اختلاف مفاهيم اللاهوت اليوناني واللاتيني في تدبير الخلاص – د. أنطون جرجس
اختلاف مفاهيم اللاهوت اليوناني واللاتيني في تدبير الخلاص - د. أنطون جرجس
اختلاف مفاهيم اللاهوت اليوناني واللاتيني في تدبير الخلاص – د. أنطون جرجس
يتحدث البروفيسور المعروف لويس بيركهوف (لاهوتي بروتستانتي) عن الاختلاف بين اللاهوتين الشرقي اليوناني والغربي اللاتيني في عقيدة الكفارة وعمل المسيح على الصليب، حيث يقول التالي:
في اللاهوت الآبائي اللاتيني:
على الرغم من أن تعليم عمل المسيح في اللاهوت الآبائي اللاتيني لديه نقاط عديدة مشتركة مع تعليم اللاهوت اليوناني المبكر، ولكن حتى في هذه الفترة المبكرة، تبدأ اختلافات مهمة في الظهور*. حيث يبدأ النوع اللاتيني المختلف من اللاهوت مع ترتليان*. حيث يتبنى إلى حد ما نظرية إيرينيؤس الانجماع الكلي، ولكنه يتصور التجسد على أنه يؤثر على الجنس البشري بالأساس من خلال الإرشاد والمثال.
ولكن تتراجع هذه الفكرة كلها بشكل أو بآخر إلى الخلفية. حيث يركز كثير جدًا أكثر من إيرينيؤس على الأهمية المحورية لموت المسيح على الصليب*، معتبرًا إياه نقطة الذروة والنهاية الحقيقية لإرسالية المسيح. لا يمكن القول بأنه ذهب بعيدًا عن إيرينيؤس في الصياغة المحددة لعقيدة موت المسيح. ولكن تقع أهميته الحقيقية في حقيقة أنه أدخل استعمال مصطلحات قانونية عديدة إلى اللاهوت*، مثل: ‘ذنب’، و ‘ترضية’، و ‘استحقاق’، وما إلى ذلك، التي تم توجيهها لتلعب دورًا كبيرًا في التطور اللاهوتي لعقيدة عمل المسيح*.
ومع ذلك، يجدر ملاحظة أنه مازال لم يطبق تلك المصطلحات على عمل المسيح الكفاري، بل على التوبة والأعمال الصالحة التي ينبغي أن تتبع الخطايا المرتكبة بعد المعمودية. كما وضع الأساس لتطور عقيدة التوبة في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية”.
ثم يستطرد قائلاً في نفس السياق متحدثًا عن عقيدة الكفارة عند أوغسطينوس أبو اللاهوت اللاتيني، موضحًا الاختلاف بين اللاهوت اليوناني واللاهوت الأوغسطيني بشأن عقيدة الكفارة والفداء، حيث يقول التالي:
“نشعر بشكل طبيعي بالميل إلى اعتبار أن أوغسطينوس، الأب الكنسي الأعظم في الغرب، قد أضاف بشكل كبير، سواء على المستويين الجوهري والشكلي، إلى عقيدة عمل المسيح. ولكن ليست تلك هي القضية، بل تقع إنجازاته في موضع آخر. حيث يقدم آراء متنوعة، جامعًا في ذاته التطور السابق.
كما توجد فكرة تأله الطبيعة البشرية بالتجسد، ولكن بطريقة أخلاقية فقط*، ويوجد أيضًا مفهوم أن الشيطان لديه حق على الإنسان، ولكن تم استكماله، عن طريق فكرة أن حق الشيطان تم إبطاله بموت المسيح. ولكن فيما يُعتبر بأنه خط تفكيره الأساسي، يُعتبر أوغسطينوس بعيدًا جدًا عن اللاهوت اليوناني*.
حيث كل من افتراضاته واستنتاجاته مختلفة*. فالأفكار الرئيسة هي أفكار الخطية الأصلية، والتبرير بالنعمة، والمصالحة بذبيحة المسيح. حيث يفرض* النوع الغربي الجديد من الفكر نفسه، ونجد أنفسنا ندور في دائرة الأفكار البولسية. حيث يتم النظر إلى الإنسان على أنه موضوع الغضب الإلهي*، وذبيحة المسيح كتهدئة لهذا الغضب*، وكمصالحة للإنسان مع الله*.
لم يطور أوغسطينوس هذه الأفكار إلى نظام كامل، حيث تقع أقواله بعيدًا بقليل عن نظرية أنسلم المترابطة تمامًا عن الكفارة. حيث لم يميز بصورة حادة بين الجانب القضائي والتجديدي للفداء”.
Louis Berkhof, The History of the Christian Doctrines, (Michigan, 1949), the doctrine of the atonement or the work of christ, p. 125-129.
ويتضح من هنا اتفاق رأي البروفيسور لويس بيركهوف مع غيره من أساتذة العقائد المسيحية أن عقيدة الكفارة والفداء بجانبها القانوني والقضائي في اللاهوت الغربي اللاتيني تختلف تمام الاختلاف عن الجانب الشفائي والتأليهي في اللاهوت الشرقي اليوناني.