الحياة بعد الموت – هل هناك أدلة لحياة ما بعد الموت؟
الحياة بعد الموت – هل هناك أدلة لحياة ما بعد الموت؟
يعتقد اتباع المذهب الطبيعي الفلسفي (ومن ضمنهم التطوريين) أن الموت هو توقف الوجود. فبحسب وجهة نظرهم فإن الإنسان هو مجرد جسم ودماغ. وبالرغم من أنهم يرفضون الحقائق الـ ما وراء طبيعية مثل “الروح”، ولكن هناك أسباب مقنعة لنعتقد بأن الإنسان لديه جزء لا مادي من وجوده ويتسامى على الجزء المادي، وهكذا يستمر في الوجود بعد الموت.
ومن منظور قانوني، إذا كان الإنسان مجرد جسم مادي، فإنه لا يُعتمد عليه هذه السنة بالنسبة لجريمة ارتُكِبت السنة الماضية، وذلك لأن الهوية المادية تتغير عبر الزمن. فنحن لسنا نفس الأشخاص اليوم ونختلف عن البارحة، وكل يوم نخسر الملايين من الجزيئات الميكروسكوبية. وفي الواقع، فإن كل سبع سنين أو هكذا يتغير كل جزء من البنية التشريحي لدينا، عدا عن الجزء العصبي لدينا. وبالتالي من منظور مادي بحت فإن الشخص الذي ارتكب جريمة سابقاً، فإنه حاضراً ليس الشخص نفسه.
ولكن فإن المُجرم الذي يحاول استخدام هذا النوع من الاستدلال المنطقي كدفاع عن نفسه لن يوصله لشيء! فهذا النوع من المناورة القانونية لا يُجدي نفعاً حتى في عصر التنوير العلمي. فقانونياً وفطرياً، نحن ندرك تشابه روح الشخص التي تثبت هويته الشخصية على مر الزّمن.
وأخيراً، فإن حرية الإرادة تفترض أننا أكثر من روبوتات مادية. إذا كنت مجرد جسم مادي، فإن خياراتي هي عمل عوامل التركيب الجيني والتفاعلات الكيمائية للدماغ، وبالتالي فإن قرارتي ليست حرة، هي حتمية بشكل إجباري، ومضامين هذه الفكرة عميقة. ففي عالم يعتنق الحتمية الجبرية fatalistic determinism، فإنه لا يُعتمد عليّ بشكل أخلاقي، حيث أن المكافأة والعقاب تثير حس المنطق فقط إذا كان لدينا حرية إرادة.
ففي عالم مادي، فإن التفكير المنطقي يتم تبسيطه إلى مجرد انفعالات بحسب الظروف، بالإضافة إلى ذلك فإن مفهوم الحب يكون بلا معنى، فبدلاً من أن يكون فعل إرادي حر، فإن الحب يُبعَد إلى مجرد عملية روبوتية والتي بشكل جبري تنتج من العمليات المادية الفيزيائية. فبالرغم أن حجتي القانون والحرية مقنعتين بحد ذاتهما، فإن هناك حجة أكثر قوة وإقناعا تُظهر حقيقة الحياة وراء القبر، وهذه الحجة تظهر من قيامة يسوع المسيح، فإن أفضل العقول المفكرة قديماً وحديثاً أظهروا بدون أدنى شك موت المسيح الجسدي وبشكل حاسم!
وأن القبر الفارغ هو أفضل الأدلة الصادقة في التاريخ القديم، وأن تلاميذ المسيح اختبروا في عدة مناسبات ظهورات ما بعد القيامة بشكل ملموس، وأيضاً في ظرف أسابيع بعد القيامة وليس واحداً فقط، بل مجتمع كامل من 3000 شخص يهودي اختبروا التحول غير المعقول والتي جعلتهم أخيراً يتخلون عن التقاليد الاجتماعية واللاهوتية والتي أعطت لهم الهوية الوطنية. فمن خلال القيامة فإن المسيح لم يبين فقط أنه لا يقف في صف واحد مع إبراهيم وبوذا وكونفوشيوس، ولكن زودنا بدليل قهري للحياة بعد الموت
قضية الحياة ما بعد الموت تتكون من حجج تجريبية empirical (يمكن ملاحظتها) وحجج غير تجريبية أو نظرية. فالحجج التجريبية هي اثنتان: اختبارات الاقتراب من الموت near-death experience وقيامة المسيح. ونظرة متكاملة من الأدلة هي تلك النظرة التي تُخبرنا بأن هناك أناساً قد ماتوا وتركوا أجسادهم وحصل لهم اختبارات، ثم عادوا إلى أجسادهم.
والمحاولات التي تهدف لتفسير اختبار الاقتراب من الموت كظواهر طبيعية تفشل هنا حيث أن الشخص اللاجسدي يكتسب معرفة حول الأشياء على بعد مسافات (مثلا المحادثة مع أعضاء العائلة). فالشخص يجب أن يكون حذراً عند تفسيرها لاهوتياً ولكن حقيقتها مثبتة تماماً.
فالبعض قد حاجوا بأنه حتى لو كانت صحيحة فإن اختبارات القرب من الموت تزودنا فقط بدليل للوجود المؤقت بعد الموت. وبشكل حصري فإن هذا صحيح. وعلى أية حال، إذا كان الموت البيولوجي لا يُوقف الوعي فإنه من الصعوبة أن نرى ماذا سيُفعل بعد الموت.
قيامة المسيح، يكفي هنا أن نقول إنه إذا قام يسوع من الأموات، فهذا يؤهله للتحدث عن الحياة ما بعد الموت وذلك لأن قيامته تزودنا بدليل بأنه ابن الله وتعني أنه عاد من حياة ما بعد الموت وأخبرنا عنها. الأدلة غير التجريبية تنقسم إلى أدلة تعتمد على الإيمان بوجود الله، وأخرى لا تعتمد على الإيمان بوجود الله.
فالأول يفترض وجود الله ويجادل من تلك الحقيقة على وجود الأبدية. فإذا كان الله فعلاً ما يدعيه عن نفسه، فإن القضية مثبتة هنا بدون أدنى شك. وثلاثة من الحجج التي تعتمد على وجود الله مهمة جداً بشكل خاص.
أول حجتين تجادل من صورة ومحبة الله، بحيث أن الإنسان لديه قيم عالية جداً بكونه حامل صورة (الله)، والله هو حافظ هذه القيم العالية، وبالتالي الله هو حافظ الأشخاص. بالإضافة إلى ذلك، حيث أن الله يُحب حاملي صورته ولديه مشروع حتى يجلبهم الى النضوج الكامل والعلاقة الشخصية معه، فالله سوف يدعم ويقوي الإنسان حتى يبقوا في حالة الحب هذه وخطته هذه لصالحهم.
الحجة الثانية مبنية على العدل الإلهي، والتي تؤكد أن الخير والشر في هذه الحياة غير موزعة بشكل عادل. فالله العادل يجب أن يوازن الميزان في حياة أخرى، وبالتالي فإن حياة ما بعد الموت مطلوبة. وأخيراً، هناك الحجة من الوحي الكتابي، والتي تؤكد أن الكتاب المقدس هو كلمة الله الصحيحة، وهي تثبت حياة ما بعد الموت. ولتكون هذه حجة، فإن الاعتبارات المنطقية يجب أن تنظم لمصلحة مكانة الكتاب المقدس الإلهية.
وتوجد هناك حجتين لا تعتمد على وجود الله للحياة الأبدية، الأولى هي ثلاثة أجزاء للحجة من الرغبة Argument from Desire (1) الرغبة لحياة بعد الموت هي رغبة طبيعية (2) كل رغبة طبيعية تماثل بعض حالات من الأمور والتي يمكن أن تشبعها (3) فإذن، فإن الرغبة لحياة ما بعد الموت تماثل بعض حالات من الأمور والتي يمكن أن تشبعها –والتي هي حياة بعد الموت- تشبعها.
والنقاد يدعون أن الرغبة للحياة الأبدية ليس بشيء ولكنه تعبير للأنانية الأخلاقية. فالناس في الكون لا يرغبون بها، وحتى لو كانوا يرغبون بها، فإنها مكتسبة وليست طبيعية، بل حتى لو كانت طبيعية، فإنه في بعض الأحيان فإن مثل هذه الرغبات تتجمد. وبالتالي فإن الحجة من الرغبة ليست بالضرورة حجة قوية، ولكن أية حال فإن لديها ميزة وأفضلية. والحجة الثانية تدعي أن الوعي أو الضمير (consciousness) والنفس هما لا ماديان، وهذا يدعم الحياة ما بعد الموت بطريقتين هما:
- أنها تجعل الوجود اللاجسدي والهوية الشخصية في الحياة بعد الموت مدركة بوضوح.
- إنها تعطينا دليل لوجود الله. وهذا بدوره يزودنا بأرضية لنعيد تقديم الأدلة المعتمدة على وجود الله للحياة ما بعد الموت.
الحجة من الوعي كونه غير مادي يتضمن الادعاء أنه متى وصل الشخص الى وصف دقيق للوعي (consciousness) –الأحاسيس، العواطف، الأفكار، والاعتقادات –وهنا تصبح واضحة بأنها ليست فيزيائية (مادية).
فالحالات الواعية تتميز بالشعور الداخلي والخاص والنوعي والتي تعرف من خلال التأمل النفسي. وحيث أن الحالات المادية تفتقد لهذه المزايا، فإن الوعي ليس مادياً. فالقضية للنفس غير المادية متجذرة في الادعاء أن الشخص الأول للتأمل النفسي first-person introspection فنحن ندرك وجود الأنا (ذات) بكونه المركز اللامادي للوعي.
وهذا الإدراك يثبت الفطرة والتي عندما تقطع يد أي شخص، سيزيل لديه جزء من، أو يكسب أو يخسر ذكريات أو مزايا الشخصية، فالشخص لا يصبح شخصاً جزئياً أو شخصا أخر. بينما أن هذه الحجتين تزودنا بأرضية للاعتقاد بوجود الحياة بعد الموت، ولكنها ليست حاسمة. ففي نهاية الأمر فإن تبرير وجود الحياة بعد الموت يعتمد بشكل كبير على وجود الله.
انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان
Cabal، T. ، Brand، C. O. ، Clendenen، E. R. ، Copan، P. ، Moreland، J. ، & Powell، D. (2007). The Apologetics Study Bible: Real Questions، Straight Answers، Stronger Faith (1595). Nashville، TN: Holman Bible Publishers.