أبحاث

رسالة رومية الأصحاح10 – عظة19 ج1 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

رسالة رومية الأصحاح10 – عظة19 ج1 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

رسالة رومية الأصحاح10 – عظة19 ج1 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

رسالة رومية الأصحاح10 – عظة19 ج1 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب
رسالة رومية الأصحاح10 – عظة19 ج1 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب

العظة التاسعة عشر:

” فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به. وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به وكيف يسمعون بلا كارز وكيف يكرزون إن لم يرسلوا كما هو مكتوب ” (رو14:10ـ15).

          1 ـ مرة أخرى ينزع عنهم الصفح. لأنه قال: ” لأني أشهد لهم أن لهم غيرة لله ولكن ليس حسب المعرفة. لأنهم إذ كانوا يجهلون بر الله … لم يخضعوا لبر الله[1]، ويُظهِرْ بعد ذلك أنهم من أجل هذا الجهل يُدانون من الله. وهو لم يقل هذا بالطبع، لكنه يمهَّد لهذا الأمر، مستمرًا في تقديم تساؤلات من خلال حديثه، وهذا ما يعرض له هنا في كل هذا الجزء، بتساؤلات وشروحات. لكن لاحظ من البداية، كيف قال إن النبي يقول: ” كل من يدعو باسم الرب يخلص[2]. وربما يستطيع المرء أن يسأل، وكيف يمكنهم المناداة باسم الرب، الذي لم يؤمنوا به؟ ثم يتساءل الرسول بعد هذا التعارض: ولماذا لم يؤمنوا؟ ومرة  أخرى يمكن للمرء أن يقول إنه يوجد تعارض على أية حال، وكيف يمكن أن يؤمنوا بدون أن يسمعوا؟ ولكنهم سمعوا. وبعد ذلك يظهر تباينًا آخر. وكيف يمكنهم أن يسمعوا بلا كارز؟ ثم يقدم بعد ذلك أيضًا شرحًا. ولكن كثيرين كرزوا  وأُرسِلوا لهذا الأمر تحديدًا. ومن أين يتضح أن هؤلاء هم الذين أُرسلوا. حينئذٍ يستشهد بالنبي الذي يقول: ” ما أجمل أقدام المبشّرين بالسلام المبشرين بالخيرات [3].

          أرأيت كيف أنه من خلال طريقة التبشير، يُظهِر المبشّرين؟ لأن المبشرين الذين ذهبوا إلى كل مكان، لم يتحدثوا إلاّ عن تلك الخيرات المحفوظة لنا، وعن سلام الله الذي صار لكل البشر. وبناءً على ذلك فقد قال الرسول بولس للذين بشّرهم إنكم حين لا تصدقوا فإن عدم التصديق لا ينصرف إلينا، بل أنتم لا تصدقون إشعياء الذي قال من سنوات بعيدة، إننا سنُرسَل وسنُبشِر، وسنتكلّم بتلك الأمور التي تكلمنا عنها. إذًا خلاصهم يعتمد على أن يدعوا باسم الرب وأن يدعوا بما يؤمنون به، وأن يؤمنوا بما سمعوه وأن يسمعوا ما قد كُرزوا به وما أُرسِلَ لأجله المُرسَلون. هكذا أُرسِلَ المبشّرين وكرزوا وأشار النبي إليهم قائلاً: كيف أن هؤلاء هم الذين قد أعلنت عنهم بمعونة الله منذ سنوات عديدة، والذين قصدتهم وتكلمت عن أقدامهم. ومن حيث طريقة البشارة، فهى واضحة جدًا، ولأنهم لم يؤمنوا، فقد صاروا مدانين. لأن كل شئ ارتبط بالله قد تُمم من جانب الله.

2 ـ ” لكن ليس الجميع قد أطاعوا الإنجيل. لأن إشعياء يقول يا رب من صدق خبرنا. إذًا الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله ” (رو16:10ـ17).

          وقد أضافوا أيضًا اعتراضًا آخرًا قائلين، لو أن هؤلاء كانوا مُرسلين وأُرسلوا من الله، فكان ينبغي على الجميع أن يطيعوهم. لاحظ حكمة ق. بولس، كيف أن هذا الأمر ذاته الذي أثار صخبًا  يقدمه على أنه مُناقض للصخب والإزعاج. إذًا ما الذي يُعثرك أيها اليهودي، هكذا يقول ق. بولس، بعد كل هذا، وبعد مثل هذه الشهادة ودلائل الأمور؟ هل لأن “ليس الجميع قد أطاعوا الإنجيل”؟ إن هذا تحديدًا، بالإضافة لأمور أخرى كان يكفي أن يجعلك تؤمن بكل ما قيل، بشأن “أن ليس الجميع قد أطاعوا”، لأن هذا هو ما سبق وتكلم عنه النبي من البداية. وانتبه إلى حكمة القديس بولس غير الموصوفة، كيف أنه يُظهر هذا الأمر بالأكثر من خلال تلك الأشياء التي وضع هؤلاء رجائهم وأملهم فيها لكي يعترضوا. إذًا ماذا تدّعون؟ هكذا يقول ق. بولس، هل لأن “ليس الجميع قد أطاعوا الإنجيل”؟ لكن هذا ما قاله إشعياء من البداية ، أو من الأفضل أن نقول ليس هذا فقط، بل وأكثر من هذا. فأنتم تشتكون أن “ليس الجميع قد أطاعوا”، بينما إشعياء يقول شيئًا أكثر من ذلك . إذًا ماذا قال؟ ” يا رب من صدق خبرنا “.

          لقد رجع ق. بولس إلى السياق السابق بعد أن أوقف ذلك الصخب بواسطة استدعاء قول النبي. إذًا لأنه قال، إنه كان ينبغي أن يدعوا باسم الرب، وأنه يجب على الذين يُدعون أن يؤمنوا، وأولئك الذين يؤمنون أن يسمعون أولاً، وأولئك الذين يسمعون أن يكون هناك من يكرز لهم، ولابد للكارزين أن يُرسَلوا، فقد أوضح أنهم أُرسلوا وكرزوا. ولأنه أيضًا ينوي أن يقدم مفارقة أخرى، أتخذ أولاً دافعًا من خلال شهادة أخرى للنبي (إشعياء)، هكذا ينسج هذه الشهادة ويربطها بالسابقة. لأنه استشهد بالنبي القائل: “يا رب من صدق خبرنا“، مستفيدًا من الشهادة في اللحظة المناسبة، ويقول ” إذًا الإيمان بالخبر“. لكنه لم يُشر إلى هذا مصادفة، بل لأن اليهود في كل عصر كانوا يطلبون معجزات، ومشهد القيامة، وكانت لديهم شكوكًا تجاه كل هذا، يقول إذًا إن النبي لم يقدم وعودًا لهذه الأمور، ولكن كان ينبغي علينا أن نؤمن بسماعنا للكرازة. من أجل هذا، قدم هذا القول أولاً، وقال ” إذًا الإيمان بالخبر ” أى بسماع الخبر.

          وبعد ذلك ولأن عدم أهمية هذا الأمر قد ظهرت، لاحظ كيف يعرضه لأنه لم يقل سماع فقط، ولا أنه ينبغي أن نسمع كلام إنساني ثم نؤمن، بل أن نسمع كلامًا عظيمًا. لأن السمع صار لكلمة الله. لأنهم لم يتكلموا بكلامهم، لكنهم أخبروا بتلك الأمور التي تعلموها من الله، الأمر الذي يعد أسمى من المعجزات. لأنه عندما يتكلم الله وعندما يصنع معجزات، يجب أن تؤمن وأن تخضع، لأن الأعمال والمعجزات تتم بكلمته. لأنه بالحقيقة السماء وكل الأشياء الأخرى قد تثبّتت بكلمته.

          3 ـ بعدما أظهر أنه ينبغي أن يؤمنوا بالأنبياء، الذين يتكلمون دائمًا بكلمة الله، وألا يطلبوا شيئًا أكثر من السمع، يضيف بعد ذلك التباين الذي أشار إليه، ويقول:

 

” لكنني أقول ألعلهم لم يسمعوا ” (رو18:10).

          ماذا إذًا، هكذا يقول ق. بولس، إن كان المبشرون قد أُرسلوا، وَبشروا بتلك الأمور التي أُمروا بها، ألم يسمع هؤلاء؟ ثم يتبع هذا الكلام بحل قاطع لهذا التباين ” بلى. إلى جميع الأرض خرج صوتهم وإلى أقاصي المسكونة أقوالهم “، يقول لهم، ماذا تقول ألم يسمعوا؟ إن المسكونة وأقاصي الأرض قد سمعت، وأنتم كنتم بالقرب من المبشرين الذين انتظروا كل هذه السنين، والذين هم من جنسكم، ألم تسمعوا؟ وكيف يكون هناك مبررًا لذلك؟ فلو أن أقاصي الأرض قد سمعت، فبالأولى كثيرًا أنتم. بعد ذلك يظهر تعارضًا آخر ” لكني أقول ألعل إسرائيل لم يعلم ” ماذا إذًا، لو أنه من المؤكد أنهم قد سمعوا، لكن ألم يعرفوا ما قيل، ولم يفهموا أن أولئك الكارزين كانوا مُرسَلين؟ وهل يكونون مستحقين للغفران لأجل جهلهم هذا؟ كلا على الإطلاق، لأن إشعياء وصف هؤلاء قائلاً: ” ما أجمل قدمي المبشر المخبر بالسلام [4]. وقبل إشعياء كان المشرع ذاته قد أشار إلى ذلك أيضًا. ولهذا فقد أضاف ق. بولس:

 

أولاً موسى يقول: ” أنا أُغيركم بما ليس أمة بأمة غبيه أغيظكم ” (رو19:10).

          لأجل هذا كان ينبغي أن يعرفوا المبشرين، وليس لأنهم لم يؤمنوا فقط، ولا لأن المبشرين بشروا بالسلام، ولا لأنهم بشروا بتلك الخيرات، ولا لأن الكلمة انتشرت في كل المسكونة، بل ولأنهم رأوا أن الأقل منهم الذين أتوا من الأمم، وجدوا كرامة أكثر. لأن تلك الأمور التي لم يسمع بها الأمم، ولم يسمع بها أجدادهم، هذه الأمور قد آمن بها الأمم فجأة، الأمر الذي يمثل ملمح لكرامة فائقة، والذي استثار اليهود جدًا، وقادهم إلى الغيرة وإلى تذكّر نبوة موسى الذي قال ” أنا أُغيركم بما ليس أمة “. لأنه ليس فقط الكرامة الفائقة التي نالتها الأمم كانت كافية أن تؤدي بهم إلى الغيرة، بل بالحرى لأن الأمة التي تمتعت بهذه الأمور كانت لا قيمة لها، حتى أنها لم تكن مستحقة أن تُدعى أمة. ” أنا أغيركم بما ليس أمة. بأمة غبية أغيظكم “. لأن من هم الذين كانوا أكثر غباء من عبدة الأوثان؟ وأكثر تفاهة منهم؟

          أرأيت كيف أن الله قد أعطاهم مع الجميع، ومنذ البداية ملامح وعلامات واضحة عن هذه الأوقات حتى يُبين لهم فُقدانهم التام للشعور؟ لأن هذا الذي حدث، لم يحدث في زاوية صغيرة، بل في كل الأرض، والبحر، وفي كل أقسام المسكونة، ورأوا أن أولئك الذين أُحتقروا من هؤلاء اليهود، قد تمتعوا بخيرات لا حصر لها. كان ينبغي إذًا أن يفهموا أن هذه هى بالتحديد الأمة التي تكلم عنها موسى ” أنا أغيركم بما ليس أمة بأمة غبية أغيظكم “.

          هل يا تُرى موسى وحده هو الذي قال هذا؟ إطلاقًا، بل وإشعياء قال هذا بعده. ولهذا قال ق. بولس ” أولاً موسى يقول “، لكي يُبيّن أن شخصًا ثانيًا سيأتي ويقول نفس الكلام وبصورة أكثر قوة وأكثر وضوحًا. تمامًا كما قال ” وإشعياء يصرخ [5]، هكذا هنا أيضًا يقول:

 

” ثم إشعياء يتجاسر ويقول ” (رو20:10).

          ما يقوله يعني الآتي: أنه جاهد وحاول ألاّ يقول شيئًا غامضًا، لكنه حاول أن يضع الأشياء مجردة أمام عيوننا، مُفضلاً بالحرى أن يتعرض للخطر من حيث كونه قد تكلم صراحةً، على أن يترك جحودكم خلفه، وينظر نحو خلاصه. على الرغم من أنه لم يكن من ملامح النبوة أن يتكلم هكذا بوضوح وصراحة. لكنه لكي يُغلق أفواهكم بقوة، سبق فقال كل هذا بوضوح شديد ودون تراجع. وما هو كل هذا؟ هو ذلك الأمر الخاص بسقوطكم، ودخول آخرين، قائلاً هكذا: ” وُجِدَت من الذين لم يطلبوني وصرتُ ظاهرًا للذين لم يسألوا عني “؟ من الواضح جدًا أنه لا يقصد اليهود، بل أولئك الذين أتوا من الأمم، أولئك الذين لم يكونوا قد عرفوا الله أبدًا، تمامًا مثلما وصفهم موسى قائلاً: ” بما ليس أمه ” و ” بأمة غبية “، وهكذا هنا أيضًا يُعلن لهم الجهل التام من خلال نفس السبب، الأمر الذي كان يمثّل إتهامًا كبيرًا ضد اليهود، لأن الذين لم يطلبوه قد وجدوه، وأولئك الذين كانوا معه سابقًا فقدوه.

 

4 ـ ” أما من جهة إسرائيل فيقول طول النهار بسطتُ يديّ إلى شعب مُعاند ومُقاوم ” (رو21:10).

          أرأيت أن تلك التساؤلات التي طرحها الكثيرين، قد وجدت لها حلاً في الكلمات النبوية منذ البداية؟ ماذا يعني هذا الكلام؟ لقد سمعت ق. بولس سابقًا وهو يقول: “ فماذا نقول؟ إن الأمم الذين لم يسعوا في أثر البر أدركوا البر الذي بالإيمان ولكن إسرائيل وهو يسعى في أثر ناموس البر لم يدرك ناموس البر[6]. هذا ما يقوله إشعياء هنا. لأن بقوله “ وُجدت من الذين لم يطلبوني وصرت ظاهرًا للذين لم يسألوا عني“، وهذا عينه ما يقوله الرسول بولس، إن الأمم الذين لم يسعوا في أثر البر أدركوا البر. ثم بعد ذلك لكي يُظهر أن ما حدث لا يرتبط فقط بنعمة الله، بل وبإرادة أولئك الذين قبلوا النعمة، تمامًا مثلما في حالة سقوطهم أيضًا، كان نتيجة لمقاومة كل من لم يخضع، اسمع ماذا أضاف ” أما من جهة إسرائيل فيقول طول النهار بسطت يدي إلى شعب مُعاند ومقاوم“، وهو يعني بكلمته “طول النهار” هنا كل الزمن السابق. وبكلمة “بسطت يديّ” أى أنني دعوته، بشّرته، ورجوته. ثم بعد ذلك لكي يُبيّن أنهم مدانون كلية، يقول ” إلى شعب مُعاند ومقاوم”.

          أرأيت أيضًا حجم هذه الإدانة؟ لأن هؤلاء، اليهود، حينما ترجاهم لم يطيعوه، بل دافعوا عن مواقفهم المخالفة. وهذا حدث ليس مرة أو مرتين أو ثلاثة مرات، بل كل الوقت. وبرغم أنهم قد رأوا أنه قد فعل كل هذا، بينما آخرون أى الذين لم يعرفوه سابقًا، قد استطاعوا أن يؤمنوا به. لكنه لم يقل إن أولئك الأمم استطاعوا أن يجتذبوه، بل لكي يضبط أفكار أولئك الذين أتوا من الأمم، ويُبيّن أن كل شئ قد صنعته نعمته، يقول “صرت ظاهرًا”، و “وُجدت”. يقول إن أولئك الأمم لم يكن لديهم أى شئ، لكن مسألة أن يقبلوه عندما وُجد، وأن يعرفوه حين صار ظاهرًا، فهذا قد قدموه من تلقاء أنفسهم فيما بعد وحتى لا يقول هؤلاء اليهود، لماذا لم يُستعلن لنا أيضًا؟ وهو يُشير إلى أكثر من ذلك، أنه لم يُستعلن فقط، بل لا يزال يبسط يديه، ويدعو، مُظهرًا عناية وحنو الأب والأم التي تحب أولادها. لاحظ كيف أنه قد أضاف وبوضوح الحل لكل التساؤلات السابقة، موضحًا أن الهلاك حدث بإرادتهم، وأنهم من كل وجه هم غير مستحقين للعفو، لأنه بالرغم من أنهم سمعوا وفهموا ما قيل، إلاّ أنهم لم يريدوا أن يقبلوا النعمة.

          وبالأكثر جدًا، أنه ليس فقط قد جعلهم يسمعون لهذه الأمور التي قيلت، وليس فقط أنهم قد فهموا، بل إن ذلك الذي يملك قوة كبيرة قد بشّرهم به، وجذبهم نحوه، على الرغم من أنهم عاندوا وقاوموا. وهذا هو الأمر الذي أضافه. وما هو هذا الأمر؟ هو أن يستحثهم ويحركهم بالغيرة. لأنكم تعرفون ألم الشهوة، ومقدار القوة التي لطبيعة الغيرة في فض المنازعات، وفي إقامة أولئك الذين سقطوا. وهل هناك احتياج لأن أقول هذا للبشر، في اللحظة التي فيها تظهر قوة الغيرة عند الحيوانات وعند الأطفال الصغار؟ لأنه بالحقيقة في مرات كثيرة، عندما يكون هناك طفل لا يتراجع أمام ترجي أبيه، بل ويبقى في عناده، لكن حين يرى طفل آخر قد تصالح مع أبيه دون أن يُدعى، وعاد إلى الأحضان الأبوية، حينئذٍ فإن ما لم يحققه الرجاء، يكون قد حققته الغيرة. وهذا ما فعله الله. لأنه لم يترجَ فقط ولم يبسط يديه فقط، بل وأثار الغيرة عند هؤلاء اليهود، وأدخل في نعمته الأمة الأقل جدًا منهم، الأمر الذي يثير الغيرة بقوة، ليس بشأن تلك الخيرات، بل الأمر الذي كان أكبر من هذا جدًا، أنه جعل الشهوة أكثر تأثيرًا، في الأمور التي هى أكبر بكثير، بل وأكثر أهمية، والتي لم يتخيّلوها ولا في أحلامهم. لكن ولا بهذا قد أطاعوا. إذًا كيف يمكن أن يكونوا مستحقين للعفو، بعدما أظهروا عنادًا شديدًا؟ إنهم غير مستحقين لأى عفو.

          وهذا بالطبع لا يقوله الرسول صراحةً، لكنه يتركه لفطنة المستمع كنتيجة لكل ما قيل، وأيضًا من خلال الكلام اللاحق فإنه يُظهره بما له من حكمة معتادة.

[1]  رو2:10ـ3.

[2]  رو13:10.

[3]  إش7:52.

[4]  إش7:52.

[5]  رو27:9.

[6]  رو30:9ـ31.

رسالة رومية الأصحاح10 – عظة19 ج1 – ق. يوحنا ذهبي الفم – د. سعيد حكيم يعقوب