Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

محمود داود يستعرض مهاراته أمام مدافع مسيحي – [أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيء] Vs [دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض] (15)

محمود داود يستعرض مهاراته أمام مدافع مسيحي – [أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيء] Vs [دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض] (15)

شخصيا، أنا أستمتع جدا ببيان جهل محمود داود، وأستمتع أكثر بهزيمته بنفس الأسلوب الذي يعتقد أنه بارع فيه. ميمو لديه مشكلة كبيرة، وهي أنه يظن انه ذكي، ويحاول أن يجد مشكلات سواء في العقيدة أو في الكتاب المقدس ليس لها رد، فتجده يحب أن يضع المحاور المسيحي بين خيارين أو ثلاثة، بحيث يكون أي خيار منهم ضد الطرف المسيحي، فيجد المسيحي أنه لابد أن يصدق كلام محمود داود. ما أقوم بفعله أنا، ليس هو فقط بيان خطأ كلامه وسذاجة فكره، وأنه لا يستطيع إقامة حجة منطقية لها مقدمات ونتائج منطقية بحيث يُحكم الخناق على المحاور المسيحي، بل أني أحيانا، أبين له أننا حتى لو تنزلنا وتواضعنا وقبلنا شروطه على علاتها، فلن يصل إلى ما يريد أن يصل إليه، لدرجة أننا نتبنى كل كلامه، ونهزمه به.

 

فكرة محمود داود الحالية هي كالآتي لمن لم يفهم كلامه: هو يقول إنه عندما يعرض النص القائل “أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا” فالمسيحي يقول إن هذا ناسوت المسيح (برجاء التركيز في مصطلحاته لتعرفوا كيف أنه لا يفهم الإيمان المسيحي أصلا) وبالتالي فلا مشكلة ان يقول المسيح هذا. وهنا يأتي ميمو بنص آخر ألا وهو “دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض” فالمتحدث في الآيتين هو المسيح له المجد، ثم يبدأ ميمو بطرح أحجيته المنطقية (من وجهة نظره) ويقول الآتي:

+ إن كان المسيح عندما قال إنه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئًا كان “هو الناسوت”، فهل الذي دُفع إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض، هو الناسوت أم اللاهوت؟

– فإن قال المسيحي “الناسوت هو الذي دُفع إليه كل سلطان” – فيرد ميمو ويقول: إذن، فكيف يقول المسيح أنه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئًا؟

– وإن قال المسيح أن “اللاهوت هو الذي دُفع إليه كل سلطان” – فمعنى هذا أن اللاهوت نفسه لم يكن لديه كل سلطان، وأن هناك آخر (الآب) هو من دفع إليه كل سلطان، وهذا يعني أن الإبن ليس هو الله!

ها يا مسيحي؟ ها ميمو وضعك أمام خيارين احلاهما مر! ثم يبدأ ميمو في مصمصة شفتيه لأنه انتصر وهميا في عقله!

وأنا أستمتع بتدمير ليس فقط حجته اللامنطقية واللامعرفية، بل بتدمير ثقته الزائفة هذه! لأننا هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستأسرين كل فكر الى طاعة المسيح (2 كو 10: 5)

ونقول:

أولا: النص (يوحنا 5: 30) الذي يقول فيه المسيح “أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا” هو ضد محمود داود، فهو يثبت قدرة المسيح اللامحدودة، بل والمساوية لقدرة الآب، فالمسيح قال “لا يقدر الابن ان يعمل من نفسه شيئا الا ما ينظر الآب يعمل. لان مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك” فالمسيح قال “مهما” (يوحنا 5: 19) معبرا عن قدرته التامة والمساوية لقدرة الآب أن يفعل أي شيء يفعله الآب. فالرب يسوع قال أن أي شيء يستطيع الآب عمله، فالإبن يستطيع عمله كذلك، لكي ينفي عن أفكار هؤلاء الفكر الذي وصلوا إليه فيما بعد، ومن هنا فالنص الأول الذي يعتمد عليه ميمو، أصبح ضده بل ويتهرب منه

ثانيا: لكن لنتنازل ونعتبر أن النص الذي استشهد به ميمو، يقول ما يريده ميمو بنفسه، فهل هناك مشكلة؟ ميمو لا يستطيع التفريق بين “المسيح ناسوت” وبين “المسيح يتكلم هنا حسب الناسوت”، لذلك نجده يكرر أن هذه العبارة غير أرثوذكسية (وهذه سنتكلم عنها في النقطة التالية) فهو يعتبر إما أن المسيح كان ناسوتا أو أنه كان لاهوتا، وليس أن المسيح لاهوت متحد بناسوت في نفس الوقت وفي كل فعل. لكن تأثير الفعل يقع على طبيعة وتتأثر به طبيعة دون الأخرى، ففعل الموت أو الألم او الجوع أو الحزن، تتأثر به طبيعة الناسوت وليس اللاهوت، رغم أن اللاهوت متحد بالناسوت وقد شرحنا مرارا مثال الحديد المحمى بالنار كمثال (قاصر بالطبع للتعبير عن طبيعة الله او حتى طبيعتي المسيح المتحدتين) فعند الطرق على هذا الحديد المحمى بالنار، نجد ان الحديث ينثني ويتشكل حسب الطرق، بينما النار لا تتأثر بالطرق، وعند غمر الحديد المحمى بالنار في الماء، فإن الحديد لا ينثني، بل تتأثر النار وتنطفي، فعلى الرغم من اتحاد (وليس هذا كاتحاد الناسوت باللاهوت بالطبع) الحديد مع النار، إلا أن كل فعل تتأثر به طبيعة دون الأخرى. أو مثل الإنسان، عندما تُجرح يداه مثلا، فروحه لا تُجرح، وهما متحدتان في جسد واحد، ومن هنا يظهر جهل ميمو برد المسيحي، فالمسيح يقول “بحسب الناسوت” ولا يقول “كان المسيح ناسوتا هنا” بمعنى أنه لم يكن هنا متحدا باللاهوت. فهذا يفهمه ميمو وحده بالخطأ لأن قدراته العقلية ضعيفة.

ثالثا: أظهرنا جهل ميمو كثيرا ومنذ أكثر من 5 سنوات في هذا الموضوع، ألا وهو ماذا تقول العقيدة الأرثوذكسية في مسألة الاتحاد بين طبيعتي المسيح، حيث تقول أن بعد الإتحاد لا “يُنسب” فعل إلى طبيعة دون الأخرى كأنها منفصلة عنها، وفي نفس الوقت تقول العقيدة الأرثوذكسية بـ”تأثير” فعل ما على طبيعة دون الأخرى، لذلك كنا نظهر جهل ميمو من نفس الكتب التي يستشهد بها وللآباء الكبار، مثل أثناسيوس وكيرلس الكبير وغيرهما لأن كل أب من هؤلاء أوضح تفصيلا. فإذا كان الكتاب نفسه يقول “مماتا في الجسد ولكن محييا في الروح” فهل يظن هذا العيي أن الآباء سيخالفون الكتاب المقدس صراحة ولا يقولون “الجسد” أو “الناسوت” هو الذي مات ولم يمت اللاهوت مع معرفتهم التامة بالوحدة بينهما؟ هزُلت!

رابعا: دعونا نرد على اختيارات ميمو: وبالطبع الخيار الثاني الذي يقول أن اللاهوت دُفع إليه كل سلطان، هو خيار غير صحيح وغير عقلاني أصلا، وأما الخيار الأول فهو أيضا خاطئ بحسب تعبيراتك، فالخيار الصحيح هو أن الله عندما تجسد، أخلى ذاته من مجده الذي كان له عند الآب قبل كون العالم، وأخذ صورة عبد وصار في شبه الناس وتواضع، فبحسب هذه الصفات لطبيعة المسيح الواحدة، دُفع للمسيح من الآب هذا السلطان في هذه الفترة لذلك يقول الرسول ” لذلك رفعه الله ايضا واعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض ومن تحت الارض ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب” (فيلبي 2: 9-11)، فهذه الرِفعة كانت في تجسده. بينما ما فهمته أنت من النص “أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا” خاطيء، لأن فهمت أن المسيح له المجد يقول أنه ضعيف، بينما المسيح أثبت ليس مجرد القوة فقط، بل أثبت أن قدرته تتساوى مع قدرة الآب، وقال “لأن مهما عمل ذاك (الآب) فهذا يعمله الابن كذلك” (يوحنا 5: 19)، ومن هنا فلا يوجد أصلا تعارض لكي يكون خيارات للتوفيق بينهما.

إذن فإجابة السؤال: أن المسيح دفع إليه كل سلطان في تجسده، بينما النص الآخر (مهما عمل ذاك فهذا يعمله الإبن كذلك) يثبت القدرة الكاملة للاهوت بالمساواة مع الآب، فالنصين يؤكدان بعضهما البعض، ولا يناقض أحدهما الآخر لكي يكون هناك مفاضلة أمام المسيحي واختيار.

 

خامسًا: قلنا سابقا أني أستمتع بهزيمة ميمو في عقر داره، وفقا لشروطه ووفقا لأفكاره الخاصة، فدعونا نستعرض فكرته مرة أخرى، ثم أعرض على حضراتكم ردودا عديدة للرد على خياراته غير الصحيحة لنريه أن لدينا خيارات كثيرة لا يريدها هو ولا يقوى على نقدها فضلا عن نقضها (مع العلم ان هذه الخيارات، هي من باب الجدال فقط وبيان قدرة المدافع المسيحي أن يُظهر جهل المسلمين المتطاولين على عقيدتنا)

فكرة ميمو: قال المسيح عبارتان، الأولى هي “أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا” ويفهم ميمو من هذه العبارة أن المسيح ضعيف عاجز لا يستطيع عمل شيء لأن قدرته محدودة كإنسان (وسوف أتنازل وأقبل تفسيره الخاطئ لهزيمته بتفسيره). أما العبارة الثانية فيقول فيها المسيح أنه “دُفع إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض”، وبالتالي سؤال ميمو ببساطة: لو كان دُفع له كل سلطان في السماء وعلى الأرض، فكيف يكون عاجزا بحسب النص الأول (بحسب فهم ميمو)؟ فإن كان هذا هو الناسوت الذي دُفع إليه كل سلطان، فكيف يقول المسيح “لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا” وهو معه كل سلطان في السماء وعلى الأرض؟

ودعونا نعطيه خيارات كثيرة لم يعرضها هو، لبيان ضعفه المنطقي في طرح الأحاجي المنطقية.

  1. وجود السلطان مع عدم الاستخدام

يمكن للمسيح له المجد أن يكون لديه كل سلطان في السماء وعلى الأرض، ومع ذلك لا يستخدم هذا السلطان (سواء أكان سلطان لاهوته أو/و حتى ناسوته)، وبالتالي، فقد يجمع بين أنه له كل سلطان، ورغم ذلك لا يقدر أن يفعل شيء (بمعنى الضعف الذي يريده ميمو) لأنه لا يستخدم هذا السلطان. فهذا الخيار لم يطرحه محمود داود، وهو ينقض حجته اللامنطقية. وهذه الفكرة متواجدة بشكل أو بآخر في العقيدة المسيحية، حيث أن لاهوت المسيح لم يمنع ناسوته من التأثر بالعوارض الذي يتأثر بها الناسوت، بمعنى أن اللاهوت لم يعزل الناسوت عن الألم والجوع والعطش والتعب والحزن والموت إلخ إلخ. فمع الاتحاد الكامل بين الطبيعتين، إلا أن اللاهوت ترك الناسوت لمُتأثراته.

  1. الحصول على السلطان الكامل في مرحلة متأخرة

يمكن للمسيح له المجد أن يكون قد حصل على هذا السلطان الكامل (كإنسان) في مرحلة متأخرة من حياته على الأرض بحسب الجسد فالمسيح قال هذه العبارة في الثلاث آيات الأخيرة من بشارة القديس متى (متى 28: 18). وبالتالي، فيمكن الجمع بين أنه له كل سلطان في السماء وعلى الأرض في المرحلة المتأخرة من حياته، لكنه قبل أن يحصل على هذا السلطان قبل هذه الفترة من حياته الأرضية فهو لا يقدر أن يفعل شيء (بمعنى الضعف الذي يريده ميمو). فهذا الخيار لم يطرحه محمود داود أيضًا، وهو ينقض حجته اللامنطقية.

  1. وجود السلطان لكن لا يمكن للابن استخدام سلطانه بمعزل عن الآب

النص الذي يستشهد به ميمو لا يقول “أنا لا أقدر أن أفعل شيئا” بل يقول “أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا” حيث قال المسيح “من نفسي” والمسيح أقنوميا، متحد مع الآب في الجوهر، فهو ليس منفصلا عن الآب، فكيف سيفعل “من نفسه” شيئًا وهو متحدٌ مع الآب؟ وبالتالي، فالتركيز هنا في هذا النص يكون على كلمة “من نفسي” (حتى مع الفهم الخاطئ لميمو). وعليه، فمكن الجمع بين أن للمسيح كل سلطان في السماء وعلى الأرض، لكن بالطبع المسيح أقنوميا لا يفعل شيء بمعزل عن الآب. وهذا الخيار لم يطرحه محمود داود أيضًا، وهو ينقض حجته اللامنطقية.

  1. دفع السلطان من لاهوته إلى ناسوته

أثناء طرح ميمو لحجته، قال أن الذي دَفعَ غير الذي دُفِع إليه، أي أن الدافع غير المدفوع إليه، وقال أنه وفقا للعقيدة المسيحية فلا يجوز قول أن الذي يدفع للمسيح هو نفسه، وهو هنا يشير إلى أقنوم الآب، أي أن أقنوم الآب هو أقنوم آخر عن الابن، وبالتالي لا يجوز للمسيحي أن يقول أن الآب هو نفسه الابن، أي أن الآب هو الابن! وإمعانًا في هزيمته وفق أفكاره ووفق قواعده نقول: لماذا اعتبرت أن الذي دَفَع (الدافع) هو الآب لأقنوم الإبن؟ لماذا لا يكون اللاهوت (وبالطبع، لاهوت الآب والابن والروح القدس هو لاهوت واحد لا يتجزأ ولا ينفصل) إلى الناسوت؟

والإجابة انه اضطر أن يعتبر أن الدافع هو أقنوم الآب لكي يرد على كلمة “نفسه” التي افترضها على لسان المسيحي، لأن يحفظ -ولا يفهم- أن الآب هو آخر بالنسبة للإبن في الأقنومية، لكن يمكن أن تكون كلمة “نفسه” بمعنى أن لاهوته (واللاهوت لا يتجزأ) دفع إلى ناسوته داخل الطبيعة الواحدة للمسيح. فجدلا نقول: أن لاهوت المسيح قد دفع كل سلطان في السماء وعلى الأرض بعد القيامة وقبل الصعود الأخير إلى الناسوت، ويكون هذا وحده تفسيرا لقول الكتاب [“«كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.” (دا 7: 13-14).]

محمود داود يستعرض مهاراته أمام مدافع مسيحي – [أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيء] Vs [دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض]

محمود داود يستعرض مهاراته أمام مدافع مسيحي – [أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيء] Vs [دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض]

Exit mobile version