آبائياتأبحاث

المقالة7 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج4 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة7 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج4 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة7 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج4 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة7 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج4 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم
المقالة7 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج4 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة السابعة

في المحبة الواجبة نحو الاخوة

كيرلس: بالصواب تتكلم فبعدما أمر الرب بعدم السجود لآلهة أخرى وعدم صناعة أي صنم منحوت أو منقوش، وأن لا يتجرأ أحد وينسب صفة الألوهية إلى المصنوعات والتماثيل، وبعدما فرض عقوبات شديدة، أخذ ينظم العلاقات البشرية لأنه يقول: ” لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا، ولأن الرب لا يُبرئ من نطق باسمه باطلاً[1]، وهو بذلك وضع الناموس كقانون للسلوك الصحيح لحياة الجميع. فهو يخلصنا من كل خطية مشيرًا قبل أى أمور أخرى إلى الوقت الذي سيظهر فيه بر يسوع المسيح، حيث يتم الخلاص الكامل والقضاء علي الشر، وإعادتنا إلي الجمال الأول وتجديد الحياة بفعل قداسة الله ومحبته .

ويقول: ” أُذكر يوم السبت لتقدسه ستة أيام تعمل وتصنع جميع أعمالك وأما اليوم السابع ففيه سبت الرب إلهك. لا تصنع عملاً ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك. لأنه في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها واستراح في اليوم السابع. لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه. أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك علي الأرض التي يعطيك الرب إلهك. لا تقتل. لا تزن. لا تسرق. لا تشهد علي قريبك شهادة زور[2].

بلاديوس: وماذا يعني هذا؟ لأني لا أفهم بوضوح ماذا يقصد، وبأي طريقة نستطيع أن نقدس يوم الرب؟

كيرلس: أتريد أن نقول بعض الأمور عن يوم السبت والراحة التي هي مكرمة فى هذا اليوم؟ لأنه هكذا سيتضح بالأفضل كل ما شرَّعه الله.

بلاديوس: أريد جدًا أن أسمع منك عن هذا الأمر.

كيرلس: يا بلاديوس، السبت الذي هو اليوم الأخير يمكن أن يشير إلي وقت قدوم المخلص علي الأرض في أواخر الأيام وتقريبًا في نهاية الزمان الحاضر، وصار لنا بداية وباب وطريق لمحو الخطيئة، حتى أنه أعطانا الحرية والغفران وعدم الفساد والحياة والرجاء في الأمور العتيدة. وبطرق كثيرة يشير الإيمان بالكتب المقدسة إلي مفهوم السبت حسب المسيح. فمرة يشير إليه مشددًا علي الراحة بالمسيح من الخطايا ومحددًا عقابًا شديدًا وقاسيًا للمخالفة، ومرة أخرى أيضًا يعلن الفداء والغفران بالمسيح وما نناله في الحياة الآتية.

بلاديوس: أخبرني ماذا تعنى بهذا ؟ لأني سأكون مسرورًا جدًا لسماع هذا الأمر.

كيرلس: نحن نحتفل بالسبت يا بلاديوس بطريقة روحية بالإيمان بالمسيح، اذ نستريح من الانشغال بهذا العالم ونتوقف عن التجول بلا هدف ونترفع عن الدناءة ونتجنب نير الخطية، ثم أخيرًا نصعد إلي القداسة الاختبارية. لذلك يكتب بولس العظيم إلي الذين لهم إيمان تام: ” ومَنْ مَقَتَ أربعين سنة. أليس الذين أخطأوا الذين جثثهم سقطت في القفر، ولمن أقسم لن يدخلوا راحته إلا الذين لم يطيعوا، فنرى أنهم لم يقدروا أن يدخلوا لعدم الإيمان. فلنخف أنه مع بقاء وعد الدخول إلي راحته يُرى أحد منكم أنه قد خاب منه[3]. ولهذا يكتب بولس المطوب إلي كل من لديهم الإيمان الكامل قائلاً: ” إذًا بقيت راحة لشعب الله لأن الذي دخل راحته استراح هو أيضًا من أعماله كما الله من أعماله[4].

وكيف لا يكون هذا هو الحق؟ إنه لو كان حفظ السبت معناه التمسك بعدم القيام بعمل فيه، كيف إذًا يكون الإسرائيليين لم يقدروا أن يدخلوا إلي موضع الراحة رغم أنهم تمسكوا بعدم العمل في يوم السبت؟ إن الأمر كان يشير مسبقًا إلى الراحة بالمسيح، وأن المرء سيتبرر بالإيمان عندما يتوقف عن فعل الخطيئة.

لذلك أَمَرَ الله أن من يجمع الخشب يوم السبت يموت بالرجم[5]، بينما العقاب لأجل هذا الأمر هو صورة مسبقة لأمر ذهني وحتمي. أليس النبات الذي ذبل من الجذر وصار ناشفًا يابسًا مثل الخشب يرمز إلي الموت ويمكن أن يكون غذاءً للنار؟

بلاديوس: هذا حق

كيرلس: هكذا الخطية الشنيعة هي مميتة وكمثل وقود نار مهلكة لأولئك الذين يحبونها. إذًا أثناء وقت الراحة أقصد التوقف عن فعل الخطايا نرى البعض يعملون أعمالاً ميتة وعقيمة ويفضلون هذه الأعمال على الفضيلة، فهذه الأعمال هي التي سوف تشعل اللهيب الأبدي والعقوبات الأبدية، حسنًا سيقضي عليهم بحكم الموت، لأنه بينما هو غير مسموح لهم أن يحيوا برخاوة إلاَّ أنهم يسيرون بإرادتهم إلي العقاب الحتمي. إذن نحن الذين نؤمن ندخل إلي الراحة حسب كلام بولس الطوباوي[6]. لكن بحسب كلام إرميا فإن الله يدين أولئك الذين أخطأوا ولم يمتثلوا للحق الإلهي، قائلاً: ” اذهب وقف في باب بني الشعب الذي دخل منه ملوك يهوذا ويخرجون منه وفي كل أبواب أورشليم. وقل لهم اسمعوا كلمة الرب يا ملوك يهوذا وكل يهوذا وكل سكان أورشليم الداخلين من هذه الأبواب. هكذا قال الرب تحفظوا بأنفسكم ولا تحملوا حملاً يوم السبت ولا تدخلوا في أبواب أورشليم فلم يسمعوا ولم يميلوا أذنهم بل قسوا أعناقهم لئلا يسمعوا ولئلا يقبلوا تأديبًا[7]. لم يأمر إذًا بأن يتوقف أى عمل يوم السبت فقط بل أقر بألاّ تنقل الأشياء ولا  تخرج من أبواب أورشليم .

بلاديوس: وما هو مفهوم كل هذه الأمور؟

كيرلس: هذا الأمر هو عقلى وروحي وأبعد من الصور والرموز وأسمى جدًا من الظلال القديمة. لأنه أَمَرَ كل الذين يُعيِّدون بالسبت بحسب المسيح بأن يستمروا في الراحة من كل عمل يؤدى إلي الدناءة وأن لا يحملوا شيئًا علي أكتافهم لأن الذين تحرروا بالحقيقة مرة واحدة بالإيمان من ثقل الخطيئة، كيف لا يكون منتهي الغباء أن يُجبروا على حمل أشياء مرة أخرى ويقعوا ثانيةً بإرادتهم تحت أثقال الدناءة؟ البقاء داخل أبواب أورشليم يشير إلي أنه يجب ألاّ نبتعد عن المدينة المقدسة ولا نخرج خارجًا ونسقط هكذا في خطية بانحرافنا إلي شئ آخر. والمدينة المقدسة بالطبع نقصد بها الكنيسة. لأنه فعلاً فإن بعض المتألقين بإيمانهم بالمسيح كلما ألقوا عن كاهلهم الخطية ودخلوا إلي الأبواب المقدسة لمسكن الله وبعد ذلك انقادوا إلي العصيان ـ حتى لو لم يُظهروا ذلك، وطالما قفزوا خارج الباب المقدس فيكونون عندئذ قد كرموا العادات والتقاليد الوثنية. لقد شرَّع الله  بأنه يجب علي الذين يُعيِّدون السبت ذهنيًا أن يجلسوا داخل الأبواب قاصدًا بهذا المثال الواضح والثابت أن يرفضوا تمامًا هذا الانحراف عن الإيمان الأصيل بالمسيح. وبكل تأكيد  قصد أن الكنيسة هي مدينة الله، إذ كرز بها داود قائلاً: “ قد قيل بك أمجاد يا مدينة الله[8]، أيضًا يخبرنا عنها المخلص نفسه، قائلاً عنها: ” لأن الرب قد اختار صهيون اشتهاها مسكنًا له[9].

بلاديوس: بناء علي ذلك سوف نتوقف عن أي عمل يوم السبت وفق قرار المشرّع.    

كيرلس: ليس كل عمل بشكل مطلق يا بلاديوس لأنه ينبغي فعل الأمور التي تُفرِّح الله، وهذه الأمور تجلب فائدة ليست بقليلة، ولا يجب أن نوقفها طالما إن الكتاب المقدس أضاف إضافة لا أعتقد أنها بلا هدف، إذ أخبرنا أنه ينبغي  أن نُقدِّس يوم السبت لأنه قال: ” اذكر يوم السبت لتقدسه[10]، وهذا الأمر واضح جدًا. فعلى الرغم من أنه يوم السبت فإن الكهنة يخالفونه وهم أبرياء، ويؤدون واجباتهم المقدسة ويقدمون الحيوانات المذبوحة، ويفعلون كل شئ بلا عائق لأجل مجد الله هذا هو بالضبط الذي يندرج في إطار الشكليات اليهودية والذي خالفه السيد المسيح عندما اتهموه  بمخالفة السبت لأنه شفى المشلول يوم السبت[11].

بلاديوس: أتذكَّرُ هذا.

كيرلس: ختان إنسان ما يمكن أن يتم يوم السبت بحسب كلام المخلص بدون أن يوبخه الناموس. لأن المثال يؤكد بوضوح أن الختان الروحي في اليوم الثامن أى يوم القيامة يتمشى مع الذين يحتفلون بالسبت حسب المسيح. بمعنى أن يتمشى مع الذين يتوقفون عن فعل الخطية ويتقدسون بالإيمان، لأنه هكذا صارت قيامة المسيح. ولأنه قام ثانية إذ أبطل مملكة الموت وأعطى للتو الذين يعرفونه ختم الروح القدس وهذا هو الختان الحقيقي. لأنه نفخ فيهم وقال: “ خذوا الروح القدس[12]. ألم يقل بولس إنه يجب أن يتم هكذا الختان القلبى؟ لأنه نادى بأنه يجب أن يختتن المؤمنون بختان ليس مصنوع بيد، أي روحي[13] وسوف أضيف أنه علينا أن نحتفل بالسبت روحيًا، ولا نتوقف إطلاقًا عن كل ما يُتمم ـ بشجاعة روحية ـ لكي نسحق الأعداء وننتصر بقوة المسيح علي أولئك الذين يقاوموننا، وأيضًا سوف أذكر لكم مثالاً في هذا الأمر وهو يشوع بن نون الذي استولى هو والإسرائيليون علي مدينة أريحا في اليوم السابع أي السبت.

بلاديوس: إذن، السبت يعني بالنسبة لنا أن نكف عن فعل الدناءة والخطية ـ إذا أردنا أن نقول الحق ـ وهذا الأمر نجد ظلاله مكتوبة في الأمثلة أو فى رموز العهد القديم.

كيرلس: هذا ما أقوله. لكن يمكن أن يظهر لنا سر المسيح بوضوح جدًا، وذلك بطريقة أخرى.

بلاديوس: بأي طريقة؟

كيرلس: يقول الناموس أيضًا ” إذا اشتريت عبدًا عبرانيًا فست سنين يخدم وفي السابعة يخرج حرًا مجانًا[14]. وهذا بالتأكيد في سفر الخروج لكن في سفر التثنية أيضًا يقول الآتي: ” إذا بيع لك أخوك العبراني أو أختك العبرانية وخدمك ست سنين ففي السنة السابعة تُطلِقهُ حرًا من عندك. وحين تطلقه حرًا من عندك لا تطلقه فارغًا تُزوِّده من غنمك ومن بيدرك  ومن معصرتك، كما باركك الرب إلهك تعطيه[15]. أي أن الإسرائيليين قد استُعبِدوا تحت عقاب الناموس مثقلين بروح العبودية قبل مجيء المخلص. لكن  عندما أشرق عمانوئيل في أواخر الدهر (والسبت يشير إلى أواخر الدهور) عندئذ طرح روح العبودية ودعاهم إلي الحرية وإلي مجد التبني من فرط إحسانه ومحبته بدون أن يدفع المؤمنين شيئًا مطلقًا إلي السيد كفدية. لأنهم لم يتبرروا بواسطة الأعمال التي حددها الناموس لكن بالإيمان حسب الكتاب المقدس. وهذا ما يعنيه بقوله ” يَخْرُج حُرًا مجانًا[16]. أيضًا يقول: ” وحين تطلقه حرًا من عندك لا تطلقه فارغًا، تزوده من غنمك ومن بيدرك ومن معصرتك كما باركك الرب إلهك تعطيه[17]. أرأيت كم تتلألأ قوة السيد المسيح بوضوح في هذه الأمور؟ إذًا نحن لم نكن مشاركين لإحسان الله الفائق بأعمال البر التي فعلناها، لكن، كما هو مكتوب، حسب رحمته الجزيلة علينا، أطلقنا أحرارًا بمعنى أنه حررنا من الخطايا، وطالما أنه زَّيننا بمواهب التبنى أغدق علينا بالمؤن الحسنة أي ذاته، كذبيح كامل وحمل اقتيد إلي الذبح لأجلنا ومنح لنا إمكانية أن نشترك في البركة المحيية التي هي التناول من جسده المقدس ودمه المقدس. وهذا ما أراد أن يشير إليه المؤن من خراف وقمح وخمر ونبيذ لأولئك الذين في اليوم السابع، أي في السبت الروحي، وقد دعوا إلي الحرية بسبب إحسان السيد وهذا هو بالطبع الناموس. لكن بسبب أن الخمول استولي علي اليهود ولم يريدوا أن يحفظوا الوصايا اتهمهم الله بأنهم فعلوا هذا العصيان بإرادتهم. لأنه مكتوب         ” فصارت كلمة الرب إلي إرميا من قِبَل الرب قائلة: لقد قال الرب إله إسرائيل أنا قطعت عهدًا مع آبائكم يوم أخرجتكم من أرض مصر من بيت العبيد قائلاً في نهاية سبع سنين تُطلِقون كل واحدٍ أخاه العبراني الذي بيع لك وخدمك ست سنين فتطلقه حرًا من عندك ولكن لم يسمع آباؤكم لي ولا أمالوا أذنهم وقد رجعتم أنتم اليوم وفعلتم ما هو مستقيم في عيني منادين بالعتق كل واحد إلي صاحبه وقطعتم عهدًا أمامي في البيت الذي دعي باسمي ثم عدتم ودنستم اسمي وأرجعتم كل واحد عبده وكل واحد أمته الذين أطلقتموهم أحرارًا لأنفسهم وأخضعتموهم ليكونوا عبيدًا وإماءً[18]. أرأيت كيف أن الأمثلة والنماذج لا تقبل التناقض أو بالأحرى إن الحقيقة نفسها لا تُسَّب بسبب أنها توجد أيضًا في الظلال التي ترمز إليها؟ إنه وفق المكتوب: ” فإن هبات الله ودعوته هي بلا ندامة[19]. لكن اليهود إذ طرحوا نير العبودية على أولئك الذين سبق وحرروهم فقد اعتُبِروا أنهم لم يحفظوا العهد الثابت لذلك اصطدموا مع قوة السر واستهانوا  به بينما هو لا يزال موجودًا في الأمثلة أو الرموز .

بلاديوس: بالصواب تتحدث.

كيرلس: وقد خلصنا مجانًا بنعمة الله بدون أن نعطي أي مقابل لحياتنا واشترينا مجد الحرية لكننا نلنا البر بسبب إحسان السيد ومحبته وهذا ما عبّر عنه فى سفر التثنية قائلاً: ” في آخر سبعة سنين تعمل إبراءً. وهذا هو حُكم الإبراء. يُبْرِئ كل صاحب دين يده مما أقرض صاحبه. لا يطالب صاحبه ولا أخاه لأنه قد نودى بإبراء للرب. الأجنبي تُطالب وأما ما كان عند أخيك فتبرئه يدك منه. إلاّ إن لم يكن فيك فقير لأن الرب إنما يباركك  في الأرض التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا لتمتلكها[20]، هل رأيت كيف تشرق الحقيقة داخل الظلال؟ وبوضوح تام سوف يظهر تدبير المخلص لأجلنا؛ بمعنى أنه حرّر الذين اقتربوا إليه من ديونهم بواسطة الإيمان وصاروا إخوة بمشاركة الروح القدس؛ ولكي يصيروا شركاء الطبيعة الإلهية حررهم بدون أن يدفعوا شيئًا. حقًا لم يفرض عليهم عقابًا بسبب عصيانهم مع أنهم مديونون بإعطاء جواب عن أعمالهم. ومن ناحية أخرى فأولئك الذين ما زالوا غرباء مذنبين مدانين بسبب عدم إيمانهم وبسبب أنهم أبعد من أن يكونوا ضمن خاصته ولأنهم لم يغتسلوا بعد من الخطيئة؛ فبعدل جعلهم مذنبين ومستحقين للإدانة والعقاب. فقد قال لهؤلاء الذين آمنوا ” إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرركم[21] لكن لكل الذين يحتقرون التعليم الحقيقي والإنجيلي يقول ” إن لم تؤمنوا أنى أنا هو تموتون في خطاياكم[22]. أرأيت إذًا أن القريبين له من جهة الإيمان يعدهم بأنه سوف يحررهم، بينما أولئك الذين هم غرباء وأجنبين سوف يدفعون للدَّيان ثمن خطاياهم طالما ماتوا وهم في خطاياهم ؟

بلاديوس: هذا حق.

كيرلس: راحة السبت تمنح بطرق حسنة التمتعات المقدسة اللائقة للدهر العتيد والاشتراك في الخيرات السماوية.

بلاديوس: أريد أن أسمع كيف يكون ذلك ؟ أخبرني.

كيرلس: حسنًا لقد سبَّح داود العظيم الله كلى القدرة قائلاً: “ وأمطر عليهم منًا للأكل وَبُرَّ السماء أعطاهم. أكل الإنسان خبز الملائكة[23]. إن المن غذاء السماء والملائكة، وقد فتح داود النبي ذهننا علي شئ أبعد من المحسوسات والمنظورات لكي نرى العطية الروحية والإلهية التي يضعها الله في نفوس القديسين، والخبز الذي يغذي الملائكة ويُحيى البشر جاعلاً الكلمة أي اللوغوس يسكن في نفوس المؤمنين. لأن المسيح يسكن في قلوبنا بقوة الروح القدس ونتغذى بالخبز الحي والسماوي لكي يكون لدينا عافية وقوة روحية. المن هو مثال واضح وغير مشكوك فيه لهذا الأمر. لقد أمر الناموس أن يجمعه الإسرائيليون بدون أن يتجاوزا الكمية التي تكفيهم لأن الكتاب يقول: ” فكان في المساء أن السلوى صعدت وغطت المحلة وفي الصباح كان سقيط الندى حوالي المحلة. ولما ارتفع سقيط الندى إذا علي وجه البرية شئ دقيق مثل قشور دقيق كالجليد علي الأرض. فلما رأي بنو إسرائيل قالوا بعضهم لبعض مَنْ هو لأنهم لم يعرفوا مَنْ هو فقال لهم موسى هو الخبز الذي أعطاكم الرب لتأكلوا هذا هو الشيء الذي أمر به الرب، التقطوا منه كل واحد علي حسب أكله عُمرًا للرأس علي عدد نفوسكم تأخذون كل واحد للذين في خيمته[24]، وبعد ذلك يقول: ” ثم كان في اليوم السادس أنهم التقطوا خبزًا مضاعفًا للواحد فجاء كل رؤساء الجماعة وأخبروا موسى فقال لهم هذا ما قال الرب غدًا عطلة سبت مقدس للرب. اخبزوا ما تخبزون واطبخوا ما تطبخون وكل ما فضل ضعوه عندكم ليُحفظ للغد[25]. بجانب كل هذا يوضح موسى لهؤلاء الناموس الإلهي مضيفًا علي الفور: “ كلوه اليوم لأن للرب اليوم سبتًا. اليوم لا تجدونه في الحقل. ستة أيام تلتقطونه وأما اليوم السابع ففيه سبت. لا يوجد فيه. وحدث في اليوم السابع أن بعض الشعب خرجوا ليلتقطوا فلم يجدوا[26]. بالتالي يا يا بلاديوس، بعد كل هذا أليس واضحًا أنهم لن يفعلوا شيئًا يوم السبت وهذا يمثل صورة واضحة ومسبقة للحياة التي سوف توجد في الدهر الآتي، وأنهم سيجنون ما قد جمعوه، لذا سوف لا يُعطى هذا المن من السماء لأنهم سوف يتغذون بما جمعوه بالفعل؟ أي أننا سوف نحتفل بتحررنا التام من الخطية، وسوف نستمتع  بالخيرات السماوية بدون ألم يزعجنا وبدون تعب ومشقة إذ نجد بوفرة كل ما هو لخيرنا.

[1] خر7:20 .

[2] خر8:20ـ16.

[3] عب17:3ـ19، 1:4.

[4] عب9:4ـ10.

[5] انظر عدد 32:15.

[6] انظر عب3:4.

[7] إر19:17ـ23.

[8] مز3:87.

[9] مز13:132.

[10] خر8:20.

[11] انظر مت5:12و12.

[12] يو22:20.

[13] انظر كو11:2، أى ختان القلب بالروح انظر رو29:2.

[14] خر2:21.

[15] تث12:15ـ14.

[16] خر2:21.

[17] تث13:15ـ14 .

[18] إر12:34–16.

[19] رو29:11.

[20] تث1:15ـ4.

[21] يو31:8ـ32.

[22] يو24:8.

[23] مز24:78ـ 25.

[24] خر13:16ـ 16.

[25] خر22:16ـ23.

[26] خر25:16ـ27.

 

المقالة7 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج4 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم