السجود للثالوث – هل يسجد المسيحي لثلاث آلهه حقا؟ – محمود داود في قبضة فريق اللاهوت الدفاعي (11)
السجود للثالوث - هل يسجد المسيحي لثلاث آلهه حقا؟ - محمود داود في قبضة فريق اللاهوت الدفاعي (11)
السجود للثالوث – هل يسجد المسيحي لثلاث آلهه حقا؟ – محمود داود في قبضة فريق اللاهوت الدفاعي (11)
بالفعل هي شيء لا يدخل في عقلك، فيلزم وجود عقل أولا لك، ثم نرى هل ستدخل أم لا..
يقول الإيمان المسيحي أن الله واحد من حيث الجوهر
وثلاثة من حيث الأقنوم، والأقنوم داخل الجوهر الواحد
فلا هو واحد فقط ولا هو ثلاثة فقط، هو واحد من حيث جوهره وثلاثة من حيث أقانيمه داخل هذا الجوهر الواحد.
كمثال قاصر: النار طبيعتها واحدة فإذا أخذت جزء منها عن طريق شعلة ستكون النار الأخرى بها نفس خواص النار الأولى بلا نقص أو اختلاف، وهكذا لو أخذت نارا ثالثة، فعلى الرغم من أنهم 3 نيران، إلا أن الطبيعة واحدة والخواص واحدة والقدرة واحدة إلخ.
بالطبع قصور المثال هو أن النار مخلوقة وأن النار الثانية والثالثة منفصلة عن النار الأولى وهذا غير صحيح في المثال، لكن أنا ضربت هذا المثال لبيان كيف تكون الطبيعة واحدة، ويكون هناك ثلاث نيران بداخلها دون اختلاف في خواص أي منهم.
فالسجود هو للإله الواحد، وكلمة الإله الواحد تعبر عن طبيعة هذا الكيان الباريء الخالق، فهو له اسم وصفي وهو “إله” أو “الله”، فالله ليس إسم علم في المسيحية للخالق، وحاشاه. بل هو اسما للتعبير عن طبيعة الخالق وتوصيفه أنه “إله” أو “الله”.
فنحن نسجد لله، أي لطبيعة الخالق الواحد، وهذه الطبيعة الواحدة داخلها، وليس خارجها، مرة أخرى، داخلها وليس خارجها: ثلاثة أقانيم. وبما أن طبيعة الله الواحدة مسجود لها وحدها، فالأقانيم التي يقوم عليها الجوهر الواحد، هي المسجود لها.
كان سيكون كلام محمود صحيحيا لو أننا قلنا أن هذا هو الله، وهذا هو الله آخر منفصل ومختلف عنه، ونحن نسجد له مع الله الأول، فهذا لا نقله، وهو خطأ بالطبع.
دائما نقول، أنه لا يمكن تقديم أي دليل أو برهان عقلي منطقي إلى الثالوث المسيحي. لأن المنطق البشري محكوم بالمحسوسات والمخلوقات وبالخبرة البشرية في عالم المخلوقات والمدركات، بينما طبيعة الله ليست مخلوقة أو محسوسة أو مدركة أو لها مشابهات لكي تقيس عليها ما تراه في المخلوقات.
المنطق البشري قائم على الاستقراء اليومي. فمثلا، لو أمسك بقطعة حديد، ثم رفعت يدك بها، ثم تركتها في الهواء، فما هو الحدث المنطقي الذي سيحدث؟
سيقول كل عاقل أنها ستسقط للأسف، يستحيل أن تصعد للسماء، أليس هذا هو المنطق؟ بالتأكيد هو، إذن، كيف عرفنا أن هذا هو المنطق؟ عن طريق حياتنا اليومية وخبراتنا المعاشة كل لحظة وكل يوم.
حسنا، ماذا يحدث لو صعدنا إلى الفضاء الجوي في مجرتنا مع ذات الحديدة؟ سيختلف هناك رد فعل الحديدة لأن في الفضاء لا توجد جاذبية الأرض، فبدلا من أن تسقط إلى الأسفل، ستسبح في الفضاء دون نزول! وعندها سيكون هذا هو رد الفعل المنطقي للحديدة، فأيضًا، كيف عرفنا أن هذا هو المنطقي في هذا الوقت؟ عن طريق رؤيتنا لما يحدث واستقرائنا لما يحدث عندما يصعد رواد الفضاء إلى الفضاء.
حسنا، ماذا لو كانت الجاذبية، تجذب الأشياء للأعلى بدلا من الأسفل؟ سيكون المنطق حينها أن الأشياء عندما نفلتها من أيدينا، فهي تصعد للأعلى وسيكون من غير المنطقي أن تسقط الأشياء للأسفل.
فمع اختلاف المكان وحده، تغير رد فعل الحديدة بناء على قوة واتجاه الجاذبية التي نعرف كيف تتعامل في هذه الأماكن المختلفة.
إذن، ماذا نستخلص من هذا؟ أن المنطق يعرفه الإنسان بناء على التجارب السابقة، أي أنه مجرد استقراء لما يلاحظه الانسان للمخلوقات وما يراه في الطبية وهو عبارة خبرات البشرية اليومية المتراكمة للمدركات بالحواس الخمس وغيرها.
لكن، ماذا عن طبيعة الله؟ هل لها مثيل في الكون؟ هل لها مثيل بين المخلوقات؟ هل نعرف حتى طبيعة الملائكة وكيف تتعامل مع المعرفة والحركة والجاذبية والقوة والحرارة إلخ إلخ؟ بالطبع لا، لأننا لا يمكن أن نختبر مثل هذه الطبائع لأن لا نظير لها بين المخلوقات.
بل أن ميمو نفسه، إن سأله أحد عن “ما هي الروح؟” سيبدأ في التلعثم الفكري وفي النهاية سيقول لك “الروح من أمر ربي” معبرا بهذا عن عجزه عن فهم حتى مخلوقات الله على الأقل، فكيف يتبجح ويتكبر ويريد أن يعرف خالق الروح نفسه؟ أليس هذا وحده من غير المنطقي؟
من غير المنطقي محاولة إدراك طبيعة الله الفريدة بالمنطق البشري.