القديس إكليمندس الإسكندري – موسوعة مصغرة تتضمن اهم وأبرز المواضيع – كلارا
القديس إكليمندس الإسكندري – موسوعة مصغرة تتضمن اهم وأبرز المواضيع – كلارا
القديس إكليمندس الإسكندري ونص العهد الجديد
تعود أهمية اقتباسات الآباء من الكتاب المقدس إلى دورها الهام في بناء النص الأصلي إذ يتفق معظم العلماء على أهمية اقتباسات الآباء، ومن هؤلاء العلماء:
– دانيال ولاس:
يمكن للآباء مساعدتنا في معرفة المفاهيم الموجودة في نصهم، مما يوفر زاوية مهمة لإعادة بناء النص [النص الأصلي] [1]
– بارت إيرمان ومايكل هولمز:
في النقد النصي للعهد الجديد، يُنظر عادةً إلى الاستشهادات الآبائية على أنها السطر الثالث من الأدلة، غير المباشرة والمكملة لـلمخطوطات اليونانية، وبالتالي غالبًا ما يتم التعامل معها على أنها ذات أهمية من الدرجة الثالثة. عندما يتم تقييمها بشكل صحيح، فإن الدليل الآبائي له أهمية أساسية، لكل من المهام الرئيسية للنقد النصي للعهد الجديد: على عكس المخطوطات اليونانية المبكرة، فإن الآباء لديهم القدرة على تقديم أدلة مؤرخة وجغرافيًا معينة. [2]
– صياغة أخرى للكلام مكتوبه في كتاب بارت إيرمان المشترك مع أستاذه عالم النقد النصي الشهير بروس ميتزجر:
إلى جانب الأدلة النصية المستمدة من المخطوطات اليونانية للعهد الجديد ومن النسخ القديمة، يقارن الناقد النصي العديد من الاقتباسات الكتابية المستخدمة في التعليقات والمواعظ والأطروحات الأخرى التي كتبها آباء الكنيسة الأوائل. في الواقع، هذه الاستشهادات واسعة النطاق لدرجة أنه إذا تم تدمير جميع المصادر الأخرى لمعرفتنا بنص العهد الجديد، فستكون كافية وحدها لإعادة بناء العهد الجديد بأكمله عمليًا. [3]
وسنسلط الضوء اليوم على اقتباسات القديس إكليمندس الإسكندري، إذ أنه صاحب كمٍّ هائل من الاقتباسات من كلا العهدين الجديد والقديم فاقتباساته من العهد الجديد وحده تتخطى (2400) اقتباس [4]
وفقا لجون ديفيد داوسون * فإن طريقة إكليمندس الإسكندري تعتمد على المجازية في اقتباساته وتفسيره للعهد الجديد كما أنه يعتمد في المجادلة على المعنى الشائع والمشترك [5]
وعلى الجانب الآخر فإن هذا لا يؤكد أن إكليمندس الإسكندري يهمل حرفية النص فهو يؤمن أن صوت الله يكمن في حرفية نص العهد الجديد [6] فبمقارنة القديس إكليمندس الإسكندري مع غيره من الدارسين في الإسكندرية نجده أكثر تأكيدا للمعنى الحرفي للكتاب المقدس فهو أكثر تأكيدا لتاريخيه النصوص وأكثر فهما لعقيدة التجسد [7]
وهناك بعض الملاحظات على اقتباسات واستشهادات القديس إكليمندس الإسكندري من نص العهد الجديد:
أولا: كان القديس إكليمندس الإسكندري على دراية تامة بنص العهد الجديد [8]
ثانيا: كان أحيانا يعتمد على ذاكرته في الاستشهادات بدرجه متفاوتة من الدقة (الرأي الغالب والواضح من كتاباته أن ذاكرته التخزينية جيدة للغاية) [9]
ثالثا: كان القديس إكليمندس الإسكندري على يعتمد في بعض استشهاداته على تقليد شفهي. [10]
رابعا: غالبا ما تكون اقتباسات القديس إكليمندس الإسكندري عبارة عن مزج بين مقطعين من نص العهد الجديد كما في (protrepticus 82.3) فهو يقتبس من الكتاب المقدس ويقول [لأنه إن لم تكونوا مرة أخرى كأطفال صغار، وتولدون من جديد، كما يقول الكتاب المقدس، فلن تقبلوا الآب الموجود حقًا، ولن تدخلوا أبدًا في ملكوت السماوات.] فهذا الاقتباس عبارة عن مزج بين كل من (متى 18: 3) و(يوحنا 3: 5) [11]
خامسا: اقتباسات القديس إكليمندس الإسكندري سواء أكانت اقتباسات دقيقة أو غير دقيقة (تعبر عن مفهومه) تعكس تقليد مسيحي مبكر مثل (متى 5: 16، 28، 6: 33، لوقا 12: 48) [12]
من الملاحظ أن القديس إكليمندس الإسكندري اقتبس فقط من أربعة أناجيل أي أنه كان يؤمن بها فقط وهو يشهد أن التقليد سلم لنا أربعة أناجيل فقط إذ قال في أثناء إلقاء أحد الهراطقة نص مستخرج من إنجيل منحول: «ليس لهذا النص مكان في الأناجيل الأربعة التي سلمها إلينا التقليد.» **
وإذا أردنا فحص استشهادات إكليمندس الإسكندري فأن معظم اقتباساته تنتمي للنص السكندري وبعضها للنص الغربي [13] وهناك من قال إن بعض اقتباساته من إنجيل متى مثلا لها طابع النص البيزنطي وهذا دليل على وجود هذا النص في القرن الثاني الميلادي في تلك المنطقة. ولكن إذا أردنا أن نحدد الاستنتاجات حول الصلات النصية الشاملة لاقتباسات القديس إكليمندس الإسكندري (العوائد التي يرجع إليها) فهذا يتطلب تحليل كامل وتفحص لاقتباسات إكليمندس في كل إنجيل معين. [14]
وينقل لنا القديس إكليمندس الإسكندري شهادة مبكرة عن دقة نقل التقليد والنص المقدس إذ يقول “تحمي الكنيسة التقليد والكتاب المقدس، وتنقله بأمانة، وتوجه تفسيره. ” [15]
القديس إكليمندس الإسكندري وألوهية المسيح
من المعلوم أن القديس إكليمندس الإسكندري من آباء ما قبل مجمع نيقية وبالتالي تعتبر شهادته مهمه على الإيمان بلاهوت المسيح خلال القرون الأولى لانتشار المسيحية.
القديس إكليمندس الإسكندري أكد لاهوت المسيح في مواضع عديدة [16] وأكد على أن الإيمان المسيحي في المسيح يعتمد على الإيمان بأن المسيح هو إنسان واله، عند اقتباسه جزءا من ترنيمة فيليبي التي تتكلم عن تجسد المسيح «لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ» [17] يعلق عليه قائلًا “الله الرحيم حريص على إنقاذ البشرية” [18] فهو يصف المسيح بأنه الله ويتابع شرح التجسد.
يركز القديس إكليمندس الإسكندري في كتاباته على مفهوم الكلمة أو (اللوغوس – Logos) ففي متابعته لشرح التجسد قال “لقد أصبح كلمة الله إنسانًا، حتى يمكن أن تتعلم من (يسوع المسيح) الإنسان كيف يمكن للإنسان أن يصبح إلهاً ” [19] يلاحظ نورمان ريسل أن هذه الفقرة تعتبر مرجعًا مهمًا لمعرفة المسيح بقوة النص المقدس [20].
يؤكد القديس إكليمندس الإسكندري على أزلية الكلمة ابن الله إذ يقول: “لان الكلمة كان يدل على الابديه وعلى أنه بلا بداية، تماما كما أن الكلمة، أي ابن الله، وفقا للمساواة في الجوهر، موجود كواحد مع الآب، ابدي وغير مخلوق. إن وجود الكلمة في البداية هو ما يُدَلُ عليه بقوله “في البدء كان الكلمة” ” [21]
يشير إكليمندس إلى أن الكلمة هو أزلي وقد تجسد وصار إنسان وأكد أنه هو سيد هذه الحياة “أصبح الكلمة جسدًا ليس فقط عندما أتى إلى الأرض كإنسان، ولكن أيضًا في البداية عندما لم يحسب نفسه معادلا للآب. الخلاص هو الحياة التي تنشأ في الكلمة، والسيد هو هذه الحياة” [22] وقال أيضا: بما أن الترنيمة الجديدة، أو اللوغوس، أو المسيح، هي التي تحدد النغمة، ولكن باعتبارها الكلمة الموجودة مسبقًا، فإن الكلمة تسبق تأسيس الكون؛ إنه أصل الكل وسبب التناغم الكوني. [23]
القديس إكليمندس الإسكندري والثالوث المقدس
يشرح القديس إكليمندس الإسكندري الثالوث بالطريقة التي نؤمن بها وهذا يدل على أن الثالوث هو أساس أصيل في الكتاب المقدس وفي المسيحية إذ قال “الآب والابن والروح القدس كلهم في واحد” [24]
وفي موضع آخر يقول (إذ يؤكد بهذه العبارة الحماية بالثالوث القدوس): “محميين بقوة الله الآب ودم الله الابن وندى الروح القدس”[25]
فهو يؤمن بالثالوث إذ يقول ويشرح عن التساوي بين الأقاليم ” إنّه لسرّ عجيب! واحد هو الله الآب، أبو كلّ شيء. وواحد هو الله اللوغوس كلمة كلّ شيء، وواحد هو الروح القدس المتساوي لهما في كلّ شيء” [26]
ويشير إلى ضرورة الصلاة إلى الثالوث إذ يصلي بهذه الطريقة ” دعونا نحمد الآب والابن الواحد مع الروح القدس الذي هو واحد في الكل – الذي فيه الكل، من خلاله جميعًا – الذي نكرّمه الآن وإلى الأبد. آمين.” [27]
ولا نتوانى إلا عند التنويه على أحد الأمور المهمة التي ذكرها القديس إكليمندس الإسكندري وهو عبارة عن ترنيمة أو صلاه للمُربّي الإلهي إذ يقول فيها:
“تعطف، أيها المربي الإلهي، على أولادك الصغار، أيها الآب، يا قائد إسرائيل، أيها الآب والابن معا، يا رب. أعطنا إن نتبع وصاياك، فنصل إلى مشابهة الصورة، ونختبر، على قدر قوانا، صلاح الله، وليس حكم الديان. امتحنا أن نحيا جميعنا في سلامك، ونعبر إلى مدينتك، ونجتاز هدوء مياه الخطيئة، يحملنا بسكينة الروح القدس، حكمتك التي لا توصف. أعطنا أن نرنم لك نشيد شكر ليلا ونهارا، وحتى اليوم الأخير. اقبل تسبيحتنا، أيها الآب الوحيد والابن
أيها الابن والآب، أيها الابن، مربينا ومعلمنا مع الروح القدس كل شيء هو للواحد، الذي فيه يوجد كل شيء، وبه كل شيء واحد، وبه الأزلية، وكلنا أعضاؤه، له المجد إلى الدهور. كل شيء هو للإله الصالح، شيء هو للإله البهي، كل شيء هو للإله الحكيم، كل شيء هو للإله العادل. له المجد الآن وإلى دهر الداهرين، آمين.” [28]
مختارات:
أ- القديس إكليمندس الإسكندري وسبب معمودية المسيح
- “لقد اعتمد المسيح ليقدس الماء للذين سيولدون من جديد” [29]
ب- مساواة المرأة والرجل في فكر القديس إكليمندس الإسكندري
- “لدى الرجل والمرأة نفس القيمة الروحية” [30]
- “الرجل والمرأة متشابهان في كل شيء فلهما حياة واحدة وطعام واحد وتنفس واحد…. فكيف لا يكون لهما ايضا قيمة روحية واحدة وبالتالي ايضا سيرة روحية واحدة” [31]
- “إذ كان جيدا للرجل أن يموت من أجل الحرية والخلاص فإن المرأة تتساوى معه ايضا في ذلك. فإن هذه السيرة ليست حكرًا على الرجال وانما تختص بالناس الصالحين” [32]
ج- الخطيئة الأصلية
- “الانسان في الفردوس كان يعيش حالة بساطة وحالة حرية، لذلك لم يطع الله فسقط في الخطيئة” [33]
- “بالنسبة الى نتيجة السقوط في الخطيئة، فان خطيئتنا هي مشابهة لخطيئة آدم. وكما يقول النبي، إننا نولد في الخطيئة: «ها إني بالاثم قد ولدتُ وفي الخطيئة حبلت بي امي» (مزمور 51: 5). وهذا يعني ان كل لم يعتنق بعد الايمان هو في حالة خطيئة، إن الخطيئة هي أمر مشترك بين جميع البشر، إنها ملازمة للطبيعة البشرية، إنها من صلب الطبيعة. ونحن، بذلك، نميل دائماً الى الشر” [34]
بالنسبة الى الخطيئة بحد ذاتها، فانها خطيئة تمرد على الله، وليس سقوط بالمعنى الأفلاطوني للكلمة، لأن الله، الكلي القدرة، أوجد الطبيعة في حالة برارة، ونحن، باعمالنا التمردية جلبنا علينا غضبه تعالى. واما بالنسبة الى الخلاص، فان المسيح نزل الى الارض ليخلصنا من هذا التمرد ونعود الى طاعة الآب السماوي. [35]
______________
قائمة المصادر والمراجع:
[1] Revisiting the Corruption of the New Testament: Manuscript, Patristic, and Apocryphal Evidence, DANIEL B. WALLACE, chapter 4, p.133.
[2] The Text of the New Testament in Contemporary Research 1995, Bart D. Ehrman and Michael W. Holmes, p.191.
[3] THE TEXT OF THE NEW TESTAMENT: Its Transmission, Corruption, and Restoration 2005, Bruce M. Metzger and Bart D. Ehrman, p.126.
انظر ايضا حوار بروس ميتزجر مع الإعلامي لي ستروبل من كتاب (القضية المسيح ص75).
[4] The Popular Handbook of Archaeology and the Bible, Joseph M. Holden and Norman Geisler, p.125.
* جون ديفيد داوسون أستاذ الدين والأدب المقارن وأستاذ المسؤولية الاجتماعية في جامعة هارفارد.
[5] Allegorical Readers and Cultural Revision in Ancient Alexandria, David Dawson, p.206
[6] على سبيل المثال(Protrepticus 82.1-2) من (protrepticus of clement of alex. a commentary , Miguel Herrero de Jáuregui , p.222)
[7]Allegory and Event: A Study of the Sources and Significance of Origen’s Interpretation of Scripture, Richard Hanson, p.120
[8] New Testament Textual Criticism and Exegesis, Joel Delobel, p.39
[9] Clement of Alexandria, John Ferguson, p.58
“Clement is quoting from a well-stored memory”
انظر ايضا:
The credibility of the Gospel history: or, the facts occasionally mentioned in the New Testament, Nathaniel Lardner, p.365.
[10]The Integration of Oral and Written Jesus Tradition in the Early Church ,Michael Strickland , p.136
انظر ايضا:
Bousset, Judisch-Christlicher Schulbetrieb in Alexandria und Rom.
[11] The Sacred Writings of Clement of Alexandria, V.1, p.44
[12]Divergent Gospel Traditions in Clement of Alexandria and Other Authors of the Second Century, p.43 to p.63.
** stromates I, III, C. XIII
[13] Gérassime Zaphiris, Le texte de P’Ěvangile selon saint Matthieu d’après les citations de Clement d’Alexandrie compartes aux citations des Pères et des Theologiens grecs du II’ au XV siècle (Gembloux, [1970]).
وهي دراسة تحت إشراف بروس ميتزيجر، انظر:
New Testament studies (philological, versional, and patristic) Bruce M. Metzger , p.172
[14]Novum Testamentum 29, pp. 22-45, Methodological Developments in the Analysis and Classification of New Testament Documentary Evidence, Bart D. Ehrman. (An article)
يمكن مشاهدته من هنا:
https://sci-hub.se/10.2307/1560808
[15] انظر (7.17.106f , esp.107.2-4)
[16] على سبيل المثال انظر:
Protrepticus 10 106. 4-5
[17] (فيلبي 2: 7).
[18] Protrepticus 1 8 4
[19] Ibid
[20] The Doctrine of Deification in the Greek Patristic Tradition, Norman Russell, p.125
[21] Titi Flaui Clementis Alexandrini opera omnia, V.3-4 , p.59
انظر ايضا:
Stachlin, Clemens Alexandrinus (Berlin 1960), III , 209/10
[22] exc 19.2.
[23] Protrepticus 1,1-10.
انظر ايضا:
The Pre-Christian Origins of Early Chris- tian Spirituality , David T. Runia.
[24] paedagogus 3.12.101
[25] Kretschmar, Trinitätstheologie , p.115+116
انظر ايضا:
The Ante-Nicene Fathers: Translations of the Writings of the Fathers Down to A. D. 325; V.II, James Donaldson, p.601 (who is the rich man that shall be saved?)
[26] الخطاب إلى اليونانيّين 1/ 6: 42 (مقتبس من كتاب الخلاصة الكتابية والآبائية، ج 1، ف.17: أكليمنضس الإسكندراني فيلسوف المعرفة المسيحية، الاب بولس الفغالي)
[27] Lib. iii. , Stromata. c. vi. (A Manual of the Catholic Religion, for Catechists, Teachers and Self-instruction, Francis Xavier Weninger, p.82)
[28]تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة , المطران كيرلس سليم والاب حنا الفاخوري والاب جوزيف العبسي البولسي , ص387 + ص388.
[29] ecl.prop. 7
[30]paedagogus 1.10.1
[31]paedagogus 1.10.2
[32] Stromata, IV ,67 ,4
[33] الخطاب إلى اليونانيين، 11 (مقتبس من كتاب كليمنضوس الاسكندراني , الاب جورج رحمة , ص123)
[34] الستروماتيس،2،12 (مقتبس من كتاب كليمنضوس الاسكندراني , الاب جورج رحمة , ص123)
[35] الستروماتيس،3،14 (مقتبس من كتاب كليمنضوس الاسكندراني , الاب جورج رحمة , ص123)