آبائياتأبحاث

المقالة2 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

المقالة2 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم
المقالة2 ج3 – السجود والعبادة بالروح والحق ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم

 

السجود والعبادة بالروح والحق

تابع المقالة الثانية

بلاديوس: رائع ما تقوله.

كيرلس: يبدو أن حدث العليقة المشتعلة يُعلن معرفة مفاهيم أخرى، فكان الإسرائيليون ينظرون الخروج من أرض المصريين وهم يظنون أنهم سوف لا يلقون أبدًا عن كاهلهم ثقل العبودية الإجبارية، لهذا السبب ـ بالإضافة إلى أنهم كانوا سيصطدمون بغضب فرعون ـ أعطاهم الله هذه العلامة التي حدثت في العليقة، أي أنهم سوف يصيرون أقوياء جدًا بل وأقوى أيضًا من هذه النار، ولن يخضعوا لأولئك الذين كانوا يملكون قوة التسلط على الآخرين. وهذا ـ كما أعتقد ـ يتوافق مع الكلمة الإلهية “لا تخف لأنى أنا معك، اللهيب لا يحرقك والأنهار لا تغمرك[1].

بلاديوس: قولك هذا في غاية الذكاء .

كيرلس: لقد اندهش موسى من هذا الذي حدث، وفي نفس الوقت أسرع باشتياق للوصول بالقرب من العليقة. ويقول الكتاب “فلما رأي الرب انه مال لينظر، ناداه الله من وسط العليقة وقال موسى موسى. فقال هأنذا. فقال لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة[2]. إن موسى الطوباوى سيكون مثالاً للناموس، لأن إبراهيم الطوباوى يقول بحسب أحد الإنجيليين: “عندهم موسى والأنبياء[3] ربما يبدو هذا الكلام غير مقبول بالنسبة لك؟

 بلاديوس: لا بالطبع. فموسى يمثل الناموس.

كيرلس: كان الشعب الإسرائيلي، ذاك القطيع الذي عاش وفقًا للناموس وتحت الناموس، مدعوًا، لأنه مكتوب “السيد الرب إله العبرانيين دعانا[4]. وأطاع العبرانيون الله الذي دعاهم مثل موسى. لأنه مكتوب “كل الأقوال التي تكلم بها الرب نفعل[5]. لكن بسبب أن حتى قوة الطاعة حسب الناموس لم تكن لها القدرة على التطهير، إذ يقول “لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا[6]، لذلك أُعيق موسى من أن يقترب لله، الذي قال له: ”لا تقترب من ههنا[7]. لأنه لا يمكن الاقتراب من الصلاح بواسطة الناموس، كما أن قوة التعليم بحسب موسى هي غير قادرة على أن تحضرنا بالقرب من الله. المسيح وحده هو الذي يحضرنا إلى الله، وذلك بالتقديس. لأن كل الذين يتوقون إلى الاتحاد بالله القدوس يجب أن يكونوا قديسين إذ يقول: “كونوا قديسين لأنى أنا قدوس[8]. ولأن طريقة التعليم حسب الناموس ليست بلا لوم ـ كما يتضح من قوله “اخلع حذاءك من رجليك لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدسة[9]، لذلك أمر الله موسى مُفسر الإلهيات أن يخلع حذاءه، لكي يُبين أنه لم تكن طريقة الحياة حسب الناموس طاهرة بعد، ولا هي حرة من أعمال الفساد والموت. لكن موسى العظيم قد تعلم من العرف اليونانى أنه لا يُسمح للمرء الذي مازال يحمل فوقه رفات ميتة وفاسدة أن يقترب من الله. لأنهم كانوا لا يدخلون إلى المقدسات عندما كانوا يلبسون في أرجلهم أحذية من جلد حيوانات ميتة.

          يا صديقى، لا الناموس يحررنا من الموت والفساد وكل ما يتعلق بالنجاسة، ولا طريقة الحياة، حسب الناموس الموسوى تستطيع أن تحررنا، بل بالحري فإن الإيمان بالمسيح والتطهير الكامل للحياة حسب تعليم الإنجيل هو الذي يحررنا. أليس هذا الذي أقوله حقيقة؟

بلاديوس: كيف لا يكون كذلك!!

كيرلس: وعندما خلع موسى الحذاء من رجليه ثم أسرع واقترب من هناك قال له الله “أنا إله أبيك إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب، أدار عندئذِِ موسى وجهه لأنه تردد في أن يرى الله وجهًا لوجه[10]. ونحن إذا خلعنا التدبير المميت، وسلكنا طريقنا بأقدام طاهرة وحُرة وفق تعاليم المسيح، فإننا سنقترب من الله، فى علاقة روحية وليس اقترابًا مكانيًا. لأن كل ما حدث لموسى هو أمثلة وظلال. إذن فلنغتنِ بالكلمات الخاصة بالسرائر الإلهية، ونركز معرفة الله في داخلنا، إذ أظهر الله ذاته لنا في شخص الابن. وهكذا سنراه أفضل بكثير وبلا مقارنة من كل ما رأي الشعب القديم في شخص موسى. طالما قد أدار وجهه لأنه تردد في أن يرى الله وجهًا لوجه. وهذا يُظهر الضعف الذهني عند أولئك الذين قد تربوا بالناموس، هذا الضعف الذي لم يستطع أن يحتمل الله ولا كان في وضع يمكّنه أن يرى مجده، حسب ما قيل في المزامير “لتظلم عيونهم عن البصر[11] وهذا ما قاله إرميا: “اسمع هذا أيها الشعب الجاهل والعديم الفهم الذين لهم أعين ولا يبصرون[12]. أما نحن الذين قبلنا الكلمات عن الطبيعة الفائقة الوصف، فإننا بأعين طاهرة مستنيرة نرى جمال الله الآب يلمع في وجه الابن. وقد قال المسيح بحكمة لليهود الذين اعتقدوا أنهم قد رأوا الآب، “لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته[13]. وفيلبس الذي سأل بإصرار وبطريقة محسوسة لا تليق، ولكن سأل برغبة فضولية “يا سيد أرنا الآب وكفانا[14]، أجابه المسيح “أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآنى فقد رأي الآب[15] وسنرى في مثال ابنتيّ لابان أن التربية بحسب وصية الناموس لم تكن ثابتة ولم تكن قادرة على أن تُظهر الله بدقة وبلا لوم، لأنها قد أُعطيت فى ظلال وألغاز. لأنه مكتوب أن لابان كان لديه ابنتان، الكبرى اسمها ليئة والصغرى اسمها راحيل. وكانت عينا ليئة ضعيفة البصر، أما راحيل فكانت حسنة الصورة والمنظر. ويعقوب البطريرك (أبو الآباء) أحب راحيل. ولكن قبل راحيل أُعطيت له ليئة زوجة (تك16: 24). وإذا طبقنا المثل على الواقع، سنرى سر المسيح. فهما في الواقع امرأتان قد دُعيتا وارتبطتا به بزواج روحي. فالكبرى أو الأولى تمثل المجمع (اليهودي) الذي تكوّن بواسطة موسى، إذ قال الله بواسطة الأنبياء “لأن عينيك وقلبك ليست إلاّ على خطفك وعلى الدم الزكى لتسفكه وعلى الاغتصاب والظلم لتعملهما[16]. الثانية كانت شابة صغيرة وجميلة جدًا أي الكنيسة التي من الأمم والتي قال لها داود العظيم اسمعى يا بنت وانظرى وأميلى أذنك وأنسى شعبك وبيت أبيك فيشتهي الملك حسنك لأنه هو سيدك فاسجدى له[17]، وقد قيل لها في موضع آخر “عيناك كالحمام[18]. إن جمال الكنيسة هو بالتأكيد جمال غير عالمى، وهو عقلى وحقيقى لأنه مكتوب “كل مجد ابنة الملك في خدرها“، كلمة “خدرها”تعنى في العبرية “داخليًا“، لأنه لا يمكن أن تدركها العيون، بينما من السهل أن نراها بالعقل النقى. أليس كذلك؟

بلاديوس: ليس هناك أفضل من هذا.

كيرلس: لا يستطيع أحد إذن أن يرى الجمال الإلهي وغير الفاسد بتربية الناموس، لكن سيراه بالإيمان بالمسيح والتربية التي تعطيها وصاياه.

 بلاديوس: هذا حقيقي.

كيرلس: يا بلاديوس، إن الذي يقدر أن يُفدينا ويخرجنا من أيدى الشيطان وسلطانه الطاغي ليس هو موسى أو الناموس، بل هو رب موسى، أي المسيح وقوة سره. ويقول الرب: “إنى قد رأيت مذلة شعبى الذي في مصر وسمعت صراخهم من أجل مسخريهم. إنى علمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهم من أيدي المصريين وأصعدهم من تلك الأرض إلى أرض جيدة وواسعة إلى أرض تفيض لبنًا وعسلاً[19]. ويضيف مباشرة “والآن هوذا صراخ بنى إسرائيل قد أتى إلىَّ ورأيت أيضًا الضيقة التي يضايقهم بها المصريون فالآن هلم فأرسلك إلى فرعون وتُخرج شعبى بنى إسرائيل من مصر[20]، عندئذِِ صرخ موسى: “مَن انا حتى أذهب إلى فرعون وحتى أخرج بنى إسرائيل من مصر[21]. أليست هذه الصياغة واضحة. هذا الرفض الذي لم يُذكر عن ذاك الذي هو الأعظم والذي هو فوق الكل الذي هو المسيح؟! لأن القول “من أنا”غير مناسب للمسيح الذي يملك تحرير الشعوب، ويستطيع أن يخلص الأمم ويقودها إلى الحرية إذ قد سحق ذاك الذي قبض عليهم في العبودية، أي الشيطان.

بلاديوس: تكلمت بالصواب.

كيرلس: لكن ماذا؟ أليس سهلاً تمامًا أن نرى من هذا أن الوحيد الجنس قد صار رئيس خلاص الجميع؟ لأن بواسطته نلنا الفداء، كما يقول النبي “لم يخلصنا رسول ولا ملاك ولكن خلصنا الرب نفسه[22].

 بلاديوس: من أين قولك هذا؟

كيرلس: إن إله الجميع أمر موسى بكل وضوح أن ينتقل بسرعة إلى أبناء إسرائيل، وأن يقول لهم بلا تحفظ، أنهم اتخذوا الله الكلى القدرة معينًا ومساعدًا لهم وسيلقون عن كاهلهم نير العبودية المصرية، ثم يرحلون ثانية إلى وطنهم، عائدين إلى حرية الآباء، وسيسكنون الأرض المقدسة، وهناك سوف يتمتعون بالخيرات الكثيرة التي سوف يعطيها لهم. أجاب موسى وقال “ولكن ها هم لا يصدقوننى ولا يسمعون لقولى. بل يقولون لم يظهر لك الرب. فقال له الرب ما هذه في يديك. فقال عصا فقال اطرحها إلى الأرض. فطرحها إلى الأرض فصارت حية. فهرب موسى منها. ثم قال الرب لموسى مِدّ يدك وامسك بذنبها. فمد يده وأمسك به فصارت عصا في يده[23].

بلاديوس: إنها عجيبة جدًا يا صديقى هذه المعجزة، قل لى أيضًا، ماذا يريد أن يظهر بها؟

كيرلس: سأقول لك، إذ عاش الإسرائيليون مع المصريين سنوات عديدة وأخذوا في الانزلاق إلى كل نوع من الخطية واستمتعوا باللذات المصرية، لم يجهل موسى أنهم سيكونون مترددين، وأنه سيكون من الصعب جدًا أن ينتقلوا إلى اللياقة والترتيب. ولكنه افترض بحكمة، أن المشقة ستدفعهم ـ رغم إرادتهم ـ إلى الطاعة وخاصة لو رأوه وهو يعمل معجزات. لأن اللذة فى الواقع أمر يصعب تجنبه، وتوحش الشهوات داخلنا لا يُروض بسهولة. لكن عندما نكون في حالة مجهدة ومتعبة، عندئذِِ من السهل أن يقنعك ذاك الذي يعدك بالخلاص، ويمكنك أن تزدرى بالمسرات العظيمة. وأعتقد أن الله الذي يعرف كل صلاح بتدبير عظيم، سمح في ذاك الوقت أن يكون التسلط الطاغى للمصريين ثقيلاً ومؤلمًا على الإسرائيليين، وذلك لكي يكونوا مهيئين للخروج، الذي ما كان يمكن أن يحدث بسبب تقيدهم بشهواتهم المعتادة، فقد كانوا قساة ومنحلين بإفراط وكانوا يحتقرون تلك النعمة التي دعتهم إلى الحرية، وجعلوا أنفسهم بإرادتهم عبيدًا في مصر، مفضلين اللذة الوقتية مع المشقات القليلة الموجودة، أو بالأحرى معتبرين (العبودية) أفضل من إحسانات الله نفسها. ولهذا بينما هم قد تخلصوا بفرح عظيم من التسلط الثقيل للمستبدين القدماء، وقضوا لياليهم في البرية مُستلمين طعامهم من فوق من السماء، أعنى إمدادهم بالمن، تذكروا بدموع (للأسف بحسب وجهة نظرهم الخاطئة) حياتهم السعيدة في مصر. وأيضًا زعموا أنهم يفضلون أن يموتوا في مصر مستمتعين بالموائد الغنية، فهذا كان (في نظرهم) أفضل كثيرًا وأنفع جدًا لهم، وصرخوا كأولاد غير ناضجين “ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر، إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزًا للشبع [24].

 بلاديوس: تتكلم بالصواب.

كيرلس: وإذ عرف موسى أنه كان أمرًا ضروريًا أن يطيعوا حتى يمكن أن تتم المعجزات. لهذا يسأل “إن لم يسمعوا فماذا أقول لهم [25].وإله الجميع أمر فورًا أن تصير المعجزة كتطبيق عملى، ووسيلة إقناع مسبقة عمليًا، لخادمه وهذا سيكون للآخرين ـ كما له تمامًا ـ دليلاً يبيّن أنهم مدعوون من الله، وأن هذا الأمر الذي حدث سيكون مستمرًا معهم. وأيضًا لا يستطيع أحد أن يغيّر طبائع الكائنات إلى طبيعة أخرى، إلاّ خالق الكل. وقد تم بواسطة حدث عجيب وبطريقة رمزية حسنة جدًا الإشارة إلى رسالة الخلاص بالإيمان بالمسيح. إذ سنرى فيه (في المسيح) تجديد الطبيعة البشرية إلى حالتها الأولى، أي إلى تلك الحالة التي كُنا عليها في طبيعة آدم، بمجرد أن أتينا إلى الوجود، ولم يكن ينقصنا بعد المجد السماوى والقداسة.

بلاديوس: ماذا تعنى بهذا؟ لأن قولك ليس واضحًا.

كيرلس: أليست العصا تشير إلى الصولجان، رمز المُلك يا بلاديوس؟

بلاديوس: بكل تأكيد طالما يقولون إن بعض القدامى كانوا يقسمون عليها، مثل كل الذين اعتادوا أن يمدحوا الأمور الموقرة أي اليونانيين.

كيرلس: لكن ماذا؟ أليست هي نبات من الحقل، نما فيه قبل أن يقطع؟

 بلاديوس: إنى اتفق معك.

كيرلس: انطلق إذن بفكرك إلى آدم الأول، فانظر فيه كل البشرية أي بداية وأصل الجنس البشرى. وفكر أيضًا أنه خُلق بحسب صورة خالقه وعُين ليكون رئيسًا لكل ما في الأرض، وكان في يد الله متمتعًا بحياة القداسة التي عاشها. وكان كنبات الفردوس، كزهور جميلة ولطيفة جدًا، ولكن بسبب انخداعه من حيل الحية المعادية، ابتعد عن الحالة الأولى، وبعد ذلك وصل به الأمر أن يزدرى بالوصية الإلهية، وعندئذِِ بالضبط فَقَدَ مكانته وأصله الأول، وانزلق من يد ذاك الذي كان يحفظه في القداسة وهو على الأرض، أي من علو الفضيلة، ووُجد غير منضبط إراديًا في تفضيله للجسديات. وقد تملك داء الخبث عليه بدرجة كبيرة، آخذًا إياه من الحية. وهكذا تعرى من المُلك والمجد الذين كانا له من البداية وطُرد من الفردوس والنعيم. ألم يقل لنا موسى العظيم ذلك؟

بلاديوس: طبعًا قد قال هذا .

كيرلس: لقد رأي المشرع أن الإنسان قد أخذ في الانحدار إلى هذا الحد من الدناءة، ولذا ابتعد عنه وشعر بنفور تجاهه بسبب الخبث الذي أصابه. لذا يقول الكتاب هرب موسى تاركًا الحية. ومكتوب أيضًا “الروح القدس المؤدب يهرب من الخداع، ويبتعد عن الأفكار الغبية، وينسحب إذا حضر الإثم[26]. لأنه أي اتفاق بين القداسة والنجاسة، وبين النور والظلمة، وبين العدل والظُلم.

بلاديوس: هذا بالحق.

كيرلس: إذن أن تقع العصا من يد موسى يمكن أن تعنى، أن هذا الذي قد خُلق بحسب صورة الخالق كان نبات الفردوس، وأنه وُجد داخل مجد الملكوت وفي يد الخالق، لكن بسبب رغبته في اختيار الجسديات سقط على الأرض، وبفعل هذه العداوة، صار مثل حية في نظر الله. لكن تلقى موسى الأمر أن يمد يده ويمسك ذيل الحية، وفي الحال عادت العصا إلى شكلها الأول. أي لم تعد بعد حية، بل عادت ثانية عصا ونبات الفردوس. وعندما أراد الله الآب أن يجمع كل الأشياء في المسيح وان يجدد خليقته مرة أخرى على شكلها الأول، أرسل لنا من السماء ابنه الوحيد الجنس، أي يده اليمنى الذي هو بالحقيقة خالق كل الأشياء ومخلص الجميع، كما هو مكتوب “يمين الرب صانعة ببأس يمين الرب مرتفعة[27]، وعندما أمسك البشرية في يده، وخلصنا من عداوة الوحش التي يُعبر عنها بالدناءة والخطايا، أعادنا مرة أخرى إلى القداسة والكرامة الملوكية وأُلفة الفضيلة، وأعطى للمؤمنين المسكن الأول، وكان أولهم اللص الذي صُلب معه. لأنه يقول “الحق أقول لك اليوم تكون معى في الفردوس [28].

بلاديوس: إن نقاشنا صار حسنًا وصحيحًا. لكن أخبرنى لماذا أمر الله موسى بأن يمسك ذيل الحية وليس الرأس أو الوسط؟

كيرلس: لأنه هكذا كان يجب أن يصير يا عزيزى، لأنه نافع للسر أن يمسك من الذيل وليس من الوسط أو الرأس.

 بلاديوس: بأية طريقة هو نافع للسر؟

كيرلس: من المعروف أن بداية أي حيوان تعتبر الرأس، بينما الذيل هي نهايته. دعنا نعتبر الجنس البشرى في مجموعه كحيوان. المسيح أمسك الذيل، أي النهاية والأجزاء الأخيرة لأنه أتى في الأزمنة الأخيرة لهذا الدهر. لكن، بالرغم من أن موسى أمسك بالذيل، إلاّ أن التجديد وصل حتى الرأس (لأن الحية تغيرت بالكامل إلى عصا). بنفس الطريقة، بالرغم من أن المسيح أمسك بالأجزاء الأخيرة، لكن التجديد بالنعمة سَرْى في كل الجنس البشرى ووصل حتى الرأس نفسه، أي حتى آدم. لأنه مكتوب، “لأجل هذا مات المسيح وقام لكي يسود على الأحياء والأموات”(رو9: 14)، وبالتالى الفداء الذي تحقق للذين في أواخر الأيام، سَرْى مفعوله أيضًا لأولئك الذين كانوا مستعبدين فى البدء.

بلاديوس: إن شرحك جيد والرواية ليست بعيدة عن المقصود.

كيرلس: لقد ثبّت الرب إيمان موسى بمعجزتين إلهيتين أخرتين. لأنه قد كتب مباشرة بعد ذلك “ثم قال له الرب أيضًا أدخل يدك في عبك فأدخل يده في عبه. ثم أخرجها وإذ يده برصاء مثل الثلج. ثم قال له رد يدك إلى عبك فرد يده إلى عبه ثم أخرجها من عبه وإذ هي قد عادت مثل جسده[29]. انتبه إذن كم أن هذا العمل الذي صار هو إلهي وكم ينتمى إلى دائرة المعجزات، التي تحمل بطريقة ما مع المعجزة الأولى (تحويل العصا إلى حية) الاستعلان لسر المسيح.

51 إش2:43 ، 5

52 خر 4:3ـ5

53 لو 29:16

54 خر 18:3

55 خر 3:24

56 عب 4:10

57 خر 5:3

58    1بط 16:1

59   خر 5:3

 

60  خر 6:3 (أخذت حرفيًا من نص ق.كيرلس)

61 مز 23:69

62 إرميا21:5

63 يو37:5

64 يو8:14

65  يو9:14

66  إرميا17:22

67  مز 10:45ـ11

68  نشيد الأنشاد 12:5

69  خر 7:3ـ8

70  خر 9:3ـ10

71  خر 11:3

72  إش9:63س.

73  خر 1:4ـ4

74  خر 3:16

75  خر 1:4

76  سفر الحكمة 5:1

77  مز 16:118

78  لو43:23

79  خر 6:4ـ7

 

المقالة2 ج3 – السجود والعبادة ج2 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم