ملاحظات تمهيدية لبداية مجمع خلقيدونية
بعض الملاحظات التمهيدية:
بحلول يوم 1 سبتمبر عام 451م كان قد وصل إلى نيقية وفود من أماكن عديدة من الكنيسة أغلبهم من الشرق ليشاركوا في المجمع الذي دعا إليه الإمبراطور، ولكن جاءتهم الأوامر ليكملوا طريقهم إلى خلقيدونية.
وكانت خلقيدونية مدينة بحرية قديمة تقع في إقليم بيثينية في آسيا الصغرى على الشاطئ الشرقي للبسفور، وكانت تقريباً في مقابل القسطنطينية وعلى مسافة ميلين منها. وكان الغزو الذي حدث لإيليريكم (Illyricum) من الهون (شعب مغولي) هو الذي جعل الإمبراطور مركيان يغير مكان انعقاد المجمع من نيقية التي تبعد مسافة ستين ميلاً عن القسطنطينية إلى مدينة قريبة من العاصمة، ومن ثم يستطيع أن يباشر مهام الحكم بنفسه كما يستطيع أيضاً أن يتولى الإشراف والتحكم في المجمع.
ومن المحتمل أنه لم يتم اختيار مدينة القسطنطينية نفسها ـ كما ذكر جالاند ـ لأن مركيان كان يريد أن “يمنع مؤيدي أوطيخا من أن يؤثروا بطريقة غير مناسبة في أعمال المجمع”.[1]
وكان عدد الذين حضروا لهذا المجمع حوالي خمسمائة شخص[2] اجتمعوا في كنيسة القديسة أوفيمية (Euphemia) وكانت الجلسة الأولى يوم 8 أكتوبر عام 451م. وقد عيَّن ماركيان وبولخريا مجموعة مهيمنة من ثمانية عشر (مندوباً) من أعلى موظفي الحكومة ليرأسوا جلسات المجمع، وكان هذا مؤشراً للاهتمام الإمبراطوري غير المسبوق بالمجمع.
وقد وُضعت كراسي هذه المجموعة أمام المذبح مباشرة داخل الكنيسة، وعلى كلا الجانبين وُضعت كراسي الوفود المشاركة في المجمع، ففي اليسار جلس على الترتيب: الوفد الروماني،[3] ثم أناتوليوس أسقف القسطنطينية، ثم مكسيموس أسقف أنطاكيا، ثم ثالاسيوس أسقف قيصرية التي في كبادوكيا،[4] ثم ستيفن أسقف أفسس، وبعد ذلك بقية الوفود التي من الشرق وبُنتُس (Pontus) وآسيا وثراكي (Thrace)[5] وعلى اليمين جلس ديسقوروس بابا الإسكندرية، ثم جوفينال أسقف أورشليم، ثم أسقف هيراكليا ممثلاً لأناستاسيوس أسقف تسالونيكي، ثم بقية الوفد المصري ووفود إيليريكم (Illyricum) وفلسطين، وفي وسط المجمع وُضع الإنجيل المقدس.[6]
وكانت أهم قرارات المجمع التي أهتممنا بها في دراستنا هذه: (1) عزل البابا ديسقوروس، (2) قبول طومس ليو، (3) وضع تعريف للإيمان، (4) تبرئة أشخاص مثل ثيؤدوريت أسقف قورش وإيباس أسقف الرها.
[1] Jalland, Life and Times…… op. cit., p. 288, n. 1.
[2] يصعب تحديد عدد الذين حضروا هذا المجمع بالضبط، فبالنظر إلى القوائم التي أوردها شفارتز، لم يزد عدد الحاضرين في أية جلسة عن 350، وهذا الرقم يؤكده أيضاً المؤرخون السريان.
(انظر: Michael, op. cit., p. 222)، ويذكر هونيجمان أن عدد الحاضرين كان 520 (op, cit., p. 240). انظر أيضاً: (Sellers, op. cit., p. 104 , n. 1).
[3] كان البابا ليو قد عين خمسة أشخاص ليمثلوه في المجمع منهم يوليوس (Julius of Cios)، وتحت قيادة باسكاسينوس (Paschasinus of Lilybaeum in Sicily).
[4] كان ثالاسيوس هو حاكم إيليركم (Illyricum) وكان قد عُين حاكماً امبراطورياً على الشرق، ولكن بروكلوس (Proclus of Constantinople) قد حثه ليصبح أسقفاً على قيصرية خلفاً لفرميوس (Firmius) عام 439. انظر (Socrates, Ecclesiastical History, VII: 48)
[5] كان الرجال الذين على الجانب الأيسر قد قبلوا بالفعل طومس ليو، وأقاموا السلام مع روما.
[6] للاطلاع على هذه الترتيبات انظر: (ACO. II, i. pp. 64-65: 4)