Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

المقالة3 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة3 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة3 ج2 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة الثالثة

 

بلاديوس: إذن فَكِر بأي الأمثلة سوف تعرض لنا هذا، لأنه بالطبع لا يغيب عنك هذا الأمر.

كيرلس: نستطيع بسهولة أن نظهر هذا بأمثلة كثيرة، وأولاً من الأمثلة الغريبة التي كتبها موسى نفسه. أولئك الذين ارتعبوا بشدة فقط من منظر المصريين، عندما عبروا البحر الأحمر وحققوا مثال المعمودية المقدسة، (لأنه وكما يكتب بولس الحكيم “اعتمدوا لموسى في السحاب وفي البحر”)، برهنوا على أنهم محاربين ومرهبين أكثر في مواجهة الأعداء، بمعونة المسيح. فقد كُتب الآتي “وأتى عماليق وحارب إسرائيل في رفيديم. فقال موسى ليشوع انتخب لنا رجالاً وأخرج حارب عماليق. وغدًا أقف أنا على رأس التلة وعصا الله في يدى. ففعل يشوع كما قال له موسى ليحارب عماليق. وأما موسى وهارون وحور فصعدوا على رأس التلة. وكان إذا رفع موسى يده أن إسرائيل يغلب، وإذا خفض يده أن عماليق يغلب. فلما صارت يدا موسى ثقيلتين أخذا حجرًا ووضعاه تحته فجلس عليه. ودعم هرون وحور يديه الواحد من هنا والآخر من هناك. فكانت يداه ثابتتين إلى غروب الشمس. فهزم يشوع عماليق وقومه بحد السيف. فقال الرب لموسى أكتب هذا تذكارًا في الكتاب وضعه في مسامع يشوع. فإنى سوف أمحو ذكر عماليق من تحت السماء. فبنى موسى مذبحًا ودعا اسمه يهوه نسى. وقال إن اليد على كرسىّ الرب. للرب حرب مع عماليق من دورِِ إلى دور[1].

بلاديوس: وأي معنى يمكن أن يكون لكل هذا الذي كُتب؟ إنى لا أفهم كثيرًا.

كيرلس: لا توجد أية صعوبة، على ما أعتقد، لكل مَن يريد أن يفحص هذا الأمر بانتباه. لأن، لا أحد يفترض أن يشوع عندما قبل الأمر من موسى، فهذا لا يعنى بالتأكيد إلاّ أن الكلمة الذي هو إله بالحقيقة قد خضع للناموس، من جهة أنه قد أخذ شكل الإنسان، وقد خضع بطرق مختلفة للوصايا التي أُعطيت بواسطة موسى، مرة محتملاً ختان الجسد، ومرة أخرى دافعًا الدرهمين للضرائب وأُحصى كواحد من ضمن المحسوبين في الناموس، ولذلك قال بوضوح “لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس بل لأكمله[2]. لكن على الرغم من أنه خضع للناموس بسبب طبيعته الإنسانية، إلاّ إنه هو الإله والمخلص والفادى لكل الشعب. حيث إنه اختار من كل شعب الإسرائيليين، ومن كل جنس، رجال أقوياء، وأقصد الرسل القديسين وكل الذين قد دُعِوا بالإيمان، الذين ينطبق عليهم القول “أنتم جنس مختار، وكهنوت ملوكى، أمة مقدسة، شعب اقتناء[3]. وقد وقف معهم رب الجميع وغالب الكل (المسيح)، أمام رئيس هذا العالم عندما قال “الآن دينونة هذا العالم الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجًا[4]. ويُتّوج العظيم يوحنا بصوتِِ مبهج كل مَن هم معه (مع المسيح) وبواسطته خرجوا منتصرين. لأنه يقول “كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير[5]. أليس هذا الذي أقوله حقيقة؟

بلاديوس: بالتأكيد

كيرلس: قال موسى إن الاصطفاف يجب أن يصير في اليوم التالى. لأنه لم تستعرض منجزات المسيح في عصره الخاص به (عصر موسى)، لكن صارت على الأغلب في (العصر) اللاحق، أي بعد موسى والناموس. بعد ذلك يصعد موسى على الجبل وعلى قمة تل ما، لكي يستطيع أن يتابع المعركة وانتصارات يشوع فيها. لأن تعليم الناموس يصعد تدريجيًا لكي نستطيع أن نلاحظ من بعد خطط المسيح القيادية. فعندما رفع موسى يديه انتصر الإسرائيليون، بينما عندما أنزلها صاروا ضعفاء وانتصر عليهم عماليق. لأنه صار حصنًا منيعًا من الشيطان نفسه، ومن أي عدو كان، أراد ببغضه أن يفترسه، ليس بالطبع كل الشعب الإسرائيلى، لكن كل مَن فضلوا أن يتبعوا المسيح بأن يحملوا عاره، أي الصليب المكرم. لأن الأيدى مرفوعة هكذا في الهواء قد رسمت بوضوح شكل الصليب. لكن كل الذين لم يقبلوا الصليب صاروا صيدًا سهلاً لهجوم الأعداء. إذ لم يأخذوا المعين معهم. فعندما يرفع موسى يديه لأجلنا مظهرًا شكل الصليب، ويسقط عماليق منهك القوى، هذا يشير لنا على أي حال، هؤلاء الذين يغلبون الشيطان ويتفوقون أمام أعدائهم بالصليب المكرم. أيضًا عندما تراه ينزل الأيدى وبعد ذلك ينتصر عماليق، فهذا يشير إلى هؤلاء الذين خضعوا للشيطان وقد هُزموا، لأنهم لم يروا أن قبول المسيح هو أمر ضرورى، والذين إليهم توجه المسيح بالقول “لأنكم إن لم تؤمنوا أنى أنا هو تموتون في خطاياكم[6]. وأن تثقُل يدى موسى وصعوبة رفعهما وعبء مَدّهما، لكي تُظهر الشكل المكرم للصليب، يبدو لى أن ذاك يُعلن بطريقة خفية، أن الإسرائيليين لم يكونوا مهيئين تمامًا لقبول الإيمان لذا تقدموا بتردد وصعوبة لحمل عار المسيح. ولهذا بالصواب دعا بولس العظيم الصليب عثرة لليهود لأنه مكتوب “فلما صارت يدا موسى ثقيلتين أخذا حجرًا ووضعاه تحته فجلس عليه. ودعم هرون وحور يداه الواحد من هنا والآخر من هناك فكانت يداه ثابتتين إلى غروب الشمس[7]. المسيح هو حجر غالى، ومختار، وحجر زاوية، ثمين، الذي فوقه يستريح (لأن الجلوس يشير إلى الراحة) الموقرون والمستنيرون من الإسرائيليين، أولئك الذين غيرتهم النعمة لحسابها. ويرفعون الأيدى، أي يقبلون الصليب، والمسيح يعضدهم ويحفظهم لأجل هذا الأمر، كما دلّ على ذلك بحور وهرون، إذ يعنى في نفس الوقت القاضى (الديان) ورئيس الكهنة. لأن حور كان قاضيًا نزيهًا، بينما هرون رئيس كهنة، الذي جمع كل الذين اختارتهم النعمة من الإسرائيليين لحسابها ولخلاصهم بالإيمان. أعتقد أن هذا ما يعلنه ذاك الذي قيل نبويًا بإشعياء: “لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة[8]. وعندما سقط ذاك الذي قاومهم، أي عماليق يقول    “أكتب هذا تذكارًا في الكتاب وضعه في مسامع يشوع[9]. وأنه كان يأمل بكتابة الإنجيليين القديسين أن تستمر ذكرى إنجازات المسيح المعجزية بلا نهاية وبلا حدود. ولكي تصير معروفة أمر أن يضعها في مسامع يشوع. إذ أن كتابات القديسين هي بمثابة إهداء للمسيح، كمدائح تمجيد له. وعندما سقط وانهزم عماليق، بنى موسى مذبحًا للرب وكتب عليه اسم “ربى هو ملجأي”. وهذا يمكن أن يكون مثالاً للمسيح، لأنه صار ربنا وملجأنا عندما هزم رئيس هذا الدهر وداس سلطان الموت وقدم نفسه ذبيحة كاملة لأجلنا، لكي يصير رائحة ذكية لله الآب. وبالتالى فإن المذبح هو مثال للمسيح، الذي فيه الاسم “ربى هو ملجأي”هو لائق وحقيقى به.

بلاديوس: أوافقك لأنك تفكر بالصواب.

كيرلس: طالما أن المسيح ـ بيد غير متطورة ـ حارب عماليق الذهني وهزمه وأخضع الأمم ونهب أمتعتهم (أنظر مت29: 12)، كما يقول هو نفسه أنه ربط القوى بالقيود. لأن القطيع الذي كان فى وقت تحت سلطانه، أعنى الأمم، قد وحدهم برعيته القديمة، ولهذا قال “ولي خراف أُخَرُ ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضًا فتسمع صوتى وتكون رعية واحدة وراعِِ واحد[10]. المسيح هو سلامنا، وفقًا للكتب، الذي جعل الاثنين واحدًا ونقض حائط السياج المتوسط، أي العداوة مبطلاً في جسده، ناموس الوصايا والفرائض اليهودي. وخلق الاثنين أي كل الذين كانوا مختونين وكل الذين هم من خارج الناموس في إنسان واحدِِ جديد (أنظر أف14: 2ـ15). انتبه أيضًا لهذا السر العظيم الذي يرتبط بكل ما قلناه من قبل، كما بظلال ورموز. لأنه يقول: ”فسمع يثرون كاهن مديان حمو موسى كل ما صنع الله إلى موسى وإلى إسرائيل شعبه. إن الرب أخرج إسرائيل من مصر. فأخذ يثرون حمو موسى صفورة امرأة موسى بعد صرفها وابنيهما الذين اسم أحدهما جرشوم لأنه قال كنت نزيلاً في أرض غريبة. واسم الآخر أليعازر لأنه قال إله أبى كان عونى. ثم بعد ذلك “فسمع موسى لصوت حميه وفعل كل ما قال[11].

بلاديوس: تعال إذن ثانيةً وخذ هذه الأمور واحدة واحدة، وأوضحها.

كيرلس: ألا تقبل أن المديانى هو من جنس آخر ومن الأمم؟ لأنه بالتأكيد لم يخرج من صلب إبراهيم. ومن جانب آخر هو كاهن وثنى ومؤمن إراديًا بالعبادة التي كانت في ذاك الوقت تُعبد في الأرض كما يقال، قد سجدوا لله العلى وقبلوه بطريقتهم الخاصة مثل ملكي صادق بالتأكيد، لكن قد قبلوا أيضًا بعض الآلهة الأخرى، محصين معه بعض المخلوقات الكاملة مثل الأرض، والسماء، والشمس، والقمر، والنجوم اللامعة جدًا. وهذا الاعتقاد الفاسد والفهم المضل هو خطأ قديم ومستمر حتى اليوم. لأنه هكذا يؤمن حتى الآن بعض المخرفين من فينيقية وفلسطين، الذين يدعون من أنفسهم لعبادة آلهة، ويسلكون طريق وسط للديانة بدون أن يتفقوا تمامًا لا مع عادات اليهود ولا مع اليونانيين، لكن هم مشتتون ومنفصلون عن الاثنين. وعندما اختار الإسرائيليون في وقت ما هذا الاعتقاد، وبخهم إيليا النبي قائلاً: “حتى متى تعرجون بين الفرقتين إن كان الرب هو الله فاعبدوه وإن كان البعل فاعبدوه[12]. إذن يثرون، وكما هو طبيعى، اتبع طريقة عبادة مثل هذه، لكن عندما سمع بنفسه كل ما فعله الله لأجل خلاص الإسرائيليين، منبهرًا من الروايات الموقرة والمستحقة كل إعجاب، ذهب إلى موسى ومعه كل أهل بيته وعشيرته. وعندما رآه موسى قبله بفرح وأخذه إلى خيمته وحكى له بالتفصيل الإنجازات الباهرة للقوة الإلهية والأعمال المعجزية التي تفوق كل منطق وكل قول. إن ذاك الجمع الذي وُجد في الضلال، أي الأمم هم مدعوون لكي يغيروا آرائهم ويرجعوا إلى الله، أولاً عن التعاليم الخاطئة التي ينادون بها عن الله وعن ذواتهم وبعد ذلك يتقدمون إلى الناموس الإلهي، أي إلى التعليم الذي يقدمه الكتاب المقدس. حتى ان الأمم تسرع إلى الخيمة الأولى، لأن الناموس هو المدخل. ومن ثم فبالروايات (الكتابية) القديمة قد غيروا اعتقادهم وبدأوا في التقدم نحو إدراك أن الله واحد ويجب أن يقدموا له التقدمات. فعندما سمع المديانى رواية موسى، قال “الآن علمت أن الرب أعظم من جميع الآلهة لأنه في الشيء الذي بغوا به كان عليهم. فأخذ يثرون حمو موسى محرقة وذبائح لله. وجاء هرون وجميع شيوخ إسرائيل ليأكلوا طعامًا مع حمى موسى أمام الله[13]. وبناء على ذلك فإن الناموس هو مُعلّم لبدايات أقوال الله، وموسى يقودنا إلى المرحلة الأولى للمعرفة الإلهية الحقيقية أي بالمقدمة التعليمية عن الكتب المقدسة القديمة.

بلاديوس: هذا بالتأكيد

كيرلس: لكن المسيح يقود أولئك الذي تعلموا من الناموس إلى الكمال التام. وعندما أقول الناموس أعنى العهد القديم. وموسى باستخدامه فقط الروايات عن الله في حديثه مع يثرون عَبّر له عن معتقده حتى اعترف يثرون بصورة صريحة وقاطعة أنه لا يوجد إله آخر غير الواحد الذي هو بالطبيعة إله حقيقى. وهذا هو الإيمان الأول للمبتدئين (للموعوظيين)، أي أن يتحرروا من الاعتقاد بتعدد الآلهة وأن يقبلوا الإله الواحد الحقيقى. وهرون أعد مائدة ليثرون ودعاه ليأكل معهم، إذ يقول: “وجاء هرون وجميع شيوخ إسرائيل ليأكلوا طعامًا مع حمى موسى أمام الله[14]. وحقًا إن المسيح هو هرون الحقيقى، الذي جعلنا كاملين بالخبز الحىّ، وصّير ليس فقط كل الذين قد جاءوا من الأمم، ولكن أيضًا هؤلاء الذين اُختيروا من دم إسرائيل، فكل هؤلاء صيّرهم كاملين، الذين يُقال لهم هم الشيوخ. وكونهم يجب أن يأكلوا خبزًا أمام الله هي إشارة ـ ليست بقليلة الأهمية ـ للتقديس فماذا يمكن أن يكون إذًا هذا الذي يصير أمام أعين الله، إن لم تكن هي المائدة السرية والذبيحة والمشاركين فيها؟

بلاديوس: بالصواب تتكلم.

كيرلس: وإذ نصير كاملين بواسطة المسيح نرتفع إلى فهم أعظم من تربية الناموس، ويمكن ان نتحقق من هذا بدون مشقة لو قبلنا أن موسى وهرون هما صورة نقية لهذا الأمر، لأنه يقول “إن موسى جلس ليقضى للشعب. فوقف الشعب عند موسى من الصباح إلى المساء[15]. ويثرون اقترح عليه رأيًا، وموسى قدّره وقبله ورآه أنه حسن جدًا. إذ يقول “فسمع موسى لصوت حميه وفعل كل ما قال[16]. أليس من يستطيع أن يصيغ فكرة أو رأي أفضل، يعتبر على أي حال من الأحوال أن لديه تعقل حسن جدًا؟

بلاديوس: أتفق معك في هذا.

كيرلس: أيضًا إن كمالنا بواسطة المسيح هو الأعظم ويفوق كثيرًا تعاليم الناموس، فالمسيح يرفعنا إلى معرفة فائقة وسامية وهذا ما يظهره لنا القديس بولس الذي ـ بسبب تفوق معرفة المسيح، كما قال هو بنفسه ـ قد قبل باستعداد هائل أن يحسب كل مكاسب الناموس خسارة، معتبرًا إياها نفاية لكي يربح المسيح[17]. وأولئك الذين يقدرون فقط كل ما سلّمه موسى، لكنهم لا يقبلون الكمال الذي يقدمه المسيح، يقول لهم النبي إرميا “كيف تقولون نحن حكماء وشريعة الرب معنا. حقًا إنه إلى الكذب حوَّلها قلم الكتبة الكاذب. خزى الحكماء ارتاعوا وأُخذوا. ها قد رفضوا كلمة الرب فأيّة حكمة لهم[18]. أما نحن الذين لم نرفض الكلمة المخلّصة “لأنه قد قبلنا بفرح تعليم المسيح”، فقد صار لنا هو نفسه حكمة مرسلة من الله. إذن نحن أكثر غنى من جهة الفهم البشرى للناموس ومتعظين من وصايا الناموس ومتغذين بالخبز (كلمة الله) أمام الله، تعلمنا أن نقول ونؤمن بالأمور الفضلى. لأن يثرون يعطى مشورة وموسى يقبلها حسنًا. إذن يمكن أن يعتبر يثرون ممثلاً عن الأمم، وموسى عن المؤمنين بالناموس.

 

بلاديوس: ما قلته صحيح.

كيرلس: إذن، فالكمال بواسطة المسيح وقوة أسراره تجعلنا حكماء وأقوى من الموت، ونسحق عماليق العقلي، أي الشيطان. وصحيح ما قاله المزمور “بالله تصنع ببأس وهو يدوس أعدائنا[1]. أما لأجلنا نحن الذين قد حصلنا على بهاء الإيمان نادى أيضًا إليه “لأنك أنت فخر قوتهم وبرضاك ينتصب قرننا. لأن الرب مجننا وقدوس إسرائيل[2]. لأننا نحن الذين خلصنا نفتخر بقوة المسيح، ولدينا هذا “كترس للمسرة[3] بحسب الكتاب. هناك مثال وصورة نقية يمكن أيضًا أن نصير، وهو ما كُتب في نهاية الكتاب الثانى للملوك (صموئيل الثانى) وهو كالآتي “ولما قام داود صباحًا كان كلام الرب إلى جاد النبي: أذهب وقل لداود هكذا قال الرب. ثلاثة أنا عارض عليك فأخذ لنفسك واحدًا منها فأفعله بك. فأتى جاد إلى داود وأخبره وقال له أتأتي عليك سبع سنين جوع في أرضك أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك وهم يتبعونك أم يكون ثلاثة أيام وبأ في أرضك. فالآن أعرف وانظر ماذا أرد جوابًا على مُرسلي. فقال داود لجاد قد ضاق بى الأمر جدًا. فلنسقط في يد الرب لأن مراحمه كثيرة ولا أسقط في يد إنسان. فجعل الرب وبأ في إسرائيل من الصباح إلى الميعاد فمات من الشعب من دان إلى بئر سبع سبعون ألف رجل. وبسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها فندم الرب عن الشر وقال للملاك المهلك الشعب كفى. الآن رُد يدك. وكان ملاك الرب عند بيدر أرونة اليبوسي فكلم داود الرب عندما رأي الملاك الضارب الشعب وقال ها أنا أخطأت وأنا أذنبت وأما هؤلاء الخراف فماذا فعلوا. فلتكن يدك علىّ وعلى بيت أبى. فجاء جاد في ذلك اليوم إلى داود وقال له أصعد وأقم للرب مذبحًا في بيدر أرونة اليبوسى. فصعد داود حسب كلام جاد كما أمر الرب. فتطلع أرونة ورأي الملك وعبيده يقبلون إليه فخرج أرونة وسجد للملك على وجهه إلى الأرض وقال أرونة لماذا جاء سيدى الملك إلى عبده. فقال داود لأشترى منك البيدر لكي أبنى مذبحًا للرب فتكف الضربة عن الشعب. فقال أرونة لداود فليأخذه سيدى الملك ويصعد ما يحسن في عينيه. أنظر البقر للمحرقة والنوارج وأدوات البقر حطبًا. الكل دفعه أرونة المالك إلى الملك. وقال أرونة للملك الرب إلهك يرضى عنك. فقال الملك لأرونة لا بل أشترى منك بثمن ولا أصعد للرب إلهي مُحرقات مجانية. فأشترى داود البيدر والبقر بخمسين شاقلاً من الفضة. وبنى داود هناك مذبحًا للرب وأصعد مُحرقات وذبائح سلامة واستجاب الرب من أجل الأرض فكفت الضربة عن إسرائيل[4].

بلاديوس: أي معنى يمكن أن يكون لهذه الأمور لأنه من الصعب جدًا أن يُفهم هذا الكلام.

كيرلس: اعترف أنه صعب الفهم وحقًا هو صعب الإدراك. ولكن سوف أعرض المعنى الخارجي لهذا الجزء الذي قرأناه، ملخصين إياه في كلمات قليلة جدًا ومتعمقين فيه ذهنيًا. انتبه إذن يا بلاديوس، (لأننا نفهم) سر المسيح وطريقة تدبير الله لأجلنا كما في مرآه وبتصورات ضعيفة.

بلاديوس: هذا ستفعله أنت حسنًا جدًا، فأنت يمكنك أن تفهم هذا الأمر بمعونة الله.

كيرلس: اسمع إذن. لأنى أتقدم بالفعل في هذا الذي يجب أن أقوله. لقد أهلك الموت شعب الرب من الغضب الإلهي وحتى ساعة الغذاء سيطر المُهلك بدون أن يعوقه أحد. وعندما كان يضع يده على أورشليم أعاقه الله. وعندما رأي داود الملاك (الضارب) ترّجى الرب بحرارة قائلاً إنه قد أخطأ، وأنه من الأفضل ومن الأحق أن يموت الراعى والرئيس لا الخراف، الذين لا يعرفون شيئًا. بعد ذلك بإعلان الله يبنى مذبح في بيدر أرونة، حيث اشتراه مع العجول التي كانت تدرس الغلال بخمسون شاقلاً من الفضة. ومن بعد أن بنى المذبح الإلهي بطريقة حسنة جدًا، وقدم عليه ذبائح محرقات وذبائح السلامة، عندئذِِ توقف الشر وأُبطل الموت السابق الرهيب. وأقر الكتاب المقدس أن المذبح كان في البداية صغيرًا، وبعد ذلك أضاف عليه سليمان. ألا تعتقد أنه في الإمكان الوصف السريع لهذا المقطع؟

بلاديوس: نعم يمكن. والآن وضح كيف سيصير المعنى مفهومًا.

كيرلس: ألا تعرف ـ إننا نقرّ بأن طبيعة الإنسان قد انزلقت إلى الموت والفساد، وجلبت هكذا غضب الخالق، كما حدث في بداية جنسنا أي آدم الذي خالف الوصية الإلهية الأولى وسمع الحكم “أنت تراب وإلى تراب تعود[5].

19  خر8:17ـ16

20  مت17:5

21  1بط9:2

22  يو31:12

23  1يو14:2

24  يو24:8

25 خر12:17

26  إش9:1

27  خر14:17

28  يو16:10

29  خر1:18ـ22

30  1مل21:18

31  خر11:18ـ12

32  خر12:18

33  خر13:18

34  خر24:18

35  في7:3ـ8

36  أر8:8ـ9

37  مز12:60.

38  مز17:89ـ18س

39  مز12:5س

40  2صم11:24ـ25

41  تك19:3

 

المقالة3 ج2 – السجود والعبادة ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

Exit mobile version