آبائيات

المنظور الخلاصي عند القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة – القس مينا القمص إسحق – موريس وهيب

المنظور الخلاصي عند القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة - القس مينا القمص إسحق - موريس وهيب

المنظور الخلاصي عند القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة[1] – القس مينا القمص إسحق – موريس وهيب

ترجمة: القس مينا القمص إسحق سعدÅ

الإكليريكي موريس وهيبÅÅ

المنظور الخلاصي عند القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة - القس مينا القمص إسحق - موريس وهيب
المنظور الخلاصي عند القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة – القس مينا القمص إسحق – موريس وهيب

 

لتحميل البحث بصيغة PDF

‌أ. تمهيد

في كثير من الأحيان يُفسر التجسد بطريقة ترى أن حالة إخلاء المسيح كافية لتتميم الخلاص. في حين أن قوله المعروف جيدًا: “إنه [أي الابن] أصبح إنسانًا حتى يُمكننا أن نصير آلهة” قد يوحي بهذا بسهولة، فإن العمل ككل يحتوي على نسيج غني يدرك الخلاص الذي يتحقق فقط من خلال التدبير الخلاصي بأكمله- أي، تجسده بجانب جميع أعمال الخلاص أثناء وجوده على الأرض بما في ذلك موته على الصليب وقيامته غير الفاسدة. في محاولة لتقديم رؤية القديس أثناسيوس المتعددة الأوجه للخلاص، نأمل في هذا المقال تقديم مساهمة في الفهم الحديث للخلاص في اللاهوت النظامي الذي يميل إلى عزل الأحداث المختلفة.

في تاريخ اللاهوت المسيحي، يمكن للمرء أن يكتشف اختلافًا كبير في فهم الخلاص، ولكن ليس بالضرورة أن يكون متعارضًا. في حين أن الفهم الغربي للخلاص هو الموت الذبائحي والفدائي للمسيح[2]– بصرف النظر عن تنوع النماذج ضمن هذا الإطار التأويلي المُعبر عنه في بعض الأحيان في مصطلحات “البدلية العقابية”[3] أو “الكفارة”[4] على سبيل المثال لا الحصر[5]– يُزعم أن الشرق يميل لربط الخطاب الخلاصي بحدث تجسد المسيح مما يجعل من الممكن تأليه الإنسان[6].

وهكذا، عندما يُنظر إليه من داخل مثل هذه المصطلحات الجدلية المتعارضة، فإن أولئك الذين يؤيدون النهج السابق، على سبيل المثال، يسارعون إلى الإشارة إلى أن ربط الخلاص فقط مع حدث التجسد دون الإشارة إلى موت المسيح يمكن أن يؤدي بسهولة إلى فهم عملية الخلاص بطريقة ميكانيكية مما يؤدي إلى ما وصفه أورمرود Ormerod بأنه “نوع من deus ex machina، النتيجة التلقائية للتجسد نفسه”[7].

ومع ذلك، فإن قصور كلا النهجين هو أن الأحداث المختلفة لحياة المسيح تكون معزولة النتائج في التماسك الداخلي لتدبير المسيح الخلاصي بأكمله– والتي لا تتضمن فقط موته على الصليب مع ولادته غير القابلة للفساد فحسب، بل أيضا تجسده، وبشارته الأرضية بالكامل- يتم تجاهلها إن لم يتم إهمالها كليًا. لا يوجد اليوم سوى القليل من الدراسات المعنية بتقديم عرض شامل أو موحد للخلاص، وهو ما يمثل علاقة متأصلة وعلاقة متبادلة بين تدبير المسيح الخلاصي بأكمله. وحجة هذا المقال هو طرح أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة، والذي له أهمية خاصة في هذا الصدد من حيث أنه يقدم رؤيا متعددة الأبعاد عن الخلاص بقوة وفاعلية، مما يفتح آفاقًا جديدة لرؤية أكثر شمولية ووضوح للخلاص في اللاهوت النظامي اليوم، في الواقع أنه يتميز بشمولية جذرية غير متوقعة[8].

 

‌ب. التأكيد الخلاصي لكتاب تجسد الكلمة

لطالما عُرف القديس أثناسيوس الكبير[9] كأحد أعظم المفكرين المسيحيين في الكنيسة الأولى. إن تأثيره الممتد عبر العصور واضح من حقيقة أن التراث الأثناسيوسي لا يزال ينعكس في الدراسات حتى يومنا هذا[10]. إن دوره في تشكيل هوية الإيمان النيقاوي والدخول في موجة جديدة وحاسمة من التأمل في التعاليم الأساسية للأسرار المسيحية هو على وجه العموم لا شك فيه من خلال الدراسات الحديثة بغض النظر عن تقييم شخصيته التي تقدم في ضوء مناسب أو غير مناسب[11].

فيما يتعلق بمساهمته اللاهوتية، أشار غوين Gwynn إلى أنه “لا يمكن لتاريخ العقيدة المسيحية أن يتغافل عن اسم أثناسيوس الإسكندري […] فقد نما تأثيره العقائدي مع تقدم الزمن ووضع الأسس للاهوتيين من الأجيال اللاحقة”[12]. بالإضافة إلى عنصرها التكويني للعقيدة المسيحية، فإن كتابات ق. أثناسيوس ككل تركز بشكل خلاصي، وتهتم في المقام الأول بإظهار الآثار الوجودية والخلاصية للرسالة المسيحية.

وبشكل أكثر تحديدًا، يمكن القول إن القديس أثناسيوس صاغ معظم كتاباته اللاهوتية، إن لم يكن جميعها، بطريقة تهتم بدرجة أكبر بتعزيز المغزى الخلاصي لحدث المسيح. ويظهر هذا بشكل خاص في واحد من أعماله الرئيسة المبكرة، وهو تجسد الكلمة[13]، والذي يتم دعمه اليوم باعتباره عملًا كلاسيكيًا من الأدب المسيحي، حيث تظهر الموضوعات الخلاصية أكثر وضوحًا من أي مكان آخر. وفي هذا الصدد، أشار بيترسن Pettersen إلى أن “اهتمامه الرئيس [أي القديس أثناسيوس] هو خلاص الله الكامل للبشرية الذي تم تأمينه من خلال التجسد”[14].

في الواقع، هذا التأويل الخلاصي على وجه التحديد هو الذي يجسد بشكل أفضل القصد العام للمقال ومناسبة العمل بالإضافة إلى خطوط تفاصيل النص. وبالفعل في الفصل الافتتاحي، يُوضح هذا بشكل صريح بواسطة القديس أثناسيوس حيث يرتبط التجسد ارتباطًا مباشرًا بالخلاص: “بسبب صلاح أبيه ومحبته للبشر، ظهر لنا في جسد بشري لأجل خلاصنا” (διά την ημών σωτηρίαν, έν άνθρωπίνω σώματι πεφανέρωται)[15].

ومن منظور عام، يتجه العمل نحو إظهار كيف أمكن خلاص الإنسان والعالم المخلوق من خلال الحياة المتجسدة لابن الله الوحيد. وفقًا لذلك، فإن الموضوع الرئيس الذي يسود النص بأكمله هو مركزية حياة الكلمة المتجسد على الأرض باعتبارها الذروة والتي لم تكشف فقط عن القوة الخلاصية للكلمة غير القابل للفساد، بل مكنت العالم أيضًا من قبول الحياة الإلهية والمشاركة فيها. ومن ثم يُفهم الكتاب على أفضل وجه عندما يُرى من إمكانية الخلاص التي يولدها التجسد- وفي الواقع، حياة المسيح كلها- بواسطة سد الفجوة الوجودية بين العوالم المخلوقة وغير المخلوقة[16].

إن الاهتمام الخلاصي الشامل الذي يقوم عليه النص بأكمله يتم تلخيصه بشكل مشهور بعبارة: “لقد صار إنسانًا لكي يؤلهنا” (αυτός γαρ ένηθρώπησεν, ινα ημεις θεοποιηθώμεν)[17]. في حين أن هذا قد يشير للوهلة الأولى إلى كفاية التجسد وحده للخلاص، فإن القراءة المتأنية للكتاب ككل لا تسمح بمثل هذا التفسير. في التفكير مليًا في فهم القديس لمصطلح “التجسد” (ένανθρώπησις)، على سبيل المثال، لاحظ Behr بقوة، أنه كان يجب فهمه من منظور أوسع لا يشمل فقط الحمل والولادة لابن الله من مريم، ولكن أيضًا آلامه على الصليب. ومما لا شك فيه أن هذا له آثار مهمة على لاهوت الخلاص اليوم لأنه يرتفع فوق المناقشات الحديثة في هذه العقيدة التي تميل إلى الرغبة في تمييز لحظات معينة من حياة المسيح- سواء الحبل به وولادته أو آلامه وصلبه أو قيامته- على أنها محددة حصريًا للخلاص.

ومع ذلك، من المثير للاهتمام أن Behr يبدو أنه يركز تركيزًا كبيرًا على تلك الفقرات التي تتعامل مع الصليب، مما يعطي الانطباع بأن الرؤية الأثناسيوسية الخلاصية مرتبطة حصريًا وفقط بالصليب[18]. هذا جدال هذا المقال في أن رؤية ق. أثناسيوس هي رؤية أكثر شمولية. في حين يمكن للمرء أن يقدر التركيز على فقرات الصليب عند Behr -وبالتحديد الرغبة في إثبات أهميتها خاصة ضد بهارناك Harnak وهانسون Hanson وغيرهم اللذين اتهموا القديس بجعل الخلاص عملية ميكانيكية دون أي حاجة لعمل المسيح الخلاصي على الصليب- إلا أن الرؤية الإثناسيوسية للخلاص تمتد إلى حياة المسيح وخدمته بأكملها حيث يجب النظر إلى الأحداث المختلفة من حياة المسيح من منظور سردي واحد موحد[19]. يتجه اهتمامنا الآن إلى بعض الفقرات المحددة التي تقدم رؤية متكاملة للخلاص.

 

‌ج. علم الخلاص وعلاقته بالتدبير الكامل لحياة المسيح

في الفصل الأول من كتاب تجسد الكلمة، نرى أن التجسد والصليب– وبالطبع حياة المسيح كلها- مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، وبالتالي لهما القدر نفسه من الأهمية للخلاص:

تعال- أيها الطوباوي، يا محبًا للمسيح بالحقيقة- لنتتبع الإيمان الحقيقي ونتحدث عن كل ما يتعلق بتأنس الكلمة ونبين كل ما يختص بظهوره الإلهي بيننا، ذلك الذي يسخر منه اليهود ويهزأ به اليونانيون، أما نحن فنسجد له رغم ضعفه الظاهري وذلك حتى تتقوى وتزداد تقواك به (أي بالكلمة). فكلما ازداد الاستهزاء من غير المؤمنين، بالكلمة، يُعطي هو شهادة أعظم عن ألوهيته، وكل ما يظْن البشر أنه مستحيل، فإن الله يثبت أنه ممكن، وكل ما يسخر منه البشر، كأمر غير لائق، هذا يجعله بصلاحه لائقًا. وكل ما يهزأون به- وهم يدعون الحكمة- على أنه أعمال بشرية فهذا كله يُظهره بقوته أنه أعمال إلهية. وهكذا، فمن ناحية يُحطم عن طريق الصليب- الذي يُظن أنه ضعف- كل ضلالات عبادة الأوثان، ومن ناحية أخرى يُقنع بطريقة خفية أولئك الهازئين وغير المؤمنين، حتى يدركوا ألوهيته وسلطانه[20].

تُقدم رؤية القديس الخلاصية هنا بقدر كبير من الوضوح والترابط والشمولية: لم يتم تحقيق الخلاص فقط من خلال الحمل والولادة لابن الله من قبل مريم، بل شمل حياة المسيح بأكملها، أي “ظهوره الإلهي” والذي بلغت ذروته بالصليب والقيامة[21]. يدمج القديس أثناسيوس حياة المسيح وعمله كله في خطته الخلاصية، وبذلك يقدمها في أوسع نطاق لها. بدأ التجسد عملية الخلاص من خلال منح البشرية “تقوى” متنامية بيسوع المسيح.

على الجانب الآخر، عمل الصليب على إقناع أولئك الذين لم يؤمنوا بأهمية التجسد. في موضع آخر من الكتاب، أشار القديس أثناسيوس إلى أنه من خلال التجسد عُرف الله وبذلك فتح الطريق نحو المعرفة الإلهية، بينما في موته، دمر المسيح الموت والفساد، تحت التأثير الذي يدور حوله العالم وبالتالي مكنه من الشركة في حياة الله[22]. وبغض النظر عن العواقب الخلاصية المختلفة التي تم التأكيد عليها، فإن المغزى واضح: كان القديس أثناسيوس أكثر اهتمامًا بدمج جميع جوانب حياة المسيح في رؤيته للخلاص.

وبالتالي، يمكن القول إن أعمال المسيح الخلاصية المتميزة، سواء كانت تجسده أو ظهوره الإلهي أو موته الكفاري على الصليب، شكلت وحدة موحدة، بحيث يكون من الأصح أن نتحدث ليس من حيث الأفعال المختلفة أو المتباينة- ناهيك عن عزل عمل واحد- ولكن من حيث التعبيرات المختلفة لعمل واحد متكامل للخلاص.

وما زلنا في الفصل الأول من الكتاب، ويمكن أيضًا إثبات أن الفهم الاختزالي الذي يريد تحديد أهمية الصليب وحده- أو بالنسبة لهذه المسألة التجسد- للخلاص لا يمكن الدفاع عنه. اعتبر القديس أثناسيوس التجسد والصليب معًا على وجه التحديد ليُبين أنهما لا يمكن فصلهما. يقدم النص قيد الفحص حدث التجسد استنادًا إلى الصور الكتابية التي وضحها القديس بولس بشكل خاص بالإشارة إلى الصليب. إذ بالإشارة إلى التجسد كحدث “يسخر منه اليهود ويهزأ به اليونانيون”، أراد القديس أثناسيوس عمدًا أن يربط التجسد بالصليب بهذه الطريقة مؤكدًا عدم انفصالهما عن الخلاص. وعلاوة على ذلك، فإن استخدام القديس أثناسيوس لمصطلح “يُحطم” (ευτέλεια) مرتين في مثل هذا المقاربة، أولًا بالإشارة إلى التجسد وثانيًا إلى الصليب، يجعل الارتباط والتوافق بين الحدثين أكثر وضوحًا.

لقد كان هذا التجاور بين أحداث التجسد والصليب على التوالي هو الذي جعل كل شيءأكثر تأكيدًا باستخدام المصطلح الوصفي نفسه- أي كلمة “يُحطم”- الذي قاد Behr بشكل صحيح إلى استنتاج أن مصطلح “التجسد” لا “يشير ببساطة إلى ولادة يسوع من مريم […] بل بالأحرى […] إلى ولادته عندما يُنظر إليه من منظور الصليب، ومن ثم يُصف فيه”[23]. وفقًا لـ Behr، كان الصليب هو الذي ألقى الضوء على الآثار الخلاصية الكاملة للتجسد، وأعطى معنى لها. وبعبارة أخرى، فإن الخلاص، وفقًا لرؤية ق. أثناسيوس، هو الأفضل تقديرًا عندما يُرى التجسد والصليب معًا.

هذا مفسر أكثر في مكان آخر في الكتاب حيث شدد القديس أثناسيوس على أهمية خدمة المسيح الأرضية من حيث تقديم الشهادة لألوهيته وتأكيدها، وبالتالي لا غنى عنها للخلاص. في الفصل 18، يُذكر القديس أثناسيوس، على سبيل المثال، قُراءه بأن المسيح “طهر البرص، جعل العرج يمشون، والصم يسمعون، والعمي يبصرون […] من أجل أن يرى أي شخص ألوهيته”[24] (την θεότητα θεωρείν). الفكرة نفسها المتعلقة بأهمية خدمة المسيح الأرضية قد تم التعبير عنها في عدة فصول من قبل:

ولهذا السبب أيضًا فإنه لم يتمم ذبيحته عن الكل بمجرد مجيئه مباشرة، بتقديم جسده للموت ثم إقامته ثانية. لأنه لو فعل ذلك لجعل ذاته غير ظاهر، ولكنه صير نفسه ظاهرًا جدًا بتلك الأعمال التي عملها وهو في الجسد والمعجزات التي أظهرها، وبذلك صار معروفًا أنه ليس بعد مجرد إنسان فقط بل أنه هو الله الكلمة[25].

وفقا للقديس أثناسيوس، لو كان ابن الله قد صُلب فور تجسده، فإن هذا لم يكن ليعطي الفرصة للعالم المخلوق أن يميز تدريجيًا الصفات الإلهية للمسيح المتجسد. وبالتالي، فقد كان الأفضل أن يصبح إنسانًا ويبقى كذلك ليتمم كل الإشارات المتوقعة من المسيا كما هو مُبين في أسفار العهد القديم، كي يمكن للعالم أن يتعرف على ألوهية يسوع وبالتالي يكون منفتحًا للخلاص.

بعد التأكيد على رؤية ق. أثناسيوس للخلاص على أنه يحتوي على نسيج غني يدرك الخلاص من منظور تدبير المسيح الخلاصي بأكمله، فإن هذا لا يعني التقليل من أهمية الصليب. بالفعل في هذا الفصل التمهيدي قيد الفحص، أُظهر الصليب على أنه مهم للغاية لأنه أظهر ألوهية المسيح بطريقة أكثر مثالية. ووفقًا للقديس، كلما ازدادت مهانة الأحداث المتعلقة بحياة المسيح، كلما اتضحت مفارقة تمييز مجد المسيح وألوهيته- المجد والإلوهية اللذين كانا له منذ الأزل مع الآب. لذلك، من هذا المنظور، أصبح الصليب هو أكمل عمل للخلاص لأنه كان بالتأكيد الحدث الأكثر إهانة لخدمة المسيح الأرضية.

وهكذا، بينما كان الصليب مهمًا جدًا للخلاص، وفقًا لفهم ق. أثناسيوس، إلا انه مع ذلك كان يجب رؤيته في التدبير الخلاصي بأكمله. ومن هذا المنطلق، يجب التعامل مع وصف ق. أثناسيوس لذبيحة المسيح على الصليب بأنها مهينة “على ما يبدو”- مرة أخرى، وصف يستخدم مرتين مع للإشارة إلى التجسد والصليب. بعيدًا عن الفهم بأي طريقة دوسيتية[26]، فإن هذين الحدثين على وجه الخصوص يوصفان بأنهما مهينان فقط في الظاهر بسبب أهميتهما الخلاصية الكامنة وراء المظهر الخارجي لهذه الأحداث. في مكان آخر يؤكد الكتاب بعبارات لا لبس فيها على حقيقة التجسد والصليب. وهكذا، على سبيل المثال، كتب القديس أثناسيوس في الفصل الثامن:

فقد أخذ لنفسه جسدًا لا يختلف عن جسدنا. لأنه لم يقصد أن يتجسد أو أن يظهر فقط، وإلا لو أنه أراد مجرد الظهور لأمكنه أن يتمم ظهوره الإلهي بطريقة أخرى اسمى وأفضل[27].

وفقًا لذلك، بينما كانت هذه في الواقع مهينة حقًا على المستوى الظاهري، فعلى المستوى اللاهوتي الأكثر عمقًا، كانت هذه الأحداث تحديدًا هي التي خُلص العالم من خلالها حيث أظهر المسيح أنه ليس سوى الابن الحقيقي وكلمة الآب. وبهذه الطريقة، لوصف القديس أثناسيوس التجسد والصليب بأنه “مهين ظاهريًا”، أراد أن يقدر قراءه الأهمية الخلاصية لهذه الأحداث معًا. وبالتالي، فإن الرؤية الخلاصية الأثناسيوسية قد اشتملت بشكل عام على حياة المسيح بأكملها: فهم تجسده بشكل صحيح من منظور الصليب، وحياته الأرضية جنبًا إلى جنب مع ذبيحته على الصليب كعلامات حقيقية لـ “ألوهيته وسلطانه”.

 

‌د. رواية خلاصية غير منتهية

إن النموذج الذي وضعه القديس أثناسيوس في الفصل الافتتاحي– أي الخلاص الذي تم بواسطة التدبير الكامل لحياة المسيح على الأرض- تكرر في جميع أنحاء الكتاب. وهكذا، وفي أعقاب قوله المعروف عن التجسد وفتح إمكانية الشركة في الحياة الإلهية لله، جادل القديس أثناسيوس بأن عمل المسيح الخلاصي وآثاره تميزت في الواقع بمثل هذه الوفرة إذ كان من المستحيل تعدادها:

[…] وأظهر نفسـه في جسد لكي نحصل على معرفة الآب غير المنظور، واحتمل إهانة البشر لكي نرث نحن عدم الموت […] وباختصار فإن الأعمال التي حققها المخلص بتأنسه عظيمة جدًا في نوعها وكثيرة في عددها، حتى أنه إذا أراد أحد أن يحصيها فإنه يصير مثل الذين يتفرسون في عرض البحر ويريدون أن يحصوا أمواجه[28].

مرة أخرى، فإن النقطة التي تم التشديد عليها هنا هي أهمية حياة المسيح بأكملها للخلاص. يتم شرح السبب الكامل والأساس المنطقي لخدمة المسيح المتجسد الأرضية من حيث توفير فرصة للعالم المخلوق لتحقيق المعرفة أو “فكرة” عن الآب وبهذه الطريقة “يرث عدم الموت (الفساد)”. ومع ذلك في هذه العملية، بعيدًا عن عزل أحداث معينة، ذهب القديس أثناسيوس إلى أبعد من ذلك مشيرًا إلى أن عمل المسيح الخلاصي كان بعيدًا جدًا وموسعًا بحيث لا يمكن تحديده بحدث واحد فقط لأن ما تم التأكيد عليه هو عمل المسيح “ككل”[29]. مرة أخرى، يشير هذا إلى أهمية دمج كل أحداث وأعمال خدمة المسيح على الأرض في الخلاص لأن كل ما فعله المسيح، هو من أجل خلاص العالم المخلوق. في فصل سابق، أوضح القديس سبب استحالة تحديد أعمال المسيح الخلاصية:

لأنه وهو الكائن الكلي القدرة وبارئ كل شيء، أعد الجسد في العذراء ليكون هيكلاً له وجعله جسده الخاص متخذًا إياه أداة ليسكن فيه ويُظهر ذاته به. […] فقد بذل جسده للموت عوضًا عن الجميع، وقدمه للآب. كل هذا فعله من أجل محبته للبشر أولاً: لكي إذ كان الجميع قد ماتوا فيه، فإنه يُبطل عن البشر ناموس الموت والفناء، ذلك لأن سلطان الموت قد استُنفذ في جسد الرب[30].

يمكن بسهولة تفويت أهمية إبطال الفساد الذي يتم تحقيقه (πληρωθείσης) في “جسد الرب” لأنه يُقال فقط بشكل عابر وليس مطورًا على نطاق واسع. ومع ذلك، يمكن القول إنه يأخذ رؤيته الخلاصية الشاملة إلى مستوى آخر غير متوقع تمامًا، باختصار، ليس كل ما فعله المسيح خلال خدمته الأرضية كان مهمًا للخلاص، ولكن في الحقيقة كل ما استمر في عمله في “جسده الرباني”. في حين أن عبارة “الجسد الرباني” يمكن أن تكون مفتوحة لتفسيرات مختلفة- تحليل لا يهمنا هنا- أحد تلك التفسيرات الذي لا يمكن استبعادها بالكامل هو أنه إشارة إلى الكنيسة.

والنقطة التي يتم طرحها هنا ببساطة- وهي فكرة لا تنتقص من الجدل العام- هي أن مثل هذا الإطار الكنسي لن يتعارض مع الرواية الخلاصية للقديس أثناسيوس؛ بل على العكس، فإنه يكمل رؤية القديس للخلاص. بناءً على ذلك، إذا تم قبوله، يمكن تفسير معنى النص على أنه يعني أن عمل المسيح الخلاصي لم ينته بخدمته الأرضية ولكنه يستمر حتى يومنا هذا داخل الكنيسة، التي هي جسده. إن مثل هذا الفهم من شأنه أن يوضح إشارة القديس أثناسيوس إلى المدى الواسع لعمل المسيح الخلاصي، وسيكون ببساطة متوافقًا مع الاستخدام البولسي لصور “الجسد” باعتباره مرجعًا للكنيسة.

حتى لو رُفضت مثل هذه القراءة الكنسية لصالح قراءة أكثر حرفية- أي أن العبارة تعني ببساطة، الجسد الذي ينتمي إلى الرب- فهذا لا يؤثر على الاستنتاجات المقترحة هنا، أي أن عمل المسيح الخلاصي لا يزال مستمر على مر العصور. في هذا، كان من الممكن أن يُنظر إلى القديس أثناسيوس على أنه قد عبر عن رؤية شاملة ومستفيضة بشكل ملحوظ للخلاص، وهي رؤية لا يمكن حساب أفعالها التأسيسية لأنها لا تزال تتحقق حتى يومنا هذا.

بصرف النظر عن مثل هذا التفسير لهذه الفقرة، فإن عمل المسيح الذي لا يزال يتم تنفيذه يؤكد بالفعل الأعمال الخلاصية التي لا تنتهي والتي حققها المسيح- أو الأصح، التي حققها المسيح على مر العصور داخل الكنيسة- مما يوضح مدى رؤيته الشاملة للخلاص. وبالتالي، بعيدًا عن التركيز على عمل واحد في وقتٍ ما، طرح القديس أثناسيوس بشكل رائع رؤية للخلاص تجاوزت الزمن من خلال تضمين عمل المسيح في الماضي والحاضر والمستقبل.

 

‌ه. ملاحظات ختامية

استكشف المقال الرؤية الأثناسيوسية للخلاص، وبذلك أظهر السمة المميزة الشاملة. وبالفعل، في جميع أجزاء النص، تبين أن المرء كان قادرًا على الشعور بنص فرعي عميق، أي أنه كان على وجه التحديد قوة الشمول الراديكالية التي أصبحت معيارًا لخلاصه. على عكس المفاهيم الحديثة التي تميل إلى تحديد اللحظات المنعزلة في حياة المسيح باعتبارها حاسمة للخلاص، وبالنسبة إلى القديس أثناسيوس، فقد تبين أن الخلاص قد تحقق من خلال تدبير المسيح الخلاصي بأكمله- بما في ذلك كل ما فعله من خلال جسده الرباني، وأيضًا كل ما يستمر فعله في جسده الرباني، “الكنيسة”.

من خلال كونه إنسانًا، يعيش في العالم، يتألم ويموت، كان المسيح قادرًا على تدمير الموت بالموت ومن خلال قيامة جسده لاستعادة عدم الفساد وإعطاء العالم المخلوق عبر الزمن الفرصة داخل السياق الكنسي للمشاركة في حياة الله. لذلك، فإن رؤيته الشاملة للخلاص تقدم للمؤمنين اليوم “الحياة في المسيح”، وتمكنهم من العيش كمسيح، وأن يحبوا كمسيح، ويخدموا كمسيح وأن يكونوا واحدًا مع المسيح.

المنظور الخلاصي عند القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة - القس مينا القمص إسحق - موريس وهيب
المنظور الخلاصي عند القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة – القس مينا القمص إسحق – موريس وهيب

 

[1] هذه الترجمة لمقال:

Philip Kariatlis, Soteriological Insights in St Athanasius’ On the Incarnation, Phronema, vol. 28 (2), 2013, p. 21-34.

Å كاهن كنيسة مار مينا السراروة، بأبراشية جرجا، وخريج كلية الآداب جامعة سوهاج قسم ترجمة لعام 2013م، وخريج الكلية الإكليريكية بالأنبا رويس القسم النهاري دفعة 2017م، بتقدير عام امتياز، وطالب ماجستير بالكلية الإكليريكية بالأنبا رويس.

ÅÅ خريج كلية التجارة جامعة القاهرة لعام 2012م، خريج الكلية الإكليريكية بالأنبا رويس القسم النهاري دفعة 2017م، بتقدير عام امتياز، وطالب ماجستير بالكلية الإكليريكية بالأنبا رويس، ومُعيد بقسم اللاهوت بالكلية، ومدرس بمعهد الأنبا أثناسيوس بمطرانية ببا والفشن وسمسطا، ومحاضر وخادم بمدرسة تيرانس بالإسكندرية.

[2] الدلالة على هذا التعريف هو عنوان العمل الهام التالي في علم الخلاص بواسطة

John McIntyre, The Shape of Soteriology: Studies in the Doctrine of the Death of Christ (Edinburgh: T&T Clark, 1992). Cf. also Paul S. Fiddes, ‘Salvation,’ in The Oxford Handbook of Systematic Theology, ed. John Webster, Kathryn Tanner and lain Torrance (Oxford: Oxford University press, 2007), 178:

“[…] ربما كان أهم ميزة في الفهم المسيحي للخلاص هو”الكفارة”. […] وللمؤمنين المسيحيين تحدث الكفارة بسبب موت يسوع في الإعدام الروماني بعد ظهر يوم الجمعة […] إنهم يرون أن الصليب ليس مجرد إفشاء للعملية، بل كنقطة حاسمة للخلاص، والتي ينبع منها كل شيء”.

[3] في فصل حول البدلية العقابية، عرفه شرينر Schreiner على النحو التالي: “أُعرف البدلية العقابية على النحو التالي: الأب، بسبب حبه للبشر، أرسل ابنه (الذي قدم نفسه طواعية وبسرور) لإرضاء عدالة الله، ليأخذ المسيح مكان الخطاة. إن العقوبة والجزاء التي كنا نستحقه قد وُضع على يسوع المسيح عوضًا عنا، وهكذا في الصليب تتجسد قداسة الله ومحبته على حد سواء”.

Thomas R. Schreiner, ‘Penal Substitution View,’ in The Nature of the Atonement, ed. James Beilby and Paul R. Eddy (Downers Grove, IL: InterVarsify Press, 2006), 68.

[4] في عرضه للفهم المسيحي للخلاص، لاحظ فيديس Fiddes: “شيء ما في الله يتتطلب الإرضاء قبل أن يدخل الحب الغافر حيز التنفيذ: يقترح أنسيلم أن يكون هذا كرامة الله، وكالفن يؤكد أنه شريعة الله أيضًا. ولأن البشر مخالفين مذنبين، فمن المفترض أنه يجب دفع الدين للعدالة قبل أن يتم العفو عنه”

  1. Fiddes, ‘Salvation’, 179.

[5] هذان النموذجان ليسا شاملين بأي حال من الأحوال. على سبيل المثال، حدد مكلنتيري McIntyre في عمله على الأقل 11 نموذجًا من هذه النماذج: بعضها يشمل: الفدية، الفداء، التضحية، الاسترضاء، الكفارة، البدلية، المصالحة، العقاب، الرضا، التحرر.

Cf. j. McIntyre, The Shape of Soteriology, 29-52.

[6] الأعمال الأدبية هنا هائلة. تشمل بعض الأعمال الكلاسيكية كما يلي:

Norman Russell, Fellow Workers with God: Orthodox Thinking on Theosis, Foundations Series (Crestwood, NY: St Vladimir’s Seminary Press, 2009) and by the same author, The Doctrine of Deification in the Greek Patristic Tradition (Oxford: Oxford University Press, 2004), Georgios Patronos, The Deification ofthe Human Person [in Greek] (Athens: Domos, 1995), Panayiotis Nellas, Deification in Christ: Orthodox Perspectives on the Nature ofthe Human Person, trans. Nor- man Russell (Crestwood, NY: St Vladimir’s Seminary Press, 1987), Georgios Mantzaridis, The Deification of Man, trans. Liadain Sherrard (Crestwood, NY: St Vladimir’s Seminary Press, 1984) and Jules Gross, The Divinization of the Christian according to the Greek Fathers, trans. Paul Onica (Anaheim, California: A&c Press, 2002). Stephen Finían and Vladimir Kharlamov (eds.), Theosis: Deification in Christian Theology (Eugene, Oregen: Pickwick Publica- tions, 2006) and Vladimir Kharlamov (ed.), Theosis: Deification in Christian Theology, vol. 2 (Eugene, Oregen: Pickwick Publications, 2011).

يجب الإشارة إلى أنه على الرغم من أن فكرة التأله كانت مألوفة أكثر في التقليد الأرثوذكسي الشرقي، فمن المرحب به أن نرى مكانتها المتزايدة في اللاهوت الغربي، وتشمل بعض الأعمال الحديثة ما يلي:

Michael j. Christensen and Jeffery A. Wittung (eds.), Partakers of the Divine Nature: The History and Development of Deification in the Christian Traditions (Grand Rapids, Ml: Baker Aeademic, 2007).

أيضًا، المقالات التوضيحية التالية تخون القبول المتزايد للمصطلح في علم الخلاص الغربي:

Myk Habets, “‘Reformed Theosis?” A Response to Gannon Murphy,’ Theology Today 65 (2009): 489-498؛ Bemie A. Voon De Walle, “How High of a Christian Life?” A. B. Simpson and the Classie Doetrine of Theosis,’ Wesleyan Theologies! Journal 43.2 (2008): 136 153, and s. T. Kimbrough, ‘Theosis in the Writings of Charles Wesley,’ Vladimir’s Theological Quarterly 52.2 (2008): 199-212.

[7] Neil Ormerod, Creation, Grace and Redemption, Theology in Global Perspee- tive Series (Maryknoll, New York: Orbis Books, 2007), 94.

كما سيظهر في هذا المقال، تكلم القديس أثناسيوس عن الخلاص ليس فقط في سياق التجسد؛ وهكذا، فإن الاتهام الموجهة إليه بأن رؤيته للخلاص آلية أو تلقائية لا تصمد. كانت هذه التهم الموجهة أولًا ضد القديس أثناسيوس في أوائل القرن التاسع عشر من قبل أدولف فون هارناك Adolf von Harnak – واستمر عليها آخرون، على سبيل المثال هانسون Hanson- الذين اعتقدوا أن الإطار الأثناسيوسي للخلاص لم يكن بحاجة إلى موت المسيح الكفاري.

Cf. Adolf von Hamack, History of Dogma, vol. 3 (New York: Dover, 1961), 165.

[8] يجب أن يُذكر منذ البداية أنه لا يزال يتعين إجراء المزيد من الدراسة لفحص الطريقة التي تعمل بها “لحظات” مختلفة من حياة المسيح معًا كوحدة متكاملة عند القديس أثناسيوس في تجسد الكلمة.

[9] هذه هي الطريقة التي يشار بها إليها في التقليد الليتورجي الأرثوذكسي الشرقي الذي يُحتفل به مع إسكندري عظيم آخر، وهو القديس كيرلس الإسكندري في 18 يناير.

[10] Beyond the classic work on St Athanasius by Khaled Anatolios, Athanasius: The Coherence of his Thought (Eondon: Routledge, 1998), some more reeent works inelude: Thomas Weinandy, Athanasius: A Theological Introduction (Hampshire: Ashgate, 2007), Peter j. Eeithart, Athanasius, Eoundations of Theological Exegesis and Christian spirituality (Grand Rapids, Miehigan: Baker Aeademie, 2011) and Darid Gwynn, Athanasius of Alexandria: Bishop, Theologian, Ascetic, Father, Christian Theology in Context (Oxford: Oxford University ?ress, 2012).

[11] For a brief yet insightihl summary ofthe seholarship dealing with St Athanasius’ character, see D. w. H. Arnold, The Early Episcopal Career of Athanasius of Alexandria (Notre Dame: University of Notre Dame Press, 1991), 9-22.

[12] D. Gwynn, Athanasius of Alexandria, 55.

أيضًا ملاحظة بير Behr: “كتاب تجسد الكلمة، على وجه الخصوص، كان له تأثير كبير على اللاهوت لاحقًا. ويمكن وصفه تقريبًا بأنه تعريف محدد لعلم اللاهوت النيقاوي، وبالتأكيد كما فهمه التقليد البيزنطي المتأخر”.

John Behr, The Nicene Faith, part 1, Formation of Christian Theology, vol. 2 (Crestwood, NY; St Vladimir’s Seminary Press, 2004), 168-9.

[13] هناك الكثير من الجدل حول التاريخ الدقيق الذي كتب فيه كتاب تجسد الكلمة. في حين أنه كان من المتفق عليه في السابق أن الرسالة كتبت في أوائل عام 320م، أي قبل ترقيته للأسقفية، هناك اجماع متزايد اليوم على تأريخ الرسالة في منتصف الثلاثينات من القرن الرابع. للحصول على نظرة عامة عن الكتاب، انظر

Khaled Anatolios, Athanasius: The Coherence of his Thought (New York: Routeledge, 1998), 9-27.

غير أن تأريخ هذه الرسالة لا يؤثر على الحجة المقدمة في هذا المقال.

[14] Alvyn Fettersen, Athanasius (Fondon: G. Chapman, 1995), 109.

[15] On the Incarnation, 1 (PG 25, 97C). Unless otherwise stated the English translation o f the original text of On the Incarnation is that of John Behr from St Athanasius, On the Incarnation (Yonkers, New York: St V ladim ir’s Seminary Fress, 2011).

[16] تسلط بنية الكتاب الضوء على غرضه الخلاصي: بعد فصلين تمهيديين، نجد قسمين شاملين حول الآثار الخلاصية للتجسد (الفصل 3-10، 11-19). عندها فقط يوجه القديس انتباه قرائه إلى عمليتين خلاصيتين محددتين هما: آلام المسيح وذبيحته على الصليب (20-26)، تليها قيامته (26-32). يتبع ذلك قسمين كبيرين وهما دفاعان يدعمان عقلانية خطة المسيح الخلاصية الموجهة تحديدًا إلى اليهود (33-40) والأمم (4-55) على التوالي.

[17] On the Incarnation, 54 (PG 25, 192B).

[18] j. Behr, The Nicene Faith, 184-207.

[19] كما ذُكر أعلاه، فإنه يقع خارج نطاق هذا المقال لدراسة منفصلة عن الحمل والولادة والحياة والموت وإعادة توجيه المسيح من أجل معرفة كيفية دمج هذه الأحداث في علم الخلاص الخاص به. سيشكل هذا أساسًا للدراسة المستقبلية.

[20] تجسد الكلمة 1: 1-2

[21] لهذا السبب، فإن تعليقات هانسون بأن عقيدة القديس أثناسيوس عن التجسد “تكاد تلغي عقيدة التكفير” لا تصمد.

 (R. F. c. Hanson, The Searchfor the Christian Doctrine of God (Edinburgh: T&T Clark, 1988, 450)

في الواقع، ذهب هانسون إلى أبعد من ذلك بالقول إن “عقيدة التجسد التي وضعها القديس أثناسيوس قد ابتلعت تقريبًا أي عقيدة للتكفير، وجعلها غير ضرورية”.

  1. Hanson, The Search, 450.

[22] تجسد الكلمة 8: 3-4 “لأنه وهو الكائن الكلي القدرة وبارئ كل شيء، أعد الجسد في العذراء ليكون هيكلاً له وجعله جسده الخاص متخذًا إياه أداة ليسكن فيه ويُظهر ذاته به. وهكذا إذ اتخذ جسدًا مماثلاً لطبيعة أجسادنا، وإذ كان الجميع خاضعين للموت والفساد، فقد بذل جسده للموت عوضًا عن الجميع، وقدمه للآب. كل هذا فعله من أجل محبته للبشر أولاً: لكي إذ كان الجميع قد ماتوا فيه، فإنه يُبطل عن البشر ناموس الموت والفناء، ذلك لأن سلطان الموت قد استُنفذ في جسد الرب، فلا يعود للموت سلطان على أجساد البشر (المماثلة لجسد الرب). ثانيًا: وأيضًا فإن البشر الذين رجعوا إلى الفساد بالمعصية يعيدهم إلى عدم الفساد ويحييهم من الموت بالجسد، الذي جعله جسده الخاص، وبنعمة القيامة يبيد الموت منهم كما تُبيد النار القش”.

[23] j. Behr, The Nicene Faith, 185.

[24] On the Incarnation, 18 (FG 25, 128C).

[25] تجسد الكلمة 16: 4

[26] الدوسيتية Docetism هي فرقة فلسفية مسيحية متأثرة بالغنوصية ظهرت في القرن الثاني للميلاد عارضتها الكنائس المسيحية بشدة واعتبرتها هرطقة لأنها تؤكد على أن ناسوت (جسد) يسوع ليس له وجود حقيقي لأن الجسد مادي والمادة ليس لها وجود فعلي حقيقي في اعتقادهم (المترجم).

[27] تجسد الكلمة 8: 2-3

[28] تجسد الكلمة 54: 3-4

[29] On the Incarnation, 54 (FG 25, 192C).

[30] تجسد الكلمة 8: 3-4

المنظور الخلاصي عند القديس أثناسيوس في كتاب تجسد الكلمة – القس مينا القمص إسحق – موريس وهيب