معاذ عليان في قبضة فريق اللاهوت الدفاعي – فهل يجرؤ أن يرد؟ ?
معاذ عليان في قبضة فريق اللاهوت الدفاعي – فهل يجرؤ أن يرد؟ ?
معاذ عليان في قبضة فريق اللاهوت الدفاعي – فهل يجرؤ أن يرد؟ 🙂
الأحباب أعضاء صفحة فريق اللاهوت الدفاعي، سلام ملك السلام مع جميعكم الذي لم يفعل ولم يعرف خطية.
اليوم موعدنا مع سلسلة جديدة للرد على معاذ عليان. سلسلة جديدة بأسلوب جديد..
طالعنا الشاب معاذ عليان بأكذوبة جديدة من أكاذيبه التي رددنا عليها كثيرا ويتهرب من أمامنا في كل مرة نظرا لقوة الحجة والدليل والمنطق وليس لقوتنا. وأكذوبة اليوم هي ربما أكبر أكذوبة لا يتخيلها أي مسيحي أو مسلم، وهي أن للمسيح له كل المجد، خطايا، ولكي لا نطيل دعونا نبدأ الرد مباشرة.
ما القضية؟ معاذ يريد أن يثبت للمسيح خطية من خلال الكتاب المقدس والتفاسير المسيحية، فهل نجح؟
سينقسم ردنا إلى عدة محاور، للتسهيل والتقسيم ووضوح الأفكار، ولأن المسيحي قوي بعقيدته وكتابه وأدلته ومنطقه، فسوف نعطي معاذ درسًا جديدًا مع الدروس القديمة، ولن ينساه…
المحور الأول: معاذ يخبرنا بالمصدر الذي يحتكم إليه لإثبات أن للمسيح خطية، فهل حقا سيلتزم بما قاله؟
قال معاذ في بداية شبهته حرفيا الكلام الآتي، ونرجو التركيز الشديد في كلامه لأننا -من فرط قوتنا كمسيحيين وفرط ضعفه- سنرد عليه من خلال كلامه هو بنفسه، قال معاذ:
[هل يسوع كان معصوم من الخطية فعلا؟ إحنا هانتكلم من نظرة مسيحية مش من نظرة إسلامية. هل فعلا يسوع بلا خطية؟ يعني لم يرتكب أي خطأ بحسب الكتاب المقدس الذي يؤمن به النصارى اليوم، خلونا نشوف أول خطية ارتكبها يسوع حسب الكتاب المقدس وحسب التفاسير المسيحية]
هل ترون هذه الكلمات الملونة باللون الأحمر؟ لا تنسوها لأن هذه الكلمات سيهرب منها معاذ بعد قليل لأنه يستغل عدم دقة المتابعين المسلمين ويوهمهم أنه سيثبت كلامه من الكتاب المقدس والتفاسير المسيحية ثم لا يثبت شيء منهما، بل يضيف من عنده ما لا يجده في الكتاب المقدس والتفاسير المسيحية.
أولا: هناك قاعدة يعرفها المسلم جيدا، وهي أنه “لا اجتهاد مع نص” بمعنى أن طالما يوجد نص صريح وحرفي ويقول بشيء معين، فلا مجال للاجتهاد في تفسيره، لماذا؟ لأن النص واضح وحرفي ومباشر. والسؤال الآن: هل شهد الكتاب المقدس، ولأكثر من مرة أن المسيح بلا خطية أم لا؟ والجواب هو أن الكتاب المقدس قال لأكثر من مرة أن المسيح له المجد بلا خطية، فلماذا تعامى وتغافل معاذ عن هذه النصوص الحرفية الصريحة وهو الذي يقول إنه سيتكلم بحسب الكتاب المقدس؟ دعونا نقرأ النصوص الحرفية:
“لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، #بِلاَ_خَطِيَّةٍ.” (عب 4: 15).
“«الَّذِي #لَمْ_يَفْعَلْ_خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ»،” (1 بط 2: 22).
“وَتَعْلَمُونَ أَنَّ ذَاكَ أُظْهِرَ لِكَيْ يَرْفَعَ خَطَايَانَا، #وَلَيْسَ_فِيهِ_خَطِيَّةٌ.” (1 يو 3: 5).
“لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، #قُدُّوسٌ_بِلاَ شَرّ_وَلاَ_دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ” (عب 7: 26).
“#مَنْ_مِنْكُمْ_يُبَكِّتُنِي_عَلَى_خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟” (يو 8: 46).
“لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضًا مَعَكُمْ كَثِيرًا، لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي #وَلَيْسَ_لَهُ_فِيَّ_شَيْءٌ.” (يو 14: 30).
“لأَنَّهُ جَعَلَ #الَّذِي_لَمْ_يَعْرِفْ_خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ.” (2 كو 5: 21).
“فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا #الْقُدُّوسُ_الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.” (لو 1: 35).
“عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ #بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل #بِلاَ_عَيْبٍ_وَلاَ_دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ،” (1 بط 1: 18-19).
“فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا #الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!».” (مت 27: 24).
“قَالَ لَهُ بِيلاَطُسُ: «مَا هُوَ الْحَقُّ؟». وَلَمَّا قَالَ هذَا خَرَجَ أَيْضًا إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: «#أَنَا_لَسْتُ_أَجِدُ_فِيهِ_عِلَّةً_وَاحِدَةً.” (يو 18: 38).
فها هم أكثر من 10 نصوص تقول حرفيا [بلا خطية، لم يفعل خطية، ليس فيه خطية، قدوس بلا شر ولا دنس، من منكم يبكتني على خطية، الذي لم يعرف خطية، القدوس المولود، حمل بلا عيب ولا دنس إلخ]، فهل هذه النصوص ليست في الكتاب المقدس؟
فإذا كان معاذ باحث وصادق ولا يستغفل متابعيه السذّج، فكيف يترك كل هذه النصوص الحرفية الواضحة الصريحة، والموضوع كله عن “خطايا يسوع” حاشاه؟
أمر عجيب وغريب على كل باحث مُنصف عاقل بحق، لكن لأن معاذ ليس هدفه لا البحث ولا الحق، فهو ترك هذه النصوص الحرفية وذهب لقصة في الانجيل، وقال من عنده أن المسيح هنا ارتكب خطية فيها. وهنا يكون قد خدع المستمعين له إذ أوهمهم أنه سيثبت من الكتاب المقدس والتفاسير المسيحية خطايا يسوع، وإذ به لا يقدم لنا كلام الكتاب المقدس أو التفاسير بل كلامه الشخصي أن المسيح ارتكبت خطية.
ثانيا: صدعنا الأخوة المسلمون بعبارات مثل: أين قال المسيح كذا وكذا؟ أين قال الكتاب المقدس كذا وكذا؟ فها هو الكتاب المقدس يقول حرفيا عن المسيح أنه “بلا خطية، لم يفعل خطية، لم يعرف خطية إلخ] فلماذا لا يلتزم معاذ بكلام الكتاب المقدس الذي قال أنه سيتكلم بحسب نصوصه؟ الإجابة الواضحة: لأنه لا يبحث عن الحق بل عن المال وخداع السذج الذين يتابعونه كي يتعلمون من تدليسه. والسؤال الآن: ألا يدل هذا على القضية عند معاذ ليست قضية نصوص بل أنه يهوى الضلال والاضلال؟
ثالثا: استشهد معاذ بتفاسير مسيحية (سنأتي لها بالتفصيل بعد قليل)، ليقول إن التفاسير تقول إن المسيح ارتكب خطية، وعلى الرغم من أنه لا يوجد تفسير واحد قال إن المسيح ارتكب خطية، إلا أنه وضع كلامه الشخصي في الفيديو ولم يقرأ من أي تفسير أنه قال إن المسيح فعل خطية، وهذا هو التدليس الصريح، أن يفتح التفاسير ثم يقول كلاما لا يوجد في التفسير ويقول لك “بحسب الكتاب المقدس والتفاسير” يا لتدليسكم.
وما سنفعله هنا، أننا سنحضر التفاسير التي أحضرها هو بنفسه، ونرى كلام مفسريها وهم يؤكدون أن المسيح له المجد بلا خطية، وبهذا سيكون رددنا على ميزو بنفس القانون والمعيار الذي وضعه على نفسه (راجعوا الكلام باللون الأحمر أعلاه) حيث قال إنه سيتكلم حسب الكتاب المقدس والتفاسير المسيحية، وبالطبع هو كاذب وسيستمر كاذبًا.
لقد استشهد بالتفاسير التالية:
- تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
- التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
- الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
- تفسير متى هنري
- التفسير الحديث للكتاب المقدس
ألم يقل إنه سيتكلم بحسب الكتاب المقدس والتفاسير المسيحية؟ حسنا، رأينا أن الكتاب المقدس في أكثر من 10 نصوص يقول حرفيًا أن المسيح بلا خطية، والآن جاء الدور على التفاسير المسيحية لتقول هي الأخرى أن المسيح بلا خطية.
- تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
[كان رؤساء الكهنة والكهنة في العهد القديم خطاة كسائر الشعب، يحتاجون معهم إلى من يقدسهم، أما رئيس الكهنة يسوع فهو “قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاة،ِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّماَوَاتِ” [٢٦]. فإن كان قد صار كواحد منا، لكنه لا يزال القدوس وحده، المنفصل عن الخطاة المرتفع إلى السماوات، به وفيه نتقدس، ونجد لنا موضعًا في حضن أبيه السماوي. كهنة العهد القديم محتاجون إلى تقديم ذبائح أولاً عن أنفسهم ثم بعد ذلك عن خطايا الشعب، مكررين هذا العمل بلا انقطاع، أما رئيس الكهنة يسوع فقد “فَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ. فَإِنَّ النَّامُوسَ يُقِيمُ أُنَاسًا بِهِمْ ضُعْفٌ رُؤَسَاءَ كَهَنَةٍ. وَأَمَّا كَلِمَةُ الْقَسَمِ الَّتِي بَعْدَ النَّامُوسِ فَتُقِيمُ ابْنًا مُكَمَّلاً إِلَى الأَبَدِ” [٢٧-٢٨]، وشتان ما بين الناس الذين بهم ضعف والابن الكامل الأبدي!] [عبرانيين 7 – تفسير رسالة العبرانيين]
[جاء لينزع شوكة الخطية، ويعلن أنه بلا خطية، فنقتدي به ونتعلق به، ثابتين فيه كي نصير نحن أيضًا بلا خطية. لكن هل يعني هذا أنه يوجد إنسان على الأرض بلا خطية؟!] [يوحنا الأولى 3 – تفسير رسالة يوحنا الأولى]
[لم يقصد الرسول أن يتحدث هنا عن قداسة المسيح، فهو قدوس بلا خطية، لكنه يسير معنا في طريق الصليب لكي نقتفي آثار خطواته، فإنه لم يفعل خطية واتُّهِمَ بأنه صانع شر؛ ولا وُجِدَ في فمه مكر واتُّهِمَ كمضلل.] [بطرس الأولى 2 – تفسير رسالة بطرس الأولى]
[لكي لا يكون لهم عذر قال لهم أنه سبق فأخبرهم بالكلام كما بالعمل. سبق فأعلن لهم أنه ابن الله وابن الإنسان الذي له الحياة في ذاته، وأنه صاحب سلطان أن يدين، أفليس هو المسيح؟ لقد تظاهروا أنه تركهم في حيرة، لكنه أكد لهم أنهم لا يريدوا أن يؤمنوا. أشار إلى أعماله وإلى حياته، فهو الذي بلا خطية، أعماله وحياته تشهد لحقيقة شخصيته الفريدة.] [إنجيل يوحنا 10 – تفسير إنجيل يوحنا]
إذن: فالقمص تادرس يعقوب ملطي الذي استشهد ميزو بتفسيره، يقول حرفيًا أيضا أن المسيح بلا خطية، فلماذا يدلس معاذ على القمص ويقول إنه سيستخرج من التفاسير المسيحية خطايا للمسيح (حاشاه)؟ ج: لأنه كاذب.
- التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
[وقد اختبر يسوع، مثلنا، كل التجارب التي نجتازها اليوم. لكنه يختلف عنا، لأنه برغم التجربة لم يسقط في الخطية. فهو الإنسان الوحيد الذي لم يقترف إثما، ولم يرتكب خطية طوال حياته على الأرض. وهو الآن في السماء يتفهم ضعفاتنا ويدرك تجاربنا ويهبنا الغفران.] (عبرانيين 4: 15)
[لا يمكن لأي إنسان أن يتهم الرب يسوع بخطية واحدة. والناس الذين أبغضوه وأرادوا قتله فحصوا حياته بتدقيق لكن لم يمكنهم أن يجدوا فيه خطأ واحدا. وقد برهن الرب يسوع على أنه الله الظاهر في الجسد حينما عاش حياته بلا خطية، وهو المثال الوحيد الكامل الذي ينبغي أن نتبعه.] (يوحنا 8: 46)
[برغم عدم مقدرة الشيطان الانتصار على الرب يسوع (مت 4) إلا أنه مازال يحاول المقاومة. إن سلطان الشيطان كائن فقط لأن الله يسمح له بالعمل. ولكن لأن الرب يسوع بلا خطية فليس للشيطان سلطان عليه أو دعوى عليه. وكلما أطعت الرب يسوع وسرت في مشيئة الله، قلت سلطة الشيطان عليك وتضاءلت.] (يوحنا 14: 30)
- الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
[بل مجرب في كل شيء مثلنا اي انه مثل الناس اختبر جميع الضعف الانساني وذلك على معنيين (1) انه احتمل المقاومة والبغض والاضطهاد لأجل الحق. (۲) احتمل التجارب من الشيطان ولكن ليس على شكل انها كانت تفعل فيه كما تفعل فينا لأننا كثيرا ما تخضع لها خضوعا تاما أو جزئيا واما المسيح فلم يخضع لها قط بوجه من الوجوه.
بلا خطية: قيد صريح لكونه قد تعرض للتجارب بدون ان يخضع لها. فكان مثلنا في التعرض للتجارب لا في السقوط في الخطية
كان رئيس الكهنة قادراً ان يرثي لضعفات الشعب لأنه خاطي مثلهم وكونه خاطنا جعله غير قادر ان يخلصهم واما يسوع الكاهن العظيم الكامل في كل صفاته فيقدر ان يرثي لضعفات الشعب لأنه مجرب مثلهم ويقدر ان يخلصهم لأنه بلا خطية وأعظم التجارب يصيب الذين لا يسقطون فكان يسوع كمقاتل يبقى يقاتل بعد سقوط كل من سواه من المقاتلين.] (الكنز الجليل في تفسير الإنجيل، ج8، ص39)
- تفسير متى هنري
[شر ولا دنس…» ( ع ٢٦ – ٢٨ ). إن حالتنا كخطاة استلزمت وجود رئيس كهنة ليقوم بعمليتي الإرضاء (إرضاء العدالة الإلهية) والشفاعة من أجلنا، ولا يوجد أي كاهن يصلح أو فيه الكفاية لمصالحتنا مع الله إلا واحد هو بارا برا كاملا. لقد كان الرب يسوع هو رئيس الكهنة الذي نحتاج إليه، لأنه قدوس ذاته وكامل تماما، فهو قدوس ليس فيه خطية رغم وجود الخطية في أفضل المؤمنين. لم يصنع أدنى شر نحو الله أو نحو إنسان، إنه طاهر ورغم أنه أخذ على نفسه ذنب خطايانا، لكنه لم يقحم نفسه في عمل أو خطأ يصدر عن خطية. إنه منفصل عن الخطاة. وعلى الرغم من أنه اتخذ لنفسه طبيعة بشرية حقيقية، ولكن الطريقة المعجزية التي حبل بها جعلته مختلفا عن بقية الجنس البشري. لقد صار أعلى من السماوات إذ ارتفع إلى يمين الله ليمارس كهنوته من أجلنا. إن صلاحية وشمول كهنوت المسيح في ع هي دليل عدم تحيز هذا الكهنوت أو أنانيته، فهو لم يكن محتاجا أن يقدم ذبيحة عن نفسه، بل كانت ذبيحته نيابة عن الآخرين ولأجلهم.] (تفسير متى هنري للعهد الجديد (التفسير الكامل)، ج2، ص529)
- التفسير الحديث للكتاب المقدس
[وبهذه العبارة المحددة والهامة عن خلو يسوع من الخطية، يمكننا أن نقارن قول بولس في ٢ كو ٥: ٢١. فإنه لعامل مكمّل لتعليم العهد الجديد – ومهم جداً بصفة خاصة بالنسبة التعليم كاتب هذه الرسالة عن رئيس الكهنة) قارن العبارات الواردة في ٧: ٢٦ – إلخ) – أن يسوع رغم كونه إنساناً، إلا أنه كان بلا خطية] (التفسير الحديث للكتاب المقدس، العهد الجديد، الرسالة إلى العبرانيين، ص115)
إذن، هذه هي كتب التفاسير التي اختارها معاذ بنفسه ليثبت من خلالها (هيهات) أن المسيح حاشاه قد ارتكب خطية. هي نفسها الكتب التي قالت حرفيًا، ونصيًا أن المسيح بلا خطية. فأين كلام معاذ أنه سيتكلم حسب الكتاب المقدس والتفاسير المسيحية؟ ها هي التفاسير المسيحية التي اخترتها بنفسك يا معاذ، فلتستخرج منها أن للمسيح خطية، وهي التي صرحت وقالت حرفيا أنه بلا خطية!
فهل تأكدتم كيف يخدع الكذاب وأبو كل كذاب وبنيه، متابعينه؟ يبدأ بعنوان ليوهم المستمع أن كلامه موجود في كتاب المسيحيين وتفاسيرهم، ثم يبدأ في إدخال أفكاره الخاصة على الكتاب والتفاسير ولا يقدم لنا دليلا من الكتاب أو التفاسير، بل كلامه الخاص أثناء قراءة التفاسير والكتاب، فلاحظوا كم مرة أوقف قراءة الكتاب والتفسير وتكلم هو بما لا يوجد في الكتاب أو التفاسير لتعرفوا ان الكتاب المقدس لا يسعفه في كذبه ولا التفاسير أيضًا.
أقوال بعض الآباء
- مات آدم لأنه أخطأ، ومات المسيح الذي بلا خطية، غالبًا الموت الذي جاء من الخطية. ويقوم كل أحدٍ، البار والشرير، على السواء في المسيح، لكن غير المؤمنين يُسلمون للعقوبة، بالرغم من ظهورهم أنهم قاموا من الأموات، إذ هم يقبلون أجسادهم لكي يتحملوا عقوبةً أبديةً بسبب عدم إيمانهم[1].
أمبروسياستر
- لأن بدون الناموس الخطية ضعيفة، فإنها وإن كانت تمارس بدونه لم يكن إدانتها بالكامل. ومع أن الشر صار له موضع لكن لم يُشر إليه بوضوح هكذا. لهذا فإن الناموس سبب تغييرًا ليس بقليلٍ. أولاً جعلنا نتعرف على الخطية بطريقة أفضل وقدَّم العقوبة… نعم لكي يظهر أن الناموس ليس في ذاته يهب الخطية القوة، لذلك أكمل المسيح الناموس كله وكان بلا خطية[2].
القديس يوحنا الذهبي الفم
- المسيح هو بابي إليكم، بالمسيح أجد مدخلاً، لا إلى بيوتكم بل إلى قلوبكم. بالمسيح أدخل، إنه المسيح الذي فيّ، هو الذي تريدون أن تسمعوا له. ولماذا تريدون أن تسمعوا المسيح فيّ؟ لأنكم قطيع المسيح، أُشتريتم بدم المسيح. إنكم تعرفون ثمنكم، الذي لا يُدفع بواسطتي، وإنما يكرز به بواسطتي. إنه هو، وهو وحده المشتري، الذي سفك دمه الثمين – الدم الثمين لذاك الذي بلا خطية[3].
القديس أغسطينوس
يمكننا أن نتوقف هنا ونكون قد رددنا على أكذوبته الساذجة أنه سيتكلم بحسب الكتاب المقدس والتفاسير، حيث أننا أحضرنا من الكتاب المقدس ومن التفاسير تصريحات حرفية ومباشرة وصريحة في كون المسيح: بلا خطية. وبالتالي فأي محاولة لجعل المسيح قد ارتكب خطية لهي محاولة مضحكة فاشلة ساذجة. لكننا سنكمل في الرد على ما قاله.
المحور الثاني: دعونا نفترض أن المسيح بكونه الله قال للمرأة: يا كلبة، حرفيًا، فهل بهذا يكون شتمها
المسيح له كل المجد لم يقل للمرأة “أنتي كلبة” أو “يا كلبة” أو شيء من هذا القبيل. لكن في علم اللاهوت الدفاعي، يمكن للمدافع أن يفترض أقصى شيء يقوله المعترض لكي عندما يرد عليه يكون قد رد على ما هو أقل من هذا الافتراض. بكلمات أخرى، ماذا لو كان المسيح قال للمرأة: يا كلبة؟ أليست هذه الكلمة أقوى في المعنى الذي يريده معاذ؟ حسنا، نحن سنفترض أن المسيح له كل المجد قال هذه الكلمة الأقوى، فهل إن قالها المسيح سيكون له خطية؟
لكي نفهم هذه النقطة دعونا نتساءل: هل الله عندما يقول [“اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيَهُ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ، أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ».” (إش 1: 3).] فهل يكون الله قد ارتكب خطية؟ بالطبع لا، ولا يقول بهذا عاقل، لماذا؟ لأسباب كثيرة، منها
- أن الله قدوس قداسة مطلقة في طبيعته فلا يمكن للخطية أن تصدر عنه أصلا لأن الخطية شر فكيف يوجد الشر في طبيعة الله؟
- ومنها أن الله يصف شعب إسرائيل لأن علمه ليس محدود، بل هو علم مطلق وبره بر مطلق، وبالتالي فعندما يوبخ إنسانا فهو يصفه بالحقيقة الموجودة فيه. فبما أن هذا التوبيخ هو صفة حقيقية في الموصوف، فلا يكون هذا الوصف “تجاوزا” في حق الموصوف، فالتجاوز لفظا هو التعدي من الحق إلى غير الحق. وبما أن الله لا يقول إلا الحق، والحق المطلق، فلا يمكن أن يكون كلامه تجاوزا في حق الموصوف.
- الواصف والموصوف: هل يرفض المؤمن أن يكون عبدا وخاضعا لله؟ بالطبع نعم، فهل يرفض المؤمن أن يكون عبدا وخاضعا لغير الله؟ بالطبع لا، لماذا؟ فمع أن صفة “العبودية” و”الخضوع” صفتان سيئتان لغير الله، إلا أن هذه صفات واجبة من الانسان لله. ومن هنا نعرف، أن الكلمات التي يقولها المسيح بكونه الله تخلف في صفتها إذا قالها إنسان لآخر.
- أما السبب الأوضح فهو “المعيار”، فما هو المقياس/المعيار الذي نقيس عليه الفعل أو القول أنه خاطئ أو غير خاطئ؟ هذه تسمى الحجة الأخلاقية في علوم الدفاعيات وبالتحديد في الرد على الإلحاد. والفكرة ببساطة هي وجود معيار/مقياس/مسطرة لقياس الأفعال، فيظهر أن بعضها خاطئ وبعضها صحيح بالقياس لهذا المعيار. ولنضرب مثلا لتوضيح الفكرة لمن لم يفهمها. فكرة الدستور والقانون. فالدستور والقانون يضعان القواعد العامة والخاصة لأفعال الناس، وبالتالي، يحاسبهم على الأفعال التي يحسبها هذا القانون “جريمة/خطأ” بالنسبة لنصوص الدستور والقانون. وبالتالي، فأي فعل لم يجرمه هذا القانون، لا يعد فعل خاطئ في هذه الدولة التي يحكمها هذا الدستور والقانون. فمثلا: لماذا لا يعتبر شرب عصير البرتقال فعلا خاطئًا؟ لأن القانون لم يقل إن هذا الفعل خاطئ، فلو افترضنا أن القانون قال ان شرب عصير البرتقال هو فعل يحاسب عليه القانون؟ عندها سيكون كل شخص يشرب عصير البرتقال يقع تحت طائلة القانون ويحاسب منه. نفس الفكرة، فالله هو من يضع المعيار/القانون/الدستور/المقياس، وهذا القانون للحكم بين البشر، وبالتالي، لله السلطة الأعلى في وضع هذا القانون، فكيف يكون من وضع القانون للحكم بين البشر خاضع للقانون؟
هذا يعني أن الرب يسوع المسيح بكونه هو الإله، حتى وإن افترضنا جدلًا أنه قال للمرأة “يا كلبة” وهو لم يقل هذا من الأساس، فلن تكون هذه خطية له، بل ستكون المرأة كلبة بحق وليس في هذا إساءة لها على الاطلاق. كما يقول الله لنا “أنتم عبيدي” ويقول لنا إنسان آخر “أنتم عبيدي”، فهل اختلفت الكلمة أم اختلف صاحب الكلمة؟ لم تختلف الكلمة وانما صاحبها، وبالتالي فالكلمة من الله مقبولة لأنها حق، والكلمة من غير الله غير مقبولة (ليس مطلقا) لأنها ليست حق بالضرورة).
المحور الثالث: من فمك ندينك أيها العبد الشرير معاذ
إنه لمن عجائب زماننا الحاضر أن يأتي معاذ المسلم ويتهم المسيح بالعنصرية، وهذا يعني أن معاذ يجهل ما يوجد في عقيدته ونصوص القرآن والحديث والفقه والفتاوى، وأنه يكيل بمكيالين، فهذه القضية يعرفها كل انسان مسلم حق المعرفة. فدعونا نبدأ باقتباس ما قاله معاذ حرفيا ثم نستعرض أمثلة عديدة ونسأله عما بها: هل هذه عنصرية أم لا.
يقول معاذ:
- [فقال لها المسيح كلمة عنصرية بغيضة، قال لها ما نصه “ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب … سب وشتيمة وعنصرية وتشبيه لبشر بالكلام …قمة العنصرية مع امرأة … ومهما حاولت تبرر الكلام ده فأكيد استحالة تعرف تبرر العار والعنصرية اللي فيه]
- [اعتبار كل الأمم من غير اليهود كلاب أليس هذا سبا وخطية في نظر المسيحي؟]
نركز هنا على اعتبار معاذ أن كلمة “كلبة” التي لم يقولها المسيح له المجد للمرأة الكنعانية أصلا، هي تعتبر عنصرية وشتيمة وسب، ونبدأ بعرض النصوص التي يجهلها معاذ لكي نعطيه درسًا قاسيا في دينه الذي يجهله أيضا:
- من التوبة: “إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ” (28)
التعليق: هنا نجد القرآن يقول إن أي مشرك هو “نجس” وبالطبع معاذ يقول عن المسيحي مشرك، فمعاذ لا يرى في هذا النص سبا وشتيمة للمسيحيين (طالما يعتبرنا مشركين) ويرى في كلام اليهود الذي قاله المسيح ليصححه “سبا وشتيمة وعنصرية”..
- من الفرقان: “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا” 44
التعليق: ها هو النص يصف الآخرين أنهم أضل من الأنعام! ليسوا فقط حيوانات = أنعام، بل أنهم أضل من الحيوانات، وبالطبع هذا النص لا يعتبره معاذ سبا أو شتيمة أو عنصرية إلخ إلخ.
- من المائدة: “قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ” 60
التعليق: طبعا وصف مجموعة من البشر أنهم قردة وخنازير، ده حلو ومافيهوش ولا شتيمة ولا عنصرية… حلو وزي الفل عند معاذ، لكن كلام المسيح اللي نقله على لسان اليهود للتصحيح (كما سنرى) كلام عنصري وسب وشتيمة وكخة!
- من الأعراف: “فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ” 176
التعليق: ها هو نفس اللفظ “الكلب” يطلقه معاذ على كل شخص غير مسلم، لأن النص يقول “كذبوا بآياتنا” وبالطبع المسيحي وكل من هو غير مسلم لا يؤمن بالقرآن، فهم بالنسبة للقرآن مجرد “كلاب” فهل سيقول معاذ على هذا النص أنه به سب وشتيمة وعنصري لكونه يصف البشر بالكلاب؟ بالطبع لا، لأنه يكيل بمكيالين، رغم ان المسيح لم يقل أصلا للمرأة: أنتي كلبة، أو: يا كلبة! لكن معاذ يتجنى على المسيح له كل المجد.
- من الجمعة: “مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” 5
التعليق: نستمر مع قائمة الشتائم المباشرة والصريحة والحرفية للبشر، ها هو النص يشتم اليهود ويقول إنهم مثل الحمار! وطبعا معاذ يعتبر هذا النص مقدسا ويقرأه ويتعبد به، ولا يقول أنه به سب أو شتيمة أو عنصرية تجاه اليهود.. لكن يا حرام، المسيح اللي ما قالش أصلا للمرأة أنها كلبة، أصبح يشتم ويسب وعنصري!! هذا هو مستوى معرفتهم بكتابهم.
- سورة القلم: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (١٣)) 13
التعليق: زنيم = إبن الزنى![4] تخيلوا؟ معاذ زعلان على كلمة “كلاب” وبيقول أنها عنصرية وسب وشتيمة ومش زعلان من وصف “إبن زنى” ولا بيقول أنها سب وشتيمة ولا عنصرية!! ثم ما ذنب الإنسان أنه إبن زنى!! أين أخطأ هذا الشخص الذي جاء من زنى؟ لماذا نعته القرآن بهذا؟
أما عن العنصرية فحدث ولا حرج..
- فمعروف أن القرآن لم يحرم أن يكون المرء عبدًا أو أمة أو ملك لليمين وهو الدين الخاتم كما يقولون، بل وضع تشريعات خاصة بكل هذه الفئآت ولم يلغها.
- ومعروف أن دم المسلم لا يساوي دم الكافر (كل غير مسلم) ولذلك لقول الحديث “لا يُقتل مسلم بكافر”، أي أن لو أن شخصا مسلما، قتل شخصا لا يؤمن بالإسلام، فلا يجب قتل المسلم لأنه قتل الكافر، بل فقط يجب وضع عقوبة له دون القتل على الأغلب.
- ومعروف أن المسلم يعتقد أنه لا يستوي مع الكافر، بل أن المسلم أعلى من الكافر عمومًا[5].
- ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) ﴾ [آل عمران: 106] – ما ذنب الذين ولدوا ببشرة سمراء أن يجدوا في القرآن أن الكافرين في يوم القيامة ستكون وجوههم سوداء أيضا؟! وكيف ينظر لهم الناس وسط هذه الثقافة! ولماذا تسود أو تبيض وجوه أصلا وربط الإيمان والكفر بألوان محددة؟ مع ملاحظة أني أعرف تفاسير المسلمين وأعذارهم هنا، لكن سؤالي عن اللون نفسه.
- لا تَبْدَؤُوا اليَهُودَ ولا النَّصارَى بالسَّلامِ، فإذا لَقِيتُمْ أحَدَهُمْ في طَرِيقٍ، فاضْطَرُّوهُ إلى أضْيَقِهِ.
الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2167 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
لماذا يجبر المسلم (يضطر) اليهود والنصارى إلى أضيق الطريق؟ أليسوا ببشر مثل المسلم؟ التفريق هنا فقط على أساس الدين، فهذا النصراني أو اليهودي إن جاء قبل مقابلة المسلم بنصف متر، ثم قال الشهادتين سيصبح حالا مسلم ولن يطبق عليه هذا الحكم في الحديث! إذن، فالعبرة هنا بكونك مسلم او غير مسلم: فلو كنت غير مسلما فلن يبدأ المسلم بالسلام معك وسيجبرك أن تلتزم أضيق الطريق وهو لا لكونك غير مسلم مثله!
لاحظوا أننا هنا نذكر الأمور المعروفة للعامة فقط، ولا نذكر كل شيء، وإلا فيمكننا ذكر أمثلة كثيرة جدا جدا جدا، لكن الأهم أن الفكرة أصبحت واضحة.
ليست العنصرية هنا ضد غير المسلمين فقط، بل إلى النساء المسلمات أيضا، ويمكن ذكر بعض الأمثلة كالآتي:
المثال الأول: أعرض هنا الحديث الشهير الذي يقول عن النساء أنهن “ناقصات عقل ودين” فهذا واضح ومعروف، وإن قالوا إن نقصان العقل لأن المرأة تنسى، فالذكور أيضا تنسى، فلماذا لم يقل عنهم مثلما قال عن المرأة؟ وإن كانت المرأة الأخرى تذكر المرأة الأولى، فماذا إن نسيت المرأة الثانية أيضًا؟ فالمرأة الثانية هي أيضا ناقصة عقل، فهل سيلزمها امرأة ثالثة وهكذا؟
وإن قالوا إن نقصان الدين لأنها لا يمكنها ممارسة كل العبادات في كل وقت في الشهر، فمن المسئول عن هذا؟ أليس الذي خلقها؟ أليس الذي خلقها هو الذي وضع فيها هذا الأمر كل شهر؟ ثم بعدما وضع هذا في جسدها، كان يمكنه أن يجعلها تمارس كل العبادات كل شهر أيضا فهو لن يتضرر، لكنه خلقها بهذا الأمر، ثم منعها من ممارسة الدين كما الذكر، ثم لم يكتف بهذا، بل وصفها أنها ناقصة!!! فما دخل المرأة بنقصان عقلها ودينها والله هو الذي خلقها على هذا الأمر (هذا إن كان هذا تبرير أصلا).
المثال الثاني: سنستعرض نصا لا يعرفه أغلب المسلمين وهكذا المسيحيين ونرى كيف فسره علماء الإسلام، النص يقول [﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٥)﴾ [النساء: 5]]
والسؤال الآن؟ من هم السفهاء المقصودون في هذا النص؟ وسنتكلم هنا بالمراجع والتفاسير المسيحية ولن نضيف فكرنا الخاص، ونتحدى معاذ أن يحاول، مجرد محاولة، أن يرد على تفاسيره وأن يتوقف عن التهرب من الردود التي ردت كل شبهاته الواهية.
تفسير العز بن عبدالسلام (المتوفى: 660هـ):
{السُّفَهَآءَ} النساء، أو الصبيان، أو كل مستحق للحَجْر، أو الأولاد المفسدين، نهى أن يقسم ماله بينهم ثم يصير عيالاً عليهم، والسَّفَه: خِفَّة الحُلم، ولذا وصف به الناقص العقل، والمفسد للمال لنقصان تدبيره، والفاسق لنقصانه عند أهل الدين. {أَمْوَالَكُمُ} أيها الأولياء، أو أموال السفهاء. {قيماً} و {قياماً} قوام معايشكم. {وَارْزُقُوهُمْ} أنفقوا من أموالكم على سفهائكم، أو لينفق الولي مال السفيه عليه. {قَوْلاً مَّعْرُوفًا} وعداً جميلاً، أو دعاء كقوله: ” بارك الله فيك “.
«تفسير سفيان الثوري» (ص88):
«188: 24: 7 سفيان عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ ولا تؤتوا السفهاء أموالكم قال النساء الآية 5) .
189: 15: 8 سفيان عَنْ أَبِي عَمْرٍو عَنْ مُسْلِمٍ الْبطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن بن عَبَّاسٍ وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ قَالَ الْمَرْأَةَ قَالَ تَقُولُ أُرِيدُ مرطا بكذى أريد شيئا بكذى أَوْ تَقُولُ هِيَ أَسْفَهُ السُّفَهَاءِ 190»
«تفسير القرآن من الجامع لابن وهب» (1/ 93):
«213 – قال: وحدثني سفيان الثوري، عن حميد بن قيس، عن مجاهد في قول الله: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}، قال: هم النساء»
«تفسير الإمام الشافعي» (2/ 523):
«قال الشَّافِعِي رحمه الله: في قوله عز وجل: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) الآية.
إنهم: النساء والصبيان، لا تملِّكهم ما أعطيتك من ذلك، وكن أنت الناظر لهم فيه»
«تفسير الطبري جامع البيان – ط دار التربية والتراث» (1/ 293):
«القول في تأويل قوله جل ثناؤه: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ}
قال أبو جعفر: والسفهاء جمع سَفِيه، كما العلماء جمع عليم (1) ، والحكماء جمعُ حكيم. والسفيه: الجاهل، الضعيفُ الرأي، القليلُ المعرفة بمواضع المنافع والمضارّ. ولذلك سمى الله عز وجل النِّساء والصبيانَ سفهاء، فقال تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) [سورة النساء: 5] ، فقال عامة أهل التأويل: هم النساء والصبيان، لضعف آرائهم، وقلة معرفتهم بمواضع المصالح والمضارِّ التي تصرف إليها الأموال»
«تفسير السمرقندي = بحر العلوم» (1/ 281):
«ثم قال تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ يعني النساء والأولاد الصغار، يعني لا يجعل الرجل ماله في يدي امرأته وأولاده، ثم يجعل نفسه محتاجاً إليهم فلا يدفع إليه عند حاجته. ويقال: لا تدفعوا أموالكم مضاربة، ولا إلى وكيل لا يحسن التجارة. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: مَنْ لَمْ يتفقه فلا يتجر في سوقنا. فذلك قوله تعالى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ يعني الجهال بالأحكام»
«تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين» (1/ 347):
«{وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} قَالَ الْكَلْبِيّ: يَعْنِي: النِّسَاء وَالْأَوْلَاد؛ إِذا علم الرجل أَن امْرَأَته سَفِيهَة مفْسدَة، أَو ابْنه سَفِيه مُفسد؛ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُسَلط أَيهمَا على مَاله»
«الوجيز للواحدي» (ص252):
«{ولا تؤتوا السفهاء} أَي: النِّساء والصِّبيان {أموالكم التي جعل الله لكم قياماً} لمعايشتكم وصلاح دنياكم يقول: لا تعمدْ إلى مالك الذي خوَّلك الله وجعله لك معيشةً فتعطيه امرأتك وبنيك فيكونوا هم الذين يقومون عليك ثمَّ تنظر إلى ما في أيديهم ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم ورزقهم»
«التفسير البسيط» (6/ 320):
«قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} الآية قال ابن عباس في هذه الآية: لا تَعمَد إلى مالك الذي خَوَّلك الله وجعله لك معيشةً؛ فتعطيه امرأتك وبنيك، فيكونوا هم الذين يقومون عليك ثم تنظر إلى ما في أيديهم، ولكن أَمْسِك مالك وأَصْلِحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في كِسوتهم ورِزقهم ومؤنتهم (3).
والسفهاء: هم النساء والصبيان في قول ابن عباس (4)، والحسن وقتادة، وسعيد بن جبير، والسدي (5)، واختيار الفراء (6)، وابن قتيبة (7).
وقال الكلبي: إذا علم الرجل أنّ امرأته سفيهةٌ مُفْسِدةٌ، وأن ولدَه سفيهٌ مُفسِد فلا ينبغي له أن يُسلِّط واحدًا منهما على ماله فيفسد (8)»
«التفسير الوسيط للواحدي» (2/ 11):
«ف السفهاء هم النساء والصبيان.
هذا قول الحسن، وقتادة، وسعيد بن جبير، والسدي»
«درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة» (1/ 108):
«أي أنّ السفيه هو الجاهل الضعيف الرأي القليل المعرفة بمواضع المصالح والمضار، ولهذا سمّى الله النساء والصبيان سفهاء فقال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] وهذا ما ذهب إليه عامة علماء التفسير كالإمام الطبري وابن كثير وغيرهما وقال أبو إسحاق الزجاج: أصل السفه في اللغة خِفَّةُ الحلم»
«تفسير السمعاني» (1/ 397):
«قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} أَكثر الْمُفَسّرين على أَن المُرَاد بالسفهاء: الصّبيان وَالنِّسَاء هَاهُنَا، وَقَالَ الشّعبِيّ: الْمَرْأَة أسفه من كل سَفِيه»
«تفسير الراغب الأصفهاني» (1/ 589):
«وقوله: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} أي مبذرا لقوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} وقيل: عنى بالسفيه النساء، وبالضعيف الصغير وبالذي لا يستطيع أن يمل هو المغلوب على عقله، ومنهم من حمل السفيه والضعيف على شيء واحد، وقال أو زائدة، وذلك ظاهر الفساد في اللغة»
«تفسير البغوي – طيبة» (2/ 164):
«قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} اخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءِ فَقَالَ قَوْمٌ: هُمُ النِّسَاءُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: النِّسَاءُ مِنْ أَسْفَهِ السُّفَهَاءِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَهَى الرِّجَالَ أَنْ يُؤْتُوا النِّسَاءَ أَمْوَالَهُمْ وَهُنَّ سُفَهَاءُ، مَنْ كُنَّ، أَزْوَاجًا أَوْ بَنَاتٍ أَوْ أُمَّهَاتٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُمُ الْأَوْلَادُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: يَقُولُ لَا تُعْطِ وَلَدَكَ السَّفِيهَ مَالَكَ الَّذِي هُوَ قِيَامُكَ بَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُفْسِدُهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ امْرَأَتُكَ السَّفِيهَةُ وَابْنُكَ السَّفِيهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَعْمَدْ إِلَى مَالِكَ الَّذِي خَوَّلَكَ اللَّهُ وَجَعَلَهُ لَكَ مَعِيشَةً فَتُعْطِيَهُ امْرَأَتَكَ أَوْ بَنِيكَ فَيَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَيْكَ»
«التيسير في التفسير – أبو حفص النسفي» (4/ 437):
«{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا}.
قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}: قال السُّديُّ: لا تعطِ امرأتكَ وولدَكَ مالَكَ، فيكونوا هم الَّذين يقومون عليك، وأطعمْهم مِن مالِكَ واكسُهم»
«تفسير القرآن العظيم – السخاوي» (1/ 168):
«{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ} يعني: النساء والصبيان»
فها هو القرآن وفقا لعلماء الإسلام يقول أن النساء من السفهاء، فهل وصف نصف المجتمع ونصف الجنس البشري بأنه سفيه، ليس عنصرية مبنية على “الجنس”؟
فإن كان معاذ لديه مشكلة مع وصف المرأة الكنعانية بالكلبة (رغم أن الرب لم يصفها أصلا بالكلبة) فهل يقبل معاذ وصف أهل بيته بأنهن سفيهات في التفاسير الاسلامية؟ هل يقبل أن يقول أحد أن أهل معاذ من النساء سفيهات أم سيعتبرها شتيمة؟
فكيف يترك معاذ كل هذه الأوصاف والكلمات والتفرقة على أساس الدين واللون والجنس ويأتي لكلام المسيح الذي لم يصف فيه المرأة بانها كلبة أصلا ويقول إن هذا سبا وشتيمة بل وعنصرية!
المحور الرابع: شرح ما حدث كتابيًا
سنستخدم اللهجة العامية المصرية..
وردت القصة في انجيلي متى ومرقس:
إنجيل متى:
“ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!» فَأَجَابَ وَقَالَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب». فَقَالَتْ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!». حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. ثُمَّ انْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى جَانِب بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَصَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. فَجَاءَ إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌ وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ، وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ” (مت 15: 21-30).
إنجيل مرقس:
“ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ، لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. وَكَانَتْ الامْرَأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا. وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلًا يَشْبَعُونَ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ!». فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ». فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ، وَالابْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ. ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ. وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ.” (مر 7: 24-32).
النقطة الأولى: وهي نقطة يغفل عنها عدد من المفسرين المفسرين، المسيح كان ذاهبا إلى نواحي صور وصيداء وبعدما شفى الرب يسوع إبنه هذه المرأة، أكمل طريقه وذهب إلى الجليل، ومن المعروف أن الجليل كان به أمم كثيرون جدًا، حتى قال الكتاب عنه أنه “جليل الأمم” (أشعياء 9: 1؛ متى 4: 15)، ويخبرنا الإنجيل أنه ذهب إلى الجليل وذهب إلى صور وصيداء، وكل هذه الأماكن هي أماكن للأمم في الأساس، والمرأة الكنعانية هي من الأمم أيضا، وكانت في صور وصيداء مع بقية الأمم.
فهنا السؤال المحوري والذي يتهرب منه معاذ: إن كان المسيح هو بنفسه يحتقر الأمم ويعتبرهم كلابًا بنفسه، وليس أنه يقتبس فكر اليهود لكي يصححه أمام الجموع والتلاميذ ويعلن خطأ فكر اليهود، فلماذا ذهب للمرأة السامرية وبشرها وبشر أهلها وهي من الأمم، ولماذا شفى المرأة الكنعانية، ولماذا كان ذاهبا لنواحي صور وصيداء ثم ذهب إلى منطقة الجليل حيث يسكن الأمم، وشفى مرضاهم هناك في الجليل إن كان بالفعل يقصد أنه الأمم كلاب وهو لا يشفيهم بل يشفي اليهود فقط؟
فالحل الوحيد هو أن المسيح كان يقتبس فكر اليهود وكلامهم عن الأمم لكي يصححه وليس لأنه يوافق عنه، وهذا ما حدث فعلا حيث أنه شفى الكنعانية وغيرها من الأمم، وبهذا تكون شبهة معاذ انتهت تماما بدون أي شرح إضافي، لأن شبهته قائمة على أن المسيح هو الذي شتم الكنعانية وقال لها “يا كلبة” بنفسه وبقصده، فإن لم يكن المسيح قد قال لها “يا كلبة” من الأساس، بل اقتبس كلام اليهود وصححه، وكان أصلا ذاهبا إلى صور وصيداء حيث يوجد أمم، وبعدها ذهب إلى الجليل حيث يوجد أمم وشفاهم هناك، فكيف سيكون المسيح يقصد أن يشتم المرأة؟
لاحظوا أن المسيح كان ذاهبا أصلا لصور وصيداء حيث الأمم، ثم قابل المرأة الكنعانية، ثم أكمل طريقه تجاه الجليل حيث يوجد الأمم أيضًا.
النقطة الثانية: الرب يسوع المسيح لم يقل للمرأة الكنعانية أصلا أنها كلبة، هذا لم يقله الرب أبدًا. بل انه استخدم ما كان اليهود يقولونه، وهو موجود في كتبهم إلى اليوم، حيث يعتبرون الأمم ككلاب. فعندما حاول بطرس الرسول منع المسيح من الصلب بمجرد الكلام، واجهة المسيح بكل حزم وقال له “شيطان”، فالرب لو أراد أن يقول لها أنها كلبة لقال، فقد قال لليهودي بطرس الذي هو تلميذه، أنه شيطان بشكل صريح. لكن لأن الرب يسوع لا يرغب أصلا في قول هذه الكلمة للمرأة بل أراد أن يعطي للتلاميذ واليهود درسا قويا، اقتبس فكرهم الخاطئ، ثم رد عليه وصححه.
والنقطة المنطقية هنا هي: هل لو كان المسيح فعلا فعلا يقصد أن المرأة كلبة، وبالتالي فلا يجوز له أن يشفي ابنتها، فهل بمجرد أن تعترف المرأة بأنها كلبة، فهذا سيجعل المسيح يشفي ابنتها؟ أين العقل؟ المسيح حسب فكر معاذ، قال لها أنها كلبة لكي لا يشفي ابنتها لأنها من الأمم. وكل ما فعلته المرأة أنها أقرت بكلام المسيح، إذن فكان المنطقي أن يتمسك المسيح بكلامه ولا يعطيها خبز البنين ولا يشفي ابنتها (أتكلم بحسب ما يريده معاذ وليس ما فعله الرب فعلا). فما الذي تغير عندما أقرت المرأة بكلام المسيح؟ فالمسيح لم ينتظر منها اقرارا لكي يشفي ابنتها ولا قال لها ان هذا شرط لكي أشفي ابنتك، بل أنه قال (بحسب فكر معاذ) أنه لن يشفي ابنتها لأنها كلبة، فهل نفت المرأة أنها كلبة لكي يشفي ابنتها أم اعترفت؟ بالطبع اعترفت انها كلبة (حسب فكر معاذ) إذن: فليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويعطى للكلاب (بحسب فكر اليهود)
النقطة الثالثة: كان من ضمن آلهه الشعوب الساكنة في هذه المنطقة من الأمم الوثنيين، آلهه عديدة، منها آلهه على شكل الكلاب، ولهذا السبب ذكر لها المسيح هذا اللفظ، فهذا اللفظ عند هذه المرأة ليس محل تحقير أصلا، ولا قالت المرأة أي كلمة لتظهر أن هذا تحقيرا لها، وهذا لأن الثقافة التي لدى تلك الشعوب (ليس كنعان وحدها) تعطي توقيرا للكلاب في شكل الآلهه الوثنية. الأمر أشبه اليوم بالهندوس، فهم يقدسون أنواعا معينة من الحيوانات مثل الأبقار، وبالتالي فالبقر لديهم شيء يفخرون به وليس شتيمة، ولهذا لم تشعر المرأة أصلا بشتيمة، فهذه الكائنات محل توقير في الثقافة العامة هناك.
وتتضح الصورة أكثر وأكثر عندما نعرف الكلمة التي استخدمها المسيح هنا لوصف “كلب” لا تعني كلبا من كلاب الشارع، بل تعني الكلاب المدللة في البيت، أو ما نسميه اليوم “الكلاب الأليفة الـPets ولهذا ردت عليه المرأة أن هذه الكلاب تأكل من أكل المائدة الذي يأكل عليه أهل البيت، وهذه الكلاب إلى اليوم، لو يعرف معاذ، ربما تأكل أكلا ربما أفضل مما يأكله معاذ نفسه ويتم الاعتناء بها أكثر مما يعتني معاذ بنفسه!! وهذا ليس تقليلا منه، فلا نحتاج لهذا، لكن لبيان أن هذه النقطة مهمة في فهم ثقافة وحضارة هذه الشعوب في وقتها السابق، وليس حسب فهمنا نحن اليوم.
ولمعلومات اكثر برجاء مراجعة هذا الموضوع: https://www.difa3iat.com/1999.html
وأيضًا:
Nibhaz — barker, the name of an idol, supposed to be an evil demon of the Zabians. It was set up in Samaria by the Avites (2 Kings 17:31), probably in the form of a dog.
Easton, M. 1996, c1897. Easton’s Bible dictionary. Logos Research Systems, Inc.: Oak Harbor, WA
Nib´haz (the barker), a deity of the Avites, introduced by them into Samaria in the time of Shalmaneser. 2 Kings 17:31. The rabbins derived the name from a Hebrew root nâbach, “to bark,” and hence assigned to it the figure of a dog, or a dog-headed man. The Egyptians worshipped the dog. Some indications of this worship have been found in Syria, a colossal figure of a dog having formerly stood at a point between Berytus and Tripolis.
Smith, W. 1997. Smith’s Bible dictionary. Thomas Nelson: Nashville
NIBHAZ (nĭbʾhăz, Heb. nivhaz). A god whose image in the form of a dog was made and worshiped by the Avvites when the Samaritan race was being formed (2 Kings 17:31).
Douglas, J., & Tenney, M. C. 1987. New International Bible Dictionary. Originally published as: The Zondervan pictorial Bible dictionary. 1963. (707). Zondervan: Grand Rapids, MI
النقطة الرابعة: جميع التفاسير التي أتى بها معاذ، لم يقل أي منها ولو لمرة واحدة، أن المسيح “شتم” أو “سب” المرأة الكنعانية!! فلماذا يدلس معاذ على التفاسير وهي لم تقل ما يقول؟
النقطة الخامسة: أن الرب يسوع وصف بنفسه رد هذه المرأة وقال لها «يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ»، فإن كان المسيح يقصد أنها من الأمم وأنها مجرد كلبة، وغير مستحقة لنوال الشفاء لإبنتها، فكيف يمدحها المسيح له المجد، بل ويصف ردها بأنه “إيمان” وهي مازالت أممية وكلبة (حسب فهم معاذ)؟ فالفهم الوحيد الصحيح المنطقي لهذه القصة أن الرب اقتبس كلام اليهود الخاطيء، ثم صححه لها بل وشفى إبنتها بل ومدح إيمانها وهي لاتزال من الأمم (لأن القصة لم تقل أنها آمنت به مثلا).
[1] CSEL 81:171.
[2] On 1 Cor., hom 42:4.
[3] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate 47: 2.
[4] «تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه – الدرة» (10/ 79):
«{زَنِيمٍ:} هو ولد الزنى الملحق في النسب بالقوم، وكان الوليد دعيا في قريش ليس من أصلهم، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده، قال الشاعر: [الوافر] زنيم ليس يعرف من أبوه… بغيّ الأمّ ذو حسب لئيم»
[5] «تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه – الدرة» (7/ 408):
«{لا يَسْتَوُونَ:} لا يكونون عند الله بمنزلة ودرجة واحدة»
«زاد المسير في علم التفسير» (3/ 442):
«قوله تعالى: لا يَسْتَوُونَ قال الزّجّاج: لا يستوي المؤمنون والكافرون»