عام

العهد الجديد قبطي عربي ترجمة بين السطور (المقدمة)

العهد الجديد قبطي عربي ترجمة بين السطور (المقدمة)

العهد الجديد قبطي عربي ترجمة بين السطور (المقدمة)
العهد الجديد قبطي عربي ترجمة بين السطور (المقدمة)

اقرأ أيضا: الترجمة القبطية للكتاب المقدس (مقدمة) – د. هاني تكلا

مقدمة الناشر

تعد الترجمة بشكل عام تفسيرًا للنص الذي يتم ترجمته، ولذلك فإن الترجمة القبطية للعهد الجديد تُعد تفسيرًا لنصوصه اليونانية وشرحا لمعانيه، وذلك من خلال اختيار معنى مُحدد في القبطية لكلمة غالبًا ما تحمل في أصلها في النص اليوناني معاني متعددة، بالإضافة إلى صياغة هذا المعنى في البنية اللغوية القبطية التي تتميز ببساطتها وتبسيطها للمعاني.

وليس هذا فقط ما يتميز به النص القبطي للعهد الجديد، ولكن أيضًا ما يميزه هو أنه قد تُرجم في القرون الأولي للمسيحية، الأمر الذي يجعل التفسير الذي تُقدِّمه هذه الترجمة القبطية للعهد الجديد ليس مجرد تفسير، ولكنَّه تفسير الكنيسة الأولى، وليست أية كنيسة، ولكن بالتحديد كنيسة الإسكندرية. ولذا فإن هذة الترجمة المبكرة ليست مجرد نص فقط، ولكنها تعكس أيضًا فهم ورؤية كنيسة الأسكندرية للعهد الجديد.

وقد جعلت العوامل السابقة علماء الكتاب المقدس في كل العالم يهتمون بما تحمله الترجمة القبطية للعهد الجديد من كنوز عبر كل هذه القرون هذا بالإضافة إلى اهتمام دارسي القبطيات والمسيحية المبكرة، والليتورجيات والدراسات المصرية القديمة بهذه الترجمة. وترجمة بين السطور للأناجيل الأربعة هي الجزء الأول من سلسلة ترجمة بين السطور” للنص القبطي للعهد الجديد كله. وهذا العمل هو نتاج جهد جماعي على مدار عدة أعوام من الإعداد والترجمة والمراجعات المتعددة والمقارنة للنصوص المختلفة للعهد الجديد.

وقد وضعنا هذه الترجمة في نهرين: النهر الأول، يحوي النص القبطي مع ترجمة عربية أسفل كل كلمة، أما النهر الثاني فيحوي الترجمة العربية المتصلة فقط. والهدف من هذا العمل هو أن يتمكن القارئ غير المتخصص في اللغة القبطية من قراءة الترجمة القبطية للعهد الجديد دون الاحتياج لقواميس أو مراجع لغوية، لأنه سيجد ترجمة عربية أسفل الكلمة القبطية مباشرة، وهو ما يُمكنه من التعرف على غنى الترجمة القبطية للعهد الجديد وعُمقها والنهر الأول الذي يحوي النص العهد الجديد قبطي عربي “ترجمة بين السطور”

القبطي والترجمة بين السطور، يُقدِّم للقارئ خصائص وسمات النص الأصلي في إطار شبه تحليلي، بينما النهر الثاني الذي يحوي الترجمة العربية المتصلة، فسيساعد القارئ على متابعة انسيابية للمعاني التي قد لا يجدها في النهر الأول.

ونرجو ألا ينزعج القارئ عندما يرى أن الترجمة في النص المتصل تأتي بألفاظ قد تختلف قليلا عن ترجمة الكلمات في نهر الترجمة بين السطور، لأن الترجمة بين السطور هي ترجمة حرفية مُعجمية تلتزم بمعنى الكلمة الشائع في المعاجم اللغوية، ولكن الكلمة نفسها قد تأخذ معنى مختلفًا بعض الشيء في الترجمة المتصلة وذلك حسب السياق، ومثال لذلك في (لو ۱۸ : ۲۹، تُرجمت الكلمة القبطية ” Celui” بـ امرأة”، وهذا هو المعنى الشائع للكلمة في المعاجم والقواميس.

ولكن في الترجمة المتصلة، تُرجمت حسب السياق “زوجة”، في عبارة: “الحَقَّ أَقول لَكُمْ: إِنَّهُ مَا مِنْ أَحد تَرَكَ بَيْتًا أَوِ زوجةً أواخوَةٌ أَو وَالِدَينِ أو أبناء مِنْ أَجلِ مَلكوت الله …. الشيء نفسه قد يحدث في القواعد فزمن المستقبل في نهر الترجمة بين السطور قد نجده مضارعًا ضمناً في الترجمة المتصلة، ولكنه يعبر عن مستقبل مفهوم من السياق، كما ورد في (لو ١٨ : (٣٢)، حيث جاءت في الترجمة المتصلة عبارة: “وسيستهزئون به ويحتقرونه ففعل يحتقرونة هنا في المضارع ولكنه مفهوم من السياق أنه يعبر عن المستقبل، وفي الأصل اللغوي في نهر الترجمة بين السطور جاءت ترجمته في المستقبل: سيحتقرونة.

وقد راعي فريق العمل أن يكون هناك توازن ما بين القواعد الأكاديمية والتبسيط اللازم لنفع القارئ غير المتخصص. وفي إطار هذا قدَّمنا ضمنيًا من خلال نص قبطي واحد ترجمتين عربيتين، إذ راعينا – على قدر الإمكان . أن تحمل الترجمة بين السطور خصائص وسمات النص القبطي، دون أن تنزلق في هذه الترجمة إلى منطقة التحليل اللغوي، وذلك حتى يتمكن القارئ من قراءة الترجمة بين السطور كنص مفهوم قائم بذاته، كما حاولنا في نفس الوقت أن نقدم في النص المتصل ترجمة تحمل روح النص القبطي ولكن في إطار الالتزام بقواعد اللغة العربية وصياغاتها في تركيب الجملة.

وقد واجه فريق العمل في البداية معضلة اختيار النص القبطي الذي سيعمل على ترجمته، وذلك لتعدد النصوص القبطية المطبوعة، ولكن استقر الأمر على اختيار النص الذي عُني بتحقيقه ونشره “جورج” وليم هورنر George William Horner. (1930 – 1849) والذي نشره بعنوان:

The Coptic Version of the New Testament in the Northern Dialect. Otherwise Called Memphitic and Bohairic. 4 vols., (London: Oxford University, 1898 – 1905).

وقد وقع اختيار فريق العمل على هذا النص لكونه أحدث نص مطبوع بالقبطي البحيري مُحقَّقا (Critical Text للعهد الجديد بالكامل، كما أنه يحظى بالثقة في الأوساط الأكاديمية”. فتحقيق هذا النص تم بناء على الرجوع لعدد كبير من المخطوطات القبطية للعهد الجديد من مختلف المتاحف والمكتبات الأكاديمية، كما أنه النص الأحدث المطبوع للعهد الجديد بأكمله وليس للبشائر الأربعة فقط.

غير أنه بالرغم من القيمة الكبيرة لهذا النص، ونظرًا للقدّم النسبي لهذه الطبعة وكذلك التطور الكبير الذي حدث في مجال تحقيق النصوص بشكل عام وتحقيق نصوص الكتاب المقدس بشكل خاص، فقد قارن فريق العمل النص المستخدم مع أحدث النصوص الأصلية المحققة وحيث إن هذا النص هو نتيجة تحقيق ومقارنات مخطوطات متعددة، فإن المحقق (هورنر) – عندما تتعدد القراءات في أكثر من مخطوطة، وتختلف عن النسخة الأساسية التي ينشرها – كان يضع النصوص الموازية في الحواشي وليس المتن.

وعندما كُنَّا نحتاج لاستخدام تلك النصوص التي في الحواشي – في متن النص القبطي نفسه، كُنَّا نضعها بين قوسين معقوفين ….. وأيضًا حفاظا على المنهج الأكاديمي الذي نتبعه، فإن النص الذي لم يوجد في عمل هورنر، سواء في المتن ولا في الحاشية، لم تُدرجه في هذا الكتاب، وإن كان هذا قد حدث في حالات قليلة جدا. وعدم وجود مثل هذا النص هنا لا يعني أننا تنكر وجوده في العهد الجديد، ولكن يعني ببساطة أنه لم يوجد في المخطوطة التي نشرها هورنر، وربما يوجد في مخطوطات أو لهجات قبطية أخرى، وهذا شائع جدا في الأوساط الأكاديمية، فمن الصعب أن تجد مخطوطة تحوي كل شيء. وكمثال لذلك، ما جاء في (مر ٩ : ٤٤)، لم يرد في المخطوطة الأساسية ولا الحواشي ولذلك لم تدرجه هنا في هذه الطبعة. وقد استخدمنا أيضًا القوسين المعقوفين […] في الترجمة العربية المتصلة عند إضافة كلمات لا توجد في الأصل القبطي، وان كانت مفهومة من خلال السياق، ولكن إضافتها قد زاد المعنى أيضاحًا.

وقد راعينا في “الترجمة” بين السطور” أن يكون كل معنى عربي أسفل المقابل القبطي ،له لكننا استثنينا من ذلك النفي والمستقبل وصيغة التمني، إذ رأى فريق العمل أنَّ اختلاف طرق النفي في اللغة القبطية سواء ما هو متصل بالأفعال مباشرة وما هو غير متصل بالأفعال قد يشكل نوعا من أنواع الخلط لدى القارئ في فهم ما إذا كان هذا الفعل مُثبتًا أم منفيًّا، أمَّا بالنسبة للمستقبل، فإن وضع كلمة “سوف” للإشارة إلى صيغة المستقبل قبل كل فعل سيُفقد الترجمة بين السطور الكثير من اتصالها وسياقها ورونقها، وقد يفقدها ميزة أن تكون نصًا مفهوما قائما بذاته كما أشرنا سابقا.

لذا رأينا أن نلحق المستقبل بالفعل وكذلك الحال بالنسبة لصيغة التمني، وبعض الكلمات المنفصلة المميّزة للزمن، مثل حرف ألفا (a) الذي يدل على الماضي، وكذلك بعض حروف الجر التي تأتي مع الأفعال لتكون الأفعال العبارية phrasal verbs فكانت الترجمة تتم أسفل الفعل فقط، وليس أسفل الفعل وحرف الجر، وذلك عندما يفصل بينهما اسم.

وقد حاولنا أن نُبقي في هذه الترجمة على الكلمات والتعبيرات المتداول استخدامها في الترجمات العربية المعروفة لدى القارئ العربي بشكل عام، والقبطي بشكل خاص والتي اعتادت مسامعه عليها ، بشرط ألا تتعارض هذه الترجمات مع النص القبطي، لا في المعنى ولا في قواعد اللغة، ولا تحمل غموضا يعوق فهم وإدراك المعنى المقصود في النص القبطي، ولكن إذا تعارضت الترجمات المعتادة مع النص القبطي، ففي مثل هذه الحالات كُنَّا نصوغ ترجمة جديدة تتفق مع النص القبطي، وتكون أكثر فهما لدى القارئ لهذا النص العربي، حتى لو اختلفت عن الترجمات المعتادة، كما جاء في (مت 22: 21) حيث جاءت الترجمة: أعطوا ما للإمبراطور للإمبراطور، وما لله لله بدلا من الترجمة المعتادة: أعطوا” ما لقيصر لقيصر، وما لله لله: لأن الكلمة في النص القبطي جاءت “Torpo”.

وبالرغم من أن الترجمة الشائعة لهذه الكلمة القبطية هي: “الملك، ولكن السياق لم يكن يشير للملك، لأن لقب “الملك” يحمل رتبة أقل من الإمبراطور الروماني الذي كان يحكم الإمبراطورية كلها وتوجد صورته على العملة، وقد ورد في قاموس “كرم” (crum) القبطي إنَّ الكلمة القبطية “Torpo” من بين معانيها أنها تعادل الكلمة اليونانية “Baothes”، وهذه الكلمة اليونانية “Baothes” من بين معانيها كانت تشير إلى الإمبراطور الروماني، كما جاء في قاموس ليدل – سكوت” اليوناني (Liddell and Scott)، ولذلك وجدنا أن ترجمتها لكلمة “إمبراطور” تحمل المعنى الأقرب للنص القبطي من ترجمتها لكلمة “قيصر، بالرغم من ورود كلمة “قيصر في الأصل اليوناني والترجمات القديمة مثل اللاتينية والسريانية، وبالرغم من عدم اعتياد مسامع القارئ العربي لهذه الكلمة في هذا السياق، ولكنَّنا بهذه الترجمة نحاول أن نحافظ على ما يريد أن يقوله النص القبطي.

وأخيرًا تظل هذه الترجمة هي مجرد مُحاولة لمساعدة القارئ أن يقرأ الإنجيل باللغة القبطية، أو أن يفهم محتوى الإنجيل حسب النص القبطي.

وللثالوث القدوس المجد والإكرام والسجود الآن وإلى الأبد، آمين.

العهد الجديد قبطي عربي ترجمة بين السطور (المقدمة)