آبائياتأبحاث

اختيار شريكة الحياة ج3 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

اختيار شريكة الحياة ج3 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

اختيار شريكة الحياة ج3 - ق. يوحنا ذهبي الفم - د. سعيد حكيم يعقوب
اختيار شريكة الحياة ج3 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

 

اختيار شريكة الحياة

ضمن عظة بعنوان ”مديح لمكسيموس”

(في المخطوط اليوناني)

للقديس يوحنا ذهبى الفم

 

فضيلة الضيافة:

وكيف تبدو المرأة فاضلة؟.. يقول من العلامة التي وضعها. وما هي علامة هذه الفضيلة؟.. هي علامة الضيافة. لأن الضيافة هي سمة عظيمة للإختيار، لقد طلب فتاة مضيافة، حتى تستطيع أن تقدم خدمة لكل محتاج لها. ولم يطلب هذا الأمر مصادفة. بل أراد أن يأخذ امرأة لها نفس طريقة تفكير سيده، وأن تكون معينة داخل بيت مفتوح للغرباء. لأنه من قِبل الضيافة ننال كل الخيرات. هكذا سلك سيده وقدم ذبائح ورُزق ابنًا ونسله صار كنجوم السماء بحسب وعد الله. وطالما أننا نقتنى لأنفسنا ولبيوتنا كل الخيرات من قِبل الضيافة، فقد طلب هذه العلامة على وجه التحديد.

وما يجب الالتفات إليه، ليس فقط موضوع طلب الماء، ولكن الفضيلة التي تزين نفسها. وهي لم تعط فقط ما طُلب منها، بل إنها قد أعطت أكثر مما طلب منها. وأنت أيضاً عندما تنوى على إختيار زوجة لك لا تلجأ للناس ولا لنساء يتاجرون بنكبات الآخرين، ويطلبون شيئاً واحداً فقط، كيف يُكافئون، لكن الجأ إلى الله. والله نفسه وعد ” اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم” (مت33:6).

ولا تقل كيف يمكن أن أرى الله؟ هذا قول نفس غير مؤمنة. لأن الله يستطيع أن يحقق لك كل ما تريد دون أن تطلب.

وهذا هو ما تحقق في حالة هذا الخادم، لأنه لم يسمع صوت ولم ير رؤية. بل بينما هو واقف بجوار البئر، صلى وعلى الفور نجح في مسعاه  ” لأنه حدث إذ كان لم يفرغ بعد من الكلام إذا رفقه التي ولدت لبتوئيل إبن ملكه امرأة ناحور أخى إبراهيم خارجة وجرتها على كتفها وكانت الفتاة حسنة المنظر جداً وعذراء لم يعرفها رجل فنزلت إلى العين وملأت جرتها وطلعت” (تك15:24-17) لكي تدرك كم هي عظيمة طريقة التفكير هذه، وأن جمال النفس له أهمية في الاختيار، لم يقل مصادفة مرتين أنها عذراء، لأنه قال كانت عذراء ولم يعرفها رجل. لأن كثيرات من الفتيات يحفظن أجسادهن، بينما نفوسهن مليئة بالشرور، متزينات بأشياء كثيرة وعيون الشباب تلاحقهن، وهؤلاء الفتيات قد ينصبن شباكهن للإيقاع بالشباب. ويبين موسى النبى أن هذه المرأة كانت عذراء في الجسد والنفس فيقول: “عذراء لم يعرفها رجل” على الرغم من أنه توجد أسباب عدة لكي تعرف رجلا ـ وهي جمال الجسد، ثم طبيعتها المضيافة الخدومة.

لأنها لو لم تخرج من بيت أبيها وداومت الاستمرار في غرفتها كما تفعل بنات اليوم، ولم تخرج إلى السوق، لما كانت مستحقة لهذا المديح ” لم يعرفها رجل “.

فعندما تراها وهي خارجة إلى السوق كل يوم وهي مضطرة أن تحمل الماء مرة ومرتين وأحيانًا مرات كثيرة، وبعد كل هذا لم تعرف رجلا ـ وقتها ستدرك كم كانت مستحقة للمديح.

فلو ترددت فتاة على السوق عدة مرات حتى ولو لم تكن جميلة وليس فيها ما يجذب الانتباه، رغم غناها، يحدث أن يكون في هذا الخروج ما يفسد أخلاقها.

أما رفقه وهي تخرج كل يوم ليس فقط إلى السوق، ولكن أيضًا إلى البئر لتأخذ ماء، هناك حيث يجتمع كثيرون وكثيرات، فإنها بقيت عذراء النفس والجسد، فكيف لا تكون إذن مستحقة لكل تقدير واعجاب وبالأكثر جدًا أنها حفظت فكرها في نقاوة من اللواتي يجلسن في مجمع النساء، احتفظت في وسطهن بهذا النقاء.

كما قال الرسول بولس: ” لكي تكون مقدسة جسدًا وروحًا
(1كو34:7).

فنزلت إلى العين وملأت جرتها وطلعت فركض العبد للقائها وقال اسقينى قليل ماء من جرتك فقالت اشرب يا سيدى وأسرعت وأنزلت جرتها على يدها وسقته ولما فرغت من سقيه قالت أستقى لجمالك أيضاً حتى تفرغ من الشرب فأسرعت وأفرغت جرتها في المسقاه وركضت أيضاً الى البئر لتستقى فأستقت لكل جماله” (تك16:24ـ20).

 

الضيافة والحكمة:

ضيافة هذه المرأة هي بالتأكيد ضيافة عظيمة لكنهاأيضًا تتمتع بحكمة عظيمة. يمكننا أن نعرف هذين الأمرين جيدًا (الضيافة ـ الحكمة)، مما قالته ومما فعلته. أرأيت كيف أن الحكمة لم تُفسد الضيافة والضيافة لم تُفسد الحكمة؟

لأنها لم تذهب هي أولاً نحو الخادم ولم تبدأ الحديث معه، وهذا يُعد نموذجًا للحكمة، لكن هو الذي ترجاها، حينئذً لم ترفض طلبه وهذا علامة واضحة للضيافة ومحبة الناس.

أما لو سعت هي للتحدث معه دون أن يبدأ هو بالحديث معها فسوف يدل هذا على عدم الحياء. وأيضًا لو أن رجاء الخادم وطلبه قوبلا بالرفض لكان هذا علامة للفظاظة وقساوة القلب. لكن لم يحدث شئ من كل هذا. فهي لم ترفض الضيافة لأجل الحكمة، ولا لأجل الضيافة أضرت بالحكمة، لكنها قدمت كل هذا (الضيافة والحكمة) في صورتها الكاملة.

فالضيافة الكاملة كانت علامة واضحة، فقد أعطت كل ما تملكه، حتى وإن كان ما قدمته هو ماء. فقد كان هذا ما تملكه وقتها. فمن يقدم الضيافة لا يعطى من غنى، لكن يُقدم مما يملك. وهكذا فإن من قدم كأس ماء بارد مدحه الله وأيضاً المرأة التي قدمت الفلسين قدمت أكثر من الجميع لأنها قدمت كل ما تملك. ورفقة قدمت كل ما تملك إذ لم يكن لديها شئ آخر تقدمه.

ولم يرد تعبير أسرعت ـ وركضت مصادفة، فهي إشارة لسلامة النية التي بها تصرفت لا لأنه أجبرها ولا هي بدون ارادة صنعت هذا ولا هي مثقلة أو متضايقة. فمرات كثيرة يحدث أن يعبر إنسان حاملاً مشعلاً ونطلب منه أن ينتظر قليلاً لنستضئ وشخص آخر يحمل ماء ونطلب منه قليل لنشرب فلا هذا يستجيب ولا ذاك.

بينما رفقه لم تُنزل جرتها فقط ولكن سقته وسقت كل جماله، محتملة كل هذا الجهد وهذا التعب الجسدى وهي تقدم ضيافتها بكل ارتياح وحسن نية. وهي تفعل هذا مع إنسان لا تعرفه ولم تره ولو مرة واحدة.

كما أن إبراهيم حماها لم يسأل أولئك الذين عبروا ببيته من أنتم ومن أين أنتم وإلى أين تذهبون، هكذا أيضًا فعلت هذه المرأة.

فهي لم تسأله من أنت ومن أين أتيت ولأى سبب أتيت إلى هنا؟ لكنها قدمت ضيافة كاملة وربحت هذه الفضيلة. فكما أن هؤلاء الذين يتاجرون في أحجار كريمة، ويهدفون إلى الربح من المشترين، لا يفحصون من هم ومن أين أتوا، هكذا فعلت هذه المرأة، فقد ربحت ثمر هذه الضيافة. عرفت أن الغريب كان خجولاً ولهذا كانت تحتاج للياقة كبيرة وحكمة بدون فضول.

فقد فعلت كما فعل حماها الذي اهتم بالعابرين وربح الكثير، ولهذا فقد أستضاف ملائكة في وقت ما. لكن لو أنه جلس ليستطلع أمرهم لم يكن له أن يحصل على هذه المكافأة التي انتظرته. ولهذا فنحن نُعجب به لا لأنه استضاف ملائكة، ولكن لأنه استضافهم دون أن يعرف شيئًا عنهم. وهذا ما يستحق كل الإعجاب أنه اعتقد أنهم مسافرون ومع ذلك صنع معهم كل هذا المعروف. وهكذا أيضًا كانت هذه المرأة، لقد كانت رائعة في ضيافتها. لم تكن تعرف من يكون سيده، لكنها اعتقدت أنه غريب وعابر سبيل.

ولهذا فإن عظمة هذه المرأة تظهر من خلال ضيافتها بطيب خاطر وبحكمة عظيمة لهذا الغريب الذي لم تعرفه من قبل، لأنها فعلت كل هذا لا بعدم حياء ولا هي مجبره على ذلك ولا متضايقة، لكنها تصرفت بكل عناية وحكمة. هذا هو ما أعلنه موسى بالضبط ” والرجل يتفرس فيها صامتاً ليعلم أأنجح الرب طريقه أم لا” (تك21:24) وما معنى تفرس فيها صامتًا؟

إنه لاحظ الملبس ـ طريقة المشى ـ النظرة ـ الكلام، كل
هذه الأمور قد فحصها بعناية لكي يستطيع أن يفهم قيمة هذه النفس.

ولم يكتفي بهذا، لكنه أضاف اختبارًا آخر. فعندما أعطته ليشرب لم يتوقف عند هذا الحد ولكنه سألها ” بنت من أنت أخبرينى. هل في بيت أبيك مكان لنبيت” ماذا فعلت إذن؟ بوداعة ونقاوة تَكلمت عن أبيها ولم تغضب قائلة من أنت وماذا تريد أن تعرف عن بيتى ـ لكن ماذا قالت؟ ” أنا بنت بتوئيل إبن ملكه الذي ولدته لناحور وقالت له عندنا تبن وعلف كثير ومكان لتبيتوا أيضًا“.

وكما في موقف الماء الذي طلبه ليشرب أعطته أكثر مما طلب لأنها سقته وسقت جماله أيضًا، هكذا أيضاً في هذا الموقف، فالخادم طلب مكانًا للمبيت، لكنها وعدت بعلف وتبن للجمال وأمور أخرى كثيرة لكي تثمر هذه الضيافة مجازاة عظيمة.

كل هذه الأمور يجب ألا نسمعها بشكل عابر وسطحى، بل أن نضعها أمامنا ونقارن أنفسنا معها لكي نعرف ما هي فضيلة هذه المرأة. لأنه يحدث مرات كثيرة أن نستضيف أصدقاء أو معارف لنا وعندما يمكثون عندنا يوم أو يومين نتذمر ونتضايق. أما رفقه فبكل الود قادت العبد إلى بيتها وهو غريب وغير معروف لديها، وليس هذا فقط، بل أنها وعدت برعاية جماله.

 

حكمة الخادم:

ولنلاحظ حكمة تفكير الخادم الذي بمجرد دخوله إلى البيت ووصوله ليأكل قال: لا أكل حتى أتكلم وبماذا كلمهم عندما أعطوه الإذن؟ هل قال لهم أن سيدى له شهرة واسعة ولقب عظيم وأنه مُكّرم من الجميع وله وضع كبير بين أبناء وطنه؟ لم يقل شئ من كل هذا، على الرغم من أنه لو أراد أن يقول مثل هذا الكلام لكان هذا سهلاً عليه. لكنه ترك كل هذه الأمور البشرية جانباً وتزين بالموقف السمائى قائلاً: أنا عبد إبراهيم. والرب قد بارك مولاى جداً فصار عظيماً وأعطاه غنمًا وبقرًا وفضة وذهبًا وعبيدًا وإماءً وجمالاً وحميرًا، وهو قد ذكر الغِنَى لا لكي يُظهر أنه متيسر ولكن ليُظهر أنه مُحب لله. فقد أراد بهذا أن يمدحه لأن كل ما عنده هو بسبب رضا الله عليه. ثم تكلم بعد ذلك من جهة ” العريس” فقال: “وولدت سارة امرأة سيدى ابنًا لسيدى بعدما شاخت“.

وطريقة الميلاد هنا، هي أيضًا لها معنى. لكي يظهر أن الميلاد تم بسبب عناية الله بإبراهيم وأنه لم يتم كأمر طبيعى.

 

المحبة الإلهية قبل كل شئ:

إذن فأنت أيضًا سواء كنت عروس أم عريس يجب أن تبحث عن محبة الله ورضا السماء قبل كل شئ. لأنه لو وُجِدتْ هذه المحبة الإلهية وهذا الرضا السمائى فكل الأمور الأخرى ستنمو وتزداد، أما إذا لم توجد تلك المحبة وهذا الرضا السمائى فلن يخرج الإنسان بأي ربح، حتى وإن توافرت وسائل الراحة في هذه الحياة. ولكي لا يسألوا لأى سبب لم يأخذ زوجة من أبناء وطنه، أجاب لقد أقسم لى قائلاً: ” واستحلفني سيدى قائلاً لا تأخذ زوجة لابنى من بنات الكنعانين الذين أنا ساكن في أرضهم بل إلى بيت أبى تذهب وإلى عشيرتى وتأخذ زوجه لابنى” (تك37:24).

خلاصة الأمر بعدما أوضح كيف أنه وقف إلى جوار البئر وكيف ترجى الفتاة ليشرب وكيف أنها أعطته أكثر مما طلب وكيف صار الله وسيطًا ـ أنهي حديثه قائلاً أن أهل الفتاه سمعوا كل هذه الأمور ولم يدخلهم أى شك ولم يتهاونوا كما لو كانت قلوبهم عند الله. وبعدها وعدوه أن يأخذ الفتاه وأجاب لابان وبتوئيل ” من الرب خرج الأمر لا نقدر أن نكلمك بشر أو خير هوذا رفقه قدامك خذها وأذهب. فلتكن زوجة لإبن سيدك كما تكلم الرب“. كيف لا يندهش الإنسان إذن؟..

لأن عوائق كثيرة قد أُزيلت في لحظات قليلة.

فقد كان غريبًا وغير معروف ومسافة الطريق كانت بعيدة جدًا. وأيضًا لا “العريس” ولا “أبوه” ولا أى أحد من الأقارب كان معروفًا.

أمر واحد فقط من هذه الأمور كان كافيًا أن يمثل عائقًا لإتمام هذا الزواج. لكن لا شئ قد أعاق هذا الزواج وكل الأمور سارت على ما يرام، كما لو كان إنسانًا معروفًا لديهم أو جارًا لهم معه معاشرة. بكل هذه الثقة سلموه “العروس”. والسبب أن الله كان في الوسط.

 

 

بدون حضور الله سوف تفشل:

وهكذا فعندما نفعل شيئًا بدون حضور الله، فسوف نفشل ونُصاب بأحباطات كثيرة، حتى ولو كان هذا الشىء سهلاً وبسيطًا. لكن حضور الله واحتضانه لنا يجعل كل الأمور سهلة وبسيطة حتى وإن كانت غير ممهدة بالمرة.

كيف تَسلَّم “العروس” وكيف سار موكب الزواج؟ هل يا ترى بالبوق والموسيقى والرقص والطبل والناى؟ لم يحدث شئ من هذا، فقد أخذها ورحل وكان ملاك الله معه يقوده ويرافقه في الطريق، حيث أن سيده كان قد تضرع إلى الله ليرسل ملاكه معه عندما خرج من البيت. أخذ “العروس” دون أن تسمع آذانها صوت ناى أو قيثارة أو شئ من هذا القبيل، لكن كانت كل الأمور مباركة من قبل الله. وذهبت لا بملابس مُذهبة بل كانت لابسة للحكمة والتقوى والضيافة وكل الفضائل الأخرى.

 

زينة الفضيلة:

لم تذهب فوق عربة مغلقة، لكن فوق جمل. وكانت مزينة بالفضيلة. فتربية الأمهات لأولئك العذارى، لم تكن مثل تربية بنات اليوم اللواتى اعتدن على حمامات مستمرة ودهون وروائح. مع أنه كان يجب أن تكون تربيتهن أكثر صلابة واحتمالاً.

 

الجمال الحقيقي والقوة والنقاوة:

ولهذا فإن حيوية أولئك العذارى قد أزهرت بقوة ونقاوة لأن جمالهن كان طبيعيًا ولم يكن مصطنعًا أو كاذبًا. ولهذا تمتعن بصحة قوية وحرية وكن مستحقات للمحبة من قِبل أزواجهن. فاحتمال المشقات لم يجعل أجسادهن فقط أكثر قوة، بل أنفسهن أيضاً صارت أكثر حكمة. وعندما وصلت رفقة إلى البلدة بعد هذه الرحلة الطويلة، رفعت عينيها ورأت أسحق وقفزت إلى أسفل من على الجمل. أرأيت القوة؟ أرأيت الصحة الجيدة؟ لأنها قفزت إلى أسفل من على الجمل. وكانت قد سألت العبد ” من هذا الرجل الماشى في الحقل للقائنا فقال العبد هو سيدى فأخذت البرقع وتغطت” لاحظ أنها في كل مكان تُظهر حكمة.

كيف كانت خجولة ووقورة؟ ” وأدخلها أسحق إلى خباء سارة أمه وأخذ رفقه فصارت له زوجة وأحبها فتعزى أسحق بعد موت أمه“. وهو لم يحوز هذه المحبة وهذه التعزية بالمصادفة بعد موت سارة أمه، لكن بسبب رقة رفقة ومحبتها، وهي أساسيات تربت عليها في بيت أبيها. ومن منا لا يُقدّر ويُبجّل مثل هذه المرأة العاقلة جدًا والوقورة جدًا، المضيافة والمحبة للناس ذات القلب الطيب الرقيق.

 

اسمعوا الكلام لتحيوا به:

قد قلت لكم هذه الأمور كلها، لا لكي تسمعوها فقط، ولا لكي تسمعوها لتمدحوها، بل أيضًا لتدركوها وتحيوا بها.

كل مَن يريد الزواج، فليقتنِ هذه البصيرة التي أظهرها إبراهيم، لكي يأخذ امرأة غير مُتكلفة، دون النظر إلى أموال أو نسب معروف أو جمال جسدى أو أى شئ أخر، بل ينظر فقط إلى فضيلة نفسها. وكل رجل ينوى أن يتخذ له زوجه فلينظر إلى حكمتها ووقارها. أما الرقص، والضحكات، والكلام البذئ، فلنتجنبه. ترّجوا الله دومًا أن يصير وسيطًا في كل ما تفعلوه. فلو سارت أمورنا هكذا، فلن يكون هناك طلاق أو شك في زنا أو مشاحنات أو مشاجرات، بل سنتمتع بسلام عميق ووفاق عظيم. أما إذا تحدّت المرأة رجلها فلن يبقى شئ على استقامته في البيت حتى وإن كانت كل الأمور الأخرى مريحة وناعمة.

لكن عندما تكون الزوجة هادئة ومملوءة سلامًا سيكون كل شئ مريحًا حتى ولو كانت هناك أثقال ومتاعب يومية.

مثل أولئك الزوجات يستطعن أن يقدن أولادهن بسهولة إلى الفضيلة وعندما تكون الأم زوجة وقورة وعاقلة ومُزينة بكل فضيلة، فإنها تستطيع وبكل تأكيد أن تأسر زوجها بمحبتها. وعندما تأسره سيكون مستعدًا أن يصير لها معينًا في مساعدة الأبناء، والله سيعتنى بهم ويرعاهم. أما الأب فعندما يساهم في هذا العمل الجليل ويدرب أولاده على الفضيلة سينمو البيت كله، لأنه هكذا يجب أن يسلك القائمون على رعاية البيت. وهكذا فإن كل أحد يستطيع مع زوجته وأبنائه وخدامه أن يقضى كل حياته في هدوء وسلام. ويا ليتنا كلنا نكون مستحقين لملكوت الله بالنعمة ومحبة البشر اللواتى لربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة مع الآب والروح القدس المحيى الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور أمين.

 

اختيار شريكة الحياة ج3 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب