تابع بحث خاص عن الإنجيل معناه تابع المقدمة، تابع 2- العهد الجديد: تابع [ثانياً] كلمة الله في الكنيسة 2 – موقف البشر أمام كلمة الله في الكنيسة للرجوع للجزء التاسع أضغط هنا.
تابع ثانياً: كلمة الله في الكنيسة
2– موقف البشر أمام كلمة الله في الكنيسة
أولاً كلمة الله في الكنيسة وسلطانها :
أن كلمة الله في الكنيسة هي ذات سلطان إلهي لا يُنقض، خارجه من فم المسيح الرب الحي إذ هو وبشخصه: [ كلمة الله المُشخصة ]، وقد أعطى قوة نطق كلمته للرسل الذين اختارهم اختيار خاص وشخصي جداً لإعلان مجد كلمته بروحه القدوس الذي أعطاه لهم كعطية خاصة، لتكون الكلمة الخارجة من أفواههم هي خارجة بسلطانه الخاص، تحمل روح التلمذة: [ فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ] (متى 28: 19)، وهذا ما يُسمى [ السلطان الرسولي ] المُعطى من الله كعطية خاصة للرسل الأطهار بنعمة خاصه، وهذا السلطان الرسولي ممتد عبر الأجيال كلها، لأن سلطان كلمة الله فوق الأشخاص وتتخطى حدود إمكانياتهم البشرية، لأنه تسد العجز البشري، وتلغي القصور الزمني بكل حدوده، وتزيل السدود والمعوقات بسهولة شديدة، وتفتح أعين الأعمى، بل وتخلق عيون جديدة للفاقد البصيرة، لأن الناطق هو الله الحي بشخصه وبذاته، بل والمنطوق به هو شخص الله الكلمة…
ولذلك نجد القول والواعي للقديس أغسطينوس حينما قال: [ أما من جهتي لا أؤمن بالإنجيل إلا كما يوجهني إليه سُلطان الكنيسة ]، لأن للكنيسة سلطان رسولي حي نابض بالروح القدس روح الحياة والإلهام، الذي ساق الرسل ليكتبوا ويدونوا مقاصد الله كما هي بقوة روح كلمة الله بدون أي غش ولا إعلان فكرهم الشخصي قط:
[ لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس ] (2بطرس 1: 21)
[ لأننا لسنا كالكثيرين غاشين كلمة الله، لكن كما من إخلاص، بل كما من الله، نتكلم أمام الله في المسيح ] (2كورنثوس 2: 17)
طبعاً إذا وعت الكنيسة رسالتها وقوة السلطان التي نالته من الله، تصير شاهدة لكلمة الله وتُحدد قانونيتها كتلاميذ للمسيح الرب استلمت الإيمان من الرسل، وبسلطان التلمذة التي نالته واستمدته من السلطان الرسولي المُسَلَّم عَبر الأجيال كلها، فأنها تُسلم كل الأجيال التي تظهر فيها عبر العصور قوة كلمة الله التي تعمل في قلبهم وتغيرهم وتجدد طبعهم وتشع فيهم نور الحياة الجديدة ليتحولوا لإنجيل مقروء من جميع الناس، ظاهر فيه [ برّ الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون لأنه لا فرق ] (رومية 3: 22)، فيصيروا بدورهم تلاميذ الرب المدعوين عن جدارة مسيحيين لأنهم منتسبين إليه بسبب اتخاذه جسداً ليجعلنا واحداً معه: [ ليكون الجميع واحداً، كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم إنك أرسلتني، وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم أنك أرسلتني وأحببتهم كما احببتني ] (يوحنا 17: 21 – 23)، ليصير الجميع رعية مع القديسين وأهل بيت الله في المسيح يسوع…
ويقول القديس إيرينيئوس: [ المعرفة الحقيقية قائمة في تعليم الرسل، وقيام الكنيسة في العالم كله، وفي امتياز استعلان جسد المسيح بواسطة تتابع الأساقفة (الأمناء لله المفصلين كلمة الحق باستقامه) الذين أعطوا الكنيسة القائمة في كل مكان أن تكون محروسة ومُصانة دون أي تزييف أو ابتداع في الأسفار بسبب طريقة التعليم الكاملة والمتقنة التي لم تستهدف لأي إضافة أو حذف، وذلك بقراءتها (كلمة الله) بغير تزوير مع مواظبة شرحها باجتهاد بطريقة قانونية تلتزم بالأسفار دون أي خطورة من جهة التجديف, وبواسطة المحبة الفائقة التي هي أكثر قيمة من المعرفة وأعظم من النبوة التي تفوق كل ما عداها من المواهب ].
لذلك علينا أن نعي وعياً تاماً، أن كلمة الله الخارجة من فمه هي حياة الكنيسة، والكنيسة من غير الكلمة تفقد وجودها ومعناها، فنحن لا نقدر أن نُفرِّق بين الكنيسة وكلمة الله، فالإنجيل الحي في الكنيسة هو كلمة المسيح الحي الشخصية، والكنيسة هي جسد المسيح السري في العالم، ويستحيل على الإطلاق أن نُقرر أيهما أعلى أو أيهما أسبق، هل الكنيسة اسبق على الكلمة ام الكلمة اسبق على الكنيسة، هذا التساؤل وغيره، يأتي نتاج عدم وعينا لسرّ الكنيسة أي جسد المسيح رب الحياة والمجد…
والكنيسة بهذا الشكل تُصبح ولودة، تلد أولاداً للمسيح وتُتلمذهم بسلطان رسولي حي نابض فيها بالتقليد: [ الرُسل كرزوا بكلمة الحق فولدوا كنائس (أشخاص) ليس لأنفسهم ولدوها، ولكن للمسيح، لأن الرسول بولس يقول: “لأني ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل” (1كورنثوس 4: 15)… لقد أسس الله هيكله في كل مكان واضعاً أساساته على الأنبياء والرسل ] (القديس أغسطينوس)
لذلك ولوعي الكنيسة بقوة سلطان الأسفار المقدسة، فهي تُقدمها لمن ولدتهم في المسيح بالإنجيل على أساس أنها كنز حياتهم الخاص الذي ينبغي أن يبيعوا كل شيء ويقتنوه، لذلك يقول القديس إيرينيئوس: [ المسيح هو الكنز المخفي في الحقل (متى 13: 44). والحقل هو الأسفار ]…
لذلك يا إخوتي كونوا واعين لكلمة المسيح الرب في الكنيسة، لأن الرب يسوع قصد أن يعمل كنيسة ليعلن فيها مجده، وبدون وحدتنا ككنيسة واحدة لراعٍ واحد سنظل في نقص ونحتاج لسرعة الوحدة الحقيقية بقلب نقي يحب الرب ويتشرب من نعمته ويحيا بالإيمان المُسلَّم من جيل إلى جيل، لنصير اليوم جيل حي نابض بقوة كلمة المسيح الرب الخارجة من فمه بواسطة الكنيسة: [ ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله ] (متى 4: 4)، [ الروح هو الذي يحيي أما الجسد فلا يُفيد شيئاً، الكلام الذي أُكلمكم به هو روح وحياة ] (يوحنا 6: 63)…
فالإنجيل هو فم المسيح الرب، هو في السماء ولكنه لم يكفّ قط عن أن يتكلم على الأرض بواسطة الكنيسة، التي لسان حال خدام الكلمة فيها: [ وأما نحن فنواظب على الصلاة وخدمة الكلمة ] ( أعمال 6: 4 ).
ثانياً؛ موقف الناس من الكلمة الرسولية:
عموماً يا إخوتي أمام هذه الكلمة الرسولية في الكنيسة، يحدث ما حدث على مر العصور القديمة كلها كما رأيناه حينما عبرنا على موقف الإنسان إزاء كلمة الله في كل من العهد القديم وما قبل صعود الرب بالجسد عن يمين الآب في ملء مجده، لأنه يحدث نفس ذات الانقسام ما بين رافض ولا يُريد أن يسمع، وسامع وقابل الكلمة بطاعة ومحبة ليحفظها ويغلب بها الشرّ وينتصر بها على كل القوى المعاكسة التي تعيق النفس عن خلاصها لتصير عذراء عفيفة للمسيح الرب وإناءه الخاص الذي يسكنه، وتكون الكنيسة حارسة ومؤتمنه عليها بكل غيره حسنة: [ فإني أُغار عليكم غيرة الله لأني خطبتكم لرجل واحد لأُقدم عذراء عفيفة للمسيح ] (2كورنثوس 11: 2)، وهذا بالطبع هو دور الكنيسة الحقيقة في العالم ومستمد من نفس ذات السُلطان الرسولي عينه… عموماً ستظل كلمة الله في الكنيسة:
(1) تُرفض من البعض [ فجاهر بولس وبرنابا وقالا (لليهود) كان يجب أن تُكَلَّموا أنتم أولاً بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها (رفضتموها وطرحتموها) عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية، هوذا نتوجه للأمم ] (أعمال 13: 46)، [ لذلك يتضمن أيضاً في الكتاب هانذا أضع في صهيون حجر زاوية مختاراً كريماً والذي يؤمن به لن يخزى. فلكم أنتم الذين تؤمنون الكرامة وأما للذين لا يطيعون فالحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية. وحجر صدمة وصخرة عثرة الذين يعثرون غير طائعين للكلمة، الأمر الذي جعلوا له ] (1بطرس 2: 6 – 8).
(2) وتُقبل من البعض إذ يسمعون بقلبهم ويؤمنون [ وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب إذ قبلتم الكلمة في ضيق كثير بفرح الروح القدس ] (1تسالونيكي 1: 6)، [ من أجل ذلك نحن أيضاً نشكر الله بلا انقطاع لأنكم إذ تسلمتم منا كلمة خبرّ من الله، قبلتموها لا ككلمة أُناس، بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي تعمل أيضاً فيكم أنتم المؤمنين ] (1تسالونيكي 2: 13)، [ إذ سمعنا إيمانكم بالمسيح يسوع ومحبتكم لجميع القديسين من أجل الرجاء الموضوع لكم في السماوات الذي سمعتم به قبلاً في كلمة الحق الإنجيل ] (كولوسي 1: 4و 5)، [ الذي فيه أيضاً أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضاً إذ آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس ] (أفسس 1: 13)
(3) والذي يسمع بقلبه فهو يقبل الكلمة بوداعة من أجل أن يعمل بها [ لذلك أطرحوا كل نجاسة وكثرة شر، فاقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تُخلِّص نفوسكم، ولكن كونوا عاملين لا سامعين فقط خادعين أنفسكم ] (يعقوب 1: 21و 22)، [ وبه أيضاً تخلصون (الإنجيل) إن كُنتم تذكرون أي كلام بشرتكم به، إلا إذا كُنتم آمنتم عبثاً ] (1كورنثوس 15: 2)
(4) والذي يطيع الكلمة ويُخلص لها تسكن فيه بغنى [ لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى وأنتم بكل حكمة مُعلِّمون ومنذرون بعضكم بعضاً ] (كولوسي 3: 16)، [ كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير ] (1يوحنا 2: 14)…
لذلك يا إخوتي علينا أن نكون مُخلصين للكلمة ونُجاهر بها عند الحاجة حسب إرشاد الروح القدس وتدبيره الخاص، بكل شجاعة الروح في المحبة ووداعة يسوع الذي لم يكن يصيح ولا يُسمع في الشوارع صوته قط، غير خائفين من إعلان الحق حتى الموت، لأن شهادة يسوع طالما في القلب فممن نخاف لأن ليس لأحد سلطان على الكنيسة وعلى أولادها المولودين في المسيح وصاروا أعضاء فيها، سوى رأسها الحي الذي يشع فيها نصرته الخاصة بالقيامة التي صارت منهج حياتنا كلنا، وهو بنفسه يوجهها بروحه القدوس حسب مشيئة الآب أن خضعت له وحملت كلمته وانشغلت بها وقامت بدورها الحقيقي، فكلمة الله لا تُقيد، بل تزدهر في التاريخ بعملها الفائق لأنها نطق المسيح الرب القيامة والحياة، الذي أن سمع أحد صوته يقوم من الموت: [ الحق الحق أقول لكم أنه تأتي ساعة وهي الأن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون ] (يوحنا 5: 25)….
ونفس ذات الحياة والنطق الرسولي مُعطى للكنيسة اليوم وكل يوم عبر الأجيال كلها، والتي لا ينبغي أن تنشغل بغير كلمة الحياة لتُقدمها قوة شفاء وخلاص لجميع الأمم والعالم، وتعطيها غذاء حي للمؤمنين لينموا في البرّ والتقوى ويصيروا ملح الأرض ونور للعام حسب قصد الله الحي.
__________يتبــــــــــع__________ العنوان القادم تابع العهد الجديد: [رابعاً] سرّ الكلمة الإلهي – اللوغوس