أبي أعظم مني وألوهية المسيح – سام شمعون – ترجمة: مينا عماد برتي
أبي أعظم مني وألوهية المسيح - سام شمعون - ترجمة: مينا عماد برتي
أبي أعظم مني وألوهية المسيح – سام شمعون – ترجمة: مينا عماد برتي
الآية المقصودة هي في (يوحنا 28:14) تقول “سمعتم أني قلت لكم أني اذهب ثم آتي إليكم لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت أمضي إلى الآب لأن ابي أعظم مني”
وحيث أن السائل (المسلم) مؤمن بالتوحيد (الله واحد أحد بشخصه وطبيعته) فإنه ليس من المعقول أن الله يتحدث إلى من هو اعظم منه. وعليه إن كان الله ثالوث فإن الطبيعة الثالوثية (أي انه إلى سرمدي واحد في ثلاثة أقانيم متمايزة وغير منفصلة) فمن المعقول أن أحد الأقانيم وهو رأس الله أن يكون هو الأعظم بشيء من المنطق. الواقع انه لا شيء موجود أعظم من الثالوث القدوس، ولكن هذا ليس بالضرورة يفترض بأنه لا يوجد أي نوع من تنوع وترتيب السلطان داخل الحياة الأبدية وعلاقة أولئك الأقانيم بالثالوث نفسه. وبنعمة وإذن الرب يسوع سوف نتطرق لتلك النقطة بتوسع في مقال آخر.
دعونا نتفق أن يسوع قصد أن يوصل فكرة أن الآب أعظم منه للتلاميذ، ففي البدء يجب الإشارة إلى أن مصطلح أعظم باليونانية (meizon) ليس بالضرورة يقصد أن واحداً أعظم في الطبيعة او الجوهر، ولكن قد تسير إلى أن شخص او شيء ما أعظم في المكانة أو السلطان كما توضح الآية الآتية:
“الحق أقول لكم لم يكن بين المولودين من النساء اعظم (meizon) من يوحنا المعمدان ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه” (متى 11:11)
فكون أن يوحنا اعظم بين مواليد النساء لا يقصد أن الباقيين أقل إنسانية من يوحنا أن أنهم اقل من يوحنا في الطبيعة البشرية ولكن من المقصود أن يوحنا أعظم في المرتبة والمكانة.
“الحق الحق أقول لكم أنه ليس عبد اعظم (meizon) من سيده ولا رسول اعظم (meizon) من مرسله” (يوحنا 13:16)
كلاهما العبد والرسول متساوون مع السيد والمرسل من الناحية الإنسانية، كما أن لهم نفس الجوهر والطبيعة الآدمية. وعليه فإن اعظم هنا تعني في المكانة والسلطة وليس في الجوهر والطبيعة.
“الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي فالأعمال التي أنا اعملها يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم (meizon) منها لأني ماضي إلى أبي” (يوحنا 14:12)
إن تلاميذ يسوع لم يصنعوا أعمال أعظم ولكنهم صنعوا أعمالاً اكثر عددا مما فعلها المسيح منذ أن وصلوا لأناس أكثر وعلى مساحة أكبر مما وصل إليه يسوع مدة حياته على الأرض. وعليه فإن لفظة اعظم تعود على الكم والعدد مقارنة بالجودة حيث أن التلاميذ صنعوا نفس الأعمال التي صنعها يسوع ولكن بأعداد أكبر.
مما سبق يتضح لنا أن لفظ (meizon) قد يعني – حسب السياق – اعظم في الطبيعة أو المكانة أو كليهما معاً. هكذا فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن ان نعلم بها ماذا كان يعني يسوع حينما قال الآب أعظم مني هي طريق قراءة النص في سياقه المباشر بنظرة متأنية على الاصحاح 14 يظهر أن الرب يسوع يخبرنا بأنه يملك جميع صفات الله المتعددة.
“ومهما سألتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الآب بالابن، إن سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله” (يوحنا 14 : 13-14)
فالمسيح يستطيع بشخصه أن يجيب جميع الصلوات الموجهة له أو قدمت باسمه، فالطريقة الوحيدة أن يكون المسيح يستطيع أن يسمع ويجيب كل هذه الصلوات هي انه كلي القدرة وكلي المعرفة.
“في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي وأنتم في وانا فيكم، الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه أبي وان أحبه وأظهر له ذاتي” (يوحنا 14 :20-21)
المسيح هنا يقول إنه في التلاميذ وهذا حتما مستحيل لو كان انساناً أو حتى ملاك، ولكن لأن يسوع هو الله ولأن الله غير محدود فهذا يجعله معقولاً أن يقول المسيح أنه يسكن في جميع المؤمنين باسمه في نفس الوقت.
” أجاب يسوع وقال له: إن احبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً” (يوحنا 23:14)
فكلا الآب والابن يصنعوا منازلهم مع كل المؤمنين بهم وهنا المسيح يوضح مساواته مع الآب حيث أنه يتواجد مع كل مؤمن بنفس طريقة الآب. في الواقع اولئك من سمعوا يسوع قد علموا أنه يقصد أنه مساوي للآب.
“ولهذا كان اليهود يطردون يسوع ويطلبون أن يقتلوه لأنه عمل هذا في سبت، فأجابهم يسوع: أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل” (يوحنا 5 :16-18)
ولهذا كان اليهود يطلبوه ليقتلوه لأنه ليس فقط كسر السبت ولكنه دعى الله أنه أبوه وصنع نفسه متساوياً مع الله.
السبب وراء أن اليهود اعتقدوا أن يسوع كان يدعو نفسه مساوياً لله هو بسب تاكيداته القوية أنه يملك نفس الحقوق الإلهية للعمل في السبت كما الآب كذلك الابن. يسوع كان كثيراً ما يقول – كابن لله – أنه يستطيع صنع نفس الأعمال والتي يعتبر غير شرعي صنعها في هذا اليوم المقدس حيث أنه غير مقيد بالقوانين والشرائع الخاصة بالسبت بنفس طريقة الله الغير مقيد بتلك الشرائع.
في التالي مثال آخر لدعوة يسوع بأنه مساو للآب:
“خرافي تسمع صوتي، وأنا اعرفها فتتبعني، وأنا اعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحمد من يدي، أبي الذي اعطاني إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي، أنا والآب واحد، فتناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه، اجابهم يسوع: اعمالاً كثيرة حسنة اريتكم من عند ابي بسبب أي عمل منها ترجمونني؟ أجابه اليهود قائلين: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً” (يوحنا 10: 27-33)
فالمسيح هنا ينسب إلى نفسه كل الامتيازات الحصرية للإله.
“انظروا الآن أنا أنا هو وليس إله معي أنا اميت وأحيي سحقت وإني أشفي وليس من يدي مخلص” (تثنية 32:39)
“أيضاً من اليوم أنا هو ولا منفذ من يدي افعل ومن يرد؟” (اشعياء 43 : 13)
ولو لم يكن هذا مقنعاً كفاية فيسوع قال أنه واحد هو والآب بعد أن بين أن هذا الأخير أعظم من الكل ن والذي في السياق يشير إلى أولئك الذين يحاولوا خطف المؤمنين من يد الله القوية.
وللاستيعاب الكامل لتداعيات وجوانب تلك النصوص، فلتبق في ذهنك أن قصد يسوع أنه لا يوجد أحد يستطيع منح الل من حماية قطيعه حيث أنه لا يوجد كائن او كيان بقوة الله والذي يستطيع أن يحبط غرضه لخلاص خرافه. وهنا يضع الرب يسوع نفسه في تصنيف ومكانة فريدة حيث انه يؤمن بالفعل أنه هو أبوه واحد، واحد معه في القدرة والقوة والذي لا يشبهه أحد آخر.
لا عجب أن اليهود اعتقدوا ان يسوع يجدف، فهم استطاعوا ان يروا ان المسيح كان يدعوا أنه الله للإيمانه بأنه يستطيع صنع أفعال والتي فقط “يهوه” وحده هو من يستطيع أن يصنع وبالتالي الإيمان بانه كان بنفس قوة وقدرة الآب.
في ضوء ما تقدم من الواضح أن الرب يسوع قصد ذلك أن الآب أعظم منه ن فالكتب المقدسة تعلمنا ان المسيح تأنس وأخذ مكان العبد والخادم.
“لأن من هو أكبر الذي يتكئ أم الذي يخدم؟ أليس الذي يتكئ؟ ولكني أنا بينكم كالذي يخدم” (لوقا 22 :27)
“يسوع وهو عالم أن الآب قد دفع كل شيء إلى يديه وأنه من عند الله خرج وإلى الله يمضي قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزراً بها فجاء إلى سمعان بطرس فقال له ذاك: يا سيد أنت تغسل رجلي اجاب يسوع وقال له: لست تعلم أن الآن ما انا أصنع ولكنك ستفهم فيما بعد قال له بطرس: لن تغسل رجلي أبداً أجابه يسوع: إن كنت لا أغسلك فليس لك معي نصيب قال له سمعان بطرس: يا سيد ليس رجلي فقط بل أيضاً يدي ورأسي، قال له يسوع: الذي قد اغتسل ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه بل هو طاهر كله وأنتم طاهرون ولكن ليس كلكم لأنه عرف مسلمه لذلك قال لستم كلكم طاهرين فلما كان قد غسل أرجلهم وأخذ ثيابه واتكأ أيضاً قال لهم: اتفهمون ما قد صنعت بكم أنتم تدعونني معلماً وسيداً وحسناً تقولون لأني أنا كذلك فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض لأني اعطيتكم مثالاً حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً” (يوحنا 13 : 3 -15)
“فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً، الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب” (فيلبي 2: 5 -8)
وهكذا طالما كان المسيح على الأرض في صورة ووضع العبد المتواضع وفي اضطهاد دائم وتوبيخ وآلام وبعده عار الصليب فالآب يكون أعظم منه في المكانة والفخر، وعندما يعود المسيح إلى السماء للجلوس عن يمين أبيه فلم يعد في صورة العبد فهو يتشارك مرة أخرى نفس المجد والسيادة والسلطان الذي له مع الآب قبل قدومه إلى الأرض كإنسان.
“والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم … أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم” (يوحما 17 : 5، 24)
هكذا فالآب اعظم في المكانة والمرتبة وليس في الطبيعة والجوهر. فالسائل هنا قد ارتكب مغالطة تصنيفية، فهو/هي يخلط في تصنيف المكانة والرتبة مع تصنيف الجوهر والطبيعة، ويفترض بالخطأ أنه إن كان واحداً أعظم من طريق واحد في المكانة والسلطان فيجب أن يكون أعظظم في كل شيء كالجوهر والطبيعة، وفي ضوء تلك الحقائق الكتابية الواضحة فإن هذا ليس هو الحال على الإطلاق.
المصادر:
مقال للرد على معضلة “ قال يسوع أن الآب أعظم منه، ديل على انه ليس الله حيث انه لا يوجد أحد أعظم من الله” لسام شمعون Sam Shamoun.
https://www.answering-islam.org/Shamoun/q_father_greater.htm
الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.