Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

الصلاة الكهنوتية – ج1 (يوحنا 17 :1-5) – مينا كرم

الصلاة الكهنوتية – ج1 (يوحنا 17 :1-5) – مينا كرم

الصلاة الكهنوتية – ج1 (يوحنا 17 :1-5) – مينا كرم

29\9\2022

مقدمة عامة

من أمتع ما يُمكن أن تقرأه في العهد الجديد بالكامل هي صلاة الرب يسوع المسيح في الإصحاح السابع عشر[1] من إنجيل الرسول يوحنا، يمتلئ هذا الإصحاح بتركيبات إيمانية وإستعلانية صعبة والسبب الجوهري لهذه الصعوبة هي سهولتها في الوقت نفسه، وهذه هي السمة التي يتميز بها إنجيل يوحنا عن باقي الأناجيل بل وعن باقي كل كتابات العهد الجديد.

وهذه – الصعوبة اليسيرة- ستظهر وتتجلى بالتمام عند الضغط على بعض التعبيرات اليوحناوية المملوءة دقة في الشرح اللاهوتي، عن هذا الأصحاح بالتحديد يقول Lange ” أن هذا الإصحاح هو الأبسط والأعمق والأسمى في كل الكتاب المقدس”[2]، وبحسب تعبير Bengel ” من بين كل أصحاحات الكتاب المُقدس هذا الإصحاح هو الأسهل بحسب كلماته، والأعمق بحسب أفكاره” [3]صلاة الرب يسوع في هذا الأصحاح تُعرف باسم ” الصلاة الكهنوتية “[4]وبالرغم من أن هذه التسمية هي من القرن السادس عشر بدايةً من David Chytraeus (1531-1600) العالم الألماني اللوثري فهي قديمة قدم Chytraeus.

ولكن أيضًا قدم القديس كيرلس الكبير في شرحه لإنجيل يوحنا الرب يسوع باعتباره رئيس الكهنة والوسيط بيننا وبين الأب.[5] يُعد هذا الإصحاح تقرير لما فعله الرب يسوع في الثلاث سنوات الأخيرة بإعطاء نظرة تقيمية مختلفة لمعنى الحياة والخدمة وهذه الذروة كانت بسبب إقترابه من الصلب، هذا التصور الذي جعل جون نوكس المًصلح الاسكتلندي[6] يطلب أن يُقرأ عليه هذا الإصحاح حينما كان مستلقيًا على فراش الموت خلال مرضه الأخير كمصدر للقوة والراحة، ويعطي تقرير لما فعله في الخدمة ايضاً. [7]

وعن هذا فيضع الرب يسوع في الخمسة اعداد الأولى الأساس اللاهوتي الذي ينقلنا الى علاقة التبني التي تجعلنا ورثة ملكوت الله فنحن نناله بالمسيح وبدونه لا ولم ولن نكون ورثة، إن لم يكن لنا الوارث كرأس الجسد، ونحن ورثة وممسكين في الرأس كأعضاء هذا الجسد، كل هذا لا يقوم على أساس أخر الإ علاقة الإبن بالأب،بل وكل ما حدث في التدبير لا يقوم على أساس الجسد الإنساني الذي اتخذه الله الكلمة، فكل ما حدث في التدبير أي في الزمن هو على أساس اللاهوت، ولو كان ما حدث في الزمن هو من فعل الناسوت ويقوم على الناسوت فكل شيء قد ضاع.

فكل ما فعله المسيح في تجسده لم يكن له، وهذا ما نقوله في قانون الإيمان “هذا الذي من أجلنا نحن البشر، ومن أجل خلاصنا” فكل ما حدث في التدبير كان لأجلنا نحن، فقد وُلد الرب يسوع من العذراء مريم في اتحاد كامل بين الناسوت واللاهوت، فالجسد الذي اخذه الله الكلمة قد تكون بواسطته ومتحد به، أخذ الجسد الذي لنا القابل للموت – الذي فينا- فالموت والفساد لم يكن خارج الإنسان ” كلطخة” على جسده.

هذا الموت هو في الطبيعة الإنسانية، وباتحاد الكلمة بهذا الجسد القابل للموت التصقت الحياة أيضًا في هذه الطبيعة البشرية، وفي عماده من يوحنا المعمدان لم يكن في احتياج لها، ولا يحتاج أن يقوم من الأموات لأن لاهوته لم يموت، فالذي مات هو الذي قام، فالذي مات هو الجسد الإنساني المتحد باللاهوت والذي قام هو الجسد الإنساني المُتحد باللاهوت، فهو باكورة الأموات لأنه لم يسود عليه الموت، وهو أول من دخل إلى الموضع الذي لم يدخل إليه ذو طبيعة بشرية(قسمة سبت الفرح)، ونحن به لا يسود علينا ونحن به نحيا لأن لا يوجد لنا حياه في ذاتنا، لكنه – المسيح- له حياة في ذاته.

وعلى ضوء صلاة يسوع في هذا الإصحاح فقد اقترب الصلب والموت الذي لم يكن رغمًا ولم يكن الرب يسوع مُجبر ابدأ، لأن له السلطان على ذاته يستطيع أن يضع ذاته ويستطيع أن يأخذها، ولكن كل ما حدث لأن ” التدبير” قد اقتضى هذا، فالتجسد والمعمودية والموت والقيامة والصعود، يقوموا على أساس اللاهوت، فالله الكلمة قد خلق ادم لأنه مُحب، وقد جدد الخليقة الأولى بالخليقة الجديدة-وجود جديد- لأنه مُحب، ليس عن احتياج أو اضطرار، فقد صار يسوع أدم الثاني لتنقطع علاقتنا الى الأبد بأدم الأول وتتكون علاقة جديدة ووجود جديد في شركة مع الله، والدافع لكل هذا هو المحبة الإلهية، وإن كانت أفعال الرب في الجسد تقوم على أساس إنساني فلا يوجد استطاعة لتجديد الخليقة.

 

المجد

يُهيمن على الفقرات الخمس الأولى تعبير ” المجد ” وما يتوافق مع العهد الجديد بأكمله أن قيامة الرب يسوع تُعلن مجد الله لأن القيامة كانت عمل الله، وقد أعطى القديس يوحنا تصور للآلام والموت والقيامة باعتبارهم ” الساعة” وكأن عين القديس يوحنا مُثبتة على موضوع المجد طوال ” الساعة “، “وأما يسوع فأجابهما قائلا قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان، أيها الآب مجد اسمك. فجاء صوت من السماء مجدت وأمجد أيضا.” (23،28:12)، ” ان كان الله قد تمجد فيه فان الله سيمجده في ذاته ويمجده سريعا.”(13:32)، “تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال أيها الآب قد أتت الساعة. مجد ابنك ليمجدك ابنك”(17:1). وكانت صلاة الرب يسوع في مُنتصف الساعة ” والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم”(17:5)[8]

 

هذه الكلمة وُجدت بالفعل عند هوميروس وهيروديت، ولها معنى أساسي في كل اليونانية غير الكتابية مُرتبطة بــ δοκέω والتي تُعني ما يعتقده الشخص أو ” رأي”، وهنا تأتي على شكلين أما أن تكون ” أنا اعتقد- رأيي”، أو ” رأي الآخرين عني ” سواء كان هذا الرأي-فلسفي أو غير فلسفي – أو التخمين أو الاعتقاد صحيح ام لا.[9] ولكن حينما نقوم بعمل مسح كامل للعهد الجديد لا نجد فيه ولا مثال واحد فقط يعطي لنا هذا المعنى، يُقدم العهد الجديد صورة مُختلفة تماماً عن هذا التعبير، لا يوجد في أي موضع في العهد الجديد استخدام لتعبير δόξα بمعنى ” رأي” أو حتى في كتابات الآباء ما بعد الآباء الرسولين، فالعهد الجديد استخدم مصطلحات أخرى لتعبير عن هذا المعنى القديم – رأي-، فيستخدم مثلا تعبير γνώμη ” ولكنني اطلب اليكم أيها الأخوة باسم ربنا يسوع المسيح ان تقولوا جميعكم قولا واحدا ولا يكون بينكم انشقاقات بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد.” (1كو 1:10)، ” واما العذارى فليس عندي امر من الرب فيهنّ ولكنني اعطي رأيا كمن رحمه الرب ان يكون أمينا.” (1كو 7:25)، أو يستخدم تعبير πρόθεσις “واما انت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وقصدي وايماني واناتي ومحبتي وصبري “(2تي 3:10)، ولكن مازال في العهد الجديد معنى ” سمعة ” لتعبير δόξα ” بل متى دعيت فاذهب واتكئ في الموضع الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك يا صديق ارتفع الى فوق. حينئذ يكون لك مجد أمام المتكئين معك.”(لو 14:10)، وأيضا معنى ” شرف-عفة ” ما زال موجود ” وأما المرأة إن كانت ترخي شعرها فهو مجد لها لان الشعر قد أعطي لها عوض برقع.”(1كو 11:15).

كما يظهر معنى ” المجد، الإشراق ” في العهد الجديد وهذا المعنى غير موجود في كل اليوناني غير الكتابي إلا عند يوسفيوس، ” ثم أخذه أيضًا إبليس الى جبل عال جدا واراه جميع ممالك العالم ومجدها.”(متى 4:8)، “وقال له إبليس لك اعطي هذا السلطان كله ومجدهنّ لانه اليّ قد دفع وانا اعطيه لمن أريد”(لوقا 4:6)، “ولكن أقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها.” (مت 6:29)، ” تأملوا الزنابق كيف تنمو. لا تتعب ولا تغزل. ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها.”(لو 12:27)، ومجد النجوم أيضا، ” وأجسام سماوية وأجسام أرضية. لكن مجد السماويات شيء ومجد الارضيات آخر.”(1كو 15:40)، كما يُمكن أن المجد يُعني انعكاس بمعنى صورة εἰκών “فان الرجل لا ينبغي ان يغطي راسه لكونه صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الرجل.” (1كو 11:7)

 ولكل ما هو مشروح اعلاه، فنحن نمتلك معنى جديد لهذا المُصطلح غير مُستحدم تقريبا في كل اليوناني غير الكتابي على الإطلاق، هذا المعنى الجديد كالإشراق الإلهي والسماوي وعظمة الله بل وكيان الله، هذا المعنى ليس من فراغ ولكنه امتداد للعهد القديم [10]

الصلاة الكهنوتية – ج1 (يوحنا 17 :1-5) – مينا كرم

يكمن هذا المعنى الجديد وراء التعبير العبري כָּבוֹד والذي ستجده في الترجمة السبعينية δόξα، ويُستخدم في التعبير عن الظهور الإلهي والإعلان المجيد عن ذاته، ويرتبط بشكل كبير بالرؤية ” وفي الصباح ترون مجد الرب لاستماعه تذمّركم على الرب. واما نحن فماذا حتى تتذمروا علينا” (خر 16:7)، ” فيعلن مجد الرب ويراه كل بشر جميعا لان فم الرب تكلم” (اش 40:5)، وأيضًا الظهور، ” فحدث اذ كان هرون يكلم كل جماعة بني اسرائيل انهم التفتوا نحو البرية. واذا مجد الرب قد ظهر في السحاب.” (خر 16:10)، ” وقلتم هوذا الرب الهنا قد ارانا مجده وعظمته وسمعنا صوته من وسط النار. هذا اليوم قد رأينا ان الله يكلم الإنسان ويحيا.” (تث 5:24)، وربما أن نرى هذا المجد في عمل الخلق ” لإمام المغنين. مزمور لداود‎. ‎السموات تحدث بمجد الله. والفلك يخبر بعمل يديه‎.” (مز 19:1)، والتعبير عن مجد الله في تاريخ الخلاص ” وها انا اشدد قلوب المصريين حتى يدخلوا وراءهم. فأتمجد بفرعون وكل جيشه بمركباته وفرسانه.”(خر14:17)، والحضور الإلهي، ” ثم غطت السحابة خيمة الاجتماع وملأ بهاء الرب المسكن.” (خر 40:34)، وقد كان فقد تابوت الله يُعنى فقد المجد وهذا الحدث قد انعكس على اسم إيخابود الذي يُعني “أين المجد؟ “، ” فدعت الصبي ايخابود قائلة قد زال المجد من اسرائيل لان تابوت الله قد أخذ ولاجل حميها ورجلها.” (1 صم 4:21)[11]

 وهذا يُعني أن السبعينية بترجمتها لتعبير כָּבוֹד إلى δόξα أعطت المًصطلح اليوناني معنى جديد ومميز فقد حولت ” الذوكسا- الرأي” أي شيء ربما يكون موضع خلاف إلى شيء ” موضوعي ” أي حقيقة الله، ومجد الله ليس صفة خاصة به مثل الحكمة بل صفة لطبيعة الله – طبيعة الله مُمجدة ” ولا يوجد شك أن العهد الجديد استمد هذا المعنى من اليونانية السبعينية وليس من اليونانية العلمانية. [12]

 

 عند فحص الأناجيل يبدو أنهم تتبعوا في استخدامهم لمُصطلح ” المجد” الترجمة السبعينية للعهد القديم، عند قراءتنا للأناجيل سنجد استخدام روتيني مثل عظمة شيء ما على الأرض ” ثم اخذه أيضًا ابليس الى جبل عال جدا واراه جميع ممالك العالم ومجدها.”(مت 4:8)، أو الحديث عن عظمة سليمان “تأملوا الزنابق كيف تنمو. لا تتعب ولا تغزل. ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منه”(لو 12:27)، وهذا المعنى قريب للغاية من تمجيد الناس بعضهم البعض ” فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة لكي يمجّدوا من الناس. الحق أقول لكم انهم قد استوفوا أجرهم.” (مت 6:2) ” كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجدا بعضكم من بعض. والمجد الذي من الاله الواحد لستم تطلبونه (يوحنا 5:44) هذا المعنى قريب من التكريم أو الاهتمام، مثلما حدث مع الرب يسوع ” وكان يعلّم في مجامعهم ممجدا من الجميع” (لو 4:15).

ولكن يوجد استخدام أخر وهو الأكثر توافقًا مع العهد القديم، وهو أن التمجيد خاص بالله أو ما يخصه، فيظهر مجد الله بشكل مُتكرر في روايات الميلاد ” وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما.” (لو 2:9)، “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة”(لو 2:14)، وكذلك في حادث التجلي ” اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذي كان عتيدا أن يكمله في اورشليم.، وأما بطرس واللذان معه فكانوا قد تثقلوا بالنوم. فلما استيقظوا رأوا مجده والرجلين الواقفين معه. (لو 31-32: 9)، وتمجيد الناس حينما يروا بعض الأعاجيب ” فلما رأى الجموع تعجبوا ومجدوا الله الذي اعطى الناس سلطانا مثل هذا” (مت 9:8)، ” فقام للوقت وحمل السرير وخرج قدام الكل حتى بهت الجميع ومجّدوا الله قائلين ما رأينا مثل هذا قط” (مر 2:12)، ” ثم رجع الرعاة وهم يمجدون الله ويسبحونه على كل ما سمعوه ورأوه كما قيل لهم ” (لو 2:20) وكل هذا هو انعكاس لأدب العهد القديم عن المجد مثل ” ‎يا خائفي الرب سبحوه. مجدوه يا معشر ذرية يعقوب. واخشوه يا زرع إسرائيل جميعا‎.” (مز 22:23)، ” اسمعوا كلام الرب أيها المرتعدون من كلامه. قال أخوتكم الذين أبغضوكم وطردوكم من اجل اسمي ليتمجد الرب. فيظهر لفرحكم وأما هم فيخزون” (اش 66:5)

 ولكن النقلة التطورية في لاهوت الأناجيل الإزائية – وهي الأكثر أهمية في الحديث- هو طريقة تصوير مجد الرب يسوع المسيح، فالمسيح بسبب اتحاده بالله الآب يعكس المجد الألوهي، ولكن الحديث عن المجد في الأناجيل الإزائية له دائما لغة ” اسخاتولوجية – أخروية” وهذا واضح في طلب يعقوب ويوحنا ” فقالا له اعطنا ان نجلس واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في مجدك” (مر 10:32)، ويضع متى تعبير أخر للمجد في روايته الموازية ويستخدم تعبير ” ملكوت”، ” فقال لها ماذا تريدين. قالت له قل ان يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك.” (مت 20:21).

ويبدو أن المجد المسيح- ابن الإنسان- سيظهر عند عودته ” فان ابن الإنسان سوف يأتي في مجد ابيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله.” (مت 16:27)، ” لان من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ فان ابن الإنسان يستحي به متى جاء بمجد ابيه مع الملائكة القديسين” (مر 8:38)، ” لان من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين.” (لو 9:26)

 ولكن الاستثناء لهذا النمط الأخروي في الأناجيل الإزائية هو رواية التجلي بحسب إنجيل لوقا (28-36: 9) يُقدم لوقا الرب يسوع أنه كان ” في مجده ” وهذا الحديث ليس اسخاتولوجي على الإطلاق[13]

 

لا يرتكز الحديث عن المجد في إنجيل يوحنا على أساس اسخاتولوجي، يتحدث هذا الإنجيل بقوة عن المجد في سياق خدمة الرب يسوع المسيح على الأرض، صحيح لا يزال مفهوم العهد القديم عن المجد موجود (أنظر 5:44، 7:18، 9:24،11:4،12:43) لكن التركيز الرئيسي ينصب على مجد المسيح، فيتحدث عن مجد المسيح قبل تجسده، ” قال اشعياء هذا حين رأى مجده وتكلم عنه.” (يو 12:41)، ” والآن مجدني انت ايها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم” (يو 17:5)، ” أيها الآب اريد ان هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث اكون انا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لانك احببتني قبل انشاء العالم.” (يو 17:24)، ومجده أثناء تجسده لا يزال مرئيًا، ” والكلمة صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا.” (يو 1:14)، ” اجاب يسوع ان كنت امجد نفسي فليس مجدي شيئا. ابي هو الذي يمجدني الذي تقولون أنتم انه إلهكم” (يو 8:54)، ” فلما سمع يسوع قال هذا المرض ليس للموت بل لاجل مجد الله ليتمجد ابن الله به.” (يو 11:4)، ” إن كان الله قد تمجد فيه فان الله سيمجده في ذاته ويمجده سريعا.” (يو 13:32)، وبهذا الاهتمام عن المجد في إنجيل يوحنا على تفسير الاستخدام المتكرر لمصطلح ” نور”، غالبًا يظهر النور والمجد معًا في العهد القديم (أنظر اش 1-3:60) بالمُقارنة (يو 4-9:1، 3:19، 8:12، 12:46)، وهذا يتفق مع لاهوت العهد الجديد، حيث لا ينفصل ابن الله عن مجده، ” التي لم يعلمها أحد من عظماء هذا الدهر. لان لو عرفوا لما صلبوا رب المجد.” (1 كو 2:8)، ” الذين فيهم إله هذا الدهر قد اعمى اذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم انارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله.” (2 كو 4:4)، ” الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الاشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الاعالي” (عب 1:3). [14]

الصلاة الكهنوتية – ج1 (يوحنا 17 :1-5) – مينا كرم

الشرح

لكي نسير بخطى سليمة، سوف أستعيد هنا ما قاله الآباء سواء كانوا من قبل نيقية أو بعد نيقية عن الخمس فقرات الأولى في الإصحاح السابع عشر ثم على هذا الأساس ننطلق الى خطوة اخرى في الشرح.

” أن علاقة الآب بالابن، والابن بالمُعزي الروح القدس تستدعي اتحاد الثلاثة أقانيم، وهم ما زالوا مُتمايزين، الثلاثة اقانيم لهم نفس الجوهر الواحد وليس الأقنوم الواحد، كما قال الرب ” أنا والآب واحد”، هذه الوحدة تتعلق بالجوهر وليس العدد، أنظر الى الإنجيل بالكامل، ستجد أن الذي تعتقد أنت أنه الآب (يوصف بأنه ممثله، على الرغم أنك تفترض أن الأب كونه الكرّام بالتأكيد كان على الأرض) مرة أخرى يعترف به الابن بأعتباره في السماء عندما رفع عيناه اليه” [16]

تحدث ترتليان هنا في رده على Praxeas الذي كان مُهرطق مجهول وربما يكون هو نفسه Noetus ولكن يستخدم لقب أخر، كان يؤمن أن أقنوم الابن والروح القدس مُجرد تسميات للإله الواحد، استهزأ ترتليان بفكر هذه الهرطقة وبحسب تعبيره ” يصلبون الأب “[17] لم تنكر هذه الهرطقة أن المسيح هو الله ولكنها قالت بما أن المسيح هو الله، فهو أيضًا أب!، وإذا مات المسيح فإن الأب مات معه، لأن هرطقات القرن الثاني والثالث مثل الشكلانية والسابلية ظنوا أن الأقانيم هي اعلانات لله تارة كالآب وتارة كالابن وتارة أخرى كالروح القدس.

قدم ترتليان شرح للثالوث بأعتبار أن الله مثلث الأقانيم ويوجد تمايز بين كل اقنوم والثلاثة اقانيم واحد في الجوهر، فأول حديث لنا من جهة الآباء هو ببساطة تمايز أقنوم الأب عن اقنوم الابن ليكون هذا الأساس البسيط والذي يعرفه الجميع نصب اعيننا.

“الكلمة يُمجد ابيه والأب يُمجد الكلمة كما قال المسيح بنفسه ” أبها الآب، مجدني بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم” كما أنه غير مُحتاج إلى خدمتنا حينما أمرنا أن نتبعه، لكنه منحنا الخلاص، لأن كونك تتبع المُخلص فأنت تصير شريكًا في الخلاص.. لأنه بقدر ما لا يحتاج الله شيء، فإن الإنسان يحتاج إلى شركة مع الله، لأن هذا هو مجد الإنسان أن يستمر في خدمة الله دائمًا، ولذلك قال الرب أيضًا لتلاميذه “ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم” هنا يُشير إلى أنهم لم يُمجدوه عندما تبعوه ولكنهم بأتباعهم لإبن الله قد تمجدوا هم به” [18]

“لو كان المسيح مجرد إنسان، فعلينا أن نسأل لماذا وضع لنا هذا القاعدة الإيمانية التي تقول ” وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته”؟، لأنه لو يكن راغب أن نفهم أنه الله لكان قد قال ” والإنسان يسوع المسيح الذي أرسلته”، لكنه لم يقل لنا هذا، لأنه لم يرغب أن نعرفه كمجرد إنسان لكنه ربط نفسه بالله وبهذا الربط والاقتران أراد أن يُفهنا أنه الله”[19]

“ولو كان المسيح مُجرد إنسان فكيف يقول ” والآن مجدني أيها الآب بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم!؟، هذا يُعن أنه كان له وجود قبل كون العالم، فكيف يكون له مجد إلا اذا كان هو نفسه موجودًا من قبل، فالمسيح له مجد قبل تأسيس العالم لأنه هو نفسه موجود قبل تأسيس العالم، ولو كان مجرد انسان لن يكون له مجد قبل كون العالم لأنه لم يكن موجودًا فلا يُمكن أن يكون له مجد سابق، ولكن المسيح لم يكن إنسان فقط فهو إذن الله الموجود قبل كون العالم” [20]

” في الأناجيل والرسائل تُغفر الخطايا بأسم المسيح، ولكن ليس على هذا النحو تُغفر الخطايا بالمسيح وحده دون الآب أو في مُقابل الآب، ولكن لكي يظهر لليهود الذين يتفاخروا بأن لهم الآب، أن الآب لن ينفعهم شيئًا ما لم يؤمنوا بالابن الذي أرسله الآب، فأولئك الذين يعرفون الله الآب الخالق، عليهم أيضًا أن يعرفوا المسيح الذي قال “ليس احد يأتي الى الآب الا بي” ويقول أيضًا أن معرفة الابن والآب هي التي تُخلص ” هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته”، ومن ثم فكرازة وشهادة المسيح نفسه، تقوم أن يُعلن الآب الذي أرسله ثم بعد ذلك المسيح الذي اُرسِل، ولا يُمكن أن يوجد رجاء بالخلاص إلا بمعرفة الإثنين” [21]

 “الله ذاتي الألوهية، ولذلك يقول المُخلص في صلاته للأب ” أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك” لأن كل مُشارك في الوهيته الذاتية يتأله، ويُدعى “إله” لكن لا يُدعى “الله”[22]

لقد مجده الآب في ذاته، ومن أجل ذلك ينبغي أن يُعترف به في مجد الآب، وقد مجده الآب في ذاته، أفليس واضحًا أن له كل ما لأبيه، لأن الآب قد مجد الإبن في ذاته ويتوجب الاعتراف به في مجد الآب!؟، عليك أن تتأمل، إنه ليس في مجد الله فقط، بل في مجد الله الآب، الآب يُمجد الإبن ليس بمجد خارج ذاته، بل يُمجده في ذاته، الآب يُمجده في ومع ذاته بإعادته للمجد الذي يخص ذاته، والذي كان له معه من قبل، ولذلك فهذا الاعتراف ليس منفصلاً عن المسيح حتى وهو في خضوع الناسوت، لأنه يقول “وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته”، أولاً لا توجد حياة أبدية في الاعتراف بالله الآب بدون يسوع المسيح، ثانيًا فالمسيح يتمجد “في الآب”، وبطريقة مُحددة ودقيقة فإن معرفة الإلة الحقيقي وحده، والذي أرسله، الذي هو يسوع المسيح، أنكر أن المسيح إله حقيقي، إن كنت تقدر أن تحصل على الحياة بالإيمان بالله بدونه، أما من جهة حقيقة أن الآب هو الإله الحقيقي وحده فلن يكون المسيح إله حقيقي إلا إذا كان مجد المسيح بالكامل في الله الآب الحقيقي وحده، فإذا كان الآب يُمجد الإبن في ذاته، والآب هو الإله الحقيقي وحده، فبذلك يكون المسيح غير منفصل عن الإله الحقيقي الوحيد.[23]

 ” يُظهِر لنا المسيح مرة أخرى أنه جاء إلى الصليب برغبته، فكيف يكون قد صلّى أن ليتم الصليب وقد وصفه أنه مجد أن لا يكون المصلوب وحده بل الآب أيضًا؟، هذا ما قد حدث، فالابن تمجد والآب تمجد، فقبل الصليب لم يعرفه اليهود فإسرائيل ” لم يعرفني”(اش 1:3)، ولكن بعد الصلب قد ركض كل العالم إليه، ثم يشرح كيف سيكون المجد وكيف سيُمجده الآب”[24]

 “حينما يقول، “الاله الحقيقي وحدك” هُنا يهدف إلى أن يُميزه عن الإلهة الغير حقيقية، لأنه كان مزمع أن يرسلهم إلى الأمم، ولكن لو كانوا لا يقبلوا ذلك (يقصد الهراطقة)، ويرفضون الألوهية الحقة للابن بسبب لفظة “وحدك” وبالتالي يرفضون ألوهية الآب، لأنه يقول ” والمجد الذي من الاله الواحد لستم تطلبونه”، حسنًا، أليس الابن هو الله؟، فإن كان الابن هو الله ويُدعى ابن الآب، فقد أوضح أنه الإله الحق وحده، لماذا؟، عندما قال بولس ” ام انا وبرنابا وحدنا”(1كو 9:6)، فهل استثنى بولس برنابا؟، لا على الإطلاق، لأن لفظة “وحدنا” هي لتمييزه عن الآخرين، ولو لم يكن المسيح الإله الحق فكيف يكون هو ” الحقيقي” فهل الحق يختلف عن ما هو حقيقي؟ فهل الحق يختلف عن ما هو حقيقي؟، وماذا نُسمي الإنسان غير الحقيقي؟ أخبرني ألا نُسمية ليس انسان؟، فإن لم يكن الابن الاله الحق فكيف يكون الله؟، وكيف يجعلنا ألهة وأبناء إذا لم يكن الاله الحق؟[25]

إذًا فإن الآب قد دُعيَ الإله الحقيقي الوحيد فهذا لا يعني إنكار هذا الذي قال ” أنا هو الحق ” بل يعني إنكار اولئك الذين ليسوا بطبيعتهم حقيقيين، مثل الآب وكلمته، ولهذا فقد أضاف الرب مباشرةً ” ويسوع المسيح الذي أرسلته” وعلى هذا فلو كان مخلوقًا لما كان قد أضاف هذه الكلمة ولما كان قد أحصى نفسه مع الخالق، فأية شركة توجد بين الحقيقي وغير الحقيقي؟!

ولكن الابن إذ أحصى نفسه مع الآب، فقد أظهر أنه من طبيعة الآب نفسها، واعطانا أن نعرف أنه المولود الحقيقي، وهكذا أيضًا تعلّم يوحنا وعلّم هذا كاتبًا في رسالته ” ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية”، وحينما يقول النبي عن الخليقة ” الباسط السماوات وحده ” وأيضًا حينما يقول الله ” ناشر السماوات وحدي ” يصير واضحًا للجميع أن لفظة (وحده) تشير أيضًا إلى الكلمة الخاص بالوحيد، الذي به خُلقت كل الأشياء وبغيره لم يُخلق شيء لذلك إن كانت كل الأشياء قد خُلقت بالكلمة، ومع ذلك يقول ” أنا وحدي” فإنه يعني أن الابن الذي به خُلقت السموات، هو مع ذلك الوحيد.

هكذا إن قيل “إله واحد”، ” أنا وحدي”، ” أنا الأول ” فهذا يعني أن الكلمة كائن في نفس الوقت في ذلك الواحد الوحيد والأول مثل وجود الشعاع في النور. وهذا لا يمكن أن يُفهم عن أي كائن آخر سوى الكلمة وحده. لأن كل الأشياء الأخرى خُلِقت من العدم بواسطة الابن، وهي تختلف اختلافًا كبيرًا جدًا فيما بينها من جهة الطبيعة، أما الابن نفسه فهو مولود حقيقي وطبيعي من الآب. [26]

 

من الأفضل أن نقترح بعض الترجمات الأفضل لهذا التعبير، مثل، ” بعد أن قال هذا “، ” بعدما قال هذه الكلمات”، وإذا حاولنا الترجمة الحرفية من النص اليوناني فستكون قراءة النص هي ” قال يسوع هذه الأشياء”، أي أن هذه الصلاة مُرتبطة بشكل وثيق بما يسبقه (يو 16:33، بل بالأحرى أصحاحات 14-16)، وعلى الرغم أن غالبية الترجمات تضع فاصلة بين ” بعدما قال يسوع هذه الكلمات” و ” ورفع عينه إلى السماء..”، لكن بحسب النص اليوناني يتم الربط بين هاتين العبارتين، بتعبير أخر فقد ربط القديس يوحنا بين كلام/ἐλάλησεν الرب يسوع للتو برفع/ ἐπῆρε عينه إلى السماء باستخدام الحرف ” و – καὶ ” فالصلاة قد تلت مباشرةً كلامه مع التلاميذ، وبالتالي فالصلاة قد كانت أمام التلاميذ[28] وهكذا فقد قصد يوحنا الوصل والربط، الانتقال لا الانفصال وبحسب تعبير ويستكوت فإن الرب يسوع قد أنتقل من الأرض إلى السماء، من التلاميذ إلى الآب، من التعليم إلى الصلاة[29]، وبهذا يُمكن أن نصيغ النص كالتالي، ” بعدما انتهى يسوع من حديثه مع التلاميذ رفع عينه…” فقد كان أخر ما قاله الرب يسوع ” ولكن ثقوا. انا قد غلبت العالم” هذه الغلبة هي من أجلنا نحن، خُلق الإنسان ليكون شريك الطبيعة الإلهية فقد اعطانا الرب يسوع هذه الغلبة في موته وقيامته، وبهذه الغلبة ننتقل من العالم المغلوب بالمسيح إلى الله. ” من يغلب فسأعطيه ان يجلس معي في عرشي كما غلبت انا أيضًا وجلست مع ابي في عرشه” (رؤ 3:21)

الرب يسوع يوجه عينيه إلى أعلى نحو السماء، ثم يتحدث عن عمله الذي أكمله (عدد 4)، من الواضح أن صلاة يسوع للآب كانت على الأرض مُنذ بدايتها، ولكن تتعقد وتصعب الأمور فيما بعد، نجد في العدد 11 يسوع يقول ” ولست انا بعد في العالم” (صيغة المُضارع وليس المُستقبل بحسب NIV) هذا يُعني أن يسوع في مُنتصف الطريق، حسنًا، لكننا نجده في العدد 13 يقول “واتكلم بهذا في العالم” وبالتالي يسوع ما زال في على الارض، أي يسوع “في العالم” و ” ليس في العالم ” في نفس الوقت![30] أي أن يسوع قد تجاوز حيز المكان.

هذا هو التعبير المُعتاد للرب يسوع في كل صلواته، قد قام J. Jeremias بفحص كل صلوات الرب يسوع المسيح واكتشف أن جميع صلوات يسوع يُخاطب الله “كأب”، فقد كان هذا الأسلوب يُمثل ” شرخ ” للتقليد، وكان هذا الفعل المُتكرر هو الدافع لغضب معاصروه – الفريسيون- [31]ومن أوضح الأمثلة على ذلك هو يو 5: 17،18 “فأجابهم يسوع ابي يعمل حتى الآن وانا اعمل، فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون اكثر أن يقتلوه. لانه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضًا ان الله ابوه معادلا نفسه بالله”، هنا الرب يسوع يقول ” ابي ” وليس ” ابانا ” هذه الطريقة الفردية لم تكن هي الطريقة المُعتادة عند اليهود للكلام عن الله أو في الصلوات المُشتركة، فقد أعلن الرب يسوع أن أبوه الله له تختلف عن معناها عندهم، هذه الأبوه التي للمسيح لا يشترك فيها أي أنسان آخر فهو أبن الله بالطبيعة وليس بالتبني[32]

فقد كانت كل صلوات الرب يسوع لله يُخاطبه كأب، بأستثناء” الهي الهي لماذا تركتني. “(مرقس 15:34، متى 27:46)، هذه الكلمات كانت صدى لــــ مزمور 22:1، ولكن كل مواضع الصلاة التي ورد فيها تعبير ” الآب” هي صدى لتعبير “ابا – abba” هذا التعبير الأرامي المكتوب بحروف يونانية والذي ورد فقط ثلاث مرات في العهد الجديد (مرقس 14:36، غلاطية 4:6، رومية 8:15)، وبمقارنة صلاة يسوع في مرقس 14:36، بالموضعين الآخرين، فسيكون من الواضح أن هذا الاستخدام الأرامي “abba” قد استمر منذ استخدام يسوع لها إلى الكنائس الناطقة باليونانية، فهذه اللفظة المُدللة التي يقولها الاطفال لأبائهم لم تقتصر عليهم، فباستخدام يسوع هذا التعبير عن وعيه بوجود علاقة فريدة مع الله، قد فوض لتلاميذه مُخاطبة الله أيضًا هكذا أي أنه منحهم نصيب في علاقته مع الله[33] فهذه اللفظة ترتبط بشكل خاص بيسوع، فكون أنك تقول “abba” أنك تصبح ابن ووارث ولكن ليس بشكل مُستقل عن المسيح فروح البنوة قد اخذناها منه، وبه نرث الله (ملكوت الله).

كان موت المسيح ضرورة إلهية، يظهر في إنجيل يوحنا اتجاه متطور بالطابع الحتمي لآلام الرب يسوع، يوصف ذلك بتعبير ” الساعة” (بحسب ترجمة NIV الوقت –Time)، يذكر يوحنا الإنجيلي في عده مواضع أن ساعته لم تأت بعد، إلى أن يقول الرب يسوع ” قد أتت الساعة” (يو 17:1) تكلم إنجيل متى عن هذه الضرورة أيضًا في أول نبوءة للآلام (متى 16:21)، يستخدم متى لفظة ” δει ” للتعبير عن هذه الضرورة، أنظر أيضًا ماذا قال الملاك للنساء (لو 24:7)، نفس هذه الفكرة نجدها في (يو 3:14) يُنظر إلى موت المسيح في كل الأناجيل باعتباره قمة عمل المسيح، لا يوجد ما يدعم أن موت المسيح كان صدفة، بل كان موت المسيح جزء من خطة إلهية[34] نحن لدينا مصًطلحات مميزة في إنجيل يوحنا مثل ” الآن”، “ليس بعد”، “ساعة”، وغير ذلك، أحد الجوانب الدلالية لهذه التعبيرات، هو أن الحدث الأخروي من الممكن أن يكون غير مُستقبلي، لا سيما عند حديث المسيح عن موته ” قد أتت الساعة ” (يو 12:23)، فقد ربط بين بزوغ الساعة بإنجاز المهمة التي أخذها من الآب (يو 17:1)، ولكن السمة الرئيسية المُهيمنة على هذه التصريحات ليست ” كرونولوجية – تاريخية” ولكن لاهوتية، أي كانت ” ساعة ” يسوع محسومة وحتمية بالنسبة للتاريخ فهي مربوطة بالمستقبل ويجب أن تتم في المستقبل”[35]

 

تمجيد المسيح هو طلبة لتخويله تميم الخلاص الذي جاء له، فمن الواضح أن المسيح لا يطلب بعض التكريم لنفسه، لأنه في تمجيده بواسطة موته وقيامته فقط يهدف إلى تمجيد الآب[36]

على ضوء ما شرحناه عن تعبير المجد اعلاه، يتبين للكل أن المجد المُتحدّث عنه هنا، لا يُمكن أن يكون اعطاء مجد من الابن للآب أو العكس، فالابن ممجد والآب ممجد، الآب مجده مطلق وكامل وكذلك الابن، وهكذا لا يُمكن أن يكون الابن يطلب من الآب أن يتمجد كطلبه مصبوغة بالأنانية، لأنه من الأصل لا يطلب مجد ذاتي، فما يطلبه الابن هو استعلان مجده وبهذا الاستعلان يتمجد الآب، إذن هذا المجد هو مجد مُتبادل لا يقدر مجرد إنسان أن يطلبه، بل إن استعلان مجد الآب يتم في الابن، فتنكشف ابوه الله الحقيقة للإنسان المُخبر عنها بصورة شحيحة في العهد القديم.

 وقد كان انصراف ورحيل يهوذا بمثابة إشارة إلى حلول ” الساعة ” التي اسلم فيها المسيح نفسه إلى الموت “فلما خرج قال يسوع الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الله فيه” (يو 13:31)، مع الأخذ في الاعتبار تجلي مجد الابن من خلال أعماله (يو 1:14، 2:11)[37] بكلمات أخرى لا يُمكن خنق وتحديد مفهوم مجد المسيح في الانتصار على الموت واستعلان بنوته الحقيقة للآب الحقيقي واستعلان ربوبية الابن بعد القيامة، فيستحيل فصل قيامة يسوع عن موت ابن الله المتجسد، فبالصليب يتم استعلان محبة الأب من خلال عمل الابن على الصليب، فتمجيد الابن اولاً هو بالموت في الحياه، وكذلك أيضًا لو كان المسيح ظل متروك في القبر ولم يقوم من الموت لكان موته على الصليب ليس له أي مجد، فكمال استعلان مجد المسيح هو اجتيازه من الموت وانتصاره عليه واتمام عمل الخلاص دون الاخلال بأحد جوانب اقتضاء التدبير الإلهي.

 

يقول اغسطينوس ” إن الآب وهب المسيح سُلطانًا على كل جسد، ينبغي أن يُفهم لجهة ناسُوته، أما من جهة ألوهيته فكل شيء به صار مما هو في السماء والأرض مما هو منظور وما هو غير منظُور” [39] هنا عليك أن تُدرك هذه الطبيعة ” المركبة – Composite” فطبيعة الابن المركبة تجعل الابن يعطي الحياه الابديه بسلطان اللاهوت ولكن ليس بمعزل عن الناسوت فالأنفصال بين الناسوت واللاهوت مستحيل فالمسيح يأخذ بأعتباره هو الوسيط بيننا وبين الآب ويعطي الحياه ولكن ليس من ناسوته بل بقوة اللاهوت، فاستحالة انفصال اللاهوت والناسوت تُحتم وحدة العمل، فعمل الرب يسوع الألوهي الذي لا يقدر أن يفعله إنسان تم في تجسده.

فيُعتبر هذا العدد هو مفتاح العدد السابق:

مجد ابنك

اذ اعطيته سلطانا على كل جسد

ليمجدك ابنك

ليعطي حياة ابدية لكل من اعطيته.

 

 

فعندما يطلب الرب يسوع من الآب أن يُمجده فهذا التمجيد مؤسس على الخطة الإلهية المُسبقة فحينما تتم يتمجد الآب، وهنا يجب أن تكون على معرفة أن مجد الله الآب ليس مجد طاووسي كالرؤساء والملوك، فهذا المجد مُستعلن وهذا الاستعلان هو دعوة للمشاركة في المجد.

يقول أثناسيوس الرسولي ” لأن مجد الله الآب هو: أن يوجد الإنسان الذي كان قد خلق ثم هلك، وهو: أن يحيا الذي مات، وهو: أن يصير الإنسان هيكل الله. ولأن القوات السمائية من ملائكة ورؤساء ملائكة كانت تعبده دائمًا، فإنهم الآن أيضًا يسجدون للرب باسم يسوع، فهذه النعمة وهذا التمجيد العالي إنما هو لنا، وإنه بالرغم من أنه صار إنسانًا وهو ابن الله فإنه يُعبَد. لذلك لن تُدهَش القوات السمائية حينما ترانا نحن جميعًا ـ المتحدين معه فى نفس الجسد ـ داخلين إلى مناطقهم (السمائية)، وهذا قطعًا ـ لم يكن ممكنًا أن يحدث بأية طريقة أخرى، اللهم إلاّ إذ كان هذا الذي كان موجودًا في صورة الله، قد أتخذ لنفسه صورة العبد، وأذل ذاته، راضيًا بأن يصل جسده حتى إلى الموت.” [40]

فمجد المسيح ومجد الآب الذي هو محور العدد (1) يتم شرحه في العدد (2) وهذا النص يُوضح مدى سلطان المسيح في حالة التجسد، وقدرته على منح الحياة الأبدية لمن يعطيه الآب، فإنجيل القديس يوحنا مليء بالتأكيدات على أن الحياة في المسيح (أنظر 1:4، 15-16: 3، 4:14، 5: 21،26، 6:33،54، 10:10،11:25،14:6) كل هذه النصوص تتحدث بصورة دقيقة عن الهدف الرئيسي للرب يسوع، وهو تمجيد الآب من خلال منح الحياة للبشر.[41]

 فالآب والابن يشتركون في عطاء الحياة الأبدية فيكون العدد الثاني هو الشرح الأول للعد الأول وأما الشرح الثاني فسيكون في العدد الثالث عن ماهية هذه الحياة، وهو ما سنتحدث عنه في شرح الفقرة الثالثة.

 

يُثير هذا النص الكثير من التساؤلات رغم بساطته، فللتو تستطيع أن تُدرك المقصود من التعريف الذي وضعه يوحنا للحياة الأبدية وهو ما يأتي بعد – هذه هي الحياة الأبدية- مثلما يقول “وهذه هي الدينونة …”(يو 3:19) أو ” هذه هي وصيتي…” (يو 15:12)[44] استخدم يوحنا تعبير “حياة ابدية” 17 مرة، هذا النص هو الموضع الوحيد الذي يسبق هذا التعبير اداة تعريف!، لا أقصد بذلك أننا نمتلك تعريف للحياه الأبدية ولكن بالتأكيد نمتلك كشف واستعلان عن جوهر هذه الحياة، هذا الكشف الجوهري هو نقيض التصوف الهلنستي حيث ثثميم التأمل في الاتحاد بين الله والشخص العارف، لكن القديس يوحنا يضع المعرفة كتتويج لوجود علائقي وشخصي مع الله بواسطة ابنه (أنظر كذلك ما يقوله بولس الرسول (اكو 12-16:2)، فالمعرفة المسيحية عن الله هي نتيجة اختبار في المسيح وهذا يتناقص بشكل مُطلق مع الحكمة واللاهوت الطبيعي[45] فالمعرفة هي شركة مع الله وليست معرفة فكرية.

 فوجودنا وشركتنا لله قائم على علاقة شركة مع وفي الواحد، وهذا الواحد في اللاهوت المسيحي يقوم على شركة الثالوث، فالثالوث هو أول الوجود والشارح للوحدانية- وليس العكس – فالوجود الحقيقي هو في الشركة ولا وجود بلا شركة، فالشركة هي أساس الوجود وأي كيان حقيقي لا يُمكن معرفته بدون الشركة وبما أن الوجود شركة فلا يمكننا فهمه إلا من خلال علاقة، فالوجود بحد ذاته في حياة عزلة وانفصال لا يُمكن فهمه كما هو في ذاته بل يتوجب فهمه في علاقة، وهكذا الكينونة الإلهية في شركة مع الذات ومع الخليقة. وبهذا تصبح الشركة هي جوهر الوجود، فوجود الله هو ” أبوة الله” فكيان الله ليس جوهر غامض يتمتع بصفة الوجود من اجل الوجود بل هو وجود ” مأقنم – مشخصن ” فالإعلان عن حقيقة الكيان الإلهي يتمحور حول وجوده كــــــ” أب” فالله ليس واجب الوجود فحسب بل واجب الوجود كــــــ ” أب”. [46]

 والمعرفة الكاملة لله الآب تم الاستعلان عنها في الابن، فالله الذي خاطبه اشعياء قائلاً “حَقًّا أَنْتَ إله مُحْتَجِبٌ يَا إله إِسْرَائِيلَ الْمُخَلِّصَ.” (اش 15:45) استعلن في الابن، ولا أحد يستطيع معرفة الآب إلا بالابن والعكس

 وبالتالي يكون العدد الثالث يتفق تماما مع ما سبقه فالمسيح يعطي الهدف من التمجيد، لأن هذا التمجيد هو معرفة الله والمسيح، الذي هو الطريق الوحيد للحياة الأبدية، فالرب يسوع يقول للآب مجدني لكي امجدك ليستطيعوا الناس أن ينالوا الحياة الأبدية لأن الحياة الأبدية تتمثل في معرفتك ومعرفة يسوع المسيح لأن نوال الخلاص قائم على الإيمان بالمسيح[47]وهنا نذهب لأول سؤال، ما هي الحياة الأبدية؟

يقول جوزيف راتسينجر:

” أن الحياة الأبدية ليست كما تخطر في بال القاري الحديث للتو أنها مجرد حياة بعد الموت، في حين أن الحياة التي نعيشها بالتأكيد ستنتهي، فالحياة الأبدية تعني الحياة نفسها، الحياة التي يُمكننا أن نعيشها في حاضرنا ولا تنتهي ومن ثم بالموت بالجسد، وما يُعنينا هو أن نتقبل الحياة من هذه اللحظة الحياة الحقيقية التي لا تُدمّر من أي شيء أو شخص، يظهر بوضوح معنى ” الحياة الأبدية ” في قصة قيامة لعازر”قال لها يسوع انا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حيّا وآمن بي فلن يموت الى الابد. أتؤمنين بهذا. (يو 25-26:11) ويقول يسوع لتلاميذه في العشاء الأخير “بعد قليل لا يراني العالم أيضًا وأما أنتم فترونني. أني انا حيّ فأنتم ستحيون.” (يو 14:19) وبذلك فسيكون ما يُميز تلميذ يسوع أنه ” يحيا ” متجاوز مجرد حقيقة الوجود بل يعانق الحياة الحقيقية التي يبحث عنها الجميع وعلى هذا الأساس فقد لُقب المسيحيون الأوائل بــ ” الأحياء-hoi zōntes ” لأنهم وجدوا الحياة، ولكن كيف يحصل المرء عليها؟ تضع الصلاة الكهنوتية الجواب، رغم وجود الجواب في سياق توراتي حيث أن الإنسان يجد ” الحياة الأبدية ” بـــ “المعرفة ” بذلك يتم وضع تصور العهد القديم للفعل ” عرف ” وارتباطه بالمشاركة حيث يصير الإنسان واحد مع ما يعرفه، لكن من المؤكد أن مفتاح الحياة الأبدية ليس أي نوع من أنواع المعرفة ايّ كانت ولكن “ان يعرفوك أنت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته.” (يو 17:3) وهذا نوع من صيغة إيمانية موجزة يظهر فيها المحور الرئيسي لقرارنا أن نكون مسيحين، إنها المعرفة التي يعطيها لنا الإيمان، فالإنسان المسيحي يؤمن يوجود إله حق واحد فقط، ويصير هذا الإله قريب منا بيسوع المسيح الذي أرسله – يسوع المسيح- الذي بلقائنا معه نختبر معرفتنا بالله ونذهب الى الشركة، وبالتالي إلى ” الحياة “، في هذه العبارة المزدوجة ” الله والذي أرسله ” هي صدى ما نقرأه في سفر الخروج، يجب أن يؤمنوا بي – ألله- وبموسى المرسل منه، الله يُظهر وجهه في المُرسل منه، وبصورة نهائية في ابنه، فالحياة الأبدية اذن هي حدث ” علائقي ” لا يحصل عليها الإنسان في انفصال عن الله، بل بعلاقته بالذي هو نفسه الحياة يصبح هو أيضًا حي” [48]

فالرب يسوع ربط الحياة الأبدية بمعرفة الإلة الحقيقي كأمتداد لفكر العهد القديم بعيداً عن المعرفة التأملية والنشوة الصوفية في الفكر اليوناني، فالعهد القديم قدم المعرفة باعتبارها خبرة وعلاقة “ولا يعلّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد اخاه قائلين اعرفوا الرب لانهم كلهم سيعرفونني ” (ار 31:34) ويتم التأكيد على معنى المعرفة كعلاقة حميمية باستخدام صيغة الفعل للإشارة للعلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة (تك 4:1)، قال الرب يسوع ” اما انا فاني الراعي الصالح واعرف خاصتي وخاصتي تعرفني،كما ان الآب يعرفني وانا اعرف الآب. وانا أضع نفسي عن الخراف”(يو 14-15:10)، العلاقة بين الآب والابن هي نموذج العلاقة بين الابن وتلاميذه، وهذه المعرفة لا تأتي عن طريق التعليم بل عن طريق الكشف بواسطة الابن (أنظر يو 1:18، 14:7)[49]

وقد قال فيلو الإسكندري بشكل واضح أن نهاية طريق الحكمة هي معرفة وفهم الله[50] لكن الرب يسوع يقول ” كل شيء قد دفع اليّ من ابي. وليس احد يعرف الابن الا الآب. ولا احد يعرف الآب الا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له” (مت 11:27) وهذا الكلام قد أتى في سياق الحديث عن “ملكوت الله” (مت 2-26:11) وهو التعبير الذي ورد في الأناجيل الإزائية مقابل تعبير ” الحياة الأبدية”، ففي هذا السياق يتم الحديث عن المعرفة الإستعلانية التي تتخطى المعرفة العقلية لكي تشمل أيضًا العلاقة والشركة، وهذا يستلزم استعلانه بواسطة الإبن لكي يدخل الإنسان في الشركة – koinonia- وهي قلب الحياة في السيادة الخلاصية (أنظر رؤ 21:3، 3-5:22) [51] وبذلك فنقول أن معرفة يسوع المسيح هي الوصول المطلق والكامل لمعرفة الله.

إذن فالرب يسوع المسيح لم يحد مفهوم الحياة الأبدية في قالب الزمن ولكنه وضع الحياة الأبدية في صورة نوعية فأصبحت الحياة الأبدية لها شكل يُميزها، فهي ليست زمن لا ينتهي، لكنها علاقة لا تنتهي، وهذا الشكل لا يتكون بعد الانتقال من هذه الحياة، لا!، بل تبدأ العلاقة مع الثالوث من هنا، علاقة تتخطى حدود المعلومات، فهناك فارق ضخم بين أن تعرف أنك تؤمن بالثالوث وبين أنك لك علاقة مع الثالوث، فالثالوث ليس فكرة في العقل، الثالوث أشخاص، كل شخص بالنسبة للشخص الآخر هو آخر، الآب ليس هو الابن ليس هو الروح القدس، وكل شخص يحب الآخر، إذن يوجد محبة آخر، فإن لم تحب الآخر تضع نفسك خارج صورة علاقة الثالوث!، ولا يُمكن أن تدخل في شركة مع شخص وضعت بينك وبينه فاصل، فالشركة في الثالوث اساسها الإستعلان وهذ الإستعلان دعوة للشركة وليس إجبار عليها، صحيح أن كل شيء حدث للإنسان بسبب التجسد كان بالنعمة وليس بالإرادة الإنسانية ولكن لا يُجبر الإنسان على قبولها ” فاننا نحن عاملان مع الله وانتم فلاحة الله. بناء الله.” (1 كو 3:9)، الإرادة والنعمة كلاهما يعملان ليحصل الإنسان على الخلاص، فليس أنت وحدك وليست النعمة الإلهية وحدها.

يقول الرسول يوحنا “فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الابدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضًا شركة معنا. واما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح.”(1 يو 2-3:1)، فالرسول رأى وشاهد وأخبر بالحياة الأبدية المستعلنة في الإبن لكن نشترك نحن أيضًا، ويقول أيضًا ” ونعلم ان ابن الله قد جاء واعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الاله الحق والحياة الأبدية.” (1 يو 5:20) على نفس طريقة (يو 17:3) الالة الحق والرب يسوع الذي جاء من عند الآب، والحياة الأبدية بمعرفة الآب والإبن لأن انفصال الآب عن الابن مستحيل.

وفي حقيقة الأمر هذا النص – يو 17:3- يُستخدم في كثير من الاوقات لنفي لاهوت الرب يسوع المسيح، وعلى وجه الخصوص من جماعة ” شهود يهوه “، لكن لا يوجد دعم لهذا الإدعاء من أي اتجاه.

يبدأ الخلط عند شهود يهوه من تفسير ما قاله الرب يسوع بأنه يقصد إنه ليس إله حقيقي، والآب فقط هو الإلة الحقيقي، وهنا يجب أن نطرح سؤال، هل إذا كان الآب –شخص\أقنوم- وحده هو الإله الحقيقي الوحيد يمكن أن يكون مع الآب، الابن والروح القدس!؟

الإشكال الأول في تفسير جماعة شهود يهوه لما قاله الرب يسوع هو إنه ليس مجرد تفسير خاطئ فحسب بل هو قراءة خاطئة من الأساس. وهذا حيث أن جماعة شهود يهوه يُغيرون ما قاله الرب يسوع نفسه وبالتالي هم لا يقتبسون كلام الرب ثم يُفسرونه، لا، بل يقتبسون الكلام بطريقة خاطئة ثم يُفسرونه بطريقة خاطئة أيضًا أكثر.

فهم يقولون إن الرب يسوع قد قال إن “الآب وحده هو الإله الحقيقي” وبالتالي يفهمون أن النص ينفي الألوهة الحقيقية عن الابن والروح القدس. ولكن الرب يسوع لم يقل هذا! فتفسيرهم قائم على هذه الصياغة ” الآب وحده هو الإله الحقيقي”، في حين أن الرب يسوع قد قال “الآب هو الإله الحقيقي وحده”.

فالفارق بين الصياغتين هو أن الصياغة الأولى -الخاطئة- حصرت وصف الألوهة الحقيقية في لآب وحده، أمّا ما قاله الرب يسوع فهو قد ميزّ الألوهة الحقيقية والوحيدة التي للآب عن غيرها من الكاذب، بما يعني أن ألوهة الآب هذه هي الألوهة الحقيقة الوحيدة. فالواحدية هنا ليست على الألوهة، بل عن حقانية ألوهة الآب. فليس الآب وحده هو الإله الحقيقي، لكن ألوهة الآب هي الألوهة الحقيقة الوحيدة. ولهذا نجد أن الآباء المتكلمين باليونانية يفهمون النص بهذا الشكل لأنهم يتحدثون اللغة اليونانية أو على الأقل يعرفونها جيدًا.

 

فما قاله الرب يسوع لا مشكلة فيه على وجه الإطلاق فهذا هو الإعلان الإلهي الذي أعلنه الرب يسوع فالله الآب هو الإله الحقيقي وحده، ولكن الخطأ هو البناء المنطقي الذي يستخدمه شهود يهوه في التفسير.

فـأولاً: يضعون صياغة مضللة لأن الاسم هو “الاله θεὸν” والصفة والظرف – وحده\حقيقي-، فبالتالي تنصب الوحدانية على الألوهة وليس على الآب.

ثانياً: يستخدمون صياغتهم المُضللة لبناء حجة مفادها نفس مفاد ما صاغوه. للتوضيح: إذا أرادنا إثبات إن مينا سيموت، سنقول:

1: البشر يموتون (حقيقة)،

2: مينا أحد البشر (حقيقة)،

3: مينا سيموت،

فهنا المُقدمة الأولى والثانية صحيحة فبالتالي الاستنتاج صحيح. ولكن في المقابل ما يفعله شهود يهود هو وضع مقدمات خاطئة بهذا الشكل:

1: الآب -وحده- هو الإله الحقيقي (صياغة خاطئة)،

2: يسوع ليس هو الآب (صحيح)،

3: يسوع ليس الإله الحقيقي (استنتاج خاطئ لخطأ في مقدمة الحجة).

هذه الصياغة الخاطئة ما فعلته ببساطة هي كأنها قالت بما أن مينا ” بشر” إذن “البشر” هم مينا، صحيح مينا بشر ولكن العكس ليس بصحيح، الآب هو الإله الحقيقي وحده، ولكن الآب ليس وحده الإله الحقيقي.

 

الإشكال الثاني- مرتبط بالأول- هو أن نظرة شهود يهوه للنص هي بعينها مغالطة ” المصادرة على المطلوب” فتكون القراءة الطبيعية بحسب نظرتهم أن يكون الآب إله حقيقي والابن لا!، هذا الافتراض يقوم على نظرتهم اللاهوتية الخاصة، فهم يُفسرون بشكل مباشر الكينونة الإلهية الواحدة باعتبارها ” شخص\أقنوم” واحد!

وهنا النقطة الفاصلة، وهي الكلمة المفتاحية في النص، تعبير ” حقيقي”، هل المسيح إله حقيقي!؟ إن كان كذلك وتفسير شهود يهوه لــ يو 17:3 أن الآب هو وحده الاله الحقيقي، إذن يكون شهود يهوه يؤمنون بتعدد الآلهة، وإن كان المسيح ليس إله حقيقي فهذا بلا شك يصنع تناقض داخل الفكر الكريستولوجي لشهود يهوه!

ولحل هذه المُشكلة لجأ البعض للقول بأن لفظة ” حقيقي ” لا تعني حق في مواجهة باطل، أو صواب أمام خطأ، بل تعني “أصل” و “نسخة” من هذا الأصل، وبالتالي يصبح المسيح ليس ضمن الآلهة الزائفة ولا هو إله حقيقي! فيصبح الآب إله حقيقي بمعنى ” نموذج أصلي” والمسيح ليس إله كاذب لكنه ليس ” نموذج أصلي” فلا يكون كاذب ولا يكون حقيقي!، وعجبي! هذا الكلام غير واقعي بالمرة! يوحنا 17:3 يتحدث بشكل واضح عن طبيعة إلهية واحدة وفريدة و ” حقيقية ” ضد الآلهة الزائفة، أنظر ما تقوله المراجع اللغوية.

As an attribute of God, ἀληθινός is again controlled by

אֱמֶת [1] in the JudaeoChristian sphere, Ex. 34:6; 2 Ch. 15:3; ψ 85:15; M. Pol., 14, 2: ὁ ἀψευδὴς καὶ ἀληθινὸς θεός (Herm. m., 3, 1 as an attribute of κύριος), where the meaning hovers between “trustworthy,” “truthful” and “righteous”; cf. alongside one another, 1 Εσδρ. 8:86: κύριε … ἀληθινὸς εἶ, and 2 Esr. 9:15: κύριε … δίκαιος σύ; cf. Jos. Ant., 11, 55: God as ἀληθινός and δίκαιος. As against this, ἀληθινός is also used of God in the sense of “real” or “true” in contrast to the vanity of idols. This usage, too, is determined by אֱמֶת; thus Is. 65:16 (for בֵּאלֹהֵי אמן); 3 Macc. 6:18; Philo Spec. Leg., I, 332 (ἀγνοοῦντες τὸν ἕνα καὶ ἀληθινὸν θεὸν πολλοὺς ψευδωνύμους ἀναπλάττοντες); Leg. Gaj., 366 (the same antithesis); Sib. Fr., 1, 20; 3, 46; and cf. also 1 Th. 1:9: πῶς ἐπεστρέψατε πρὸς τὸν θεὸν ἀπὸ τῶν εἰδώλων δουλεύειν θεῷ ζῶντι καὶ ἀληθινῷ; 1 Cl., 43, 6: εἰς τὸ δοξασθῆναι τὸ ὄνομα τοῦ ἀληθινοῦ καὶ μόνου θεοῦ. In Rev. the word ἀληθινός is sometimes used of God (6:10), sometimes of Christ (3:7, 14; 19:11). The same usage is found in Jn. 7:28; 17:3; 1 Jn. 5:20[52]

[2] ἀληθινόςa: ἵνα γινώσκωσιν σὲ τὸν μόνον ἀληθινὸν θεόν ‘that they may know you, the only one who is really God’ Jn 17:3. In some languages ‘the only one who is really God’ can only be expressed as ‘the only God who exists’ or ‘who is God and there are no other gods[53].’

[3] ALĒTHINOS (ἀληθινός , (228)), akin to No. 1, denotes true in the sense of real, ideal, genuine; it is used (a) of God, John 7:28 (cp. No. 1 in 7:18, above); 17:3; 1 Thess. 1:9; Rev. 6:10; these declare that God fulfils the meaning of His Name, He is “very God,” in distinction from all other gods, false gods[54]

من الممكن الاستشهاد بالكثير من المراجع الأخرى، ولكني فقط أوضح الأفكار الأساسية، فإن ادعاءات شهود يهوه تجاه هذا النص تضعهم في بعض الإشكاليات بسبب الأخطاء المنطقية والمنهجية التي يرتكبونها، فهم يحاولون تغيير التركيب السياقي واللغوي للنص على أساس نظرتهم الإيمانية، وهذه هي الإشكالية الحقيقية في قراءة يو 17: 3 وهي وضع منظور شخصي على النص ومن ثم تحريك النص كما يُحب شهود يهوه بل ولي عنقه، وكل أسلوب خاطئ في التفسير بالتأكيد هو نتاج أخطاء في المنطق لديهم، للارتباط الوثيق بين الاثنين، فتفسيرهم المتطرف هو نتاج خطأ منطقي!.[55]

وهذا المنطق المعوج بالتأكيد سيكون في إشكالية كبيرة حين مواجهته ببعض النصوص الأخرى في العهد الجديد على سبيل المثال يقول الرسول بولس: ” فمن جهة اكل ما ذبح للأوثان نعلم أن ليس وثن في العالم وان ليس إله آخر إلا واحدا. 5 لانه وان وجد ما يسمى آلهة سواء كان في السماء أو على الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون. 6 لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له. ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الاشياء ونحن به.” (1 كو 4-6:8)، فهنا الآب هو ” الاله الواحد” والمسيح هو ” الرب الواحد”، فهل هذا ينفي الربوبية عن الله الآب لأن المسيح وحده هو الذي وُصِف بالرب الواحد!؟، بالتأكيد لا، بل يقول الرسول يوحنا ” ما مِنْ أحدٍ رأى اللهَ. الإلهُ الأوحَدُ الّذي في حِضنِ الآبِ هوَ الّذي أخبَرَ عَنهُ.” (العربية المشتركة) فالمسيح هو الاله الوحيد!

فالوحدانية هي تخص تفرد الطبيعة، فلا نُعبر عن الله من خلال رقم، فالله ليس واحد من جهة العدد ولا هو ثلاثة أو سبعة، لأن بهذه الطريقة تصير الطبيعة الإلهية كم محدود!، ولكن الطبيعة الإلهية هي بسيطة ومطلقة في نفس الوقت ووحدانيتها تكون من جهة هذه الطبيعة وليست من جهة العد الحسابي، فيكون من المُستحيل أن تكون طبيعة منقسمة، فالله واحد لأنه متفرد يتميز عن كل الآلهه الكاذبة والغير حقيقية، والمسيح واحد مع الآب من جهة هذه الطبيعة الواحدة والفريدة ” أنا والآب واحد ” (يو 10:30) كما في العهد القديم ” اسمع يا إسرائيل. الرب الهنا رب واحد.” (تث 4:6) باعتبار أن المسيح والآب لهم نفس الطبيعة الإلهية الواحدة والفريدة [56]

ولكن لأن المسيح يُريد استعلان الآب فيقول “وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته.” هذا لأن يسوع المسيح من ذات الطبيعة الإلهية فيسوع لا يُضاف إلى الآب بل هو واحد معه وله ذات الطبيعة الإلهية الحقيقية والواحدة والفريدة نفسها، ويتم ربط معرفة الآب والإبن بالحياة الأبدية لأن يسوع المسيح هو الاستعلان الكامل لله الآب فالمعرفة للآب تكون بالإبن لإنه من ذات طبيعته.

 

كما يوجد ترابط قوي بين الفقرتين 1،2، كذلك يوجد هنا ترابط من اقوى ما يكون، وكما مجد الابن الآب بعطاءه الحياة الأبدية للناس، فهو كشف عن الآب بكل ما حدث في التجسد، وهذه طريقة أخرى لتمجيد الآب، ” قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله.” (يو 4:34) فالله الآب يتمجد عند تميم العمل الذي أتى الآبن ليعمله، هذا العمل يتضمن الكشف عن الآب من خلال خدمته على الأرض ويصل إلى ذروته عند الصليب فبالعمل الذي يُتمم في شخص الابن يتمجد الآب[57] إذن يعود الإبن هنا مرة أخرى لطلب التمجيد ولكنه يُقدم الداعي لهذا التمجيد وهو تتميم العمل وانتهاء مهمته على الأرض (أنظر يو 1:14، 8:50)، ولكن من الواضح أن عمل الصليب لم يأتي بعد، والرب يسوع هنا يتحدث كما لو كان اجتازه!، فالرب يتحدث عن الصليب كأنه تم لأنه سيتم بلا أي شك فالصليب لم يتم بعد والحديث هنا كأنه ترقب الحدث لكن هذا الحديث هو بين الآب والابن ولهم المعرفة الكلية إذن هذا الافتراض لا إشكال فيه[58] لكن الأفعال التامة في هذه الفقرات أعطت احتمالية تفسيرية أن تتميم العمل ليس له علاقة بالصليب على أساس تعبير ” الآن ” في الفقرة 5 والتي تُقدم مفهوم تمجيد الابن على أساس موته على الصليب.

صحيح أنه يوجد فارق بين العدد 4و 5، ولكن ليس بين العمل الذي تم والعمل الذي سيتم على الصليب، والمجد الذي يطلبه من الآب في ذاته في السماء (أنظر يو 13: 31-32) وبالتالي يكون أن العمل الذي يُمجد به الابن الله الآب هو كل ما حدث على الأرض بما في ذلك الموت والقيامة (أنظر يو 4: 34، 5: 36، 19: 30) [59]

ثم يطلب الرب يسوع أن يتمجد بما كان له من مجد قبل خلق العالم مع الآب، هذه إشارة أخرى لوجود الرب يسوع مع الآب قبل كل المخلوقات (أنظر يو 1: 1، 16: 28، 8: 58) ومجده الفريد مع الآب ومن خلال القيامة يتمجد الرب يسوع بالمجد الحقيقي الذي للآب ” فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة.” (رو 6: 4) ففي موته وكل ما ارتبط بهذا الحدث يتمجد بالمجد الحقيقي الذي له قبل تأسيس العالم[60]

فكما يُمجد الابن الآب يُمجد الآب الابن، ففي الابن تُستعلن أبوه الآب في الأرض وفي الآب تُستعلن حقيقة بنوة الابن للأب منذ الأزل قبل تكوين العالم، لأنه بإستعلان الوهية الابن تنكشف وحدته مع الآب. فحديث الابن هنا في حالة التجسد فطلبه يخص تجسده والطبيعة الإنسانية التي أخذها لأن المجد الإلهي للإبن لم يفارقه، ولكن ابن الله المتجسد في طريقه للمجد بواسطة الموت والقيامة لينخلع الإنسان المائت ويُعطى للإنسان الحق في ميراث الشركة، فالمجد الذي اُعطي للمسيح كابن الإنسان هو مجد لطبيعتنا الإنسانية فنشترك في مجد المسيح.

متى اظهر المسيح حياتنا فحينئذ تظهرون أنتم أيضًا معه في المجد (كو 3: 4)، فان كنا أولادا فاننا ورثة أيضًا ورثة الله ووارثون مع المسيح. ان كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه (رو 8: 17)، الأمر الذي دعاكم اليه بانجيلنا لاقتناء مجد ربنا يسوع المسيح. (2 تس 2: 14)

 

«إِلَى هُنَا أَعَانَنَا الرَّبُّ».

اغفروا لي كل خطأ وسهو

29\9\2022

 

 

[1] على الرغم من وجود بعض المُتغيرات النصية في المخطوطات، ولكن بشكل عام الإصحاح يخلو من اختلافات نصية تستحق المُناقشة

[2] Lange, J. P., & Schaff, P. (2008). A commentary on the Holy Scriptures: John,P.511

[3] Bengel, J. A. (1860). Gnomon of the New Testament, Volume 2, P.460

[4] مع الأخذ في الأعتبار أن الرسول يوحنا لا يستخدم تعبير صلاة προσεύχεσθαι – praying، لكنه يستخدم تعبير εἰπεῖν- speaking( قال ايها الآب 17:1)، لكن ما فعله يسوع يُشير الى صلاة، وهي اطول وأعمق صلاة للرب يسوع، ولذلك رغم التسميات الكثيرة لهذه الصلاة، ولكن أنا أميل أن تُسمى ” الصلاة الحوارية “، في السابق أتى صوت الآب من السماء ولكن هنا حديث الآب قد تمثل بطريقة عملية، ومن المُلاحظ أن اقصر جزء في الصلاة هو الخمسة فقرات الأولى، وباقي الصلاة هي من أجل التلاميذ ومن أجل اللذين سيؤمنوا في المُستقبل، لك أن تُدرك أن الجزء الأكبر في الصلاة هي من أجل أعضاء جسد المسيح.!

[5] Jo. xi 8; PG 74:505, Cited By, Brown, R. E., S.S. (2008). The Gospel according to John (XIII-XXI): Introduction, translation, and notes, P.747

[6] أطلق نوكس على هذا الإصحاح أنه ” قدس أقداس الكتاب المُقدس”، بعض العلماء مثل Westcott, Hoskyns, Witherington, Keener أعطوا تسمية ” صلاة التكرس ” كعنوان لهذه الصلاة، بسبب تكريس يسوع نفسه لله (انظر فقرات 1،19)

[7]Courson, J. (2003). Jon Courson’s Application Commentary, P.572, Emmaus Journal, Vol, 7, P.202, Lewis Johnson, Jesus Praying for Himself An Exposition of John 17:1-5

[8]Brown, R. E., S.S. (2008). The Gospel according to John (I-XII): Introduction, translation, and notes, P.503

[9] Liddell, H. G., Scott, R., Jones, H. S., & McKenzie, R. (1996). A Greek-English lexicon. “With a revised supplement, P. 444

[10] Theological dictionary of the New Testament. 1964 (G. Kittel, G. W. Bromiley, G. Friedrich, G. W. Bromiley & G. Friedrich, Ed.), Vol.2 ,P.237

[11] Aalen, S. (1986). New international dictionary of New Testament theology, Vol.2, P.45

[12] Journal of the Evangelical Theological Society, Vol. 27, P. 289, The “Glory” Motif In The Johannine Corpus, By W. Robert Cook

[13] Green, J. B., McKnight, S., & Marshall, I. H. (1992). Dictionary of Jesus and the Gospels, P.269

[14]Ibid

[15] لا أقدم هنا مسح شامل لكل ما قاله كل أب عن الخمس فقرات الأولى، لكني وضعت ما رأيته أنه الشرح المتكامل عند الأباء بشكل عام لشرح هذه النصوص

[16] ANF, Vol.3 ,P.621, Against Praxeas,CH,25

[17]Hart, T. A. (2000). The dictionary of historical theology, P.538

[18] ANF, Vol.1 ,P.478, Against Heresies, Book, IV,Ch.14.1

[19]ANF, Vol.5, P.626, A Treatise of Novatian Concerning the Trinity, Ch.16

[20] Ibid

[21] ANF, Vol.5, P.383, Epistle,72,17

[22] ACCS, Vol.4b, P.232, Commentary on the Gospel of John 2.17

[23] NPNF, Second Series Vol, 9 , P.169, On the Trinity, 9:42

[24] NPNF, First Series Vol, 14, P.296, Homilies on John 80.1

[25] NPNF, First Series Vol, 14, P.297, Homilies on John 80.2

[26] ضد الآريوسيين، المقالة الثالثة، الفصل الرابع والعشرون، فقرة 9، صــ 298-299

[27] من الأفضل أن تكون قراءة النص ” الابن – ὁ υἱὸς” بدلاً من ” ابنك – ὁ υἱὸς σου”، لبعض التفصيل أنظر Omanson, R. L& Metzger, B. M. (2006). A Textual Guide to the Greek New Testament, P.206، لكن من جهة الأسلوب الترجمي لا مانع من أن تُقرأ ابنك

[28] Newman, B. M., & Nida, E. A. A handbook on the Gospel of John, P.524 & Dods, M. The Gospel of St. John ,P.840

[29]The Gospel according to St. John Introduction and notes on the Authorized version. 1908. Greek text and “Revised version” on opposite pages.; Edited by Arthur Westcott. (B. F. Westcott & A. Westcott, Ed.), P.238

[30] Mark W. G. Stibbe, (1993).John. Readings: A New Biblical Commentary, P. 177

[31] Sproul, R. C. (2009). The Prayer of the Lord ,P.18

[32] Lenski, R, C, H. The interpretation of St. john’s gospel. P.373 & Morris, L. (1995). The Gospel According to John. The New International Commentary on the New Testament, P. 273 & Carson, D, A. The Gospel according to john, P.246

[33] Cranfield, C. E. B. (2004). A critical and exegetical commentary on the Epistle to the Romans ,P.399

[34]Silva, M., & Tenney, M. C. (2009). The Zondervan Encyclopedia of the Bible, Volume 3, H-L, P.648

[35]Ibid,P.720

[36] Pfeiffer, C. F., & Harrison, E. F. (1962). The Wycliffe Bible commentary, elctronic, ed (Jn 17:1)

[37] Bruce, F. F. (1979). New International Bible commentary.P. 1258. & Robertson, A. (1997). Word Pictures in the New Testament. Vol.5, elctronic, ed (Jn 17:1).

[38] يوجد تماثل نحوي بين العدد الأول والثاني، يسوع يتمجد لكي يتمجد الآب، للإبن سلطان لكي يعطي الحياة الأبدية، من الواضح أرتباط ἵνα المكررة في العددين بــــــ καθὼς، بمعنى أن إعطاء المسيح للحياة هو عبارة عن طريقة أخرى لقول ليمجدك إبنك، أنظر:

Bernard, J. H. (1929). A critical and exegetical commentary on the Gospel according to St. John. Vol. 2, P.560 & Kysar, R. (1986). John. Augsburg Commentary on the New Testament, P.255

 [39]الأب بيار نجم، التفسير المسيحي القديم، الإنجيل كما دونه يوحنا، الجزء الثاني، صــــ 295

[40] القديس اثناسيوس الرسولي، ضد الأريوسيين، المقالة الأولى، الفصل الحادي عشر، فقرة 42، صـــ 111

[41] Barker, K. L. (1994). Expositor’s Bible Commentary (Abridged) ,P.356, see also, Rosscup, J. E. (2008). An Exposition on Prayer in the Bible: Igniting the Fuel to Flame Our Communication with God ,P.1852

[42] في النص اليوناني ” يعرفوك\ γινώσκωσιν” فعل مضارع مبني للمعلوم في صيغة شرطية (subjunctive)، وبالتالي تكون صيغة المعرفة هنا هي استمراية ودائمة.

[43] يُشير الرب يسوع إلى نفسه بصيغة الغائب ولكن هذا كان شائع في العصور القديمة، أنظر. Arnold, C. E. (2002). Zondervan Illustrated Bible Backgrounds Commentary Vol. 2, P.152

[44]Plummer, A. (1902). The Gospel According to St John, P. 308

[45] Elwell, W. A., & Comfort, P. W. (2001). Tyndale Bible dictionary. ,P.789

[46] المطران يوحنا زيزيولاس، الوجود شركة صـــــ 17،20

[47] Cornelius à Lapide. (1908). The Great Commentary of Cornelius à Lapide, Vol. 6, P. 192

[48] Ratzinger, J. (2011). Jesus of Nazareth: Part Two: Holy Week: From the Entrance into Jerusalem to the Resurrection, P. 82,83

[49] Elwell, W. A., & Beitzel, B. J. (1988). Baker encyclopedia of the Bible, P.725

[50] Philo of Alexandria, & Yonge, C. D. (1995). The works of Philo: Complete and unabridged, P.170, Unchangeable 143

[51] Beasley-Murray, G. R. (2002). Vol. 36: Word Biblical Commentary, John., P297

[52] Theological dictionary of the New Testament. 1964 (G. Kittel, G. W. Bromiley, G. Friedrich, G. W. Bromiley & G. Friedrich, Ed.) Vol.1, P.249

[53] Louw, J. P., & Nida, E. A. (1996). Greek-English lexicon of the New Testament: Based on semantic domains , Vol.1, P.666

[54] Vine, W., & Bruce, F. . Vine’s Expository dictionary of Old and New Testament words, Vol. 2, P.158

[55] للمزيد من التفصيل أنظر An Exposition Of The Jehovah’s Witnesses’ Argument In Rejecting Christ’s Deity Using John 17:3, By. Aaron Tuazon Shelenberger, Christian Apologetics Journal, Vol. 8, Page 114

[56] Stern, D. H. (1996). Jewish New Testament Commentary: A companion volume to the Jewish New Testament, electronic ed, Jn 10:30

[57] Kruse, C. G. (2003). Vol. 4: John: An introduction and commentary. Tyndale New Testament Commentaries, P. 335

[58] Stallings, J. W. (1989). The Gospel of John (First Edition). The Randall House Bible Commentary, P. 238

[59] Carson, D. A. (1991). The Gospel according to John, P. 556

[60] Morris, L. (1995). The Gospel According to John. The New International Commentary on the New Testament, P.639

Exit mobile version