Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

الفصل الأول: جغرافية سفر مكابيين الأول

مقدمة:

جاء في سفر مكابيين الأول أن الأسكندر المقدونى اعتزم في عام 336ق. م القضاء على الدولة الفارسية، وسرعان ما ظهرت مهارته الحربية في كافة الحروب فأخضع أولاً الولايات الأغريقية ثم تقدم نحو آسيا الصغرى ليلاقى قوة فارس وتحقق له النصر على داريوس الثالث الملك الفارسي عام 331 ق. م ثم زحف إلى سوريا واستولى على دمشق وفتح صور واستولى على عكة وأشدود وأشقلون وغزة ودخل أورشليم في موكب حافل تسوده موجة من التسامح الدينى ومن بعدها توجه نحو مصر فدخلها دون مقاومة.

وبعد موت الأسكندر تنازع على السلطة أربعة من قواده وكانت مصر من نصيب البطالسة أما سوريا فأخذها السلوقيون، إلا أنه في عام 280 ق. م إستأثر بطليموس الثاني بحكم فلسطين وأنشأ فيها مدناً يونانية ولكن لم يمض زمن طويل حتى أسترجع السلوقيون السيادة على فلسطين وجعلوا أنطاكية على نهر العاصى العاصمة الجديدة للدولة السلوقية.

وفى عام 175 ق. م أعتلى العرش أنطيوخوس الرابع الذي كان بمثابة عصا تأديب للأمة اليهودية التى تركت عهودها مع الله وكسرت وصاياه.

دخل أنطيوخوس أورشليم بجيش كثيف (1مك 22:1) دخل المقدس بتجبر وأخذ مذبح الذهب مع جميع أدواتها ومائدة التنضيد والمساكب والجامات ومجامر الذهب والحجاب والأكاليل والحلية الذهبية التى كانت على وجه الهيكل وحطمها جميعاً وأخذ الفضة والذهب والآنية النفيسة وأخذ ما وجد من الكنوز، أخذ الجميع وأنصرف إلى أرضه (1مك 24:1) وبعد سنتين من الزمان أرسل الملك رئيس الجزية إلى مدن يهوذا فضرب أورشليم ضربة عظيمة وأهلك شعباً كثيراً في إسرائيل وسلب غنائم المدينة وأحرقها بالنار وهدم بيوتها مع أسوارها.

في ظل هذه الظروف كان لابد من أن الضغط من حكام سوريا يفجر صرخات الغضب بين اليهود حتى قاد حركة المقاومة القتالية كاهن غيور من النسل المبارك والدم الكهنوتى انتهت بأن حكمت الأمة اليهودية الأسرة الحسمونية بزعامة كاهن يسمى متتيا من قرية تسمى مودين وتعرف الثورة باسم الثورة المكابية التى بدأت عام 167 ق. م.

 

أولاً: مودين

هي البلدة التى كان يقيم فيها متتيا الكاهن وهو ابن يوحنا ابن سمعان من بني يوياريب وتقع البلدة إلى الجنوب الشرقى من مدينة يافا الواقعة على ساحل البحر المتوسط وتبعد نحو 17 ميلاً شمال غربى أورشليم.

 

ثورة متتيا (متاثياس) عام 167ق. م

في تلك الأيام خرج متتيا من أورشليم وهو متتيا ابن يوحنا ابن سمعان كاهن من بني يوياريب وسكن في مودين. متتيا اسم عبري معناه ” عطية الرب ” وكان له خمسة بنين يوحنا الملقب بكديس وسمعان الملقب بالطسى (عبثى الغيور) ويهوذا الملقب بالمكابي والعازار الملقب بأوران ويوناثان الملقب بأفوس.

بدأ متتيا الجهاد بأن خرج إلى البرية هو وأبنائه ونزل معه كثيرون إلى البرية ممن يبتغون العدل والحكم فهاجمتهم قوات الملك في يوم السبت وقتلت منهم الكثيرين ممن كانوا في المختبآت ومات متتيا في هذه الظروف وقام بعده ابنه يهوذا المكابي.

يهوذا المكابي:

جمع يهوذا كل أخوته وجميع الذين كانوا قد انضموا إلى أبيه وكان يهوذا كالأسد في حركاته وكالشبل الزائر على الفريسة فلما جاء ” أبلونيوس ” بجيش عظيم من السامرة ليحارب إسرائيل أنقض عليه يهوذا وقتله وأنهزم الباقون وأخذ يهوذا سيف أبلونيوس وحارب به كل الأيام.

وسمع ” سارون ” قائد جيش سوريا فجمع جيشاً كبيراً ليقاتل يهوذا والذين معه ودنوا إلى عقبة بيت حورون فقال أتباع يهوذا كيف نطيق قتال مثل هذا الجمع القوى ونحن نفر يسير فقال يهوذا ” سواء عند إله السماء أن يخلص بالكثيرين وبالقليلين ” وهجم جيش يهوذا على جيش سارون وهزمه هزيمة منكرة فتتبعه يهوذا إلى عقبة بيت حورون وسقط منهم ثمانى مائة رجل وفر الباقون إلى ارض فلسطين.

 

ثانياً: بيت حورون

معناها بيت المغاير وفى هذه المنطقة جرت معارك وأحداث تاريخية هامة مثل انتصار يشوع على الأموريين وضربهم ضربة عظيمة في جبعون وطردهم في طريق عقبة بيت حرون، وهناك بيت حورون العليا وبيت حورون السفلى على الطريق من أورشليم إلى يافا هذا الطريق مطروقاً منذ أيام يشوع وعلى هذا الطريق انهزم القائد السورى سارون أمام يهوذا المكابي (1مك 13:3) وبعد ذلك بست سنوات انهزم أيضاً ” نكاتور ” بعد تقهقره عن أورشليم وقتل هناك (1مك 39:7).

 

أنطيوكس الرابع والثورة المكابية:

بلغت أنباء الثورة أنطيوكس ولكنه لم يستطيع الذهاب بنفسه لإخمادها لانشغاله باضطرابات أكثر خطورة في أرمينية وفارس فأمر ليسياس الحاكم على الجزء الغربى من المملكة والوصى على أبنه بإنهاء التمرد وإبادة الجيش اليهودى فأختار ليسياس بطلماوس ونكاتور وجرجياس رجالاً ذو بأس من أصحاب الملك ومعهم أربعين ألفاً من المشاه وسبعة آلاف فارس ومعهم عدد من التجار حتى يشتروا بني إسرائيل عبيداً لهم.

إلا أن يهوذا المكابي جمع جيوشه في المصفاة قبالة أورشليم وهزم جيوش جرجياس المجتمعة جنوب عمواس هزيمة ساحقة وتعقبهم إلى جازر وسهول أدوم وأشدود وكان في ذلك اليوم خلاص عظيم لإسرائيل. وتعد عمواس من أهم المدن التى تسيطر على ملتقى الطرق في الطرف الشرقى من وادى عجلون وبإنتصار يهوذا المكابي على قوات جرجياس في عمواس انفتح أمامه الطريق إلى بيت صور وحبرون.

 

ثالثاً: المصفاة

كلمة عبرية معناها ” برج مراقبة ” بالقرب من الرامة. في المصفاة جمع صموئيل النبى كل بني إسرائيل ليصلى لأجلهم لينصرهم الرب على الفلسطينيين وجمعهم مرة أخرى ليمسح شاول ملكاً وفيها جمع يهوذا المكابي جيشه لأن المصفاة كانت من قبل هي موضع الصلاة لإسرائيل (1مك 46:3).

 

رابعاً: جازر

ومعناها في العبرية ” نصيب أو مهر ” وهي مدينة كانت ذات أهمية عسكرية في العصور القديمة ويرجح أن اسم المدينة الحديث تل جازر أو تل الجزيرة ويبلغ طول قمة التل نحو 1700 قدم بعرض من 300 500 قدم وعند سطحه تقع الطرق المؤدية إلى أورشليم شرقاً وإلى بيت حورون شمالاً ويمر بالسهل المحيط بالتل الخطوط الحديدية من يافا إلى أورشليم.

خامساً: أدوم

معنى أدوم ” الأحمر ” ويحدها من الشمال حدود إسرائيل الجنوبية ومن الجنوب عصيون جابر ومن الغرب وادى العربة بينما تمتد شرقاً إلى الصحراء وفى زمن يهوذا المكابي كان يسكن المنطقة الغربية الأدوميون سكان أدومية وقد حاربهم يهوذا وقد أخذ حبرون أهم مدنهم (1مك 4:20).

 

سادساً: أشدود

ومعناها ” حصن أو قوة ” وهي أحدى المدن الفلسطينية الخمس الكبرى وتقع إلى الغرب من أورشليم وكانت تتمتع بالاستقلال في أيام صموئيل النبى عندما أخذ تابوت العهد بعد هزيمة الإسرائيليين إلى بيت داجون في أشدود ونقرأ في سفر المكابيين أن يهوذا ويوناثان قد أخذا المدينة وطهراها من الأوثان (1مك 68:5) وهي التى ذهب إليها قيلبس بعد أفتراقه عن الخصى الحبشى وفى القرن الرابع الميلادى أصبحت مقراً للأسقفية وهي الآن قربة صغيرة على بعد نحو 18 ميلاً شمال شرقى غزة.

هزيمة ليسياس في بيت صور:

بلغت أنبياء هزيمة جرجياس إلى مسامع ليسياس فجمع جيشاً من ستين ألفاً من المشاة وخمسة آلاف من الفرسان ونزلوا إلى بيت صور فلاقاهم يهوذا في عشرة آلاف وصلى يهوذا وقال ” مبارك أنت يا مخلص إسرائيل الق هذا الجيش في يد شعبك ” ودارت المعركة فهزم ليسياس هزيمة منكرة في بيت صور (1مك 34:4) وسقط من جيش ليسياس خمسة آلاف وصرعوا أمامهم.

 

سابعاً: بيت صور

أى ” بيت الصخر ” وقد يكون معناها بيت الإله صور في جبال يهوذا بناها بنو معون من نسل حبرون من بني كالب وقام رحبعام بتحصينها وقد أصبحت مدينة هامة في عصر المكابيين تقع إلى الشمال من حبرون بنحو أربعة أميال ونصف ويقول المؤرخون أنها أمنع مدينة في كل اليهودية تغير اسمها في العصر البيزنطى إلى برج صور.

 

عيد التجديد:

استعاد يهوذا كل أرض اليهودية ماعدا القلعة في أورشليم وقام بتجديد الهيكل وتدشينه وأعاد الذبائح اليومية في الخامس والعشرين من شهر كسلو (الشهر التاسع من السنة العبرية) ويوافق شهر كسلو المدة من منتصف نوفمبر إلى منتصف ديسمبر وكان هذا هو منشأ عيد التجديد أو عيد الأنوار.

غضبة الأمم من تدشين الهيكل

لما سمعت الأمم أنه قد بني المذبح ودشن المقدس استشاطوا غضباً وطفقوا يهلكون من الشعب وكان يهوذا يحارب بني عيسو في أدوم عند أقربتين (ويذكر يوسيفوس أنها جنوب شرقى شكيم) لأنهم كانوا يضيقون على إسرائيل فضربهم ضربة عظيمة، وتذكر شر ” بني بيان ” الذين كانوا شركاً ومعثرة للشعب يكمنون له على الطرق (1مك 4:5) فألجأهم إلى البروج وحاصرهم وأحرق بروجهم وكل من كان فيها بالنار.

 

بنو بيان:

اسم قبيلة كانت تقطن المنطقة بين أدوم وبنى عمون وكانوا من المتآمرين ضد بني إسرائيل وضد إعادة بناء أسوار أورشليم (نح 7:4-8).

وعبر يهوذا إلى بني عمون فصادف عسكراً قوياً وشعباً كثيراً تحت قيادة تيموثاوس فواقعهم في حروب كثيرة فأنكسروا أمامه فاوقع بهم وفتح يعزير وتوابعها ثم عاد إلى اليهودية.

 

ثامناً: يعزير

اسم عبري معناه ” يعين ” وتقع كما يقول يوسيفوس غربى ربه عمون بنحو عشرة أميال. وواجهت يهوذا عدة أخطار:

1 الخطر الأول أن الأمم الذين في جلعاد اجتمعوا على من كان من إسرائيل في تخومهم ليبيدوهم ففروا إلى حصن دياتما فأرسلوا إلى يهوذا لينقذهم.

وهو حصن في جلعاد لجأ إليه اليهود هرباً من الأمم الغزاه واستنجدوا بيهوذا المكابي فقام هو وأخوه يوناثان ورجالهما وعبروا الأردن وساروا مسيرة ثلاثة أيام في البرية واستولوا على باصر إلى الشرق من جبل نبو ثم قاموا من هناك ليلاً وساروا إلى الحصن وأنقذوا أخوتهم من يد جيش تيموثاوس.

2 الخطر الثاني يتعلق باليهود الذين في أرض طوب فقد قتلوا وسُبيت نساؤهم وأمتعتهم.

ومنطقة طوب اسم مكان بمعنى الطيب في شرقى الأردن إلى الشمال من نهر اليرموك في منطقة حوران وقد انجد يهوذا المكابي اليهود الذين في طوب وأنقذهم من يد اليونانيين.

3 الخطر الثالث يتمثل في يهود جاءوا من الجليل بثياب ممزقة وقالوا له أن الأمم قد اجتمعوا علينا في بطلمايس وصور وصيدا وكل جليل الأمم ليبيدونا فأرسل إليهم يهوذا أخاه

سمعان ومعه ثلاث آلاف وناصب الأمم حروباً كثيرة فانكسرت الأمم من وجهه فتبعهم إلى باب بطلمايس وسقط منهم ثلاث آلاف رجل وسلب غنائمهم وأخذ سمعان اليهود من الجليل وعاد بهم إلى اليهودية بسرور عظيم.

 

تاسعاً: بطلمايس (عكا)

عكا كلمة فينيقية معناها رمل ساخن وكانت في الأصل تقع على تل الفواخير وهو من أهم التلال على الساحل الفينيقى. تغير اسمها إلى بطلمايس في عصر السلوقيين الذين جعلوا منها قلعة حصينة.

وفى العصر الرومانى أصبحت مدينة لها استقلالها الذاتى. ورغم أهميتها التجارية إلا أن هذه الأهمية لم تلبث أن انتقلت بعد ذلك إلى حيفا.

 

عاشراً: صور

اسم سامي معناه ” صخر ” ميناء على الساحل الشرقى من البحر المتوسط على بعد نحو 40 كيلومتراً إلى الجنوب من صيدا ونحو 45 كيلومتراً إلى الشمال من عكا. وكان ملكها حيرام صديقاً لداود الملك واستمرت الصداقة في عهد سليمان الذي أرسل إليه خشب أرز وخشب سرو لبناء الهيكل.

وقد زارها بولس الرسول في طريق عودته من آسيا الصغرى إلى أورشليم ومكث بها سبعة أيام إذ وجد بها تلاميذ (أع 3:21).

 

حادى عشر: صيدا

اسم سامي معناه مكان الصيد. وجاء ذكرها في سفر يشوع باسم صيدون العظيمة وتقع شمالى صور بنحو 40 كيلومتراً، وفى أثناء سفر بولس الرسول إلى روما رست السفينة في ميناء صيدا حيث عامل يوليوس قائد المئة الرسول بولس بالرفق وإذن له أن يذهب إلى أصدقائه ليحصل على عناية منهم (أع 3:27) مما يدل على أنه كان بها كنيسة مسيحية منذ زمن مبكر وقد اشترك أسقفها في مجمع نيقية عام 325م.

أنتصارات يهوذا في جلعاد:

عبر يهوذا وأخوه يوناثان نهر الأردن وسارا مسيرة ثلاثة أيام في البرية وهناك سمعا أن أخوتهما في أرض جلعاد قد حوصروا في بصرة وباصر وعليم وكسفور ومكيد وقرنائيم فسار يهوذا جهة البرية إلى باصر فاستحوذ على المدينة وقتل كل ذكر بحد السيف وسلب جميع غنائمهم واحرق المدينة بالنار.

ثانى عشر: باصر

كلمة عبرية معناها ” حصن أو قوى” تقع في تخوم موآب شرقى جبل نبو وكانت أحدى مدن الملجأ التى أفرزها موسى في سبط رأوبين في شرقى الأردن.

ثم أنصرف يهوذا إلى المصفاة وحاربها وقتل كل ذكر بها وأفتتح كسفور ومكيد وسائر مدن جلعاد.

ثالث عشر: بصرة

اسم عبري معناه ” حظيرة ” وهي من أقوى الحصون في النصف الشمالى من أدوم على بعد نحو ثلاثين ميلاً إلى الشمال من بترا وكانت تتحكم في الطرق المؤدية إلى العريش وميناء إيلات ويرجع أنها كانت عاصمة لأدوم في بعض العهود.

رابع عشر: كسفور

مدينة في شرقى الأردن وكانت أحدى المدن التى حصر فيها السلوقيون كثيرين من اليهود حتى جاء يهوذا المكابي وأقتحم المدينة وأطلق صراح أخوته. ” يظن أن موقعها الآن هو كسفين ” شرقى بحر الجليل.

خامس عشر: مكيد

مدينة حصينة في شرقى الأردن في أرض جلعاد وقد فتحها يهوذا المكابي وأنقذ اليهود الذين كانوا محاصرين فيها ومهددين بالقتل.

سادس عشر: قرنايم

وتسمى عشتاروت قرنايم ولعلها سميت بهذا الأسم لوجود تمثال بها لعشتاروت كان له قرنان وكانت مدينة حصينة في عهد المكابين ويظن أن موقعها الآن هو ” الشيخ سعد ” على بعد نحو 32 كيلو متراً إلى الشرق من بحر الجليل وتدل الحفريات على أنها كانت مدينة كبيرة محاطة بثلاثة أسوار استحقت أن توصف بأنها مدينة منيعة

 

يهوذا يواصل انتصاراته:

 ذكرنا أن يهوذا مضى إلى المصفاة وحاربها وأفتتحها وقتل كل ذكر فيها وسلب غنائمها وأحرقها بالنار.

والمصفاة كلمة عبرية معناها مرقب أو برج مراقبة أو مكان مرتفع يستطيع الإنسان أن يرى منه إلى مدى بعيد من كل جانب. وهي موضع في أرض جلعاد كانت تسمى مصفاة جلعاد وكانت أحدى مدن الملجأ.

وبعد هذه الأمور جمع تيموثاوس جيشاً آخر ونزل قبالة رافون وهي رافانا الواقعة في أعالى اليرموك على بعد 17 ميلاً إلى الشمال من درعا فعبر يهوذا إلى رافانا ومعه كل الشعب فأنكسر تيموثاوس وفر من معه إلى المعبد الذي في قرنايم فاستولى اليهود علي المدينة واحرقوا المعبد مع كل من كان فيه وانكسر أهل قرنايم ولم يطيقوا الثبات أمام يهوذا.

 

سابع عشر: عفرون

بلغ يهوذا إلى عفرون وهي مدينة حصينة تبعد 12 ميلاً إلى الجنوب الشرقى من بحر الجليل وقد رفض سكانها السماح ليهوذا ومن معه أن يجوزوا في وسطها وأغلقوا الأبواب على أنفسهم وردموا الأبواب بالحجارة فأقتحم الإسرائيليون المدينة وقتلوا كل ذكر فيها بحد السيف وسلبوا غنائمها.

عودة يهوذا المكابي إلى أرض يهوذا:

 

عظم الرجل يهوذا وأخوته جداً في عيون كل إسرائيل وجميع الأمم التى سار إليها ذكرهم (1مك 63:5) وخرج يهوذا وأخوته وحاربوا بني عيسو في أدوم أرض الحنوب وهي المنطقة الممتدة جنوب تخم إسرائيل حتى عصيون جابر وتمتد غرباً إلى وادى العربة.

وضرب يهوذا حبرون وهي من أقدم مدن فلسطين وتدعى الآن الخليل وكان يطلق عليها قديماً قرية أربع وجاء في (تك 8:13) أن إبرآم أقام عند بلوطات ممراً التى في حبرون وأمضى اسحق ويعقوب سنين عديدة من حياتهم في حبرون ومنها أرسل يعقوب ابنه يوسف للسؤال عن أخوته ومنها أيضاً نزل يعقوب وأولاده إلى مصر (تك 1:46) وضرب يهوذا حبرون وتوابعها وهدم سورها وأحرق البروج التى حولها.

وسار قاصداً أرض الأجانب وجال في السامرة ثم توجه إلى أشدود في ارض الأجانب وهي أحدى مدن الفلسطينيين الخمس الكبرى على بعد نحو 18 ميلاً شمال شرقى غزة وقد أخذ تابوت العهد بعد هزيمة الإسرائيليين إلى بيت داجون في أشدود (1صم 1:5) وجاء في (1مك 68:5) وفى (1مك 84:10) أن يهوذا ويوناثان قد أخذا المدينة وطهراها من الأوثان.

وقد ذهب إليها فيلبس الرسول بعد افتراقه عن الخصى الحبشى وفى القرن الرابع الميلادى أصبحت مقراً للأسقفية.

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

نهاية انطيوخوس أبيفانوس:

كان انطيوخوس الملك يجول في الأقاليم العليا فسمع بذكر المايس وهي مدينة بفارس مشهورة بأمواله من الفضة والذهب وأن فيها هيكلاً فيه كثير من الأموال وفيه أسلحة الذهب والدروع التى تركها هناك الأسكندر الأكبر ولكن قاومه أهلها وقاتلوه فهرب من هناك راجعاً إلى بابل.

 

ثامن عشر: ألمايس

وهي على الأرجح عيلام في العهد القديم وقد اطلق الاسم على مقاطعة في بلاد فارس جنوبى ميديا وكانت شوشن تقع في دائرتها ولا يعلم شئ عن تاريخها وملوكها وتفيد النقود أن سكانها كانوا يتكلمون الآرامية وجاء في سفر المكابيين أن المدينة كانت غنية وأنها في بلاد الفرس (2مك 1:6).

أما انطيوخوس فجاءه وهو في فارس رسول ينبئه بأن الجيوش التى أرسلها إلى أرض يهوذا قد انكسرت وأن ليسياس قد انهزم من أمامهم فاغتم أنطيوخوس أبيفانوس وأرجع هزيمته إلى ما أرتكبه من مساوئ تجاه أورشليم واخذه أنية الذهب والفضة التى كانت فيها ومرض مرضاً شديداً وأحس بقرب نهايته.

فدعى أنطيوخوس صديقه فيلبس وأقامه على جميع مملكته وسلم إليه تاجه وخاتمه وحلته وأوصاه بإرشاد أبنه انطيوخوس وأعداده للملك ومات الملك وخالفه أبنه أنطيوخوس الذي عرف باسم أوباطور (أى المولود من أب نبيل).

 

تاسع عشر: قلعة أورشليم

المقصود بالقلعة الحصن المتمنع وهي في العبرية ” ملو ” أى ملء أو تكميل. ذلك أن داود الملك حينما استولى على أورشليم بني مستديراً من القلعة (ملو فداخلاً 2صم 9:5) وقد أعاد سليمان بنائها وتطلق القلعة على جزء من سلسلة المصاطب التى أقيمت بجانب الأسوار لتحصينها وقد أتاحت هذه المصاطب مساحة لإقامة العديد من المبانى على السفح

ولما سمع يهوذا أن أهل القلعة يصدون إسرائيل عن دخول الأقداس ويحاولون الإضرار بهم حاصر يهوذا القلعة فانحدر ليسياس والملك الصبى نحو الجنوب وحاصروا بيت صور وهزموا يهوذا في بيت زكريا ولكن من حسن حظ يهوذا أن ليسياس سمع أن فيلبس قادم من فارس وميديا إلى سوريا لينتزع الملك لنفسه فبادر ليسياس إلى عقد الصلح مع يهوذا واعداً إياه بالحرية الدينية. فدخل ليسياس إلى جبل صهيون ورأى الموضع حصيناً.

والمقصود بجبل صهيود الجبل الذي بني عليه الهيكل وقد تقدس هذا المكان منذ وجود تابوت عهد الرب في المدينة على التل الجنوبى الشرقى.

 

عشرون: بيت زكريا

مكان على بعد 10 أميال إلى الجنوب الغربى من أورشليم يعرف حالياً باسم ” خربة بيت سكاريا ” على بعد نحو أربعة أميال جنوب غربى بيت لحم وقد نزل فيه يهوذا المكابي لمحاربة أنطيوخوس الخامس (أوباطور) إذ كان جيش أنطيوخوس جيشاً كبيراً وكان معه عدد من الأفيال مما دعا اليهود إلى الفرار.

 

احدى وعشرون: بيت صور

مدينة في جبال يهوذا بناها بنو معون من نسل حبرون من بني كالب وقد قام رحبعام بتحصينها كما رمم نحميا جزءاً من السور وقد أصبحت مدينة هامة في عصر المكابيين وتغير اسمها إلى برج صور في العصر البيزنطي ويجمع العلماء على أنها اليوم ” خربة التوبيكه ” على بعد نحو 4. 5 ميلاً شمالى حبرون.

أما الملك فأنصرف مسرعاً نحو الشمال ورجع إلى أنطاكية فوجد فيلبس قد استولى على المدينة فقاتله وأخذ المدينة عنوة.

الملك ديمتريوس الأول:

وهو أبن سلوقس الرابع (فيلوباتير) ويلقب بسوتر أى المخلص. خرج من روما وصعد في نفر يسير إلى مدينة بالساحل (طرابلس) وملك هناك ولما دخل دار ملك أبائه قبضت الجيوش على انطيوخوس وليسياس وقتلهما وجلس ديمتريوس على عرش ملكه فأتاه جميع الأمم والكفر من إسرائيل وفى مقدمتهم الكيمس الكافر وسمى بالكافر لأنه كان يعاشر اليونانيين ويقاوم الحشمونيين أو المكابيين وإن كان نسبه إلى هارون يجعل له بعض الشرعية التى جذبت إليه عدداً من الحسيديين الأتقياء.

أرسل ديمتريوس صديقه بكيديس لينصب الكيمس الشرير رئيساً للكهنة فأبى اليهود بقيادة يهوذا المكابي الخضوع له وانزل يهوذا عقاباً صارماً بكل من ذهب وراء الكيمس وخاف الكيمس فأرسل يطلب العون من ديمتريوس فأرسل قائده نكاتور.

فلما وصل نكاتور إلى اليهودية حاول أن يحقق هدفه بالمكر والخداع ولكن يهوذا كشف خداعه فلجأ إلى الحرب فإنهزم مرتين في كل من كفر سلامه وأداسة حيث قتل نكاتور

 

ثانى وعشرون: اداسة

مدينة تبعد عن بيت حبرون بأقل من أربعة أميال وعلى بعد مسيرة يوم من جازر حيث هزم يهوذا المكابي نكاتور أحد أفراد ديمتريوس وقتله ففرح الشعب جداً ورسموا أن يعيد ذك اليوم الثالث عشر من آذار كل سنة. أطلال ” اداسة ” موجودة بالقرب من جبعون أما كفر سلامة فيرجح أنها حالياً خربة سلمى الواقعة قرب جبعون.

موت يهوذا المكابي:

سمع ديمتريوس بمقتل نكاتور فأرسل بكيديس والكيمس ثانية إلى اليهودية فقابلهم يهوذا بجيش من ثلاثة ألاف رجل ولكن لما رأى رجاله أنهم يحاربون عشرين ألفاً انسحب أكثرهم من وراء يهوذا الذي لم يبق معه سوى ثمانى مائة رجل ولقى يهوذا مصرعه في ميدان المعركة بعد أن استبسل في القتال فحمل يوناثان وسمعان يهوذا أخاهما ودفناه في قبر أبائه في مودين وبكاه كل شعب إسرائيل أياماً كثيرة وقالوا: كيف سقط البطل مُخلص إسرائيل.

 

يوناثان رئيس اليهود وعظيم الكهنة:

تولى يوناثان القيادة محل يهوذا أخيه فعلم بكيديس بالأمر فحاول أن يقتل يوناثان. وبلغ ذلك يوناثان وسمعان أخاه وجميع من معه فهربوا إلى برية تقوع وعسكروا عند ماء جب أسفار.

 

ثالث وعشرون: تقوع

موطن عاموس النبى كما عاش فيها ارميا النبى وتقع في يهوذا على بعد عشرة أميال جنوبى أورشليم وعلى بعد خمسة أميال جنوبى بيت لحم على مرتفع من الأرض يعلو نحو 2700 قدماً ومنها يمكن رؤية جبل الزيتون وكذلك جبل نبو عبر البحر الميت والذي من فوقه رأى موسى أرض الوعد. تأسست المدينة منذ أيام غزو بني إسرائيل لأرض كنعان أسسها أشحور أخو كالب غير الشقيق وقام بتحصينها رحبعام للدفاع عن أورشليم.

 

رابع وعشرون: أسفار

بركة في برية تقوع لعل موقعها الآن هو خرائب ” الزفرانة ” حيث يوجد حوض قديم إلى الجنوب من تقوع.

أحداث ميدابا الدامية:

علم بكيديس بهروب يوناثان وسمعان إلى تقوع فزحف هو أيضاً بجيشه إلى عبر الأردن فأرسل يوناثان أخاة يوحنا المكابي يسأل النباطيين أن يسمحوا له بإيداعهم أمتعته الوافرة لكن بنو يمرى الذين في ميدابا قبضوا على يوحنا وقتلوه فلما علم بذلك يوناثان وسمعان انتقما لأخيهم بالهجوم على موكب عرس لبنى يمرى وقتلوا كثيرين من موكب العرس وهرب الباقون على الجبل وتحول العرس إلى مناحة وصوت آلات الطرب إلى نحيب ولما انتقم المكابيون لدم أخيهم عادوا إلى غيضة الأردن.

 

خامس وعشرون: ميبا

أو ميدابا كلمة عبرية يرجح أن معناها ماء مؤدب أى هادى وهو اسم مدينة موآبية قديمة في شرقى الأردن كانت تقع في أرض سهلة على بعد نحو 16 ميلاً إلى الجنوب الشرقى من مصب نهر الأردن في البحر الميت وتسمى القرية التى تشغل موقعها الآن ” مادابا ” وقد وقعت عند تقسيم الأرض في نصيب رأوبين.

عبور الأردن:

سمع بكيديس بانتقام المكابيين لدم أخيهم يوحنا فجاء إلى ضفاف الأردن في جيش عظيم وقال يوناثان لمن معه أن الحرب أمامنا وخلفنا فلما ألتحم القتال مد يوناثان يده ليضرب بكيديس فأرتد عنه إلى الوراء وسقط من رجال بكيديس في ذلك اليوم نحو ألف رجل وعبر المكابيون الأردن إلى الشاطئ الآخر.

وفاة الكيمس:

عاد بكيديس إلى أورشليم وبنى مدناً حصينة في اليهودية وجعل فيها حراساً يضايقون إسرائيل وأخذ أبناء رؤساء البلاد رهائن وجعلهم في القلعة بأورشليم في الحبس. أما الكيمس فشرع في تدمير الفناء الداخلى للمقدس وهدم أعمال الأنبياء لكن أصيب بمرض عضال وأنعقد لسانه ثم مات في عذاب شديد فلما رأى بكيديس أن الكيمس مات رجع إلى الملك وهدأت أرض يهوذا نحو عامين.

الصراع بين الاسكندر والملك:

في السنة المئة والستين صعد الاسكندر ابيفانيوس ابن انطيوخوس وفتح بطلمايس فقبلوه ملكاً عليها فخرج ديمتريوس الملك لملاقاته ولجأ كل من الأسكندر وديمتريوس إلى استمالة اليهود فالاسكندر عرض على يوناثان أن يقيمه عظيم كهنة وسماه صديق الملك وأرسل إليه ارجوانا وتاجاً من ذهب فلبس يوناثان الحلة المقدسة في الشهر السابع من السنة المئة والستين في عيد الأكواخ وجمع الجيوش وصنع أسلحة كثيرة أما ديمتريوس فمنح اليهود إعفاءا من الضرائب والجباية والجزية والتخلى عن القلعة التى في أورشليم مع حق اليهود في الاكتتاب في جيش الملك إلى ثلاثين ألف رجل تعطى لهم رواتب. وقد وجدت إغراءات الاسكندر صدى أكثر لدى اليهود فتمكن الاسكندر بمساعدة المكابيين من منافسة ديمتريوس والسيطرة الكاملة على سوريا فقامت بينهما معركة فاصلة قتل فيها ديمتريوس (1مل 50:10) وأصبح الاسكندر ملكاً على سوريا.

 

تزوج الاسكندر من كيلوباترا:

تزوج الاسكندر من كيلوباترا ابنة بطليموس ملك مصر وأقام عرسها في بطلمايس ودعى يوناثان لحضور العرس وكرمه الملك وجعله من أصدقائه الخواص وأقامه قائداً وحاكماً وعاد يوناثان إلى أورشليم سالماً مسروراً.

 

سادس وعشرون: بطلمايس عكا

عكا كلمة فينيقية معناها رمل ساخن وكانت المدينة القديمة تقع على تل الفواخير أهم التلال على الساحل الفينيقى، وقد استولى عليها البطالمة بعد موت الاسكندر الأكبر وجعلوا منها قلعة حصينة وغيروا اسمها إلى بطلمايس وكانت لها أهمية تجارية إلا أن هذه الأهمية انتقلت اليوم إلى حيفا على الجانب الجنوبى من الخليج

 

ديمتريوس الثاني وانتصارات يوناثان:

في السنة المئة والخامسة والستين جاء ديمتريوس الثاني ليملك على أرض آبائه وثبت ابلونيوس والياً على بقاع سوريا. وبدأ ابلونيوس تهديداته ليوناثان فاختار عشرة آلاف رجل وخرج من أورشليم ولحق به سمعان أخوه لمناصرته وعسكر تجاه يافا وهاجم المدينة واستولى عليها ثم تعقب ابلونيوس إلى اشدود فهاجمها واحرقها يوناثان مع المدن التى حولها وسلب غنائمها واحرق بالنار هيكل داجون ثم سار يوناثان وعسكر تجاه اشقلون فخرج أهلها للقائه بإجلال عظيم ولما سمع الاسكندر بهذه الأنتصارات زاده مجداً ووهب له عقرون وأراضيها.

 

سابع وعشرون: يافا

ميناء صخرية على شاطئ البحر المتوسط على بعد 35 ميلاً شمال غربى أورشليم تقع على رأس صخرى ارتفاعه 116 قدماً تشرف منه على البحر وكانت من نصيب سبط دان وأن لم تخضع إلا بعد أن استولى داود على سهل شارون وهي الميناء التى استقبلت خشب الأرز لبناء هيكل سليمان قادماً من صور. ومن يافا ركب يونان سفينة إلى ترشيش، في يافا أقام بطرس طابيثا من الأموات وفيها رأى الملاءة عندما كان يصلى على سطح سمعان الدباغ قرب البحر.

ثامن وعشرون: أشدود

ومعناها حصن أو قوة وهي إحدى مدن الفلسطينيين الخمس الكبرى وتقع قرب ساحل البحر المتوسط إلى الغرب من أورشليم وهي الآن قرية صغيرة على بعد 18 ميلاً شمال شرقى غزة وجاء في 1صم 5:1 أن تابوت العهد نقل إلى بيت داجون في أشدود بعد هزيمة الإسرائيليين.

 

تاسع وعشرون: أشقلون

مدينة على ساحل البحر المتوسط بين يافا وغزه وهي أحدى مدن الفلسطينيين الخمس الكبرى وقد استولى عليها سبط يهوذا (قض 18:1) وكانت في يد الفلسطينيين في أيام شمشمون. فيها ولد هيرودس الكبير وفى القرن الرابع أصبحت مقراً لأسقفية في العصر المسيحي.

 

ثلاثون: عقرون

في أقصى شمال مدن الفلسطينيين الخمس الكبرى على الحدود بين سبطى دان ويهوذا نقل إليها تابوت العهد في أشدود وجت فأعاده العقرونيون فوق عجله تجرها بقرتان مرضعتان فسارتا به إلى بيت شمس وقد منحها اسكندر بالاس ليوناثان المكابي مكافأة له على خدماته وانتصاراته (1مل 89:10) في حربه ضد ديمتريوس الثاني.

بطليموس الرابع ينصر ديمتريوس الثاني:

جمع ملك مصر جيوشاً كثيرة وسفنا كثيرة وحاول الاستيلاء على مملكة الاسكندر فقدم إلى سورية متظاهراً بالسلم ففتح له أهل المدن باعتباره صهر الاسكندر ولما وصل إلى أشدود أروه هيكل داجون المحرق وأشدود وضواحيها المهدومة والجثث المطروحة ورفات الذين كان يوناثان قد احرقهم في الحرب ولكن الملك بقى صامتاً بل بالعكس لاقى يوناثان بإجلال في يافا ثم شيع يوناثان الملك إلى النهر الذي يقال له الوتارس شمالى طرابلس ورجع إلى أورشليم فاستولى الملك على مدن الساحل إلى سلوقيات وكان مضمراً للاسكندر سواء.

 

احدى وثلاثون: سلوقية

على ساحل سوريا في الركن الشمالى الشرقى من البحر المتوسط على بعد نحو خمسة أميال إلى الشمال الشرقى من مصب نهر العاصى. أقيمت لتكون ميناء لإنطاكية وكانت واحدة من تسع مدن حملت اسم سلوقس أول ملوك الأسرة التى حكمت سوريا منذ بداية القرن الثالث قبل الميلاد وقد أبحر الرسول بولس وبرنابا من سلوقية إلى قبرص في أول رحلة تبشيرية وكذلك في الرحلة الثانية أبحر منها بولس وسيلا.

 

مصرع الاسكندر وموت بطليموس الرابع (1مك 9:11) ديمتريوس:

أرسل بطليموس رسلا إلى ديمتريوس الملك قائد: ” هلم ” فنعقد عهداً بينى وبينك وأهب لك ابنتى التى عند الاسكندر فأنى قد ندمت على أعطائها له لأنه أراد قتلى ” وبالفعل استرد ابنته وأعطاها لديمتريوس وانقلب على الاسكندر ودخل بطليموس إنطاكية ووضع على رأسه تاجين: تاج آسيه وتاج مصر وكان الاسكندر أذ ذاك في كيليكية يخمد فتنة فتقدم الاسكندر لمقاتلته ولكنه هزم فهرب الاسكندر إلى ديار العرب حيث قتله العرب وقطعوا رأسه وبعد ثلاث أيام مات بطليموس الملك وملك ديمتريوس الثاني.

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

اثنين وثلاثون: أنطاكية

اسسها سلوقس نيكاتور بعد موقعة أسوس عام 301 ق. م وسماها على اسم أبيه انطيوكس وقد اختار موقعها على الضفة اليسرى لنهر الأورنت (العاصى) وقد أسس سلوقية لتكون ميناء لعاصمته الجديدة وكانت رائعة الجمال في عهد السلوقيين ولكنها ازدادت روعة وجمالاً في عهد الرومان حتى أصبحت ” ملكة الشرق ” وثالث مدن العالم الرومانى بعد روما والإسكندرية وقد احتلت مكانا متميزاً في العصر المسيحى الأول وكانت نقطة انطلاق بولس الرسول إلى رحلته التبشيرية الثلاث وفى أنطاكية أطلق لقب ” مسيحيين ” لأول مرة على أتباع يسوع المسيح.

 

ثلاثة وثلاثون: كيليكية

في الركن الجنوبى الشرقى من آسيا الصغرى بين بمفيلية غرباً وجبال الأمانوش شرقاً وكبادوكية شمالاً والبحر المتوسط جنوباً بشاطئ يمتد نحو 430 ميلاً.

وكان لها أهميتها الجغرافية كمنطقة ذات تربة خصبة منتجة للحبوب والكتان وتغطى الغابات جبالها المجاورة كما كانت تعنى بتربية الماعز الذي يستخدم شعره في عمل المنسوجات الثمينة والخيام ومن أهم مدن المنطقة طرسوس مسقط رأس بولس الرسول.

 

ديمتريوس الثاني ويوناثان (1مك 20:11)

في تلك الأيام جمع يوناثان رجال اليهودية لفتح القلعة التى في أورشليم فغضب ديمتريوس وسار نحو بطلمايس (عكا) واستدعى يوناثان للتداول وأخذ يوناثان معه هدايا من ذهب وفضة وحلل فنال حظوة لدى ديمتريوس وأقره في الكهنوت الأعظم وعقد معه ميثاقا جديداً لصالح اليهود.

جيوش يوناثان تنجد ديمتريوس في أنطاكية:

رأى ديمتريوس أن الأرض قد استراحت أمامه فسرح جميع جيوشه ما خلا الغرباء منهم فثار عليه تيرفون وهو من أنصار الاسكندر وحاول أن يملك ابن الاسكندر في ملك أبيه وتجمع في أنطاكية نحو 120 ألفا يريدون قتل الملك الذي استنجد بيوناثان فأرسل إليه ثلاثة آلاف محارب دخلوا أنطاكية وقتلوا في ذلك اليوم مئة ألف رجل وخلصوا ديمتريوس لكنه اخلف وعوده وانقلب على يوناثان بخلاف ما صنع إليه من المعروف وضيق عليه كثيراً (1مك 53:11).

يوناثان يحارب ديمتريوس الثاني:

رجع ” تريفون ” ومعه انطيوخوس الصغير ابن الاسكندر فملك انطيوخوس ولبس التاج وتسمى انطيوخوس السادس ديونيسيوس فاجتمعت إليه جميع الجيوش التى سرحها ديمتريوس فقاتلت ديمتريوس حتى فر منهزماً وفتح تريفون أنطاكية واستمال انطيوخوس ويوناثان وأخاه سمعان فاقر يوناثان في الكهنوت الأعظم وأقام سمعان قائداً من عقبة صور إلى حدود مصر، وخرج يوناثان وطاف في شرق النهر فناصرته جميع جيوش سورية وجاء إلى اشقلون فقوبل من أهلها بحفاوة عظيمة أما غزة فقد أغلقت أبوابها في وجهه فحاصرها وأحرق ضواحيها بالنار.

 

أربعة وثلاثون: عقبة صور

يحدد يوسيفوس موقعها إلى الشمال من عكا بنحو 11 ميلاً في موقع رأس الناقوره الحالية على حدود لبنان الجنوبية وهي رأس نانتة من سلسلة الجبال الغربية الموازية لساحل البحر المتوسط.

قواد ديمتريوس في قادش الجليل:

سمع يوناثان أن قواد ديمتريوس وصلوا إلى قادش الجليل في جيش جرار يريدون عزله عن الولاية، فحاصر سمعان بيت صور وفتحها أما يوناثان فاتجه إلى حاصور إلى الشمال من مياه جناسر (بحيرة طبرية) فهزم سمعان أولاً ولكنه عاد بعد أن جثا على التراب وصلى فتعقب العدو إلى قادش وسقط من الأجانب ثلاثة آلاف رجل وعاد يوناثان إلى أورشليم.

خامس وثلاثون: حاصور

اسم عبري معناه ” حظيرة أو مكان محصور ” وهي على بعد نحو خمسة أميال إلى الجنوب الغربى من بحيرة الحولة وقد كانت نقطة التقاء واتصال بين الطرق المؤدية إلى الشمال حتى دمشق وإلى الجنوب حتى ساحل فلسطين الجنوبى وفى القرن الثالث عشر قبل الميلاد تحالف يابين ملك حاصور مع ملك مادون وملك شمرون وملك إكشاف فهزمهم يشوع عند مياه ميروم (يش 1:11).

سادس وثلاثون: قادش

ومعناها مقدس وهو اسم يطلق على عدة أماكن في فلسطين والمدينة المقصودة هنا هي قادش نفتالى في الجليل على بعد نحو أميال إلى الشمال الغربى من بحيرة الحولة وجاء في (امك 21:11) أن يوناثان هزم قوات ديمتريوس ملك السلوقيين فهربوا من أمامه.

 

العلاقات بين يوناثان وروما واسبرطة:

رأى يوناثان أن الفرصة ملائمة لكي يجدد صداقة مع كل من روما واسبرطة فأرسل رجالاً إلى روما دخلوا مجلس الشيوخ حاملين رسالة من يوناثان بشأن التحالف والمصادقة كما كان من قبل فأعطوهم كتباً لأصحاب السلطة في كل من البلدان حتى يوصلوهم إلى أرض يهوذا بسلام.

سابع وثلاثون: اسبرطة

وكذلك أرسل لهم ملك الأسبرطيين توصية مماثلة وتسمى أيضاً لكديمون كما في (2مك 9:5) وكانت دولة قوية والخصم الرئيسى لأثينا وكتب الأسبرطيون ليوناثان ومن بعده لسمعان لتجديد المصادقة بين اسبرطة واليهود، تقع اسبرطة في الركن الجنوبى الشرقى لشبه جزيرة المورة.

 

ثامن وثلاثون: روما

عاصمة الإمبراطورية الرومانية وهي اليوم عاصمة العالم اللاتينى المسيحى، تقع على نهر التيبر على بعد نحو 15 ميلاً من مصبه، تأسست عام 753 ق. م. على يد روميولس وقد بناها على أكمة واحدة من الآكام السبع هناك ومع الزمن امتدت فشملت كل الآكام من روما انتشرت العلوم والآداب والفلسفة ولا يزال القانون الرومانى يدرس في كل أرجاء العالم إلى الآن. وفى روما ” استشهد كل من القديسين بولس وبطرس حوالى عام 68م

سمعان عظيم الكهنة وقائد اليهود:

بلغ سمعان أن تريفون قد جمع جيشاً عظيماً ليذهب إلى أرض يهوذا ويدمرها. وتريفون هو لقب ” ديودوتس ” مغتصب العرش السورى الذي انتهز فرصة التذمر بين جنود ديمتريوس الثاني فأقام الابن الأصغر لبالاس (انطيوكس السادس) ملكاً على عرش سوريا ٍ. وجعل من نفسه نائباً للملك تمهيداً للاستيلاء على العرش من ديمتريوس.

وجاء اليهود بقيادة يوناثان لمعاونة ديمتريوس ضد رعاياه الثائرين عليه لكن ديمتريوس بعد أن استقر على عرشه أخلف وعده لحلفائه اليهود فانضم يوناثان وسمعان إلى تريفون وانطيوكس السادس وحققا الكثير من الامتيازات لوطنهم. وأوقع يوناثان هزيمة قاسية بقوات ديمتريوس.

إلا أن الانتصارات التى حققها القادة اليهود أثارت الغيرة والشك في قلب تريفون فصمم على إزاحة يوناثان من طريقه ليسهل له الحصول على التاج فأسر تريفون يوناثان في بطلمايس (عكا) وذبح كل أتباعه. وقتل تريفون يوناثان في بسكاما في اقصى غرب رأس الكرمل الحالى ثم قتل أنطيوكس السادس واغتصب عرش سوريا ورجع تريفون وانصرف إلى أرضه (1مك 23:13).

دفن يوناثان في ضريح مودين:

فأرسل سمعان وأخذ عظام يوناثان أخيه ودفنها في مودين مدينة آبائه وناح عليه كل إسرائيل نوحاً شديداً وندبوه أياما كثيرة، شيد سمعان على قبر أبيه وأخوته بناءاً عالياً يرى من بعيد ونصب على القبور سبعة أهرام وكانت الأنصاب الهرمية من ميزات الفن المدفنى في ذلك العصر.

إنعامات ديمتريوس الثاني على سمعان:

ذكرنا أن تريفون سلك بالغدر مع أنطيوكس الملك الصغير وقتله وملك مكانه فأنحاز سمعان إلى ديمتريوس الذي منحه امتيازات عديدة واعترف به عظيم الكهنة وقائداً ورئيساً لليهود (1مك 42:13) وخلع بذلك نير الأمم عن إسرائيل وهو نير العبودية وقوامها دفع الجزية.

سمعان يستولى على جازر:

في تلك الأيام عسكر سمعان عند جازر وحاصرها بجيوشه وصنع برجاً نقالاً قرب المدينة وضرب أحد البروج واستولى عليه وهجم الذين في البرج النقال على المدينة ودخل سمعان المدينة وطهرها من الأصنام ومن كل نجاسة وأسكن هناك رجالاً يحفظون الشريعة وحصنها وبنى فيها منزلاً لنفسه.

تاسع وثلاثون: جازر

ومعناها في العبرية نصيب أو مهر وهي مدينة كانت ذات أهمية عسكرية في العصور القديمة يرجح أن اسم المدينة الحديثة تل جازر أو تل الجزيرة. يبلغ طول قمة التل نحو 1700 قدماً بعرض من 300 – 500 قدماً. وعند سفحه تقع الطرق المؤدية إلى أورشليم شرقاً وإلى بيت حورون شمالاً ويمر بالسهل المحيط بالتل الخطوط الحديدية من يافا إلى أورشليم.

 

سمعان يستولى على قلعة أورشليم:

كان الذين في قلعة أورشليم قد منعوا من الخروج أو دخول البلد ومن البيع والشراء لمدة نحو عامين فاشتدت مجاعتهم ومات كثير منهم فصرخوا إلى سمعان فأمنهم وأخرجهم وطهر القلعة من النجاسات ودخلها اليهود في اليوم الثالث والعشرين من الشهر الثاني. وجعل هذا اليوم عيداً كل عام. وحصن جبل الهيكل. ولما رأى سمعان أن ابنه يوحنا قد أصبح رجلاً جعله قائداً عاماً على جميع الجيوش وأقام في جازر. وهدأت الأرض كل أيام سمعان وغار سمعان على الشريعة واستأصل كل شرير وأثيم وعظم الأقداس وأكثر من الآنية المقدسة.

تجديد التحالف مع اسبرطة وروما:

بلغ خبر وفاة يوناثان إلى روما واسبرطة فأسفوا أسفاً شديداً كما بلغهم أن سمعان آخاه قد تقلد الكهنوت الأعظم مكانه وأن البلاد وما بها من مدن قد صارت تحت سلطانه فكتبوا إليه يجددون معه ما كانوا قد عقدوه مع أخويه يهوذا ويوناثان (1مك 20:14-24) وبعد ذلك أرسل سمعان نومانيوس إلى روما ومعه ترس كبير من الذهب ليقر التحالف بينه وبينهم. أما الشعب اليهودى فكتب قراراً تكريمياً لسمعان وبنيه كتب في ألواح من نحاس علقت في جبل صهيون (1مك 27:14-48).

أنطيوكس السابع يحاصر دورا فيعادى سمعان:

بعث أنطيوكس ابن ديمتريوس الملك بكتاب من جزر البحر إلى سمعان الكاهن رئيس امة اليهود يقر فيه بالسلام للأمة اليهودية ويمنحه حق ضرب نقود خاصة في بلاده وبالحرية لأورشليم والأقداس ويعده في حالة استقرار الملك له أن يتلألأ مجد الأمة اليهودية في الأرض كلها.

وعلى الفور خرج انطيوكس إلى أرض أبائه فاجتمع إليه جميع الجيوش حتى لم يبق مع تريفون إلا نفر يسير فتعقبه انطيوكس فمضى هارباً إلى دورا التى على البحر.

أربعون: دورا

أو دور ومعناها دائرة أو دورة. مدينة حصينة على ساحل فلسطين جنوبى الكرمل وتبعد عن قيصرية شمالاً بنحو 8 أميال وكانت لها شهرة واسعة في إنتاج المحار الذي يستخدم في استخراج صبغة الأرجوان التى كانت تشتهر بها صور مما دعا الفينيقيين إلى احتلال المدينة تأميناً لتلك الصناعة. كانت دور عاصمة لمملكة امتدت إلى مدن المرتفعات المتأخمة للساحل وكان ملك دور أحد حلفاء يابين ملك حاصور في الحرب ضد يشوع إلا أن يشوع هزمهم جميعاً. وفى أيام المكابيين حاصر انطيوكس السابع ملك سوريا تريفون مغتصب العرش في دور فهرب تريفون إلى بين طرابلس ونهر الوطارس حيث قبض عليه وقتل.

 

أنطيوكس السابع يحاصر دورا فيعادى سمعان:

عسكر أنطيوكس السابع عند دورا فأرسل إليه سمعان ألفى رجل منتخبين نجدة له فأبى أنطيوكس أن يقبلها ونقض كل ما كان عاهده به واتهم سمعان بالاستيلاء على أجزاء من مملكته مثل يافا وجازر وطالبه بألف قنطار فضة وإلا أتيناكم محاربين (1مك 31:15)

وفوض الملك قيادة الساحل إلى قندباوس وأمره أن يعسكر أمام اليهودية وأن يعيد بناء قدرون ويحصن أبوابها.

احدى وأربعون: قدرون

مدينة حصينة بين مودين ويبنه قام بتحصينها قندباوس بناء على أوامر أنطيوكس السابع ملك سوريا وذلك استعداداً لغزو اليهودية في أيام سمعان المكابي وكانت حصناً استراتيجياً يتحكم في عدة طرق إلى اليهودية. وإليها لجأ قندباوس بعد هزيمته أمام يوحنا ويهوذا ابنى سمعان المكابي (1مك 6:10-9) والأرجح أن موقعها الآن هو قرية ” قطرة ” القريبة من يبنه وأنها هي التى يطلق عليها حديروت (يش 26:15) على بعد نحو ثلاثة أميال إلى الجنوب الغربى من عقرون.

وفاة سمعان في دوق:

هو اسم حصن صغير بالقرب من أريحا على رأس جبل الأربعين المطل على أريحا بناه بطلماوس القائد الخائن وأنزل فيه سمعان الكاهن المكابي الأعظم وابنيه متتيا ويهوذا وهو يضمر لهم الغدر وصنع لهم مأدبة عظيمة وأخفى هناك رجالاً فلما سكر سمعان وبنوه قام بطلماوس ومن معه وأخذوا سلاحهم ووثبوا على سمعان في المأدبة وقتلوه وابنيه وبعضاً من غلمانه لأنه وضع في قلبه أن يستولى على البلاد وخلف يوحنا أباه بعد أن ثأر لمقتل والده وخلفه في قيادة الأمة اليهودية.

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

الفصل الثاني: نظرة عبر التاريخ

أولاً: العصر اليوناني

بينما كان الفرس يجدون صعوبة في إخضاع إمبراطوريتهم الممتدة، كان النفوذ اليوناني في تزايد مستمر على الرغم من محاولات الفرس الدائبة للتفريق بين مدن اليونان وإثارة إحداها ضد الأخرى، غير أن فيلبس المقدونى وهو غير يونانى بالطبع، استطاع توحيد تلك المدن وأصبح الخلف اليوناني (فيما عدا (إسبرطة) هو الأداة التى قضت على إمبراطورية فارس، غير أن فيلبس هذا قتل في السنة 336 ق. م.

وذلك قبل أن يتم تنفيذ مخططاته، ومن ثم تولى ابنه الاسكندر مكانه، وكان ذا شخصية عظيمة مهيبة، يقدر وجود قائد فاتح مثله على مدار التاريخ فقد تدرب على يد أرسطوطاليس وتمتع بأخلاق عالية دمثة، وكانت أولى أمنياته هي توحيد جميع البلاد تحت لواء الإمبراطورية اليونانية بحيث تكون لها لغة واحدة وعقيدة واحدة، كذلك توزع الثروات بالتساوى بين رعاياها ويقام فيها نظام قضائى عادل.

بدأ الاسكندر بعمل تحالف ما بين المقدونيين (وهو منهم) واليونانيين والذين سيعمل لأجلهم ويسمى باسمهم، حتى أنه لما قتل أهل طيبة الحامية المقدونية، أحرق الاسكندر مدينتهم وباع أهلها كعبيد، وكان ذلك بمثابة إنذار بأن التحالف بين المقدونيين واليونانيين يجب أن يُحترم. ثم بدأ زحفه بجيش صغير من المقدونيين يصحبهم بعض المؤرخين والجغرافيين وعلماء النبات، بعبور نهر الدردنيل وذلك يقارب صغير من نفس المكان الذي عبر منه احشويرش الملك ولكن من أعلى كوبرى منصوع بإتقان، واحتل طروداة فقدّم ذبائح لآلهة اليونان وأبطالهم، وبذلك أعلن عن البدء في حرب جديدة.

غير أن داريوس الثالث ملك الفرس لم يأخذ هذه الجملة مأخذ الجدّ بل أنه أمر بأسر الاسكندر وحمله إلى شوشن مرسلاً في ذلك جيشاً مكوناً من فرسان من الفرس وبصحبتهم مرتزقة يونانيين وقوات محلية لإعتقال الاسكندر، وتلاحم الجيشان عند نهر جرانيكوس وبينما توقع الفرس نصراً سهلاً إذ بهم ينهزمون بعد قتال شديد، ولم يهتم الاسكندر بضمّهم إلى صفوفه بل أمر بقتل المرتزقه اليونانيين لخيانتهم، وبذلك صار الطريق ممهداً أمام الاسكندر إلى أسيا الصغرى ففتح مدنها، بينما ظلت هاليكارناسيوس موالية لبلاد فارس، ولكن الاسكندر أحرقها أثناء حصارها.

ثم تحرك تجاه الشرق مجتاحاً تلك النواحى حيث لم يواجه مقاومة حقيقية حتى وصل إلى بوابات كليكية في إيموس حيث تقدم داريوس بجيشه الفارسى متصدّياً للإسكندر، غير أنه انهزم وأخذت منه دمشق عُنوةً، وأسرت عائلة دريوس مع شرفاء من اسبرطة وأثينا وطيبة، إضافة إلى كمية هائلة من الغنائم، ويقال أن الاسكندر دخل خباء داريوس فوجد زوجته وابنتاه وابنه، فطمأنهم جميعاً وأوصى بهم خيراً ومنع جنوده من المساس بهم، بل وأجزل لهم العطايا، بل إن المؤرخ بلوتارك يقول أن الاسكندر قد عاقب بعض جنوده بالموت لإساءتهم إلى نساء أعدائهم.

وخلال الفترة التى أخضع فيها الاسكندر جميع مدن فينيقية (عدا صور) عرض داريوس مرتين التفاوض مع الاسكندر، عارضاً عليه الهدايا والمقاطعات والمال الوفير والزواج من ابنته في مقابل عودة عائلته، غير أن الاسكندر لم يلتفت إلى هذا العرض، إذ قد سبق فأعدّ خطة لغزو العالم كله.

أما إخضاع صور فقد احتاج إلى سبعة أشهر في ملحمة بطولية ظهر فيها بأس الاسكندر وشجاعته ومثابرته وعدم بأسه، وهي وقعة كفيلة وحدها بتحديد معالم شخصية الاسكندر وعظمته، وتقدم مثلاً هاماً في المثابرة، ولعل أهم ما يميز هذه الحملة على صور: هو إقامته طريقاً في البحر يصل بين اليابسة والجزيرة المقامة المدينة عليها، وبسقوطها سقطت أهم مدينة بحرية لها الكثير من النقود على المنافذ البحرية والتجارية.

تلا ذلك حصار غزة ولمدة شهرين جُرح فيها الاسكندر واستبسل واليها، غير أن الاسكندر قد مثَل به بعد فتح المدينة، فقد سحله في شوارع المدينة وهو مربوط بحبل من عرقوبه، في حين كان الوالى نفيه فخوراً بذلك لتشبهه في ذلك ببعض الأبطال المشاهير!

ودخل الاسكندر إلى مصر والتى رحبت بمقدمة كمخلّص، ليس فقط بسبب كراهيتهم للفرس المحتلّين البلاد، وإنما بسبب ما صرًح به الكاهن المصرى في معبد آمون في مصر، إذ أنه ما أن دخل الإسكندر كعادته إلى الهيكل لتقديم الذبائح حتى أعلن أن الاسكندر هو ابن آمون وأنه سوف يغزو العالم!! هنا سُرَ الاسكندر بهذه النسبة (النسب) واعتبر نفسه فرعوناً شرعياً له هيكله في معبد الكرنك.

وبدأ في التركيز على نسبته (نسبة) إلى مصر، أكثر من نسبه إلى الإغريق، وابتعد عن الأيديولوجية اليونانية بعد أن كان مقتنعاً بطريقة الحياة اليونانية، ومن ثم أعاد التنظيم الإدارى لمصر معطياً للمصريين النصيب الأكبر في حرية إدارة بلادهم، على أن يظل للمقدونيين النفوذ العسكرى (أى أنهم يكونون مسئولين عن الجيش) وظلت مدينة الإسكندر هي الأثر العظيم الباقى الذي يدلّ على علاقة الاسكندر بمصر، فقد حلّت المدينة التى بُنيت على اسم الاسكندر (الإسكندرية) كميناء مركزى للتجارة في حوض البحر المتوسط، بديلاً لصور التى دُمرت في فينيقية، وشجع الاسكندر اليهود على السكنى فيها، حيث أصبح لوجودهم التأثير الهام على تاريخ اليهودية المسيحية.

وفى أورشليم اتجه الاسكندر عقب فتحه أياها إلى الهيكل، وهناك رحب به رئيس الكهنة وفتح له سفر دانيال وشرح له كيف أنه هو المقصود بالكبش ذى القرنين وفسر له النبوة، قسُرَ لذلك كثيراً ولما طلب أن يقام له تمثال من الذهب في الهيكل تذكاراً له يقوم هو بنفقاته، اعتذر رئيس الكهنة بعدم جواز ذلك، ونصحه في المقابل بتوجيه المال إلى إصلاح أحوال الكهنة والخدمة في الهيكل حيث سيكون له بذلك الذكر الأفضل فوافق مسروراً، وهكذا تُظهره التقاليد اليهودية كشخص ودون، فيما يتعلق بالصراع القائم ما بين اليهودية الأرثوذكسية والحضارة اليونانية.

في سنة 331 ق. م. اتجه الاسكندر شمالاً من خلال سورية وفلسطين حيث شعر أنه بإمكانه مواجهة جيوش الفرس في أرضيهم، وهزم الاسكندر بالفعل الجيش الكبير لداريوس في معركة جوجاميلا فيما بين النهرين، وبهزيمة داريوس لم يجد الاسكندر مانعاً أمامه فأستولى عندئذ على جميع مدن فارس، وعواصمها مثل بابل وشوشن وبرسابوليس وأكبتانا، وبالمثل فقد رحب به أهل البلاد، وجاء كهنة: مردوخ ” يقدمون الهدايا ومعهم أشراف المدينة ووعدوه بإعطائه جميع ثروات بابل، وصدر الأمر بتزيين الشوارع بالزهور وأن باتوا بالأكاليل ليرحبوا ب ” الملك العظيم ” وأحرق البخور على المذابح، ورتل المجوس، ولقاء ذلك أمر الاسكندر ببناء الهيكل الذي أهمل منذ أيام احشويرش، وبنى هيكل الإله مردوخ وهو أحد أمجاد بابل مرة أخرى.

وبعد عشرين يوماً من تركه اتجه الاسكندر إلى شوشن حيث كانت كنوز قصر الملك داريوس الأول في انتظاره، وبعد حصوله عليها اتجه نحو برسابوليس حيث كانت أغنى مدن العالم قاطبة، ولكنه وعلى غير عادته سلك هناك بوحشية، حيث ذبح جميع رجالها وسبى نساءها، وتصارع أتباعه على الغنائم، وفى سنة 330 ق. م. مات داريوس وأخذ الاسكندر لقب ملك الملوك أو الملك العظيم وكان نهب برسايوليس هو علامة سيادته التامة على مملكة فارس، وقد أرتدى الاسكندر في فارس الزى الفارسى وعاش مثل حياتهم وكان يحكمهم كأمير شرقى وقامت هناك مؤامرة ضده حيث أراد ابن ” برمنيون ” (أحد قواده) قتله والاستيلاء على الملك فقتل الاثنين.

وبعد بلاد فارس أتجه إلى المشرق حيث استغرقت الحرب ثلاث سنوات مريرة ليستولى على بكتريا وسجديانا (تركستان الحالية) وكعلامة على التسوية تزوج الاسكندر من الأكيرة روكسانا من بكتريا، وقد كان أقليم بونجات هو آخر الحدود التى وصل إليها الاسكندر حيث رفض الجيش التعمق أكثر من ذلك.

وكانت السنين الأخيرة للاسكندر مأساوية، فقد عاد مصف جيشه من الهند عن طريق البحر في اسطول حديث البناء، ونجح الاسطول في الرحيل من وحتى الخليج الفارسى بينما رحل باقى الجيش عن طريق البر، فلمّا عاد هو إلى شوشن سنة 324 ق. م. وجد الفوضى تدب هناك، حيث تذمّر الحكام الذين تركهم، على حكمه، وثارت فضيحة عندما علموا أنه قتل المؤرخ كالسيتينوس ابن أخيه نبفيو كما تذمّر اليونانيون من الاسكندر وأوامره، لا سيما عندما شعروا أن الاسكندر يريدهم أن يعاملونه كإله، واختلطوا بالفرس واتخذوا لأنفسهم منهم زوجات، ولما رتب أن يقوم برحلة بحرية حول الجزيرة العربية سنة 323 ق. م. مات في الطريق أثر حمى (ويقال أنه مات مسموماً) وكان ذلك في 21 إبريل من نفس العام ولم يكن قد تجاوز عامة الثالث والثلاثين، بينما روكسانا زوجته قد ولدت له ابنه الوحيد.

في هذا الزمن القصير والى لم يتخطّى أحد عشر عاماً هي مدة ملكه، استولى الاسكندر على ما لم يستطيع أحد من قبله الاستيلاء عليه من البلاد والحصون، ولم يجد متسعاً من الوقت لتحقيق امنيته في خلق إمبراطورية متماسكة، ولكن هذه السنوات منذ عبوره الدردنيل وحتى موته، وقد غيرت مجرى التاريخ وخلفت الحضارة الإغريقية، ويقال أن فليمون وزيره أخفى خبر موته عن الناس ووضعه في تابوت من الذهب وغطاه بالعسل (حسب رواية يوسيفوس) وعند مجيئه إلى الاسكندرية كشف للناس الخبر، ووضع التابوت أمامهم ثم أشار إلى الحكماء والفلاسفة وأصدقاء الاسكندر، لكي يقول كل منهم كلمة في رثائه وتأبينه، ويقال أن وصوله إلى الإسكندرية كان بعد سنتين من موته وذلك بسبب الخلافات بين القادة وترتيب جنازته.

 

ثانياً: فلسطين تحت حكم خلفاء الاسكندر

لم يترك الاسكندر خليفة من نسله سوى الابن الذي انجبته له اروكسانا زوجته التى من بكتريا، وكان ما يزال طفلاً ويروى سفرى المكابيين الأول أن الاسكندر عندما شعر بدنو أجله قسم المملكة بين أربعة من قواده الأشرار ” فدعا أشراف ضباطه الذين تربوا معه منذ الصبا، وكان الاسكندر قد ملك اثنتى عشر سنة حين مات فتولى ضباطه المُلك كل واحد في منطقته، ولبس كل منهم التاج بعد وفاته، وكذلك بنوهم من بعدهم سنين كثيرة فأكثروا من الشرور في الأرض ” (1 مكا 6:1-9) ويفيد التاريخ المدنى بأنه بعد صراع طويل استمر لسبع سنوات ظهرر هؤلاء الأربعة البارزين وهم انتيجونوس وهو الذي اخضع الأراضى الواقعة بين البحر المتوسط وحتى وسط آسيا الصغرى، ثم كاسندر والذي كان يحكم مقدونية، ثم بطليموس لاجى والذي حكم مصر وسورية الجنوبية، ثم ليسياخوس حاكم ثراكية.

وكان سلوقس والذي لعب دوراً بارزاً في الأحداث التى جرت في فلسطين في الفترة التالية لذلك، هو أحد قواد بطليموس، وبينما مثل البطالمة البطالسة) في مصر: ” بطليموس ” فقد مثََّل سلوقس عائلة السلوقيين في سورية، وقد ظل أثناهما يتنازعان الحكم، حيث قام بطليموس بعدة هجمات ضد منطقة جنوب سورية للاستيلاء على فلسطين، بينما حاول سلوقس في المقابل غزو الجنوب للفوز بفلسطين أيضاً، وفى سفر دانيال نجد نبوة عن قيام الملوك الأربعة والصراع المستمر بينهم هكذا: ” ويقوم ملك جبار متسلط تسلطاً عظيماً ويفعل حسب إرادته، وكقيامه تنكسر مملكته وتنقسم إلى رياح السماء الأربع ولا لعقبه ولا حسب سلطانه الذي تسلط به لأن مملكته تنقرض وتكون لآخرين غير أولئك ” (دانيال 3:11 -4).

ويعود سفر دانيال ليؤكد ويشير إلى نهاية مملكة الإسكندر وقيام الرومان: ” فرفعت عينى ورأيت وإذ بكبش وقف عند النهر وله قرنان والقرنان عاليان والواحد أعلى من الآخر والأعلى طالع أخيراً، رأيت الكبش ينطح غرباً وشمالاً وجنوباً فلم يقف حديوان قدامه ولا منقذ من يده وفعل كمرضاته وعظم، وبينما كنت متأملاً إذ بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض وللتيس قرن معتبر بين عينيه وجاء إلى الكيش صاحب القرنين الذي رأيته واقفاً عند النهر وركض إليه بشدة قوته ورأيته في وصل إلى جانب الكيش فاستشاط عليه وضرب الكبش وكسر قرنيه فلم تكن للكبش قوة على الوقوف أمامه وطرحه على الأرض وداسه ولم يكن للكبش منقذ من يده ” (دا 3:8-7).

ويروى كل من المؤرخين ” أريان ” و” كينتوس كورس “: أن الاسكندر جعل الخلافة للأرشاد منهم، وروى ” ديودورس الصقلى ” و” يوسنينوس ” أنه دفع بخالفه إلى ” يرديكاس ” وأنه بعد وفاة الاسكندر وبينما كان القواد مجتمعين ليحدّدوا من يخلفه، دخل برديكاس عليهم وبيده خاتم الملك ووضعه على العرش المنصوب في ردهة الاجتماع وكانت روكسانا زوجة الاسكندر حبُلى في الشهر الثامن، في حين كانت برسين زوجته الأخرى قد ولدت ابناً أسمته ” هرقل ” ولكن الخلاف اشتد بين الجميع على النحو التالى:

قد طلب الجميع أن يختاروا ملكاً يمتثل له الجميع إلى أن تلد روكسانا، وكان برديكاس يأمل أن يفوز بالملُك، ولكن ” تبارك ” (زوج أخت برسين) اعترضه، ورأى الحضور أن يكون ” هرقل ” الطفل هو الملك الخليفة، ولكن بطليموس اعترض ورفض أن يخضع المقدونيين لأى من الابنين سواء أكان ابن برسين أو ابن روكسانا الذي لم يولد بعد، بل رأى أن يبقى العرش خالياً وأن يُعهد بالولاية إلى من كانوا مشيرى الملك، فاستحسن وجهاء الدولة الرأى، غير أن الجنود استاؤوا من ذلك ورأوا أن يًعهد بتدبير المملكة إلى برديكاس وإلى ” ليوناس ” في آسيا، وإلى ” انتيباتر وكراتر ” في أوروبا، وذلك حتى تلد روكسانا ابناً، وكان القائد، ملياكر ” عدواً ليرديكاس فأثار الجنود ضد الفرسان.

الموالين لبرديكاس، ورشح لهم ” أريداى أخ الاسكندر لأبيه لخلوّه من الدم البريرى فأختاروه رغم عدم أهليته للحكم، فلما شرعوا في توليته اعترض وجهاء الدولة، ولكن الجنود نصبوه بالقوة، فدارت حينئذ معركة بين الفريقين وكان من الضرورى حلَ النزاع، واتفق كل من الجنود والفرسان على أن يتقام كل من ” أريداى ” و” ابن روكسانا ” (إن ولدت ذكراً) المُلك، بينما يحكم انتيباتر في أوروبا، وفى حين يدير ” كراتر ” الأمور بأمر أريداى وأمّا برديكاس فليكن في منزلة الوزير الأول، وأما ” مليكار ” فيعمل كنائب له

ولدت ركسانا إبنا أسموه الاسكندر، وأقروا له بالملك مع أريداى، ولم يكن لكليهما إلا اسم ملك، إذ كان الأول طفلاً بينما كان الثاني غير كفء، وكانت الإدارة الفعلية لكبراء الدولة على النحو التالى:

وأما بقية مدن آسيا فقد تُرك عليها الولاة الذين سبق فعينهم الاسكندر وكان سلوقس بن انطيوخس رئيساً على الفرسان المتحدين، وللاسكندر بن انتيباتر الرئاسة على فرق الجيش، وأما برديكاس فأتخذ قيادة الجيش في آسيا، إضافة إلى الوصاية على الملكين والسلطان المطلق بحجة الخاتم الذي تركه الإسكندر معه.

وقامت منازعات وحروب متواصلة بين جميع أولئك القادة والولاة، حيث رغب كل منهم في الاستقلال وتسمية نفسه ملكاً، بل أن روكسانا نفسها قامت بقتل ضرَتها ساتيرا امرأة الاسكندر وابنة داريوس ملك الفرس، كما قتلت كذلك أختها دريباتيس أرملة أفستيون.

وهنا تسلط الضوء على الوضع في تلك الأيام وما جرى فيها من الصراع الذي نشب في المنطقة قبل ظهور المكابيين، حيث كانت فلسطين بحسب موقعها هدفاً لكل من أراد أن يحمل على الآخر سواء سورية وبابل في الشمال أو مصر وأفريقيا في الجنوب.

لقد تحالف ” برديكاس ” و” أدمان ” وإلى الكبادوك لمحاربة كل من بطليموس وإلى مصر وكراتر وانتيباتر وإلى مقدونية وانتيكون وإلى بمفيلية وفريجيا، ولكن برديكاس قُتل غيلة على يد بعض جنوده بعد أن هزم بطليموس سنة 321 ق. م. فأقيم انتيباتر مكانه وقام كذلك انتيكون (انتيغونوس) قائداً للجيش في آسيا وأوصياه بملاحقة أدمان حليف برديكاس، فاتصلت لذلك الحروب بينهما، أُسر على أثرها أدمان وقام انتيفونوس بقتله سنة 315 ق. م. فاهتز من ثم وضعف ركناً من أركان الأسرة الملكية.

ثم ما لبث أن مات انتيباتر سنة 313 ق. م. وبينما كان يحتضر أوصى بالملك ل ” يوليسبركون ” والولاية كذلك على مقدونية مفضلاً أياه على ابنه لما فيه خير المملكة، كما أوصى أن يكون ابنه نائباً له، فاستعان ب أوليمبيا ابنه الاسكندر الأكبر فأصبحت من ثم مقاليد الأمور في يدها، عند ذلك قامت بقتل ” أريداى ” الملك سنة 317 ق. م. بعد ست سنوات وأربعة أشهر قضاها في ملك ” شكلى، ثم ما لبثت أن قتلت زوجته ثم أحد أبناء انتيباتر ثم مئة من رجال إسكندر بن انتيباتر!!

عند ذلك قام الاسكندر هذا متجهاً إلى مقدونية قاصداً الانتقام من أولمبيا، فتحصنت في قلعة ولكن الجنود انحازوا إلى عدوها، غير أنهم استحو من قتلها بعد خروجها كأمر الاسكندر، وعندئذ أرسل الاسكندر إليها بعض من أقارب من قتلتهم فقتلوها، وكان ذلك في سنة 316 ق. م. وأراد أيضاً قتل روكسانا وولدها واللذين كانا متحصَنين معها ولكنه لم يستطع.

ثم تزوج الاسكندر من ” تسالونيس ” أخت الاسكندر الأكبر رغبة منه في الحصول على تأييد الأكبرين طمعاً في الملك بعد ذلك. واستعجل أمره في مقدونية وبلاد اليونان، بينما اشتدت شوكة انتيغونوس في آسيا، وفرَ سلوقس والى بابل من قدامه إلى بطليموس في مصر بينما كان الاسكندر باكوس وابن روكسانا أسيرين في مقدونية.

وفى سنة 315 ق. م. تحالف بطليموس وكاسندر وإلى مقدونية وليسيماخوس والى ثراكية لمهاجمة انتيغونوس الذي اشتاق إلى أن يصبح مثل الاسكندر الأكبر، فطلب بطليموس من أنتيغونوس أن يتخلى عن جزء من البلاد الأسيوية التى أخضعها، وطلب سلوقس أن يأخذ بابل التى طُرد منها قبلاً، وعندما لم يلتفت انتيغونوس إلى مطالب بطليموس، اشتعلت الحرب بينهما واراد انتيغونوس الاستعانة باليونان وبعض القبائل واشترى كذلك أسلحة ولكنه لم ينجح وهُزم من قبل بطليموس وسلوقس، وكان ديمتريوس بن انتيغونوس هو قائد الجيش، وقد جرت هذه الواقعة في حرب بحرية في غزة سنة 312 ق. م. وتقدّم المنتصرون أكثر وأخذوا المدن السورية الهامة ومنها صيدون.

وفى المقابل ينقل يوسيفوس عن المؤرخ ” أجاثا ركيديل ” وصفه لغزو بطليموس لأورشليم فيقول: ” أن الشعب بينما كان يصلى في السبت دخل ” بطليموس لأجوس ” إلى المدينة وأخذها، وبذلك ظهر لدى اليهود ” عيباً خطيراً ” في السبت، فاتفقوا من ثم على جواز الحرب في السبت متى كانت دفاعاً عن النفس. وهو ما أكده بعد ذلك المكابيين، بعدما هاجمهم السلوقيين وقتلوا منهم ألفى نفس.

ويرد في رسالة أرستياس عن بطليموس: “… لقد غمر جوف سورية وفينيقية بكاملها ليجرب بسالتها، فقتل البعض وأُسر الآخر وأذل الكل واخضعهم، لقد نقل إلى مصر مئة ألف شخص من اليهود إلى مصر، وجند منهم ثلاثين الفا من رجال البأس وأعطاهم السلاح ووضعهم في حصون في مصر ” وتدل الحفائر والكتابات والرديات المصرية على وجود أعداد كبيرة من اليهود في مصر بالطلمية، بعض من هؤلاء قد حاربوا سابقاً ومن المحتمل أن يكون ” يطليموس لآجوس ” في أتى بالكثير منهم.

في سنة 314 ق. م. حقق انتيغونوس بعض النصر عندما فتح صور بعد حصارها خمسة عشر شهراً، وفى سنة 313 ق. م. كانت لهم حروب في بلاد اليونان ولكنها لم تكن حروباً فاصلة، غير أنه في سنة 312 ق. م. عهد انتيغونوس إلى ديمتريوس أبنه أن يمنع المصريين من دخول سورية، ولكن بطليموس ومعه سلوقس كسرا جيشه عند غزة فتقهقر إلى أشدود ومنها إلى طرابلس، ومن ثم أسرع سلوقس إلى ولايته في بابل والتى كان قد طرد منها قبلاً، فلما سمع انتيغونوس بانكسار جيش ابنه هبَ لنجدته بجيش كبير فانسحب بطليموس إلى مصر وهكذا استمرت سورية في حوذة انتيغونوس، واستمرت هذه المناوشات مدة أربعة سنوات جون حسم ومن ثم عقد الطرفان صلحاً سنة 311 ق. م. بشرط أن يبقى حكم مقدونية ل كاسندر حتى يبلغ اسكندر اكوس ابن الاسكندر الأكبر رشده، وأن يستمر انتيغونوس على مصر وما يليها مع قبرص ورودس، أما سلوقس فلم يرد ذكره لأنه كان يظن أنه منهزم مع أنه كان قد عاد إلى بابل، وقبله أهلها بأحتفال كبير وأنضم إليه كثيرون فاستفحل مرة في بابل وشرقى الفرات.

من هنا أو من سنة تولَية الحكم ثانية في بابل يبدأ تاريخ السلوقيين والذي يسميه البعض تاريخ الاسكنر وكان المسيحيين وغيرهم يؤرخون به ويسمى في سفرى المكابيين تاريخ دولة اليونان، حيث تبتدى السنة الأولى في خريف سنة 312 وانتهى في الخريف سنة 311، وأما اليهود فيحسبون السنة الأولى باعتبارها تبدأ في الربيع سنة 312 وتنتهى في ربيع سنة 311 ق. م ولكن يعوّل في التاريخ بالأكثر من الحساب الأول.

 

ثالثاً: خلفاء الاسكندر

المؤثرات والاقتتال بين خلفاء الاسكندر:

ولكن الهدنة والاتفاق لم ينه المطامع على أية حال، وكان الضحايا الأولى في ذلك هم: من بقى من أسرة الاسكندر الأكبر، فقد قتل كاسندر اسكندر أكوس وأمه روكسانا بالسيف وربمكا بالسم، وذلك بالرغم من الاتفاق المبروم بين الأطراف، ولم يبق من نسل الاسكندر الأكبر، إلا هرقل ابنه وأمه برسين زوجة الاسكندر، ولكن كاسندر قتلهما أيضاً / وذلك عن طريق ” يوليسيركاون ” نفسه سنة 309 ق. م ما قتل انتيغونوس كليوباترا أخت الاسكندر أرملة ملك ” الإبير “، فقد استدعاها بطليموس ليتزوجها ظاناً بذلك أنه يزيد من مؤديه، ولكن انتيغونوس قتلها سراً سنة 308 ق. م وهكذا لم تدم الهدنة سوى مدة قصيرة، إذ عاد الجميع إلى الاقتتال، فقد حاصر جيمتريوس ابن انتيغونوس اثينا وفتحها، وأقام فيها حكومة جمهورية، وأعد اسطوله لمحاربة بطليموس فانتصر عليه في موقعة حربية أخذ بها سلامينا، ومن ثم سمى نفسه ملكاً وكذلك سمى إبنه ديمتريوس، فقلده بقية الولاة في الجهات الأخرى، فقد سمى بطليموس نفسه ملكاً على مصر، كذلك ليسيماخوس في ثراكية وكاسندر في مقدونية وأخيراً تحالف كاسندر وبطليموس وليسيماخوس وسلوقس، ضد انتيغونوس في سنة 302 ق. م فدارات معركة فاصلة بينهم سنة 301 حيث قتل فيها ديمتريوس، واقتسم الملك المملكية:

1 وأخذ ليسيماخوس آسيا الصغرى وحتى جبال طوروس مضافة إلى ثراكية.

2 وأما سلوقس فأخذ سورية الشمالية وما بين النهرين وما في شرقيها حتى الهند.

3 وأخذ بطليموس اليهودية وفينيقية أى سورية الجنوبية حتى عكا إلى مصر وما يليها

4 وبقى كسندر في مملكته إضافة إلى ما يسترده من بلاد اليونان، ثم أخذ صقلية لأخيه.

 

وأصبحت الممالك أربعة كما تنبأ عنها دانيال النبى:

ورأى بطليموس أن ضمّ اليهودية إلى ولايته سوف يقى مصر الكثير من المخاطر فأرسل نكانور إلى سورية بجيشين برى وبحرى، فهزم ” لاوميدون ” وأخذه أسيراً وفتح المدن الساحلية، وأصبحت سورية تحت سلطانة ولم يتحرك بقية الولاة تجاه ذلك، ولما حاول اليهود مقاومة بطليموس تعاطف مع ولاميدون هاجمهم بطليموس وحاصرهم طيولاً ولكنه مع ذلك لم يفلح في فتح أورشليم ولما علم بموضوع السبت من حيث امتناع اليهود عن الحرب فيه، حاربهم وانتصر عليهم وعند ذلك هادنه اليهود واخلصوا له.

 

رابعاً: تاريخ البطالمة:

حين أراد انتيغونوس أن يهاجم مصر بعد تراجع بطليموس عن حرب قبرص، حشد مائتى ألف جندى، وأراد أن يباغته من جهة إحدى روافد النيل، ولكن العواصف أخذت بسفنه وجنوده، وأذاع بطليموس بين جنود أنتيغونوس أن الجندى الذي يلجأ إليه فسوف ينال ” مئة منا ” والضابط ” وزنة ” واحدة تساوى أربعة أضعاف ما يناله الجندى العادى، وعندئذ تبعه كثيرون حباً به، فيئس انتيغونوس لا سيما وقد تفشّى المرض بين جنوده، واحتاج إلى المؤمن فعاد يائساً كئيباً إلى بلاده، وخسر كثيراً من جنوده وسفنه، يقول بطليموس الفلكى أن بطليموس الملك جعل ذلك اليوم وهو اليوم السابع من تشرين الثاني سنة 305 بدءا للتاريخ البطلمى أو (البطلسى) وهي السنة التاسعة عشر لوفاة الإسكندر.

وكانت سورية الشمالية من نصيب سلوقس، وأما فلسطين وحتى عكا وجوف سورية فكانت تحت ولاية بطليموس، وكانت مملكة سلوقس فسيحة تشمل سورية كما سبق وبلاد ما بين النهرين ومملكة الفرس وحتى الهند، وسميت مملكة سورية، لأن سلوس بني أنطاكية وأقام بها هو وخلفاؤه السلوقيون، وسمى المدينة انطاكية نسبة إلى أبيه (وربما إلى ابنه) ” انطيوكس ” والتى تكتب كثيراً ” انطيوخس ” وكانت عاصمة الشرق في ذلك الوقت سواء بالنسبة للسلوقيين والقياصرة الرومان، وكان انتيغونوس قد بني على مقربة منها مدينة أسماها انتيكونية أو ” انتيجونية ” غير أن سلوكس هدمها ليبنى مكانها مدينة سماها باسمه: سلوقية.

 

خامساً: الحالة الدينية لليهود في تلك الفترة

عاش اليهود في سلام إبان الفترة التى سبقت حكم انطيوخس أبيفانيوس، فقد كان رؤساء الكهنة يدبرون الأمور الداخلية للبلاد، وتزايدت سلطتهم فكان رئيس الكهنة هو زعيم الأمة السياسى مثلما هو وزعيمها الدينى فقد خوله حكام مصر وسورية (بحسب انتماء فلسطين للحكم البطلمى أو السلوقس) حتى لقد صار رئيس الكهنة بالنسبة لليهود يمثل ملوكهم القدماء، وأصبح هو المرجع الرئيسى فيما يتعلق بمصالح الوطن وضماناً لسلامه ولولا انحرافهم لاستمروا طيولاً يعملون لخير بلادهم.

ومن أبرز الشخصيات الدينية البارزة في ذلك العصر هو سمعان البار والذي مدحه يشوع بن سيراخ كثيراً، حيث يرجع إليه الفضل في بناء أسوار أورشليم التى هدمها بطليموس الأول ويقال أنه رمم وأصلح الهيكل وقاد أعمال اكتشاف مستودع مياه كبير كان يمد أورشليم بالمياه، لا سيما في أيام أنقطاع المياه أو حصار المدينة. وبالإضافة إلى منصبه كرئيس للكهنة كان سمعان هو المعلم الأول للشعب، وكان القائل بأن العالم يرتكز على ثلاث دعامات وهى: ” الناموس والخدمة المقدسة والصدفة “. ولكن سمعان الكبير هذا يحيط به الكثير من اللبس، فقد كان يحيا في أواسط القرن الثالث قبل الميلاد، بينما عاش آخر يدعى سمعان الثاني سنة 200 ق. م. ولا يعرف أى من هذين الاثنين هو سمعان البار، ولكن الأثنان ينتميان إلى حونيا الأول رئيس الكهنة.

وكان بيت حونيا (عائلة حونيا) في تنافس مستمر يصل إلى الصراع مع جماعة تسمى: حزب طوبيا، فقد كان الأخير موالياً لمصر وكان يمثل الطبقة الثرية بين المجتمع اليهودى، وكان للطوبيين صلة القرابة بحزب ” طوبيا العمونى ” الذي سبَب المتاعب لتحميا. ويرد في بردية من عصر بطليموس الثاني، ذكر لرجل يهودى يدعى طوبيا وكان قائد فرسان في جيش البطالمة الموجود في ” عمون ” شرق الأردن. وفى ” عرق الأمير ” بالأردن اكتشف مدفن كبير يرجع إلى القرن الثالث ق. م. مكتوباً عليه بالأرامية ” طوبيا “.

ويُظن أن أتباع طوبيا العمونيين كانوا من حباة الضرائب يقومون بنفس العمل الذي قام به العشارون بعد ذلك في زمن العهد الجديد، وظل الصراع قائماً بين الحزبين (بيت طوبيا وبيت حونيا) حتى تصاهرا، غير أن التنافس على السلطان السياسى والمدنى ظل قائماً حتى ملك انطيوخس أبيقانيوس حين أصبحت عائلة طوبيا هي المسئولة. ويروى يوسيفوس أن حونيا الثاني رفض دفع عشرون وزنة من الفضة لبطليموس الرابع، وكانت فيما يبدو عبارة عن الجزية المفروضة على رؤساء الكهنة، وكان يرفض الدفع كمن يتنكر لبطليموس، وبذلك نجح ” يوسف ” وهو من بيت طوبيا في الحصول على منصب جابى الضرائب في كل فلسطين. وكان على جابى الضرائب الحصول بشكل دورى على تصريح لمواصلة مهنته، وكان المنصب له نفوذه، هذا واستمر يوسف فيه عشرون عاماً أثناء حكم البطالسة ثم تحت الحكم السلوقي بعد غزو أنطيوخس الثالث لفلسطين.

وبذلك وبهذه الوسيلة بدأ منصب رئيس الكهنة يباع!، فحين غضب أنطيوخس أبيفانيوس من ” حونيا ” لأنه طرد حزب طوبيا من المدينة، عّين ياسون رئيساً للكهنة برشوة كبيرة ولكنه سرعان ما استطاع شخص يدعى ” منلاوس ” سلبه المنصب عن طريق رشوة أكبر أعطاها لأنطيوخس، فصار واحداً من أتباعه الأذلاء المتزلفين.

وفى السنوات التى تلت موت سلوقس وتولّى انطيوخس ابنه مكانه، وكانت هناك ثلاث قوى عظمى في مملكة الاسكندر الأكبر، وهي ” بطالمة مصر، والسلوقيين في سورية وعائلة انتيغون في مقدونية، وكان هناك صراع مستمر على السلطة بينها، وفى القرن الثالث قبل الميلاد، كان الصراع بين قوانين السلوقيين والأنتيغونييون من جهة البطالمة من جهة أخرى، ففى سنة 275 ق. م. احتل بطليموس سورية ولكنه صُدّ أولاً من قبل القوات السورية، غير أن قوته البحرية أطالت أمد المعركة، والتى انتهت دون أن تحسم وأن كانت قد انتهت بسلام بين الطرفين في سنة 272/271 ق. م. ولكن المنازعات عادت من جديد في عهد أنطيوخس الثاني ولم تحسم أيضاً، بل عقدت معاهدة سلام بين القوتين بسبب زواج برنيس ابنه بطليموس من أنطيوخس هذا.

وفى سنة 246 مات أنطيوخس وخلفه سلوقس الثاني، وفى السنة التالية مات بطليموس الثاني وخلفه بطليموس الثالث يورجيتيس، واندلعت الحرب بين السلوقيين والبطالمة عندما عُلم أن برنيس وطفلها قد قُتلا في مؤامرة دبرتها ” لاوديس ” (الأخت غير لشقيقة لأنطيوخس) حتى تضمن أن يعتلى ابنها هي عرش سورية لا ابن برنيس، مما أوغز صدر البطالمة إذ شعروا بالإهانة لقتل ابنه بطليموس، وثارت بسبب ذلك حرب لاودكية، حيث خضعت سورية تماماً للبطالمة.

وساد سلام منذ سنة 240 ق. م. إلى أن مات بطليموس الثالث سنة 221 وخلفه ابنه بطليموس الرابع المعروف ب فيلوباتير.

 

سادساً: اليهود تحت الحكم السلوقي

انطيوخس الثالث وعزو فلسطين:

كان أنطيوخس الثالث يبلغ من العمر ثمانى عشر عاماً حين أعتلى عرش سورية، وذلك في سنة 223 ق. م. كما كان يعمل كحكام لبابل تحت إرشاد أخيه سلوقس الثالث، وبعد إخماد إحدى الثورات في الأجزاء الشرقية من الإمبراطورية حاول أنطيوخس أن يغزو ” جوف سورية ” في صيف سنة 221 ق. م. فقد وصل في زحفه حتى حامية وأدى مارسياس في لبنان، غير أن ” ثيؤجوتس ” قائد القوات المصرية في سورية أجبره على الانسحاب.

ثم قام بمحاولة أخرى سنة 219 وكانت الحملة هذه المرة أكثر نجاحاً، فسقطت سلوقية التى في ” بيرية ” في يد أنطيوخس، وبذلك تحول ولاء ثيؤودتس المصرى إلى أنطيوخس بدلاً من ولائه لبطليموس فيلوباتير، وأعطى مدن بتولمايس (عكا) وصور إلى أهل سورية، ولكن ” نيقولاوس ” أخد القادة وصلت إليه أخبار وجود جيوش مصرية قوية في انتظاره عند بيلزيوم وافق أنطيوخس على الهدنة، وانسحب من ثمّ إلى سلوقية تاركاً الإقليم الذي استولى عليه ل ثيؤدوتس، وأعاد ” سوسابيوس ” تكوين جيشه لدخول معركة حاسمة.

وفى سنة 218 ق. م. قاد ” نيقولاوس ” الجيش المصرى إلى لبنان لمواجهة السوريين، وكتب ذلك المؤرخ بوليبيوس المواجهة قائلاً: ” عندما أجبر ثيؤدتس الأعداء على ارتداد إلى أسفل الجبل ليقابلهم من مكان أعلى، استدار الذين مع نيكولاس وفرّوا هاربين وقتل ما يقرب من ألفين أثناء المعركة وأسر كذلك عدد لا يقل عن ذلك، بينما انسحب الباقون حتى صيدون.

وطرد أنطيوخس الجيش المُنهزم حتى شاطئ فينيقية تاركاً نيكولاس في صيدون، بينما استولى انطيوخس على صور وعكا، ثم توغل حتى أتى إلى طبرية على بحر الجليل وعبر الأردن وأخذ مدن ” عبر الأردن ” القوية والتى تشمل: جادارا وفيلادلفيا ورباث آمون ثم عاد في الشتاء إلى عكا.

في ربيع سنة 217 ق. م. واصل أنطيوخس غزواته فاحتل فلسطين، شاملة غزوة، قبل أن يصل إلى رفح، ولعله إلى ذلك أشار جانيال النبى ” وبنوه يتهيّجون فيجمعون جمهور جيوش عظيمة ويأتى آت ويغمر ويطمو ويرجع ويحارب حتى إلى حصنه، ويغتاظ ملك الجنوب ويخرج ويحاربه أى ملك الشمال ويقيم جمهوراً فيسلم الجمهور في يده، فإذا رُفع الجمهور يرتفع قلبه ويطرح ربوات ولا يعثر ” (دانيال 11:10-12).

وتقابل الجيش المصرى بقيادة بطليموس فيلوماتير شخصياً 203 ق. م. مع الجيش السورى وذلك جنوب ” رفح ” حيث مُنيت جيوش أنطيوخس بهزيمة منكرة، ويذكر بوليبيوس أن بطليموس بقى ثلاثة أشهر في سورية وفينيقية يعدّ العدة في المدن، ويذكر سفرى المكابيين الثالث (وهو سفر غير قانونى) كيف زار بطليموس مدن سورية بعد انتصاره في رفح، واستعاد البطالمة السيطرة على كل سورية وفينيقية فلسطين.

وكان الزاماً على اليهود والحال هكذا، وأن يرسلوا كبار قومهم ليقدّموا له التهنئة بانتصاراته، أما بطليموس فقد أصرّ على الدخول إلى قدس الأقداس ولكنه أرتدّ من أمام الموضع مختاراً مرعوباً (راجع 3مكا 9:1-11، 24).

 

كيف حُفظت أورشليم خلال تلك الحروب؟

إلى المعركة السابق ذكرها أشار سفر زكريا (1:9-8 و1:11-3) حيث يشير إلى سقوط حدراخ على حدود دمشق وصور وصيدون ووقوع قلعة صور وانكسار أشقالون ولا سيما عندما يذكر انهزام غزة وعقرون وأشدود في فلسطين، ثم لبنان شمالاً ويضيف النبى تلميحاً جدير بالذكر والإعجاب وهو كيف أن الله نفسه حلَ حول بيته (أورشليم) وأنقذه من كافة المعارك وكافة الغزوات المتتالية (زكريا 8:9). كما يُفهم من هذه النبوة كيف كان الله قد بدأ يمهد السبيل ليخضع لنفسه صور وصيدا، وكافة هذه البلاد لنؤمن به حيث كان انكسارها تمهيداً لتطهيرها (4:9) ثم يزداد الأمر وضوحاً عندما يقول ” وانزع دماءها من فمها ورجسها من بين أسنانها فتصير هي أيضاً لالهنا وتكون كعشيرة في يهوذا وعقرون كيبوسى (الذين تهوّدوا سابقاً) راجع (زكريا 7:9 حسب الترجمة الإنجليزية المصححة).

كما تشير النبوة إلى إذلال هذه البلاد الفلسطينية التى على الساحل، والتى اذلت إسرائيل أكثر من ألف سنة ولم تخضع لها خضوعاً تاماً، ولكن الإذلال هنا يتم عن طريق القضاء على تعصّبها العرقى والعنصرى وذلك بإدخال أعراق وسلالات أخرى في تصميم عرقها، يتضح ذلك من ملابسات غزو المصريين ثم اليونانيين ثم السوريين لهذه البلاد وإقامتهم فيها.

أنطيوخس يمضى في طريقه لاحتلال سورية:

ولسنوات شغل أنطيوخس في الشرق لكنه لم يتخلَّ مطلقاً عن رغبته وخططه لضمّ جوف سورية ” إلى نفوذه وعند موت بطليموس الرابع فيلوباتير عام 203 ق. م. كانت مصر ممزقة بين الاضطرابات والتمرد، وفى ربيع عام 202 ق. م. قام أنطيوخس بجملة عسكرية لم تسفر عن نجاح يذكر، ولكنه أعاد الكرة في الربيع التالى ودار القتال بشدة في المدن الفلسطينية شاملة غزوة، وأستطاع ” سكوباس ” القائد المصرى أن يرد السوريين حتى عبر الأردن وذلك في شتاء 201/200 ق. م. إلى ذلك يشير دانيال النبى ” فيأتى ملك الشمال ويقيم مدرسة ويأخذ المدينة الحصينة فلا تقوم أمامه ذراعاً الجنوب ولا قومه المنتخب ولا تكون له قوة للمقاومة، والآتى عليه يفعل كإرادته وليس من يقف أمامه ويقوم في الأرض البهية وهي بالتمام، بيده ” (دا 15:11-16) فإن السوريين قد حققوا نصراً حاسماً في معركة بانيون وارتدّ سكوباس المصرى إلى صيدون حيث حوصر من البر والبحر.

وفى ربيع سنة 198 ق. م. أُجبر سكوباس هذا على الاستسلام ليترك كل سورية في يد أنطيوخس، إضافة إلى مقاطعاته الجديدة، وأتى انطيوخس إلى أورشليم، وحسب قول يوسيفوس فإن سكانها قد رحبوا به ترحيباً حاراً وربما أمدوّه ببعض ما يحتاج إليه.

 

معركة مقنيسيا وهزيمة أنطيوخس:

عندما انهزم هانيبال القرطاجى على يد الرومان في ” زاما ” سنة 202 ق. م. أنتهت بذلك الحرب القرطاجية الثانية، فقد تقهقر شرقاً ليحصل على الملاذ والمؤونة من أنطيوخس، غير أنه شجع أنطيوخس على غزو اليونان ليسبب أضطراباً في روما، وأعلنت الحرب وتحركت القوات الرومانية إلى اليونان وهزمت أنطبوخس وأجبرته على التقهقر إلى آسيا الصغرى، وهناك عند ” مغنيسيا ” بين ساردس وسميرنا: هُزم أنطيوخس على يد القائد الرومانى ” كورنيليوس سكيبيو ” في سنة 190 ق. م. وأجبر على دفع تعويض هائل مقابل الهدنة، فقد أخذ الابن الأصغر لأنطيوخس إلى روما رهينة لدفع الفدية، حيث مكث هناك أثنتى عشر سنة تعلم فيها كيف يخدم القوة الرومانية وكيف يحقق الأهداف.

في سنة 200 ق. م. قامت ثورات ليديا وفريجية بآسيا الصغرى، وقد أمر أنطيوخس الثالث القائد ” ريؤكسيس ” بنقل العديد من العلائلات اليهودية التى كانت متبقية من السبى في بلاد ما بين النهرين وبابل، إلى المنطقة المتمردة في آسيا الصغرى حيث أوصى بهم خيراً، ويذكر كل من المؤرخين يوسيفوس يوليبسوس كيف أن ذلك كان تدبيراً إلهياً لإعداد هذه الشعوب للخلاص، إذ أصبحوا بعد ذلك أول من قبل الإيمان في الشتات.

وأنشئت في فلسطين مستعمرات يونانية وشُيدت مدن كبيرة فاصطبغ كثيرون من السكان في اليهودية بصيغة يونانية، وتخلّى اليهود عن فكرة الاعتزال عن الآخرين من الأمم وفى الوقت ذاته تحولوا إلى الفنون اليونانية الجميلة، بل أن السياسيون منهم قد نظروا إلى الحاكم اليوناني باعتباره أصل كرامتهم وتشرّب العلماء اليهود الأفكار الحديثة من اليونانيين والتى بسطتها أمامهم مؤلفات اليونان، فتألف بذلك الحزب اليوناني بين اليهود واستبدلت الكثير من الأسماء اليهودية بأخرى يونانية (حيث نجد صدى لذلك في أسماء العهد الجديد، مثل شاول والذي تحوّل إلى بولس وكذلك صفا إلى بطرس… الخ).

واستمر السلوقيون حكام سورية والذين بسطوا سلطانهم في فلسطين بعد سنة 198 ق. م. على معاملة رعاياهم من اليهود باللطف، ووجدوا في الحزب اليوناني الذي عضّدواه أكبر معين لهم، وكنت أنطاكية عاصمة سورية مركز هذه الحركة اليونانية وقد عُرف هذا الحزب في أورشليم باسم أبناء طوبيا (1 مكا 11:1-15) كما سبق الإشارة. وربما كان الحزب اليوناني هذا هو أصل فرقة الصدوقيين، إذ أنه وبينما كان الفريسيون هم المحافظون، كان الصدوقيين هم الراغبين في التساهل والبحث عن مصلحة الأمة بالوسائط السياسية والحروب.

بل أن السلوقيين بالغوا في ملاطفة اليهود، ويقول يوسيفوس معتمداً في ذلك على الوثائق، أن انطيوخس الثالث أمر بأن تُدفع لليهود عطايا خاصة لتقديم الذبائح بالإضافة إلى السماح لهم بأخذ كافة الأخشاب اللازمة لهم لترميم الهيكل من لبنان دون ضرائب ويضيف يوسيفوس “… ذلك لتتمكن هذه الأمة من أن تعيش بمقتضى قوانين بلادها وليعف كافة أعضاء السنهدريم والكهنة والكتبة والمرنمين الدينيين، من الضريبة المالية العامة وضريبة التاج وكافة الضرائب العادية الأخرى وسكان أورشليم من الضرائب العادية ” وقد أرسلت هذه الأوامر إلى جميع حكام لبنان وسورية للعمل بها… “

ولعل السبب في الاهتمام بالجانب الكهنوتى من قبل الحكام، كان بسبب أن رؤساء الكهنة كانوا هم الجهة السياسية المسئولة أمام الدولة، كما كانوا مسئولون عن توريد الضرائب بأنفسهم، حيث أنابوا عنهم عائلة طوبيا (كما سبق) وإن كانوا مع ذلك يدفعون جزءاً من الضرائب بأنفسهم حتى يحافظوا على مكانهم.

في تلك الفترة ظهرت في اليهودية شيعة ” الأرثوذكسية اليهودية ” وهي تنقسم إلى قسمين: الأسينيين، ويمثلون الجزء المتطرف، والآخر الحسيديم (الأتقياء) وهم الجناح المعتدل، وقد وصف دانيال الحسيديم قائلاً ” الشعب الذين يعرفون إلههم ” (33:11) وقد قامت هذه الحركة (الأسينية / الحسيدية) بالدفاع عن الشريعة والتقاليد، بعد أن أُسئ إليها من قبل اليهود المتأغرقين (الموالين للحضارة الإغريقية) بتشجيع من رؤساء الكهنة والذين جنحوا إلى الحياة الأرستقراطية والسياسية، وقد وصف دانيال النبى الهيلينية (التأغرق) بقوله ” المتعدون على العهد ” (32:11) ويرد في سفر المكابيين الثالث أخبار عن الشقاق والعراك ما بين رؤساء الكهنة، والمؤامرات التى حاكها أحدهما للآخر بسبب الطمع في المال وخزائن الهيكل (3مكا4:3 1:4).

 

اليهود تحت حكم أنطيوخس أبيقانيوس الرابع:

كان سقوط أورشليم في يد السلوقيين عقب نصر أنطيوخس الكبير سنة 198 ق. م. علامة نصرة جديدة في التاريخ اليهودى، فقد تم احتواء دور البطالمة، وبدأ السلوقيون في أرغام اليهود على قبول الهيلينية (التأغرق).

وقد حمل اليهود في قلوبهم أشد ألوان الكراهية لأنطيوخس هذا والملقب ابيفانيوس (ومعناها اللامع) لأنه دنس هيكلهم ومارس ضدّهم أشد ألوان الاضطهاد الدينى، وقد أسموه من باب السخرية المرة أبيفانوس (ومعناها الرجل المجنون). وقد ولد أنطيوخس هذا في أثينا وعمل مسول ملكى للمدينة، وقد قضى في روما أثنى عشر عاماً كرهينة (كما سبق القول حيث أيقن من خلال تواجده هناك أن الرومان هم القوة التى سيخضع لها العالم قريباً.

وقد قرر أنطيوخس أن يمدين اليهودية ويحضَرها جاعلاً منها مقاطعة هيلينية، ولم يكن يرغب في اضطهاد اليهود، فمن جهة كان اليهود، خاضعين له، ومن جهة أخرى كان هناك فريقاً كبيراً من اليهود ممن يؤيدون حركة الأغرقة الجديدة هذه، ففى بداية حكمة كان يحطم أورشليم رئيس الكهنة ” حونيا الثالث ” وهو من نسل ” سمعان البار ” ومن اليهود المحافظين، وبالتالى لم يكن يشجّع على أغرقة اليهودية، بينما كان أخيه يايون يناصر هذه الحركة، وقد استطاع الحصول على رئاسة الكهنوت برشوة كبيرة، وكان أنطيوخس يرى أنه مادامت رتبة رئيس الكهنة هي سياسية، فإنه من حقه بالتالى كملك أن يعين من يختاره، في حين نظر إليها المحافظون باعتبارها رتبة مقدسة، ومن هنا فإن الحصول عليها بالمال يُحسب خطية.

ومن هنا نشأ الصراع الكبير بين شيعة الأتقياء (الحسيديم) والجماعة المتأغرقة بين اليهود، ويمكن أن نعتبر أن هذا هو المحرك الأول لاشتعال الثورة المكابية كما سيأتى إضافة إلى سبب آخر وهو الصرع القائم بين بيت طوبيا جباة الضرائب وبيت حونيا (أونيا) أى رؤساء الكهنة، وكذلك انقسام العائلتين إلى سلالات سلوقية وأخرى بطلمية وبالتالى رفض التقاة أن يعين رئيس الكهنة من قبل الملك، ولذلك فقد رفضوا متلاوس الذي عينه الملك بدلاً من ياسون بسبب رشوة أكبر!، كما أن منلاوس لم يكن من بيت رئيس الكهنة، بل أنه اشترك في قتل حونيا رئيس الكهنة للقانونى السابق، وإلى هذه الواقعة يشير دانيال النبى ” وبعد اثنين وستين أسبوعاً يقطع المسيح وليس له وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وأنتهاؤه بغمارة وإلى النهاية حرب وخرب قضى بها ” (دانيال 26:9) وفى موضع آخر أيضاً: ” وأذرع الجارف تجرف من قدامه وتنكسر وكذلك رئيس العهد ” (22:11) كما اتهموا رئيس الكهنية منلاوس هذا بسرقة أوانى الهيكل (2مكا 39:4-42) وكان أنطيوخس قد انتهز فرصة الشقاق بين منلاوس وياسون فقام بتعيين منلاوس.

هنا قام الحزب اليوناني بمناصرة أنطيوخس مبتغين في ذلك تعضيد الحزب اليوناني، وبهذا التحالف اشتعلت نار العدوان بين الحزبين، فقد قام ياسون ببناء الجيمانيزيوم في أورشليم وكان اليهود يتدربون فيه عرايا بحسب العادة اليونانية كم استخدمت الأسماء اليونانية للأماكن التى تحمل أسماء يهودية وهي أماكن مقدسة، وقد نظر الحزب الهيلينى إلى التقليديين اليهود باعتبارهم رجعيين عفى على تعاليمهم الزمن.

أمّا ياسون فقد استاء من خلعه من رئاسة الكهنوت فهرب إلى عبر الأردن، وهناك انتهز فرصة أنطيوخس بالحرب مع البطالمة، فقام بالإغارة على أورشليم، غير أنه لم ينجح في حين انتهز منلاوس فرصة عودة أنطيوخس من مصر حتى رحب به وأعطاه خزائن الهيكل ليتقرب إليه، ولما تبددت أحلام أنطيوخس بالاستيلاء على مصر، بالإضافة إلى إذلال الرومان له (والذين كانت شوكتهم آخذة في القوة) عاد محبطاً مر النفس.

ومن هنا بدأت فترة من أشد فترات التاريخ فساداً وشراً بالنسبة لإسرائيل، حيث بدأت محاولات أغرقت البلاد بالقوة، فاستقدم أنطيوخس فلاسفة أثينا العظام إلى أورشليم للإشراف على هذا التغيير بالأمر، ومحاولة دمج جميع القوميات في الإمبراطورية السلوقية من لغة وثقافة وعقيدة، وتحول إله إسرائيل إلى الإله جوبيتر، وأمر أنطيوخس بممارسة الشعائر الوثنية وصنع تماثيل له حتى على المذبح، كما أقام تمثالاً للإله زيوس فوق مذبح النحاس سنة 167 ق. م.

وكان في ذلك إشارة إلى ” رجسة الخراب ” التى تكلم عنها دانيال النبى (31:11-32 قارن مع مت 15:24) حيث أن رجسة الخراب التى حدثت في عصر أنطيوخس غير تلك التى ستحدث عند خراب الهيكل سنة 70م. إلى رجسة الخراب الأولى أشار اليهود قائلين ” الشئ البغيض المثير للكآبة “.

وفى الهيكل مارس الجنود الوثنيون شعائرهم بما يصاحب هذه الشعائر من سكر وعربدة وخلاعة، مما ينسب إلى ” عبادة باخوس ” كما قاموا بذبح الخنازير على المذبح، ووصل أنطيوخس إلى الحد الأقصى في تحطيم اليهودية ومعاداة إلهها. إلى ذلك يشير دانيال قائلاً ” ويفعل الملك كإرادته ويرتفع ويتعظم على كل إله ويتكلم بأمور عجيبة على إله الآلهة وينجح إلى إتمام الغضب لأن المقضى به يجرى ” (دا 36:11).

وفى المقابل حرم اليهود من الاحتفال بأعيادهم وممارسة طقوسهم مثل السبت والختان حيث كانت العقوبة في ذلك تصل إلى حد الموت (مثل ألعازر الشيخ الذي رفض أكل الخنزير والأم التى ذُبحت مع أطفالها لرفضهم تقديم العبادة للأصنام (2مكا 6، 7) وكذلك الأم التى قُتلت مع أولادها الذين ختنتهم (مكابيين الأول 60:1-61) كذلك أمر أنطيوخس بإتلاف جميع نسخ التوراة أو أية أسفار أخرى.

من هنا كانت الحاجة ماسة لتكوين حزب يهودى يتعهد بالقيام بولاية يهودية مستقلة، هذه هي خلفية المكابيين والثورة المكابية.

 

سابعاً: المكابين ومواجهة الحضارة الهيلينية

لله في كل جيل شهود وركب تأبى أن تجشو لبعل، وعلى أكتاف هؤلاء يصنع الله التغيير وبهم يعمل ليحقق مشيئته، فقد ثار جماعة الأتقياء على هذه الأوضاع المتردّية في أورشليم، وأما الذي أطلق هذه الشرارة فهو كان يدي متتيا وقد نشأ هذا الكاهن في قرية تدعى ” مودين ” الواقعة بجوار ” اللد ” وهو عميد عائلة تسمى ” عائلة حشمون ” أو هاسمون أو حشمناى.

فقد أرسل الملك أنطيوخس رسلاً إلى جميع بلاد اليهودية يؤكد على ضرورة ولاء اليهود للملك، وفى مودين هذه طلُب إلى متتيا باعتباره عميدهم وكأن طاعناً في الين أن يقدم ذبيحته لتمثال الملك حتى يقتدى به الآخرين، فرفص بشدة إلا أن أخرين ضعفوا وقدموا ذبائحاً للوثن، وعندئذ غضب متتيا وذهب إلى الهيكل الوثنى، وهناك قام رسول الملك مع الشخص اليهودى الذي كان يقدم الذبيحة.

ثم نادى في اليهود أن يتبعه كل من له غيرة مقدسة إلى الجبال والمغائر حتى يمكنهم تنظيم المقاومة (مكابيين الأول 19:2 – 22) وقد استجاب له الشعب بشكل ملفت (مكابيين الأول 23:2-28) غير أن البعض الآخر أنضم إلى أنطيوخس، بينما مات آخرون بسبب مقاومتهم للملك، إلى هذا أشار دانيال النبى (32:11-33).

في الأيام الأولى كانت المواجهة أشبه ما تكون بحرب العمليات الخاصة، حيث شن الحشمونيين هجمات على القرى والبلاد، قتلوا خلالها الضباط السلوقيين وكثير من اليهود المتأغرقين، غير أن السلوقيين هاجموهم في السبت، وذلك بإيعاذ من بعض اليهود الخونة فقد أحاط السلوقيين بالمتمردين من كل جهة وتمكنوا من ذبح ألفين منهم، وعند ذلك صرَح لهم متتيا بالحرب في السبت متى كانت دفاعاً عن النفس (وهو تأكيد لفتوى يهودية سابقة بهذا الشأن).

يهوذا المكابي:

وقبيل موته في سنة 166 ق. م. أوصى متتيا بالقيادة إلى يهوذا ابنه الثالث (1 مكا 49:2 – 70) حيث حقق يهوذا العديد من الانتصارات، ولكن السلوقيين استهانوا في البداية بهم فأرسلوا لهم قوة محدودة لتأديبهم، غير أنهم هُزموا من المكابيين المرة تلو الآخرى، ويضيف سفر المكابيين الأسباب التى أدت إلى الثورة (1 مكا 11:1 – 15 و2مكا 7:4 – 17) وفى المقابل يصف سفر مكابيين الأول العنف الذي استخدمه أنطيوخس في إخضاع الثورة (مكابيين الأول 30:1-32). وهنا وقع اليهود المتأغرقون في خطر وحرج حيث أصبحوا هدفاً للثورة، وفى جهتهم فقد استخدموا العنف في الدفاع عن أنفسهم، حيث أراقوا الدماء في الهيكل وحوله، وأما المكابيون فقد وصفوهم بأنهم غرباء وعداء (أمه خاطئة متعدية للشريعة (مكابيين الأول 34:1) فتعطلت الخدمة في الهيكل وهرب كثيرون من اليهود إلى الجبال (مكابيين الأول 25:1-40).

وكان أنطيوخس في ذلك الوقت محصوراً بين أمرين، أحدهما عدم المغامرة بجيش قوى في اليهودية بسبب قربها من مصر، وثانيهما حربة مع البرثيين، بسبب تمرد حدث هناك، ومن هنا فقد كلّف ” ليسياس ” ثم أبولونيوس ” بقيادة جيش يخضع به اليهود، ومن قواعد ليسياس هذا كل مت ” نكانور ” وجرجياس “، ولكن يهوذا المكابي استطاع إحراز الكثير من الانتصارات عن طريق الهجمات “، ولكن يهوذا المكابي استطاع إحراز الكثير من الانتصارات عن طريق الهجمات الليلية والتى حقق بها اسلاباً وغنائم كثيرة وفتح الطريق أمام المكابيين للاستيلاء على أورشليم عن طريق ” عمّاوس ” وفعل ذلك وتقهقر قدامه منلاوس (رئيس الكهنة الموالى للسلوقيين) ودخلوا أورشليم واستولوا على كل شئ فيما عدا حصن أكرا (عكره) (1 مكا 10:3، 18، 3:4-6، 22:19) وعند ذلك قام التقاة بهدم هياكل الأوثان وختنوا الأطفال بالقوة واستردُوا سلطان الناموس (مكابيين الأول 43:1 – 48) وبعد ذلك قاموا بتطهير الهيكل من المذابح الوثنية وآثارها وهو ما سُمى ب ” عيد التجديد ” وأصبح ضمن الأعياد القومية لليهود وسمى أيضاً ب ” الحانوكا ” أو ” الأنوار ” يحتفلون به ثمانية أيام بدءاً من يوم 25 ديسمبر من كل عام. وبذلك انهو ثلاث سنوات من تدنيس الهيكل. إلى ذلك يشير دانيال النبى باعتبار أن ذلك كان بداية توقف الذبيحة الدائمة وترميم الهيكل فهى ال ” 1290 يوماً ” ثلاث سنوات ونصف، ثم أعادة الذبيحة بعد 45 يوماً ” شهر ونصف ” (دانيال 12:12).

ولكن ليسياس استطاع هزيمة اليهود ومحاصرتهم ولكن أنباء عن تمرد في أنطاكية وجعلته يؤثر معاهدة صلح مع اليهود ألغى بموجبها كافة القوانين التى تتناهض الشريعة والطقوس كما تقرر إقصاء منلاوس عن رئاسة الكهنوت وتعيين ألكيمس (ألياقيم) مكانه كما وعد بالعفو عن يهوذا ورجاله، وترك ليسياس وأورشليم متجهاً إلى سورية في حين كانت أسوار أورشليم مسوّاه بالأرض.

وفى تلك السنة عينها كان أنطيوخس قد مات في بلاد الفرس بينما كان يسعى في جميع المال وكنوز البلاد لسداد الدين الضخم الذي تركه أبوه أنطيوخس الثالث، ومن ثم ملك مكانه أنطيوخس الخامس (164-162 ق. م. ) وكانت أيامه أيام هدوء، بينما كانت المرحلة السابقة مرحلة حرب للرب ومقدسات، فقد اعقبها مرحلة الطمع والاتساع، وبينما نجد أن الله قد أعانهم في المرحلة الأولى فإنه قد خذلهم في الثانية.

أما ألكيمس رئيس الكهنة فقد قبض على العديد من الحسيديين وقتلهم، ومن ثم بدأت الحرب الأهلية بين اليهود المتأغرقين وأولئك التقاة، وخاف ألكيمس فهرب إلى سورية بغية الحصول على نجدة عسكرية، وعندما عاد لمحاربة اليهود هجم الجيش أولاً بقيادة نكانور فهُزم الجيش وقُتل نكانور من قبل يهوذا المكابي وجماعته، ولكن عدداً كبيراً من اليهود انحازوا إلى الآخرين المتأغرقين، وهكذا تُرك يهوذا مع ثمانمائة من الجنود فقط، ومع أنه هزم الجيش السورى في معركة ” بئروت ” إلا أنه قُتل في تلك المعركة، وبموته أنتهت المرحلة الأولى من كفاح المكابيين، وكان يهوذا إبان حياته قد حاول عقد معاهدة سلام الرومان ولكنه لم يستفد منها شيئاً إذ أنه مات قبل عودة رسله.

هذا وقد لعب ألكيمس دوراً في هذه الحرب الأخيرة، وقد دُعى ب ” الراعى الأحمق ” والذي أشير إليه في سفر زكريا (15:11 – 17) وقد ظل في رئاسة الكهنوت لمدة ثلاث سنوات، وفى النهاية مات مشلولاً في سنة 159 ق. م. فظلت الأمة بدون رئيس كهنة ومن بعده لمدة سبع سنوات، وقد حاول أثناء حياته إزالة الحائط المتوسط بين رواق الأمم والقدس ليتسنى للأمم الدخول إلى القدس.

 يوناثان المكابي:

بعد مقتل نكانور أصبح بكيديس والياً على البلاد من قبل السلوقيين وقد ساعده ألكيمس في حكمة، وبعد سنتين من موت يهوذا أسترد الثوار قوتهم وخلف اليهود المتأغرقون فاستغاثوا ببكيديس فأتى ولكنه صنع صلحاً مع يوناثان وأخوه سمعان، واستمر ذلك خمس سنوات فقد اليهود المتأغرقون خلالها سطوتهم (مكابيين الأول 23:9 31، 57 – 73) ومال يوناثان إلى الدبلوماسية أكثر من السلاح فنجح في ذلك كثير، إذ أنه عندما ثارت الحرب بين ديمتريوس وإلى سورية والاسكندر بالاس المطالب بعرش سورية، وقف يوناثان إلى جانب الاسكندر لاسيما وأن ديمتريوس قد حاول عدة مرات سابقة تدمير قواته يوناثان وعقد الأخير أتفاقيات مع إسبرطة وروما، وقبل نهاية الحرب أصبح يوناثان رئيساً للكهنة وحاكماً لليهودية في ذات الوقت، بينما وهب سمعان شقيقه حكم شاطئ فلسطين، وكان يوناثان يحكم فلسطين دون مزاحم (1 مكا 1:10 -50).

ولما حاول ” ديمتريوس الثاني ” ابن ديمتريوس الأول، استعادة عرش سورية بعد مقتل أبيه هزمه يوناثان، فكافأة الأسكندر بالاس بأن أضاف له أراض جديدة (مكابيين الأول 88:10 – 89) فلما مات الاسكندر وآل عرش سورية إلى ديمتريوس ظن اليونانيون اليهود بأنهم قد وجدوا فرصتهم، فأرسلوا على ديمتريوس لكي يخلصهم من حكم يوناثان، ولكن الملك ثبت الصلح وأعطاه ثلاث مدن جديدة، ثم عاد وتخلى عن يوناثان وتحالف مع تريفون ابن الاسكندر طمعاً في مكاسب أكثر، وخاف تريفون من خيانات يوناثان المتكررة فشن عليه حرباً وخدعه ثم قتله سنة 143 ق. م. فتولى عندئذ سمعان قيادة الشعب (مكابيين الأول 54:11 – 62 و39:12-53). وجمع سمعان بين قيادة الجيش ورئاسة الكهنوت، وهو الأمر الذي لم يحدث في إسرائيل قبل ذلك، إذ أنه لا يليق الجمع بين إراقة الدماء والخدمة الهيكلية.

سمعان المكابي:

كان سمعان قد تقدم في السن عندما تولى قياجة اليهود سنة 143 ق. م. وبينما كانت اليهودية قد نالت حريتها الكاملة كانت سورية تتنازعها قوتان، الأولى تناصر ديمتريوس بينما الآخرى تؤيد ” أنطيوخس السادس ” والذي كان صبياً تحت وصاية ” تريفون ” ولكن الأخير عزل أنطيوخس ونزع عنه تاج آسيا (مكابيين الأول 31:13، 32) وفى أيامه صدر قانون بأن تصبح رئاسة الكهنوت وراثة في عائلة المكابيين (الحشمونيين) بدلاً من عائلة حونيا (أونيا) والتى هربت إلى مصر قبل ذلك بقليل (مكابيين الأول 25:14 – 49) وطهرَ سمعان جميع البلاد من الآثار الوثنية وأصبحت البلاد يهودية خالصة، وعاد بالكثير من العائلات اليهودية الساكنة هناك في شتى البلاد، حتى ” حصن أكرا ” نفسه أقتحمه وأخرج منه الجنود الوثنيين.

وفى أيامه حاول أنطيوخس السابع (خليفة ديمتريوس الثاني المأسور) سلب اليهود البلاد التى استولوا عليها خارج حدودهم، ولكن جيشاً يهودياً بقيادة ابنى سمعان دحره، فهدأت الأمور واستقرت. وقد انتهت حياة سمعان عندما قام زوج أبنته بقتله مع اثنين من أولاده وذلك طمعاً في أخذ مكانه، بينما استطاع يوحنا ابنه الهرب ليعود ويحل محله في الولاية والكهنوت باسم ” يوحنا هركانوس “.

 

ثامناً: الأسرة الحشمونية – ظهورها وانحلالها

بموت سمعان المكابي يبدأ نجم المكابيين في الأقوال، ولتبدأ عائلة حاكمة جديدة من سلالة الحشمونيين ولقد عاش الخلفاء عالة على نصر أجدادهم؟.

1 يوحنا خركانوس:

ومع أن سورية كانت قد صارت قوية، إلا أنها تركت اليهود وشأنهم، لا سيما وأن يوحنا هذا كان موالياً لهم وفى خدمتهم، وترك لهم السوريون يافا كميناء هام لليهود، وأما اليهود المتأغرقون فقد بدأوا في التخلى عن أحلامهم في حضارة يونانية يزيحون بها التزامات الشريعة والطقوس الهيكلية، وقد مثُل الصدوقيين الحزب الهيللينى بينما مثل الفريسيين الحزب الحسيدى (التقاة)، هذا وقد تبلور الحزبان جيداً في أيام هركانوس والذي حرص على الانتماء إلى الحزبيين، وكانت أولى اهتماماته هي استرداد المدن الساحلية، وأملاً في إنعاش الاقتصاد باعتبار تلك المدن، مدن التجارة والرخاء.

وفى بداية مناوشاته استطاع أنطيوخس سيديتيس، الاستيلاء على هذه المدن لكي يحصل على المال اللازم للاحتقال بعيد المظال حيث قدم ذبائح العيد وهدايا للهيكل، واتفق الطرفان على الاحتفاظ بتلك المدن مقابل جزية يقدّمونها عنها، ثم بادر هركانوس بعقد اتفاقية مع الرومان سنة 127 ق. م. حتى يقطع الطريق بذلك على كل من مصر وسورية.

ثم راح يحتل المدن شمالاً وشرقاً، ففى سنة 125 ق. م. أخضع السامرة مدمراً هيكل جرزيم، ثمّ صكَ عمله باسمه ولعله أول الحكام المكابيين الذي يقوم بذلك، غير أنه واجه مقاومة شديدة من الفريسيين الرافضين للعمل السياسى وسياسة التوسع، وفى أيامه أيضاً أنفصل الفريسيين عن المكابيين والذين سُموا بدورهم ” الصدوقيين ” والذين أنحصرت فيهم رئاسة الكهنوت، وقد أعلن الفريسيين ذلك ليوحنا في مؤتمر عقدوه خصيصاً لذلك حيث رفضوا أن يكون رئيس الكهنة ساقك دماء، منذ الحين بدأت تظهر العداوة التقليدية بين الفرقتين. ثم مات هركانوس سنة 104 ق. م. بعد أن قضى في الحكم والكهنوت إحدى وثلاثين سنة، وقد حقق نجاحاً كبيراً في مدة رئاسته.

أرسطوبولس الأول:

لم يستمر أرسطوبولس الذي خلف الإسكندر في الحكم أكثر من عام، واسمه الحقيقى يهوذا غير فضَل الاسم اليوناني، وقد رفض وصاية أمه عليه كرغبة أبيه، فوضعها في السجن إلى أن ماتت جوعا، كما ألقى باخوته الثلاثة في السجن حيث مات اثنان منهم جوعاً أيضاً بينما قتل الثالث، ويقال أنه وثق في الأخير أولاً ولكنه سريعاً ما انقلب عليه، وقد ناصبه الفريسيون العداء لانتمائه للحزب اليوناني.

وخلال سنة حكمه حقق بعض التوسعات، وقام بتهويد الجليليين بالقوة، فقد كان شديد الغيرة على الناموس، وقد ثقل عليه الهمَ بسبب الخوف من التمرد. وأخيراً مات غير مأسوف عليه، بل لوَث الفريسيين سمعته وطمسوا تاريخه.

الاسكندر جنايوس:

لعل الاسكندر هذا هو أكثر من أساء إلى اليهود، فقد مضى في سياسته التوسعية أيضاً حتى وصل إلى عكا فاستغاث أهلها بملكهم بطليموس الثامن في مصر وكان هارباً من كليوباترا التى خلعته من الحكم، فاستعان الاسكندر بدوره بكليوباترا، واشتعلت الحرب بين الخصوم ولم تسفر عملياً عن نتيجة. وأكمل الأسكندر توسعاته، غير أن اليهود ناصبوه العداء بسبب إهماله خدمة الكهنوت لانشغاله بالحروب، وزاد في ذلك بزواجه من امرأة أخيه سالومى، وهو ما يتنافى مع الشريعة، وفى ذات يوم اخطأ في طقوس عيد المظال (ويقال عمداً) فقذفه الشعب بالسعف وثمار الأثرج فثار حينئذ وامر بقتل اليهود في الهيكل فقُتل كثيرون منهم فكرهه الشعب ورجعوا عنه، وهكذا وصل الحال بأسرة المكابيين!!

بل واكثر من ذلك أنه دخل في حرب مع أبيداس ” عوبيداس ” ملك العرب بسبب طمعه في التوسع فهزمه وجلده، واستطاع الهرب وجاء إلى أورشليم ولكن الشعب رفضه، فغادر المكان واستعان عليهم بالمرتزقة!! واستعان الشعب في المقابل بديمتريوس الثالث (سنة 88 ق. م. ) فجاء بجيش قوى وهزمه فهرب إلى الجبال. ومن المحزن أن أبناء الحسيديين يطلبون أبناء أنطيوخس أبيفانيوس المساعدة في مواجهة أبناء المكابيين!!

فلما هدأ الحال وعاد ديمتريوس إلى دمشق، رجع الاسكندر وصنع وليمة للصدوقيين فرحاً بنصره، وقام بصلب ثمانمائة من وجهاء أورشليم الفريسيين، ثم قتل زوجاتهم وأولادهم ذبحاً قدامهم وهم ما يزالون أحياء على صلبانهم. قم دخل في حرب مع ملك العرب ثانية فُهزم واضطر إلى الصلح بشروط مهينة، وفى سنة 76 ق. م. مات بينما كان يحاصر قلعة ” راجايا ” شرق الأردن، وقبيل موته أوصى زوجته اسكندرا (سالومى) بأن تهادن الفريسيين وتستعين بهم، ويقال أن ذلك جاء في توبته على فراش الموت.

المكابيين بقيادة ألكسندرا (76-67 ق. م):

هي زوجة أرسطوبولس ثم الاسكندر بعد موت الأول تولت المُلك وعمرها سبعون عاماً ولما لم يكن من الجائز أن تصبح رئيس كهنة فقد تولى ذلك ابنها هركانوس بينما تولى أخوه أرسطوبولس قيادة الجيش، وكان يرأس شيعة الفريسيين في ذلك الوقت شقيقها ” سمعان بن شيبا ” وهكذا اتخذت وضعاً متوسطاً بين الفريقين، وقد سعى الفريسيين بقيادة سمعان إلى تعليم الشبان والأطفال، وعم السلام والهدوء في أيامهم بعد صراع طويل.

غير أن الفريسيين تمادوا في سلطانهم فمالوا إلى الاستبداد، بل أنهم اصطدموا بألكسندرا نفسها حين ألحوا عليها بالقصاص من الصدوقيين الذين تسببوا في قتل ثمانمائة منهم مع عائلاتهم، وبالفعل قامت بقتل ثلاثة منهم، غير أنها عملت على حماية الصدوقيين وهبتهم الحصون ليحتموا بها، وبينما كان أرسطوبولس ابنها يميل إلى الصدوقيين، فقد ناصر أخوه هركانوس الفريسيين، فما أن ماتت ألكسندرا حتى بدأ الصراع على أشده بين الفريقين.

أرسطوبولس الثاني:

بدأت فترة حكمه بصراع بينه وبين هركانوس، حيث، كوُن كل منهم جيشاً والتحما في أريحا، فُهزم هركانوس وتعقبه أرسطوبولس حتى أورشليم ثم أجبره على التنازل عن الملك ورئاسة الكهنوت، وبذلك اصبح هو ملكاً ورئيساً للكهنة، ولكن انتيباتر الأدومى (أبو هيرودس الكبير) كان متعاطفاً مع هركانوس، وبسبب الصداقة بين امرأة أنتيباتر وأرتاس (الحادث) ملك العرب، فقد تحالفا ضد أرسطوبولس وهزماه.

في ذلك الوقت كان ” بومباى ” القائد الرومانى يزحف بجيشه جهة سورية، وأُرسل لحسم النزاع بين الأخوين فناصر أرسطوبولس والذي قام بمطاردة أعداؤه حتى أدومية حيث ألحق بهم هزيمة منكرة، فلما وصل بومباى سنة 63 ق. م. إلى هناك احتكم إليه الأخوان فانحاز هذه المرة إلى هركانوس، وطرد أرسطوبولس ثم حاصر أورشليم ثلاثة أشهر حتى فتحها وعندئذ ذبح من أهلها أثنى عشر ألفاً، ومنذ ذلك الحين أصبحت اليهودية ولاية رومانية تدفع الجزية وأما هركانوس فقد أكتفى برئاسة الكهنوت بينما منحه بومباى لقب (مشرف) فقط على اليهودية والتى أصبحت تتبع سورية إدارياً.

أما أرسطوبولس فقد حمله بومباى من عائلته إلى روما، ولكن اسكندر ابنه هرب من السفينة وعاد إلى أورشليم، وبدأت اليهودية تدخل عصراً جديداً، بينما بقى هركانوس مشرفاً من قبل روما على اليهودية، كان انتيباتر والى أدوميا هو المدبر الفعلى لهركانوس وفيما بعد خلف ابنه هيرودس الكبير هركانوس في الحكم، ويعد (أى هيرودس) أشهر الحكام اليهود بعد ذلك.

الاسم:

عُرف سفر المكابيين أولاً بسفر الحشمونيين، فما هو أصل كل من الاسمين.

الحشمونيين / بني حشمناى:

كان ” متتيا ” عميد عائلة المكابيين كاهناً في قرية موديم الواقعة بجوار اللد، وكان لقلب عائلته هو حشمون، وكانت عشيرة بني حشمناى هذه من سلالة يهوياريب (1أخ 7:24) ولذلك فقد كان جميع نسل العائلة يُكنى ب ” الحشمونيين ” أو ” بني حشمناى ” والكلمة حشمون كلمة عبرية تعنى ” غنى ” وأم اللفظتان ” هسمان ” أو ” أسمونوس ” فهما النطق اللاتينى للكلمة، حيث لا ينطق الحرف (ح) في تلك اللغات المشتقة من اللاتينية، مثل رئيس الكهنة المدعو أونيا والذي يأتى في جميع الترجمات في حين أن اسمه الحقيقى هو ” حونيا “

مكابيون:

أنجب متتيا هذا خمسة من الأولاد (ولا يُعرف إن كان قد أنجب بنات أم لا) أما الأولاد فهم على الترتيب: يوحنا، سمعان، يهوذا، ألعازر، يوناثان. وقد تولى ثلاثة منهم مقاليد السلطة بعد موته واحداً تلو الآخر، بدءاً بيهوذا الشهير ببطولته وحسب وصية ابيه، ثم يوناثان والذي اشتهر بالميل إلى الدبلوماسية في حكمه، وأخيراً سمعان والذي يعد أول من جمع ما بين رئاسة الكهنوت وقيادة الأمة، أما ألعازر فقد قُتل في تصرف عفوى وأما يوحنا فأنه لم تتح له فرصة للقيام بأعمال تستحق الذكر.

هذا وقد نسب إلى كل من هؤلاء الخمسة ألقاب يشير كل منها إلى صفات صاحبه، ومن المرجّح أن يكون كل منهم قد اختار لنفسه هذا اللقب، دعاه الآخرون به فصار لقبه حيث لُقب: يهوذا ب المكابي، ومن قائل أن لفظة مكابي هي عبرية تعنى مكبة أى مطرقة، وهي كلمة وردة في قصة قتل ياعيل لسيسرا (ق21:4) تحت اسم ” ميتدة ” وقد دعى يهوذا نفسه أيضاً ب ” الطارق “. ويرى البعض أن الكلمة مكابي مشتقة من مكبى وتعنى المخمد، غير أن الرأى السائد يفيد بأنها تكون الحروف الأولى لعبارة عبرية تقول ” من يشبهك في الآلهة يارب ” وهي في الواقع آية وردت في (خر 11:15) وكانت هذه الحروف تكتب على أعلام المكابين حتى أصبحت لقبهم بمرور الوقت، وفى إسرائيل الآن العديد من الهيئات والفرق الرياضية التى تحمل اسم ” مكابي “.

غير أن الرأى الأول هو الأرجح، حيث طبع المكابيين على تروسهم وسيوفهم الحروف (م. ك. ب. ى) والتى هي بدايات الكلمات: (مي / كماما أو ” كموخا ” / بلوهيم أو ” باليم ” / يهوه) وتعنى كما سبق: (من مثل الرب بين الآلهة) أو (من مثلك بين الأقوياء يا الله).

وقد مُنح كل من أخوة يهوذا الأربعة لقباً، حيث لقب يوحنا ب ” بكيديس ” وسمعان ب ” الطسى “، وألعازر ب ” أواران ” وأما يوناثان فقد لقب ب ” أفوس “.

هذا وقد أصبح لقب مكابيين رمزاً لعائلة بني حشمناى، وذلك منذ الثورة التى اندلعت بين اليهود وأنطيوخس أبيفانيوس، بداية بمتتيا ونهاية ب أرسطوبولس الثاني، أى خلال الفترة (167 – 63 ق. م. )

 

تاسعاً: جدول متزامن للأحداث المكابية

 

التاريخ الميلادى

التاريخ السلوقي

الحدث

سفر مكابيين الأول

سفر المكابيين الثاني

323ق. م

 

موت الاسكندر الأكبر

7:1

 

175ق. م

137

تولى أنطيوخس أبيفانيوس

10:1

7:4

174

138

بدء الغرقة (التأثير اليوناني)

1:1 إلخ

8:4 إلخ

172

140

الحملة الأولى على مصر من قبل أنطيوخس أبيفانيوس

 

21:4 إلخ

171

141

أبيفانيوس في أورشليم منلاوس يتقلد رئاسة الكهنوت

 

21:4-24

169

143

حملة أنطيوخس أبيفانيوس الثانية على مصر.

21:1

1:5

168

144

نهب الهيكل

21:1

15:5 إلخ

167

145

أبلونيوس في أورشليم

29:1

24:5

 

 

تدنيس الهيكل

54:1

2:6

166

146

الانتقاضة بقيادة متنيا الكاهن

24:2

 

 

 

موت متنيا

70:2

 

 

 

يهوذا المكابي يتولى القيادة

1:3

1:8

165

147

الانتصارات على أبلونيوس

11:3

 

 

 

الانتصارات على سارون في بيت حورون

23:3

 

 

 

الانتصارات على نيكانور وجرجياس

3:4 إلخ

9:8 إلخ

 

 

أنطيوخس أبيفانيوس في بلاد فارس

37:3

 

164

148

هزيمة ليسياس

28:4 إلخ

 

 

 

تطهير الهيكل

52:4

1:10-8

163

149

انتصارات اليهود في أدوم وجلعاد

1:5 إلخ

30:8 إلخ

 

 

 

18:12-25

 

 

 

 

24:10-38

 

 

 

 

26:12-31

 

 

 

موت أنطيوخس أبيفانيوس

16:6

28:9

 

 

اعتلاء أنطيوخس الخامس العرش

17:6

22:11، 23

162

150

يهوذا يهاجم القلعة في أورشليم

20:6

 

 

(149)

أنطيوخس الخامس يهاجم اليهودية ويستولى على بيت صور.

31:6 إلخ

1:13

161

151

ديمتريوس الأول يصل إلى سوريا

1:7

1:14

 

(150)

محاولة بكيديس فرض ألكيمس رئيساً للكهنة

1:7-25

4:14

 

 

محاولة نيكانور فرض ألكيمس رئيساً للكهنة

27:7 إلخ

14:14 إلخ

 

 

هزيمة نيكانور (13 آذار)

43:7 إلخ

28:15

160

152

المحاولة الثالثة لإعادة ألكيمس بمساعدة بكيديس

1:9

 

 

 

وفاة يهوذا المكابي

18:9

 

 

 

يوناثان يتولى القيادة

31:9

 

 

 

الحملة في عبر الأردن

39:9 إلخ

 

159

153

ألكيمس يأمر بهدم الحائط الداخلى للهيكل

54:9

 

 

 

موت ألكيمس

56:9

 

158

154

سنتان من السلام

57:9

 

157

155

بكيديس يفشل في حملته في ” بيت حجلة “

68:9

 

 

 

السلام

70:9

 

152

160

الأسكندر بالاس يصل إلى عكا (بتولمايس)

1:10

 

 

 

يوناثان رئيساً للكهنة

21:10

 

151

161

الحرب بين ديمتريوس الأول والاسكندر بالاس

48:10 إلخ

 

 

 

موت ديمتريوس

5:10

 

150

162

التحالف بين بطليموس والاسكندر

57:10

 

 

 

ديمتريوس الثاني يرسو في سوريا

67:10

 

147

165

أبلونيوس في اليهودية هزيمته من يوناثان

69:10 إلخ

 

146

166

الخلاف بين بطليموس والاسكندر بالاس

1:11 إلخ

 

 

 

موت الاسكندر بالاس

18:11

 

145

167

ديمتريوس الثاني يخلف الاسكندر بالاس

19:11

 

144

168

يوناثان في عكا (بتولمايس)

24:11

 

 

 

يوناثان يتحالف مع ديمتريوس

44:11

 

 

 

تريفون ينصب أنطيوخس السادس على العرش

54:11

 

 

 

أنطيوخس يؤكد امتيازات يوناثان

57:11

 

 

 

يوناثان يهزم قادة ديمتريوس

73:11

30:12

 

 

 

تجديد التحالف مع روما

1:12 إلخ

 

142

170

أسر يوناثان

48:12

 

 

 

سمعان يتولى القيادة

8:12

 

 

 

طرد تريفون

24:13

 

 

 

” تحرير إسرائيل “

41:13

 

141

171

الاستيلاء على القلعة

51:13

 

140

172

ديمتريوس يقع في الأسر (فى فارس)

1:14، 3

 

 

 

قرار تكريمى لسمعان (نقش على ألواح النحاس)

 

 

139

173

رسائل إلى سمعان من أنطيوخس

1:15 إلخ

 

138

174

أنطيوخس السابع ينزل في سوريا

10:15

 

 

 

موت تريفون

 

 

137

175

أبناء سمعان يهزمون القائد قندباوس

10:16

 

135

177

وفاة سمعان

14:16-16

 

 

 

يوحنا هركانوس يخلف أبيه سمعان

23:16

 

 

عاشراً: خلفاء الاسكندر الأكبر

 

أولاً: السلوقيين:

وهم الذين حكموا المنطقة الشمالية في الشرق الأدنى، وقد خضعت منطقة اليهودية لهم أغلب الوقت إلى أن أستولى الرومان عليها أواخر القرن الأول قبل الميلاد، وهؤلاء الملوك هم على التوالى:

  1. سلوقس الأول نكاتور 312 281ق. م
  2. أنطيوخس الأول سوتير 281 261ق. م
  3. أنطيوخس الثاني ثيؤس 261 246ق. م
  4. سلوقس الثاني جالينيكوس 246 226ق. م
  5. سلوقس الثالث كيرانوس 226 223ق. م
  6. أنطيوخس الثالث الكبير 223 187ق. م
  7. سلوقس الرابع فيلوباتير 187 175ق. م
  8. أنطيوخس الرابع أبيفانيوس 5/176 3/164ق. م
  9. أنطيوخس الخامس أوباطور 3/164 162ق. م
  10. ديمتريوس الأول 162 150ق. م
  11. الاسكندر الأول بالاس 153 145ق. م
  12. ديمتريوس الثاني 145 140؟ق. م (فترة حكم أولى) 129125 ق. م (فترو حكم ثانية)
  13. أنطيوخس السادس 143؟ 141؟ق. م
  14. أنطيوخس السابع 8/139 129ق. م

 

ثانياً: البطالمة:

وهم الذين حكموا الجزء الجنوبى وكانت مصر هي عاصمة حكمهم، وقد خضعت منطقة اليهودية لهم لمدة أقصر من تلك التى خضعت فيها للسلوقيين، وهم على التوالى:

  1. بطليموس الأول (سوتير) 323 – 282 ق. م.
  2. بطليموس الثاني (فيلادلفوس) 284 – 246 ق. م.
  3. بطليموس الثالث (أورجيتيس) 246 – 222 ق. م.
  4. بطليموس الرابع (فيلوباتور) 222 – 205 ق. م.
  5. بطليموس الخامس (أبيفانس) 204 – 180 ق. م.
  6. بطليموس السادس (فيلوماتور) 180 – 146 ق. م.
  7. بطليموس السابع (أوباطور) 145 ؟ ق. م.
  8. بطليموس الثامن 145 116ق. م.
  9. بطليموس التاسع (سوتير الثاني) 116 9/10ق. م (فترة حكم أولى). 88 – 80ق. م (فترة حكم ثانية).
  10. بطليموس الحادى عشر (الاسكندر الثاني) (اغتيل، فلم يستمر في الحكم سوى 19 يوماً فقط).
  11. بطليموس الثاني شعر (أولتيس) 80 51ق. م.
  12. كليوباترا السابعة 50 30ق. م.

 

حادى عشر: الحكام الحشمونيين والمكابيين

بعد العائلة الحشمونية والتى تمثلت في متتيا الكاهن وأولاده الخمسة، أعقبهم الحكام المكابيين من ” يوحنا هركانوس ” إلى ” أنتيجونوس ” والذي أعقبه الهرادسة في الحكم حتى القرن الأول الميلادى، وهم على التوالى:

  1. متتيا الكاهن (أبو المكابيين) 167 ق. م
  2. يهوذا المكابي 166 160ق. م.
  3. يوناثان المكابي 160 143ق. م.
  4. سمعان المكابي 143 134 ق. م.
  5. يوحنا هركانوس 134 105ق. م.
  6. أرسطوبولس الأول (أول من سُمى ملكاً) 105 104ق. م.
  7. الاسكندر جنايوس 104 77ق. م.
  8. ألكسندرا (زوجة السابق) 77 69ق. م.
  9. هركانوس الثاني (ابن جنايوس) 69 67ق. م.
  10. ارسطوبولس الثاني (ابن جنايوس) 67 62ق. م.
  11. هركانوس الثاني (مدة حكم ثانية) 62 37ق. م.
  12. أنتيجونوس (ابن ارسطوبولس الثاني) 37 ق. م.
  13. هيرودس الكبير 40 4ق
  14. حكم الحشمونيين في إسرائيل (166 36ق. م)

 

ثانى عشر: رؤساء الكهنة في العصر المكابي

السلوقيين

رؤساء الكهنة

البطالمة

سلوقس الأول ونكانور

11/312 – 280

حونيا (أونيا) الأول

323 – 300 (أو 290)

بطليموس الأول لاجى

323 – 285

أنطيوخس الأول سوتير

280 – 261

سمعان الأول البار

ابن أونيا الأول

 

أنطيوخس الثاني ثيوس

261 – 246

منسى (عم سمعان الأول)

بطليموس الثاني

فلادلفوس 285 – 246

سلوقس الثاني

كالينيكوس 246 – 226

سلوقس الثالث كرانوس

226 – 223

حونيا الثاني ابن سمعان الأول

مات سمة 219

بطليموس الثالث

يورجيتيس 246 – 221

بطليموس الرابع

فيلوباتور 221 – 203

أنطيوخس الثالث الكبير

223 – 187

سمعان الثاني ابن حونيا الثاني 219 – 196

 

فلسطين تحت الحكم السلوقي

200 – 198

 

 

سلوقس الرابع فيلوباتور

187 – 175

حونيا الثالث ابن سمعان الثاني 196 – 174

بطليموس الخامس

أوباتور

203 – 181

أنطيوخوس الرابع أبيفانيوس

175 – 164

ياسون (يشوع / يسوع)

شقيق حونيا الثالث

174 – 171

 

 

منلاوس (مناجيم)

171 – 162

بطليموس السادس فيلوميتور

181 – 146

أنطيوخس الخامس

164 – 162

ديمتريوس الأول

162 – 150

ألكيمس (ياقيم)

162 – 159

 

الاسكندر بالاس

150 – 145

ديمتريوس الثاني

145 – 140

أنطيوخس السادس

145 – 142

ترفون 1/142 – 138

أنطيوخس السابع

138 – 129

ديمتريوس الثاني

فترة ثانية (129 – 126)

رئاسة الكهنوت تتحول

إلى المكابيين

يوناثان المكابي

152 – 142

سمعان المكابي

1/142 – 134

يوحنا هركانوس

134 – 104

بطليموس السابع يورجيتيس

(فيسكون)

146 – 117

 

الفصل الثالث: سفر مكابيين الأول

 

أولاً: عنوان سفر مكابيين الأول:

عُرف سفر المكابين أولاً بسفر الحشمونيين والسبب في ذلك هو أن عائلة يهوذا المكابي كانت تسمى عائلة بني حشمناى أما العلامة أوريجانوس فقد اطلق الاسم على سفر مكابيين الأول.

أما تسمية سفر مكابيين الأولين ب المكابيين فقد استخدم هذا الأسم في أواخر القرن الثاني عنواناً للسفرين الأول والثانى ويهوذا هو الشخصية المحوارية لأحداث سفر مكابيين الأول الثاني وتقاسم أخوته معه أحداث سفر مكابيين الأول الأول.

ويُعد أول من ذكر سفر المكابيين الثاني بهذا الاسم هو يوسابيوس المؤرخ الكنسى. وكذلك استعمل القديس جيروم عنوان الأحداث المكابية للدلالة على سفر مكابيين الأولين. والقديس كليمندس السكندرى يصف سفر مكابيين الأول الأول بسفر الأحداث المكابية. والقديس كبريانوس استخدم عنوان أمور المكابيين في أواخر القرن الثاني.

 

 

ثانياً: الكاتب

يظن البعض أن الكاتب ينتمى إلى فرقة الصدوقيين. يرى بعض العلماء أن سفر مكابيين الأول غير متحيز لاتينى أى من أفكار الفريسيين أو الصدوقيين الكاتب يهودى من فلسطين تقى غير متعصب ملماً بجغرافية المكان ويتميز بالبساطة في الكتابة. لا يشير إلى الحياة الأبدية ولكن سفر مكابيين الأول به الكثير مما يدل على وجود مسيا وأن النصر يأتى من السماء.

هدف الكاتب كان قومياً وتاريخياً مع توجهاته الدينية. أن الكاتب شخص محب لوطنه، ويرى أن شعبه هو الذي اختاره الرب. هو ناموسى مدقق، يعتقد أنه من واجب كل يهودى أن يحفظ الناموس والوصايا. يبين سفر مكابيين الأول أن كلمة الرب كانت عزيزة في تلك الأيام. لا يشار إلى الله بإله السماء أو السماء فقط.

تمر مسألة رئاسة سمعان للكهنوت دون اعتراض على الرغم أن الكهنوت وقف على سبط لاوى. لا توجد في سفر مكابيين الأول أية إشارة إلى التعليم بقيامة الأموات أو خلود النفس. كما لا توجد في سفر مكابيين الأول أية إشارة إلى الرجاء المسيانى.

 

ثالثاً: تاريخ الكتابة

يغطى سفر مكابيين الأول الفترة الزمنية ما بين (مُلك أنطيوخس سنة 175 وموت سمعان سنة 135 ق. م. ).

من المؤكد أن سفر مكابيين الأول كُتب قبل سنة 63 ق. م وأن عملية جمع المواد بدأت منذ عهد سمعان 143 – 134 ق. م. وإتمام العمل ربما الربع الأخير من القرن الثاني قبل الميلاد.

يقول العلامة تورى Torry أن سفر مكابيين الأول كتب بقلم شخص عاصر كل أحداث المكابيين منذ بدايته.

دونت التواريخ المقترحة لكتابة سفر مكابيين الأول سنة 80 ق. م.

سفر مكابيين الأول مفعم بالوثائق والرسائل المتبادلة في جو من الدبلوماسية الحارة، ما بين اليهود وجيرانهم وأصدقائهم.

 

رابعاً: التاريخ في حقبة المكابيين

تختلف التقاويم وطريقة الحساب منها التقويم السلوقي الرسمى والتقويم اليهودى. وهكذا تزيد مشكلة التواريخ في سفرى المكابيين الأول والثانى.

 

خامساً: اللغة الأصلية للسفر

يُجمع العلماء والنقاد على أن سفر مكابيين الأول كُتب بالعبرية كما يذكر جيروم ويؤكد ذلك العلامة أوريجانوس ومما يؤكد هذا العبارات العبرية الواردة في سفر مكابيين الأول وترجمت إلى اليونانية ومخطوطات الترجمة السبعينية والسريانية واللاتينية والسكندرية.

 

سادساً: أقسام سفر مكابيين الأول

اضطهاد اليهود ص 1، 2

يهوذا المكابي ص 3-9

أهم الأحداث بعد يهوذا ص10 -16

غلب الإسكندر الأكبر المقدونى داريوس ملك فارس ومادى فقامت المملكة اليونانية، وخضع لها ملوك كثيرون. وبعد موته انقسمت إلى 4 ممالك.

ظهور أنطيوخس أبيفانيوس الذي حارب مصر وعاد إلى أورشليم ليلزمهم بالوثنية، فغار متتا الكاهن على شريعة الرب وعهده.

قدم متتيا للشعب أمثلة لرجال الله، منهم: إبراهيم الأمين في تجربته حُسب له براً.

 يوسف حفظ الوصية فصار سيد مصر.

 كالب الأمين في الشهادة نال الميراث.

 إيليا الغيور صعد إلى السماء

ظهور يهوذا وانتصاراته (3، 4) أقام عيد التجديد 59:4

هجومه ضد الأمم الثائرة عليهم. 5

 سمع أنطيوخس وهو يحارب في فارس عن عزيمة ليسياس في اليهودية فمات 6

قتل ديمتريوس السلوقي الرومانى ليسياس مغتصب المملكة. حارب أورشليم فغلب يهوذا. 7

معاهدة بين المكابيين وروما 8

ديمتريوس يهاجم يهوذا 9

استعداد اسكندر بن أنطيوخس (الملك المقتول) للانتقام لأبيه من ديمتريوس محاولى كل منها استمالة يوناثان الذي قام عوض أخيه يهوذا. فقام يوناثان بتجديد أسوار أورشليم وانحاز للإسكندر الذي قتل ديمتريوس، فقام ابن الأخير يحاربه لمنه انهزم فكافأ اسكندر ويوناثان. 10

اسكندر يطالب صداقة بطليموس (مصر) ويتزوج ابنته، لكنه عاد فقتل بطليموس. تكوين صداقة بين يوناثان وديمتريوس، الأول أنقذ الثاني وأعاد إليه عرشه احتيال تريفون صديق الاسكندر واسترداد الملك لابن الاسكندر وتودد تريفون ليوناثان وشمعون أخيه 11

تجديد الصداقة بين يوناثان وروما خدعة تريفون ليوناثان. سمعون يقود الجيش بعد اغتيال أخيه يوناثان. تريفون يقتل ابن الاسكندر. تودد شمعون لديمتريوس ومصالحته 12، 13

ديمتريوس يحارب مادى فيسقط أسيراً 14

انطيوخس يحكم عوضاً عن ديمتريوس ويتودد لشمعون، بينما يهاجم تريفون ويغلبه 15

قائد أريحا يخدع شمعون وابناً لها فيقتلهما، ويقوم يوحنا بن شمعون بالقيادة وبناء الأسوار 16

 

سابعاً: قانونية سفر مكابيين الأول

 

قبلت الكنيسة سفرى المكابيين الأول والثانى لأنهما يتفقان في الوحي مع بقية أسفار الكتب المقدسة القانونية.

رفض اليهود بعض الأسفار لأنهم لم يجدوا النسخة الأصلية العبرية.

المجامع التى أقرتها:

  1. ورد هذان سفر مكابيين الأولان في القانون الخامس والخمسون من المجموعة الثانية للرسل الأطهار
  2. وردت في قوانين مجمع نيقية سنة 325م.
  3. مجمع هيبو سنة 393م والذي ترأسه القديس أغسطينوس.
  4. مجمع قرطاج الثالث سنة 397م.
  5. مجمع قرطاج سنة 419م.
  6. مجمع ترنت للكاثوليك في سنة 1545م.
  7. مجمع القسطنطينية لليونان الأرثوذكس سنة 1672 م.
  8. وقد ذُكرت في قوانين الشيخ بن العسال. أصول الدين.
  9. كتاب الشيخ الصفى ابن العسال (القوانين).
  10. ذكرها كذلك القس شمس الرياسة في كتاب (مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة).

وجاء في دائرة المعارف للبستانى أن الإسرائيليون كانوا يقرأون تلك الأسفار في اجتماعاتهم.

 

ثامناً: القديسين الذين شهدوا بقانونية سفر المكابيين

  1. القديس كليمندس السكندرى (155 – 220 م).
  2. القديس كليمندس الرومانى (ولد 90 / 100 م).
  3. العلامة ترتليان له مكانة مرموقة في تاريخ اللاهوت.
  4. القديس كبريانوس أسقف قرطاجنة، سيم أسقفاً سنة 248 وتنيح سنة 258م.
  5. العلامة أوريجانوس (185 – 254 م).
  6. القديس هيبوليتس الرومانى.
  7. القديس هيلارى (إيلاريون) أسقف بواتييه تزعم مقاومة الأريوسية.
  8. القديس باسيليوس الكبير أسقف قيصرية (329 – 379 م).
  9. القديس غريغوريوس النزينزى (ولد في سنة 329 م).
  10. القديس أثناسيوس الرسولى (296 – 373 م) بطريرك الإسكندرية.
  11. القديس كيرلس الأورشليمى (315 – 387 م).
  12. القديس أمبروسيوس أسقف ميلان (340 – 397 م).
  13. القديس أغسطينوس أشهر آباء الكنيسة اللاتينية (354 – 430 م).
  14. القديس يوحنا فم الذهب (تنيح سنة 407م) أسقف القسطنطينية.
  15. القديس مار أفرام السريانى (تنيح سنة 373م).
  16. القديس إيرونيموس (جيروم) ولد في دلماطية سنة 350م.
  17. القديس يوحنا كاسيان (350/360 440/450م).
  18. الأب أفراهات السريانى (القرن السابع) ويلقب بالحكيم الفارسى.
  19. القديس يوحنا الدمشقى (تنيح سنة 754م).
  20. الشهيد فيكتوريانوس أسقف ” بيتاو ” في النمسا (تنيح سنة 30م).

 

 

تاسعاً: السمات الآدبية للسفرين

أن الأسلوب الأدبى للسفر يثير الإعجاب، إذ كتب بطريقة مباشرة وبسيطة ودون افتعال.

قدم الكاتب الأحداث بتفاصيلها بشكل شيق جذاب وبأسلوب ينبض بالحياة مع التزام بالخضوع للوحى.

أن الكاتب كتب بأسلوبه إلا أن ذلك يتفق مع أسلوب أسفار العهد القديم.

أن الكاتب معاصر للاحداث وليس روائياً يسرد أحداثاً سابقة.

نجد رزانة الكاتب من جهة العقيدة غير ميال إلى المغالاة أو التعصب.

لم يذكر اسم الله صراحة وذلك نظراً لعظم جلاله وكان متأثراً بالاتجاهات الدينية لليهود في ذلك الوقت.

سفر مكابيين الأول غنى بالمعلومات التاريخية الحديثة والمفصلة.

 

عاشراً: سفر المكابيبن في الآداب والفنون اللاحقة:

تأثر الأدباء والفنانون والرسامون والنحاتون بسفر المكابيين وأحداثه وشخصياته ووجدوا فيه مادة غنية لفنونهم ورسومهم وتماثيلهم ولوحاتهم.

في المسرح: أستوحى الكاتب الإنجليزى الشهير (وليم شكسبير) مسرحيته الشهيرة (يوليوس قيصر).

 

حادى عشر: القيمة الليتورجية للسفر

 مكانة سفر مكابيين الأولين في العبادة:

يبرز الجانب الليتورجى لسفرى المكابيين في اتجاهين.

أولهما: التقليد ويشمل الهيكل والكهنوت والأعياد.

ثانيهما: الاستشهاد.

ويمكن اعتبار سفر مكابيين الأولين بشكل عام سفرى تاريخ وليتورجية.

 

الهيكل والطقوس

تدور أحداث سفر مكابيين الأول حول الهيكل في أورشليم والاحتفال بعيد التجديد (تطهير الهيكل) وعيد المظال. كان تدنيس الهيكل وإبطال السبت والختان والذبيحة والتعدى على الناموس هو الشرارة الأولى للثورة المكابية بقيادة متتيا أبو المكابيين، وتطلب ذلك منهم القيام بصلوات وأصوام استدراراً لمراحم الله.

هدموا حجارة المذبح الذي دسه أنطيوخس أبيفانيوس ونالوا الحرية الدينية ومارسوا الختان وتقديس السبت واستئناف الذبائح في الهيكل واستردت الشريعة مكانتها.

الكهنوت

يتضح لنا جلياً مدى تكريم وتقدير اليهود لرئيس الكهنة المعين من الله مقابل كراهيتهم ومحاربتهم لرؤساء الكهنة المفروضة عليهم.

تقلد رئيس الكهنة القيادة الدينية والعسكرية والمدنية معاً.

الأعياد

السبت:

على جانب اهتمام المكابيين بقضية السبت وضرورة الاحتفال به وتوقف سائر الأعمال فقد أضافوا إليه بعداً جديداً وهو أنه جُعل لأجل الإنسان، وبالتالى فلا مانع من الاشتراك في الحروب في السبت ما دام كان ذلك دفاعاً عن النفس.

يوم نكانور:

كما جعلوا من اليوم الذي هزموا فيه القائد السلوقي (نكاتور) عيداً قومياًَ فقد قطعوا رأسه ويده اليمنى وعلقوهما على سور المدينة وهي عادة قديمة في الحروب لأنه تطاول على الله والشعب.

عيد التجديد:

يعد أهم أعياد تلك الفترة وكان عيداً قومياً صاخباً وفى أيام السيد المسيح كان عيداً هاماً ورد ذكره في (يو22:10)

الاستشهاد وتكريم الشهداء:

تعرض اليهود إبان الحكم السلوقي لشتى ألوان الاضطهاد. وقد أضطهد كل من ختن ابنه، فلقد علقوا طفلين في عبق أسهم لأنها ختنهم ولذلك تعرض للأذى كل من أقتنى نسخة من التوراة.

وقد اعتبرت الكنيسة هؤلاء الشهداء شهداء مسيحيون قبل المسيحية وقد أشار لذلك القديس يوحنا ذهبى الفم والقديس أغسطينوس.

التقويم والتأريخ:

يشار إلى الكثير من الأحداث داخل سفر مكابيين الأول بحسب التقويم اليهودى إلا أن سفر مكابيين الأولان يؤرخان الأحداث بحسب التقويم القمرى الشمسى لدى السلوقيين بينما يؤرخ سفر مكابيين الأول الأول بحسب الحساب الخريفى الذي يطابق العصر المقدونى الأنطاكى.

الصلاة عن الراقدين:

في ليتورجيات الكنيسة الآن خصص أكثر من مكان فيها للصلاة عن الراقدين (أوشية الراقدين الترحيم وتدور هذه الصلوات حول عقيدة قيامة الأموات وفائدة هذه الصلوات لمن رقدوا في الرب من أجل الهفوات والسهوات).

وفى القداس الغريغورى نصلى من أجل المساكين في الجبال والمقابر وأخوتنا الذين في السبى إشارة إلى المكابيين والفترة التى اضطهدوا فيها.

لحن الأبيفانيا:

رتب القديس مار افرام السريانى لحناً يقال في عيد الأبيفانيا (الظهور الإلهى) وتدور كلماته حول النار المقدسة التى عثر عليها الكهنة بعد العودة من السبى وحين أرادوا استئناف الذبائح (2مكا19:1).

عمل التماجيد:

لوحظ بعد الانتصارات قيام الشعب بالصلاة والتسبيح فيما يشبه التماجيد بعد انتصارهم في معركة عماوس.

عاد اليهود وهم يسبحون السماء ويباركونها قائلين إنه صالح وأن للأبد رحمته.

وبعد الاستيلاء على قلعة أورشليم قاموا بعمل مثل هذا التمجيد بالمزامير والقيثارات والصنوج والتسابيح.

الإعفاء من الرسوم في المواسم والأعياد:

يرد في سفر مكابيين الأول أن الملك ديمتريوس الأول أصدر عفواً من الضرائب والرسوم والديون خلال أيام الاحتفالات والأيام الثلاثة التى تسبقها وكذلك تلك التى تليها وتتبعها.

التحية الحارة (العافية):

ويرد في سفر الأعمال 19:15، 30:23 تعبير العافية والمعفاة مقترنة بالتحية وهو التعبير الذي لا نجد له نظير في العهد القديم كله سوى في سفر المكابيين الثاني.

 

ثانى عشر: القيمة العقائدية للسفر

يسود الاعتقاد بأن تدبير الله يشمل جميع الناس وجميع الأحداث وأما عدم نطق اسم الله فهو من قبيل الإجلال والقدسية على الاسم المقدس.

 

وفى سفر مكابيين الأول الثاني:

قيامة الأموات والدينونة.

الصلاة عن الراقدين.

الخلق.

الله الضابط الكل.

الشفاعة.

 

ثالث عشر: سفر المكابيين والعهد الجديد

هناك بعض المتشابهات بين سفر المكابيين ورسالة أفسس والعبرانيين وأشار القديس يوحنا إلى عيد التجديد (سفر الرؤيا ولوقا ومتى ومرقس).

 

رابع عشر: سفر المكابيين ونبوات دانيال

يحوي المكابيين تحقيق بعض النبوات الواردة في سفر دانيال ص11، دانيال 8، 9.

 

خامسا عشر: سفر المكابيين وسفر زكريا

تنبأ زكريا النبى والذي عاش في أواخر ق 6 ق. م عن مملكة الأسكندر الأكبر والتى انتهت بها مملكة فارس كما تنبأ عن الصراع فيما بين خلفائه ثم الثورة المكابية.

 

سادس عشر: بعض الاعتراضات على سفر مكابيين الأول ومناقشتها

1 يشير سفر مكابيين الأول إلى أن عصر الوحي قد انتهى، وأن الأسفار المقدسة التى في أيديهم هي المصدر الوحيد للتعزية في الحزن والضيق (9:12) فكيف يمكن النظر إلى الأسفار التى ظهرت بعد ذلك ومنها سفرى المكابيين أسفاراً مقدسة موحى بها من الله؟.

الرد:

تعنى أن كلمة الرب كانت عزيزة في تلك الأيام وليس دليلاً على توقف الوحى، بل هو شعور بمفارقة دور النبوءة وذلك بسبب خطايا الأمة.

2 أعتمد المؤرخ اليهودى يوسيفوس في تاريخه على سفر مكابيين الأول، غير أن اقتباسه من سفر مكابيين الأول يتوقف عند الإصحاح الرابع عشر مما يوحى بأن باقى سفر مكابيين الأول ليس أصيلاً فكيف ذلك؟.

الرد:

يرى بعض العلماء أن الوصف الموجود في كتاب يوسيفوس ” الآثار اليهودية ” لا يخلو تأثر بسفر مكابيين الأول لاسيما فيما يختص بالجزء الأخير من حكم سمعان ولذلك فليس هناك مبرر لإنكار الجزء الأخير من سفر مكابيين الأول.

3 لماذا لم يشر إلى اسم الله مطلقا في سفر مكابيين الأول وإنما أشير إليه بعبارات مثل إله السماء أو السماء.

الرد:

جاء ذلك على سبيل التقديس، وتنزيه أسم الله عن النطق به بشفاء تشعر بدنسها.

4 كاتب سفر مكابيين الأول بدا وكأنه يتساهل في السبت؟

الرد:

إن اليهود لم يتساهلوا في السبت، ولكنهم أصبحوا أكثر تفهماً لروح الشريعة، وأن السبت وضع لأجل الإنسان.

5 لا يوجد في سفر مكابيين الأول أية إشارة إلى الرجاء المسيانى، رغم كل ما ورد عنه في الأنبياء، بل ويرد في (47:2) ما يشير إلى الاعتقاد بأنه يوماً ما ستملك أسرة داود، فكيف يفسرَ ذلك؟

الرد:

رأى اليهود في شخص يهوذا المكابي ” مخلص إسرائيل ” مثلما كان القضاة والملوك قديماً.

6 لماذا لا توجد في سفر مكابيين الأول أية إشارة إلى الخلود وقيامة الأموات رغم إيمان اليهود بهما في ذلك الوقت.

الرد:

 لا يعنى هذا أن سفر مكابيين الأول غير مستوف لجوانبه القانونية، فإن روح سفر مكابيين الأول مشبعة بهذا الفكر كما أن الكثير من الأسفار الأخرى ليس بها إشارات صريحة للقيامة والخلود.

 

سابع عشر: مصادر سفر مكابيين الأول

يعد سفر مكابيين الأول وثيقة تاريخية بالغة الأهمية وسفر مكابيين الأول غنى بالمعلومات التاريخية.

والاستفسار بمصادر مكتوبة

1 الرسائل والوثائق الرسمية.

2 تاريخ السلوقيين.

3 سجل عن مسيرة يهوذا المكابي.

4 سجلات رؤساء الكهنة.

 

ثامن عشر: الصلاة في سفر مكابيين الأول

” فاجتمعوا وساروا إلى المصفاة قبالة أورشليم لأن المصفاه كانت من قبل هي موضع الصلاة لإسرائيل. ورفعوا أصواتهم الى السماء قائلين ما نصنع بهؤلاء وإلى أين ننطلق بهم. فان أقداسك قد ديست ودُنست وكهنتك في النحيب والمذلة. وها إن الأمم قد اجتمعوا علينا ليبيدونا وأنت عليم بما يأتمرون علينا. فكيف نستطيع الثبات أمامهم إن لم تكن أنت في نصرتنا ” (مكابيين الأول 50:3-52).

” فالآن لنصرخن الى السماء لعله يرحمنا ويتذكر عهد آبائنا ويكسر هذا الجيش أمامنا اليوم فتعلم كل الأمم إن لإسرائيل فادياً ومخلصاً ” (مكابيين الأول 10:4، 11).

يهوذا: ” فرأى جيشا قويا فصلى وقال مبارك أنت يا مخلص إسرائيل الذي حطم بطش الجبار على يد عبده داود وأسلم محلة الأجانب إلى يد يوناثان بن شاول وحامل سلاحه. فألق هذا الجيش في أيدى شعبك إسرائيل وليخزوا مع جنودهم وفرسانهم. أحلل عليهم الرعدة وأذب تجبر قوتهم وليضطربوا وينسحقوا. أسقطهم بسيف محبيك وليسبحك بالأناشيد جميع الذين يعرفون اسمك ” (مكابيين الأول 30:4-33).

” وسقطوا بوجوههم على الأرض ونفخوا في أبواق الإشارة وصرخوا إلى السماء ” (مكابيين الأول 40:4).

” وخرج في ثلاث فرق من ورائهم ونفخوا في الأبواق وصرخوا في الصلاة ” (مكابيين الأول 33:5)

” فدخل الكهنة ووقفوا أمام المذبح والهيكل وبكوا وقالوا إنك يا رب قد اخترت هذا البيت ليدعى فيه باسمك ويكون بيت صلاة وتضرع لشعبك. فانزل النقمة بهذا الرجل وجيشه وليسقطوا بالسيف واذكر تجاديفهم ولا تُبق عليهم ” (مكابيين الأول 36:7-38).

” وصلى يهوذا وقال انه لما جدف الذين كانوا مع ملك أشور خرج ملاكك يا رب وضرب مئة ألف وخمسة وثمانين ألفاً منهم. هكذا فاحطم هذا الجيش أمامنا اليوم فيعلم الباقون أنهم تكلموا على أقداسك سوءا واقض عليه بحسب خبثه ” (مكابيين الأول 40:7-42).

” فمزق يوناثان ثيابه وحثا التراب على رأسه وصلى ” (مكابيين الأول 71:11).

” فرق لهم سمعان وكف عن قتالهم وأخرجهم من المدينة وطهر البيوت التي كانت فيها أصنام ثم دخلها بالتسبيح والشكر ” (مكابيين الأول 47:13).

ودخلها في اليوم الثالث والعشرين من الشهر الثاني في السنة المئة والحادية والسبعين بالجمد والسيف والكفارات والصنوج والعيدان والتسابيح والأناشيد.

رأى سمعان أن يوحنا ابنه رجل بأس نجعله قائداً لجميع الجيوش.

 

تاسع عشر: العناصر الرئيسية لكل فصل من فصول سفر مكابيين الأول.

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

يمثل هذا الإصحاح حلقة جديدة في صراع المكابيين مع الحكام السلوقيين من جهة واليهود المرتدين عن الشريعة إلى المدينة الهيلنية من جهة أخرى، ولاسيما رئيس الكهنة والذي كان يليق به أن يضطلع بدور إيجابى وسط هذه الأحداث التى حولت تاريخ الأمة فإذ به يعمل ضدها ولصالح الأعداء ولكن وكما هو معروف فإن المتاعب الداخلية أصعب بكثير من الخارجية فإن من الصعب على العدو اختراق الصفوف متى كانت الأمة متماسكة لها فكر واحد وهدف واحد.

هم عناصر الفصل:

الفصل الثامن

الفصل التاسع

الفصل العاشر

الفصل الحادى عشر

الفصل الثاني عشر

الفصل الثالث عشر

الفصل الرابع عشر

الفصل الخامس عشر

 

الفصل السادس عشر

 

المراجع:

إقرأ أيضًا:

قانونية الأسفار القانونية الثانية

المقدمة والفهرس – الأسفار القانونية الثانية Arabic Deuterocanon

ما هي الأسفار القانونية الثانية؟ – الفصل الأول

نظرة البروتستانت للاسفار القانونية – الفصل الثاني

لماذا لا يؤمن البروتستانت بالأسفار القانونية الثانية؟ – الفصل الثالث

الرد على اعتراضات البروتستانت على الأسفار القانونية الثانية – الفصل الرابع

سفر طوبيا (طوبيت) – بحث شامل عن سفر طوبيا (طوبيت) وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر نبوة باروخ – بحث شامل عن سفر نبوة باروخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

المزمور 151 – بحث شامل عن المزمور 151 وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

صلاة منسى – بحث شامل عن صلاة منسى وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة سفر دانيال – بحث شامل عن تتمة سفر دانيال وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة استير – بحث شامل عن تتمة استير   وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة سفر دانيال – بحث شامل عن تتمة سفر دانيال وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

صلاة منسى – بحث شامل عن صلاة منسى وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

المزمور 151 – بحث شامل عن المزمور 151 وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر نبوة باروخ – بحث شامل عن سفر نبوة باروخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يشوع بن سيراخ – بحث شامل عن سفر يشوع بن سيراخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر حكمة سليمان – بحث شامل عن سفر حكمة سليمان وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

Exit mobile version