لماذا الصليب وموت المسيح؟ الا يقدر الله ان يغفر؟ لماذا كل هذا التعقيد؟
خلق الانسان على صورته
فخلق الله الإنسان على صورته سفر التكوين 1: 27
خلق الرب الانسان على صورته ومثاله كمرآه نقية تعكس صورته في النقاوة والقداسة والبر والصلاح. فخلق الانسان في صوره عدم فساد للشركة وليكون هذا الانسان سعيد. فيقول سفر الحكمة 2: 23 فإن الله خلق الإنسان خالدا، وصنعه على صورة ذاته، فالرب خلق الانسان ليعيش للأبد على صورته. في ملء القداسة، في ملء الطهارة في ملء البركة.
فساد الانسان
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 3: 12 الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد.
حول الانسان نظره عن الرب والامور الابدية ورفض الله وبمشوره ابليس سقط وفسدت طبيعته وأصبح هناك مسؤلية شخصية للخطية لكل انسان فالصورة البريئة النقية الطاهرة المباركة تلوثه وتشوهه. هذا الانسان الذي اختاره الرب لحياة الشركة ذهب لشركة الموت. فأمات الانسان نفسه بنفسه والله طبيعته تكره الخطية فهذا الانسان الساقط المخلوق لشركة الله مجده ومحبته سقط وهوي من هذه الشركة الالهية ليعتني بالذات والانا.
هذه الحالة التي كنا محفوظين بها من الهبوط إليها بسبب اتحادنا بالرب، قبل السقوط، على نحو ما تحفظ الجثث اليوم في ذلك السائل المسمى (فورمالين)، الذي يحفظ الجثث من الفساد لفترة من الزمن، لكن الجثة ستكون معرضة للفساد حال خروجها من هذا السائل، تلقائيا وبدون جهد لأنها ليست محفوظة بذاتها.
على هذا النحو أيضا (والتشبيه مع الفارق طبعا) كنا محفوظين من هذا الفساد (الطبيعي) بسبب اتحادنا وشركتنا مع الرب، قبل السقوط، فالسقوط يعني خروجنا من شركة اللاهوت، خروجنا من هذه النعمة الحافظة، من ثم ظهر الفساد فينا، ذلك الذي كنا محفوظين منه بسبب الشركة، فلما قطعنا نحن الشركة بالسقوط ظهر فينا الفساد تلقائيا وإن أول من عانى هذا الموت هو إبليس الذي ابتعد عن الله بسبب عصيانه.
لقد نقل الشيطان المائت الموت إلى الإنسان أيضاً، لأن الإنسان استمع لنصيحته وترك شركة الرب وفقد نعمته. فالموت هو نتيجة اختيارنا ليس عقوبة او فعل من الله.
فموت الانسان الاول لا يعني عدم وجوده بل هو موت روحي يليه اختبار للموت الجسدي. فلم يدمر الانسان كلياً لقد مات بمقدار ما اختلت علاقته بالرب ولكن ما يزال يعيش في طبيعته الفاسدة بفضل رأفة الرب ومحبته. وقد سمح الرب بموت الانسان جسدياً كما قال أحد الاباء لكي لا يصبح الشر ابدياً خالداً. فسمح الرب بكسر الرباط بين الروح والجسد الذي لم يكن هناك كسر بينهما قبل السقوط ان تنحل وسمح للموت ان يحدث. فالإنسان لا يستطيع ان يعيش ابدياً في فساد ولم يطيق هذا. فالموت ليس نتيجة للخطية لكن سبباً ايضاً لها.
فكان من الممكن ان يهلك الجسد ايضاً لكن لم يفعل ذلك لمحبته لهذا لإنسان فأعطاه مانحاً له طريقاً للتوبة” وإمكانية تحقيق حياة روحية فالإنسان كما فسدت طبيعته لكن يوجد فيه الخير ايضاً. وبالتالي أصبحت كل الآلام المرتبطة بالفساد والموت فرصاً للاشتياق للحياة العليا ولتحقيق الشركة مع الله.
الله والانسان
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 23 لأن أجرة الخطية هي موت، وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا.
الله: قدوس مبارك نقي صالح محب عادل.. ألخ بشكل مطلق طبيعته لا تتحمل ما تشوهه به الصورة الانسانية. إذا كان هناك شخص يكره الشتيمة وذهب لمقهى بها الجميع يشتمون سنجد ان هذا الشخص لا يطيق الجلوس فطبيعته تكره الشتيمة
ما بالك الله الكلي القداسة والبر كيف سيحتمل تلوث وفساد طبيعة الانسان الذي سيشاركه؟
الانسان: فاسد خاطي حزين يائس، ميت منفصل عن مصدر حياته. وبانفصاله عن الله فقد كل معرفه وساد الفساد البشر ونزعت عنهم نعمة مماثلة صورة الله هذه النعمة التي كانت لهم لأجل الشركة. صنع الانسان الشر بل اخترع ايضاً الشرور شر ورا شر نشبت الحروب وقامت الامم ومزق المسكونة بفساد طبيعته.
والسؤال الان ماذا يفعل إله نقي بلا خطية لا يتحمل ان الخطية في انسان ساقط فاسد الطبيعة
في انسان احبه وخلقه ليتشارك معه رفض شركة الله فصار الموت فأمات هذا الانسان نفسه بنفسه وهذه اجره الخطية النتيجة الطبيعية بانفصاله عن الله. فالطبعتين أصبحوا كقطبي المغناطيس في تنافر طبيعة القداسة وطبيعة عم القداسة طبيعة البر وطبيعة عدم البر.. الخ
هل يستطيع الانسان ان يأتي الي الله من ذاته ويصلح ما فعل بتوبة؟
ان كان هناك قاضي وشخص قتل أحدهم فغفر له القاضي هل هذا القاضي طبق العدل؟ هل الله يستوي عنده الشر والخير هل هذا إله يعبد؟ اجره خطيتك اية؟ مش جهنم؟ فعدل الله ان يموت الانسان ولكن رحمته ستجعله يأخذ الموت عنه. ويزيل حكم الموت.
حينما يشوه الطفل لوحه اثرية ويذهب الي والده ليعتذر هذا امر جيد لكن من يعيد اللوحة الاثرية؟ فكيف للتوبة ان تستطيع ان تغير الطبيعة الفاسدة للإنسان؟ تستطيع التوبة ان تمنع الخطية للوقت لكن لا تستطيع ان ترجع الانسان لنقاوته الاولي. فبهد انحدار الانسان الي الفساد كان هناك حاجة لعلاج ضروري لما هو موجود يحتاج الي طبيب والمخلص.
فلا بشر ولا ملائكة قادرين على استعادة تجديد الخلقة الانسانية على صورة الله والملائكة ليسوا على صورة الله وهذا ما استدعاه التجسد. فالله الوحيد الذي لديه القدرة أن يُعيد للإنسان لتلك النعمة ويَرُدّه إلى حالته الأولى فهو الذي خَلَقَ في البدء كل شيء من العدم وهو وحده القادر أن يأتي بالفاسد إلى عدم الفساد.
ماذا يفعل الله؟
إنجيل يوحنا 3: 16 لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية.
الله غير واقع تحت ضرورة الفعل ليفعل بل هو يفعل بناءاً على نعمته المبنية على محبته يريد ان يستعيد الاتي:
1- محبة الله تسترعي استعادة الصورة المفقودة لهذا الانسان الساقط والفاسد الطبيعة. للشركة من جديد
2- كيف يترك الرب الخليقة لتهلك هذا ضد صلاح الرب ومحبته بسبب غواية الشيطان.
3- كيف يترك الانسان للموت وتحت سلطان ابليس
فالله اراد ان يعيد تشكيل الانسان من جديد بحيث ان هذا التشكيل يتناسب مع صلاح الله. وحيث ان الانسان سقط وفسد ولا يصنع صلاح اذاً لا يمكن للإنسان ان يعود مره اخري لكي يتوافق مع طبيعة وصلاح الله بمفرده فلابد من وجود وساطة معينه او حل لجمع الله القدوس البار مع الانسان الخاطئ الذي أفسد ذاته. وأفسد صورة الله التي فيه بسبب خطيته. وكان الحل هو بالصليب..
كانت بداية هذا الحل هو التجسد وذلك لان التجسد هو الذي سيؤدي الي الموت.
رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 23 لأن أجرة الخطية هي موت، وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا.
ماذا يريد الله؟
ان يجعل الانسان المائت بالفساد والخطية كنتيجة فهو مائت بنفسه الي انسان غير مائت وان يوفي الصك عنا.
ان يعيد هذا الانسان الي صورة الله بإعطائه مثال وهو صوره الانسان يسوع المسيح.
ان يعلم الانسان من خلال الانسان يسوع المسيح من هو الله لان الانسان يفهم من خلال الانسان نفسه وكان مسطره الانسانية يسوع مثال للإنسان كيف يحيا.
ماذا فعل الرب لتحقيق هذا؟
في ملئ الزمان اخذ نفس طبيعتنا البشرية هذه لكنه بلا خطية ومن غير زرع بشر ليقضي على الموت بموته على الصليب ويبيد سلطان ابليس فكما قلنا لم يميت الرب الانسان الاول لمحبته الي الابد لكن بناءاً على خطته الالهية جعله يحي بجسده ثم يموت موت جسدي كصك. فجميعنا مستحقين الموت وهذا الموت بسبب تلوث وفساد طبيعتنا ولا نستحق ان نحيا. لكن التجسد يعالج فساد طبيعتنا بالبر والنقاء
وكما ذكرنا ان الخطية مسؤولية شخصية ليست خطية لإنسان الاول فقط بل خطيتي انا ايضاً وانفصالي عن الله بخطيتي واجرة هذا الانفصال الموت الطبيعي فالله خلقني على صورته في البر والنقاوة وقد لوثة هذه الصورة بفسادي وطبيعتي.
فلابد من أن يقدم نفسه ذبيحه عن الجميع، ليبرننا ويحررنا ويثبت أن جسده الخاص أقوى من الموت وأنه عديم الفساد وهو باكورة لقيامة الجميع.
وقال اثناسيوس شارحاً ان الصليب اوقعه عليه الاخرين لم يكن اختيار الرب لكن بعلم الله السابق يعلم ان مجيئه في الزمن المناسب سيكون هذا الامر لاجل تبريرنا وتحريرنا.
كما أن الفساد الذي جرى لم يكن خارج الجسد بل كان ملتصقا به لذا لابد وأن تلتصق الحياة به بدلا من الفساد حتى كما صار الموت في الجسد تصير الحياة داخل الجسد أيضا.
” وقد يقول بعض الناس: إن كان يلزم أن يموت المسيح أمام الجميع، ليرون قيامته بعد ذلك لماذا لم يموت موتاً كريماً بعيداً عن عار الصليب
لو فعل الرب يسوع هذا، لأعطى سببا للتشكيك في سلطانه على الموت وأنه لم يكن يقوى على كل نوع من أنواع الموت، بل فقط على نوع الموت الذي اختاره هو لنفسه، ومن ثم يكون ثمت سند لعدم الإيمان بقيامته، لهذا جاء الموت إلى جسده، لا من قبله هو بل من فعل عدو، حتى يبيد المخلص الموت إبادة تامة في أية صورة يأتون إليه بها
وكما أن المصارع النبيل إذا كان قويا وشديدا لا يختار بنفسه خصومه الذين يبارزهم، لئلا يُظن به أنه يخشى بعضا منهم، وإنما يترك الاختيار للمشاهدين، لاسيما إذا كان هؤلاء المشاهدون خصوما له، حتى يهزم أيا من الناس يختارونه هم لمصارعته، مثبتا بذلك تفوقه وعظمة قوته
هكذا كان الحال مع المسيح. إن المسيح وهو حياة الكل، وهو ربنا ومخلصنا، لم يرتب بنفسه كيفية موته، لئلا يظن بأنه كان يخشى نوعا آخر من الموت غير موت الصليب. حاشا، فقد قبل المسيح واحتمل فوق الصليب موتا أوقعه عليه الآخرون، وهؤلاء الآخرون هم أعداؤه الألداء، موتا كان عندهم مرعبا ومخيفا بحيث لا يمكن مواجهته. وقد صنع المسيح ذلك، حتى إذا ما حطم ذلك النوع من الموت بالذات، آمن الجميع بأن المسيح هو ذاته الحياة.. وتحققوا بأن سلطان الموت قد زال به نهائيا
وهكذا حدث شئ محير، عجيب ومدهش، لأن الموت الذي أوقعوه عليه ليكون عارا وخزيا، أصبح علامة مجيدة على انتصاره على الموت. لهذا فإنه أيضا لم يمت بالكيفية التى مات بها يوحنا المعمدان الذي قطعت رأسه وفصلت من جسده، ولا مات كما مات إشعياء بنشر جسده وشطره نصفين، بل احتفظ في موته بجسده سليماً غير مجزأ. ”
ما هي بعض مفاعيل موت المسيح على الصليب؟
ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت. أشكر الله بيسوع المسيح ربنا”(رو7: 22-25). الانسان في عصر النعمة بطبيعته خاطئ وقديس فنحن خطاه لان الخطية تعمل فينا. ونحن قديسين لان الرب قدسنا بالصليب وبررنا في دمه.
ابطال الموت والفناء الذي اصاب الانسان بفعله الخطية كنتيجة. لأنه مات اخذاً موتي وموتك لكنه انتصر على الموت لنا. فلا يعود سلطان عليك او عليا بالمسيح القائم. مثل خوف الانسان من الصعود الي القمر حتى ذهب نيل أرمسترونغ لهذا القمر ومحي هذا الخوف بذهابه هناك. فأصبح صعوده هو فتح الباب لصعود اخرين.
هكذا فعل المسيح بتجسده وصليبه وانتصاره على الموت فتح لنا الباب للحياة الابدية وحياة الشركة بلا خوف. دافعاً الدين عن كل خطايانا الناتجة عن فساد طبيعتنا. ايضاً رجوعي ورجوعك من الفساد وحاله الخطية الي حاله عدم الفساد بحسب الجهاد الروحي في المسيح الدافع الثمن. فسيحيني الرب من الموت الجسدي الذي انتصر عليه بجسده. وبالقيامة سيبيد هذا الموت.
ومن خلال التجسد أصبح لنا مثال لتجديد الانسان ورجوعة على صورة الله من خلال انسانية يسوع المسيح وهذا من خلال الولادة الثانية وتجديد الخلقة. فكلي القداسة يسوع المسيح الذي دفع ثمن خطيتي يعيدني الي رحاب وفرح الله. عرفنا الله بأوضح صوره وكشف لنا عن طبيعة الله وسلطانه ورفع قيمة هذا الجسد المائت ولا يوجد قيامة الا ان يسبقها موت فهو مات اما شهود لتكون قيامته معلومة لنا. ازال الرب حائط السياج الموضوع وصالحنا معه.
حطم سلطان ابليس على اولاد الله هذا المتسلط على الارواح فهذا كان هدف التجسد والصلب هو تدمير التسلط والخطية والموت. فقد غلب الموت من خلال صلبه وقيامته ودمر ابليس من خلال تحرير الاتقياء وتقيد سلطانه باسم يسوع الناصري. فمن خلال المعمودية نصبح اعضاء في جسد المسيح القائم ومن خلال التناول نثبت به. وهذا يجعلنا نتغير داخلياً ويحول أنفسنا مع حياة الجهاد والتوبة.
فنري بالصليب امتداد يد الله لكي يتصالح مع الانسان في شخص الابن المتجسد فتعاد المصالحة المفقودة بين الله والانسان. ففي الصليب امتدة يد الله لكي يظهر ذاته بانه هو المحب والمخلص الذي يصلح هذا الانسان ويعيد اليه صوره الله المفقودة.
فتبدأ عملية الصلاح من خلال مد يدي الله للإنسان الدنس الخاطئ لكي يتلاقى مع الله المصلوب. فقد صلب الرب في جسده اجرامنا وعيوبنا وكل ما صنعناه. لكي يدرك الانسان مقدار العطية غير المحدودة والرائعة التي اصبحت لنا بالصليب.
ليكن للبركة aghroghorios