كتاب التحرّر من الأفكار الأثيمة بقلم هاينريش آرنولد Heinrich Arnold
115 صفحة
تنتاب كل إنسان مهما كان جنسه أو معتقده في هذه الأرض أفكار شريرة تؤثر على حياته بصورة عجيبة بحيث يتساءل كيف فعل مثل هذه الشائنة أو تلك الرذيلة أو كيف جرح أخاه الإنسان أو كيف حمل ضغينة في صدره ضد هذا أو ذاك وكيف له أن يطلق العنان لمخيلته لتتمادى في أحلامها النجسة وتزوده بالاستمتاع الجنسي الفكري الذي يقودنا إلى اقتراف أفعال غير شريفة، أو حتى أفكار حقد وكراهية تقودنا إلى الاعتداء على الآخرين بشتى الأنواع.
والأسوأ من ذلك، ترانا في كثير من الأحيان أسرى لتلك الأفكار ومستعبدين لها، وتسيّرنا كيفما تشاء. وإذا بالمأزق يصبح حقيقة مريرة. فنحصد عذابا روحيا لنا ونسبب الأذية والإغاظة لغيرنا، بسبب خدمتنا لأرواح شريرة أو بسبب اندفاعنا بها.
فغالبا ما نكون مدفوعين – بمعرفة أو بغير معرفة – بتأثيرات خارجية سواء كانت تلك التأثيرات شخصا يؤثر علينا أو غسيل أدمغة يحكم قبضته علينا…إلخ. وأحيانا نعتقد أننا نتفوه بالحق وننطق بكلمات صحيحة لكنها بالحقيقة خالية من الروح والمحبة فنجرح مشاعر الآخرين بل حتى نؤذيهم جسديا.
فما السبيل الكفيل لكسر الأواصر والقيود التي تكبلنا لنتحرر ونسلك السلوك الصحيح وفقا لما يمليه علينا ضميرنا؟
وهنا يقول الكاتب هاينريش بأن النصرة على هذه الأفكار الشريرة والتخلص منها قد لا يكون أمر سهل المنال. فيستوجب علينا أن نتواجه مع الحقيقة وهي أن الصراع الروحي هو حرب واسعة النطاق دارت رحاها منذ سقوط الإنسان الأول.
والنصائح السديدة التي يقدمها الكاتب هاينريش لم تأتٍ عن الهواء أو عن دراسات نظريات بحتة بل عن خبرة عملية في هذا المضمار كونه قد عمل قسيسا لسنوات عديدة وقدم المشورة للمئات من الشباب والمتزوجين. وهو على علم بكيفية الاصطياد في المياه العكرة وفضح مكايد إبليس وكشف أقنعته التي يزودنا بها لنتستّر ورائها.
كما يوقظنا من غفلتنا ويبطل المنطق المغلوط الذي نرتكز عليه رغم أنه قد يبدو لنا منطقا براقا ومألوفا وله شعبية. ويبيّن لنا كيف أن الإنسان نفسه غالبا ما يكون عقبة في طريق الله، ويؤكد على دور الصلاة. فمحاولة حل مشاكلنا الروحية بمجهودنا البشري مصيرها الفشل المحتوم.
ونحن نعلم بأن التراث المسيحي يزخر بكثير من الحِكَم والنصائح لما يخص التعامل مع موضوع الأفكار والمشاعر. وكتاب هاينريش آرنولد “التحرّر من الأفكار الأثيمة” هو خير مثال على ذلك. فبأسلوبه الذي لا يختلف كثيرا عن أسلوب القديس أغسطينوس St. Augustine في الغرب وأسلوب الآباء الرهبان في الشرق فإن هاينريش يجعلنا نتواجه وجها لوجه مع حقيقة المعارك التي يخوضها الإنسان مع التجارب والخطايا انطلاقا من تجاربه الكنسية. والحكمة التي يقدمها صادقة وواقعية، لكنها مشبعة بإيمان خالٍ من المساومة وبيقين تام بقدرة الروح القدس في تجديد النفوس وتغيير الحياة.
ويطرح كتاب “التحرّر من الأفكار الأثيمة” في يومنا المعاصر مواضيعا لا يتناولها زماننا الحديث، الذي لا يبالي بالسلامة والعافية الروحية للناس، زمان الحواسيب والإلكترونيات والتجارة والماديات والمظاهر. فهناك الكثير من الأمراض الروحية التي نصاب بها نحن البشر فضلا عن الصراعات الروحية.
ويحتوي كتاب “التحرّر من الأفكار الأثيمة” على حكمة مهمة لأهم الصراعات الروحية لدى جميع الناس، مكتوبة بأسلوب مبسط يفهمه عامة الناس. وعلاوة على ذلك، فهو يحتوي بين طياته على وعود لحياة جديدة لأولئك القراء الذين أدّى قلقهم على الذات وخطاياهم المقترفة بالسرّ ومشاعر الذنب أو الخوف إلى حجب صلواتهم من الوصول إلى الله وأدى أيضا إلى إعاقة محبتهم لله ومحبتهم لأخيهم الإنسان بقلوب متحررة وغير منقسمة على نفسها. وفي هذا العالم الذي يبدو غالبا مظلما ومكفهرا ويبعث على اليأس، يحمل هذا الكتاب رسالة فرح وأمل.
كتاب التحرّر من الأفكار الأثيمة بقلم هاينريش آرنولد Heinrich Arnold