Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

الخلاص والتبني – كيف نعيش خلاصنا

الخلاص والتبني – كيف نعيش خلاصنا

الخلاص والتبني - كيف نعيش خلاصنا
الخلاص والتبني – كيف نعيش خلاصنا
 
1 – تمهيــــــــــــــــــــد

 

  • [ لا بأعمال في برّ عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس ] (تيموثاوس 3: 5)

هذا هو سرّ خلاصنا كله، وهو أن ندخل في سرّ الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس، وبما أن هناك ميلاد يبقى هناك أولاد، لذلك قال الرسول: [ لأن المُقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوة قائلاً: أخبِّر باسمك إخوتي وفي وسط الكنيسة أُسبحك. وأيضاً أنا أكون متوكلاً عليه وأيضاً ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله. فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس. ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية. ] (عبرانيين 2: 11 – 15)

لذلك عند آباء الكنيسة المتذوقين خبرة حلاوة الميلاد الثاني، ودخلوا في سرّ التجديد المستمر، فأنهم اهتموا بعقيدة الخلاص وأظهروا ارتباطها بسرّ التبني، لذلك أكدوا على أن الخلاص بالتبني، وأظهروا أن غاية الخلاص هو التبني، فموضوع خلاصنا هو التبني، وهذا هو سبب تجسد الابن الوحيد، لكي باتحاده بنا بكونه هو وبشخصه ابن الله طبيعياً وبطريقة منفردة خاصة للغاية، نكون نحن فيه شركاء البنوة لأنه صار واحداً معنا ليشع فينا بنوته الفريدة والمُميزة فنصير فيه ابناء الله، طبعاً المسيح ابن الله بصفته اقنوم ولكننا نحن منتسبين إليه بسبب وحدته معنا حسب قدرته هو بالتجسد، وبذلك وهبنا عطية البنوة فيه فصرنا ابناء الآب في الابن الوحيد وبذلك صار خلاصنا مضموناً ومؤكد…


ويقول القديس إيريناؤس: [ صار كلمة الله ربنا يسوع المسيح بحبه الفائق على حالنا، لنصير نحن على حاله ]؛ [ بالابن الوحيد نلنا العلاقة مع الآب وبهذه العلاقة صرنا ننتمي إليه، وذلك بتجسد الكلمة ودخوله في شركة معنا ] (ضد الهرطقات 5: المقدمة) (ضد الهرطقات 3: 18: 7)

  • [ أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله ] (1يوحنا 3: 1)

التبني عطية إلهيه ثمينة نحصل عليها بالاتحاد السري بشخص المسيح ابن الله الوحيد: [ وأما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله. أي المؤمنين باسمه ] (يوحنا 1: 12)

ونلاحظ أنه في إنجيل القديس يوحنا، لا يُستخدم كلمه ” ابن υὶός ” إلاَّ للمسيح – له المجد – فقط، ولكن بالنسبة لكل من قبله وآمن به استخدم كلمة أولاد الله τέκνα θεου، وقد أتضح لنا من خلال الكتاب المقدس أن التبني هو ” شركة طبيعة “، وهُنا نرى أنه هناك فرق واضح وجوهري ما بين بَنَوية شعب إسرائيل لله، وبنوية شعب المسيح، فالأولى بالميراث الجسدي، وأما الثانية – أي بنوتنا لله في العهد الجديد، بالميلاد الروحي في المسيح يسوع !!!

ولنا أن نعلم إن هذه العطية العظمى والثمينة جداً، ليست مجرد علاقة مجازية أو تشريف أدبي، ولا علاقة عابرة تحكمها المشيئة البشرية أو العواطف الإنسانية المتغيرة أو صلة الأجساد لأنه مكتوب: [ الذين وُلِدوا ليس من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل… ] (يوحنا 1: 13)

فالبنوة لله ليس لها أية صلة بالخليقة البشرية العتيقة حسب ميلاد الجسد، بل هو ميلاد خليقة جديدة أخرى للإنسان من فوق [ المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح ] (يوحنا 3: 6)، وبهذه الولادة يصير الإنسان أبن حقيقي لله في المسيح يسوع، والله يصير أباً عظيماً للإنسان في المسيح !!!

والولادة الجديدة هي ولادة من الله: [ وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنين باسمه. الذين وُلِدوا، ليس من دمٍ، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله ] (يوحنا 1: 12و13)، فنحن نصير ابناء لله في المسيح بصفتنا خليقة جديدة [ إذاً أن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً ] (2كورنثوس 5: 17)

وبالتبني ندخل في علاقة حقيقية مع الله تدركنا في صميم طبيعتنا، إذ نصير أبناء لهُ أخصاء أحباء. وبنوتنا لله لا تتم بمعزل عن بنوة المسيح له، بل هي نتيجة طبيعية وتلقائية بسبب تجسد ابن الله وحلوله فينا، ولذلك نجد القديس يوحنا الرسول يلحق الآية السابقة: [ الذين ولِدوا … من الله ” بالآية الآتية : ” والكلمة صار جسداً وحل بيننا ( فينا ) … ] ( يوحنا 1: 14)

لأن ابن الله الكلمة لما اتخذ جسداً، صار كواحد منا: [ إذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما … من ثَمَّ كان ينبغي أن يُشبه إخوته في كل شيء ] (عبرانيين 2: 14و17)

Forasmuch then as the children are partakers of flesh and blood, he also himself likewise took part of the same – K.J
وحينما مات ابن الله بهذا الجسد الذي اتخذه، وقام وصعد، لم يترك جسده هنا على الأرض، بل دخل به إلى السماء كسابق من أجلنا. وعندما تراءى لدى الآب بالجسد الذي صعد به، سمع الصوت الإلهي: [ اجلس عن يميني ] (مزمور 109: 1)، فهو لا يحتاج أن يجلس عن يمين العظمة في الأعالي، بل نحن، لذلك كنا نحن الذين قمنا معه والذين جلسنا معه في السماوات: [ وأقامنا معهُ وأجلسنا معهُ في السماوات في المسيح يسوع ] (أفسس 2: 6)، لأن كل ما فعله المسيح الرب ليس من اجل نفسه لأنه لا يحتاج بل لأجلنا نحن أحباؤه الأخصاء…

+ والتبني الذي هو نتيجة طبيعية لتجسد المسيح الرب، ينقله إلينا الروح القدس الذي يأخذ ما للمسيح ويُعطينا. كما أن عطية التبني تقوى فينا وتنمو بالتناول من سرّ الشكر، أي الإفخارستيا التي تُثبتنا في المسيح، كما تثبت الأغصان في الكرمة وتتقوى، فينتقل إليها عُصارة الكرمة لتُغذيها حتى تكاد تكون هي والكرمة شيئاً واحداً: 
[وأما من التصق بالرب فهو روح واحد ] (1كورنثوس 6: 17)


وباختصار القول: إن الولادة من فوق أي من الله، أي التبني في المسيح، هي عقيدة راسخة في وجدان الكنيسة، وهي ظاهرة بوضوح شديد في إنجيل القديس يوحنا الرسول وعند جميع الآباء القديسين مُعلمي التقوى، لا كمعلومة إنما كقوة حياة نعيشها منذ يوم ولادتنا الجديدة من فوق: [ 
وكأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به ] (1بطرس 2: 2)
  • ولنصغي لكلمة الله ونفهم ونستوعب سرّ بنوتنا لله في المسيح يسوع:
1 – [ وأما هذه فقد كُتبت (إنجيل يوحنا بكاملة) لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة ( ميلاداً جديداً ) باسمه ] (يوحنا 20: 31)، [ كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله ] (1يوحنا 5: 13)، [ ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية ] (1يوحنا 5: 20)

2 – [ كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله وكل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضا ً(1يوحنا 5: 1)، [ بهذا نعرف إننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله وحفظنا وصاياه، فأن هذه هي محبة الله أن نحفظ وصاياه ووصاياه ليست ثقيلة] (1يوحنا 5: 2 – 3)

3 – [ أنظروا أية محبة أعطانا الله حتى نُدعى أولاد الله … أيها الأحباء … نحن أولاد الله ] (1يوحنا 3: 1و2) 

4 – [ أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً، لأن المحبة هي من الله ـ وكل من يحب فقد وُلِدَ من الله، ويعرف الله ] (1يوحنا 4: 7)

5 – [ إن علمتم أنه بار هو، فاعلموا أن كل من يصنع البرّ مولود منه ] (1يوحنا 2: 29) 

6 – [ نعلم أن كل من وُلِدَ من الله لا يُخطئ ( يتعدى )، بل المولود من الله يحفظ نفسه والشرير لا يمسه ] (1يوحنا 5: 18)

7 – [ كل من هو مولود من الله لا يفعل الخطية (عن قصد وعِناد)، لأن زرعه (زرع الله) يثبت فيه، ولا يستطيع أن يُخطئ لأنه مولود من الله ]ٍ (1يوحنا 3: 9)

 [ لأن كل من ولد من الله يغلب العالم وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا، من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله] (1يوحنا 5: 4 – 5)

عموماً الذي يؤمن إيمان واعي بإدراك يقيني بأن يسوع هو المسيح فهو قد قَبِلَ أن يكون أبناً لله في الابن الوحيد، فيصير أبناً لله في المسيح يسوع: [ من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه من لا يصدق الله فقد جعله كاذبا لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه، و هذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه، من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة (1يوحنا 5: 10  12)

ولنا أن نلاحظ وندقق جداً، فالسبب الأساسي الذي على أساسه نصير أولاداً لله، لا يعتمد على شيء حسنٌ فينا، أو على قدراتنا الخاصة أو شطارة فينا أو أعمال في برّ عملناها نحن أو ستفعلها، ولكن على أساس إلحاح محبة الله لنا، وهو مضمون الآية (رقم 3):

  • [ أنظروا أية محبة أعطانا الله حتى نُدعى أولاد الله ]، [ هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية ] (يوحنا 3: 16)، [ ولكن الله بين محبته لنا لأنهونحن بعد (لانزال) خطاه مات المسيح لأجلنا ] (رومية 5: 8)

باختصار وبكلمة واحدة تحمل روح الإنجيل كله وفكر آباء الكنيسة الذين عاشوا كما يحق لإنجيل ربنا يسوع: [ نحن أبناء في الابن الوحيد ] وذلك لأن [ ابن الله صار ابناً للإنسان، حتى يصير ابن الإنسان ابناً لله ] 

وهُنا نضع قول القديس أغسطينوس في الصدارة: [ فطالما نحن هو، ونحن من المسيح، بل ونحن المسيح، فلابُدَّ أن يكون أبوه أباً لنا نحن أيضاً، وذلك بفعل الروح عينه الذي به قد ولد الابن الوحيد بيننا ] (عن تفسير إنجيل يوحنا ص 108، عظة 133: 8، عظة 144، تفسير مزمور 54، تفسير مزمور 26، وتفسير يوحنا 21: 8، عظة 71: 28)، وطبعاً لنا أن نفهم قول القديس أغسطينوس على ضوء كلمات القديس بولس الرسول: [ لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عِظامه (أفسس 5: 30)

__________يتبـــــع__________
العنوان القادم: مقدمة 
كلمة التبني ومعناها القانوني

الخلاص والتبني – كيف نعيش خلاصنا

Exit mobile version