يصلع السيد هامة بنات صهيون، ويعري الرب عورتهن (إش 3: 17) – م. أشرف بشير
يصلع السيد هامة بنات صهيون، ويعري الرب عورتهن (إش 3: 17) – م. أشرف بشير
يصلع السيد هامة بنات صهيون، ويعري الرب عورتهن (إش 3: 17) – م. أشرف بشير
”يُصْلِعُ ٱلسَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَيُعَرِّي ٱلرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ“ (اشعيا ٣: ١٧ – فاندايك)… النص الكتابي ده في اشعيا، واحد من النصوص المُنفِّرة بشكل كبير في قراءته. بحسب النص، السيد (الرب يهوه) هيعاقب بنات العبرانيبن بتعرية عوراتهم، لإنهم ” يَتَشَامَخْنَ، وَيَمْشِينَ مَمْدُودَاتِ ٱلْأَعْنَاقِ، وَغَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ، وَخَاطِرَاتٍ فِي مَشْيِهِنَّ، وَيُخَشْخِشْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ“ (اشعيا ٣: ١٦ – فاندايك)… بالبلدي، السبب عشان متكبرات، وماشيين مناخيرهم في السما، وفرحانين بزينتهم وجمالهم وعاوزين إعجاب من اللي حواليهم (في تلميح لكونه نوع من الإغراء يعني)
النص في ترجمة فاندايك عجيب، إله هيعري عورات النساء عشان متكبرات؟! … المفسر العربي حاول ينقل المعنى من حرفيته لتطبيق معنى روحي عليه باعتباره كناية عن شىء تاني، كمثال تفسير القمص تادرس يعقوب: ”تعرية عورتها كناية عن كشف فساد طبيعتها“… ولكن تحويل النص لكناية، ميلغيش وجوده بشكله ومعناه الحرفي، ولا يلغي الفعل نفسه عن تعرية عورة نساء كعقاب، ولا يوضح إيه السبب في فعل غير مقبول زىّ ده؟!
لو رجعنا لترجمة تانية أدق في اهتمامها بتوصيل المعنى الأصح والأقرب زىّ اليسوعية، هنلاقي النص اترجم كالتالي: ”فسَيُصلِعُ السَّيِّدُ هاماتِ بَناتِ صِهْيون، ويُعَرِّي الرَّبُّ رُؤُوسَهُنَّ“ (اشعيا ٣: ١٦ – يسوعية)، وده تسلسل منطقي في النص، خاصة إن بداية النص إنه هيخليهم صلع/قُرع (بمرض مثلًا يسبب تساقط شعرهم او يتم استعبادهم وحلق شعرهم لإذلالهم)، فرؤوسهم هتتعرَّى/تتكشف، ويكونوا في حالة حزن وخزي من شكلهم بدل تكبرهم بشكلهم وزينتهم (مكانة الشعر عند المراة وتأثير فقدانه مش محتاجة استرسال)، ففيه تسلسل في الفكر كده.
وده كمان يتفق مع النص اللي قبله عن تباهيهم بجمالهم، وكمالة النص:؛”فَيَكُونُ عِوَضَ ٱلْجَدَائِلِ (الضفاير/التموجات/القُصَّة) قَرْعَةٌ“ (اشعيا ٣: ٢٤ – فاندايك)، وده بيتفق مع أشهر ترجمة حرفية NASB95 اللي ترجمتها: ” the Lord will afflict the scalp of the daughters of Zion with scabs, And the Lord will make their foreheads bare.” ويتفق كمان مع كمالة النص إن ”عِوَضَ [بدل] الْجَمَالِ كَيٌّ [وسم بالنار كنوع من الوشم للدلالة على العبودية]“
طيب إيه اللي خلَّى مترجم نسخة فاندايك يختار ”عورة“؟… النص العبري فيه كلمة مجهولة المعني، ومجهولة المصدر بشكل دقيق، الكلمة في عبارة פָּתְהֵ֥ן (بَتِهن/بَثِهن)، هى كلمة פֹת (بَت/بَث)، و ب
ومعناها القديم مجهول، هى كلمة نادرة الاستخدام، بيُرَجَح (بمقارنة مواضع استخدامها في النصوص القديمة) إن معناها مفصلات الباب (المفاصل اللي بيتعشَّق/يدخل فيها أجزاء/محاور الباب عشان يقدر يلف، فيفتح ويقفل) لو قارننا استخدام نفس الكلمة في (١ ما ٧: ٥٠) ”مَفَاصِلُ וְהַפֹּת֡וֹת الأبوَابِ الذَّهَبِيَّةِ المُؤَدِّيَةِ إلَى الغُرْفَةِ الدَّاخِلِيَّةِ“ (١ مل ٧: ٥٠ – مبسطة)
ولإن الكلمة مجهولة المعنى المؤكد، كان لازم المترجم، حتى في أكتر ترجمة حرفية يفسر المعنى ويعيد ترجمته، فاختار مفسر نسخة الفاندايك إنها تكون عورة النساء، لإن قبلها فيه تعرية/كشف، بكون العورة هى كل اللي النساء هتشوفه خزى وعار لها، بغض النظر إيه العورة ديه بالظبط، وتناسَى إن كلمة عورة بتحمل في طيَّاتها ضمنيًا تلميح لمعنى جنسي عند القارىء لإنها هتقود القارىء لمعنى عورة الأعضاء الجنسية خاصة إنها جت بعد ”تعرية“ (المعجم الغني: ”سَتَرَ عَوْرَتَهُ : سَتَرَ أَعْضَاءهُ التَّنَاسُلِيَّةَ“) فالترجمة العربية بتحمِّل الكلمة العبرية معنى مش فيها، وبتحمٌلها معاني جنسية فوق ما تحتمل!
الاختيار ده غير مُوَفَّق، لإنه مهين للإله يهوه، وبيحمل النص معنى جنسي صعب يتقبل بسهولة للقارىء، وده بيخلي كتير من غير المسيحيين يعيبوا تصرف يهوه في الكتاب المقدس، بكونه بيعري عورات النساء كعقاب لهم، وعورات النساء لها مدلولها الجنسي عند القارىء، حتى لو معنى العورة الإصطلاحي ميشترطش الأعضاء الجنسية (المعجم الوسيط: ”العَوْرَةُ: كلُّ ما يَسْتُرُهُ الإنسانُ استنكافًا أو حياءً“) بالإضافة لكونه مش متفق مع تسلسل النص قبله وبعده.
في حين إن مترجمي اليسوعية والـ NASB95 لما اتواجهوا بالكلمة، حاولوا يستشفوا معناها من العدد الكتابي، نفسه، ومن النص قبله، واللي بعده، والسياق ككل، فكانت ترجمتهم لها معنى ومدلول أكثر وضوح. كمان ترجمة NET في حواشيها الخاصة بالنقد النصي الأدنى بتوضح إن بمقارنة النص ده بنصوص موازية من الحضارة الأكدية (اللي اتوجدت بين النهرين) بيتضح إن الكلمة معناها ”الجبين/الجبهة“
الخلاصة، مفيش ترجمة حرفية بشكل كامل، كل ترجمة هى سلسلة من التفسيرات، تفسير المترجم النص من الحروف المكتوبة في لغة عتيقة لها صيغ وطبيعة خاصة لمعنى يهضمه في عقله، يعقبه تفسير من المعنى اللي في عقله للغة مغايرة بمفرداتها وتعابيرها الخاصة، كل ترجمة هى بالضرورة تفسير، مهما إدعت الحرفية، وكل تفسير هو اختيار subjective من المترجم، بيعتمد على الأدوات المتاحة في زمانه ومكانه ومعارفه وحيوية المفردات وتأثرها ببيئتها وعصرها ومقارنتها بالنصوص الموازية. حرفية النص متدلش بأى شكل على صحته، لإن الحرفية نفسها لا تخلو من التفسير.