المقالة1 ج6 – السجود والعبادة بالروح والحق ج1 – ق. كيرلس الاسكنري – د. جورج عوض إبراهيم
السجود والعبادة بالروح والحق
تابع المقالة الأولى
حول “سقوط الإنسان وأسره في الخطية وعن دعوته وعن رجوعه بالتوبة وعن ارتفاعه إلى الحياة الفُضلى”
كيرلس: إن مشقة الإسرائيليين تمثل الصورة الواضحة المتكررة لأطماعنا الباطلة الدنسة هنا على الأرض، كما أن الشيطان وقواته الشريرة يمارسون ضغوطًا وهجومًا علينا. يمكننى أن أقول هكذا عن التجارب الشريرة، أنها غارقة فى بحار الألم والتعب، وموحلة فى الملذات الطائشة. لكن الله أظهر حينذاك رحمته لهؤلاء الذين أصابهم شر بواسطة مقاصد المصريين الشريرة، لأن الله أعد موسى العظيم ليكون خادمًا لإحسانه نحوهم.
ألا نجد أن الله يفعل نفس الشيء معنا؟ لأنه بينما ننزلق فى الخطايا، يمنحنا من مراحمه، ويدخل فى قلوبنا جميعًا ناموسه الخاص، كوسيط يرفعنا إلى حياة الحرية.
بلاديوس: أنا أفهم هذا الذي تقوله.
كيرلس: أتريد أن نركز حديثنا فى الأمور التاريخية ونذكر بقدر استطاعتنا كل ما يناسبنا؟
بلاديوس: حسنًا جدًا.
كيرلس: قد كُتب الآتي ” وبعد ذلك دخل موسى وهرون وقالا لفرعون هكذا يقول الرب إله إسرائيل أطلق شعبى ليعيدوا لى فى البرية.. فقال فرعون من هو الرب حتى أسمع لقوله فأطلق إسرائيل. لا أعرف الرب وإسرائيل لا أطلقه“[1]. وهؤلاء أيضًا الذين كانوا مع موسى وهارون أكدوا أن الإسرائيليين، يجب أن يرحلوا عن مملكة وأرض مصر، لأن الله دعاهم إلى عيد. لأنه فى الحقيقة هو عيد حقيقى أن ينحل ثقل العبودية المُرة ويُوجد المرء فى حضور الله، ويتمم كل ما يفرحه دون أن يُستعبد من أحد، أى بدون أن يجبره أحد على فعل شئ. لقد تفوه فرعون بثرثرة شديدة وأظهر وقاحة عظيمة منكرًا مجد الرب، قائلاً: إنه لا يعرف الرب وأنه لن يطلق الإسرائيليين. ولكن موسى العظيم لم يستسلم بتاتًا، فأصر على أن يحقق الأمر الذي يُسرّ به الله، بمعنى أنه عندما يعوق (فرعون) خروج أولئك الذين سقطوا فى سطوته، إلى الحرية فهؤلاء يجب عليهم أن يظهروا رجولة وينتصروا على كل شئ وبدون تأخير، أو على الأقل بدون أدنى خوف. بل ويصّرون قائلين ” إله العبرانيين قد التقانا. فنذهب سفر ثلاثة أيام فى البرية ونذبح للرب إلهنا. لئلا يصيبنا بالوباء أو بالسيف ” [2]، هكذا قد صرخ موسى الحكيم: نحن ـ العبرانيون ـ لا نشبهكم أيها المصريون في توقيركم للعجول والخنازير أو الماعز أو منحوتات الإنسان أو أشكال الطيور والزواحف التي تضعونها على المذابح. نحن قد دعانا الله ربنا الذي أبدع هذا الكون. إنه العظيم الذي لا يُحصى مع إله المصريين وهو فوق كل خليقة. إنه إله العبرانيين الذي يدعونا إلى الصحراء، لكي نقدم هناك الذبيحة التي تسره. وهكذا أظلمت مصر روحيًا. ويجب علينا نحن الروحيون أن نفهم ـ على ما أعتقد ـ روحيًا كل ما أُعطى لنا بتعاليم وأمثلة. يجب إذن أن نهرب من كل شئ يسبب لنا ظلمة، وهكذا نكون قد خرجنا من أرض ما. نهرب من سطوة الخطية التي تتسلط علينا بواسطة الطاغية، الذي هو الشيطان، ولنسرع نهائيًا نحو حياة الحرية والطهارة ونسلك في طريق الحياة حسب الناموس الإلهي، تلك الحياة التي لا تخضع للشياطين. لأنه سيمكننا عندئذِِ أن نقدم ثمار تبريرنا كذبيحة إلى الله. ويؤكد موسى أنه يجب على الإسرائيليين السير ثلاثة أيام داخل الصحراء، مُعلنًا بهذا أنه يجب ألاّ يكون المرء قريبًا من دائرة الدناءة والحياة المليئة بالقهر. يستخدم موسى العظيم أسلوب فني حكيم عندما يقول إنه يجب على المدعوين من الله أن يبتعدوا عن الظلمة، ويورد لهذا سببًا حسنًا جدًا لأنه يقول: ربما يقابلنا الموت أو القتل أو ” لئلا يصيبنا بالوباء أو بالسيف “[3].
بلاديوس: ماذا يعنى هذا بالضبط؟ لأنه ليس من السهل على المرء أن يفهم ذلك بوضوح.
كيرلس: سأخبرك عما تريد: كانت توجد عادة عند العبرانيين وهي مازالت أيضًا عند أولئك الذين يسجدون للأصنام، فكل مَن يدخل إلى الهيكل يجب أن يتجنب المرور بجانب جسد ميت. لأنهم يقولون إن المرء يتنجس جدًا ليس فقط باللمس ولكن أيضًا بمجرد النظر لجسد ميت. فإن حدث هذا، فبسبب تلك العادات يعتقدون أن ذبائحهم لن تكون طاهرة، أى عندما يقدمون ذبيحة، ويتصادف وجود مشهد ميت أو قتيل، لأن موسى قال: أنتم (المصريون) لديكم مقدسات وهياكل بأبواب وأقفال، يمكنكم الدخول إليها وتقديم ذبائحكم فيها حسب معتقداتكم الخاصة بكم، بينما نحن (العبرانيون) مجبرون أن نُقدم ذبائحنا في أماكن مكشوفة في وسط المدينة، وفي تقاطع الطرق، وبين الحقول، ونتنجس بمشاهد الموتى، إذ لا يوجد ما يحجب إطلاقًا عنا هذه المشاهد. إن ما جاء في التاريخ المقدس بخصوص عادات المصريين هو أمر مؤكد، وإن ما قاله موسى الحكيم هو صواب ويمكن لنا نحن أيضًا أن نفهمه روحيًا. أى يجب علينا نحن أن نقدم ذبائحنا كما في صحراء ونتمم عيدًا مقدسًا لله، مرتحلين من أرض المصريين، متجنبين رؤية مشاهد الموت. لأنه بذهن هادئ مبتعد عن الظلمات العالمية، وبأعين متجنبة رؤية كل ما هو ميت وفاسد، نقدم ذبيحة طاهرة إلى الله ضابط الكل. فالأعمال الميتة هي أعمال الجسد، بينما الظلمة العالمية هي الغشاوة التي يسببها الأشرار، والزيغان الباطل، والأمور التي تلوث شفافية الذهن النقى. هذه الأمور يجب الابتعاد عنها ممن يريدون أن يعبدوا الله بالحق. والتاريخ المقدس شاهد على كل هذا.
بلاديوس: بالتأكيد، هذا ليس بالأمر الغامض. ولكن ماذا بعد؟
كيرلس: لقد استحوذ على الإسرائيليين الشوق الشديد الذي لا مفر منه لحريتهم الأولى. ولأنهم قد أعلنوا نيتهم هذه أمام فرعون فإنهم قد أثاروه بإلحاح مما أثار غضبه، وهو الذي قيدهم في نير العبودية. ولأنه رأى أن هذه الاشتياقات كانت نتيجة لتكاسلهم وعدم انشغالهم بعمل، فلهذا أمر بأن يُثقل عليهم في العمل. وإذ بينما طالبوهم بتكميل أعمالهم المعتادة دون تأجيل، منع عنهم على غير العادة حصة التبن اللازمة لعمل الطوب اللبِن لأنه قال لهم:” متكاسلون أنتم متكاسلون. لذلك تقولون نذهب ونذبح للرب. فالآن اذهبوا اعملوا. وتبن لا يُعطى لكم ومقدار اللبِن تقدمونه. فرأى مدبرو بنى إسرائيل أنفسهم في بلية إذ قيل لهم لا تنقصوا من لبنكم أمر كل يوم بيومه “[4]. أم ستقول يا عزيزى إنه أليس حقيقى أنه عندما يريد أى شخص منا أن يتحرر من ثقل عبودية الشيطان بعبادة الله المشرقة والبهية، في سكينة القلب، ويعرف الرب الحقيقى وفق كلمات المزمور ” تخلصوا من كل زيغان واعلموا أنى أنا هو الرب الإله “[5]، إن عدو الجميع سيشتكى علينا بأننا لا نعمل معه بجد، معتبرًا أن ما تشتهيه قلوبنا أمر لا يناسبه. أما من شك أنه سيثور علينا مع كل الأرواح الشريرة والنجسة، ويحاول أن يجبرنا بقوة على الانزلاق المستمر في النجاسة الجسدية وأمور العالم الأرضية، التي كان كل واحد معتادًا أن يمارسها. وعندما نحاول الابتعاد عن الأمور الوضيعة، سيعيق هذه المحاولة بشتى الطرق ويُزّين لنا طريق الشر حتى تتمتع نفوسنا به؟ وهذا ما كان يُقصَد به ـ على ما أعتقد ـ أن يُطلَب من العبرانيين صناعة الطوب بلا توقف، ومن ناحية أخرى يمنع عنهم التبن اللازم لهذه الصناعة. وهذا ينطبق علينا نحن أيضًا، إذ نطلب دائمًا الأمور التي قد تعودنا عليها ونشتهيها، ونحترق شوقًا لها، وبالأكثر عندما نتبين أن هناك أمرًا يعوق تحقيق ما نرغبه. وعندما يُبعد الناموس الإلهي أذهاننا البشرية عن فعل ما تعودنا عليه من سيئات، عندئذِِ يستيقظ داخلنا شوق مستمر نحو هذه العادات، منتهيًا بنا بالشكوى ضد مشرع هذا الناموس. والبرهان على ما نقول هو ما قد حدث لبنى إسرائيل الذين كانوا يعانون من أعمال قاسية فُرِضْت عليهم، في الوقت الذي حرموا من التبن. ولهذا فقد اشتكوا على موسى وهارون بشدة متهمين إياهما بأنهما السبب فيما يعانون من ضيق بسبب المتسلطين عليهم. وقد كان هذا ليس بسبب آخر سوى أن موسى وهارون كان لديهما رغبة قوية في تحرير الشعب، وكانا يصدقان دائمًا وعود فرعون بذلك.
بلاديوس: ألا تعتقد أن موسى وهارون قد تكلما بكل الحقائق وبكل ما يليق؟
كيرلس: بالتأكيد يا بلاديوس، لأن شهوة الصلاح والفكر الخّير قد تدفعنا إلى ما يرضى الله، وفي نفس الوقت نتذكر ناموس التقوى. غير أنه من جانب آخر، فإنه من الأمر المحزن أن نعرف أن عدو الخير بسبب طبيعته الشريرة، يريد دائمًا أن يحطمنا. غير أن الرب يتدخل دائمًا لإنقاذنا. إذ قال لموسى: ” لذلك قُل لبنى إسرائيل أنا الرب. وأنا أخرجكم من تحت أثقال المصريين وأنقذكم من عبوديتهم وأخلصكم بذراع ممدودة وبأحكام الرب إلهكم الذي يخرجكم من تحت أثقال المصريين “[6]. أى أنه في الوقت الذي يُعيقنا الشيطان محاولاً أن ينزع منا كل شهوة صالحة وأن يستميت فى إبعادنا بكل الطرق الممكنة، بعيدًا عن كل فكر صالح، فإن الناموس الإلهي يحضنا على فعل إرادة الله، وإذ يعرفنا بذلك ويستنهض فينا الرجاء الثابت، فيقوينا بالإيمان وينسب كل شيء إلى الله، الذي هو بالحقيقة مخلصنا وفادينا.
بلاديوس: إن الإيمان وتبعية المرء لله بفهم وشوق شديد، هي من الأمور الحسنة جدًا ومنقذة للنفس.
كيرلس: لقد قُلت الصواب. لكن ستعلم جيدًا عندما نصل إلى نهاية حديثنا أن الإيمان يقود إلى كل صلاح. فعندما ذهب موسى ورفاقه ليتحدثوا مع فرعون ثانية محاولين إقناعه بأن يتركهم لكي يرحلوا من مصر ويُحرّر بنى إسرائيل من قيودهم. ولكي يقنعوه عملوا أعمالاً معجزية تذهل العقل. فغيّر موسى شكل العصا إلى حية، مؤكدين بوضوح أنهم بمعونة الله يستطيعون بسهولة، إنجاز أشياء أعظم من هذه. لكن فرعون أعطى أمرًا للسحرة المصريين أن يفعلوا نفس الأشياء. وكأن فرعون أراد بهذا الأمر أن يقول لهم، نحن لسنا غير قادرين على مثل هذه الأعمال، وأن مَن يفعل هذا من بين المصريين هم أكثر ممن عندكم. فإن أعمال السحر هي أعمال مدهشة وأنتم أيضًا تقومون بها. غير أنه بسبب أن موقف فرعون قد تقسى جدًا لأنه لم يترك بنى إسرائيل، فقد تعرض لضربات أربع، الواحدة أسوأ من الأخرى، إذ تغيرت المياه إلى دم، وظهرت ضفادع وصار بعوض وامتلأت بيوت المصريين ذبابًا، الأمر الذي جعل فرعون أكثر جُبنًا، إذ دعا أصحاب موسى ” فدعا فرعون موسى وهارون وقال اذهبوا اذبحوا لإلهكم في هذه الأرض. فقال موسى لا يصلح أن نفعل هكذا. لأننا إنما نذبح رجس المصريين أمام عيونهم أفلا يرجموننا. نذهب سفر ثلاثة أيام في البرية ونذبح للرب إلهنا كما يقول لنا، فقال فرعون أنا أطلقكم لتذبحوا للرب إلهكم في البرية. ولكن لا تذهبوا بعيدًا “[7]، بمعنى أن الشيطان عندما يحاربنا ويقاوم بعنف وبغضة استعدادنا لعمل الصلاح، فإن الله يقف في مواجهته، وبالرغم من وقاحته، فإن الله يذله بالضربات، وعندئذِِ لا يكون أمام الشيطان مفر إلاّ أن يتركنا رغم إرادته، لكن في الوقت نفسه يحاول أن يقنعنا لكي لا نتمم بدقة عبادتنا نحو الله، أو أن نتحرر تمامًا من عبوديتنا له. لأن فرعون أمر اليهود أن يذبحوا ليس خارج أرض مصر ولكن داخلها. غير أن موسى بحكمته الشديدة قال: أن هذا لا يمكن أن يكون. إن الشيطان وهو مبدع الخطية يصير دائمًا مبتكرًا للدناءات، لهذا يرفضها الناموس الإلهي، ويدين كل مَن يعمل ما يرضى الشيطان. يجب إذن أن يتيقظ أولئك الذين يريدون أن يحيوا باستقامة، وألاّ يخضعوا للأفكار التي يمليها عليهم الشرير، بل يجب أن يخضعوا للأمور التي بشرت بها الكلمة الإلهية. لأنه يقول ” سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى “[8].
بلاديوس: إنه حقًا. بالصواب تتكلم.
كيرلس: إذن، بسبب تربص الشرير بنا في كل مكان، محاولاً أن يوقعنا تحت سلطانه، يجب علينا أن نعبد فقط مَن هو الله بالطبيعة، ولنهرب ـ بقدر الإمكان ـ بعيدًا عن الازدواجية، ولهذا يمكننا القول ” لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر“[9]. وأيضًا كما هو مكتوب ” ويل للقلوب الهيابة وللأيدى المتراخية وللخاطئ الذي يمشى في طريقين“[10]. وأؤكد على ضرورة الحاجة إلى تقديم عبادة طاهرة وبلا لوم إلى الله ضابط الكل، ونبتعد تمامًا عن عبادة الشرير. وكما سبق أن ذكرنا أن موسى قال أمام فرعون ” لا يصلح أن نفعل هكذا، لأننا إنما نذبح رجس المصريين للرب إلهنا.. إن ذبحنا رجس المصريين أمام عيونهم أفلا يرجموننا، نذهب سفر ثلاث أيام في البرية ونذبح للرب إلهنا كما يقول لنا “[11]. إن رفض موسى تقديم ذبائح في أرض مصر أمام المصريين له ما يبرره. فالأشياء الرجسة هنا يقصد بها تلك الأشياء التي يُقدرها المصريون ويحترمونها، والتي كان من بينها العجول. فلو قال موسى أنه يمكن تقديم مثل هذه الذبائح لإله العبرانيين، لجلب عليه وعلى شعب إسرائيل غضب المصريين. هذا الرفض له علاقة بما نتكلم عنه من أمور روحية ومنافع ليست قليلة. لأننا عندما نميت الأمور التي يجلها الشياطين إذ تروق لهم، فإننا بذلك نقدم عبادة مرضية أمام الله.
بلاديوس: ماذا تقصد؟
كيرلس: ألاّ يكّرم عدو الخير الشهوات الجسدية؟ وليست كل الشهوات هي سيئة في حد ذاتها، بل أنه بسبب عدو الخير، فنحن ننساق إلى عبودية مُرّة جدًا.
بلاديوس: هذا حق.
كيرلس: إذن، فنحن في إماتتنا لهذه الشهوات الجسدية، وفي ذبحنا لها، نُقدم رائحة ذكية إلى الله كما يكتب بولس ” أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية “[12]. وهذا الأمر يتحقق بما يأتي: ” فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض الزنا النجاسة الهوى الشهوة الردية الطمع “[13]. إذن فكل شهوة من شهواتنا، هي صنم كأصنام المصريين بمعنى أنها أمور مُكرمة وموقرة، وقد اعتاد الكتاب أن يدعو الأمور التي لا ترضى الله والتي يعطيها البشر مكانة عظيمة كالأصنام التي يعبدونها “تمثالاً”، فيقول الله على لسان إرميا من جهة الأمور التي كان يفعلها اليهود: ” حبيبتى داخل بيتى صنعت تمثالاً “[14]. ولو أراد أحد أن يدعو الأمور التي كان يكرهها المصريون ولا يقبلونها، أصنامًا، لكان على صواب، لأن هذه الأمور التي اعتادت الأرواح النجسة أن تكرهها وتنفر منها، هذه الأشياء هي بالضبط التي ستُقدم كرائحة ذكية إلى الله وذبيحة روحية، أى إيمان، وداعة، ضبط النفس، عفاف، محبة الآخرين، وكل مفاخر التقوى الحقيقية نحو الله.