Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

التحيات والسلامات في رسائل بولس

التحيات والسلامات في رسائل بولس

التحيات والسلامات في رسائل بولس

فادي الكساندر لتحميل البحث من هنا

قبل ان نتعرض لتوضيح المغزى من السلامات الشخصية في رسائل القديس بولس علينا ان نعرف اولا ما هى نظريات الوحى؟ما هو الوحى في المسيحية؟

نظريات الوحى الموجودة في أغلب المعتقدات هى:

 

1- النظرية الطبيعيه:

وهي تنظر للوحي على أنه نوع من الالهام الطبيعي كما يلهم الشاعر في نظم قصائده وأشعاره ، وكما يلهم الكاتب في كتابه رواياته وأدبه ، ونحن نرفض هذه النظريه لانها تتجاهل عمل الروح القدس … “تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس ” (2بط 1:21)

 

2- النظريه الميكانيكيه (الاملائيه):

وهي تنظر للوحي على أنه يملي الكاتب ما يكتبه كلمه كلمه وحرفا حرفا . وهي مرفوضه عندنا لانها تتجاهل الجانب البشري فيتحول الكاتب إلى اله صماء أو أنسانا اليا يكتب ما يملى عليه وبذلك تلغى كليه شخصيه الكاتب وثقافته ومشاعرة وتعتبر هذه النظريه عكس النظريه الطبيعيه.

 

3- النظريه الموضوعيه:

وهي تنص على ان الوحي يوحي للكاتب بالموضوع وأفكارة فقط ويترك للكاتب حريه التعبير عن هذه الافكار كما يشاء بدون أدنى تدخل من الوحي وهذه النظريه تعتبر قاصرة . لان روح الله يوحي للانسان بالموضوع والافكار ولكنه أيضا يحفظه ويعصمه من الخطأ فلا يسمح له ابدا بتدوين أيه فكرة صحيحه بتعبيرات وكلمات خاطئه ولذلك يقول داود النبي:” روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني” (2صم 23:2)

بل أن الروح القدس قد يوضع على لسان الكاتب عبارات قد لا يدرك الكاتب معانيها فعندما كتب أشعياء عن ولاده العذراء والمولود منها هو أنسان وإله في نفس الوقت من كان يدرك هذا ؟!!! وعندما تنبأ أشعياء عن خراب بابل سيدة الممالك وخراب صور سيده البحار وكل منهما لن تعمر ثانية من كان يتصور هذا؟

 

4- النظريه الجزئيه:

وهي تقسم ما جاء بالاسفار المقدسه إلى نوعين: الأول يشمل كلمات الله المباشرة مثل وصايا العشر وحديث الله للانبياء وهذه موحى بها . أما كلمات الكاتب نفسه في وصف مكان أو حدث أو القاء تعليم فهي غير موحى بها وهي نظريه مرفوضه فمعلمنا بولس يقول عن كل ما ورد في أسفار العهد القديم انها أقوال الله ولهذا فإنه يقول عن اليهود “أنهم استؤمنوا على أقوال الله ” (رو3:2)

وحتى لا تتسائل: هل أقوال الاشرار والشياطين والسلامات التي وردت في الكتاب موحى بها ؟ أقول ان دور الوحي هنا قاصر على الامر بتدوين مثل هذه الاقوال أما الكلمات الخاطئه فهي تنسب لأصحابها بعيدة كل البعد عن اقوال الله .. بمعنى أنه تسجيل تلك الكلمات كان بوحي من الله للكاتب أما الكلمات ذانها فليست وحيا.

 

5- النظرية الروحية:

وتنص على أن الوحي قاصر على الأمور الروحية في الكتاب المقدس أما الأمور التاريخية والجغرافية والعلمية فهي تحتمل الخطأ وأصحاب هذه النظرية قالوا إن قصه أيوب وقصة يونان في بطن الحوت ودانيال في جب الاسود خياليه القصد منها أخذ التعليم الروحي .

ونحن نرفض هذه النظري الخاطئه التي تجعل الانسان يقبل ما يشاء ويرفض ما يشاء … بل انها تضع الانسان فوق مستوى الوحي فيحكم ويفصل في أقوال الله.

 

أما مفهوم الوحي وفقا للايمان المسيحي فهو:

1- يختار الله بعض القديسين ويحرك قلوبهم للكتابه او يامرهم مباشرة كما قال الرب لموسى “أكتب هذا التذكار….” (خر17:14) وكما قال لارميا: “خذ لنفسك درج سفر واكتب فيه كل الكلام الذي كلمتك به ….” (ار 36:2)

2- يترك الله للكاتب حريه اختيار الالفاظ والاسلوب والكلمات فلذلك نجد داود النبي يكتب بلغه الراعي وسليمان بلغه الحكيم وبولس بلغه الفيلسوف ويظهر في كتابات كل كتبة الاسفار التباين بين أسلوبهم الراجع الى وجود فرصة للكاتب ان يصيغ بأسلوبه.

3- يكون الكاتب أثناء الكتابه تحت هيمنه وسيطرة روح الله الذي يحفظه ويعصمه من الخطأ أثناء الكتابه.

4- يكشف روح الله للكاتب ما خفي عنه مثلما كشف لموسى عن أيام الخليقه

5- الوحي لا يتقيد بلغه معينه انما يستخدم اللغه التي كان يستخدمها الشعب .

فيقول الكتاب المقدس:-

2تي 3:16 كل الكتاب هو موحى (θεόπνευστος – theh-op’-nyoo-stos) به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر

و الفعل موحى كما جاء في أصله اليونانى يعنى تنفس اى ان كل الكتاب تنفس به الله فيسيطر روح الله القدس على الكاتب عقله وفكره وروحه وكل نفسه فيصيغ ما يعلنه له الروح القدس بأسلوبه فيكتبه فالروح القدس لا يلغى شخصية الكاتب ولا يلغى اسلوبه.

 

يقول احد الدارسين:

فإذا قلنا إنّ الأسفار المقدسة في العهدين القديم والجديد هي كلام الله، أو أسفار إلهية موحى بها من الله، أو منزلة من عند الله، لا نريد بذلك أنّ الله أنزلها آية آية، وكلمة كلمة، وحرفاً حرفاً، فكتبها الكاتب كما سمعها من فم الله أو ملائكته بحروفها الأصلية. لكننا نريد أنّ الله قصد أن يُبلغ البشر شيئاً من أسراره حرّك باطنياً كاتباً يختاره فيبعثه على كتابة السفر المقصود، ثم يمده بتأييده الخاص ونعمته الممتازة، ويلهمه اختيار الحوادث والظروف والأعمال والأقوال التي شاء سبحانه كتابتها لفائدة عباده، وكان له رقيباً ومرشداً، وعصمه من الخطأ في نقلها وتسطيرها، فلا ينقل إلا ما ألهمه الله إيّاه، فيكون الرسول إذ ذاك ككاتب مطيع، في حوزة الكاتب الأسمى، وطوع إرادته.

و بعد ان أوضحنا نظرية الوحى في العقيدة المسيحية نستطيع ان نقول انه لا اشكال في وجود السلامات والتحيات في رسائل القديس بولس ولنبدأ في تبيان معنى ومغزى السلامات والتحيات في رسائل القديس بولس لنرى محبة عظيمة وقدوة رائعة في التعامل داخل الكنيسة فنقتدى بهذه المحبة العاملة في قلوب ابائنا:

 

الاصحاح السادس عشر من رسالة القديس بولس الرسول الى أهل رومية:-

1 اوصي اليكم باختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة التي في كنخريا

2 كي تقبلوها في الرب كما يحق للقديسين وتقوموا لها في اي شيء احتاجته منكم.لانها صارت مساعدة لكثيرين ولي انا ايضا

3 سلموا على بريسكلا واكيلا العاملين معي في المسيح يسوع.

4 اللذين وضعا عنقيهما من اجل حياتي اللذين لست انا وحدي اشكرهما بل ايضا جميع كنائس الامم.

5 وعلى الكنيسة التي في بيتهما.سلموا على ابينتوس حبيبي الذي هو باكورة اخائية للمسيح.

6 سلموا على مريم التي تعبت لاجلنا كثيرا.

7 سلموا على أندرونكوس ويونياس نسيبيّ المأسورين معي اللذين هما مشهوران بين الرسل وقد كانا في المسيح قبلي.

8 سلموا على أمبلياس حبيبي في الرب.

9 سلموا على اوربانوس العامل معنا في المسيح وعلى استاخيس حبيبي.

10 سلموا على أبلّس المزكى في المسيح.سلموا على الذين هم من اهل ارستوبولوس.

11 سلموا على هيروديون نسيبي.سلموا على الذين هم من اهل نركيسوس الكائنين في الرب.

12 سلموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب.سلموا على برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرا في الرب.

13 سلموا على روفس المختار في الرب وعلى امه امي.

14 سلموا على اسينكريتس فليغون هرماس بتروباس وهرميس وعلى الاخوة الذين معهم.

15 سلموا على فيلولوغس وجوليا ونيريوس واخته وأولمباس وعلى جميع القديسين الذين معهم.

16 سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة.كنائس المسيح تسلم عليكم

ثم

21 يسلم عليكم تيموثاوس العامل معي ولوكيوس وياسون وسوسيباترس انسبائي.

22 انا ترتيوس كاتب هذه الرسالة اسلم عليكم في الرب.

23 يسلم عليكم غايس مضيفي ومضيف الكنيسة كلها.يسلم عليكم اراستس خازن المدينة وكوارتس الاخ.

يصف ابانا القس انطونيوس فكرى هذا الاصحاح في تفسيره فيقول:

 

 

هذا الأصحاح الأخير والذي يمثل ختام الرسالة يقدّم لنا في غالبيته عددًا كبيرًا من الأسماء التي لا نعرف عن بعضها شيئًا؛ لكنه في الواقع يمثل صورة حيّة ومبهجة وفعّالة عن الحياة المسيحية في العصر الرسولي، فيها يكشف الروح القدس عن التهاب الكنيسة بروح الحب الذي يقدّس المشاعر والعواطف المتبادلة في الرب لبنيان الكنيسة روحيًا، فكثيرون يدعوهم “أحباء” أو “أنسباء” أو “العاملين معنا في الرب”، بينما يدعو هذه “أختنا” وتلك العجوز “المحبوبة” وثالثة “التاعبة في الرب”. لكل شخص لقب خاص محفور بالروح في قلب الرسول بولس.

يتكلم القديس يوحنا ذهبى الفم عن الاخت فيبى التى يتكلم عنها الرسول فيقول:-

[انظروا كيف يكرمها بطرق كثيرة، فقد أشار إليها قبل الكل ودعاها أخته. وهذا ليس بالأمر الهيّن أن تدعى أختًا لبولس؛ كما ذكر رتبتها بكونها “شماسة” (خادمة)… ليهتمّوا بها على أساسين: يقبلوها من أجل الرب، ولأنها هي نفسها قدّيسة.]

و يقول الأب القمص تادرس يعقوب ملطى معلقا على هذه التحيات الشخصية في هذا الاصحاح:-

إن كانت هذه الرسالة تقدّم لنا أسماء 26 شخصًا أغلبهم لا نعرف عنهم شيئًا، لكنّنا نشعر بأهمية هذا الجزء من الرسالة، إذ يقدّم لنا صورة حيّة لقلب رسولنا بولس الذي يظهر عاطفته الحانية واعتزازه وتقديره للمشاعر المقدّسة في الرب. يمكننا أيضًا أن نرى في هذه التحيّات الحارّة صورة للصداقات العميقة والحب الطاهر السخي بين أعضاء الكنيسة الأولى.لقد قدّم لنا الرسول كل صديق له يحمل لقبًا خاصًا يعتز به الرسول، هذا اللقب لا يقوم على الشهرة أو الغنى أو العلم، وإنما على شركة الحياة التقوية والجهاد في الخدمة.

و عن أكيلا وبريسكلا نقرأ أنهم جاء ذكرهم في (أع 18: 2، 18، 26؛ 1 كو 16: 19؛ 2 تي 4: 19) التقى بهما الرسول لأول مرة في كورنثوس (أع 18: 2) وبقي معهما حوالي 18 شهرًا وذهبا معه إلى أفسس (أع 18: 18)، ثم رجعا إلى روما. أينما وُجدا كان يفتحان بيتهما ككنيسة لخدمة المؤمنين الغرباء ويجتمع فيها المؤمنون للعبادة. يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن بيتهما كان يُدعى كنيسة، إمّا لأنهما كسبا كل أهل بيتهما للإيمان أو لفتح بيتهما لخدمة المؤمنين الغرباء.

و عن أبينتوس المذكور في العدد الخامس يقول ابانا كلمة “أبينتوس” من أصل يوناني تعني “مستحق للمديح”، وهو أول من قبِل الإيمان في آسيا الصغرى على يدي الرسول. يدعوه الرسول حبيبه وباكورة عمله هناك، وكأنه يسأله أن يرد الحب بالحب، فلا يكف عن يكف عن العمل في روما لحساب الإيمان الذي قبِله قبْل كثيرين.

التحيات والسلامات في رسائل بولس

و يعلق القديس يوحنا ذهبى الفم على العدد السادس:

[ما هذا؟ لقد كُرمت امرأة وحسبت متنصرة! أفلا نخجل نحن كرجال؟… إننا نحسبه كرامة لنا أن توجد نساء بيننا كهذه، ولكنّنا نخجل إن كنّا كرجال صرنا خلفهن.] يكمل حديثه قائلاُ بأنه وإن كانت النساء ممنوعات من خدمة التعليم العامة (1 تي 2: 12؛1 كو 14: 35) لكنها لا تحرم من النطق بكلمة التعليم إذ تستطيع الزوجة أن تربح رجلها (1 كو 7: 16)، وتهذّب أولادها (1 تي 2: 15)، بل ونجد برّيسكلا تعلم أبولس. كما يُعلّق على قول الرسول: “التي تعبت لأجلنا كثيرًا”، بقوله: [قدّمت خدمات أخرى كثيرة محتملة مخاطر، من جهة المال والأسفار. فإن نساء تلك الأيام كنّ روحيات أكثر من الأسود (في القوّة)، ساهمن مع الرسل في التعب لأجل الإنجيل.]

وفي العدد السابع نقرأ عن أندرونكوس ويونياس يقول عنهما الاب القمص تادرس يعقوب انهم احتملا السجن معه في وقت غير معروف، يعتزّ بهما لأنهما قد عرفا السيد المسيح قبله، ولهما دورهما الهام في الخدمة حتى صارا مشهورين بين الرسل. ويرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أنهما لم يسقطا تحت الأسر بالمعنى الحرفي (كأسرى حرب) وإنما احتملا ما هو أقسى من ذلك، إذ عاشا في الغربة محرومين من أقربائهما واحتملا المجاعة والميتات المستمرة وسقطا تحت المتاعب بلا حصر.و عن أمبلياس المذكور في العدد الثامن يرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن دعوته “حبيبي” تكشف عن حب الرسول الشديد له بسبب حياته الفاضلة.

وعن التحيات في الاعداد 9 , 10 , 11 يلاحظ إن الرسول يمدح الجميع، فيدعو الأول عامل معه في خدمة السيد المسيح، والثاني حبيبه، والثالث مُزكى في المسيح ربّما لاجتيازه ضيقات كثيرة بصبره أو لجهاده في الخدمة الخ. أمّا بالنسبة لأهل أرستوبولس وأهل نركسيس فربّما كان هذا الاثنان وثنيين وصار لهما عبيد أو أبناء مؤمنون معهما.و يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إذ يقدّم مدحًا خاصًا بكل أحد، لا يسمح بوجود حسد فيما بينهم بمدحه لأحد واستخفافه بآخر، ولكي لا يوجد بينهم تهاون أو ارتباك، مقدمًا لكل واحد كرامة متساوية، وإن كان ليس الكل يستحق كرامة متساوية هكذا .]

ثم نقرأ عن القبلة المقدسة المذكورة في العدد 16 التى اوصى بها الرسول ان القديس كيرلس الاورشاليمى يقول لا تظن أن هذه القبلة كتلك التي اعتاد الأصدقاء على ممارستها في الاجتماعيات (agio) هي ليست من هذا الصنف، إنما هذه توّحد النفس وتزيل كل حقد. هي علامة اتحاد النفوس معًا ويقول القديس اغسطينوس هي علامة السلام، فما تظهره الشفاه من الخارج يوجد في القلوب في الداخل.

وعن محبة الكنيسة العظيمة في الاعداد 21 , 22 , 23 يقول ابانا القمص تادرس يعقوب في تفسيره:جاءت التحيات من القدّيس تيموثاوس الابن المحبوب للرسول بولس، ابنه في الإيمان، وشريكه في العمل، ورفيقه في كثير من الرحلات. وأيضًا من غايس مضيف الرسول بل “ومضيف الكنيسة كلها”، ربّما لأنه حوّل بيته إلى مركز للعبادة، وكان يضيف فيه المؤمنين الغرباء عن كورنثوس.

و بهذا نكون قد رأينا كيف كانت علاقة الكنيسة الاولى وكيف كانت محبة الرسول لأصدقاءه ومعاونيه في الخدمة مما يدفعنا ان نقتدى بهم اليوم ونعيش حياة المحبة بكل تقوى في المسيح يسوع.

 

الاصحاح الرابع من رسالة القديس بولس الثانية الى تلميذه تيموثاوس:

9 بادر ان تجيء اليّ سريعا

10 لان ديماس قد تركني اذ احب العالم الحاضر وذهب الى تسالونيكي وكريسكيس الى غلاطية وتيطس الى دلماطية.

11 لوقا وحده معي.خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لي للخدمة.

12 اما تيخيكس فقد ارسلته الى افسس.

13 الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس احضره متى جئت والكتب ايضا ولا سيما الرقوق.

ثم

19 سلم على فرسكا واكيلا وبيت انيسيفورس.

20 اراستس بقي في كورنثوس.واما تروفيمس فتركته في ميليتس مريضا.

21 بادر ان تجيء قبل الشتاء.يسلم عليك افبولس وبوديس ولينس وكلافدية والاخوة جميعا.

يشرح ابانا القس انطونيوس فكرى هذه الايات فيقول:

و عن الرداء الذى طلبه القديس بولس يقول ابانا القس انطونيوس:

ثم يشرح ابانا علاقة الرسول بولس بمعاونيه في الاعداد 19 , 20 , 21 فيقول:-

و يقول ابانا القمص تادرس يعقوب ملطى مفسرا قول الرسول “بادر ان تجىء ألىٌ سريعا” أدرك الرسول أن وقت رحيله قد اقترب، فأرسل يستدعيه، قائلاً له: “بادر أن تجيء إلىّ سريعًا” [9]، وإن كان للأسف لم يستطع أن يحضر قبل استشهاده. وقد كان الرسول لطيفًا وحكيمًا في استدعائه، إذ لم يقل له “لكي أراك قبل رحيلي”، لئلا إذا لم يتحقق الأمر يحزن القديس تيموثاوس ويكتئب، وإنما أعلن له إن حاجته إليه في هذه اللحظات إنما بسبب ترك الكثيرين له.

و عن ترك البعض له: “لأن ديماس قد تركني، إذ أحب العالم الحاضر، وذهب إلى تسالونيكي” [10]. إذ تركه ديماس طلب تيموثاوس لكي يخدمه عوضًا عنه. ولكن لماذا تركه ديماس؟ يجيب القديس يوحنا الذهبي الفم: [لقد أحب الطريق السهل والآمن، بعيدًا عن المخاطر. حقًا لقد اختار أن يعيش في بيته في ترفٍ عن أن يعاني معي المصاعب، ويشاركني المخاطر الحاضرة. لقد لامه لا لأجل اللوم في ذاته، وإنما لكي يثبتنا نحن فلا نسلك بتدليل مبتعدين عن الأتعاب والمخاطر، فهذا يُحسب حبًا للعالم الحاضر، ومن ناحية أخرى أراد بهذا أن يجتذب تلميذه إليه.]

يكمل الرسول: “وكِرِيسكيس إلى غلاطية، وتيطس إلى دَلْماطية، لوقا وحده معي” [10-11]. هذان لم يتركاه من أجل محبة العالم وإنما لأجل ضرورة الخدمة. طلب مرقس الرسول: “خذ مرقس واحضره معك لأنه نافع لي للخدمة” [11]. في رحلته التبشيريّة الثانية رفض الرسول أن يأخذ مرقس معه لأنه سبق وتركه في رحلته الأولى عند بمفيلية، ربما بسبب حمى أصابته هناك. وبسبب رفض الرسول أخذ مرقس معه انفصل عنه برنابا الذي انطلق مع مرقس إلى الخدمة في طريق آخر، إلى جزيرة كريت حيث انتقل برنابا هناك، أما مرقس الرسول فجال في إفريقيا يخدم، وكانت الإسكندرية مركز خدمته. هنا الرسول يشهد للقديس مرقس أنه نافع له في الخدمة. ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على كلمات الرسول هذه، قائلاً: [إنه لم يطلب ذلك لأجل راحته الخاصة، وإنما لأجل خدمة الإنجيل. فإنه وإن كان سجينًا لكنه لا يتوقف عن الكرازة. لذات السبب أيضًا أرسل يطلب تيموثاوس، ليس لأجل نفسه، وإنما لأجل الإنجيل، فلا يكون موته مجالاً لحدوث اضطراب بين المؤمنين، إنما وجود بعض من تلاميذه ينزع عنهم ضيقهم.]

و عن الرداء الذى طلبه القديس بولس يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الكلمة المترجمة هنا “رداء” تعني ثوبًا أو كما يقول البعض تعني حقيبة تحوي الكتب.] لقد طلب رداءه ربما لكي لا يضطر في أيامه الأخيرة أن يستعير رداء أحد، إذ لا يريد أن يثقل على أحد. أما طلبه الكتب فربما لكي يسلمها للمؤمنين في روما الذين يعاصرون استشهاده فتكون سبب تعزية لهم… حقًا إنه حتى في اللحظات الأخيرة لا يهتم بما لنفسه بل ما هو لراحة الغير.

و عن السلام الى اكيلا وبريسكلا وانيسفيورس في العدد 19 يشحر ابانا القمص تادرس يعقوب ملطى فيقول:

أنيسيفورس الذي أراح الرسول مرارًا كثيرة أثناء سجنه (1: 16)، أما بريسكلا وزوجها أكيلا فقد ارتبطا بالرسول بدالة محبة قوية، إذ آمنا على يديه، وكانا خيامين يقضيان بعضًا من الوقت معه يعملان معه في صنع الخيام. لقد عملا معه في خدمته، إذ يقول الرسول: “سلموا على بريسكلا وأكيلا العاملين معي في المسيح يسوع، اللذين وضعا عنقيهما من أجل حياتي، اللذين لست أنا وحدي أشكرهما بل أيضًا جميع كنائس الأمم” (رو 16: 3-4). والعجيب أن الرسول – وهو في القرن الأول الميلادي – يذكر اسم الزوجة قبل الزوج في الرسالتين، هنا والرسالة إلى أهل رومية، في وقت لم يكن للمرأة – حسب القانون الروماني – أية حقوق. لقد ذكرها الرسول أولاً ليؤكد أنه في الإيمان لا تحيز لجنس على آخر إلاَّ حسبما يقدم الإنسان من إيمان حيّ عامل. لقد كانت بريسكلا في عيني الرسول أكثر غيرة وإيمانًا من رجلها

يكرر الرسول الدعوة: “بادر أن تجيء قبل الشتاء” [21]. في لطف لم يقل: “قبل أن أرحل” بل قال “قبل الشتاء” حتى لا يثير فيه مشاعر الحزن متى جاء ووجده قد رحل.

تقديم سلام أحبائه الذين في روما: “يسلم عليك أَفْبولس وبوديس ولينُس وكَلافَدِيَّة والإخوة جميعًا” [21]، من بينهم لينس الذي أُقيم أسقفًا على روما وكَلافَدِيَّة المملوءة غيرة على الشهادة لله

هكذا نرى كيف كانت كنيسة القرن الاول كيف كانت المحبة كيف كان الترابط وكيف كانت مراعاة المشاعر الذى به نقتدى ونتعلم فيستد كل فم يتجرأ على العظيم بولس رسول وعبد يسوع المسيح

” ونعلم ان ابن الله قد جاء واعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الاله الحق والحياة الابدية

(1يو5:7)

التحيات والسلامات في رسائل بولس

Exit mobile version