Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

 

 

أولاً من هي يهوديت

كلمة يهوديت كلمة عبرية تعنى (يهودية). استطاعت يهوديت كإستير أن تنقذ شعبها خلال شجاعتها التى ارتبطت بحياتها التقوية وطاعتها للوصية (6:8، 2:12). كانت أرملة لزوج أسمه منسى مات من ضربة شمس أثناء حصاد الشعير (يهو 2:8-3) وظلت ثلاث سنوات وستة أشهر أرملة لحين استخدمها الرب لخلاص شعبه. ومع أنها كانت جميلة المنظر لكنها كانت عفيفة حتى خاطرت بنفسها لنجاة شعبها وسط جيش الأشوريين.

لم تكن شجاعتها نوع من التهور بل كانت مخططة بارعة كانت حكيمة وتتحلى بالتواضع في الأقوال والأفعال. كانت تضع على حقويها مسح وتصوم جميع أيام حياتها ماعدا الأعياد.

 

غيرة يهوديت التقوية:

 

ثانياً: كاتب سفر يهوديت

كاتب هذا سفر يهوديت مجهول. غير أن البعض ينسب كتابته إلى (يواكيم) الحبر الأعظم

 

ثالثاً: زمن كتابة سفر يهوديت

كُتب هذا سفر يهوديت في القرن 2 ق. م.

 

رابعاً: لغة سفر يهوديت

قد كُتب سفر يهوديت أولاً باللغة العبرية ولكن الأصل العبري مفقود الآن. أما نصه باللغة اليونانية

 

خامساً: الأحداث التاريخية لسفر يهوديت

يروى الأحداث التى دارت بعد هزيمة سنحاريب ملك أشور في أيام حزقيا ملك يهوذا (2أي 32) حيث عاد منهزماً إلى نينوى فقتله ابناه، وخلفه في الحكم ابنه اسرحدون الذي أغار على بلاد كثيرة منها بلاد مادى انتقاماً من أرفكشاد ملكهم الذي كان اليهود يحبونه، السبى الذي أشير إليه في هذا سفر يهوديت هو ما حدث في أيام منسى (2أي 11:33).

 

سادساً: مفتاح سفر يهوديت

لا تصنع شيئاً غير الصلاة عنى إلى الرب إلهنا 33:8

 

سابعاً: غاية سفر يهوديت

الله واهب الحكمة.

 

ثامناً: أقسام هذا سفر يهوديت

تقسيم أول:

الشعب المتضايق ص1-7

الله واهب النصرة ص8-15

تسبحة النصرة ص16

* يروى لنا غلبة ملك أشور على أرفكشاد ملك المديانيين فاستسلمت الممالك المحيطة له وصار الكل عبداً له، وإذ لم يرسل الملك اليهودى مستسلماً، سأل ملك أشور القائد العمونى عن هذا الشعب الذي لم يستسلم فأجاب أنهم لن ينهزموا إلا إذا اثموا ضد إلههم.

* ارتجف الشعب، وذهب إلى عزريا فسألهم أن لا يستسلموا أما يهوديت فوبخت عزيا على أجابته وطلبت ألا نحدد عمل الله بزمن واثقين أنه يخلص حتماً!

* إن كانت يهوديت ابنة الصلاة لا تعرف في كل موقف غير الالتجاء لله واهب النصرة لمؤمنيه، فإنها إذ غلبت لم تسقط في الكبرياء بل انطلق لسانها بالتسبيح والحمد لله.

* كثيراً ما نتذكر الله وسط الشدة، لكننا ننساه عند الفرح!

تهتز الجبال من أساسها مع المياه والصخور كالشمع تذوب أمام وجهك (18:16)

 

 

1 ملك أشور يهزم ملك مديان 1

1 غيرة يهوديت التقوية 8

 

2 قائد أشور يرعب الأرض 2

2 صلاة يهوديت 9

 

3 استسلام الأمم وقبولهم العبودية 3

3 لقاؤها مع قائد أشور 11، 10

 

4 إسرائيل يتذلل أمام الله 4

4 يهوديت تسأله الدخول والخروج 3 أيام تتعبد لله (رمز القيامة) ولقاؤها معه وإعجابه الشديد بها… حملت قوة القيامة الغالية 12

 

5 مشورة أحيور العمونى لقائد أشور 5

5 يهوديت تقطع رأسه (رمز الشيطان) وترجع إلى بيتها (الفردوس) 13

 

6 تسليم أحيور لبنى إسرائيل لكي يُقتل بعد قتل الإسرائيليين 6

6 تهوّد أحيور العمونى ممجداً الله الذي يخلص أولاده، ووضع رأس القائد الأشورى على السور 14

 

7 حصار المدينة وتجفيف الينابيع 7

7 هروب الأشوريين في ضعف وتمتع المؤمنين بالغنيمة 15

 

 

تقسيم ثانى:

هذا سفر يهوديت يتكون من 16 إصحاحاً تحوى 345 آية

فالإصحاح الأول يتكلم عن:

  1. انكسار أرفكشاد ملك الماديين بواسطة نبوخذ نصر ملك آشور 1:1-9
  2. وإرسال نبوخذ نصر رسلاً لإخضاع جميع سكان كيليكية ودمشق ولبنان والسامرة حتى حدود الحبشة 7:1، 10، 11
  3. ولما طردوا رسله وأهانوهم ثار وقرر إخضاعهم بالقوة 12:1

والإصحاح الثاني يتكلم عن:

  1. تدبير نبوخذ نصر للحرب وقيادة أليفانا جيشه 1:2-6
  2. ثم تدبير أليفانا للجيش المقاتل: بشراً وعتاداً ومؤونة 7:2-11
  3. ثم ارتحال الجيش وفتح ملوطة وترشيش وبنى اسمعيل وعبور الفرات حتى بنى مدين وصحاري دمشق 8:2-19

والإصحاح الثالث يتكلم عن: استقبال ملوك سورية لأليفانا ومصالحته، وإقامته بينهم شهراً يجهز قواته 1:3-15

والإصحاح الرابع يتكلم عن: أثر رؤية شعب الله لجيش أشور وسماعهم عن قوتهم 1:4-6

والإصحاح الخامس: يحوي محادثة بين أليفانا وأحيور قائد بنى عمون وشهادته للرب كمدافع عن شعبه، وغضب أليفانا وجميع عظماءه على أحيور حتى كادوا يقتلونه 1:5-25

والإصحاح السادس يتكلم عن:

  1. عذاب أحيور الذي ناله على يد أليفانا 1:6-9
  2. ثم إنقاذ بنى إسرائيل لأحيور وأحياؤه، وإكرامه 10:6، 16، 19، 20
  3. ثم أثر كلام أحيور مع أليفانا على شعب الله: بكاء وعويل وصلاة 12:6-14، 15

والإصحاح السابع يتكلم عن:

  1. خوف بنى إسرائيل 1:7-5
  2. وقطع مياه القناة والعيون الساقية لمدينة شعب الله بواسطة أليفانا وجنوده 6:7-10
  3. الذي على أثرها اقتنع عزبا وكبرى وكرمى بكلام يهوديت 28:8، 29، 34
  4. ثم طلبت يهوديت الصلاة منهم عنها، وعدم إعلانها خطتها لخلاص الشعب 30:8-33

والإصحاح التاسع:يحوي صلاة يهوديت الأولى 1:9-19

والإصحاح العاشر يتكلم عن:

  1. بدء تدبير يهوديت للخلاص بالزينة واللباس البهى وإعداد مؤونة لها ولوصيفتها من خمر وزيت ودقيق وتين جاف وخبز وجبن 1:10-5
  2. ثم إنطلاقها أمام شعب بنى إسرائيل، ومباركتهم لها 6:10-9
  3. حيث قبض طلائع الأشوريين على يهوديت ووصيفتها وأجروا تحقيقاً معها ثم قادوها إلى أليفانا 10:10-16
  4. حيث ينتهي بلقاء يهوديت وأليفانا 17:10-20

والإصحاح الحادى عشر يتكلم عن:

  1. كلام يهوديت مع أليفانا وقولها الصلاح بلا رياء  1:11-17
  2. الذي انتهى باقتناع أليفانا ومباركته لها 18:11-21

والإصحاح الثاني عشر يتكلم عن:

  1. إدخال يهوديت إلى خزانة أو خيمة أليفانا 1:12-4
  2. ثم طلبها والترخيص لها بالصلاة خارج الخيمة ليلاً 5:12-9
  3. ثم محاولة أليفانا إقناع يهوديت بمعاشرته جنسياً عن طريق عبد له 10:12-12
  4. وتظاهر يهوديت بالموافقة، والطاعة 13:12-15
  5. حتى انتهت باشتعال شهوة أليفانا بها، ومشربه الخمر حتى السكر بينما هي لم تأكل إلا الطعام الذي أعدته لها وصيفتها 16:12-20

والإصحاح الثالث عشر يحوي:

  1. نوم أليفانا بعد انصراف العبيد 1:13-4
  2. ثم تنفيذ تدبير يهوديت للخلاص: مراقبة الوصيفة للخيمة والصلاة، وذبح أليفانا وأخذ رأسه وعباءة سريره، وهروبها ووصيفتها ورجوعهما للشعب 5:13-12
  3. حيث أعلنت يهوديت للشعب عمل الله 13:13-21
  4. الذي أعقبه سجود الشعب كله للرب، ومباركة يهوديت 22:13-26
  5. وإعلان النبأ لأحيور وإيمانه 21:13-31

والإصحاح الرابع عشر يتكلم عن:

  1. تعليق رأس أليفانا واستكمال خطة الخلاص 1:14-7
  2. ثم اكتشاف جيش الأشوريين مقتل رئيسهم 8:14-18

والإصحاح الخامس عشر يتحدث عن:

  1. أثر اكتشاف الهزيمة في جيش أشور 1:15-8
  2. ثم زيارة الياقيم الكاهن مع شيوخ أورشليم ليهوديت وأعطائهم البركة لها 9:15-12
  3.  ثم الحديث عن جمع الغنيمة في 30 يوم، ومنح غنيمة ليهوديت وفرح الشعب كله 13:15-15

أما الإصحاح السادس عشر وهو الأخير فيتحدث عن:

  1. صلاة يهوديت الثالثة 1:16-21
  2. والعيد والتعييد للنصرة 22:16-27
  3. ويختم بموت يهوديت ودفنها 28:16، 29
  4. وبقاء هذا اليوم تذكار دائم كل سنة للنصرة 30:16، 31

وبناء على هذا السرد التفصيلى لإصحاحات سفر يهوديت يمكن للدارس أن يجد أقسامه كما يلي:

  1. أضداد شعب الله وتدابيرهم. وتشمل إصحاحات 1، 2، 3
  2. شعب الله في مواجهة الضيقة. وتشمل إصحاحات 5، 6، 7
  3. يهوديت الأرملة وتشمل إصحاحات 8، 9
  4. تدبير يهوديت للخلاص وتشمل إصحاحات 10، 11، 12، 13
  5. نهاية أضداد الله. ونصرة شعب الله وتشمل إصحاحات 14، 15، 16

 

تاسعاً: شخصيات سفر يهوديت: يمكن لقاء ثلاث نوعيات من الشخصيات في هذا سفر يهوديت.

  1. نبوخذ نصر ملك آشور 5:17، 11:14

  2. أليفانا قائد جيش آشور 4:2، 7

  3. بوغا خصى أليفانا وعبده 10:12، 11:14، 16:13

  4. رجال حرب آشور 120 ألفاً 2:7

  5. فرسان آشور 22 ألفاً 2:7

  1. أرفكشاد ملك الماديين 1:1
  2. أحيور قائد جميع بنى عمون 5:5، 27:13-31، 6:14
  1. ألياقيم كاهن الرب العظيم 5:4، 11، 9:15، 10
  2. عزيا ابن ميخا رئيس شعب إسرائيل 11:6
  3. كرمى (عتنئيل) أمير في بنى إسرائيل 11:6
  4. يهوديت الأرملة 1:8، 28:16
  5. وصيفة يهوديت الجارية 5:1، 11:13، 28:16 2:10، 32:8

 

عاشراً: ملخص سفر يهوديت

ويتكون هذا سفر يهوديت من ستة عشر إصحاحات نلخصهما فيما يلي:

1 تسلط (ارفكشاد) ملك المادين على أمم كثيرة. وبنى مدينة منيعة جداً سمّاها (أحمتا) ولكن الملك (نبوخذ نصر) ملك أشور (نينوى) حارب أرفكشاد وغلبه. وسمت نفس نبوخذ نصروأراد إخضاع الأقاليم الأخرى المتاخمة. وأرسل إليها رسائل فرفضوا طلبه وأهانوا رسله.

2 وقرر نبوخذ نصرالانتقام. فكلف (أليفانا) قائد جيشه بالزحف على كل ممالك الغرب وإخضاعها. وبالفعل قاد أليفانا مائة وعشرين ألف مقاتل واثنى عشر ألف فارس وغزا مدناً كثيرة حتى ارتعب كل سكان الأرض.

3 حينئذ عرض عليه ملوك ورؤساء بلاد سورية بين النهرين وسورية صوبال (= سورية هي آرام. راجع 2صم6:10، 1 أخ 6:19) ولوبية (= التى هي ليبيا. راجع دا 43:11) وقيليقية (= وتسمّى قوية أو جليبة أو كيليكية. راجع 1مل 28:10، 2أخ 16:1، 1مكا 14:11، أع 39:21) أن يدينوا له ويُستعبدوا هم وكل ما لهم ويستحييهم. فنزل إليهم واستولى على بلادهم وخرّبها وأخذ من أهل تلك البلاد ذوى بأس يساعدونه في الحروب.

4 فلما عسكر بجيوشه على حدود إسرائيل، ارتعد سكان يهوذا والسامرة وسّوروا البلاد وضبطوا مراقى الجبال والمضايق وتذلل الكهنة والشعب بالصلاة والصوم ولبس المسوح وتقريب الذبائح.

5 ولما علم أليفانا رئيس الجيش باستعدادات الإسرائيليين وعدم خروجهم لاستقبال جيشه بالسلم جمع مجلساً للتشاور. فأخبره (أحيور) قائد بنى عمون أن سكان الأرض يستجدون للإله الواحد الذي طالما أعانهم ضد المصريين وسكان كنعان حتى أنهم طردوا أهل الأرض منها وتملكوا في أورشليم حيث أقداسهم. وأضاف أنه لا يمكن إخضاع بنى إسرائيل إلا أذا أثموا وتركوا الله فيتركهم.

6 فغضب أليفانا ظاناً أن أحيور مُفروض لليهود. وأمر أن يُساق الرجل إلى (بيت فلوى) ويُسلّم إلى بنى إسرائيل وينضم إلى شعبهم، حتى إذا أهلكت سيوف الأشوريين اليهود هلك أحيور معهم وعرف ببكاء أن لا إله إلا نبوخذ نصر. فلما وجده اليهود حلّوه من وثقه وسمعوا منه قصته وسجدوا للرب ببكاء وصوم ورحّبوا بأحيور. وأخذه (عّزيا بن ميخا) أمير الأرض إلى بيته وصنع له عشاء.

7 وفى اليوم الثاني تأهب أليفانا للقتال وحاصر بيت فلوى وأمر بقطع القناة الواصلة إليها. وأقام أرصاداً على باقى العيون التى كان يستقى منها أهل المدينة. واستمروا كذلك عشرين يوماً حتى جفت مياه الآبار وكان الماء شحيحاً ويُعطى كل يوم الناس بمقدار. وصرخ الشعب وطلبوا من عزيا أن يسلّم المدينة. وكلّوا من الصراخ والبكاء. فطّيب عزيا قلوبهم وطلب إليهم أن يصوموا مواظبين على الصلاة خمسة أيام طالبين معونة الله.

8 فلما علمت (يهوديت) بذلك وقد كانت أرملة جميلة زوجة لمنسّى الذي كان من الأشراف، وهي امرأة تقية غنية جدّا تعيش في علية بمنزلها وكانت تلبس المسوح وتصوم كل الأيام ماعدا السبوت ورؤوس الشهور والأعياد… لما علمت أن عزيا ينوى أن يسلم المدينة بعد خمسة أيام، استدعت الشيخين (كبرى) و(كرمى) ولامتهما وباقى المدينة على عدم إيمانهم بالرب وعلى تجربتهم إياه. واستأذنتهم أن تخرج إلى معسكر الأعداء وأن لا يبرحوا مصلّين لأجلهما لينجح الرب طريقها.

9 ولما تركتهم، دخلت حجرتها التى تتعبد فيها ولبست مسحاً وتذللت وخرّت صارخة للرب أن يعينها ويثّبت مشورة قلبها.

10 وقامت بعد ذلك وغّيرت ملابس ترملها وتعطّرت وليست تاجاً واحتذت بحذاء وتزينت بكل زينتها… وخرجت مع وصيفتها ومعها بعض زاد من خمر وزيت ودقيق وتين وخبز وجبن. وتجاوزت باب المدينة وهي تصلى. ثم نزلت من الجبل عند انتهاء الليل. ولما وجدها جند أشور تظاهرت أنها هربت من العبرانيين لما أيقنت أنهم سيكونوا غنيمة لأشور وأنها سوف تخبر أليفانا كيف يظفر في حربه دون أن يفقد جندياً واحداً من جيشه. فلما رأوا جمالها أدخلوها خيمة أليفانا فسّر بها وخرّت ساجدةً له

11 وأخبرت أليفانا أن العبرانيين قد أهانوا إلههم فأذلهم حتى حُسبوا من عداد الموتى بسبب الجوع والعطش. وبما أنها علمت أن الرب سيسلمهم للهلاك فقد هربت إلى معسكر الأشوريين ناوية أن تستمر في عبادتها حتى يقول لها الله متى يرد خطيئتهم. وحينئذ تجىء وتخبر أليفانا لتأخذه معها إلى وسط أورشليم ويكون الشعب كله له كالغنم التى لا راعى لها.

12 فأدخلها عبيد أليفانا كأمره خيمة خزائنه. واستأذنت أن تأكل مما أحضرته معها وأن يُرَّخص لها أن تخرج كل ليلة قبل الفجر إلى خارج المحلة لتصلّى إلى الرب فأذن لها بذلك. وبعد أربعة أيام صنع أليفانا عشاء لأركان حربه وأمر بإحضار يهوديت أمامه. فتزينت ودخلت عليه. وشرب أليفانا من الخمر أكثر من مرة.

13 فلما انتهت الوليمة وأنفض المدعوون أغلق الخادم أبواب المخدع ومضى. وكانت يهوديت وحدها معه في المخدع، وأليفانا نائم من كثرة السكر. فصلّت يهوديت طالبة تأييد الرب واستلّت خنجر أليفانا وضربت به عنقه مرتين وأعطت رأسه لوصيفتها التى كانت تنتظرها خارجاً واضعة إياه في الخرج (= المزود) وخرجتا كأنهما ماضيتين للصلاة واجتازتا المعسكر حتى وصلتا لباب المدينة. وعندئذ نادت أن يفتحوا لها الباب ففتحوا وبادروا كلهم إليها.

فوقفت يهوديت على أعلى موضع وحدثتهم كيف خلصهم الله من يد أليفانا وكل الكفار. وأخرجت رأس أليفانا من المزود وأرتهم إياه. فباركوا الله ومجدّوه وسجدوا للأرض. وقال لها عزيا رئيس الشعب ” مباركة أنت يا بنية من الرب الإله العلى فوق جميع نساء الأرض ” (23:13). أما أحيور فلما رأى رأس أليفانا، ارتاع جداً مبهوراً مما رأى ومعجباً ببسالتها وقال ” مباركة أنت من إلهك في كل خيام يعقوب وفى كل أمة يسمع فيها باسمك يعظم لأجلك إله إسرائيل ” (31:13).

14 وآمن أحيور بإله إسرائيل وختن له لحم غرته. وقبل طلوع النهار، علقوا رأس أليفانا على الأسوار. وتقلد الكل أسلحتهم بصخب وصراخ. فلما تنبه الجواسيس وقواد جيش أليفانا، توجهوا إلى خيمته وإلى خيمة يهوديت لإيقاظه فلم يجدوها. فلما لم يشعر خادمه (بوغا) بأى حركة في الخيمة أقترب من المخدع. فوجد جثة أليفانا بغير رأس غارقة في دمها. فولول الأشوريون وارتاعوا ومزقوا ثيابهم وعلموا بخديعة يهوديت.

15 ولما سمع الجيش أن أليفانا قد قُطع رأسه طارت عقولهم ومشورتهم ولم يعودوا يبالون إلا بالخوف والرعب فاستنجدوا بالهزيمة (يهو 1:15) وهربوا وتبددوا وبنو إسرائيل ورائهم يطاردونهم ويهلكونهم بحد السيف ويغتنمون ما تركوه وكان كثيراً جداً. وأتى يواقيم الكاهن العظيم من أورشليم مع شيوخه إلى بيت فلوى وباركوا يهوديت وقالوا لها ” أنت مجد أورشليم وفرح إسرائيل وفخر شعبنا. فإنك قد صنعت ببأس وثبت قلبك فأحييت العفاف ولم تعرفى رجلاً بعد رجلك، فلهذا أيدتك يد الرب فكونى مباركة إلى الأبد ” (10:15-11) وقدموا ليهوديت كل ما تركه أليفانا من مخصصات وفرح الجميع مع النساء والعذارى والشبان بالأعواد والقياثير.

16 وترنمت يهوديت بنشيد مديح للرب. وجاء كل الشعب إلى أورشليم. وتطهروا وسجدوا للرب. وقدموا محرقاتهم ونذورهم. وقدمت يهوديت كل أدوات حرب أليفانا وخيمة سريره فرآها الشعب وفرحوا وعيدوا ثلاثة أشهر ثم عادوا لبيوتهم. وبقيت يهوديت لم تعرف رجلاً كل أيام حياتها التى امتدت إلى مائة وخمسة سنين.

 

حادى عشر: القيمة اللاهوتية لسفر يهوديت

يصور سفر يهوديت الجهاد المستمر للنفس في العالم، وتربص الشيطان المخيف المرعب لها، هو وجنوده الكثيرة، أنه رابض أمامها في إنتظار اللحظة المناسبة للانقضاض عليها وسحقها (أر 6:5) ولكن النفس المجاهدة، تتسلح بالصلاة وتلجأ إلى كل الوسائل المتاحة والنتيجة أن يهلك الشيطان بشره في حين تنجو النفس.

وبعد أن أنتظر الشيطان طويلاً فاغراً فاه لابتلاعها، فإذا به هو يصبح فريسة وتنزعج قواته ويفروا مهذومين (سحق أعدائنا بيدى في هذه الليلة يهو 15:13) ومن ثم يعظم الرب وحده وله يقدم كل التسبيح، كما يظهر سفر يهوديت عمل الله العجيب مع شعبه، والخلاص الذي أتمه.

 

صفات الله المذكورة في سفر يهوديت

على العكس من سفر إستير، فإن سفر يهوديت مغموس في اسم الله، ومرادفات ذلك الاسم المبارك وصفاته، حيث يظهر الله في سفر يهوديت على النحو التالى:

  1. الرب هو اسمك (8:9).
  2. سرمدى: أنت صنعت أحداث الماضى والحاضر والمستقبل (5:9)
  3. السيد المطلق ” ما قدرته كان وما أردته كان فقال هانذا ” (5:9، 6، 14:16)
  4. نصير الضعفاء والمظلومين ” إله الرضعاء ومغيث الصغار، نصير الضعفاء، حامى المهملين، مخلص اليائسين ” (11:9).
  5. الخالق ” رب السموات والأرض وخالق المياه ولك خليقتك كلها ” (12:9)، ” خلق السموات والأرض ” (2:16).
  6. قوى ” إله كل قدرة وكل قوة ” (14:9)، ” إله كل قوة ” (4:13)، ” عظيم أنت وممجد عجيب في القوة ” (13:16)، ” لا يقوى عليك أحد ” (12:16)، ” ليس من يقاوم صوتك ” (14:16)، راجع أيضاً 15:16.
  7. يدافع عن شعبه ” الرب الإله يمحق الحروب ” (2:16)، ” المحطم الحروب ” (7:9) ” حامى إسرائيل ليس لنسل إسرائيل حام سواك ” (14:9).
  8. ديان ” ينتقم….. في يوم الدينونة (…..) يجعل النار والدود في لحومهم فيبكون ألماً للأبد ” (17:16).
  9. معبود ” إياك تعبد الخليقة بأسرها ” (14:16).

 

قيمة إيمانية أخرى.

في سفر يهوديت تعليم عن الحياة الابدية، مثله في ذلك مثل سفر طوبيا ” ويظهر هذا التأثير الاسخاطولوجى في (17:16) حيث يشير سفر يهوديت إلى المصير الأبدى الذي ينتظر الأشرار، وهو نفس المصير الذي أشار إليه السيد المسيح في العهد الجديد، ومن حيث النار التى لا تطفأ والدود الذي لا يموت، والخلود في العذاب (راجع أيضاً أش 24:66)

وعلى الرغم من أن سفر يهوديت يخلو من المعجزات في صورتها التقليدية، وإنما يركز على التعليم بأن الحكمة والخير ينتج عنها البر، بينما تتسبب الخطية في الشر والهلاك. وتبرز في سفر يهوديت أيضاً قيمة الشفاعة، حين يطلب الشعب من الله أن ينقذهم ناظراً إلى وجود قديسيه (أنظر في هذا اليوم إلى وجه المقدسين لك 19:6) وكذلك حين يطلب الشعب من يهوديت الصلاة لأجلهم بمن فيهم شيوخ الشعب قائلين لها (والآن فصلى لأجلنا امرأة نقية 31:9) كما أن يهوديت وبصفة عامة قد عملت كشفيعة عن الشعب عموماً لدى الله.

وأخيراً فهو سفر مسيانى السمة، يركز بصورة خفية غير واضحة على تفوق إله إسرائيل على آلهة الأمم الأخرى وعمله الخلاصى مع شعبه على مر التاريخ (راجع خطاب أحيور العمونى ص5) واحتجاج نبوخذ نصر على اعتبار إله إسرائيل إلهاً قوياً… (ص6)

 

ثانى عشر: القيمة الليتورجية لسفر يهوديت

تظهر يهوديت في سفر يهوديت كمثال للورع اليهودى، كما تمثل الولاء والطاعة للناموس، فهى تستمد قوتها وشجاعتها في مواجهة العدو من أمانتها في العلاقة بالله، ولذلك فهى تستعد للمعركة بالاختلاء مصلية وهي صائمة.

يهوديت كذلك تعطى مثالاً حياً لما يجب أن يكون عليه الخادم، فهى مثال للتكريس، فالعفة في ترملها تعتبر علامة مميزة لها، فقد نحت جمالها وغناها وشبابها جانباً، وانقطعت للعبادة في علية بيتها، فيما يشبه القلاية، غير أنها تركت وحدتها عندما دعتها للضرورة إلى ذلك، حيث تعرض شعبها للخطر، وهي بذلك تعطى تأكيداً على أن الراهب والمتوحد، هو شخص عضو في جسد المسيح الذي هو الكنيسة، مثلما ترك الأنبا أنطونيوس مغارته، ليشترك مع الكنيسة في محاربة الأريوسية.

وقد حافظت يهوديت على وصايا الناموس من حيث مراعاتها للسبوت والأعياد، متحفظة تجاه ما يتعلق بالطعام الطاهر غير النجس، متشددة في ذلك حتى في الوقت الذي يمكن فيه تجاوز القانون (وجودها في معسكر الأعداء) كذلك محافظتها على الصلاة في مواعيدها والاغتسال للصلاة كما يقضى التقليد.

وقد سجل التلمود اليهودى عن القديسين أمثال يهوديت، قائلاً: ” النسل المثقف بالتوراة، الواحد القدوس، سر أن يأخذهم تحت أجنحة الشاكيناه “.

ويرد في صلاة يهوديت إلى الله ” إنك إله الرضعاء ومغيث الصغار ونصير الضعفاء وحامى المهملين ومخلص البائسين ” (11:9) والحقيقة أن هذه الآية هي نفس مضمون أوشية المرضى، ونصلى نحن بذات الشعور ولنا نفس الرجاء في الله الذي ينظر إلى ضعفنا ويعين مسكنتنا.

ويهوديت تعبر عن فرحتها بالرب ونصرتها فيه، عن طريق التسبيح والإنشاد حيث تنسب النصرة لله، لقد انتصر الرب لها… ووضع النصرة في رصيدها، شأنها في ذلك شأن جميع رجال الله في تعبيرهم عن النصرة.

كما يظهر سفر يهوديت، اليهود وقد اتسع أفقهم اللاهوتى وخرجوا قليلاً عن (الجيتو) فعلى الرغم من أن سفر يهوديت مصطبغ بصفة وطنية، حيث يظهر فيه الله كإله وطنى، بينما تظهر فيه الوثنية كخطية قومية، إلا أن الباب قد فتح أمام الأمم، متمثلاً ذلك في قبول أحيور الدخيل العمونى إلى اليهودية (تهوده) في جو من الترحاب والبهجة، وعلى الرغم من أن ذلك كان أيضاً بطريقة استثنائية بسبب إيمانه الشديد بيهوه، كما هو الحال بالنسبة لراعوث، وكان القانون اليهودى يمنع دخول الدخلاء إلى جماعة الرب إلا في الجيل العاشر خوفاً من التأثير الوثنى لهم على اليهود.

ويركز سفر يهوديت على العبادة الجماعية، فالخطيئة هنا هي خطيئة قومية، فيها هلاك الكل ومن هنا فإن توبتهم وبرهم سيكون سبباً في خلاصهم راجع (يهو20:5، 21) ويظهر الشعب من ثم في ثوب رائع من الورع متمثلاً في الصلوات الكثيرة المقرونة بالصوم والمسوح والدموع، لاستدرار مراحم الله:

” وصرخ جميع رجال إسرائيل إلى الرب صراخاً حاراً جداً… وذللوا أنفسهم تذليلاً شديداً… وسجدوا أمام الهيكل وعفروا رؤوسهم بالرماد وبسطوا مسوحهم أمام الرب… فسمع الرب أصواتهم ونظر إلى شدتهم ” (13:9).

وهكذا تظهر بوضوح المساحة الكبيرة في سفر يهوديت للنسك، حيث يرد كثيراً، دموعهم وانطراحهم على الأرض وتغطية المذبح بالمسوح، وتطلب يهوديت من الشعب أن يلتمس الغفران من الله بدموع، ويستدر مراحم الله.

 

الصلاة:

ويركز سفر يهوديت على الصلاة كسبيل، ووسيلة للتخلص من ضيقاتنا… وطرح متاعبنا عند قدمى الله، بينما نسكب ذواتنا أمامه.

والآية السابقة تشير إلى عادة خروجهما للصلاة في الأيام السابقة (10:13)

 

التسبيح:

التسبيح في سفر يهوديت هو التعبير الروحى والترجمة اللائقة في سفر يهوديت، للفرح بالرب، والاحتفال بالنصر، إن الاحتفالات هنا هي روحية أيضاً… الأغانى روحية… والتحدث هو بأعمال الله فيهم… هذا ويحتل التسبيح مساحة كبيرة من النص في سفر يهوديت على هذا النحو التالى:

هذا ويعد التسبيح أرقى أشكال الصلاة، إذ يصلى الإنسان بما لله، فينسب إليه كل مجد وكل بركة وكل خير ويمتدح كل صفة من صفاته.

 

العفة:

امتدح سفر يهوديت كثيراً عفة يهوديت، وأقام وزناً كبيراً لحياة الطهارة، فقد أشاد شيوخ اليهود بطهارة يهوديت، ويرد في سفر يهوديت أنه رغم شهرتها قبل الخلاص من جيش الأشوريين وهي تزال في عليتها، وبعد النصر تزايدت شهرتها وكرامتها، ورغب كثيرين في التزوج منها ولكنها آثرت حياة العفة منذ وفاة زوجها منسى (راجع 21:16، 22).

 

الصوم:

ورد في سفر يهوديت أن يهوديت كانت تصوم جميع أيام ترملها ما خلا أيام السبوت والأعياد والاحتفالات (يهو6:8) شأنها في ذلك شأن الكثير من النساك الذين عرفناهم في تراث الآباء بالبرية، على الرغم من أن الناموس يحدد أوقاتاً معينة للصوم في السنة.

كما أن الصوم هنا لم يكن انقطاع عن الطعام فقط ولكنه شمل أيضاً الامتناع عن بعض الأطعمة (5:10)، (1:12-2، 19). كما صام الشعب نفسه ليستدروا مراحم الله (13:4) بل أن الصوم وكما هو الحال في نينوى قد شمل النساء والأولاد والعبيد والإماء والبهائم والطيور (9:4)

 

ثالث عشر: التعاليم في سفر يهوديت

  1. حدثت حوادث قصة يهوديت أثناء اعتقال منسى الملك في بابل وأثناء ابنه أمنون ملك يهوذا (639-609 ق. م).
  2. استهان نبوخذ نصروأليفانا ببنى إسرائيل وقالوا عنهم أنهم ” قوم لا سلام لهم ولا قوة ولا لهم خبرة في أمر الحرب ” (27:5) ونسوا أن قوتهم ليست من ذواتهم ولكن من مساعدة ومعونة الرب لهم ” لأنها ليست قوتك بالكثرة يا رب ولا مرضاتك بقدرة الخيل ” (16:9).
  3. أن الخاطئ والفاتر والمستبيح وصغير النفس واليائس يحتاج إلى من يشد أزره ويبصره. وهكذا فعلت يهوديت لما وجدت شيوخ ورؤساء إسرائيل خائرين يائسين فقالت لهم مشجعة ” من أنتم حتى تجربوا الرب….. فأنكم قد ضربتم أجلاً خمسة أيام لرحمة الرب وعينتم له يوماً كما شئتم… لذلك فلنذلل له أنفسنا ونعبده بروح متواضع… فنترجى بالتواضع تعزيته وهو ينتقم لدمنا… جميع الذين رضى الله منهم جازوا في شدائد كثيرة وبقوا على أمانتهم… وأما نحن الآن فلا نجزع لما نقاسيه. بل لنحسب أن هذه العقوبات هي دون خطايانا ونعتقد أن ضربات الرب التى نؤدب بها كالعبيد إنما هي للإصلاح لا للإهلاك. فقال لها عزيا والشيوخ جميع مقالك حق ولا عيب في كلماتك… اذهبى بسلام وليكن الرب معك في الانتقام من أعدائنا. ” (11:8-34).
  4. رغم جمال يهوديت الباهر وفتنتها وغناها، لكنها استمرت على عفافها ” وكانت لها شهرة بين جميع الناس من أجل أنها كانت تتقى الرب جداً ولم يكن أحد يقول عليها كلمة سوء ” (8:8).
  5. أن جمال يهوديت وتقواها وشجاعتها وحكمتها لم يشهد بها فقط المقربون إليها من شعبها، بل شهد بذلك أيضاً أعداؤها، حتى تعجب أليفانا وعبيده وقالوا ” ليس مثل هذه المرأة على الأرض في المنظر والجمال والحكمة في الكلام ” (19:11)
  6. لقد تمسكت يهوديت بكمالها وبعهدها مع الله رغم أنها وضعت نفسها في وسط خيام الأشرار. ولما أمر أليفانا القائد العظيم ” أن تمكث هناك وأوصى بما يعطى لها على مائدته. فأجابته يهوديت وقالت أنى لا أستطيع أكل مما أمرت أن يعطى لى لئلا تكون على خطيئة ولكنى آكل مما أتيت به ” (1:12-2) ولما أدخلها عبيده الخيمة التى أمر بها ” سألت أن يرخص لها أن تخرج في الليل قبل الصباح لتصلى وتتضرع إلى الرب ” (5:12)

 

رابع عشر: قانونية سفر يهوديت

الشهادة الأولى: الترجمة السبعينية

هذا وقد وجد سفر يهوديت مكاناً له في الترجمة السبعينية التى أصبحت تمثل العهد القديم بالنسبة للمسيحيين. ” إن كان سفر يهوديت قد وُجد في الترجمة السبعينية دون العبرية، لكن بعض الدارسين يرون أن لسفر يهوديت أصل سامي، ربما عبري.

 

الشهادة الثانية: شهادة الترجمات والمخطوطات

  1. ترجمة سيماخوس وتادوسيون
  2. ترجمة الفولجاتا اللاتينية:
  3. وضمن المخطوطات السينائية، والفاتيكانية، والأسكندرانية المرموز لها بالرموز (Rs. Rv. Rc).
  4. مخطوطات قمران.

 

الشهادة الثالثة: شهادة اليهود.

على الرغم من خلو قائمة الكتاب المقدس العبرية من سفر يهوديت، إلا أنه كان مستخدماً في العبادة اليهودية الجماعية، مثلما كان يحدث في احتفال الحانوكا Hanukka وهو عيد التجديد المذكور في (يو 10) أى أنه كان معروفاً في الأوساط الشعبية، حيث يظهر كذلك في المدراش اليهودى، ويشير القديس كليمندس الرومانى إلى سفر يهوديت في رسالته إلى أهل كورنثوس بأعتباره معروفاً.

ويحتج اليهود على سفر يهوديت، بسبب أنه لم يكن موجوداً في عصر عزرا الكاتب، وكذلك لأن يوسيفوس المؤرخ اليهودى لم يورده في قائمة الأسفار التى ذكرها، ولكن يجب الأنتباه هنا إلى أن بعض الأسفار القديمة لم يعثر عليها عزرا عندما جمع الأسفار المقدسة، ربما بسبب الشتات، كما أن البعض الآخر لم يكن قد كتب بعد مثل سفر يشوع بن سيراخ وسفرى المكابين، وأما يوسينوس فقد أشار إلى أن بعض الأسفار (مثل يهوديت) كان موقراً عند اليهود وإن كانت ليست بمرتبة الأسفار الأخرى، مع ملاحظة أن من بين الأسباب التى جعلت اليهود ينظرون إلى الأسفار التى ظهرت بعد عزرا: نظرة شك، هو عدم ثقتهم في الكتبة في تلك الحقبة (ك 1 ضد أييون رأس 8).

وهكذا أيضا كان معروفاً لدى الكتاب المسيحيين الأوائل بما فيهم أولئك الذين كانوا يعارضون قانونيته معارضة نظرية فقط، وزاد من تأثيره في وجدان الشعب حتى شاعت صور بطلته مع أحداث سفر يهوديت في الفن الدينى. ويرد في الموسوعة اليهودية أن سفر يهوديت وجد أهتماماً في العالم اليهودى المسيحى.

هذا وقد اعتاد اليهود قراءة بعض الأسفار في أعيادهم، مثل:

  1. عيد الفصح: سفر نشيد الأناشيد.
  2. عيد الحصاد أو الأسابيع: سفر راعوث.
  3. عيد المظال: سفر الجامعة.
  4. عيد الفوريم: سفر أستير.
  5. ذكرى خراب الهيكل (9 أغسطس): مراثى أرميا.
  6. عيد الحانوكا (التجديد): سفر يهوديت

وقد ظل سفر يهوديت مستخدماً في العبادة المسيحية وبين يهود الشتات، حتى جاء عصر الإصلاح فرفضه مارتن لوثر ضمن أسفار أخرى لم ترق له وقد أعترض البعض على سفر يهوديت بقولهم أن مليتون أسقف سرديس من الجيل الثاني، عندما استلم من يهود فلسطين قائمة الأسفار القانونية لم يكن سفر يهوديت من بينها، ولكن يجب ألا يؤخذ برأى واحد فقط، لاسيما إذا كان أولئك الذين سلموه القائمة لم يكونوا أمناءاً موثوق بهم.

كما أن سفر يهوديت انتشر بين يهود الشتات أكثر من يهود أورشليم الذين خلت مجلداتهم منها بعض الوقت، كما أن اليهود أنفسهم قد رفضوا بعض الأسفار من تلك التى يقرونها حالياً – لبعض الوقت قبل أن يدرجونها ثانية ضمن كتبهم المقدسة. كما قال البعض أن ايرونيموس في تعليقه على أسفار سليمان قال: كما تتلو الكنيسة أسفار يهوديت وطوبيا والمكابين، دون أن تنظمها ضمن الأسفار القانونية، وللرد على ذلك نقول أن إيرونيموس كان يعبر عن رأى بعض المسيحين في عصره وليس جميعهم.

 

الشهادة الرابعة: شهادة الأباء الرسل

وورد سفر يهوديت كذلك في قوانين الآباء الرسل (هيبوليتس). كما ضمن لائحة الكتب القانونية التى وضعها البابا (إينوقنيتوس) بابا روما في سنة 405م.

 

الشهادة الخامسة: شهادة المجامع

وفيما يلي قائمة بالمجامع التى أقرت قانونية سفر يهوديت:

  1. مجمع نيقية سنة 325م
  2. مجمع هيبو سنة 393م
  3. مجمع قرطاجنة الأول سنة 397م
  4. مجمع قرطاجنة الثاني سنة 419م.
  5. كذلك أيضاً المجمعين اللذين عقد احداهما في مدينة القسطنطينية عام 1642 وثانيهما في مدينة أورشليم عام 1672 بالإضافة إلى المجمع التريدنتينى عام 1456م.

 

الشهادة السادسة: شهادة الأباء الأوليين

أما القديسين والعلماء الذين أقروا قانونية سفر يهوديت وإقتبسوا منه في تعاليمهم وكتاباتهم فإليك قائمة بأسماء بعضهم:

  1. القديس كليمندس الرومانى تنيح سنة 90/100م في رسالته إلى أهل كورنثوس (فصل 55/عدد 4، 5)

  2. القديس كليمندس السكندرى 155-220م في كتاب المربى (2: 7، 4: 9).

  3. العلامة ترتليانوس.

  4. العلامة أوريجانوس تنيح سنة 254م تفسير أنجيل يوحنا وكتاب الصلاة (فصل 13، 29)

  5. القديس أثناسيوس الرسولى 296-373م في خطبته الثانية لأريوس (2: 35)

  6. القديس أمبروسيوس 319-397م

  7. القديس جيروم (إيرونيموس) 354-419م في أغلب رسائله (وقام أيضا بعمل ترجمة لسفر يهوديت نفسه)

  8. القديس أغسطينوس في كتابه مدينة الله

  9. القديس باسيليوس الكبير 329-379م في تعليمه عن الروح

  10. القديس غريغوريوس الكبير 329-389م

  11. القديس يوحنا ذهبى الفم 347-407م

وفى المقدمة التى جاءت في كتاب (يهوديت) والتى كتبها القديس إيرونيموس قال إن مجمع نيقية الأول أقر قانونية هذا سفر يهوديت. ويذكر القديس جيروم أن هذا سفر يهوديت كان يُقرأ في الكنيسة في أيامه

 

الشهادة السابعة: شهادة الكنائس الأخرى

ومن مجامع الكنيسة الكاثوليكية:

  1. مجمع فلورنسا سنة 1124م
  2. مجمع ترنت سنة 1546م (واعتبر الفولجاتا هي الترجمة المعتمدة لدى الروم الكاثوليك)
  3. مجمع القسطنطينية سنة 1642م (مجمع الروم)
  4. مجمع الفاتيكان الأول سنة 1870م

وأما بخصوص بقية الكنائس، فقد عقدت الكنيسة اليونانية مجمعاً في أورشليم سنة 1672م برئاسة البطريرك دوسيناوس، حيث أيد قرارات المجامع السابقة عليه في الإعترافات بسفر يهوديت، أما الكنيسة الهندية والحبشية والأنجليكانية في إنجلترا فهى تقرها بطبيعة الحال.

 

الشهادة الثامنة: شهادة البروتستانت

وعلى الرغم من موقف البروتستانت المعادى لسفر يهوديت، فإنهم قد أقروا بصلاحيته للتعليم بل ان الناقد البروتستانتى O. Walff قد دافع عن سفر يهوديت وتاريخه كذلك فقد دافع عنه العالم G. L. Bauer الكنيسة الألمانية تقر هذا سفر يهوديت وقد كتب بعض مشاهير الكُتاب والمؤلفين البروتستانت تعريفات عن هذا سفر يهوديت وإن كانوا لم يخفوا رفضهم له كسفر موحى به ومن أمثلة هؤلاء

  1. القس داود حداد من القدس (= في قاموس الكتاب المقدس طبعة 1914 ص 1084)
  2. دكتور سمعان كلهون (= في كتاب مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين طبعة بيروت 1937 ص 305) حيث تحدث عنه بالقول ” موضوع هذا سفر يهوديت انتصار اليهود على أعداؤهم وذلك بالاعتماد على مساعدة أرملة يهودية اسمها يهوديت وكاتب سفر يهوديت مجهول إلا أنه يظهر من الروح التى تتمشى فيه إنه كتب في عصر المكابيين “.

 

الشهادة التاسعة: شهادة قوانين الكنيسة

وردت في قوانين الشيخ الصفى بن العسال في مصر وقوانين العلامة شمس الرياسة المعروف بإبن كبر.

 

الشهادة العاشرة: طبعات الكتاب المقدس

  1. لقد كان من طبعات الكتاب المقدس.
  2. حتى بدأت جمعيات الكتاب المقدس طبعه مع الأسفار القانونية الثانية.

 

الشهادة الحادية عشر: شهادة كنيسة الإسكندرية

ولكن الذي يجب الإشارة إليه هنا، هو أن كنيسة الاسكندرية كانت على مر التاريخ بعيدة عن الصراع حول قانونية سفر يهوديت، حيث قبلته منذ البداية مستندة في ذلك على قوانين الآباء الرسل وتعاليمهم وكذلك على المجامع المقدسة وقديسيها الأوائل.

 

خامس عشر: يهوديت والعهد الجديد

راجع المقدمة في القسم الأول من البحث

 

سادس عشر: أهم الاعتراضات والرد عليها

وفيما يلي عرض لبعض التساؤلات التى تدور حول سفر يهوديت:

 

الاعتراض الأول

يقول البعض أن اسم سفر يهوديت والمستمد من الشخصية الرئيسية فيه وهي ” يهوديت ” إنما هو اسم رمزى (معناه يهوديت: مؤنث يهودى) وبالتالى فالقصة رمزية تمثل الشعب اليهودى كله؟

الرد:

عنوان سفر يهوديت في اللغة اليونانية هو يهوديت أما في العبرية فقد جاء (يهوديت) مسبوقاً بكلمة تعنى ” سفر ” أو ” عمل ” ومن المعانى المحتملة أيضاً للاسم يهوديت هو يهودية Jewess (وبالتالى فأن العالم جروتيوس Grotius وآخرون، يشرحون القصة بطريقة رمزية فيجعلها تمثل الشعب اليهودى بأسره، ولكن هذا الأسلوب، فضلاً عن أنه مفتعل وغير مقنع، فلا حاجة بنا أن نفترض أن الاسم يوحى بهذا المعنى لأن اللفظة قد وردت في الكتاب المقدس كاسم لزوجة عيسو، وهي من أصل حثى (تك 34:26) الاسم في هذه الحالة لا يمكن أن يعنى يهودية Jewess).

 

الاعتراض الثاني

يقولون إن هناك مشاكل تاريخية وجغرافية في سفر يهوديت.

الرد:

الإلتباس الشكلى الوارد في سفر يهوديت فيما يختص ببعض الاسماء التاريخية والجغرافية يعود إلى الترجمات المختلفة واستخدام بعض ألفاظ لاتينية ويونانية دون غيرها على حد تعبير القديس اغسطينوس.

 

تاريخية سفر يهوديت:

المعروف أن نبوخذ نصر لم يكن ملكاً أشورياً بل ملكاً بابلياً، وأنه لم يملك على نينوى بل ملك سنة 605 ق. م أى بعد خراب نينوى الذي تم في سنة 612 ق. م، وأن ميديا لم تكن ذات قوة حربية يخشى منها، وفى وقت العودة من السبى سنة 536 ق. م، كانت بابل قد ضمت إلى فارس.

 

وهناك ثلاث نظريات تفسيرية لحل مشكلة التاريخ في سفر يهوديت:

أ النظرية الأولى:

تقول هذه النظرية، أن زمن حدوث وقائع سفر يهوديت، سابق على زمن نبوخذ نصر الملك البابلى المعروف (605 562 ق. م) حيث أن المقصود بنبوخذ نصر في سفر يهوديت هو أسرحدون ابن سنحاريب الملك الأشورى، فلما هزم سنحاريب في حملته المشهورة على اليهودية، فقد انتقم ابنه من جميع الأمم المذكورة في سفر يهوديت، لا سيما من أرفكشاد ملك ميديا، الذي عرف عنه محبته لليهود وتعاطفه معهم

ثم اتجه جنوباً نحو اليهودية حيث توقف عند بيت فلوى، مسرح أحداث سفر يهوديت، كما أن وجود نبوخذ نصر كاسم لملك بابل لا يلغى استخدام الاسم بين شعوب أخرى أو فترات زمنية مختلفة. ويرد في (1:1) أن أرفكشاد الذي حارب نبوخذ نصر بنى مدينة أحمتا والمعروف أنها بنيت سنة 700 ق. م مما يعنى أنه كان يحيا في القرن السابع الميلادى وبالتالى فقد حدثت القصة في ذلك الوقت كما أن سفر يهوديت لم يشر إلى السبى البابلى وإنما السبى الذي كان قد وقع قبل زمن سفر يهوديت.

ويرد في الآثار الآشورية ما يؤكد أن أحداث سفر يهوديت قد وقعت في عهد آشور بانيبال والسبب أن اسمه في سفر يهوديت نبوخذ نصر يحتمل أن يكون قد غير اسمه بعد استيلائه على بابل، فأن آثار آشور بانيبال المسمارية قد دلتنا على الكثير مما ورد في سفر يهوديت، حيث يرد أنه أخضع مصر وصور، وأدى له الجزية 22 ملكاًَ في سوريا وقبرص وأن أخاه (سما سو موقين) ملك بابل قد عصاه وأثار عليه القبائل الخاضعة له فقهرهم بنفسه وقواد جيشه

وهو ما ينطبق على سفر يهوديت من عظمته، ومن رد رسله خائبين فينيقية ودمشق ولبنان وفلسطين، حيث ساعدوا أخوه الذي كان مشغولاً بمحاربة الماديين، حيث ذكر هذا في اسطوانته الأولى عمود 3، 4 حيث يقول أنه قام بحملته الرابعة على ملك الحيثيين (أحسارى) من العيلاميين وعلى رئيس الماديين (بيرز هدرى) وأنه ظفر بهما ودمر مدنهما وأخذ غنائم كثيرة، وهو يطابق ما ورد في سفر يهوديت عن ظفره ب أرفكشاد في أرض عيلام.

 

ب النظرية الثانية:

رأى الكثير من العلماء والناقدين أن أحداث سفر يهوديت قد وقعت في القرن الرابع قبل الميلاد حيث أن ارتحتشتا أوكوس الثالث (358 338 ق. م) قد شن حملة على الساحل الفينيقى سنة 353 ق. م، حيث كان هولوفرانس (أليفانا) أحد قواد جيشه، والذي هو شقيق أرياراطيس ملك كبادوكيا الذي تولى الإغارة على مصر، في حين كان بوغا أحد جنرالات الجيش، فلما استسلم الساحل الفينيقى، اتجهت الحملة جنوباً مروراً بمنطقة بزرعيل، حيث توجد بيت فلوى، مسرح أحداث سفر يهوديت، ويبرر عدم وجود هذه الحادثة في سجلات الآشوريين، كونها مجلبة للخزى، بما لا يتفق مع عظمة الآشوريين.

 

ج النظرية الثالثة:

تفترض النظرية الثالثة، أن تكون أحداث سفر يهوديت قد دارت بعد القرن الثاني قبل الميلاد، حيث يرى العالم بول Ball، أن نبوخذ نصر هو انطيوخس أبيفانيوس الرابع الملك السلوقى، أشهر مضطهدى اليهود، لا سيما وأنه قد أعتبر أنه المقصود ب (نبوخذ نصر) وذلك في سفر دانيال النبى (6:12-7) وأن الآشوريين المعنيين هم السوريين، وأن نينوى هي أنطاكية، وأما أرفكشاد هو أرساكيس الفارس ملك ميديا والذي قام انطيوخس بحملة ضده.

 

المسألة الجغرافية في سفر يهوديت:

تتمثل المشكلة الجغرافية لسفر يهوديت، في أن الكثير من المدن المذكورة أسماءها ليست مألوفة لدى قارئ العهد القديم، كذلك تحرك الجيش الجرار للأعداء بسرعة كبيرة فوق المألوف.

ولكن وإن لم تكن جميع البلاد والحصون المذكورة في سفر يهوديت معروفة ومحددة على خريطة العهد القديم، فأن أغلبها يمكن التعرف عليه، وأن احتاج الأمر إلى مجهود قليل لا سيما بالنسبة إلى بلاد غرب أسيا، وسوف نتعرض لكل من تلك البلاد بالشرح والتحقيق في حينه (أنظر التفسير).

أما فيما يختص بمعدل تحرك الحملة العسكرية، فيجب الأنتباه إلى أن الجيوش الجرارة تسير في مسافة طولية كبيرة جداً، حيث يمكن أن تكون بداية الحملة في مدينة بينما مازالت مؤخرتها في مدينة أخرى بعيدة، والدليل على ذلك أن نبوخذ نصر أو أليفانا رئيس جيوشه احتاج إلى شهر كامل مكثه في منطقة جبع ليجمع أطراف الجيش ويعيد تنظيمه (10:3)

ويعترض البعض قائلين، كيف تكون ” بيت فلوى ” فوق قمة جبل وهي محاطة بالجبال؟ ولكن المعروف أن تلك المنطقة عبارة عن مجموعة من المرتفعات وفوق أحدها تقع بيت فلوى.

 

الاعتراض الثالث

كيف يتحدث الكاتب عن الرجوع من السبى، إذا كان لم يحدث بعد؟

الرد

 المقصود هنا السبى الذي حدث في عهد منسى الملك (2أخ 13:33) وذلك في منتصف القرن السابع قبل الميلاد. أثناء حملة آشور بانيبال ملك أشور، والذي ساعد اليهود على الرجوع هو (فرارتس) الذي لقب بلقب (الملك الحليم) لهذا السبب مما جلب عليه نقمة أسرحدون المدعو في سفر يهوديت نبوخذ نصر.

 

الاعتراض الرابع

كيف يكون رئيس الكهنة هو المتولى أمور البلاد، حيث لا ذكر لملك هناك؟ كما أن الياقيم المذكور هنا لا وجود له في سلسلة رؤساء الكهنة التى سجلها يوسيفوس؟

الرد:

في فترات كثيرة سمح الملوك الشماليون لليهود، بإدارة شئونهم، عن طريق وجهاء اليهود فأن النظام القبلى كان ما يزال موجوداً، مع وجود رؤساء الأسباط والعشائر ذلك في وجود الملوك أيضاًَ…

أما أن يوسيفوس لم يذكره في سجلات رؤساء الكهنة، فأن ذلك لا يعتد به كثيراً، بل بالكتاب المقدس الذي ورد فيه أن ذلك الكاهن كان في عهد سنحاريب ملك أشور وحزقيال ملك يهوذا (2مل 18:18) وكان ذا منزلة رفيعة وقد تنبأ النبى ببلوغه إلى مرتبة سامية بقوله (ويكون في ذلك اليوم أنى أدعو عبدى ألياقيم بن ملقيا… فيكون اباً لساكن أورشليم ولبيت يهوذا (أش 20:22) وربما لقب باسم أبيه (2مل 4).

 

الاعتراض الخامس

 يقولون أنه لا ذكر في التاريخ، لأرفكشاد ولا لحملته، وأن الذي بنى أحمتا هو ديوجس؟.

الرد:

الذي بنى (أحمتا) أكبتانا وحصنها هو بالفعل، ديوجس الملك في القرن السابع ق. م ولكن أرفكشاد وهو ابنه، قد أكمل بنائها وقام بتوسيعها، ومعروف في التاريخ أن بناء مدينة واحدة، قد ينسب إلى شخصيتين أو أكثر.

أما عن عدم ورود هذه الحملة في التاريخ، فقد أهمل التاريخ ذكر أحداث ووقائع كثيرة وردت وتأكدت فيما بعد من خلال الحفائر التى قام ومازال يقوم بها العلماء إضافة على أنه من البديهى أن يهمل الملوك تسجيل أخبار هزائمهم.

أما أرفكشاد نفسه، فهو الذي يسميه بعض المؤرخين (فرا) كما يسميه هيرودتس المؤرخ (فرارتس) ومعناها الملك العظيم حيث أن فرا اسم علم للملك وأرتس لفظة فاريسية معناها العظيم وكتب كثيراً (أرفا). وأضيف مع الوقت إلى الاسم كلمة (كشاد) ومعناها الحليم، وهكذا فقد صار معنى الاسم للملك الحليم العظيم، وقد عرف عنه محبته لليهود ومساعدتهم والاحسان إليهم، حينما كانوا أسرى في مملكته.

 

الاعتراض السادس

يعترضون على مدح يهوديت لشمعون، مع أن شمعون قد ملك مع بنى عمون بالقدر وكدّر نفس يعقوب أبيه، وعليه فإن عمل يهوديت غير مقبول، لأنها سلكت بالغش والخداع والقتل؟!

الرد:

يهوديت والتى تنتمى إلى سبط شمعون، امتدحت فيه غيرته على شعبه وعلى عفة أخته وشرفها (تك 34) كذلك فإن بيت فلوى (مسرح الأحداث الحالية) هي نفسها شكيم، أو بالقرب منها، كما يظن بعض الشراح، وهي كانت مسرح أحداث قصة شمعون قديماً.

 

الاعتراض السابع

كيف يكون سفراً موحى به من الله، ذلك تستخدم فيه بطلته طبيعتها كامرأة، في الإغراء والخداع والكذب والشهرة والقتل؟

الرد:

اليهود كانوا في حالة حرب، حيث يسمح باستخدام كافة السبل المتاحة، كذلك فإن يهوديت لم تغو شخصاً قديساً ليسقط في الدنس، وعلى الرغم من اليهود كانوا في حالة دفاع عن النفس، فإن يهوديت لم تفرط في أى شئ بداية من عفتها وطهارتها حتى طعامها اليهودى وصلواتها، كما أن سفر أستير، والذي يقره اليهود قبل المسيحيين قد جاء الخلاص فيه على يدي امرأة استخدمت تأثيرها مثل يهوديت.

 

الاعتراض الثامن

الضمير المسيحى لا يوافق على أن الغاية تبرر الوسيلة، بل يجب أن تكون الغاية شريفة والوسيلة كذلك، فكيف يبرر سفر يهوديت وسيلة كهذه للتخلص من الهزيمة؟

الرد:

أبطال القصة يهود، محدودوا الأفق اللاهوتى، ولم يكونوا قد نعموا بعد، بالعمق الروحى في المسيحية في ظل بركات تجسد ابن الله، ولقد رأينا كيف أن المكابيين اضطروا إلى التعامل مع السبت بمرونة، بعد أن تعرضوا لخطر الأبادة، في حرب شنها العدو عليهم في يوم سبت.

 ولكن ذلك كان في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد أى في الوقت الذي كانوا فيه قد إرتفعوا فكرياً وروحياً من ناحية ومن ناحية أخرى فقد اقدموا على تلك التضحية في الوقت الذي كان الأمر فيه يتعلق بحياتهم، وحقيقى أن (القتل السياسى ممنوع) ولكن الدفاع عن النفس مشروع ومسموح به في مثل هذه الحالات حيث لا توجد بدائل أخرى له، ونذكر هنا تجسس أرض كنعان، وحيلة يعقوب لأخذ البكورية والبركة… الخ.

 

الاعتراض التاسع

قال البعض أن سفر يهوديت هو مؤلف أغريقى، يمكن أن يحتل مكاناً بين مجموعة مؤلفات الإغريقى بارثينيموس Barthinius لأنها تحمل نفس سمات الأسلوب الإفريقى؟

الرد:

لا أساس لهذا الكلام من الصحة، والمعترض لم يرى في سفر يهوديت سوى قصة إغراء فقط ولكن سمات القصة الإغريقية مغايرة تماماً لأسلوب سفر يهوديت، من حيث ظهور الله كبطل للقصة، ثم التركيز على بر الناموس، والحديث عن الفضيلة، مما يخلو منه النمط الأدبى اليونانى، ويقول بعض العلماء أن هذا الاتهام غير صحيح، وأن أحداث سفر يهوديت حقيقية ظلت محفوظة بالتقليد الشفاهى إلى أن سجلت كتابة في زمان متأخر عن وقت حدوثها.

 

الاعتراض العاشر

يدعَى البعض أن نشيد يهوديت، في الإصحاح الأخير من سفر يهوديت، هو نشيد قديم يشبه نشيد دبورة، وأن سفر يهوديت قد بنى أساساً على النشيد!؟.

الرد:

صاحب هذا الرأى هو العالم Reuss، وقد أثبتت الدراسات التى قامت على سفر يهوديت، أن كاتب سفر يهوديت هو شخص واحد، ولا مانع من وجود تشابه بين نشيد يهوديت ونشيد دبورة النبية، تماماً مثل التشابه الموجود بين نشيد مريم أخت موسى بعد عبور البحر الأحمر ونشيد دبورة نفسها، فإن موضوع النشيد في الحالات الثلاثة، هو الخلاص الآتى من الرب بالنصرة على العدو، وقد اعترض نفس الأعتراض العالم Ander في كتابة Apocryphes، لأن المزمور لا يذكر أن المديانيين أعداء نبوخذ نصر بينما يذكرها سفر يهوديت ولكن المزمور نشيد خلاص، ولس ملخصاً لسفر يهوديت!

 

الاعتراض الحادى عشر

يقول البعض أن القديس جيروم والذي قام بترجمة سفر يهوديت ضمن بقية الأسفار المعروفة بالفولجاتا، اعترف بأنه لم يبذل فيه مجهوداً كبيراً، مثل بقية الأسفار؟

الرد:

عندما قام جيروم بترجمة سفر يهوديت إلى اللاتينية سنة 398 م، لم يستطيع العثور على الأصل العبري، بل أن النسخة الكتابية التى قام بترجمتها (مستعيناً بالترجمة القديمة) كانت قديمة مستهلكة ولم تكن عبارتها واضحة، فلم يحاول ترجمتها بدقة، وإنما أن ينقل معانيها فقط، وقد كتب في مقدمة سفر يهوديت: (أنه ترجمه في ليلة واحدة).

ولكن يجب ألا نفهم من هذه العبارة، أن سفر يهوديت في نظره أقل من باقى الأسفار، وإنما يعبر عن رغبته في العثور على النسخة العبرية، كذلك فقد قال القديس جيروم أنه تشكك قليلاً في سفر يهوديت ولكنه قبله لأن مجمع نيقية في سنة 325م قد أقر قانونيته، كما يشير هو ذاته في موضع آخر إلى أن سفر يهوديت كان متداولاً بين أفراد الشعب ويهود الشتات اليونانيين مستخدماً في العبادة الجماعة، مثلما كان يحدث في عيد الحانوكا أى التجديد، حين يدخل سفر يهوديت ضمن الأحتفالات في ذلك اليوم.

 

الاعتراض الثاني عشر

يعترض البعض بأن سفر يهوديت كتب من قبل الحسيديين Hasideans (كلمة عبرية معناها التقاة)، في القرن الثاني قبل الميلاد لإثارة حمية اليهود ضد السلوقيين الذين اضطهدوهم ليتركوا عنهم التمسك بالشريعة؟

الرد:

الحسيديين يرفضون أن يكون للمرأة دور بارز كهذا، الذي ليهوديت، كما أنهم قوم يؤثرون الحياة في الحبال، ويرفضون حمل السلاح، بخلاف التعليم الذي يقدمه سفر يهوديت. كما أن التركيز على هتمام بالأعياد والطقوس هو سمة يهودية عامة وليست فريسية (لأن الفريسيين هم خلفاء الحسيديين).

 

المراجع:

  1. أعرف كتابك الأسفار القانونية الثانية.
  2. سفر يهوديت للقمص بيشوى عبد المسيح الزقازيق
  3. دراسة في سفر يهوديت القس يوسف أسعد
  4. دراسات في العهد القديم تفسير سفر يهوديت إعداد راهب من دير البراموس
  5. سفر يهوديت الشماس الاكليريكى إيهاب رئيف

إقرأ أيضًا:

قانونية الأسفار القانونية الثانية

المقدمة والفهرس – الأسفار القانونية الثانية Arabic Deuterocanon

ما هي الأسفار القانونية الثانية؟ – الفصل الأول

نظرة البروتستانت للاسفار القانونية – الفصل الثاني

لماذا لا يؤمن البروتستانت بالأسفار القانونية الثانية؟ – الفصل الثالث

الرد على اعتراضات البروتستانت على الأسفار القانونية الثانية – الفصل الرابع

سفر طوبيا (طوبيت) – بحث شامل عن سفر طوبيا (طوبيت) وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر نبوة باروخ – بحث شامل عن سفر نبوة باروخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

المزمور 151 – بحث شامل عن المزمور 151 وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

صلاة منسى – بحث شامل عن صلاة منسى وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة سفر دانيال – بحث شامل عن تتمة سفر دانيال وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة استير – بحث شامل عن تتمة استير   وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

تتمة سفر دانيال – بحث شامل عن تتمة سفر دانيال وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

صلاة منسى – بحث شامل عن صلاة منسى وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

المزمور 151 – بحث شامل عن المزمور 151 وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر نبوة باروخ – بحث شامل عن سفر نبوة باروخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يشوع بن سيراخ – بحث شامل عن سفر يشوع بن سيراخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر حكمة سليمان – بحث شامل عن سفر حكمة سليمان وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه

Exit mobile version