ستريبلينج الأمر بقوله: “في الأزمنة الكتابيَّة، كانت  المجامع عبارة عن مباني عامّة يستخدمها اليهود للتجمعات المدنيَّة والدينيَّة. وركزت التجمعات الدينيَّة على دراسة الكتاب المقدس العبريّ والصلاة”[10]. يؤكد السجل الأثريّ على حدٍ سواء الأوصاف التاريخيَّة للمجامع في الأناجيل ويساعدنا على فهم دور يسوع كمعلّم في منطقة اليهوديَّة في القرن الأوَّل.

بقايا مجمع كفرناحوم. يقع المعبد اليهودي المصنوع من الحجر الجيري الأبيض، والذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع أو الخامس، على بقايا البازلت الأسود من مجمع القرن الأول حيث كان يسوع يعلّم. Photo: Ferrell Jenkins / https://ferrelljenkins.blog/2015/05/03/jesus-taught-in-the-synagogue-at-capernaum/

 

8. بركة سلوام

بِركة سلوام
Photo: Todd Bolen, BiblePlaces.com

قام يسوع بحسب يوحنا 9 بشفاء رجل أعمى عبر وضع الطين على عينيه وأمر أن يغتسل في بِركة سلوام. شاهد الكثير من السائحين “بركة سلوام” البيزنطيَّة الشهيرة في أورشليم، تلك التي بنتها الإمبراطورة يودوكيا في القرن الخامس لإحياء ذكرى المعجزة. إنها تقع في نهاية نفق حزقيا، القناة التي تجلب المياه من نبع جيحون إلى المدينة.

 

في عام 2004، تم اكتشاف بِركة سلوام من القرن الأوَّل بالصدفة أثناء إصلاح نظام الصرف الصحيّ. تم استدعاء عالما الآثار إيلي شوكرون وروني رايش للتنقيب والكشف عن بِركة كبيرة تحتوي على 20 درجة على الأقل تؤدي إلى أسفل مستوى الشارع إلى البِركة. تم اخذ عينة فخار من أحد أطراف البركة، فكانت تعود إلى القرن الأوَّل الميلادي[11]. ونظرًا لأن موقع الاكتشاف هو الموقع الذي اعتقد العلماء أن تكون فيه بِركة سلوام الفعليَّة- أي على بعد 70 مترًا فقط من البركة البيزنطيَّة- لذلك هذه البركة تعود إلى زمن يسوع، وتم تحديدها على أنها بِركة سلوام الحقيقيَّة حيث اغتسل الأعمى لينال الشفاء.

 

7. بئر يعقوب

بئر يعقوب حوالي 1900-1920م
Photo: http://www.lifeintheholyland.com/

التقى يسوع بامرأة سامريَّة عند بئر يعقوب بالقرب من سوخار، وأعلن لها أنَّه المسيا المنتظر (يو 4: 25- 26). اليوم، تم تحديد بئر قديمة تقع عند سفح جبل جرزيم (يو 4: 20) جنوب قرية عسكر (سوخار القديمة)، ويتفق الغالبيَّة على أنها بئر يعقوب بحسب التقاليد– سواء اليهوديَّة والسامريَّة والمسيحيَّة والإسلاميَّة[12]. كما تحدد رواية الحجاج من عام 330م أنها البئر التي زارها يسوع[13]. ووصف عالم الآثار الفرنسيّ أندريه باروت ذات مرّة الماء من البئر بأن “مذاقه رائع وممتع… مأخوذ من عمق 128 قدمًا”[14]. واليوم توجد كنيسة يونانيَّة أرثوذكسيَّة فوق البئر. في حين أنَّ العديد من المواقع السياحيَّة الحديثة في إسرائيل مشكوك في صحتها، يتفق جميع العلماء تقريبًا على الموقع الحالي لبئر يعقوب حيث التقى يسوع بالمرأة السامريَّة وقدم لها “الماء الحي” (يو 4: 10).

 

6. الهيكل في أورشليم – السلالم والعلامات والحجارة

السلالم الجنوبية للهيكل اليهودي في أورشليم.
Photo: Wilson44691 / Wikimedia Commons / Public Domain

تسجل الأناجيل أنَّ يسوع وتلاميذه أمضوا وقتًا طويلاً في الهيكل في أورشليم. والعديد من الاكتشافات الأثريَّة تتعلق بالهيكل اليهوديّ من القرن الأوَّل. السلالم بعرض 61 مترًا تؤدي إلى المداخل الرئيسة لمجمع الهيكل. تم اكتشاف الجزء الشرقي من هذا السلم الذي يتكون من درجات قصيرة وطويلة[15]. من المحتمل أنَّ يسوع استخدم هذه الدرجات الجنوبيَّة عدة مرات.

النقش التحذيري للهيكل في متحف اسطنبول الأثري. تم العثور على كميات ضئيلة من الطلاء الأحمر داخل الحروف مما يشير إلى أن النقش كان يبرز باللون الأحمر الفاتح. Photo Credit: oncenawhile / Wikimedia Commons / CC-BY-SA-3.0

 

كان يوجد داخل مجمع الهيكل ما يُعرف برواق الأمم- وهو أقرب منطقة يمكن أن يصل إليها الوثنيون وغير الطاهرين من الشعب إلى الهيكل نفسه. يسجل يوسيفوس وجود جدار فاصل بين هذا الرواق والأروقة الداخليَّة لمنطقة الهيكل، وتوجد على هذا الجدار علامات تحذير باللغتين اليونانيَّة واللاتينيَّة تمنع الأجانب من تجاوز تلك النقطة، وإلَّا صاروا تحت وطأة الموت[16]. وفي عام 1871، تم اكتشاف بلاطة من الحجر الجيري عليها نقش تحذيري من سبعة أسطر- التحذير ذاته الذي وصفه يوسيفوس. كان يسوع وتلاميذه قد تجاوزوا هذه النقوش التحذيريَّة عدة مرات.

أخيرًا، تم اكتشاف شارع هيرودي به متاجر على جانبه على طول الطرف الجنوبي لحائط المبكى. الشارع نفسه مغلق بسبب الحجارة الضخمة التي لا تزال ملقاة منذ أن رمى بها الجنود الرومان من جبل الهيكل في عام 70م[17]. الحطام هو تذكير حي لنبوة يسوع بأن الحجارة الجميلة لمباني الهيكل سوف يتم هدمها (مت 24: 2).

شارع من القرن الأول بجوار جدار جبل الهيكل بالحجارة الضخمة التي رماها الجنود الرومان عندما دمروا الهيكل اليهودي عام 70 م.
Photo: Todd Bolen / BiblePlaces.com

 

5. مدفن قيافا

مقبرة قيافا، رئيس الكهنة الذي أشرف على محاكمة يسوع. وعُثر فيها على عظام رجل يبلغ من العمر 60 عاما.
Photo Credit: deror_avi / Wikimedia Commons / GNU License 1.2

كان قيافا رئيس الكهنة الذي ترأس محاكمة يسوع بحسب الأناجيل (مت 26: 3، 57؛ لو 3: 2؛ يو 11: 49). ويسجل المؤرخ القديم، يوسيفوس، أنَّ الاسم الكامل لقيافا هو يوسف قيافا[18]. ويبدو أنَّه كان معروفًا في المقام الأوَّل باسم عائلته، قيافا، بنفس الطريقة التي كان يُعرف بها العديد من أبناء هيرودس باسم هيرودس (أي هيرودس أنتيباس، هيرودس أرخيلاوس.. إلخ).

في عام 1990، كان فريق بناء يقوم ببناء حديقة مائيَّة بالقرب من أورشليم عندما اخترقت جرافتهم سقف مقبرة تعود للقرن الأوَّل. تم استدعاء علماء الآثار واكتشفوا مجموعة متنوعة من المدافن (صناديق عظميَّة مستخدمة من القرن الأوَّل)، بما في ذلك صندوق مزخرف بنُقِش باسم “يوسف بن قيافا”. كان بالداخل عظام ستة أشخاص، بمن فيهم عظام رجل يبلغ من العمر 60 عامًا يعتقد العلماء أنها بقايا قيافا نفسه[19].

 

4. حجر بيلاطس

يؤكد حجر بيلاطس أن بيلاطس البنطي كان رئيس اليهودية.
Photo Credit: BRBurton / Wikimedia Commons / Public Domain

تشير الأناجيل الأربعة أنَّ الحاكم الرومانيّ، بيلاطس البنطي، حكم على يسوع بالموت صلبًا. في حين أنَّ تاريخه لم يكن موضع شك حقًا- فقد ذكره الكُتَّاب القدامى، مثل يوسيفوس وتاسيتس وفيلو، بالإضافة إلى روايات الإنجيل- تم اكتشاف أدلة أثريَّة على وجوده في قيصاريَّة ماريتيما في عام 1961م. وكشفت الحفريات بالقرب من المدرج عن وجود كتلة من الحجر الجيري بها نقش يعطي التكريم لقيصر طيباريوس من “بيلاطس البنطي، حاكم اليهوديَّة”[20]. يؤكد حجر بيلاطس أنَّ بيلاطس كان رئيسًا على اليهوديَّة، كما وصفه كتبة الإنجيل. وعلاوة على ذلك، في عام 2018م، تم تنظيف خاتم نحاسيّ تم اكتشافه خلال أعمال التنقيب 1968-1969م في هيروديوم، ومن خلال تصويره وتحليله كُشِف عن نقش يونانيّ: “من بيلاطس”. كانت مثل هذه الخواتم شائعة بين الجنود الرومان، وبما أنَّ اسم بيلاطس غير شائع، يعتقد الكثيرون أنَّ الخاتم كان في يوم من الأيام ملكًا لبيلاطس البنطيّ أو أحد خدمه. يقدم حجر بيلاطس وخاتم بيلاطس أدلة أثريَّة على الحاكم الرومانيّ، بيلاطس البنطيّ، الذي سلم يسوع ليُصلب.

 

3. كعب عظم الرجل المصلوب

نسخة طبق الأصل من عظم كعب الرجل المصلوب في متحف إسرائيل.
Photo: Carl Rasmussen / HolyLandPhotos.org

هناك الكثير من الأدلة الأدبيَّة على الصلب الرومانيّ (مثل يوسيفوس، بلوتوس، سينيكا). تم اكتشاف أدلة أثريَّة على الصلب الرومانيّ في عام 1968م. ففي ذلك العام، حفر طاقم بناء بطريق الخطأ عدة مقابر في شمال شرق أورشليم. كان يوجد داخل المقابر العديد من التوابيت، بما في ذلك واحدة منقوشة باسم يوحنان، والتي تحتوي على بقايا هيكل عظمي لذكر بالغ، بما في ذلك عظم كعبه مع مسمار لا يزال مطمورًا فيه. فقرر عالم الأنثروبولوجيا الذي فحص الرفات أنَّ يوحنان كان في العشرينات من عمره عندما صلب في القرن الأوَّل (حوالي 66-67م)[21]. وكشفت دراسة أخرى أنَّ يوحنان قد صُلب على الأرجح بوضع ساقيه على جانبي الصليب وأنَّ المسمار وضع مدفوعًا بشكل جانبي من خلال كعبه[22].

يؤكد عظم كعب الرجل المصلوب وصف صلب المسيح في الكتاب المقدس. علاوة على ذلك، فإنَّه يتعارض مع اعتراضات النقاد الذين جادلوا بأنَّ يسوع وضع في مقبرة جماعيَّة للمجرمين بدلاً من أن يتم دفنه بشكلٍ لائقٍ. نرى الآن أنَّ أحباء الضحية المصلوبة يمكنهم استعادة الجثة وإعدادها لدفنها في مقبرة عائليَّة.

 

2. قبر يسوع في كنيسة القيامة

هناك ثلاثة قبور في أورشليم يُزعم أنها موضع دفن يسوع. الموقع الذي يحتوي على أقدم شهادة على أنَّه قبر المسيح يقع داخل كنيسة القيامة. أظهرت الأبحاث الأثريَّة أنَّ هذا الموقع كان مقبرة يهوديَّة نُحتت في حجر جيري قديم خارج أسوار أورشليم في زمن موت المسيح[23]. يتوافق هذا مع الوصف الكتابيّ للقبر الذي وُضِع فيه يسوع خارج أسوار المدينة (مت 27: 39، عب 13: 12).

على الرغم من أنها لم تعد تشبه القبر بعد الآن، إلا أن هذه المقبرة تحيط بقايا قبر يسوع داخل كنيسة القيامة.
Photo: Larry Koester / Flickr / CC BY 2.0

كتب يوسابيوس أنَّ الإمبراطور هادريان (القرن الثاني) بنى منصة ضخمة فوق هذا الموضع وشيد معبد فينوس/أفروديت فوق قبر المسيح[24]. أكد جيروم ذلك وقال إنَّ المعبد ظل قائمًا هناك حتَّى زمن قسطنطين[25]. كتب يوسابيوس أيضًا أنَّ الإمبراطور قسطنطين، خلال حياته (القرن الرابع)، دمر المعبد الرومانيّ وحفر عبر منصة هادريان حتَّى عثر على قبر المسيح[26]. من ثمَّ شيد بناء جديد (وهو كنيسة القيامة) حول القبر. تم ترميم كنيسة القيامة وإعادة بنائها عدة مرات منذ ذلك الوقت.

خلال عمليات الترميم الأخيرة للقبر (الموضع الذي يحيط بقايا القبر القديم)، أزال الخبراء لوح الحجر الجيري الذي غطى سرير الدفن في المقبرة لأوَّل مرّة منذ ما يقرب من 500 عام. تم اختبار عينات من الملاط من الهيكل المحيط بالقبر، ليتم التأكيد على أنها بُنيت في منتصف القرن الرابع، مما يؤكد التاريخ المكتوب القديم للموقع. لخص عالم الآثار جون ماكراي: “على الرغم من أنَّ الدليل المطلق على موضع قبر يسوع لا يزال بعيدًا عن متناولنا، فإنَّ الأدلة الأثريَّة والأدبيَّة المبكّرة تشير بقوة لما تُعرف بكنيسة القيامة”[27].

 

1. نقش الناصرة

نقش الناصرة – مرسوم إمبراطوري من القرن الأول ينص على عقوبة الإعدام لأي شخص يتم القبض عليه يسرق الجثث من القبور.
Photo Credit: Poulpy / Wikimedia Commons / CC-BY-SA-3.0

نقش الناصرة هو مرسوم من قيصر منقوش على لوح رخامي يفرض عقوبة الإعدام في إسرائيل على أيّ شخص يحرك الجثث من مقابر العائلة، وعلى وجه التحديد “القبور المختومة”، مثل المقبرة التي دُفن فيها يسوع. أشار  فيلهلم فروهير في عام 1878م أنَّ هذا النقش يعود إلى الناصرة، ومن ثمَّ قام بترجمته ونشره في النهاية الباحث الفرنسيّ فرانز كومونت في عام 1930م. من المحتمل أن يعود تاريخ النقش اليونانيّ إلى عهد كلوديوس (41-54م)، ويبدو أنَّه موجه للجمهور اليهوديّ. إنَّه لأمر غير عادي أن يشعر قيصر بالحاجة إلى إصدار مثل هذا التصريح؛ إذ بينما يُشاع حاليًّا أنَّ لصوص القبور كانت تنهب القبور لسرقة الأشياء الثمينة في العصور القديمة، لكن تبدو الحقيقة أنهم لم يفعلوا ذلك أبدًا.

بالطبع، يسجل الكتاب المقدس أنَّ القادة اليهود تعمدوا نشر أكذوبة أنَّ تلاميذ يسوع قد سرقوا الجسد (مت 28: 13-15) لتفسير حقيقة أنَّ القبر كان فارغًا بعد قيام يسوع من بين الأموات. من المحتمل أن يكون هذا التصريح قد وصل إلى الإمبراطور الرومانيّ، الذي كان سيرى الطائفة المسيحيَّة الجديدة كحركة خطيرة ومعاديَّة للرومان.

أظهر تحليل حديث للوح الرخامي الذي نُقش عليه نقش الناصرة إحتماليَّة أنَّه جاء من جزيرة كوس اليونانيَّة. اقترح مؤلفو الدراسة سياقًا تاريخيًا مختلفًا، على الرغم من أنَّ هناك مشاكل خطيرة في فرضياتهم، كما أشار المؤرخ الدكتور كلايد بيلنجتون في مقابلة حديثة. إذ بعد دراسة نقش الناصرة بعمق، خلص إلى أنَّ: “سياق نقش الناصرة يثبت بوضوح أنَّه كتب لليهود وليس لغير اليهود، ومن شبه المؤكد أنَّ كلوديوس صرح به ردًا على قصّة قيامة يسوع الناصريّ، ملك اليهود “[28].

 

استنتاج

كلّ من هذه الاكتشافات مرتبطة بيسوع بطريقةٍ ما، إمَّا تمثل مكانًا زاره أو أشخاصًا تعامل معهم أو حدثًا مركزيًا في حياته. ويشيران معًا إلى أنَّ كتبة الأناجيل سجلوا بدقة أحداث حياة المسيح. وإذا تمكنّا من الوثوق في التفاصيل التاريخيَّة التي وصفوها، أعتقد أنَّه يمكننا الوثوق بسجلهم لتعاليم يسوع. فقد قال ذات مرة: “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي” (يو 14: 6). كما أخبر تلاميذه أنَّه سوف “يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ” (لو 24: 47). هذه هي الأخبار السارة التي كان أتباعه ينادون بها منذ ما يقرب من 2000 عام.

ملحوظة: الاكتشافات الثلاثة الأخيرة في هذه القائمة كلها مهمة، على الرغم من أنها بترتيب مختلف في مدونتي، تحت عنوان أهم عشرة اكتشافات في علم الآثار الكتابيّ المتعلقة بالعهد الجديد. فقد أدرجتها هنا بترتيب زمنيّ لتتبع موت ودفن وقيامة يسوع المعلن عنه في الأناجيل.

 

* هذه ترجمة عن:

https://biblearchaeologyreport.com/2021/04/02/top-ten-discoveries-related-to-jesus/ (23/4/2022)

Å كاهن كنيسة مار مينا السراروة، بأبراشية جرجا، وخريج كلية الآداب جامعة سوهاج قسم ترجمة لعام 2013م، وخريج الكلية الإكليريكية بالأنبا رويس القسم النهاري دفعة 2017م، بتقدير عام امتياز، وطالب ماجستير بالكلية الإكليريكيَّة بالأنبا رويس.

ÅÅ خريج كلية التجارة جامعة القاهرة لعام 2012م، خريج الكلية الإكليريكيَّة بالأنبا رويس القسم النهاري دفعة 2017م، بتقدير عام امتياز، وطالب ماجستير بالكلية الإكليريكيَّة بالأنبا رويس، ومُعيد بقسم اللاهوت بالكلية، ومدرس بمعهد الأنبا أثناسيوس بمطرانية ببا والفشن وسمسطا، ومحاضر وخادم بمدرسة تيرانس بالإسكندريّة.

[1] J. Warner Wallace, “Is There Any Evidence For Jesus Outside The Bible?” ColdCaseChristianity.com. Oct. 30, 2017.  https://coldcasechristianity.com/writings/is-there-any-evidence-for-jesus-outside-the-bible/ (Accessed March 22, 2021).

[2] Josephus, Antiquities, 20.9.1.

[3] Pliny, Letters, 10.96-97

[4] Tacitus, Annals, 15.44. 

[5] Randall Price and H. Wayne House, Zondervan Handbook of Biblical Archaeology (Grand Rapids: Zondervan, 2017), 263.

[6] Clyde E. Fant and Mitchell G. Reddish, Lost Treasures of the Bible. (Grand Rapids: William B. Eerdmans Publishing Company, 2008), 308.

[7] Craig Evans, Jesus and His World: The Archaeological Evidence. (Louisville: Westminster John Knox Press, 2013), 38-58.

[8] Scott Stripling, “The Rise of the Synagogue in Biblical Times.” Bible and Spade. Vol. 33. No. 3 (Summer 2020), 14.

[9] CIJ no. 1404.

[10] Scott Stripling, “The Rise of the Synagogue in Biblical Times.” Bible and Spade. Vol. 33. No. 3 (Summer 2020), 7.

[11] Todd Bolen, “The Pool of Siloam.”

BiblePlaces.com. https://www.bibleplaces.com/poolofsiloam/ (Accessed March 25, 2021).

[12] Zdravko Stefanovic, “Jacob’s Well.” The Anchor Bible Dictionary 3. (New York: Doubleday, 1992), 609.

[13] Randall Price and H. Wayne House, Zondervan Handbook of Biblical Archaeology (Grand Rapids: Zondervan, 2017), 285.

[14] Andre Parot, as quoted by Ferrell Jenkins, “”Jacob’s Well – from Jacob to Jesus.” Sept. 9, 2012. https://ferrelljenkins.blog/2012/09/09/jacobs-well-from-jacob-to-jesus-2/ (Accessed March 26, 2021).

[15]  Todd Bolen, “Southern Temple Mount.”

BiblePlaces.com.  http://www.bibleplaces.com/southerntm/ (Accessed March 25, 2021).

[16]  Josephus, Antiquities, 15.5.1.

[17] Randall Price and H. Wayne House, Zondervan Handbook of Biblical Archaeology (Grand Rapids: Zondervan, 2017), 211.

[18] Josephus, Antiquities, 18.2.2.

[19] Clyde E. Fant and Mitchell G. Reddish, Lost Treasures of the Bible. (Grand Rapids: William B. Eerdmans Publishing Company, 2008), 316.

[20] Ibid, 312.

[21] Nico Haas, “Anthropological Observations on the Skeletal Remains from Giv’at ha-Mivtar,” Israel Exploration Journal 20, no. 1 (1970), 38–59.

[22] John J. Davis, “Rethinking The Crucified Man From Giv’at Ha-Mivtar.” Bible and Spade. Vol. 15. No. 4 (Fall 2002). 

Online: https://biblearchaeology.org/new-testament-era-list/4185-rethinking-the-crucified-man-from-givat-hamivtar (Accessed March 26, 2021).

[23]Kristen Romey, “Unsealing of Christ’s Reputed Tomb Turns Up New Revelations” National Geographic. October 31, 2016. https://news.nationalgeographic.com/2016/10/jesus-christ-tomb-burial-church-holy-sepulchre/ (Accessed March 26, 2021).

[24] Eusebius, Life of Constantine, 3.26.

[25] Jerome, Letter 58, 6.120.

[26]  Eusebius, Life of Constantine, 3.27-33.

[27] John McRay, Archaeology and the New Testament. (Grand Rapids: Baker Academic, 1991), 216.

[28] Clyde Billington, “The Nazareth Inscription: Proof of the Resurrection of Christ?” Associates for Biblical Research. https://biblearchaeology.org/research/new-testament-era/4658-the-nazareth-inscription-proof-of-the-resurrection-of-christ (Accessed March 26, 2021).

أهم عشرة اكتشافات متعلقة بيسوع – بريان ويندل – ترجمة القس مينا – موريس وهيب*

Exit mobile version