هل الكريسماس عيد وثني؟ وهل ولد المسيح في يوم 25 ديسيمبر؟ – ماي روك (منتديات الكنيسة العربية)
هل الكريسماس عيد وثني؟ وهل ولد المسيح في يوم 25 ديسيمبر؟
كثيراً ما يتكرر هذا السؤال نسبة لأهمية هذا اليوم في حياتنا نحن المسيحيين ومن حولنا. في الفترة الآخيرة أنتشرت كثيراً معلومات ان يوم 25 ديسيمبر هو ليس عيد ميلاد المسيح وانه عيد وثني يجب علينا الإبتعاد عن ممارسته.
من جهتي انا لا أحتفل بهذا اليوم بصورة تختلف عن الايام الباقية سوى اننا نكون بعيدين عن العمل ومع رفقة الأهل والكنيسة. لكني بحثت كثيراً في الموضوع وحبيت أن اطرح لكم خلاصة بحثي عن يوم ولادة السيد المسيح وان كانه هو فعلاً في يوم 25 ديسيمبر وما يذكره لنا التاريخ عن هذا اليوم وعن الأعياد الوثنية المقاربة لهذا اليوم.
راجع الموضوع التالي: متى ولد المسيح؟ في أي سنة ولد المسيح؟
هل ولد المسيح في يوم 25 ديسيمبر؟
للإجابة على هذا السؤال يجب علينا التعرف على بعض الحقائق في الكتاب المقدس والتاريخ:
- يوم ولادة السيد المسيح غير مذكور في الأناجيل والكتاب المقدس. فكتبة الأناجيل يذكرون لنا تفاصيل ولادة السيد المسيح وتحقيق النبؤات لكن لا يوجد ذكر بالتحديد ليوم ولادة السيد المسيح.
- الاناجيل تذكر لنا ان الرعاة كانوا يرعون رعيتهم في الخارج في وقت ولادة السيد المسيح ومن الممكن ان تكون هذه اشارة الى استحالة كون هذا التاريخ في شهر ديسيمبر البارد. لكن الواقع هو أن علماء الكتاب المقدس لهم وجهات نظر مختلفة في الموضوع فهناك من يرى ان الجو بارد وقارص في شهر ديسيمبر وهناك من يرى العكس لان درجة الحرارة أعلى في الشرق الأوسط.
- المسيحييون الأوائل لم يكونوا مهتمين كثيراً بيوم ميلاد المسيح. فنرى من التاريخ ان المسيحييون الأوائل لم يناقشوا يوم ولادة المسيح في اول قرنين، وبدأ المسيحييون بمناقشة يوم ولادة السيد المسيح من القرن الثالث فما بعد.
- يوم ولادة السيد المسيح تم مناقشته بصورة متزايدة في القرن الثالث والى القرن الرابع أصبح من الشائع الإحتفال بميلاد بيوم 25 ديسيمبر او 6 يناير. الحقيقة هي ان اقدم التواريخ التي تم مناقشتها هي تواريخ آخرى غير هذه التواريخ فمثلاً كيليمندس الاسكندري ناقش يوم ولادة السيد المسيح بكونه يوم 20 من شهر مايو.
- نرى في التاريخ أيضاً بعض المعلومات التي تخص يوم 25 ديسيمبر. فمثلاً تيرتيليان في القرن الثالث يذكر لنا ان هناك تقليد ان المسيح مات في يوم 25 مارس وكان هذا التقليد ان الانبياء كانوا يموتون بنفس اليوم الذي حُبل فيهم. فاذا كان يوم حبلت العذراء مريم بالمسيح هو يوم 25 مارس سيكون يوم ولادته بعد تسعة اشهر اي يوم 25 ديسيمبر، لكن تيرتيليان لا يذكر يوم 25 ديسيمبر بالذكر المباشر وايضاً نعلم ان الولادة لا تتم بعد 9 اشهر بالظبط.
- اول ذكر ليوم ميلاد السيد المسيح يوم 25 ديسيمبر كان في سنة 336 دون ذكر الأدلة والاسباب عن هذا اليوم.
بطبيعة الحال المعلومات غير أكيدة و متداخلة ومتنوعة ومن الصعب تعيين يوم ولادة السيد المسيح بصورة دقيقة الا انه من الواضح انه في نهاية القرن الثالث وبداية القرن الرابع أصبحت العادة بين المسيحيين ان يحتفلوا بعيد ولادة السيد المسيح في يوم 25 ديسيمبر او 6 يناير كل بحسب تقوييمه الشرقي والغربي.
الحقيقة انه اننا لا نعرف بالتأكيد يوم ولادة المسيح، فهناك من يرجح يوم 25 ديسيمبر بسبب كونه 9 اشهر من عيد الفصح وهناك من يفسره بصورة رمزية الى ان ابتداء طول فترة الشمس هو اشارة الي المسيح وهناك من يرجح كونه أستبدال للأعياد الوثنية ووضع الإحتفال بالسيد المسيح بدلها.
هل يوم 25 ديسيمبر هو عيد وثني؟
الحقيقة هي تاريخ من 25 ديسيمبر يتقارب مع تواريخ إحتفالات وثنية تخص انقلاب الشمس في الشتاء اذ أنقسم الرأي في تفسيرها. فهناك من يفسر ان الامور بأنها تغيير مقصود لتاريخ يوم ولادة المسيح وتبديله بتاريخ عيد وثني وهناك من يفسر الأمور بأن الكنيسة أستغلت قرب التواريخ للفوز بالنفوس وعرض بديل للأعياد الوثنية.
الحقيقة هي ان الوثائق التاريخية التي بين يدينا لا تحسم الموضوع ومن الواضح ان هذا الإستنتاج ليس بالسهولة التي يجزم فيها البعض. سأعرض أهم المعلومات التي تخص هذه الإحتفالات والأعياد الوثنية وبعدها نبني خلاصة الموضوع.
هناك ثلاثة أعياد وثنية يتم ربطها مع يوم 25 ديسيمبر:
- ولادة ميثرا: هناك الكثير من المغالطات بشأن مثيرا وحورس وغيرهم من فيلم zeitgeist سنرد عليها بالتفصيل في موضوع منفصل في الاسابيع القادمة. لكن ما يخص هذا الموضوع اي موضوع يوم ولادة السيد المسيح، فلا يوجد بين ايدينا اي موثوقة تاريخية تؤرخ يوم ولادة ميثرا سواء ان كانت يوم 25 ديسيمبر ام غيره. فهذه المعلومة (وبقية المعلومات المعروضة بالفلم) هي خطأ.
- عيد ساتورن: الذي هو إحتفال روماني قديم كان يبدأ يوم 17 ديسيمبر والإحتفال به بالبداية ثلاثة ايام وتم تطويل ايام الإحتفال الى مدة اسبوع بسبب رغبة الشعب بالاحتفال بهذا العيد. العادة في هذا العيد لها علاقة بإنقلاب الشمس في الشتاء وإحتفالهم بأن الشمس تتم إعادة ولادتها من جديد لان طول فترة الشمس في اليوم تكون في ازدياد بعد هذه الإحتفالات. تقاليد الإحتفال بهذا العيد كان يحتوي على زيارة البيوت والغناء عراة وتقديم الذبائح البشرية والسكر والفعاليات الجنسية الغير اخلاقية.
- عيد إله الشمس سول إنفكتوس: لا نعرف الكثير من خلال التاريخ عن هذا العيد واول ذكر للتاريخ لهذا العيد كونه في يوم 25 ديسيمبر هو في القرن الرابع. نفس الوثيقة التي تذكر تاريخ عيد اله الشمس تذكر تاريخ ولادة السيد المسيح والاثنين كونهم يوم 25 ديسيمبر. فلا يوجد بين أيدينا وثائق تاريخية قبلها تخبرنا عن هذا العيد وتفاصيله ولا لوجد اولوية لهذا التاريخ لانهم مذكورين في نفس الوقت وفي نفس الوثيقة التاريخية.
بطبيعة الحالة هناك احتفالات بعيد الشمس مقاربة ليوم 25 ديسيمبر لكنها ليست في نفس اليوم وفيها تقاليد مختلفة تماماً لما نحتفل بيه حالياً ولا توجد لدينا ادلة تاريخية كافية للجزم في الموضوع. فلا توجد أدلة ان كانت هناك خطة لتزوير يوم ميلاد المسيح للإحتفال بعيد وثني، فالوثائق التاريخية متقاربة وغير دقيقة في وصفها لهذه الأعياد الوثنية. ولا توجد أيضاً أدلة كافية ترجح ان المسيحييون قاموا بأستبدال هذا العيد لغرض كسب النفوس من بين الرومان.
الخلاصة
لا توجد آدلة تاريخية كافية تنفي أو تؤكد يوم ولادة السيد المسيح يوم 25 ديسيمبر، واكثر علماء الكتاب المقدس يرجحون ان يوم تم إختياره بدون وضع الدلائل.
نعلم من التاريخ تقارب وقت الإحتفالات الوثنية بانقلاب الشمس لكن التواريخ غير مطابقة وتقاليد الإحتفالات مختلفة جداً عن التقاليد المسيحية. فلا توجد أدلة بأن تم توزير يوم ميلاد السيد المسيح ومن المرجح ان تم إختيار هذا اليوم بسبب بعض التقاليد المسيحية والسهولة العملية في وضع تاريخ إحتفال جامع للامبراطورية الرومانية.
لذلك الموضوع يبقى مفتوح لفكرنا نحن كمسيحيين وكيف نقرأ الحقائق وكيف نحتفل بالمسيح في حياتنا. الرسول بولس في رسالته الى اهل رومية يعلمنا ان نعيش يومنا للرب:
- 5. وَاحِدٌ يَعْتَبِرُ يَوْماً دُونَ يَوْمٍ وَآخَرُ يَعْتَبِرُ كُلَّ يَوْمٍ – فَلْيَتَيَقَّنْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي عَقْلِهِ:
- 6. الَّذِي يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ فَلِلرَّبِّ يَهْتَمُّ وَالَّذِي لاَ يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ فَلِلرَّبِّ لاَ يَهْتَمُّ. وَالَّذِي يَأْكُلُ فَلِلرَّبِّ يَأْكُلُ لأَنَّهُ يَشْكُرُ اللهَ وَالَّذِي لاَ يَأْكُلُ فَلِلرَّبِّ لاَ يَأْكُلُ وَيَشْكُرُ اللهَ.
فالتعليم الكتابي واضح، اذا اردنا الإحتفال بميلاد السيد المسيح ام لا، مادام يومنا هو للرب، فلا فرق في ان نكون نحتفل في يوم 25 ديسيمبر ام 6 يناير ام في اي شهر آخر. هذه الأشياء رفعنا عنها السيد المسيح عندما خلصنا على الصليب ورفع من مستوانا الروحي لأكثر من مجرد الإحتفال، لكن الإحتفال وتقديم كل يوم في حياتنا للرب. فلا يوجد شئ وثني بالإحتفال بيوم ميلاد المسيح، فالملاكة والرعاة تهللوا وإحتفلوا بهذا الحدث العظيم. في نفس الوقت يجب علينا ان نكون نبهين وحذرين من العاداة التقاليد التي تتناقلها شعوبنا ومجتمعاتنا وان نكون على يقين بأن كل إحتفال وكل يوم نقدمه بكل قداسة وطهارة للرب.
اتمنى ان يكون الموضوع سبب فائدة للقارئ. موضوعنا القادم هو هل شجرة عيد الميلاد هي عادة وثنية؟ ارميا 10 يليه موضوع آخر عن حقيقة شخصية البابا نويل. تابعونا.
سلام ونعمة