قانونية سفر الرؤيا وتاريخه في القانون الكنسي – مايكل كروجر – ترجمة الن بارو
تعتبر قصة قانون العهد الجديد مثيرة للاهتمام مع العديد من التقلبات والمنعطفات. هنالك اسفار تم قبولها منذ البدء تقريباً بشكل سريع جداً. على سبيل المثال (الأناجيل الأربعة)، وهنالك أسفار أخرى تطلبت وقتًا لتجد مكاناً لها في القانون الكنسي مثل (رسالة بطرس الثانية).
قليلون اليوم هم الذين يعترضون على الادعاء بأن سفر الرؤيا يعتبر من أكثر الكتب إثارة للجدل وتعقيداً وباطنية في قانون العهد الجديد. ربما لا ينبغي أن يكون مفاجئاً، أن قبوله من قبل الكنيسة آنذاك كان معقداً ومثيراً للجدل.
لكن قصة سفر الرؤيا ليست كما قد يتوقعه المرء. تميل الكتب الأخرى التي تمت مناقشتها إلى أن يكون لها استقبال فاتر في المراحل الأولى، فقط لتكتسب المزيد من القبول بمرور الوقت. من ناحية أخرى، كان للسفر تجربة معاكسة تقريباً. لقيت استقبالاً إيجابياً مبكراً جداً في أجزاء كثيرة من الكنيسة، لكنها واجهت تحديات جدية صعبة في وقت لاحق.
لأولئك الذين يريدون معرفة المزيد، إليك بعض النقاط البارزة حول رحلة سفر الرؤيا:
1. كان قبول سفر الرؤيا في وقت مبكر إيجابياً للغاية. ربما مثل أي كتاب آخر في العهد الجديد، لدينا دليل على استقبال مبكر وواسع النطاق ومتسق للسفر. تعود أدلتنا إلى بابياس (حوالي 125 م) وتشمل أيضاً يوستينوس الشهيد، وايرناؤس، الوثيقة الموراتورية، وهيبوليتوس، واكليمندس السكندري، وترتليان، وأوريجانوس. إنها لقائمة رائعة.
بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن كل آباء الكنيسة هؤلاء قبلوا سفر الرؤيا على نفس الأسس، والاعتقاد بأن الرسول يوحنا ابن زبدي هو الكاتب.
أعجب (بنجامين ويسنر بيكون B.W. Bacon) كثيراً بالاستقبال الأولي لسفر الرؤيا حيث قال “لا يوجد كتاب في العهد الجديد بأكمله يمكن أن تُقارن شهادته الخارجية بشهادة الوحي، في القرب والوضوح والتحديد وإيجابية البيان”
(The Making of the New Testament، 190).
2. كانت الاعتراضات على سفر الرؤيا لاحقة ومحدودة. أول دليل لدينا على أي اعتراض حقيقي على سفر الرؤيا يأتي من شخص غايوس في أوائل القرن الثالث الذي رفض الكتاب على أساس أنه كان تزويراً للمهرطق سيرينثوس Cerinthus. من الغريب أن هذا هو الاعتراض الوحيد الذي سمع عنه من شخص رفض الكتاب (يتفق معظم العلماء على أن ما يسمى بـ “ألوجيّين” الذي ذكره إبيفانيوس لاحقاً وهم الرافضين لعقيده اللوغوس ليسوا على حق.
يقول ديونيسيوس السكندري، في أواخر القرن الثالث، أن يوحنا آخر كتبَ سفر الرؤيا إلى جانب الرسول يوحنا اللاهوتي. يبدو أن يوسابيوس يتفق معه. ولكن، تجدر الإشارة إلى أن ديونيسيوس لا يرفض الكتاب على هذا الأساس (على الرغم من الانطباع الذي اعطاه الكثيرون أنه بالفعل رفضه)، لكنه لا يزال يعتبره مقدساً وموحى به.
3. لم تكن الاعتراضات على سفر الرؤيا مدفوعة بأمور تاريخية. كما أشرنا أعلاه، كان الشخص الوحيد الذي قدم اعتراضات محددة على سفر الرؤيا في الكنيسة الأولى هو غايوس الذي اعتقد أنه كان تزويراً لهرطقة سيرينثوس. لكن ما الذي قاده إلى هذا الاستنتاج؟ لم تكن المزايا التاريخية للكتاب، بل كان اعتراض غايوس على الألفية (الإيمان بالملك الألفي الحرفي للرب يسوع المسيح على الأرض).
عارض غايوس التعاليم المتعلقة بالملك الألفي في الكنيسة، ولا سيما معتقد الألفية الذي نسبه إلى سيرينثوس. ليس هناك شك في أن الإشارة إلى الألفية في رؤيا 20 (الاصحاح 20) قادت غايوس إلى افتراض خطأ أن سفر الرؤيا كان نتاج قلم سيرينثوس.
4. في النهاية تم حل الاعتراضات على سفر الرؤيا. على الرغم من أن غايوس كان وحيداً في اعتراضاته المحددة على سفر الرؤيا، فمن الواضح أنه كانت لها تأثير سلبي في بعض دوائر الكنيسة. في الشرق على وجه الخصوص، تجدد الشك حول الكتاب في القرن الرابع وما بعده.
ومع ذلك، كان هناك أيضاً الكثير ممن أيدوا الكتاب. تم تأكيده من قبل مجامع هيبو (حوالي 393) وقرطاج (حوالي 397). كما قبله فيلاستريوس (حوالي 385)، روفينوس (حوالي 404)، جيروم (حوالي 414)، وأوغسطينوس (حوالي 426). وكان سبب قبول هذه المجموعات للكتاب بسيطًا: لقد كان كتاباً قديماً اقتبس منه آباء الكنيسة الأوائل باعتباره موثوقًا به. ولهذا السبب سادت وجهة نظرهم في النهاية.
في النهاية، تذكرنا هذه المسيرة الإشكالية للقانون الكنسي لسفر الرؤيا بأن تطور القانون الكنسي للعهد الجديد لم يكن دائماً أمراً سلساً أصلياً. ومع ذلك، يبقى أيضاً أنه في حالة سفر الرؤيا، لم تكن للمشاكل علاقة تذكر بالمزايا التاريخية للكتاب نفسه، بل بالأحرى الهفوات اللاهوتية للبعض في الكنيسة الأولى. عندما يُفهم التاريخ الحقيقي للكتاب، فإن وضعه الشرعي كسفر موثوق لا يدع مجالاً للشك.
How Difficult was the Book of Revelation’s Journey into the Canon?