لقاء المسيح مع السامرية ج1 – القديس كيرلس الاسكندري – د. نصحى عبد الشهيد
الأحد الرابع
لقاء المسيح مع السامرية[1]
يو 4:4ـ 6 : ” وكان لابد أن يجتاز السامرة، فأتى إلى مدينة من السامرة يُقال لها سوخار بقرب الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه . وكانت هناك بئر يعقوب، فإذ كان يسوع قد تعب من السفر جلس هكذا على البئر وكان نحو الساعة السادسة” .
عبر يسوع حدود اليهودية، وصار الآن وسط الغرباء، ثم استراح المُخلّص على “بئر يعقوب”: موضحًا لنا أيضًا في مثال غامض، أنه حتى إن انتقلت الكرازة بالإنجيل من أورشليم، وأسرع الكلمة الإلهى الخطى إلى الأمم، فإن إسرائيل لن يفقد حبه لآبائه، لكن سوف يلتصق بهم مرة أخرى، وسوف ينتعش أيضًا ويستريح، كما في قديسيه، حافظًا لهم النعمة الأولى بلا نقصان تلك التي لهم منذ القدم. لأنه يُحب أن يذكر قديسيه، ليجعل نفسه مثالاً لنا في هذا أيضًا، ويصبح بداية باب الكرامة المُعطاة للآباء. ولكن ” إذ قد تعب من السفر ” كما هو مكتوب، جلس، لكن بهذا أيضًا فهو يدين عدم قبول أولئك الذين طردوه. لأنهم بدلاً من أن يربحوا صداقته بالتكريم العطوف السخى، وبتوقيره ومخافته، كواهب للبركات، فإنهم أساءوا معاملته، وراحوا يرهقونه ويدفعونه إلى بذل جهدٍ شاق، ليصدق قوله عنهم في سفر المزامير ” يجازوننى عن الخير شرًا ” (مز12:35).
يو8،7:4 :” فجاءت إمرأة من السامرة لتستقى ماءًا: فقال لها يسوع، أعطينى لأشرب، لأن تلاميذه كانوا قد مضوا إلى المدينة ليبتاعوا طعامًا “.
لم يكن المخلّص يجهل أمر مجىء المرأة، لأنه عرف ذلك تمامًا لكونه الله ذاته، أنها ستأتى هناك لتستقى الماء البارد من البئر. وإذ قد جاءت، بدأ يتهيأ لاقتناص فريسته وسط متاعبه، وبدأ مباشرةً بكلمة التعليم، فقد جعل حديثه من واقع الأمر الذي أمامه. لقد عيّن الناموس لليهود ألاّ يتدنسوا بأية طريقة، ولهذا أمرهم بالابتعاد عن كل شئ نجس وألا يختلطوا بالغرباء أو غير المختونين (لا2:5 ،3). لكنهم حمَّلوا الوصية فوق طاقتها، واتبعوا فرائض فارغة جدًا، أكثر من إتمام الناموس بدقة، فجاهدوا ألاّ يلمسوا جسد غريب، ودأبوا على الاعتقاد بأنهم سيتنجسون أكبر نجاسة، إن تقابلوا مع السامريين في أى شئ. وهكذا كان اختلافهم قد بلغ هذا الحد، حتى أنهم امتنعوا حتى عن تذوق الماء أو الطعام الذي يجلبه لهم الغرباء. إذن فلكى تتعجب المرأة وتندهش، ومن ثم يدفعها مسلكه الغريب إلى سؤاله مَن أنت، ومن أين أتيت، وكيف أنه يزدرى بالعادات اليهودية، وفي النهاية يبلغ الحديث مقصده ـ لكى يحدث كل هذا ـ تكلم الرب كعطشان قائلاً: ” أعطينى لأشرب ” لكنها قالت …
يو9:4 : ” فقالت له المرأة السامرية كيف تطلب منى لتشرب، وأنت يهودى وأنا إمرأة سامرية؟ لأن اليهود لا يعاملون السامريين” .
التساؤل بدء التعلم، والشك بالنسبة لمَن يجهلون أى موضوع، هو أصل الفهم، وكانت تلك البداية هى قصد الحديث: حيث يلمح المخلص بحكمة إلى أنه لا يحسب أية قيمة لعادات اليهود.
يو10:4 : ” أجاب يسوع وقال لها: لو كنتِ تعلمين عطية الله ومَن هو الذي يقول لك أعطينى لأشرب لطلبتِ أنت منه، فأعطاكِ ماءًا حيًا” .
إذ لا تدرك المرأة جوهر الابن الوحيد، الذي يفوق السماء والأرض، وإذ تجهل تمامًا مَن هو الكلمة المتجسد، فإنها تدعوه يهوديًا. أما هو فقد صمت حيال ذلك لأجل منفعتها، حتى يمسك بأطراف الحديث معها. لكن هل رفعها إلى إدراك أسمى عن نفسه، بقوله لها أنها لا تعرف مَن يكون هذا الذي يسألها أن يشرب، أو عظم النعمة التي تنجم عن العطايا الإلهية، لأنها لو كانت تعرف، ما احتملت أن تتخلف عن خدمته، لأنها كانت ستمنع الرب من السؤال. إذن فقد أثار هو فيها بذلك، الرغبة القوية في التعلم. تأملوه الآن كيف يدير دفة حديثه بمهارة ودونما أى تفاخر، فهو يقول انه الله، لكن رغم هذا كانت المرأة بطيئة في الفهم. ولكى يجعلها تتعجب لعطية الله، قدّم نفسه لها بأنه هو واهب النعمة. لأنه إن كان يقول: ” لو تعلمين عطية الله ومَن هو هذا الذي يكلمك، لطلبتِ أنت منه ” فلمن يليق بنا أن نقدم ما يناسب الله؟ أليس للذي هو بالطبيعة الله؟
لكنه يُسّمى الموهبة المحيية التي للروح القدس ” الماء الحى”، ويخبرنا الله بشئ مثل هذا بلسان إشعياء النبى أيضًا ” يمجدنى حيوان الحق. الذئاب وبنات النعام لأنى جعلتُ في البرية ماءًا أنهارًا في القفر، لأسقى شعبى مختارى، الذي جبلته لنفسى ليحّدث برفعتى ” (إش20:43، 21). ونص آخر عن القديسين يقول إن نفس البار ستكون ” كشجرة مثمرة وتنبت كالعشب في وسط المياه، وتغدوا كالصفصاف. بجانب المياه الجارية ” (إر12:31س).
وفوق ذلك يمكننا أن نحشد العديد من الشهادات أيضًا من الكتاب المقدس حيث يكون من السهل جدًا إيضاح، أنه تحت اسم الماء، يُذكر الروح الإلهى دائمًا، لكن لا وقت لدينا للتباطؤ هنا. بل سنبحر إلى مواضع أخرى، منطلقين إلى بحر التأملات الإلهية الواسع.
يو11:4 : ” قالت له المرأة: يا سيد، لا دلو لك، والبئر عميقة، فمن أين لك الماء الحى؟”.
لا تتخيل السامرية شيئًا أكثر، تلك التي اعتادت ممارسة أعمال السحر والخداع الشيطانى، أنه سيسحب لها الماء من اعماق البئر دون دلو أو شئٍ من هذا القبيل، لكنها دعت ذلك ” بالماء الحى ” بحسب فهمها هى، أى الماء العذب المتدفق حديثًا من عيون النبع.
يو12:4 : ” ألعلك أعظم من أبينا يعقوب الذي أعطانا البئر وشرب منها هو وبنوه ومواشيه؟ ” .
وهنا كفّت المرأة من نفسها، إذ سرعان ما أدركت أنها قد كوّنت عنه أفكارًا لم تكن مقدسة ولا حقيقية بالمرة. لأنه كان من المستحيل أن لا تبلغ الفهم، وهى تتمتع تمامًا بالكلمات الإلهية، ولأنه لم يكن من المحتمل أن يكون المتكلم ساحرًا، بل بالحرى هو نبى، وأحد الفائقين في القداسة، وقد وعد أن يمدها بالماء الحى، من دون إحدى الوسائل العادية كالدلو، أو لأنها وجدت ماءًا أفضل لتستعمله من مصدر آخر، فقد غيرت حديثها على الفور إلى مَن هو أكثر وقارًا، وكما لو كانت استبدلت قديسًا بقديس قائلة: ” ألعلك أعظم من أبينا يعقوب الذي أعطانا تلك البئر؟” وبسبب ذكاء فكرها، لم تعد تتعجب من وعده لها بأن يحضر الماء من دون حبل، بل راحت تتحدث عن خواص هذا الماء من حيث المذاق.
يو13:4 ،14:” أجاب يسوع وقال لها: كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا، ولكن مَن يشرب من الماء الذي أعطيه انا فلن يعطش إلى الأبد. بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية”.
تقترح المرأة السامرية، كسؤال يصعب إجابته، ” ألعلك أعظم من أبينا يعقوب” أما المخلص فبكل حكمة، يتجنب أى تباه، فلا يقول إنه أعظم من يعقوب، لكنه يحثها من خلال طبيعة الأشياء أن تقبله هو الذي يفوق الجميع. لهذا يكشف عن الفارق الذي لا يُقارن بين المياه الروحية، والمياه المادية الملموسة، قائلاً: ” كل مَن يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا ” لكن الذي يمتلئ بمائى، لن يكف فقط عن العطش، بل يملك في داخله ” ينبوع ماء يرويه إلى ” حياة أبدية ” لهذا فإن من يعطى ما هو أكثر، هو أعظم من الذي يعطى ما هو أقل، ولا يمكن للمغلوب أن يحمل نفس مجد الغالب.
ويجب أن نعرف أيضًا، أن المخلّص هنا يُسَّمى نعمة الروح القدس بالماء، الذي إذا اشترك فيه أحد، تصير له موهبة التعليم الإلهى التي تفيض على الدوام في داخله، فلا يعود يصبح بحاجة إلى أن يعلّمه الآخرون، بل بالحرى يتوفر لديه ما يحث هو به المتعطشين إلى الكلمة الإلهى السماوى، مثلما كان البعض الذين لايزالون في هذه الحياة الحاضرة على الأرض، كالأنبياء والرسل، وورثتهم في الخدمة الرسولية، الذين كُتب عنهم،” فتستقون مياهًا بفرحٍ من ينابيع الخلاص ” (إش3:2).
يو15:4 : ” قالت له المرأة: يا سيد أعطنى هذا الماء لكى لا أعطش ولا آتى إلى هنا لأستقى” .
للمرة الثانية لا تزال تتكلم وتتخيل أمورًا عادية فقط، ولم تدرك شيئًا مما قيل، لكنها تفترض أن التحرر من متاعب ومشقة (الاستقاء بالقدور وآنية الماء)، يشّكل كل قصد مخلصنا، وأنها لن تعطش أبدًا وهكذا تصورت قياس نعمة الله، دون أن ترتفع بالفكر لتنال الأمور التى هى فوق العالم.
يو16:4 : ” قال لها يسوع : اذهبى وادعى زوجك وتعالى إلى ههنا “.
أظن أن الرب طلب من المرأة أن تدعو زوجها، لأنه وجد أن قلبها بطئ جدًا في التعلّم، ولم يتمرس بكلمات الحكمة، كما أن الرب فى نفس الوقت يهدف إلى شئ آخر جميل جدًا.
يو18،17:4 : ” أجابت المرأة وقالت ليس لى زوج. قال لها يسوع: حسنًا قلتِ ليس لى زوج. لأنه كان لك خمسة أزواج والذي لك الآن ليس هو زوجك. هذا قلتِ بالصدق “.
لمَن من الناس لا يتضح الآن أن المخلّص كان لا يجهل أن المرأة محرومة من زوج شرعى، وأنه لما سألها عن زوج غير موجود، أراد أن يكشف أمورًا خفية؟ لأنه بذلك استطاع أن يجعلها تتعجب منه، ليس كواحدٍ منا، بل كمَن هو فوق الإنسان، ذلك بسبب معرفته العجيبة بأحوالها ولكى ينفعها وافق على قولها إنها بغير زوج، بالرغم من أن لها كثيرين، فالذي يجعل الزواج بلا لوم، ليس الاجتماع معًا لأجل اللذة، بل هو موافقة الشريعة ورابطة الحب الطاهر.
يو19:4 : ” قالت له المرأة : يا سيد، أرى أنك نبى “
كان من الصعب عليها أن تبلغ حد الفهم، كما أن إدراكها لم يكن كاملاً، لأنها لا تزال تدعو رب الأنبياء، نبيًا. لكنها بدأت تتحسن تدريجيًا أكثر من ذى قبل، وإذ لم تخجل من التوبيخ، اقتنصت قوة الآية لمنفعتها وهكذا راحت تنتقل من فهمها الأنثوى، لتبلغ ذهنًا قويًا إلى حدٍ ما …، فتمتد بعين قلبها إلى رؤية للأمور أفضل. ونحن أيضًا ينبغى أن يزداد اعجابنا بمخلّصنا لحكمته وطول أناته وقوته، إذ يحوّل بسهولة فهمنا العاجز غير المُدّرب إلى حالة جديرة الاعجاب.
يو20:4 : ” آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون إن في أورشليم الموضع الذي ينبغى أن يُسجد فيه”.
إذ تدرك السامرية أن الرب هو في الحقيقة نبى ويهودى، فإنها تفتخر بالأكثر بعادات بلدها وتؤكد أن السامريين أسمى في الحكمة من اليهود. لأن اليهود إذ يعرفون مفاهيم بدائية عن الطبيعة الإلهية غير الجسدانية يقولون إنه في أورشليم وحدها، أو فى جارتها، صهيون، ينبغى أن يُعبد الله الكائن فوق الكل، وكأن الطبيعة الكاملة غير المنطوق بها وغير المدركة قد اتخذت لنفسها موضعًا هناك فقط وظلت فيه، وحُبست في الهياكل المصنوعة بالأيدى. لهذا حُكم عليهم بصوت الأنبياء أنهم عديمو الفهم تمامًا، إذ يقول الله ” السماء كرسى لى والأرض موطئ لقدمى، أى بيت تبنون لى يقول الرب وأى هو مكان راحتى؟ ” (أع49:7ـ من إش1:46)، وقد كان السامريون بعيدين قليلاً عن حماقة اليهود، مع بقائهم قريبين من حدود بلادهم، ومثلهم أيضًا بلا استنارة، مفترضين أنهم ينبغى أن يصلوا لله ويعبدوه في جبل جرزيم، وهكذا لا يفلتون من السخرية بهم! لكن حجتهم في انعدام حسهم أن البركة قد مُنحت في جبل جرزيم، كما نقرأ في التثنية (تث12:27). وتعرض المرأة تلك المسألة على المخلّص، وكأنها معضلة خطيرة وصعبة بعض الشئ قائلة ” آبائنا سجدوا في هذا الجبل “.
يو21:4 : ” قال لها يسوع: يا إمرأة صدقينى أنه تأتى ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب “.
ويلوم الرب حماقة الجميع على السواء، قائلاً إن أسلوب العبادة في كلا الحالين سوف يتغير وينتقل إلى ما هو حقيقى. إذ يقول لا يكون البحث منصبًا بعد على مكان ما، يتصورون أن الله يسكن فيه، بل إذ هو يملأ الكل ويحوى الكل ” يسجد له الناس كل واحد في مكانه” كما يقول أحد الأنبياء القديسين (صف11:2س). ويقول الرب إن حلوله في العالم بالجسد هو الوقت والزمن المناسب لتغيير تلك العادات.
تأملوا كيف كان حديثه لطيفًا رقيقًا للغاية، يرشد ذهن المرأة إلى المفاهيم الصحيحة بخصوص الابن، إذ يدعو الله بالآب؛ لأنه لو لم يكن الابن موجودًا لما أمكن معرفة الآب على الاطلاق.
يو22:4 : ” أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم، لأن الخلاص هو من اليهود “
يتحدث المسيح مرة أخرى كيهودى وكإنسان [ولأن المسيح لم يكن يترك الفرصة السانحة دونما نفع للآخرين]، لكنه مع هذا يوضح شيئًا آخر أكثر بخصوص مفهوم عبادة اليهود. لأن السامريين يعبدون الله بسذاجة ودون فحص. بينما اليهود قد استلموا بالناموس والأنبياء معرفة ذاك الذي هو الكائن بقدر استطاعتهم. لهذا يقول الرب إن السامريين ” لا يعلمون ” لكن اليهود لهم معرفة طيبة، وهذا ما يؤكد أن الخلاص سوف يظهر منهم، أى هو نفسه الخلاص، لأن المسيح هو من نسل داود حسب الجسد، وداود من سبط يهوذا. فالذي يُعبد مع الآب بواسطتنا نحن والملائكة والقديسين قد وضع نفسه كإنسان في عداد الساجدين، لأنه إذ لبس ثوب العبد، لذلك فقد تمم الخدمة اللائقة بعبد، دون أن يفقد كونه الله والرب الذي تحق له العبادة، لأنه يظل كما هو لا يتغير، رغم أنه صار إنسانًا مبقيًا على تدبير خطة الخلاص بالجسد على الدوام.
فهو لا يسجد بصفته الكلمة والإله، لكنه إذ قد صار مثلنا، فقد أخذ على عاتقه أن يفعل هذا كما يناسب الإنسان، بسبب تدبير تجسده؛ ولن نبحث عن البرهان من الخارج، لكننا سنعرفه من كلماته هو نفسه، لأنه ماذا يقول للمرأة السامرية؟ ” أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما نحن فنسجد لما نعلم ” (22) أليس من الواضح جدًا إذن، ولكل أحد أنه باستخدامه صيغة الجمع حاسبًا نفسه مع أولئك الذين يسجدون عن ضرورة وعن عبودية قد فعل هذا وهو في الطبيعة البشرية التي هى فى وضع العبودية، ولهذا فهو يقول هذا الكلام؟ وإلاّ فأخبرنى ما الذي كان يمنعه من أن ينسب السجود إلى أقنومه الذاتى “لاهوته”، لو أنه كان يرغب في أن نعرفه كعابد. لأنه كان ينبغى أن يقول بالحرى “أنا أعرف لمن أسجد”. فعندما لا يكون معدودًا مع الباقين، تكون له قوة الكلام قاصرة على نفسه وحده، لكنه الآن وبتعبير فائق الروعة وكامل الدقة يقول “نحن” إذ قد صار ضمن رتبة العبودية بسبب إنسانيته، كمعدود بين الساجدين وكيهودى بحسب الوطن.
يو23:4ـ25 : ” ولكن تأتى ساعة وهى الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى أن يسجدوا “.
هو الآن يتحدث عن حضوره الشخصى فى الزمان الحاضر، ويقول إن المثال قد تحول إلى الحق، وإن ظل الناموس قد انتقل إلى العبادة الروحية: ويخبرنا أنه من خلال تعليم الإنجيل، فإن الساجد الحقيقى أى الإنسان الروحانى، سوف ينجذب إلى الرعية التى تُسَّر قلب الآب، مسرعًا إلى الانضمام إلى أهل بيت الله (oikeityti) لأن الله يُعرف بأنه روح، بالمقارنة بالطبيعة الجسدانية. لهذا هو يقبل بحق الساجد بالروح،الذي لا يحمل في الشكل أو المثال صورة التقوى اليهودية، لكنه بطريقة الإنجيل، إذ يصير مضيئًا بممارسات الفضيلة وباستقامة التعاليم الإلهية، فإنه يتمم العبادة الحقة الصادقة.
1 من شرح القديس كيرلس للإصحاح الرابع من الإنجيل حسب القديس يوحنا.