اتهام اليهود للسيدة العذراء بالزنا ورجمها في الاناجيل القانونية (ما بين الدراسة والخُرافة) – مينا كيرلس
الجزء الثاني: ابن بنديرا في التلمود – اتهام اليهود للسيدة العذراء بالزنا ورجمها في التلمود (ما بين الدراسة والخُرافة) – مينا كيرلس
يطرح العديد من المشككين وغير المؤمنين سؤال مهم وهو:
عندما كانت السيدة العذراء حُبلى بالسيد المسيح … لماذا لم يرجمها اليهود حسب الشريعة اليهودية؟
وإذا أجبنا بأن السيدة العذراء كانت في حكم الزوجة ليوسف فيسألونا:
لماذا اتهم اليهود المسيح بأنه ابن زنا حسب المذكور في يوحنا ٨: ٤١؟
وللإجابة على السؤال الاول نوجه الانتباه لبعض النقاط
دُعي يوسف بأنه رَجُل مريم في متى ١: ١٦
ذُكرت علاقتهما بانها خطبة في متى ١: ١٨ وفي لوقا ١: ٢٧
ذُكرت مريم بانها امرأة يوسف في لوقا ٢: ٥
اولا: تسمية مريم بأنها امرأة يوسف.
معنى الخطبة في اللغة اليونانية حسب نص العهد الجديد هي
ἐμνηστευμένῃ (emnēsteumenē) G3423
وتترجم بالإنجليزية
To espouse, betroth
وهي مساوية للكلمة العبرية:
H0781 אָרַשׂ ‘aras {aw-ras’}
والتي تعني ايضا:
betroth
Deuteronomy 28:30. Hosea 2:19, 19, 20.
betrothed
Exodus 22:16. Deuteronomy 20:7; 22:23, 25, 27, 28.
espoused
2 Samuel 3:14.
فإذا كانت الخطبة هي وعد بالزواج … وإذا كانت مريم في هذه الحالة هي امرأة يوسف ويدعي يوسف بانه رجل مريم فلماذا اراد يوسف تخليتها سراً في متى ١: ١٩؟
وربما تكون الاجابة غير واضحة في نسخة الڤان دايك التي بين ايدينا لذلك سنستخدم أحد النسخ النقدية وهي الترجمة اليسوعية….
نجد ان متى ١: ١٩ تُرجمت بهذه الصيغة:
وكان يوسف زوجها باراً، فلم يرد ان يُشهر امرها، فعزم على ان يطلقها سراً.
نلاحظ الاختلافات…
دُعي يوسف “زوج” مريم بدلا من “رجل” مريم، كما دُعيت حالة ابتعادهما عن بعضهما “طلاقاً“.
كما ان حاشية هذا النص تخبرنا بأن الشاب والشابة المتواعدان يُعدان زوجين حتى قبل المساكنة، وكان الطلاق الشرعي وحده يفسخ الوثاق الذي يربطهما. (١)
وقبل ان يتهمنا أحدهم عن جهل بأن هذا الامر اختراع مسيحي وغير موجود في الواقع اليهودي اثناء القرن الاول، نجيبه من الكتب اليهودية.
ذُكر في التقاليد الشفاهية في التلمود الإسرائيلي في ذلك الجزء المتعلق بأمر النساء خصوصا قوانين العائلة والمكون من ١٣ فصلاً عن عقود الزواج بين الزوج والزوجة أن:
يمنح المرء عذراء اثني عشر شهرًا من الوقت الذي طلب فيه الزوج الزواج منها بعد أن خطبها، وذلك لتجهيز نفسها بالملابس والمجوهرات للزواج. ومثلما يمنح المرء المرأة هذا القدر من الوقت، كذلك يمنح الرجل أيضًا فترة زمنية معادلة لإعداد نفسه، لأنه هو أيضًا يحتاج إلى وقت للتحضير للزواج. (٢)
كما يذكر الرابي اليعازار بن عزاريا حالة طلاق العذراء من الخطبة. (٣)
بينما يسترسل لنا أكثر الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون والمعروف باسم رامبام في الغرب أكثر عن الزواج:
قبل اعطاء الشريعة، اذا قابل رجل امرأة في الشارع، اذا اراد ان يأخذها ويحضرها الى منزله فيتزوجها بينه وبينها، تكون اصبحت زوجته: لكن عندما اُعطينا الشريعة، اُمر الإسرائيليون، انه اذا اراد رجل أن يأخذ امرأة فيجب ان يحصل عليها من قبل شهود، وبعد ذلك، يجب ان تكون زوجته وفقاً لتثنية ٢٢: ١٣ وهذا الاخذ يكون بموافقة الشريعة، وتكون خطبة في كل مكان؛ المرأة التي تم الحصول عليها بهذه الطريقة تُسمى “مخطوبة”، عندما يتم الحصول على المرأة وتصبح مخطوبة، على الرغم من انها ليست متزوجة بعد، ولم تدخل بيت زوجها بعد، لكنها زوجة رجُل. (٤)
ثانيا: تفكير يوسف بتطليق مريم (تخليتها سراً).
اما عن سبب تفكير يوسف بالطلاق من مريم في متى ١: ١٩ فهو ان مريم كانت حُبلى قبل ان يجتمعا (متى ١: ١٨) أي قبل أن يكتمل زواجهما بمعنى انها لم تكن حامل بطفل منه.
يُعلق كريج س. كينر قائلاً:
كانت عقوبة الزنا في العهد القديم هي الموت رجماً بالأحجار، وكانت نفس العقوبة تطبق في حالات الخيانة خلال فترة الخطبة أيضاً، (تثنية ٢٢: ٢٢-٢٣) أما في زمن العهد الجديد، فإن يوسف كان عليه أن يطلق مريم ويعرضها للفضيحة ويجلب عليها العار، وكانت عقوبة الموت تطبق نادراً – إذ لم تكن تطبق أبداً في مثل هذه الحالة.
كانت علاقة الخطبة ملزمة لدرجة أنه في حالة وفاة الخطيب، كانت المخطوبة تعتبر أرملة، ولذا فلقد كانت الطريقة الوحيدة لإنهاء الخطبة هي الطلاق. أما إذا كانت المرأة أماً الطفل، وطلقت لمثل هذا الجرم (الخيانة) فقد كان من الصعب ان تجد بعد ذلك زوجاً، وهو ما يؤدي بها الى ان تكون بلا سند إذا مات والداها. (٥)
كما ان تفكير يوسف بالطلاق منها يبين كم كان باراً تجاه الناموس، لأنه حسب الشريعة اليهودية:
تصبح الزوجة التي مارست الزنا عن طيب خاطر ممنوعة لزوجها. (٦)
وقد سمح الناموس أيضًا بالطلاق الخاص أمام شاهدين (عدد 5: 11-31، كما في M Sotah 1: 1-5)، وهذا ما قصده يوسف. فبهذه الطريقة يكون هناك توافق بين بره (تطبيقه للناموس) ورحمته. (٧)
ثالثا: تراجع يوسف عن تطليق مريم.
يذكر الكتاب المقدس ان ملاكاً ظهر ليوسف في حلم قائلاً:
يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. (متى ١: ٢٠)
فقد كان هذا هو السبب الرئيسي في عدم التخلي عن مريم ويوضح ذلك بكلمات رائعة القديس كروماتيوس قائلاً:
فيما فكر القديس يوسف، وهو غير عارف بسر عظيم كهذا، في أَنْ يترك مريم سرا أشار الملاك عليه في الحلم قائلاً: يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم فإن الذي حمل به فيها إنما هو مِن الروح القدس. أَطْلَعَهُ المَلاكَ عَلَى السر السماوي، خشية أن تصيبه الوساوس في شأن عذرية مريم أطلعه على ذلك لكي يبعد عنه شرور الشك فيتلقى صلاح السر.
فالكلمات التالية قيلت له: «يا يُوسُفُ ابن داود، لا تخف أن تأخذ امرأتك مريمَ فَإِنَّ الذي حبل به فيها إِنَّمَا هُوَ مِنَ الرّوح القدس» ليعترف باستقامة خطيبته والولادة العذريَّةِ، فَلَم يَكُن من اللائق أن يكشف الملاك سرا عَظِيمًا كَهَذا لأي شخص آخر سوى ليوسف خطيب مريم، لئلا يلصق بِاسْمِهِ خِزي الخَطِيئَةِ. وَفِعلاً، فَاسْمُ يوسف المترجم من العبرية إلى اللاتينية يعني «بلا خزي». (٨)
كما يُعلق ذهبي الفم قائلاً:
كَيْفَ يُطْمئِنُ الملاك يوسف؟ اسمعوا وتعجبوا من حكمة أقواله: «يَا يُوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ امرأتك مريم». للحين يذكره بداود الذي سيكون المسيح من نسلِه، ولا يدَعُهُ يضطرب مذكرا إياه باسم اجداده وبالوعد المعطى للذرية كلها. ولذلك ما دعاه «ابن داود» …. لكن قال: «لا تخف» دالا على أنَّ يوسف كان يَخْشَى أَنْ يُسيء إلى الله لاحتفاظه بزانِيَةٍ، وَهَذَا مَا جَعَلَهُ يُفكر في التخلي عنها، غير أن الملاكَ جَاءَ مِنْ لَدُن الله ليُبدد ما كان يعانيه من هواجس.
ولم يقف الملاك عند ذكر اسمها، بَلْ أَرْفقه بقوله امرأتك فلو كانت خائنة لما دعاها الملاك «امرأتك». وهنا يسمى من هي مخطوبة «امرأة»: فهكذا يميل الكتاب المقدس إلى دعوة المخطوبين أزواجا حتى قبل الزواج لكن ماذا يعني «أن تأخذ»؟ أي أَنْ يَحتفظ بها في بيته، لأنه عزم على أن يتركها. يقُولُ الملاك: احتفظ بمنْ تُخَطِّط للتخلي عنها فالله قد دفعها إليك لتكون عندك وديعة، لا عند والديها. اللهُ لا يُودِعُكَ إياها للزواج، بل لتسكن معك. (٩)
اخيراً: عدم رجم السيدة العذراء.
السبب الاساسي لعدم رجم السيدة العذراء هو انه لا يوجد سبب لاتهامها بالزنا من الاساس.
يشرح عالم اللاهوت چون هيل هذا الامر:
ومثل هذا التمييز بين المرأة المتزوجة والعذراء المخطوبة، كما هو الحال بالنسبة لمريم، يمكن ملاحظته في تثنية 22:22، علاوة على ذلك، فإن وجودها أو الظهور كأنها حبلى كان “قبل أن يجتمعا”؛ والتي من المحتمل، كما لاحظ الدكتور لايتفوت، كانت بعد حوالي ثلاثة أشهر من حملها، عندما عادت من عند قريبتها اليصابات.
من المحتمل أنه بمجرد أن تم تبنيها ليوسف، أو بعد ذلك بسرعة، ذهبت وقامت بزيارتها إلى أليصابات، التي مكثت معها حوالي ثلاثة أشهر، ثم عادت إلى المنزل، لوقا ١: ٥٦، عند عودتها إلى المنزل، يبدو أنها كانت حامل بطفل، وقد أمضت ثلاثة أشهر، وهو الوقت المناسب لاكتشاف مثل هذا الأمر، تكوين ٣٨: ٢٤ والذي تم تعيينه من قبل الأطباء اليهود لهذا الغرض. في المشنا مثل هذه الحالة وضعت:
في حالة رجلين خطبوا امرأتين، وفي الوقت الذي دخلوا فيه مظلة العرس، بعد الخطبة، استبدل الرجال هذه الزوجة بتلك الزوجة والأخرى بهذه الزوجة… نحن نفصل هؤلاء النساء عن أزواجهن لمدة ثلاثة أشهر، حتى يتم حملهن بفعل الجماع المحرم. إن القيام بذلك يجعل من الممكن تمييز الطفل المولود من هذه العلاقات. (Mishnah Yevamot 3.10)
يذكر چون تعليق الرابي الايطالي عبادية بن ابراهيم بن بارتنورو والمعروف باسم بارتنورا وهو كالتالي:
“يفرقون بينهن حتى لا يعودن إلى أزواجهن؛ وإذا كن مع طفل، فيمكنهن التمييز بين النسل الشرعي والنسل غير الشرعي؛ وأن الأطفال الذين قد ينجبون لا يجوز أن ينسبوا إلى الأشخاص الخطأ”.
ثم يكمل چون تعليقه على عدد ٢٤ بأن يوسف تزوجها علنا، أخذها إلى منزله، أو تركها معه هناك، وعاش معها لها كزوجته، وامتلكتها لتكون كذلك، ومن الآن فصاعدًا لم يعد لديه اي افكار بتركها بعيدا. (١٠)
كما يعلق عالم اللاهوت الكاثوليكي الاب رايموند براون:
بالنسبة لمتى هذه هي إرادة الله بالتأكيد، لأن الخطوتين في الأبوة القانونية يملأها الملاك وينفذهما يوسف بالضبط “كما أمره ملاك الرب” (١: ٢٤). الخطوة الأولى هي: “لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك إلى بيتك”. من خلال القيام بذلك بدلا من طلاق مريم كما اقترح (١: ١٩)، يتحمل يوسف المسؤولية العامة عن الأم والطفل الذي سيولد.
الخطوة الثانية والأكثر أهمية هي: “ستدعو اسمه يسوع”. من خلال تسمية الطفل، يعترف يوسف بأنه طفله. الموقف اليهودي من هذا واضح بوضوح وتمليه حقيقة أنه في بعض الأحيان يكون من الصعب تحديد من أنجب طفلا بيولوجيا. وبما أن الرجل عادة لا يعترف بالطفل ويدعمه ما لم يكن طفله، فإن القانون يفضل أن تستند الأبوة على اعتراف الرجل. تنص المشنا Mishnah Baba Bathra) 8:6) على المبدأ: “إذا قال رجل: هذا ابني، يجب أن يؤمن به”. إن يوسف، من خلال ممارسته حق الأب في تسمية الطفل (لوقا ١: ٦٠-٦٣)، يعترف بيسوع ويصبح بذلك الأب الشرعي للطفل. (١١)
لذلك من الواضح ان هذا الامر لم يكن يشكل اي مشكله للسيدة العذراء وان طارح السؤال جاهل بالتقاليد اليهودية، بل ولم يبحث في الامر على الاطلاق في اي من المراجع اليهودية الموجودة على الانترنت.
السيدة العذراء هي امرأة يهودية عاشت في بيئة يهودية تحت الطقوس الشريعة اليهودية لذلك سيكون من الغباء القاء نظرة على حياتها من نظرة البيئة والحضارة التي نعيش فيها الان بغض النظر عن اختلاف الثقافة والاعتقاد.
الان لنتقصى حقائق السؤال الثاني:
لماذا اتهم اليهود المسيح بأنه ابن زنا حسب المذكور في يوحنا ٨: ٤١؟
لكني اشك بأن انسانا طرح اشكالية خاطئة (اتهام اليهود للسيدة العذراء؛ مغالطة رجل قش) سيطرح سؤال سليم في المرة الثانية، من الافضل السؤال بهذه الطريقة: هل اتهم اليهود المسيح بأنه ابن زنا في نص يوحنا ٨: ٤١؟
من الغريب ان نفس الانجيل الذي يستشهد بيه المشكك مكتوب فيه ايضا:
فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ قَالَ: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ». وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ، الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ؟ فَكَيْفَ يَقُولُ هذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟» إنجيل يوحنا ٦: ٤١-٤٢
كيف سيعترف اليهود بأن المسيح ابن يوسف ثم يتهمونه بأنه ابن زنا؟
سيكون هذا تناقضاً في عقل المشكك وقد خلق المشكك هذا التناقض في عقله ليس الا، لكن لا وجود لأي اتهام للمسيح بأنه ابن زنا في انجيل يوحنا، انما هذا اتهام ثاني باطل يطرحه المشكك الجاهل.
أولاً: لم يقل اليهود صراحة أن المسيح ابن زنا.
ثانياً: هؤلاء اليهود يعترفون بمعرفتهم بنسب المسيح في يوحنا ٦: ٤٢.
ثالثًا: سياق النص يبين رد اليهود على اتهام المسيح لهم.
38 أَنَا أَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْتُ عِنْدَ أَبِي، وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مَا رَأَيْتُمْ عِنْدَ أَبِيكُمْ».
39 أَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ
40 وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ.
41 أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «إِنَّنَا لَمْ نُولَدْ مِنْ زِنًا. لَنَا أَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ».
42 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كَانَ اللهُ أَبَاكُمْ لَكُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي، لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَأَتَيْتُ. لأَنِّي لَمْ آتِ مِنْ نَفْسِي، بَلْ ذَاكَ أَرْسَلَنِي.
43 لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كَلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي.
44 أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الكذاب.
إنجيل يوحنا ٨: ٣٨-٤٤
يُعلق الدكتور وليم ادي:
اعمال ابيكم: لم يذكر اسم هذا الأب بل أشار إليه في عدد ٣٨ فترك تسميته لضمائرهم وكف عنها لسانه ومعناه انهم اصغوا الى الشيطان وتعلموا منه وتشبهوا به واستحقوا ان يُسموا اولاده.
اننا لم نولد من زنا: ظنوا المسيح اتهمهم بأنهم نسل اختلاط وثنيين كالسامريين بإنكاره عليهم انهم أولاد ابراهيم فردوا عليه بأن لهم دليلا من جداول النسب على ان ابراهيم ابوهم. ولعل معنى قولهم “لم نولد من زنا” انهم ليسوا بوثنيين ولم يولدوا هم ولا آباؤهم من وثنيين لان الزنا جاء بهذا المعنى مراراً كثيرة في الكتاب المقدس ومنها ما يأتي اش ١: ٣١ و٣: ٥٧ وهو ١: ٣ و٣: ٤.
لنا أب واحد وهو الله: عدل اليهود عن نسبة أنفسهم الى ابراهيم ونسبوها الى الله وقالوا نحن نعبد الله وحده فنحن اولادهُ. وكان اليهود يفتخرون كل الافتخار باعتقادهم وحدانية الله واعتبارهم اياهُ ملكهم. (١٢)
كما يُعلق الاب متى المسكين:
ولكن كلام المسيح كان بالفعل ليس له موضع فيهم، فلم يفهم هؤلاء القتلة قول المسيح حينما قال لهم: «إنكم تعملون ما رأيتموه عند أبيكم». وهوذا الآن يوضحها لهم أكثر، أنهم يعملون. «أعمال أبيهم». وواضح أن حقدهم وحسدهم وبغضتهم الشديدة له هي في الواقع أعمال إبليس، وبالأكثر نية القتل المبيتة ضده، ومحاولة اغتصاب البنوة لله «ولنا أب واحد وهو الله» هذا على غير صحة وبغير ذي حق، لأنهم لا يقبلون كلام الله بفم المسيح ولا أعمال لله بيده ولا حتى كانوا أمناء لوصايا الله بحسب الناموس والآباء، فالآن، لأن عبادتهم الله مزيفة، فحتماً يصبح ادعاؤهم لأبوة الله مزيفاً، هنا يتحتم بحسب قول النبيين إشعياء وإرميا، أن تقيم بنوتهم أنها من زناً، لأن إبليس يكون هو الذي حيل بهم وتبناهم. (١٣)
وهذا يبين ان اليهود لم يتهموا المسيح بانه ابن زنا (جسدي) ولكنهم يردون على اتهام المسيح لهم بأنهم اولاد زنا (روحي).
المراجع:
(1) الكتاب المقدس الطبعة اليسوعية، العهد الجديد: انجيل متى، ص ٣٧
(2) Mishnah Ketubot 5.2
(3) Mishnah Ketubot 5.1
(4) Mishnah Torah, Marriage, chapter 1, sect 1.2.3
(5) الخلفية الحضارية للكتاب المقدس، العهد الجديد، الجزء الاول، الاناجيل: انجيل متى، ص٤٠
(6) Judaism: History, Belief and Practice by Dan Cohn-Sherbok, First published 2003 by Routledge, 11 New Fetter Lane, London EC4P 4EE, Part II: Belief and Practice, Chapter 84: Marriage, P. 540
(7) The Expositor Bible Commentary With The New International Version of The Holy Bible In Twelve Volumes, Volume 8 (Matthew, Mark, Luke), P. 75
(٨) التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدس، العهد الجديد: الانجيل كما دونه متى، نقله من اللغات الاصلية الأب الدكتور ميشال نجم بالاشتراك مع فريق من الناقلين والمُحرِرين، ص ٧٤
(٩) المرجع السابق، ص ٧٥
(10) John Gill’s Exposition of the Bible Commentary, the new testament, Matthew, P. 18-24
(11) The birth of the Messiah: A Commentary on The Infancy Narratives in The Gospel of Matthew and Luke by Reymond E. Brown, S. S. , p. 138 – 139
(12) الكنز الجليل في تفسير الانجيل للدكتور وليم ادي، الجزء الثالث: شرح انجيل يوحنا، ص ١٤٥ – ١٤٦
(١٣) شرح انجيل القديس يوحنا للاب متى المسكين، الجزء الثالث، ص ٥٤٩.
لماذا لم يقيم اليهود الحد على مريم العذراء؟ هل تكلم عيسى فى المهد؟