مواقف في الصحراء – العظة السابعة والعشرون من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج2
الجزء الأول: مواقف في الصحراء – العظة السابعة والعشرون من عظات أوريجانوس على سفر العدد ج1
الانتقام المُعد للشياطين
قال الكتاب: ” إذ كان المصريون يدفنون موتاهم ” (انظر عد4:33)، “ فالموتى يدفنون موتاهم” (انظر مت8: 22)، أما ” الأحياء فيتبعون الرب إلههم “. وقال الرب بعد ذلك؟ ” وأصنع أحكامًا بكل آلهة المصريين” (خر12: 12). فقد صنع الرب حكمًا عليهم ” لأنه وإن وجد ما يسمى آلهة سواء كان في السماء أو على الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون ” (1كو8: 5)، هكذا قال الرسول، وقال المزمور أيضًا ” كل آلهة الأمم شياطين” (مز96: 5). فليست الأوثان هي التي تسمى آلهة ولكن الشياطين الساكنة فيها تسمى آلهة. وعلى هذه الشياطين “قد صب الرب غضبه”، ولكنني أريد أن أبحث هنا كيف أن الرب صنع حكمًا على الشياطين، في حين إن يوم الانتقام والدينونة لم يأتِ بعد. ويبدو لي أن الانتقام المحكوم به ضد الشياطين هو عندما ينجذب أحد الناس الذي كان يسير وراء إغراءهم في عبادة الأوثان، ويتحول بكلمة الرب ويعود للعبادة التي كان فيها. فهذا التحول نفسه، هو انتقام ضد المُضل ” الذي هو الشيطان “. نفس الشئ إذا انجذب أحد بالشياطين في الزنى ثم رجع وتغير إلى الأخلاق الحميدة وأحب الطهارة وبكى على خطاياه، فدموع التوبة نفسها هذه تكون نارًا محرقة للشيطان نفسه وانتقامًا من الذي تسبب في هذا الضلال.
هكذا أيضًا إذا تحول إنسان من الكبرياء إلى التواضع ومن الترف إلى القناعة، فهو يضرب بذلك الشياطين التي حرضته على هذه الأخطاء بسوط حاد. فلا تتخيل أية آلام مبرحة تكون للشياطين عندما يرون أحدًا قد تبع كلمة الرب ” وباع كل ماله وأعطاه للفقراء، وحمل صليبه وتبع المسيح ” (انظر مت19: 21).
وعندما يرون أي شخص قد صار في طريق كلمة الله، فهذه تُعد آلام مبرحة بالنسبة لهم تفوق كل آلام أخرى. خاصة إذا تعمق هذا الإنسان في دراسة جادة لمعرفة الشريعة الإلهية، وأسرار الأسفار. فمثل هذا يجعل الشياطين يحترقون كما على جمر من نار. فالشياطين تظلم عقول البشر بظلمات الجهل وتنجح في جعلهم يتجاهلون الله ويتركون عبادتهم له. فأي انتقام وأي عقاب ينصب عليهم وأي نار تحرقهم عندما يرون أن هذه الظلمات تنقشع وتنفتح عقول البشر على نور الحقيقة. ويولدون من جديد من الخداع الذي للشياطين إلى المعرفة التي لشريعة الله. فلعل هؤلاء الذين يعيشون في الجهل يملكون كل ذلك وهؤلاء المستمرون في الجهل، يقدمون أنفسهم لأولئك الذين قد عرفوا الله ويحاولون العودة بهم إلى أعمال الجهل. فإذا ارتكب أحد خطية الزنى فهو مرتبط بلا شك بأحد الشياطين. أيضًا عندما يترك الإنسان نفسه يجتاحها غضب حاد أو عندما يسلب حق الآخرين ” لأنه إن لم تكونوا أمناء فيما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم ” (لو16: 12). وأيضًا: ” الذي يغتاب صاحبه سرًا فهذا أقطعه” (مز101: 5)، ” من يضع معثرة لأخيه ” فهذا كله بلا شك له علاقة بالشياطين.
وأيضًا نبذل كل جهودنا لكي لا تحيا فينا ” أبكار المصريين ” مرة أخرى وآلهتهم الذين ضربهم الرب وأهلكهم، أي لا نعطيهم الفرصة أن يعملوا فينا أعمال النجاسة أمام الله.
فإن اعتزلنا بعيدًا، فإننا يمكن أن نقول “الله صنع أحكامًا بآلهة المصريين” والشياطين، ويعاقبون بواسطة تغيير حياتنا وإصلاحها .
المرحلة الأولى:
من صخب الحياة الزائلة
لقد خرج بنو إسرائيل من مصر ورحلوا من رعمسيس ووصلوا إلى سكوت. فهذا التدرج والترتيب لهذه المراحل أمر هام جدًا كي يلاحظه الذين يتبعون الله، ويثابرون على النمو في الفضائل. وأتذكر أني درست هذا الترتيب في موضع آخر وذلك لبنيانكم بالأفكار التي تفضّل الرب ومنحني إياها واليوم نحن نعود لها اليوم بإيجاز.
المرحلة الأولى: وهي الرحيل من رعمسيس، فهي إما رحيل النفس وهي تترك هذا العالم متوجهة إلى الدهر الآتي، وإما تخلى النفس عن خطاياها في هذه الحياة وتحولها إلى طريق الفضيلة ومعرفة الله، فبذلك تكون قد رحلت من رعمسيس. فرعمسيس تعني بالنسبة لها الضجة المزعجة كصخب الحشرات الهائمة. وهذا يعني أن كل ما في هذا العالم هو ضحية للصخب أو الإنزعاج وأيضًا فريسة للفساد والمرموز إليه “بالحشرات الهائمة”. فلا يصح للنفس أن تبقى فيه ولكن عليها أن ترحل منه وتأتي إلى سكوت.
المرحلة الثانية:
“سكوت” تعني الاختبارات حيث يكون أول نمو للنفس هو أن تخلع نفسها من الضجة الأرضية، وأن تعرف أن عليها أن تعيش الاختبار كالرحالة والمسافر، حتى تكون كجندي تحت السلاح والذي يجب أن يبقى في مكانه لمواجهة الذين يهجمون عليه، وأن يكون يقظًا وطليقًا.
المرحلة الثالثة:
الصراع
إذًا، عندما تشعر النفس إنها مهيأة، تترك “سكوت” وتخيم في إيثام. وإيثام تعني مضايق. الأمر يتعلق هنا بالتقدم في الفضيلة ولكن الفضيلة لا تُقتنى إلا بالتداريب والعمل. والفضيلة تزدهر أكثر في الضيقات والصعوبات أكثر من ظروف الراحة والنجاح. إذًا فالمرء يصل إلى مضيق. ففي تلك المضايق والوديان تكون المعركة بين الشيطان والقوى المضادة له. إذًا ففي المضيق، ينبغي أن يتحمل المرء الدخول في كفاح بطولي، ويقاتل بقوة. وهكذا صارع إبراهيم في وادي سيدم” ( أنظر تك8:14) ضد ملوك البرابرة وأحرز إنتصارًا. فالإنسان الروحي المسافر نزل إلى سكان الأمكنة العميقة والمنخفضة دون أن يبطيء هناك بل قد أحرز الإنتصار.
المرحلة الرابعة:
زهد مُلَطّف
” لقد رحلوا من إيثام ورجعوا على فم الحيروث ” (عدد7:33). وكلمة حيروث تعني خزي، فلم يأتوا بعد إلى المدينة. ولم يصلوا بعد إلى الكمال.
ولكن أثناء الانتظار استولوا على بلاد كثيرة، وهذا التقدم يكون في المرور من الأشياء الصغيرة إلى الكبيرة حيث نصل إلى المنفذ، أي إلى مدخل أحدى القرى التي تشير إلى حياة التعفف اللطيف. وهذا في الحقيقة يكون خطرًا في بدايات التعفف الشديد.
أوائل الطموحات
” ورجعوا على فم الحيروث التي قبالة بعل صفون ونزلوا أمام مجدل” (عد33: 7). وبعل صفون هنا تعني “صعود البرج“، فنحن نصعد من الأشياء الصغيرة إلى الكبيرة، ونحن لم نصعد بعد إلى برج المراقبة. وفي الواقع نبدأ في مراقبة ومشاهدة الرجاء الآتي ونقيس ارتفاع النمو، وننمو شيئًا فشيئًا ودائمًا نتغذى على الرجاء أكثر من تعب المجهودات.
هذه الوقفة أو هذه المرحلة هي قبالة “مجدل”. ومجدل تعني “جلال أو “بهاء“. وبالارتفاع إلى البهاء وإلى مراقبة الأشياء المستقبلية، تستعيد النفس مكانتها، وتتغذى على الآمال العالية. لأنها مازالت في التدرج والنمو ولم تصل إلى الكمال بعد.
المرحلة الخامسة:
عبور البحر الأحمر
” لقد رحلوا من الحيروث وعبروا في وسط البحر، ونزلوا في مارة” (عد8:33). فقد قلنا إن زمن التقدم هو زمن الأخطار. فكم تكون صعوبة الاختبار في عبور شواطئ البحر، في رؤية الأمواج المتراكمة، في سماع الصوت المزمجر من هياج الأمواج. ولكن إذا كنت موسى أي شريعة الله، سوف تكون المياه لك سورًا على اليمين وسورًا على الشمال. وسوف تجد طريقًا في وسط البحر. وفي رحلة النفس السمائية التي تكلمنا عنها نستطيع أن نجد مياهًا وأمواجًا؛ لأن جانبًا من هذه المياه هي تحت السماء (انظر تك1: 7). فنحن قد احتملنا الأمواج التي تحت السماء. والله ساهر كي يهدئ هذه الأمواج فلا تقدر أن تحركها أية رياح.
وبالنسبة لنا ففي لحظة عبور البحر، حتى لو كان فرعون والمصريون يطاردوننا (أنظر خر23:14)، فإننا لا ننزعج ولا نعبأ بهذا الخوف. ولنثق فقط في ” الإله الحقيقي وفي الذي أرسله الذي هو يسوع المسيح ” (انظر يو17: 3). وإذا كان الشعب قد وثق في الله وفي خادمه موسى، فنحن بنفس الطريقة نثق في موسى أي في شريعة الله، وفي الأنبياء. ولتكن واثقًا أنك سوف تجد ” المصريين يغرقون في البحر” (أنظر خر30:14). وعندما تراهم هكذا، انهض ورنم الترانيم للرب وسبّح ذاك الذي ” طرح الفرس وراكبه في البحر” (انظر خر15: 1).
المرارة
إذًا، فقد ” خيموا في منطقة مارة ” أي مياه مرة. وعند كلمة “مارة” لا تخف ولا تنزعج ” لأن كل تأديب في الحاضر لا يرى إنه للفرح بل للحزن. وأما أخيرًا فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام” (عب11:12) هذا ما يعلمنا به الرسول. ومن جهة أخرى فإن الفطائر ينبغي أن تؤكل مع أعشاب مرة ” (أنظر خر8:12). فمن غير الممكن أن نصل إلى أرض الموعد بدون أن نعبر على المرارة. وبالمثل، فإن الأطباء يدخلون في أدويتهم عقاقير مرة من أجل صحة المريض وشفائه. وهكذا أيضًا، فإن طبيب أرواحنا أراد أن يتحمل مرارة هذه الحياة الحاضرة من خلال تجارب متنوعة، لأنه يعرف أن هذه المرارة ستعطي لأرواحنا حلاوة الخلاص. وبالعكس فإن الحلاوة والتلذذات التي تتملق الجسد ـ كما نتعلم من مثل الغني الشريرـ تنتهي بمرارة جحيم العقاب. وأنت تتبع طريق الفضيلة لا ترفض أن تخيم في المياه المرة، فسوف ترحل منها مثل بني إسرائيل.
المرحلة السادسة:
ترطيب
” ثم ارتحلوا من مارّة وأتوا إلى إيليم “(عدد33: 9). إيليم هي مكان تجد فيه إثنا عشرة عين ماء وسبعون نخلة ” انظر فبعد مرارة وصعوبة الحروب، كيف تكون التعزية التي تستقبلك. فلن تصل إلى مكان الراحة ما لم تتحمل مرارة ” التجارب المرة “. ولن تصل إلى عذوبة الينابيع إلا إذا عبرت فوق الأحزان والمصاعب. فليست هذه هي نهاية كل شئ ونهاية الرحلة. لكن الذي ينظم تدبير النفوس هو الله ويضع في عبور الرحلة تعزيات بفضلها تحيا النفس وتتعزى وتستعد لمجابهة بقية الجهادات.
رسل، تلاميذ:
إن رؤوس الكباش هي التي تقود القطيع، فما هم إذن قواد قطيع المسيح إلا الرسل الذين هم إثنا عشر ينبوع، والرب مخلصنا لم يقم بإختيار الاثنى عشر فقط بل اختار أيضًا ” إثنين وسبعين تلميذًا آخرين “، ولذلك كُتب أنه يوجد أكثر من 12 ينبوع و 72 نخلة؛ لأن هؤلاء التلاميذ قد سموا رسل أيضًا كما قال بولس في (1كو15: 7). عندما تحدث عن القيامة. وهذا يثبت أنه يوجد رسل آخرون أكثر من الاثنى عشر. هكذا سوف تجد هذه التعزيات بعد المرارة، وهذه الراحة بعد العمل، وهذه النعمة بعد التجارب.
المرحلة السابعة:
على شاطئ البحر الأحمر
البحر الممسوس من الشيطان
“ ثم ارتحلوا من إيليم ونزلوا على بحر سوف “(عد10:33).
لاحظ أنهم لم يدخلوا البحر الأحمر، فيكفي أن يدخلوه مرة فيما بعد، لكي يشاهدوه وينظروا أمواجه دون الخوف من عواصفه وهيجانه.
المرحلة الثامنة:
تجربة الرؤى
” ثم ارتحلوا من برية سين ونزلوا في دفقة “(عد 33: 12). وكلمة سين تعني “دغل” أو تجربة. فها هو رجاء الخيرات الحقيقية بدأ يجعلك تبتسم، ولكن من أين يأتي الرجاء بالخيرات الحقيقية؟ إنه في دغل (عليقة) حيث ظهر الرب وكلم موسى (خر2:3). وكان هذا أول ظهور للرب بالنسبة لبني إسرائيل، ولكن كون سيناء تعني هنا تجربة، فهذا شئ له سبب، فأحيانًا يظهر الشيطان في شبه ملاك نور (2كو11: 4). لذلك يجب أن نكون على حذر ونتصرف بحرص، لكي نميز طبيعة الرؤى بمعرفة، كما فعل يشوع ابن نون عندما رأى رؤية وعرف أنها تخفي تجربة فطلب على الفور معرفة ذلك (الرجل) ومن يكون الذي ظهر. ” وحدث لما كان يشوع عند أريحا أنه رفع عينيه ونظر وإذا برجل واقف قبالته وسيفه مسلول في يده. فسار يشوع إليه وقال له هل لنا أنت أو لأعدائنا “(يش5: 13). هكذا النفس في نموها تصل إلى تمييز الرؤى، فهي ” أي الإنسان الروحي” الذي يحكم في كل شيء (أنظر1كو2: 15). لذلك ” فتمييز الأرواح ” قد ذُكِرَ من بين المواهب الروحية، كموهبة من الروح القدس (أنظر1كو12: 10).
المرحلة التاسعة:
شفـــــــاء
” ثم ارتحلوا من آلوش ونزلوا في رفيديم” (عد 33: 14)، وكلمة رفيديم تعني صحة أو شفاء. هكذا نرى تتابع النمو، فكيف عندما تصبح النفس، روحية وعندما تنال موهبة تمييز الرؤى السماوية فهي تصل إلى الشفاء حتى أنها تستطيع أن تقول ” باركي يا نفس الرب وكل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس، باركي يا نفس الرب ولا تنسي كل حسناته ” (مز103: 1-3). أي رب هذا الذي يشفي كل الأمراض. والذي يعيد الحياة بعد الهلاك؟ فالنفس لها الكثير من الأمراض؛ فالبخل مرض خطير جدًا من بين هذه الأمراض. والغرور، والغضب، والمجد الباطل، والخوف وعدم الثبات وكل ما شابه ذلك هو مرض من أمراض النفس. فمتى شفاك الرب يسوع من كل هذه الأمراض؟
وماذا أستطيع أنا أيضًا أن أفعل في رفيديم؟ وما هي الصحة؟ إنه من الممل أن نذهب من مرحلة إلى أخرى دون أن نكتشف في كل مرحلة، ما توحي به دراسة هذه الأسماء. فنحن نعيد النظر فيها بطريقة موجزة، لكي نقدم لكم تفسيرًا كاملاً متى سمح لنا الوقت وسمحت لنا الفرصة بالدخول إلى المعنى.
المرحلة العاشرة:
أعمـــــــال
” ثم ارتحلوا من ألوش ونزلوا في رفيديم ” (عد33: 14) ، فكلمة ألوش تعني “أعمال”. فإذا قبلت النفس الشفاء من الله، فهي بذلك تحّمل نفسها بالأعمال بفرح وبلا أي مرارة رديئة، فقد قيل في المزمور ” لأنك تأكل تعب يديك طوباك وخيرك لك ” (مز128: 2) فلا تنذهل إذا خلفت الأعمال والأنصاب شفاء لنفسك.
المرحلة الحادية عشر:
كسب الحكم (عد 33: 14)
رفيديم تعني ” مدح الحكم “. فمن العدل أن المدح يتبع الأعمال. ولكن أي مدح؟ إنه الحكم. فالنفس تصير أهلاً للمديح، عندما تحكم جيدًا وتميز حسنًا، فهذا يعني عندما ” تحكم النفس روحيًا في كل شيء ولا يُحكَم فيها من أحد” (1كو2: 15).
المرحلة الثانية عشر:
الشـــريعة
” ثم وصلنا إلى صحراء سيناء ” فسيناء هي الجزء من الصحراء الذي سماه الكاتب سيناء العليا، ولكن هنا تعني بالحرى الجبل الذي يقع في الصحراء، فبعدما أخذت النفس شكل الحكم الحسن، وبدأت تأخذ الحكم القانوني، فهنا يعطيها الله الشريعة في اللحظة التي تكون لها القدرة على إستقبال الأسرار الإلهية والرؤى السماوية.
المرحلة الثالثة عشر:
إطفاء لهيب الشهوة
ثم نصل إلى قبور الشهوة، فما هي قبور الشهوة؟ فبلا شك أن الله يطفئ ويدفن الشهوات، حيث تنطفئ كل رغبة وحيث ” لا يشتهي الجسد ضد الروح” (أنظر غلا7:5)، ” أنتم مُتم بموت المسيح ” (أنظر رو4:7).
المرحلة الرابعة عشر:
الغبطة … الطوبى
” ونزلوا في حضروت ” (عدد27:33). ثم نصل إلى حضروت التي تعني راحة أو غبطة. فضع في اعتبارك أيها المسافر تتابع النمو!. فبعد الدفن وموت الشهوات الجسدية ستصل إلى حضروت، إلى الغبطة والتطويب. فالنفس التي لم تقهرها أي رذيلة جسدانية هي نفس سعيدة مغبوطة.
المرحلة الخامسة عشر:
رؤية كاملة
” ثم ارتحلوا من حضروت ونزلوا في رثمة ” (عد33: 18). فكلمة رثمة، تعني رؤية مُستهلكة. فلماذا لم تكبر النفس إلى الدرجة التي تصير فيها غير حساسة لأوجاع الجسد. إن لها رؤى مستهلكة وهي تفهم المعنى الكامل للأشياء وتعرف أسباب تجسد كلمة الله، والأشكال التي يتخذها تدبير هذا السر بامتلاء وعمق!
المرحلة السادسة عشر:
إمكانية التمييز بين ما هو أبدي وما هو أرضي
من هنا نصل إلى “ ريمون فارص” (عدد29:33). وتعني انشقاق أو انقطاع أو المكان الذي حدث فيه انقسام، وتمييز بين الأشياء السامية السماوية، وبين الأشياء الوضيعة الأرضية، لأنه كلما أتسع إدراك النفس كلما توجت بموهبة معرفة الحقائق العالية والتمييز حتى تعرف أن تقطع الأبدي من الترابي، وتفصل بين ما هو مؤقت عن ما هو باقٍ إلى الأبد.
المرحلة السابعة عشر:
نقـــاء
ثم نصل إلى “لبنة” ثم ” نزلوا في لبنة ” (عدد20:33). ولبنة تعني بياض أو نقاء “…أني بكل ضمير صالح عشت لله إلى هذا اليوم” (أع23: 1). و” ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون….” (مت23: 27). والنقاء هنا هو الذي قال عنه النبي في المزمور ” استر وجهك عن خطاياي وامح كل آثامي” (مز51: 9). ” وهلم نتحاجج يقول الرب إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض مثل الثلج“ (أش1: 18). ” ولباسه أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقي” (دا7: 9)، ويجب أن نفهم أن هذا البياض يأتي من سطوع النور الحقيقي وينحدر من ضياء الروئ السماوية.
المرحلة الثامنة عشر:
حرب منظورة أو جديرة بالمديح
بعد ذلك توقفنا في ” رسة ” “ ثم نزلوا في رسة ” (عد33: 21). وهي تعني بلغتنا حرب مرئية أو جديرة بالمديح. وماذا أيضًا؟ إن ما تحرزه النفس من بعض التقدم ليس معناه إنتهاء الحروب بالنسبة لها. وهذا يعني أن الحروب بالنسبة لهذه النفس تكون نافعة وحامية لها. فكما أن اللحم يفسد ما لم يملح بالملح، والإ فما هي صفته، بدون ذلك؟ هكذا النفس إذا لم تكن قد تملحت بالحروب والتجارب المستمرة، فهي تذوب وتتراخى. لذلك نرى جيدًا أن ” كل قربان من تقادمك بالملح تملحه ولا تخل تقدمتك من ملح عهد إلهك، على جميع قرابينك تُقرب ملحًا ” (لا2: 13).
وأيضًا كلمة بولس في (2كو12: 7) “ولئلا ارتفع من فرط الإعلانات أعطيت شوكة في الجسد ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع“. هذه هي الحرب المنظورة أو الجديرة بالمديح.
المرحلة التاسعة عشر:
السيادة على النفس وعلى الطبيعة
ثم وصلنا إلى ” مقهيلوت ” (أنظر عد33: 25)، وهي تعني أساس أو قضيب. وبهذين المعنيين نجد أمامنا فكرة أن النفس قد أحرزت الكثير من التقدم في السيادة على الجسد وقد أخذت الصولجان. صولجان القوة ليس على الجسد فقط ولكن على العالم كله حيث قالت في (غل6: 14) ” أما من جهتي فحاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم“.
المرحلة العشرون:
إتخاذ وضع الهجوم: “وصلنا الآن إلى جبل شافر” (عد33: 23). وتعني ” دق أجراس الأبواق “، فالبوق يعطي إشارة للحرب. فعندما تشعر النفس بأنها قد تسلحت بأجمل الفضائل فهي تأخذ وضع الهجوم في الحرب ضد ” أجناد الشر الروحية…” (أف6: 12)، أو على الأقل تبوق ببوق كلمة الله مع بوق التبشير لكي تعطي ” بالبوق صوتًا واضحًا ” (أنظر1كو8:14) وتقول لمن يسمعها ” استعد للحرب “.
المرحلة الحادية والعشرون:
الأستعداد للرسالة
” ثم ارتحلوا من جبل شافر ونزلوا في حرادة ” (عد33: 24) وتعني ” له القدرة ” ولذلك قال بولس الرسول في (2كو3: 6) ” الذي جعلنا كفاة أن نكون خدام عهد جديد “.
المرحلة الثانية والعشرون:
التعلق بالمبدأ
” ثم إرتحلوا من حرادة ونزلوا في مقهيلوت” (عد 33: 25) ومقهيلوت تعني ” منذ الأصل أو المبدأ ” إن الذي يمتد في التأمل يتأمل مبادئ الأشياء أو بالحري يرجع كل الأمور إلى ” ذاك الذي كان في البدء” (يو1:1)، ومنذ هذه اللحظة لا يبعد نفسه عن هذا المبدأ أي الأصل.
المرحلة الثالثة والعشرون:
الصبـــــر
“ ثم ارتحلوا من مقهيلوت ونزلوا في تاحت ” (عد 33: 26) ، تعني الثبات أو الصبر، فالذي يريد أن يكون نافعًا للآخرين عليه أن يتألم كثيرًا ويحتمل كل شئ بصبر كما قيل عن بولس في (أع9: 16) ” لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي“.
المرحلة الرابعة والعشرون:
الاختطـــاف
” ثم ارتحلوا من تاحت ونزلوا في تارح ” (عد 33: 27). وهي تعني تأمل الدهش، وهي حالة تكون عليها النفس عندما تصير في ذهول وإعجاب بشئ كبير أو شئ سامي وتُسمّى هذه الحالة الدهش وأيضًا تكون عندما يدهشن العقل بمعرفة الأشياء السامية والعالية الجديرة بالإعجاب.
المرحلة الخامسة والعشرون:
الموت مع المسيح
” ثم ارتحلوا من تارح ونزلوا في مثقة ” (عد 33: 28). وصلنا هنا إلى مثقة، وهي تعني موت جديد. فما هو هذا الموت الجديد؟ هو عندما نموت مع المسيح. ” صادقة هي الكلمة أنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه ” (2تي2: 11).
المرحلة السادسة والعشرون:
فضيلة الصبر
” ثم ارتحلوا من مثقة ونزلوا في حشمونة ” (عد 33: 29). وهنا قد وصلنا إلى حشمونة، وهي تعني العظم أو العظام. فبالتأكيد إن الفضيلة وقوة الصبر هما اللذان يدلان على ذلك.
المرحلة السابعة والعشرون:
طرد الروح الرديء (عد 33: 30)
” ثم ارتحلوا من حشمونة ونزلوا في مسيروت” (عد33: 30). وهي تعني الذي يدفع أو يطرد الروح؟ هذا يشير إلى الإيماءات الرديئة التي يضعها روح الشر في أفكار النفس. لذلك قالت حكمة الله ” إن صعدت عليك روح المتسلط فلا تترك مكانك لأن الهدوء سكِّن خطايا عظيمة ” (جا10: 4). فيجب إذًا أن يحتفظ الإنسان بمكانه ويطرد العدو، لئلا يجد مكانًا في قلبنا كما أثبت الرسول ذلك بقوله “ ولا تعطوا إبليس مكانًا ” (أف4: 27).
المرحلة الثامنة والعشرون:
إلى ينابيع الكلمة
” ثم ارتحلوا من مسيروت ونزلوا في بني يعقان” (عد 33: 31)، وهي تعني ينابيع. فحين تشرب النفس من ينابيع الكلمات الإلهية فهي تقطرها وتشربها… فإننا نصفي كلمة الله ونقطّرها عندما لا نتخلى عن أي وصية أعطيت لنا.
المرحلة التاسعة والعشرون:
الحـــــــرب
” ثم ارتحلوا من بني يعقان ونزلوا في حور الجدجاد“.(عد 33: 32). لقد وصلنا إلى حور الجدجاد وهي تعني حرب أو انحصار. إنها قوة في النفس ووقاية لها. فالنفس امتزجت بالفضائل التي بدونها لا تبدو النفس جميلة وكاملة. ففي نمو النفس في الفضيلة توجد غالبًا مراحل عديدة وسط التجارب والحروب.
المرحلة الثلاثون:
الخيــــرات
” ثم ارتحلوا من حور الجدجاد ونزلوا في يُطبات“(عد 33: 33)، وكلمة يُطبات تعني ” خيرات ” فلن نصل إلى الخيرات إلا بعد اختبار الحروب.
المرحلة الحادية والثلاثون:
عبــــــور
” ثم ارتحلوا من يُطبات ونزلوا في عبرونة “(عد 33: 34) ، وهي تعني العبور. فالعبور أمر مستمر بالنسبة للنفس، فحتى لو وصلنا إلى الخيرات، يجب أن نعبر منها إلي خيرات أفضل، حتى نصل إلى الخير الذي يبقى إلى الأبد.
المرحلة الثانية والثلاثون:
النضـــــوج
” ثم ارتحلوا من عبرونة ونزلوا في عصيون جابر“(عد 33: 35)، وعصيون جابر تترجم أغراض الإنسان. إننا نصل إلى أغراض الإنسان عندما يكف الإنسان عن أن يكون طفلاً في الأفكار، كما يقول الرسول ” لما كنت طفلاً كطفل كنت أتكلم” (1كو13: 11). ولكن توجد أغراض سامية جدًا وذات قيمة عالية للإنسان كما قيل في الأمثال، ” المشورة في قلب الرجل مياه عميقة وذو الفطنة يستقيها” (أم20: 5).
المرحلة الثالثة والثلاثون:
حــــروب
“…… ونزلوا في برية صين وهي قادش“(عد 33: 36). من هنا عدنا إلى سيناء وسيناء هي من جديد “الحرب”. وقد قلنا كثيرًا إنه ليس حسنًا عمل هذه الرحلة في أحوال أخرى، ونأخذ مثالاً لذلك. الصائغ الذي يريد أن يصنع قصرية من الورود، فغالبًا ما يقربها من النار. فأحيانًا يتم العمل بالمطرقة وأحيانًا بالحامض، كي يجعلها أكثر نظافة ولكي يعطيها الأشكال الجميلة التي يحلم بها الفنان.
المرحلة الرابعة والثلاثون:
(عد 33: 36) الخصوبة
وهي تعني الخصوبة المقدسة. ونحن نرى من أين أتينا وإلى أين نذهب ونرى أن الخصوبة الروحية تأتي بعد تجعدات الحروب.
المرحلة الخامسة والثلاثون:
جبــــل الله
“….. ونزلوا في جبل هور في طرف أرض أدوم” (عد33: 37). وفي النهاية أتينا إلى جبل الله حتى يصبح هو نفسه “جبل دسم” “جبل ضخم”، حيث يمكننا أن نسكن دائمًا على جبل الله.
المرحلة السادسة والثلاثون:
ظل المسيح والروح القدس (عد 33: 41)
بعد هذه المرحلة تأتي مرحلة “ صلمونة ” (عدد41:33). وتفسيرها ظل الأرض. فالأمر يتعلق هنا كما أعتقد بالظل الذي قال عنه النبي: ” روحنا، مسيح الرب، …الذي قلنا عنه، سوف نعيش في ظله بين الأمم ” (أنظر مراثي 20:4س). وهذا الظل يشبه الظل الذي قيل عنه ” روح الرب يظللك” (أنظر لو35:1). فإن الذي يظللنا ويحمينا بمظلته من كل لهيب التجارب والإغراءات، هو المسيح الرب والروح القدس.
المرحلة السابعة والثلاثون:
الرصانة في كشف الأسرار
“….. ثم ارتحلوا من صلمونة ونزلوا في فونون“(عد 33: 42). وفونون تترجم باعتدال الفم. فالذي استطاع أن يتأمل سر المسيح والروح القدس والذي رأي أو سمع “…. وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم عنها” (2كو12: 4)، فلابد أن يكون له عفة الفم ويعرف متى وكيف يتكلم عن الأسرار الإلهية.
المرحلة الثامنة والثلاثون:
أوبـــوت
“….. ثم ارتحلوا من فونون ونزلوا في أوبوت“(عد 33: 43) ، رغم أن أننا لم نجد ترجمة لهذا الاسم، فلا نشك أننا نجد فيه كما في الأسماء الأخرى متابعة النمو.
المرحلة التاسعة والثلاثون:
الهـــــاوية
” ثم ارتحلوا من أوبوت ونزلوا في عييّ عباريم في تخم موآب” (عد 33: 44). وكلمة عييّ تعني الهاوية. فالنفس بتقدمها تقترب من “حضن إبراهيم”. وإبراهيم يقول للذين يتعذبون ” وفوق هذا كله بيننا وبينكم هوة عظيمة …..” (لو16: 26)، والنفس تريد أن ترتمي في حضنه كالمغبوط لعازر.
المرحلة الأربعون:
الخلية في الحروب
“…. ونزلوا في ديبون جاد“(عد 33: 45). وديبون جاد تعني خلية الحروب. كم هي مدهشة قدرة العناية الإلهية! إن المسافر ملتزم في هذه المرحلة باتجاه السماء، إنه بتتابع الفضائل يقترب من الكمال الفائق، بعيدًا عما تحدثه فيه الحروب من خسائر. إن النحلة قد ذُكرت في الأسفار كحيوان نافع. وبفضل أعمالها يجد الملوك والناس العاديين الشفاء. وبالمعنى الحقيقي إن هذا يمتد في كلمات الأنبياء والرسل وكل هؤلاء الذين كتبوا الكتب المقدسة. ما هي خلية النحل إذًا؟ هي الدورة الكاملة للأسفار اللإلهية. إنها التفسير الذي يبدو لي مناسبًا. وتوجد حرب إذًا للذين امتدوا إلى الكمال في نفس هذه الخلية أي في كلام الأنبياء والرسل.
إننا نجد الإثبات الذي يخبرنا عن حرب قوية جدًا ” ولئلا ترفع عينيك إلى السماء وتنظر الشمس والقمر والنجوم كل جند السماء التي قسمها الرب إلهك لجميع الشعوب التي تحت كل السماء فتعثر وتسجد لها وتعبدها” (تث4: 19). أرأيت الحرب الخارجة من هذه الخلية؟ وقال أيضًا من جديد في (خر22: 28) ” لا تسب الله ولا تلعن رئيسًا في شعبك“. وأيضًا في خلية العهد الجديد (يو8: 40) “ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله“.
وقال الرب أيضًا ” من أجل هذا أكلمهم بأمثال لأنهم مبصرين لا يبصرون وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون. فقد تمت فيهم نبوة إشعياء القائلة تسمعون سمعًا ولا تفهمون. ومبصرين تبصرون ولا تنظرون. لأن قلب هذا الشعب قد غلظ، وآذانهم قد ثقل سماعها، وغمضوا عيونهم لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم” (مت13: 13-15).
وتحدث الرسول بولس عن ” الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضئ لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله “(2كو4:4). باختصار سوف نجد كثير من هذه الحروب في الخلية الإلهية. فيجب أن كل ما هو مقدس يأتي منها حتى نعرف بهذه الطريقة في أي درجة من الكمال والتقوى قد وصلنا في فكرتنا عن الله.
المرحلة الحادية والأربعون:
احتقار خيرات العالم
” ثم ارتحلوا من ديبون جاد ونزلوا من علمون دبلاتايم “(عد 33: 46). وعلمون دبلاتايم تترجم احتقار التين، فيجب أن نحتقر خيرات الأرض ولا نعرها أي اهتمام بالمرة، وإذا لم نحتقرها ولم نعطِ أي اهتمام لكل ما يبدو لنا مناسبًا على الأرض، فإننا لن نستطيع أن نعبر إلى الحقائق السمائية.
المرحلة الثانية والأربعون:
الغبطة بعيدًا عن العالم
” ثم ارتحلوا من علمون دبلاتايم ونزلوا في جبال عباريم أمام نبو“(عد 33: 47). وجبال عباريم تعني ” العبور” ونبو تعني “انقسام” فعندما تسافر النفس عبر كل هذه الفضائل، وتبلغ قمة الكمال فهي تمضي خارج هذا الزمان وتنفصل عنه كما نقرأ عن أخنوخ ” وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه“(تك24:5). فإنسان من هذا النوع، يبدو أنه حاضر في الزمن ويسكن في الجسد، لكننا لم نجده بعد ذلك. فأين يكون إذًا؟ ما يوجد إن في أعمال العالم هي الحقائق الجسدية، والتحفظات الباطلة، فالله أخذ هذا الإنسان بعيدًا عن كل ذلك وأجلسه في بلد الفضائل.
المرحلة الأخيرة:
” ثم ارتحلوا من عياريم ونزلوا في عربات موآب على أردن أريحا” (عدد 33: 48). فكل هذه المسيرة هدفها الوصول إلى شاطئ الله، وإقترابنا من مجاري الحكمة، حتى نسبح في العلم الإلهي، ونتنقى من كل شئ ونستحق الدخول في أرض الموعد “أي الاتحاد بالله”.
شرح نهائي
إنني أترك هنا بقية التعليم لحكمة وتأمل الحكماء. لإجل ” إعطاء الفرصة للفهماء” (أم9:9). ” لأنه ليس حسنًا أن تظل أفكار القراء جامدة وخاملة، ” فالله لا يعطي الروح بكيل” (يو3: 43)، ونأمل أن ينفح الروح فيكم أنتم أيضًا لتستطيعوا اكتشاف أفضل الأفكار وأعلاها عن كلام الرب، فضلاً عن أنكم تسافرون عبر هذه البلدان التي وصفناها بطريقتنا الضعيفة، ونحن نستطيع أن نتقدم معكم في هذا الطريق السامي وتحت قيادة ربنا يسوع المسيح الذي هو ” الطريق والحق والحياة” (يو6:14)، حتى نصل إلى الآب. ” وبعد ذلك النهاية متى سلم الملك لله الآب، متى أبطل كل رياسة، وكل سلطان وكل قوة ” (1كو15: 24)، الذي له المجد والكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.
مقارنة مع المتقدمين في الدراسات
13 ـ خوفًا من أن هذا الشرح الذي ينطوي على معنى الكلام العبري يبدو غامضًا للذين يجهلون هذه اللغة، ولكن بلغتنا سوف يعطوننا مقارنة تضئ لنا معنى هذه الرواية. وفي الحروف عندما يتعلم الأطفال القراءة يسمون ذلك التهجي الذي يتقدم فيه الطفل تدريب. نفس الشئ في الدراسات الكريمة والسخية حسب ما سمعنا سواء خطبة قلناها أو مديح أو أي اختبار آخر، فهذا يأخذ جزءً من دائرة الدراسات. ونحن نفهم أي تقدم يحرزه الشاب في بيان وحيد من الموضوع، ولماذا إذًا نرفض الاعتقاد أن هذه الأسماء للأمكنة التي هي بمثابة مواضيع اختبار تستطيع أن توضح تقدم الدراسات في العالم الإلهي؟ والدراسون يتوقفون فيها في كل موضوع للاختبار ويعملون منها نوعيات مختلفة للمراحل يمرون من واحدة للأخرى.