أبحاث

قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج2

قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج2

قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج2

قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج2
قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج2

الجزء الأول: قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج1

الجزء الثالث: قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج3

5. المجمع يتبنى صيغة للإيمان:

وبعد نجاح السياسة الإمبراطورية في انتزاع موافقة المجمع على طومس ليو، كانت هناك خطة أخرى أيضاً لدى الإمبراطورين (ماركيان وبولخريا) لكي يجعلا المجمع يقر صيغة عقائدية يتم بواسطتها توحيد الكنيسة في الشرق تحت القيادة العليا لكرسي القسطنطينية. ورغم أنه في 10 أكتوبر كان الأساقفة مجمعين عملياً على معارضة فكرة صياغة تعريف (جديد) للإيمان، لكن ممثلو الإمبراطور أصروا على ذلك، ولهذا حضر الأساقفة الشرقيون في جلسة يوم 22 أكتوبر ومعهم مسودة صياغة لإقرارها من المجمع.

(أ) توتر الموقف:

وبمجرد أن بدأ الاجتماع (22 أكتوبر)، حتى شرع الشماس أسكلبيادس (Asclepiades) في قراءة مسودة تعريف الإيمان (التي أحضرها الأساقفة الشرقيون)، وحيث إن هذه الوثيقة غير موجودة الآن فلا نستطيع أن نتحقق من محتوياتها على وجه الدقة، ولكن على الرغم من ذلك يمكننا من خلال الجدال الذي دار بعد قراءتها أن نستنتج:

أنها لم تكن تحتوي على عبارة الأنطاكيين “طبيعتين بعد الإتحاد” ولا على عبارة “في طبيعتين” التي في طومس ليو، ولكنها كانت تحتوي فقط على عبارة البابا ديسقوروس “من طبيعتين”؛ كما إنها لم تستخدم كذلك مصطلح ’ثيؤطوكس‘ في الإشارة إلى العذراء مريم؛ ومن الواضح أيضاً أن الأساقفة الذين أقروا تعريف الإيمان الثاني أوضحوا أنهم كانوا يريدون أن يستقروا على الأول.

وعندما انتهت قراءة المسودة، اعترض يوحنا أسقف جرمانيكيا (Germanicia) على إقرارها،[1] وهنا تقدم أناتوليوس محاولاً أن يدفع الموضوع وسأل المجمع قائلاً: “هل هذا التعريف يرضيكم؟”، وفي الحال رد الأساقفة باستثناء مندوبي روما وبعض الشرقيين بأنه تعريف مقبول، وأنهم يريدون إقراره،[2] وسأل أناتوليوس ثانية: “هل هذا التعريف أرضاكم جميعاً بالأمس؟”، فرد عليه الأساقفة بالإيجاب الشديد، وأضافوا أنه ينبغي إقرار مسودة الصيغة بدون أي حذف، ولكن مع إدخال مصطلح ’ثيؤطوكس‘ في الإشارة إلى العذراء مريم.[3]

وأحس مندوبو روما بخيبة أمل شديدة، فوجهوا كلامهم إلى ممثلو الإمبراطور قائلين: “إذا كانوا لا يتفقون مع الرجل الرسولي، كلي الطوبى رئيس الأساقفة ليو، فاسمح لنا أن نقدِّم استقالتنا رسمياً لكي نعود (إلى بلادنا) ويكتمل المجمع”.[4]

وكان هذا بالفعل تهديداً لم يكن ممثلو الإمبراطور يسمحون بحدوثه دون تدخل، فاقترحوا تعيين لجنة تقوم بوضع صياغةٍ ثانيةٍ، ولكن المجمع لم يذعن لهذا الاقتراح وهتف قائلاً: “إن تعريف الإيمان هذا قد أرضى كل واحد، وهذه الكلمات هي إلى الإمبراطور، هذا هو تعريف الأرثوذكس”.[5] وعندئذ صعد يوحنا أسقف جرمانيكيا إلى ممثلي الإمبراطور ليحدثهم حديثاً خاصاً، وهنا فقد المجمع طول أناته وهو يرى هذا المشهد وعبَّر الأساقفة بحرية عن معارضتهم الشديدة لنسطوريوس، الذي يعتقدون أن يوحنا كان يؤيده.[6]

وبدأ ممثلو الإمبراطور يجادلون الأساقفة قائلين: “لقد قال ديسقوروس أنه تم عزل فلافيان لأنه كان قد أقر بطبيعتين؛ وتعريف الإيمان هذا يتضمن عبارة ’من طبيعتين‘ (التي قالها ديسقوروس)”،[7] وهنا كانت لدى أناتوليوس إجابة سريعة حيث قال لهم إن ديسقوروس لم يُحرم بسبب أمر يتعلق بالإيمان، ولذلك فليس من الخطأ في شيء أن نحتفظ بالموقف الذي أكده هو![8]

وجادل ممثلو الإمبراطور ثانية قائلين: “ألم تقبلوا رسالة رئيس الأساقفة ليو؟”، فأجابهم الأساقفة: “نعم، لقد قبلناها وصدَّقنا عليها”، فاستمر ممثلو الإمبراطور: “ولكن ما كانت تحتويه ليس موجوداً في هذا التعريف الحالي”. ورغم أن هذه النقطة كانت منطقية تماماً، إلاّ إن الأساقفة لم يكونوا يريدون أن يستسلموا (ويقوموا بصياغة تعريف ثانٍ)، فصاحوا قائلين: “لا ينبغي صياغة تعريف آخر، لن يتخلى أحد عن هذا التعريف”، وأضاف الأساقفة بعنف بما فيهم يوسابيوس أسقف دوريليم ألد أعداء البابا ديسقوروس: “لن يتم عمل تعريف آخر”.

وقام الأساقفة بالإجابة على النقطة التي أثارها ممثلو الإمبراطور فقالوا” لقد أكد التعريف على الرسالة (التي لبابا روما). إن رئيس الأساقفة ليو  يؤمن كما نؤمن نحن. لنوقع على تعريف الإيمان؛ هذا التعريف هو للجميع. لقد أقر ليو  بتعليم كيرلس؛ إن كولستين (Coelestine) وكيرلس قد أكدا الإيمان؛ زيستوس (Xystus) وكيرلس قد أكدا الإيمان.

معمودية واحدة، رب واحد، إيمان واحد. أزيلوا ما يشوب هذا التعريف”.[9] وكانت النقطة التي أكدها الأساقفة هنا في غاية الوضوح، فقد كانت مسودة تعريف الإيمان تتضمن أن طومس ليو  هو وثيقة مقبولة، ولذلك كانوا يتوقعون من ليو  نفس التصرف بإقراره أرثوذوكسية وثيقتهم، وكان هذا يعني بالتأكيد أن الأساقفة الشرقيين لم يقبلوا الطومس كمقياسهم العقائدي.

وهنا وبالاعتماد على قوة التفويض الإمبراطوري، حاول ممثلو الإمبراطور إقناع الأساقفة بالموافقة على تعيين لجنة لإعداد صيغة تعريف جديد للإيمان غير التعريف الأول، ولكن لم تأتِ هذه المحاولة بنتائجها المرجوة، حيث صاح الأساقفة: “ليعش الإمبراطور لسنين عديدة، فإما أن يُقبل هذا التعريف، أو أننا سنرحل”.

وقد وجَّه سِسروبيوس (Cecropius) أسقف سيباستوبوليس ـ وهو أحد الرجال الذين ذهبوا في المرة الثانية لاستدعاء البابا ديسقوروس يوم 13 أكتوبر ـ هذا التهديد بحدة شديدة قائلاً: “نحن نعتقد أنه تعريف مناسب، ونحن قد قرأنا التعريف، فأولئك الذين يعارضونه ولا يستطيعون أن يوقِّعوا عليه يمكنهم الرحيل. نحن نتفق أنه قد كُتب بدقة، ولا يوجد أحد بيننا لديه أي شكوك من جهته”.[10] وعبَّر أساقفة إيليريكم أيضاً عن وجهة نظرهم بحرية وصاحوا: “إن أولئك المعارضين هم مكشوفون؛ إنهم نساطرة. فلندعهم يمضون في طريقهم إلى روما”.[11]

ومن المحيِّر أن نجد ممثلو الإمبراطور ـ الرجال العلمانيين الذين بحسب رأي الأساقفة يوم 13 أكتوبر، لم يكن من المطلوب وجودهم أثناء سماع قضية البطريرك ديسقوروس[12] ـ يبذلون هنا قصارى جهدهم، فقد أشاروا إلى أن البابا ديسقوروس قال أنه يقبل ’من طبيعتين‘ ولكنه لم يعترف بـ ’طبيعتين‘، وقد أكد ليو أن طبيعتين قد اتحدتا بغير اختلاط ولا تغيير ولا انفصال في المسيح ربنا الابن الوحيد، فأي منهما تتبعونه: القديس ليو أم ديسقوروس؟.

وكان هذا السؤال غير متوقع بالمرة، ولم يكن الأساقفة مستعدين له تماماً. وهنا لم يصبح الأمر أمام الأساقفة هو الاختيار بين ’من طبيعتين‘ أو ’في طبيعتين‘، ولكن بين البابا ديسقوروس الذي تم التصديق بالفعل على إدانته وليو  بابا روما الذي أعلنوا رسالته كوثيقة للإيمان. وعندما وُضع السؤال على هذا النحو، كانت الإجابة المباشرة التي أقروها هي: “نحن نؤمن كما يؤمن ليو، وأولئك المعارضون هم أوطيخيون. إن ليو قد حفظ الأرثوذوكسية”.[13]

 

(ب) الأساقفة يصلون إلى اتفاق:

كان خضوع الأساقفة بالفعل أمراً مفاجئاً وغير متوقع، وهذا ما دعا هيفلي (Hefele) لأن يتخيل أن هناك جزء مبتور في محاضر الجلسات.[14] ورغم أن هذه الحادثة يمكن تفسيرها ـ في رأينا ـ بدون الالتجاء لمثل هذا التخمين، إلاّ إنها تدعو في وجهة نظرنا إلى تعليق أهم من ذلك بكثير.

فالعبارة التي نطق بها ممثلو الإمبراطور والتي انتزعت تنازل الأساقفة، كانت تتضمن مفهوم أن البابا ديسقوروس قد عارض تأكيد اتحاد الطبيعتين بغير اختلاط ولا تغيير ولا انفصال، وهذا في الحقيقة يعد تحريف وتشويه غير مبرر، لأنه في يوم 8 أكتوبر ـ وبالتحديد قبل خمسة عشر يوماً من كلامهم هذا ـ قال البابا ديسقوروس بوضوح لا لبس فيه أنه هناك اتحاد للطبيعتين، وأن هذا الاتحاد لم يُحدث اختلاطاً، ولا تغييراً، ولا انفصالاً، ولا امتزاجاً.[15]

وقد كان البابا ديسقوروس هو أول من أقر بهذا في خلقيدونية، وبالتالي كان أسبق في تأكيده لهذه الكلمات الأربعة من تعريف الإيمان الخلقيدوني نفسه.

وبعد أن أعطى الأساقفة موافقتهم، طلب ممثلو الإمبراطور منهم أن يصيغوا تعريفاً جديداً، على أن يحافظوا فيه على “تأكيد الأب الأقدس ليو  بأن هناك اتحاداً للطبيعتين في المسيح بدون تغيير أو انفصال أو اختلاط”.[16] وهنا ذهب ممثلو الإمبراطور مع أناتوليوس وخمسة عشر رجلاً آخرين إلى المصلى الخاص لكنيسة ق. أوفيمية ووضعوا صيغة جديدة، وقُرئت تلك الصيغة على المجمع وتمت الموافقة عليها، وكان هذا هو تعريف الإيمان الخلقيدوني.

(ج) بعض التعليقات:

إن هناك شيء ما جعل تعريف الإيمان الخلقيدوني يتبنى عبارة ’في طبيعتين‘ بدلاً من عبارة ’من طبيعتين‘ التي كانت في مسودة الأساقفة، وحيث إنه لم تكن هناك مناقشات في المجمع ـ من خلال المحاضر ـ حول عبارة ’في طبيعتين‘، فلا سبيل لدينا لمعرفة السبب وراء موافقة الأساقفة على هذه العبارة بدلاً من عبارة ’من طبيعتين‘.

ويرى النقاد الشرقيون للمجمع أن في ذلك خيانة لمعيار (أو تقليد) الإيمان الراسخ،[17] وأمام هذا الاعتراض يحاول المؤيدون للمجمع أن يزعموا أن العبارتين تعنيان نفس الفكرة.[18] ولو كان هذا الكلام صحيحاً، أي أنه لو لم يكن هناك فرق حقيقي بين عبارة البابا ديسقوروس ’من طبيعتين‘ وعبارة المجمع ’في طبيعتين‘، ومع قليل من الصبر من جانب الفريق المنتصر، كان من الممكن تجنب حدوث الانقسام.

ومن المثير حقاً أن الأساس الذي تمت عليه إدانة البابا ديسقوروس لم يكن أنه رفض إقرار عبارة ’في طبيعتين‘ أو أنه أصر على عبارة ’من طبيعتين‘. كما أن ممثلي الإمبراطور لم يعتبروا الموقف الذي يتمسك به البابا ديسقوروس موقفاً هرطوقياً، ولكن ما فعلوه هو أنهم أخبروا الأساقفة أن ما يشددون عليه (في مسودتهم) هو نفس ما كان البابا ديسقوروس ـ الذي تخلوا عنه ـ يتمسك به على الدوام.

وهكذا وبدون أن ينسبوا هرطقة للبابا ديسقوروس، نجح ممثلو الإمبراطور بطريقة بارعة في أن يفوزوا بالنقطة التي كانت السلطة الإمبراطورية في القسطنطينية في ذلك الوقت ترغب في أن تحفظها دفاعاً عن بابا روما.

وسوف نولي تعريف الإيمان الخلقيدوني الاهتمام المناسب فيما بعد، لكن ما يهمنا أن نلاحظه في السياق الحالي هو أن الإمبراطورين (ماركيان وبولخريا) كانا يريدان بالفعل أن تكون هناك صيغة للإيمان تخرج من المجمع وكان هدفهما أن تكون الكنيسة كلها في الشرق تحت قيادة القسطنطينية.

ومن هذا المنطلق كانا حريصين أن تكون هناك لجنة تضم أعضاءً من مختلف التقاليد الموجودة في الكنيسة لكي تقوم بإعداد الوثيقة التي يتبناها المجمع. وقد تبدو هذه الفكرة العاطفية جديرة بالإطراء، ولكن الإمبراطوران كانا في الحقيقة ضد الإسكندرية وضد ق. كيرلس، وكانا بلا شك حريصين على أن يُسقطا الإسكندرية من السيادة التي تتمتع بها في الشرق وأن يضعا القسطنطينية مكانها، أضف إلى هذا حقيقة أن المجمع كانت تسيطر عليه قوى لم تكن على وفاق مع تعاليم آباء الإسكندرية.

ولكن في نفس الوقت، كان للتقليد السكندري وبخاصة ق. كيرلس تأييد كبير في الشرق، وكان هناك رجال ضمن اللجنة المجمعية التي صاغت تعريف الإيمان متمسكين بهذا التقليد، وقد نجح هؤلاء الرجال في أن يدخلوا بعض التأكيدات القليلة النابعة من تقليدهم داخل تعريف الإيمان الخلقيدوني، وقد سمح هذا الأمر للاهوتيين الخلقيدونيين في القرن السادس في الشرق أن يتبنوا موقفاً عقائدياً معارضاً للنسطورية على نفس مستوى موقف غير الخلقيدونيين المعارضين للمجمع.

وقد زعم تعريف الإيمان الخلقيدوني تواصله مع التقليد الثابت المبكر للكنيسة، وبالأخص مع مجمع أفسس عام 431م. وكان كل من المجمع المكاني عام 448م ومجمع أفسس الثاني عام 449م قد زعم نفس التواصل أيضاً ولكن كل منهما بمفهومه الخاص، ولذلك فالسؤال الهام يتعلق بالمفهوم الذي على أساسه يُقال عن خلقيدونية أنه متواصل مع مجمع عام 431م.

ومن الواضح أن مندوبي روما، وممثلي الإمبراطور، والرجال المنتمين للتقليد الأنطاكي، كانوا كلهم متمسكين فقط بالفهم الأنطاكي لصيغة إعادة الوحدة عام 433م، وكان تحالفهم قوياً لدرجة أن السكندريين لم يتمكنوا من عرض وجهة نظرهم بأي طريقة مؤثرة. ولهذا تم وضع تعريف الإيمان ليكون غامضاً مبهماً عن عمدٍ، لكي يمكن للرجال ذوي التقاليد المختلفة أن يؤيدوه، كما لم يشيروا فيه كذلك لأي مدلول متفق عليه.

وهذه المرونة التي أظهرها تعريف الإيمان الخلقيدوني، كانت أيضاً في نفس الوقت نقطة ضعفه الواضحة. فقد كان هناك رجال في الشرق متأصلين في تعليم آباء الإسكندرية، وهؤلاء وجدوا هذا التعريف غير كافٍ ليصون تراث الكنيسة العقائدي، كما رأوا أيضاً أن تعامل المجمع مع الأشخاص ـ أي إدانة البابا ديسقوروس من ناحية، وتبرئة ثيؤدوريت أسقف قورش وإيباس أسقف الرها من الناحية الأخرى ـ من المتعذر تبريره، ولهذا عارض هؤلاء الرجال مجمع خلقيدونية بتصميم وثبات لا تثنيه أي قوة على الأرض.

 

[1] المرجع السابق صفحة 319: 4. قال يوحنا أسقف جرمانيكيا: “لم يوضع التعريف بشكل جيد ويحتاج أن يكون صحيحاً”. لمراجعة تعليقنا على يوحنا انظر صفحة  المرجع رقم .

[2] المرجع السابق صفحة 319: 6. صاح الأساقفة: ” التعريف يستوفي كل شيء؛ هذا هو إيمان الآباء. ومن لديه فكر آخر فهو هرطوقي، وإذا فكر أي شخص على نحو مختلف فليكن محروماً (أناثيما). ليُطرد النساطرة. هذا التعريف يستوفي كل شيء. ومن لا يدين نسطوريوس فليطرد من هذا المجمع.”

[3] المرجع السابق صفحة 319: 7-8. يبدو أن الأساقفة الذين وقعوا على الطومس كانوا قد اجتمعوا في اليوم السابق على هذه الجلسة، حيث قاموا بإعداد المسودة عازمين على الضغط على المجمع للتصديق عليها في اليوم التالي.

[4] لقد وضحت هنا وجهة نظر روما في النزاع الدائر، فالأمر ليس أن المجمع ينبغي عليه أن يقوم بصياغة الإيمان في ضوء التقليد الراسخ، ولكنه يتعين عليه أن يتبنى وجهة النظر اللاهوتية التي قالها البابا سواء كانت تتفق مع التقليد أو لا.

[5] المرجع السابق صفحة 319: 11. كان موضوع تعيين لجنة (تقوم بصياغة ثانية) هي من اقتراح الأباطرة.

[6] المرجع السابق صفحة 319: 12. صرخ الأساقفة: “فليُطرد النساطرة، فليُطرد المحاربون ضد الله. التعريف الذي وضع بالأمس يرضي كل واحد. الإمبراطور أرثوذكسي والإمبراطورة أرثوذكسية وقد قامت الإمبراطورة بإبعاد نسطوريوس. وممثلو الإمبراطور هم أيضاً أرثوذكس. فلتحيا الإمبراطورة، وليحيا الإمبراطور وليحيا ممثلو الإمبراطور. نحن نريد أن نوقع على التعريف وهو فوق البشائر (الإنجيل). هذا التعريف يرضي كل واحد. فلتأمروا بتوقيع هذا التعريف. ويجب ألا يُسمح بأي حذف في هذا التعريف.

ومن لا يوقع على هذا التعريف فهو هرطوقي. والقديسة مريم هي والدة الإله (ثيؤطوكس)، ومن لا يفكر على هذا النحو فهو هرطوقي… الروح القدس هو الذي أملى هذا التعريف، ومن لا يوقع عليه فهو هرطوقي. مريم هي والدة الإله (ثيؤطوكس)؛ فليوضع هذا فى التعريف. وليُطرد النساطرة. المسيح هو الله.”

[7] كانت حجة ممثلي الإمبراطور هي، أنه بينما كان ديسقوروس يعارض عبارة “طبيعتين بعد الإتحاد”، كان يصر على “من طبيعتين “. وكانت مسودة الأساقفة تحتوي فقط على “من طبيعتين”، ولذلك فإن عزل ديسقوروس كان غير مبرر.

[8] انظر صفحة . للإطلاع على العبارة الكاملة انظر صفحة المرجع رقم .

[9] ACO. II, i, p. 320: 20.

[10] المرجع السابق صفحة 321: 24.

[11] المرجع السابق صفحة 321: 25.

[12] انظر صفحة المرجع رقم .

[13] ACO. II, i, p. 321: 26.

[14] A History of the Councils…, op. cit., p. 345.

الواضح من العرض المذكور في المحاضر أن أساقفة الشرق كانوا يعرفون فقط فن الصياح، ولكن ليس فن التفكير الواضح، أو الدفاع عن الفكرة بحجج سليمة.

[15] انظر صفحة .

[16] ACO. II, i, p. 321: 28.

يجب أن نتذكر أنه بالنسبة للبابا ديسقوروس، فإن إتحاد الطبيعتين لم يكن فقط بدون تغير أو انقسام أو اختلاط ولكنه أيضاً بدون امتزاج .

[17] كان هذا هو الأساس الذي بنى عليه البابا ديسقوروس رفضه لعبارة “طبيعتين بعد الإتحاد”. انظر صفحة .

[18] كانت هذه الحجة قد وُضعت في الأزمنة القديمة بواسطة إفاجريوس (Evagrius)، وفي الوقت المعاصر يذكرها بول جاتييه (Paul Galtier) في مقاله المنشور في:

(Des Konzil von Chalkedon)

قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج2