سفر طوبيا (طوبيت) – بحث شامل عن سفر طوبيا وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر طوبيا (طوبيت) – بحث شامل عن سفر طوبيا وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
- الباب الأول: الأسفار القانونية الثانية
- الباب الثانى: نظرة البروتستانت للأسفار القانونية الثانية.
- الباب الثالث: لماذا لا يؤمن البروتستانت بهذه الأسفار؟
- الباب الرابع: الرد على الاعتراضات.
- الباب الخامس: قانونية الأسفار
خطة البحث
بنعمة الرب سندرس كل سفر من الأسفار القانونية الثانية من خلال هذه المحاور وهي بالتقريب على النحو التالي:
- من هو طوبيا
- كاتب سفر طوبيا
- مكان كتابة سفر طوبيا
- زمن كتابة سفر طوبيا
- لغة سفر طوبيا
- الأحداث التاريخية في سفر طوبيا
- مفتاح سفر طوبيا
- غاية سفر طوبيا
- أقسام سفر طوبيا
- ملخص سفر طوبيا
- القيمة اللاهوتية لسفر طوبيا
- القيمة الليتورجية لسفر طوبيا
- التعاليم في سفر طوبيا
- نبوات سفر طوبيا
- المسيح له المجد في سفر طوبيا
- طوبيا والعهد الجديد
- قانونية سفر طوبيا
- أهم الإعتراضات والرد عليها
أما بالنسبة لقانونية سفر طوبيا ستكون الدراسة من خلال هذه المحاور تقريباً:
- شهادة الترجمة السبعينية
- شهادة الترجمات والمخطوطات
- شهادة اليهود
- شهادة الأباء الرسل
- شهادة المجامع
- شهادة الأباء الأولون
- شهادة الكنائس الأخرى
- شهادة البروتستانت
- شهادة قوانين الكنيسة
- طبعات الكتاب المقدس
- شهادة كنيسة الإسكندرية
- شهادة الوحى
- شهادة الكشوف الأثرية الحديثة
أولاً: من هو طوبيا
طوبيا هي كلمة عبرية تتكون من مقطعين (طوب ياه) ومعناها ” الله طيب ” وقد وردت هذه الكلمة اسماً لأكثر من شخص:
-
شخص لاوى أرسله يهوشافاط ملك يهوذا مع آخرين من اللاويين إلى الشعب في مدن يهوذا لكي يعلموه سفر شريعة الرب (2أخ 8:17).
-
عبد عمونى ساءه بناء وترميم أسوار مدينة أورشليم فتأمر مع مجموعة من العرب والعمونيين والأشدوديين المناوئين لمحاربة اليهود ومنعهم من إعادة بناء المدينة من جديد (نح 10:2، 7، 3:4)
-
شخص أخر من اليهود كان بنوه ضمن بنى السبى الذي سباه نبوخذ نصر الملك في بابل فرجعوا إلى أورشليم أيام نحميا مع بابل (عز 60:2 ونح 62:7).
-
شخص يهودى آخر من أهل السبى وأمر الرب زكريا النبى أن يأخذ منه ومن غيره ذهباً وفضه ليعمل منها تيجاناً توضع على رأس يهوشع ابن يهوصادق الكاهن العظيم (زك 10:6-14).
-
أما طوبيا الذي سُمى هذا سفر طوبيا باسمه، فهو رجل من سبط نفتالى سباه ” شلمنآسر ” ملك أشور 733ق. م، وسكن أثناء السبى في مدينة نينوى مع حنه امرأته وأبنه الذي كان له نفس الأسم “طوبيا”.
وكان مهتماً بالصدقة ودفن الموتى، وقد أصيب بالعمى وكان أصدقاؤه يعيرونه، وإذ افتقر جداً أرسل ابنه إلى راعوئيل يطلب منه أن يرد ديناً سبق أن اقترضه. ظهر له الملاك روفائيل (رأفات الله) متظاهراً باسم عازاريا بن حنانيا (العون ابن الحنان)، وهما سمتا الملاك إذ يسند بحب وحنان. فأودع طوبيت ابنه طوبيا بين يدي الملاك. في الطريق إذ وقف طوبيا يغسل قدميه وثبت عليه سمكة، فاصطادها له الملاك وقدمها له ليأكلها محتفظاً بقلبها ومرارتها وكبدها.
ثم ذهبا إلى بيت رعوائيل (رعاية الله) والتقيا بسارة ابنته التى تزوجها سبعة رجال وكان الشيطان يُدعى اسموديوس Asmodeus على اسم أحد الآلهة الفارسيين يقتلهم في ليلة زفافهم قبل معاشرتها، وكانت من عائلة طوبيت تقدم طوبيا للزواج بها كمشورة الملاك، وقد وضع كبد السمكة وقلبها على حجر في الحجرة وبقي ثلاثة أيام يصلى مع عروسه قبل أن يجتمع بها، فهرب الشيطان.
فرح رعوائيل إذ كان يخشى قتل طوبيا زوج ابنته كبقية الأزواج السابقين، وسأله أن يبقى 14 يوماً ويقوم با لسفر إلى غابليوس ليحصل له على الصك… وقد فرح غابليوس بأخبار طوبيا وقدم له محبة فائقة ليرد إحسانات أبيه له. عاد طوبيا وسارة إلى طوبيت يحملان نصف ممتلكات رعوائيل….. مسح طوبيت عينى أبيه بمرارة السمكة فانفتحتا.
ثانياً: كاتب سفر طوبيا
من الصعب تحديد كاتب سفر طوبيا، ولكن من المرجح أن يكون الكاتب هو طوبيا الابن لأن نصيبه من المشاركة في أحداث سفر طوبيا أكبر من نصيب طوبيا الشيخ.
ثالثا: مكان كتابة سفر طوبيا
كتب سفر طوبيا في الشتات (Diaspora) وبالتحديد في بلاد ما بين النهرين (العراق وإيران حالياً) وذلك لتقوية عزائم اليهود الذين بدأوا في التحلل من الالتزام بالناموس متعللين في ذلك ببعدهم عن أورشليم وتعرضهم للاضطهاد والضغط العقيدى الوثنى.
رابعا: زمن كتابة سفر طوبيا
سفر طوبيا كتب في أوائل القرن السادس أو القرن السابع قبل الميلاد وبالتحديد بعد خراب نينوى سنة 612 ق. م بسنوات قليلة. فقد جرت أحداث سفر طوبيا، وما تزال نينوى قائمة ثم عاصر طوبيا خرابها، وهو الذي دون سفر طوبيا كوصية الملاك روفائيل له بعد خراب نينوى بقليل وقبل نياحته. ومما يؤكد ذلك أنه لا يشير إلى فترة عزرا ونحميا والمكابيين ولا إلى فترة السبى البابلى لأورشليم.
خامسا: لغة سفر طوبيا
من الصعب الوصول إلى اللغة الأصلية التى كتب بها سفر طوبيا فقد رشح العلماء في القرن الماضى ثلاث لغات (الأرامية العبرية اليونانية). وقد رشحت مخطوطات قمران الأرامية والعبرية فقط واستبعدت اليونانية. وبعد عدة أبحاث توصلوا إلى أن النسخة اليونانية المأخوذة عن العبرية ترجع إلى أصل أرامى
سادساً: الأحداث التاريخية في سفر طوبيا
ونستطيع أن نعطى هنا، على وجه التقريب تاريخا لعائلة طوبيا
سنة / ق. م. الحدث
- 730 ميلاد طوبيا الأب
- 676 ميلاد طوبيا الابن
- 668 طوبيا الأب يفقد بصره (الابن ما يزال في سن 16)
- 664 طوبيا الأب يشفى طوبيا الابن يتزوج
- 622 طوبيا الأب يتنيح (طو ١٤: ١ وَفَرَغَ طُوبِيَّا مِنْ كَلاَمِهِ وَعَاشَ طُوبِيَّا بَعْدَمَا عَادَ بَصِيرًا اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَرَأَى بَنِي حَفَدَتِهِ)
- 615 حنة الأم تتنيح
- 615 طوبيا وسارة يتركان نينوى إلى راجيس بعد أن أقاما فيها 49 سنة
- 612 خراب نينوى
- 605 طوبيا يكتب سفره
- 600 نياحة راعوئيل وزوجته حنة
- 585 سبى نبوخذ نصر لبنى إسرائيل إلى بابل
- 559 نياحة طوبيا بعد أن عاش مع سارة في راجيس 48 سنة.
سابعاً: مفتاح سفر طوبيا
ليكن الله في قلبك وجميع أيام حياتك… تصَّدق من مالك، ولا تحوُل وجهك عن فقير، وحينئذ فوجه الرب لا يحوُل عنك 6:4-7. لأن الصدقة تنجى من كل خطيئة ومن الموت، ولا تدع النفس تصير إلى الظلمة 11:4
ثامناً: غاية سفر طوبيا
-
الصدقة تكون لصانعها هبة مقبولة عند الله (12:4).
-
للزواج قدسيته، إذ يقوم على الحياة التقوية لا الشهوة.
-
مركز الصلاة في حياة الأتقياء الذين يتألمون إلى حين.
-
تدخل الله في حياة البشر، مستخدماً ملائكته لمساندتهم.
-
قومى نصلى إلى الله اليوم وغداً وبعد غد، فإننا في هذه الليالى الثلاثة نتحد بالله، وبعد انقضاء الليلة الثالثة نكون في زواجنا 4:8.
-
إمكانية الحياة المقدسة وسط الأشرار والضيقات.
-
سماح الله بالآلام ولكن تعاظم رحمته على أولاده الأتقياء.
تاسعاً: أقسام سفر طوبيا
تقسيم سفر طوبيا (1)
القسم الأول الإصحاحان 1، 2 وفيهما:
-
سبى طوبيا من سبط نفتالى إلى نينوى.
-
إيمانه وتقواه وتمسكه بالعبادة.
-
خدماته الدينية والإنسانية وأعمال الرحمة بين المسبيين.
-
اضطهاد سنحاريب وهرب طوبيا ثم عودته بعد مقتل الملك.
-
إصابة طوبيا بالعمى.
القسم الثاني: الإصحاحات من 3 إلى 11
-
التجاء طوبيا إلى الله بالصلاة.
-
التجاء سارة ابنة راعوئيل أيضاً في تجربتها إلى الله بالصلاة.
-
وصية طوبيا لأبنه با لسفر إلى راجيس مدينة الماديين.
-
دور الملاك روفائيل الذي قام به في ملازمة طوبيا الابن اثناء سفره
-
زواج طوبيا الابن من سارة.
-
الحصول على دين أبيه من غابيلوس ثم عودته في رفقة الملاك ومعه سارة زوجته وقافلة محملة بنصف ممتلكات راعوئيل.
القسم الثالث: الإصحاحات من 12 إلى 14
-
الملاك روفائيل يكشف عن شخصيته قبل اختفائه.
-
صلاة الشكر لطوبيا الشيخ.
-
ختام القصة بوصايا طوبيا الشيخ لابنه وتوقعه إتمام النبوات الخاصة بنينوى
-
وفاة طوبيا الشيخ الذي أعقبه وفاة باقى أفراد الأسرة بعد حياة مليئة بالبركة ومخافة الله
تقسيم آخر لسفر طوبيا (2)
الحياة التقوية والألم ص1-3 |
الله وسط الآلام ص 4-9 |
نهاية المتألم ص10-14 |
عاش طوبيت التقى، محب العطاء وحافظ الناموس، متألماً:1 يطلب الملك قتله لحفظه الناموس 12 فقدانه بصره وهو يدفن قتلى شعبه، فكانت زوجته وأصدقاؤه يعيرونه أما هو فكان يسبح الله 23 موت الأزواج السبعة لسارة ابنة رعوائيل 3 |
1 وصية طوبيت لابنه وإعطاؤه الصك ليسترد الدين 4 [يقدم الوصية أولاً، إذ يهتم بحياته الروحية قبل المال]2 روفائيل في خدمة ابنه (الله لا ينسى أولاده وسط الآلام) 53 روفائيل ينقذ طوبيا من السمكة ويرشده إلى الزواج بسارة 64 روفائيل يذهب به إلى رعوائيل (رعاية الله) ويزوجه بسارة (التمتع بالإكليل السماوى 8، 75 روفائيل يذهب إلى غابليوس مع رعوائيل لحساب طوبيا 9 |
1 لا يفقد طوبيت سلامه الداخلى بالرغم من تأخر ابنه 102 يرد الله إليه ابنه مملوء خيرات وفرحاً 113 يعلن روفائيل عن نفسه (تمتع بالأسرار السماوية 124 انفتاح فم طوبيت بالتسبيح 14، 13 كأن ثمر احتمال آلامنا بشكر: سلام، شبع، إدراك للسماويات. |
عاشراً: ملخص سفر طوبيا
يتكون هذا سفر طوبيا من 14 أصحاحاً وفيما يلي تلخيص لهذا سفر طوبيا كل أصحاح على حدة:
1 سبا (شلمنآسر) ملك أشور فيمن سباهم من اسرائيل رجلاً نفتالى اسمه طوبيا. وكان لطوبيا امرأة اسمها حنة وابن صغير بنفس اسم أبيه طوبيا. سكن طوبيا وأسرته في نينوى وكان عابداً فاضلاً ولم يتنجس بمأكولات الأمم. وكان يطوف على بنى جنسه يساعدهم. وفى مرة أقرض رجلاً من سبطه اسمه (غابيلوس) من راجيس مدينة المادين، عشر وزنات فضة (= الوزنة تساوى حوالى 240 جنيهاً) وأخذ عليه صكاً بها.
ولما نما إلى علم (سنحاريب ابن شلمنآسر) أن طوبيا يهتم بدفن قتلاه من بنى إسرائيل، اعتزم قتله ومصادرة أمواله. فهرب طوبيا وظل مختبئاً خمسة وأربعين يوماً عاد بعدها إلى منزله لما علم إن إبنى سنحاريب قد قتلا أباهما.
2 وكان طوبيا خائفاً لله. وقد استمر يخطف أجساد القتلى ويخبؤها في بيته فيدفنها في منتصف الليل. وفى ذات يوم بينما كان طوبيا متكئاً على حائط سقط ذرق سخن من عش خطاف بسماح من الله فعمى. وأقعده العمى عن الاستمرار في خدمه قومه. فاضطرت زوجته حنة أن تغزل وتنسج الصوف بالأجرة لسد اعواز أسرتها. ومرة جاءت الزوجة بجدى أهداه إليها فظنه طوبيا مسروقاً وطلب رده لأصحابه فاغتاظت زوجته ولامته وأهانته.
3 حينئذ حزن طوبيا وصلى بدموع سائلاً الله أن يعجل بموته. واتفق في نفس اليوم أن جارية لسارة بنت راعوئيل من أحمتا التى عقدت على سبعة رجال وكان الشيطان يقتلهم في كل مرة دون أن ترزق منهم أولاداً أخذت تعّير سيدتها بذلك. فشق ذلك على سارة وصلّت طالبة هي الأخرى أن يقبض الرب روحها… فأرسل الله ملاكه روفائيل إلى كل من طوبيا وسارة ليعزيهما ويشفيهما.
4 ولما شعر طوبيا بدنو أجله، دعا إليه طوبيا الابن ونصحه أن يتجنب الإثم ويطيع وصايا الرب ويمتنع عن الزنى والكبرياء ويصنع الرحمة والصدقة وأن يرفع القرابين من أجل الراقدين وأن يطلب المشورة من الحكماء. وأخبر ابنه بما أقرضه لغابيلوس من فضة وأمره أن يفتش عنه ويسترد منه المال ويعطيه صكه. وفيما خرج طوبيا الابن التقاه الملاك روفائيل في شكل شاب قال إن اسمه (عزريا بن حنتيا العظيم) ولم يعلم أنه الملاك. ولما كان الشاب يعرف طريق بلاد المادين ونزل غابيلوس في راجيس التى هي في جبل أحمتا، فقد تطوع أن يرافق طوبيا الابن ويعود به مسالماً إلى أبيه. وسلم على طوبيا الأب وطيب قلبه وطمأنه على ابنه.
6 وبينما هما في الطريق وقد خرج طوبيا يغسل رجليه في ماء نهر دجلة، روّعه حوت كاد أن يفترسه. فطمأنه الملاك وطلب منه أن يمسك خيشومه ويجذبه للشاطى ويشق جوفه ويحتفظ بقلبه ومرارته وكبده لعلاج مفيد ففعل كما أمره الملاك وشوى من لحمه وسارا حتى بلغا أحمتا ونزلا بمنزل راعوئيل أبى سارة وباتا فيه. وأوعز الملاك إلى طوبيا أن يخطب سارة ويتزوجها فهى من سبطه وهي وحيدة أبويها ومال أبيها مستحق له. وتمنع طوبيا خوفاً من أن يحل به ماحل على أزواجها السابقين لكن الملاك طمأنه وأمره أن يحرق في أول ليلة كبد الحوت فينهزم الشيطان، وأن يمسك عنها ثلاث ليال وهما متفرغان للصلاة.
7 وفيما يتحادث راعوئيل معهما عرف أنهما من ذوي قرابته وأن أحدهما هو ابن لطوبيا البار فقبلهما وفرح بهما ودعاهما للغذاء فقبلا بشرط أن يوافقهما على أن يعطى سارة زوجة لطوبيا الابن. وقال له الملاك لا تخف فطوبيا فتى يخاف الله. فقبل الرجل وأخذ بيمين سارة واسلّمها إلى يمين طوبيا، وباركهما ثم تناول صحيفة كتب فيها عقد الزواج وزواجهما لبعضهما.
8 وإذا تذكر طوبيا كلام الملاك أحرق كبد الحوت في الليلة الأولى فقبض الملاك روفائيل على الشيطان وطرحه في برية مصر العليا. وقاما للصلاة واستمرا كذلك ثلاث ليال قبل أن يتزوجها. وفرح راعوئيل وأعطى طوبيا نصف ماله وكتب له صكاً بالباقى ليستولى عليه بعد موته وموت زوجته أم سارة.
9 وطلب طوبيا من الملاك أن يذهب إلى غابيلوس لاستيفاء الدين ودعوته إلى عرس طوبيا فسافر الملاك إلى راجيس واستوفى المال من غابيلوس ثم اصطحبه معه لبيت راعوئيل. وهناك سلم على طوبيا وقبله واثنى على أبيه وبارك له زواجه من سارة. ثم تقدم الجميع إلى وليمة العرس.
10 وبعد أيام أقامها طوبيا عند راعوئيل، أخذ طوبيا سارة عروسه بعد أن أعطاه حموه نصف أمواله غلمان وجوار ومواش وإبل وبقر وفضة كثيرة. وصرفها بسلام موصياً ابنته أن تحب زوجها وتكرم حويها وتدّبر عيالها وبيتها حسناً.
11 وفيما يقتربون عائدين إلى نينوى، تقدم طوبيا والملاك الركب فرأتهما حنة أم طوبيا فأخبرت زوجها بذلك. وسجد طوبيا الابن وشكر الله. وكأمر الملاك مسح عينى أبيه من مرارة الحوت. وبعد نصف ساعة خرجت غشاوة بيضاء من عينى الأب وعاد إليه بصرة. فمّجد الله وباركه وفرح الأقرباء والأصدقاء لعودة البصر إليه. أما سارة كنته فقد وصلت بسلام بعد سبعة أيام. وحكى الابن لأبيه ماذا صنع الرب معه من إحسانات
12 وقصدت طوبيا أن يكافىء رفيق ولده بأن يعطيه نصف ما جاء به ابنه فرفض وكشف لهما القناع عن ذاته قائلاً أنا رافائيل الملاك أحد السبعة الواقفين قدام الرب. وقال إن الرب أرسله ليشفيه ويخلص سارة كنته من الشيطان. ونصحها باتباع الصلاة والصوم والصدقة. ثم ارتفع عنهم فلم يبصروه.
13 ففتح طوبيا الشيخ فاه وبارك الرب وتهلل بفرح وتنبأ عن عودة المسبيين إلى أورشليم التى سوف يعود إليها بهاؤها ويشيّد الرب مسكنه فيها ثانية.
14 وعاش طوبيا بعد ماعاد بصيراً اثنتين وأربعين سنة ورأى بنى بنيه فتمت سنوه مائة وأثنين. ولما دنت ساعته دعا ابنه وبنى ابنه السبعة وأنبأهم بقرب دمار نينوى وعودة المسبيين إلى أرض إسرائيل واستئناف بناء بيت الله من جديد وترك الأمم أصنامها. وأوصاهم بعمل العدلَ والصدقات وعبادة الرب. وكان أن مات طوبيا الأب ثم ماتت حنة زوجته بشيخوخة صالحة. وارتحل طوبيا الابن راجعاً إلى حمويه واهتم بها حتى ماتا. وعاش طوبيا تسعاً وتسعين سنة في مخافة الرب ورأى حفدته حتى الجيل الخامس.
حادى عشر: القيمة اللاهوتية لسفر طوبيا
1 سفر طوبيا هو سفر خلاصي:
فطوبيا الأب يشبه الأب محب الصلاح وطوبيا الابن المولود منه (وله نفس الاسم) يشبه الابن الإقنوم الثاني المولود من الأب والواحد معه في الجوهر. فالأب يرسل ابنه (طوبيا) إلى العالم (راجيس) ليسترد الوديعة (الطبيعة الأولى) من غابليوس (الغربة). وطوبيا الابن (المسيح) يتخذ سارة (الكنيسة) زوجة له ” الكنيسة هي جسد المسيح وعروسه ” وذلك بعد أن يدخل مع الشيطان أزموداوس في حرب (جبل التجربة) ويهزمه ويطرده (أذهب عنى يا شيطان) ويخلص الكنيسة (سارة) من سلطانه ويطرده إلى برية مصر العليا.
وفى اليوم الثالث يعلن سلطانه على الموت والشيطان ثم يرجع إلى أبيه (الصعود) منتظراً سارة مدة سبعة أيام(مدة حياتنا على الأرض مازلنا في اليوم السابع) لتعود بعد ذلك إلى عريسها في بيته الذي خرج منه (السماء) حيث يبدأ حفل العرس السمائى في اليوم الثامن (الأبدية) ونلاحظ أن هناك عدة نقاط هامة في سفر طوبيا، مثل دور الملاك روفائيل الذي يقوم بعمل الخادم (ملاك = رسول) ويشترك مع الله في خلاص البشرية (وهو من صميم عمل الخادم) كما تشير وليمة العرس إلى سر التناول المقدس.
2 موضوعات لاهوتية أخرى:
-
الله الخالق (طو 5:8-6).
-
وملك (طو 6:13).
-
ومعطى الوصايا (طو 5:4).
-
وله سلطان الحياة والموت (طو 6:3، 15، 2:13).
-
يستجيب للذين يدعونه (طو 16:3).
-
صالح ورحوم وعادل، وإن كان يسمح بالتجارب لفائدتنا (طو 2:3-3).
-
وإله ممجّد (طو 16:3)
-
تخدمه الملائكة (طو 12:16)
-
فكر الحياة الأبدية (طو 6:3) وخدمة الملائكة للبشر
وفى سفر طوبيا نرى أن الله له شهود في كل زمان ومكان مهما كانت الظروف المحيطة والشرور السائدة، فكما ذكر شهود للرب في فترة السبى مثل دانيال والثلاثة فتية، كذلك ذكر طوبيا وسارة وغيرهم في سبى الشمال. ويوضح سفر طوبيا ايضاً حيل إبليس وهزيمته بعد طول صبر وصلاة نقية من نفس لها رجاء بإلهها.
ثانى عشر: القيمة الليتورجية لسفر طوبيا
سفر طوبيا، سفر معبق برائحة نسكية، تصطبغ تعاليمه بصبغة أرثوذكسية، ولذلك فأن الكنيسة المتممة بالروح القدس قد أدخلته في ليتورجياتها، حيث رتبت أن يقرأ بكامله في يوم الجمعة من الأسبوع السادس في الصوم الكبير، وذلك في إطار التعليم الكتابى الكنسى عن (استجابة الله للذين يدعونه، بخلاص أكيد).
وليمة طوبيا والإفخارستيا:
فى عيد العنصرة، وكما يقضى الناموس والتقليد أقام طوبيا الأب (الأب) وليمة عظيمة في بيته، ثم أرسل طوبيا ابنه (الابن) لكي يدعو إلى الوليمة كل مستعد وتقى حتى يكمل الفرح، إذ لم يشأ طوبيا الأب أن يأكل طعامه حتى يأتى ضيوفه إلى المائدة، هكذا يصرخ الكاهن في نهاية القداس (القدسات للقديسين).
الصلاة والصوم والصدقة:
(الصلاة مع الصوم والصدقة مع البر خير من الغنى مع الأثم (طو 8:12) وقد ركز كثير من قديسى الكنيسة الأول مثل يوحنا ذهبى الفم والقديس اغسطينوس على الصدقة ورحمة المساكين، في عظاتهم كثيراً، معتمدين أيضاً على ما ورد في سفر طوبيا (الصدقة تنجى من الموت طو 10:4، 9:12).
سر الزواج:
كذلك فقد كان لسفر طوبيا أثراً كبيراً في طقوس الزواج في الكنيسة، فإلى وقت قريب كان والد العروس يأخذها من يدها ويسير بها داخل الكنيسة حتى يصل إلى مكان عقد الإكليل حيث يسلمها للعريس. هذا ما صنعه راعوئيل والد سارة، حيث أخذها من يدها اليمنى وسلمها ليمين طوبيا مباركاً أياهما (راجع طو 12:7). كما وردت في سفر طوبيا أول إشارة إلى استخدام صحيفة (عقد) الزواج، وهو الأمر المعمول به إلى اليوم لدى جميع الكنائس والشعوب (طو 13:7).
كما نلاحظ أن طوبيا وسارة يتفرغان للصلاة والصوم مدة ثلاثة أيام، بعد مراسم الزواج وقبل الاحتفال بهما، وهو الأمر الذي كان متبعاً في الكنيسة الأولى، حيث يتم طقس سر الزواج بين رفع بخور باكر والقداس الإلهى وعندها يتناول العروسان من السرائر المقدسة ثم يتفرغان للعبادة ثلاثة أيام. وقد بدأ هذا الطقس في اتخاذ موقعه في الكنيسة اليوم، حيث يشجع الأباء على إتمام مراسم الزواج باكر يوم الأحد عقب رفع بخور باكر، ثم يتناول العروسان من الأسرار المقدسة قبل خروجهما من الكنيسة والأحتفال مع الأهل والأصدقاء بزواجهما.
الدهن بالزيت:
يرد في طقس صلوات الإكليل، أن الكاهن يصلى على الزيت ثم يرشم العريس والعروس قائلاً (ليبطل هذا الدهن الشياطين، هذا الدهن قبالة الأرواح الرديئة، هذا دهن الأرواح المقدسة، هذا الدهن قبالة مقاومة الأرواح النجسة، بيسوع المسيح ملك المجد….. الخ) وفى هذه الصلاة إشارة إلى الروح الردئ المذكور في قصة زواج طوبيا بسارة.
ويقول أيضاً هذه الصلاة (استر عبديك… وأحفظ مضجعهما نقياً، حصنهما بملائكتك الأطهار… الخ) وفيها إشارة إلى دور الملاك روفائيل في قصة الزواج هذه (راجع كتاب مجموع صلوات الكنيسة للأفراح والأتراح، للقمص عبد المسيح سليمان سنة 1943 ص47-52).
المعمودية:
وفى إطار التعليم عن المعمودية يظهر طوبيا الأب في دور الإشبين بالنسبة لابنه طوبيا (طو 4) وهو الأمر الذي صار معمولاً به حتى أواخر القرن الماضى حين اضطر الاب والام في ايامنا هذه إلى الخروج للعمل ولم يعودا مؤهلين للقيام بهذا الدور، مما دفع الكنيسة إلى إنشاء مدارس الأحد لتقوم بدور الإشبين لدى الطفل.
مسحة المرضى:
وعن سر مسحة المرضى، نرى أن الملاك يوصى طوبيا بأن يطلى عينى أبيه بمرارة السمكة، وهو ما يقابل الزيت المقدس في دهن المرضى (طو 11:11) والقاسم المشترك هنا، إن إيمان المريض نفسه، هو الذي يشفيه، مع العمل الخفى للأسرار وليست المادة المحسوسة فقط (راجع التعليق على ذلك في شرح النص).
تبريك المنازل:
ويرى العالم ب جيفين P. Giffun أنه كان لسفر طوبيا الأثر الكبير في تأكيد عادة وتقليد رش المنازل بالماء، لتبريكها وطرد الأرواح الشريرة منها. وفي بستان الرهبان ترد قصة عن شخص مريض ظهر له في حلم شخص آخر (كان الأول قد أحسن إليه) ومسح بيده عليه وشفاه ثم أورد له آية من سفر طوبيا وهي (أعمل الرحمة فأنها تخلصك من الآفات وتغفر الخطايا) وهو نفس مضمون (طو 10:4، 9:12) مما يدل على أن سفر طوبيا كان معروفاً في القرن الرابع الميلادى (الوقت الذي جرت فيه أغلب حوادث بستان الرهبان) واتضح بما لا يقبل الشك أن الروح القدس الذي الهم كاتب سفر طوبيا هو ذات الروح الذي وضع في فم الشخص الذي ظهر في الحلم نفس القول.
ثالث عشر: التعاليم في سفر طوبيا
1 سفر طوبيا يبين عناية الله:
فالله يهتم بابنائه الذين يعيشون في الضيق (17:3) ويستعمل لنا سفر طوبيا من أجل مقصد سابق، من أجل سر لن يكشف عنه إلا في النهاية، لماذا لم تستطع سارة أن تتزوج؟ الجواب: لتحفظ لطوبيا. لماذا هذه السمكة الكبيرة التى هددت حياة طوبيا؟ لأن منها سيخرج دواء لسارة ولطوبيت، فتشفى هذه من شيطانها وذاك من عماه. أعلن النص في البداية أن الله استجاب صلاة طوبيت وسارة (16:3 – 17)، ولكن القارئ لن يفهم شيئاً قبل أن يكشف روفائيل الملاك عن نفسه (11:12-15). ولكن الله لا يعمل بيده، بل بواسطة الملائكة الذين ينفذون مقاصده.
2 سفر طوبيا هو سفر العائلة:
نحن أولاً أمام عائلتين: عائلة طوبيت وعائلة سارة والعيلة هي الخلية التى فيها ينتقل الأرث الروحى من الأباء إلى الأبناء، ومن الشيوخ إلى الشبان. لهذا يشدد الكتاب على الفضائل التى تشد أعضاء العائلة بعضهم على بعض ولا سيما احترام الوالدين: أكرم والدتك ولا تتركها جميع أيام حياتها، وأعمل ما يطيب لها ولا تحزنها في أى أمر كان (3:4). ويتوقف الكاتب عند الزواج الذي فيه يتم الانتقال من جيل إلى أخر وبه يرتبط المستقبل: فهناك خطر كبير أن يضيع المسبيون وسط الأمم بفعل الزواجات المختلطة. هنا نفهم أهمية نصائح طوبيت لأبنه: أتخذ امرأة من نسل أبائك. لا تتخذ امرأة غريبة لأننا أبناء الأنبياء (12:4).
3 الصلاة والصوم:
كما أن طوبيا كان يمارس الصلاة والصوم يوماً بيومه، هكذا أيضاً في عمل الصدقة وفعل الرحمة (كان طوبيا يطوف كل يوم على جميع عشيرته ويعّزيهم ويواسى كل واحد من أمواله على قدر وسعه. فيطعم الجياع ويكسو العراة ويدفن الموتى والقتلى بغيرة شديدة) طو 19:1-20.
4 الصلاة من أجل الراقدين:
من بين نصائح طوبيا لابنه قوله (ضع خبزك وخمرك على مدفن البار) طو 18:4 وهو هنا تراه يقدم القرابين والتقدمات من أجل الراقدين. وإذاً، فلا خطأ في الترحيم على الموتى وإقامة القداسات في تذكاراتهم (بتقدمه الخبز والخمر) ورفع الصلوات والبخور وتقديم القرابين والتقدمات لأجل الراقدين. فهذا تعليم كتابى صريح.
5 خدمة الملائكة والقديسين:
إن تجلى الملاك روفائيل (= ومعنى الاسم شفاء الله) وظهوره في هيئة فتى بهى (طو 6:5) وقيامه بخدمة طوبيا الابن ومرافقته ونصحه وشفاء سارة وزوجته وشفاء طوبيا أبيه من العمى الذي لحق به. إنما يؤكد لنا إمكان تجلّى وظهور الملائكة والقديسين في أشكال مقبولة لنا وكذا إمكان مساهمتهم (بإذن من الله) في خدمة البشر ومساعدتهم والتشفع عنهم.
كما أن رافائيل الملاك أوضح إحدى المهام التى يقوم بها حينما قال لطوبيا الأب (إنك حين تصلى بدموع وتدفن الموتى تترك طعامك وتخبأ الموتى في بيتك نهاراً وتدفنهم ليلاً كنتُ أنا أرفع صلاتك إلى الرب) طو 12:12.
6 الزواج مقدس:
يوضح لنا سفر طوبيا كيف ينبغى أن يكون الزواج مقدساً. ففى هذا يقول طوبيا في صلاته (والآن يارب أنت تعلم أنى لا لسبب الشهوة أتخذ أختى زوجة، وإنما رغبةً في النسل الذي يبارك فيه اسمك إلى دهر الدهور) طو 9:8 وتقول سارة بنت راعوئيل في صلاتها (إنما رضيت بأن أتخذ رجلاً لخوفك لا لشهوتى) طو 18:3 وقال الملاك رافائيل لطوبيا بأن يمسك عن زوجته ثلاث أيام ولا يتفرغ معها إلا للصلوات (وبعد أنقضاء الليلة الثالثة تتخذ البكر بخوف الرب وأنت راغب في البنين أكثر من الشهوة لكي تنال بركة ذرية إبراهيم في بيتك) طو 12:6.
7 طقوس الزواج:
يتحدث سفر طوبيا عن جوانب روحانية وعن طقوس في الزواج اتبعّت من قديم، لازالت الكنيسة تتبّعها حتى الآن، تظهر مهابته وقدسيته وجلاله، وتطبعه بطقس ونظام لازمين له.
من ذلك يأتى:
- أن الرجل راعوئيل، وإن كان لم يتكلم صراحة عما أصاب الرجال السبعة الذين دخلوا على ابنته، إلا أن الكتاب يذكر أنه (ارتعد… وخاف أن يصيب هذا ما أصابهم) ولما سئل عن قبوله تزوج ابنته من طوبيا تردد (ولم يَرْد عليه جواباً) طو 11:7. وهذا يؤكد أهمية الصراحة في المعلومات عن العروسين لئلا يكون أحدهما سبب تعاسة وإخفاق للحياة الزوجية.
- لم يقبل راعوئيل تزويج ابنته لطوبيا إلا بعد أن بحث الأمر وطمأنه الملاك وأن هذا الأمر من الله. بل إنه أيضاً قَدَّم للزواج برفع الصلوات وسكب الدموع أمام الله. ولما اطمأن قال، (لا شك أن الله قد قبل صلواتى ودموعى أمامه) طو 13:7.
- يجب أن يتم الزواج على حسب الشريعة. وفى هذا كان راعوئيل مطمئناً أن ابنته سوف (تتزوج بذَى قرابتها على حسب شريعة موسى) طو 14:7.
- يتضح لنا من كلام سفر طوبيا (ثم أخذ بيمين ابنته سارة وسلّمها إلى يمين طوبيا. قائلاً إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب يكون معكماً وهو يقرنكما ويتم بركته عليكما. ثم أخذوا صحيفة وكتبوا فيها عقد الزواج. وبعد ذلك أكلوا وباركوا الله.
ودعا راعوئيل حنة زوجته وأمرها أن تهىء مخدعاً آخر) طو 15:7 – 18 (ملاك الرب القدوس يكون في طريقكما… وترى عيناى بنيكما ثم صرفاها. وأوصياها أن تكرم حويها وتحب بعلها وتدبر عيالها وتسوس بيتها وتحفظ نفسها غير ملومة) طو 11:10-13 ويتضح من ذلك بعض الطقوس وأشكال العبادة التى كانت تتبع قديماً في الزواج ومازلنا تأخذ بها للآن وعلى الأخص تسليم العروس لعريسها، وطلب البركة للعروسين، وكتابة الزواج، وخلو الزواج من المباهج العالمية التى تشوّه قدسية السر والإكتفاء في ذلك بألحان البركة والولائم، واستقلال المخدع وانفراد الزوج لزوجها، وطلب بركة الذرية والنسل الصالح ورضا الأبوين على أبنهما أو ابنتهما، والوصايا للعروسين وبخاصة للعروس أن تكرم حويها وتحب زوجها وتدبر أولادها وتسوس بيتها وتحفظ نفسها في طهارة بغير لوم.
رابع عشر: نبوات سفر طوبيا
النبوات التى جاءت في سفر طوبيا:
-
خراب نينوى إتماماً لنبوة يونان (طو 6:14)
-
سبى مملكة يهوذا واحراق الهيكل (طو 7:14)
-
عودة بنى إسرائيل من السبى وترميم أورشليم والهيكل (طو 7:14)
-
عودة جميع الأمم إلى الرب وتركهم عبادة الأصنام (طو 18:14)
خامس عشر: المسيح له المجد في سفر طوبيا
1 الأحداث:
زواج طوبيا من ابنة راعوئيل يوحى لنا باتحاد المسيح بكنيسته، فهو وحده عريس نفوسنا الحقيقى.
2 النبوات:
- نبوة عن كنيسة المسيح وخضوع الكل لها:
” أما أنا فنفسى تتهلل به… يا أورشليم مدينة الله… تتلألئين بسنى بهيج وجميع شعوب الأرض لك يسجدن… مبارك الرب الذي عظمها وليكن ملكه فيها إلى دهر الدهور أمين ” (طو 9:13-23).
- نبوة عن توبة الأمم كلها:
” وجميع الأمم التى على الأرض تتوب كلها وتتقى الله حقاً وتعرض عن جميع أصنامها الكاذبة التى تضلها في ضلالها، وتبارك إله الدهور بالبر ” (طو 5:14-6)
ويرى آخرون:
أن ما قام به الملاك روفائيل إنما يرمز لعمل المسيح الذي كان وسيطاً بين الله والناس، ولأن المسيح قد قبض على الشيطان الذي كان يقتل أرواحنا ولأن السيد الرب هو الذي أنار عيون النفس كما فعل روفائيل مع طوبيا الاب، ومن هنا فقط كان سفر طوبيا في العصر الرسولى مطابق جداً لعمل المسيح له المجد، واحد أركان البشارة الاساسية، لقوة رموز طوبيا والملاك لعمل المسيح الخلاصى.
سادس عشر: سفر طوبيا والعهد الجديد
راجع المقدمة في القسم الأول من البحث
سابع عشر: قانونية سفر طوبيا
الشهادة الأولى: شهادة الترجمة السبعينية
” لقد أدرج سفر طوبيا ضمن الترجمة السبعينية التى تمت في أيام بطليموس الثاني فيلادلفيوس سنة 285 247 ق. م. أى أن سفر طوبيا كان موجوداً ومعروفاً قبل هذا العصر
الشهادة الثانية: شهادة الترجمات والمخطوطات
-
ترجمة سيماخوس وتادوسيون: لقد أدرج أيضاً ضمن ترجمة سيماخوس وتادوسيون التى تمت سنة 130م.
-
ترجمة الفولجاتا اللاتينية: التى قام بها القديس جيروم سنة (331 420م) وكان ترتيبه في هذه الترجمة بعد سفر نحميا وقبل سفر يهوديت وأستير وهو نفس الترتيب الموجود به في الترجمة السريانية البسيطة.
-
وضمن المخطوطات السينائية، والفاتيكانية، والأسكندرانية المرموز لها بالرموز (Rs. Rv. Rc).
-
مخطوطات قمران: لقد كان سفر طوبيا منتشراً بصورة واضحة جداً بين الأوساط اليهودية حتى وقت قريب فلقد وجد ضمن مخطوطات قمران جزء منه بالعبرية. وأربعة أجزاء منه بالآرامية.
-
وجدت ضمن مدراش رابا الرباوى. ومدراش بريشيت رابا الكبير ومدراش برشيت رابا. وضمن نص مونستر العبري ونص فاجيوس العبري.
الشهادة الثالثة: شهادة اليهود
-
كان سفر طوبيا منتشراً جداً في الأوساط اليهودية وهذا ما أكدته مخطوطات قمران.
-
وجدت في المخطوطات والترجمات العبرية.
الشهادة الرابعة: شهادة الأباء الرسل
وكل آباء الكنيسة اعتبروه سفراً قانونياً فقد ورد ضمن الكتب القانونية في قوانين الرسل قانون رسطا 80.
الشهادة الخامسة: شهادة المجامع:
-
مجمع قرطاجنة: وقد ذكر أيضاً من ضمن الكتب القانونية في مجمع قرطاجنة سنة 419م في القانون رقم 24 وهذا المجمع يعتبر مصدر التشريع الكنسى لكنائس أفريقيا لأنه اعتمد قوانين 16 مجمعاً سابقاً له من الفترة (34 419م)
-
مجمع هيبو المنعقد في سنة 393م.
-
ومجمع قرطاجنة المنعقد في 397م. وقد استمرت جلساته سنة 419م لمدة ست سنوات متتالية. وقد حضره القديس أغسطينوس (354 430م) وهذا المجمع كان في حبرية البابا كيرلس الكبير الملقب بعمود الدين بابا الأسكندرية.
الشهادة السادسة: شهادة الأباء الأولون
قد اقتبس منه واستشهد به آباء الكنيسة الأولون مثل:
- أكليمندس الرومانى تنيح في 90م تقريباً عاصر القديس يوحنا الحبيب والرسول الإنجيلى في رسالته الثانية إلى كورنثوس (قارن طو 8:12 مع رسالته هذه 4:16) و(قارن أيضاً طوبيا 8:7 مع رسالته الثانية لكورنثوس 16:16).
- وأيضاً القديس بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول وأسقف سميرنا استشهد سنة 155م
- في رسالته إلى فيلبى (قارن 2:10 مع طوبيا 9:12 وكذلك 10:4).
- والعلامة اوريجانوس في كتاب الصلاة في الفصول (11، 14، 32) مثلاً من: (طوبيا 1:3، 2، 24، 25 و8:12 و12:12). ويستخدم هذه الآية كثيراً 15:12)
- وإكليمندس الإسكندرى في كتابه المربى (الفصل الثاني 23 والفصل 13:6)
- وديوناسيوس الإسكندرى في رسالته العاشرة.
- والبابا أثناسيوس في رده على الريوسيين الفصل الحادى عشر. ويقول عنه القديس أثناسيوس الرسولى مع بقية الأسفار القانونية والتى يقال عنها تجاوزاً القانونية الثانية (طوبيا يهوديت حكمة سليمان حكمة يشوع بن سيراخ باروخ تتمة دانيال وأستير مكابين الأول والثانى): ” قد عينها الآباء كى يقرأها الذين ينضمون إلينا حديثاً. والراغبون في أن يتدربوا في حسن العبادة لأنها نافعة للتعليم “
- ولقد اقتبس هذا التعبير عن معلمنا بولس الرسول الذي أخذه من بساطة الترجمة السبعينية ” كل الكتاب هو موحى به من الله. ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر (2تى6:2). ويذكر أيضاً ضمن الكتب القانونية التى للقديس أثناسيوس الرسولى (326 373م)
- والقديس ديديموس الضرير في كتابه الثالوث (فصل 1:3).
- وأيضاً كل من ديوناسيوس الرومانى وباسيليوس الكبير وجيروم وأغسطينوس والبابا ليون الكبير المشهور في كنيستنا بلاون والذي حدث بسببه انشقاق الكنيسة في مجمع خلقدونية والبابا كليستوس بابا روما في كتابتهم المختلفة.
- ويصفة القديس كبريانوس في مقال له عن الرحمة بأنه: ” كتاب طوبيا الموحى به من الله “.
الشهادة السابعة: شهادة الكنائس الأخرى:
- الكنيسة الكاثوليكية: بسبب اعتراض زونجلى وكالفن من قادة الحركة البروتستانية على قانونية بعض من الأسفار بينها سفر طوبيا دعت الكنيسة الكاثوليكية إلى عقد مجمع تردنت عام 1546م فأكدت قانونية هذا سفر طوبيا مع بقية المجموعة حتى مكابين الثاني.
- كنيسة الروم الأرثوذكس اليونانية: أكدته أيضاً في المجمعين المنعقد أحدهما في القسطنطينية وكمل في ياش سنة 1645م. والثانى في أورشليم سنة 1672م. وأيضاً في مجمع سنة 1675م.
- الكنيسة الروسية الأرثوذكسية: تطبعه ضمن طبعة العهد القديم باللغة السلافية.
الشهادة الثامنة: شهادة البروتستانت
ويقول عنه مارتن لوثر مؤسس البروتستانية: أتاريخ هو؟ أنه لتاريخ مقدس. بأسلوب شعري؟ أنه حقاً لمؤلف جميل ونافع ومتكامل أبدعه شاعر ملهم “
الشهادة التاسعة: شهادة قوانين الكنيسة
وردت في قوانين الشيخ الصفى بن العسال في مصر وقوانين العلامة شمس الرياسة المعروف بإبن كبر. كما ورد في البذاليون في التعليق على قانون الرسل رقم 85 عند الروم.
الشهادة العاشرة: طبعات الكتاب المقدس
- لقد كان من طبعات الكتاب المقدس.
- حتى بدأت جمعيات الكتاب المقدس طبعه مع أسفار (يهوديت حكمة سليمان حكمة يشوع بن سيراخ باروخ المكابيين الأول والثانى وتتمة سفرى دانيال وأستير) في ملحق خاص به في أول طبعة باللغة الألمانية للكتاب المقدس.
- وقد سارت على هذا المبدأ جمعية الكتاب المقدس البريطانية حتى سنة 1728م. حينما حذفته نهائياً.
- ولكن بعض جمعيات الكتاب المقدس تراجعت بعد الحرب العالمية الثانية. بسبب احساسها بالعمل المسكونى. فبدأت في طبعه كملحق بين العهدين تحت شعار: (طبعة مسكونية للمرة الأولى منذ عهد الإصلاح وهذه الطبعة الكاملة للكتاب المقدس نالت موافقة الكنائس البروتستانية والكاثوليكية والأرثوذكسية).
- وأخيراً أصدرت دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط ترجمة حديثة ضمت هذه الأسفار منفصلة بين العهدين. ولكن توجد بعض التحفظات من كنيستنا تجاه هذه الترجمة (الطبعة الأولى سنة 1993م).
الشهادة الحادية عشر: شهادة كنيسة الاسكندرية
أما كنيستنا القبطية فقد كانت بعيدة عن هذا الصراع، فلقد سارت على النهج الرسولى تجاه هذا سفر طوبيا. وأعطته مكانته ضمن الأسفار القانونية. وتقرأه بكامله في يوم الجمعة من الأسبوع السادس من الصوم الكبير. والذي ينتهي بقراءة فصل المولود أعمى. حيث تلفت نظرنا إلى قوة السيد المسيح النور الحقيقى الذي يهبنا استنارة روحية وجسدية من خلال تعليمنا وأعطائنا درساً عملياً وهو شفاء كل من طوبيا والمولود أعمى. ولقد قامت بطباعته ضمن قطمارس الصوم الكبير.
ثامن عشر: أهم الإعتراضات والرد عليها
الاعتراض الأول
روى الرحالة ” ترابو ” أن راجيس من أعمال مديان قد بنيت بيد سلوقس (= سلوقى) الأول نكيتور (323 ق. م: 282ق. م) في القرن الثالث أو الرابع قبل الميلاد، وهو واحد من القواد الذين خلفوا الاسكندر الأكبر بينما ورد ذكر راجيس في سفر طوبيا الذي يفترض أن ترجع حوادثه إلى القرن الثامن قبل الميلاد.
الرد:
أن مدينة راجيس هي بالفعل أقدم من العصر السلوقى وأن سلوقى نكيتور قد أعاد بنائها وجددها. أى أنه بنى مدينة جديدة في نفس موضع المدينة القديمة التى قد تكون قد دُمرت بفعل الزلازل التى تكثر في تلك المنطقة (حالياً إيران) ولما أعاد سلوقى نكيتور بناءها نُسب بناؤها إليه. وهو نفس الرد الذي نقوله بالنسبة للاعتراض الموجه على بناء مدينتى فيثوم ورعمسيس اللتين بناهما بنو إسرائيل قبل الخروج بينما يذكر التاريخ أنهما بُنيتا في زمان رمسيس الثاني بعد الخروج فلا مانع أنهما قد بُنيتا للمرة الثانية أو أكمل بناؤها وتوسيعهما بعد الخروج.
ملاحظات:
- معروف عن رمسيس الثاني أنه سرق جهد وأعمال سابقيه.
- بنى الإسكندر الأكبر مدينة الاسكندرية في مكان قرية صغيرة تسمى راكودا وسمي المدينة باسمه وظل حى راكودا (راكوتا) هو الحى الشعبى بمدينة الاسكندرية.
الاعتراض الثاني:
جاء في الترجمة اللاتينية لسفر طوبيا أن سارة بنت راعوئيل كانت مقيمة في راجيس مدينة الماديين (أنظر طوبيا 7:3) وكذلك غابليوس (أنظر طوبيا 21:4) ثم جاء في (طوبيا 3:9) أن طوبيا لما كان عند راعوئيل أرسل روفائيل إلى غابليوس في راجيس ولذا يبدو أن في احد النصين خطأ.
الرد:
إن كانت الترجمة اللاتينية قد أوردت أن سارة كانت مقيمة في راجيس (7:3) إلا أنها في الواقع كانت تسكن في قرية بالقرب من راجيس تدعى أحمتا (أنظر طوبيا 7:3) وهذا يتضح من النسخة اليونانية وهي اقدم وتتفق معها النسخ العبرانية والآرامية وهي قديمة، وهذا يستقيم المعنى أن طوبيا عندما كان نازلاً عند راعوئيل في أحمتا ارسل روفائيل إلى راجيس حيث يسكن غابليوس وبهذا ينتفى التناقض.
كما نود أن نوضح أن كثيراً ما كانت ولازالت اسماء المدن الكبرى تطلق على الضواحى والأقاليم التابعة لها إدارياً فلا تنحصر التسمية فقط على المدينة الأم، وإنما تمتد لتشمل جميع المناطق الخاضعة لها إدارياً بما فيها من بلدان وقرى. وعلى ذلك يكون المقصود من النص في الترجمة اللاتينية أن سارة بنت راعوئيل كانت تسكن في أقليم راجيس أى في احدى البلدان القريبة أو التابعة لمدينة راجيس وهي التى أوضحتها النسخ والترجمات الأخرى أنها تدعى أحمتا.
ومما يدعم هذا الرأى قول الملاك لطوبيا: ” أعرفها وقد سلكت جميع طرقها مراراً كثيرة وكنت نازلاً بأخينا غابليوس المقيم براجيس مدينة الماديين التى بجبل أحمتا ” (طو 8:5). أى أن راجيس في منطقة جبل أحمتا وبالتالى تكون أحمتا في جبل أحمتا واحدة من البلاد القريبة من راجيس والتابعة لها إدارياًُ.
الإعتراض الثالث:
جاء في (طوبيا 1:1، 2) أن طوبيا الشيخ كان من سبط نفتالى، وأنه سُبى في عهد شلمنآسر ملك آشور بينما جاء في (2مل29:15) أن الذي سبى نفتالى هو تغلت فلاسر الذي تملك قبل شلمنآسر.
الرد:
أن تغلث فلاسر الثالث (745 727 ق. م) قد سبى جزءاً من الأسباط العشرة بما في ذلك أرض نفتالى في أيام فقح بن رمليا ملك إسرائيل نحو 723 ق. م (راجع 2مل29:15) ولذلك فقد بقى جزء كبير من الشعب في الأرض ممن نجوا من هذا السبى الأول ومنهم بطبيعة الحال أناس من سبط نفتالى أيضاً.
ثم لما تملك خليفته شلمنآسر الخامس 727 722 ق. م صعد في أيام هوشع ملك إسرائيل وأخضعه أولاً تحت الجزية ثم قبض عليه وحاصر السامرة ثلاث سنوات وأخذها وسبى إسرائيل إلى آشور(2مل1:17-6). وفى هذا السبى الثاني وهو العام لمملكة إسرائيل الذي تم سنة 722 ق. م أخذ طوبيا الشيخ وفقاً لما جاء في سفر طوبيا (1:1، 2). وقد نسب البعض في المرتين إلى شلمنآسر (قاهر الملوك) وكذلك لأنه الملك الذي تفاعل أكثر مع أحداث سفر طوبيا.
الاعتراض الرابع:
يقولون بأن سفر طوبيا يمثل لنا الملاك رافائيل كاذباً فهو يقول: ” أنا من بنى إسرائيل ” (7:5) ” أنا عزريا بن حننيا العظيم ” (18:5) كما يقول مع طوبيا الصغير أنهما ” من سبط نفتالى من جلاء نينوى ” (3:7) ويقول أيضاً: ” قد سلكت جميع طرقها (أى طرق بلاد الماديين) مراراًَ، ونزلت بأخينا غابليوس المقيم براجيس مدينة الماديين التى في جبل أحمتا” (8:5).
الرد:
أن ظهور الملائكة بهيئة بشر أمر تكرر حدوثه بكثرة ومذكور في مختلف أسفار الكتاب المقدس بعهديه (مثل ظهور ملائكة لإبراهيم ولوط ويشوع ودانيال وبطرس و… إلخ). أما قوله ” أنا عزريا بن حننيا العظيم ” فمعناه أنا قوة الله بن حنان الله. وهذه صفات تنطبق على الملائكة فلا يكون الملاك رافائيل كاذباً إذا قال أنا قوة الله بن حنان الله العظيم خصوصاً وأن هذه التسمية تتفق تماماً مع الرسالة التى جاء لإتمامها فقد جاء لإنقاذ طوبيا الشيخ وسارة بقوة الله النابعة من حنان الله العظيم.
أما كونه يقول إنه من بنى إسرائيل ومن سبط نفتالى من جلاء نينوى فهذا لأنه مكلف ومختص بحراسة شعب الله في ذلك الجلاء، وهناك دلائل في الأسفار الأخرى تشير إلى تنوع اختصاصات الملائكة سواء الأخيار منهم أو الأشرار. فهناك ملائكة لحراسة الدول والبلدان… علاوة على وجود ملائكة لحراسة الأشخاص وبخاصة القديسين. (راجع دانيال 12:10، 13)، (خر20:23، 23)، (خر34:32)، (خر2:23). أما كون الملاك قد سلك طرق أرض الماديين مراراً ونزل بغابليوس فهذا أمر لا يمتنع على الملائكة خصوصاً المكلفين منهم بخدمة البشر.
الاعتراض الخامس:
يعترضون بأن ما جاء في طوبيا (8:3)، (14:6) من القول بأن الشيطان قتل أزواج سارة السبعة يؤيد الاعتقادات الخرافية بأن الشياطين تهيم ولعاً بالبشر وتغار عليهم وتتزوج منهم وتقتل من يريد أن ينافسها من البشر في الزواج بهم كما يستخفون بمسألة ربط الشيطان في صعيد مصر.
الرد:
بمراجعة النص لا نجد فيه ما يدل على أن الشيطان قد تزوج بسارة أو أنه كَلِف بهواها وإنما الناس ومنهم طوبيا (14:6) فهموا أن شيطاناً هو الذي قتل أزواجها السبعة وإن كان الناس في تلك العصور القديمة يرون في مثل حادثة سارة دليلاً على أن الشياطين تتزوج من البشر إلا أن الكتاب المقدس وسفر طوبيا نفسه ليس به هذا التعليم فهو لا يحتوى على نص يدل على ذلك صراحة، وإنما تستغل الشياطين مثل هذه الحوادث فتشجع هذه الاعتقادات لتغرس الخوف في نفوس الناس والفزع من غضب الشياطين بهدف إخضاع الناس لسلطانهم وجعلهم يلتمسون رضاء الشياطين دائماً.
وهذا هو أيضاً ما حدث بالنسبة لسارة فهى لكونها تتقى الله لم يستطع الشيطان أن يمسها بينما استطاع أن يقتل أزواجها السبعة لأنهم كانوا أشراراً وكان الزواج في نظرهم مجرد شهوة حسبما قرر الملاك رافائيل ذلك بقوله: ” استمع فأخبرك من هم الذين يستطيع الشيطان أن يقوى عليهم إن الذين يتزوجون فينفون الله من قلوبهم ويتفرغون لشهوتهم كالفرس والبغل اللذين لا فهم لهما أولئك للشيطان عليهم سلطان ” (طو16:6، 17).
أما طوبيا فلأنه اتبع مشورة الملاك وتسامي في زيجته ممسكاً عن عروسه ثلاثة ايام ليتفرغ معها للصلاة إلى الله قبل أن يجتمع بها فإذ سلك بذلك في زيجة روحانية لم يقدر الشيطان أن يمسه بأذى وإنما قبض الملاك على الشيطان ونفاه إلى صعيد مصر بمعنى أن الشيطان لا يقدر أن يقترب إلى أبناء الله القديسين ويكون منفياً بعيداً عنهم إلى أقصى الأرض إلى صعيد مصر التى تمثل بالنسبة لنينوى أقصى الأرض المعروفة للناس في ذلك الوقت. (قارن ربط الشيطان لمدة 1000 سنة في سفر الرؤيا 2:20).
الاعتراض السادس:
يعترضون بأنه من غير المعقول أن ذرق الخطاف يقع على عينى طوبيا فيصيبهما بالعمى كما أنه من غير المعقول أن ابنه أعاد إليه البصر بدهن عينيه بمرارة الحوت.
الرد:
إنه إذا سقط ذرق الخطاف على العينين من ارتفاعٍ عالٍ فمن الممكن أن يصيبهما بالعمى لأن العين سريعة التأثر جداً أكثر من سواها من الأعضاء. وذرق الخطاف بسبب إلتهاباً في العين بفعل الجراثيم الفتاكة الموجودة فيه وبفعل حموضته أو قلويته التى يسبب إلتهاباً في العين وتقرحاً في القرنية يمهد الطريق للجراثيم أن تقتحم إلى داخل العين وتفتك بها. أما الاعتراض على معجزة شفاء طوبيا باستخدام مرارة الحوت فالرد عليه هو بأن اقتران المعجزة بصورة مادية محسوسة أمر يتفق مع الطبيعة البشرية التى تتكون من جسد وروح فالصورة المادية المحسوسة من المعجزة تغذى حواس الجسد والقوة الروحية في المعجزة تستفيد منها الروح.
فلو أننا نقول بأن قلب الحوت له في ذاته قوة على طرد الشياطين إذا أُحرق على الجمر وأن مرارة الحوت في حد ذاتها تصلح دائماً لعلاج العيون فاقدة البصر لكان الأمر حقاً لا يتفق مع العقل ويتعارض مع المشاهدات الطبية المعروفة. أما كونهما في هذه الحالة بالذات يصلحان للشفاء فهذا ليس إلا من قبيل المعجزة التى أخذت هذه الصورة المادية لتتم بواسطتها.
وفى الكتاب المقدس أمثلة كثيرة مشابهة، فالشفاء في العهد الجديد يقترن بالدهن بالزيت المقدس ولقد مارس الرسل المسحة بالزيت ” ودهنوا بزيت مرضى فشفوهم ” (مر13:6) وأوصوا بمسح المريض بالزيت ” أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب وصلاة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له ” (يع14:5، 15). وواضح أن قوة الشفاء ليست في مادة الزيت بذاتها ومع ذلك فلابد من الدهن بالزيت كصورة مادية يشعر بها الجسد فتؤمن الروح وتحس بقوة النعمة المرافقة للدهن بالزيت وموهبة الروح القدس للشفاء التى قدست ذلك الزيت.
وهكذا فعل السيد المسيح في معجزة شفاء المولود أعمى ” صنع من التفل طيناً وطلى بالطين عينى الأعمى وقال له أذهب اغتسل في بركة سلوام الذي تفسيره مرسل فمضى واغتسل وأتى بصيراً ” (يو6:9، 7). فالطين ليست فيه قوة للشفاء وإنما قد يسبب العمى للعين السليمة، ومع ذلك فإن السيد صنع طيناًَ وطلى به عينى المولود أعمى وقال له: اذهب إلى بركة سلوام (بالذات) لأن كل هذه الأمور المادية تغذى العنصر الحسى في الإنسان ويدل تنفيذها على الإيمان كما يبعث على تقوية الرجاء في الإنسان ويحس وهو ينفذها بتأثير القوة المرافقة لها ويؤمن أنه فيما يفعل ذلك فإنه يحصل على نعمة الشفاء.
وبالمثل أيضاً في قصة شفاء حزقيا الملك من مرض الموت الذي مرضه فإن أشعياء بعد أن أبلغ حزقيا بقبول صلاته وشفائه من لدن الرب أمر أن يأخذوا قرص تين ويضعوه على الدَّبل (أى القرحة) فيبرأ. (2مل7:20)، (أش31:38)، مع ذلك فلسنا نقول بأن الشفاء كان في قرص التين في حد ذاته أو أن قرص التين دواء ناجح للحمرة أو للدمامل.
كذلك أيضاً معجزة إبراء بنى الأنبياء من الطعام المسموم إذا أكلوا طبيخاً من قثاء برى سام وصرخوا إلى إليشع قائلين: ” في القدر موت يا رجل الله “، فقال هاتوا دقيقاً وألقاه في القدر وقال: ” صب للقوم فيأكلوا فكأنه لم يكن شئ ردئ في القدر (2مل38:4-41)، فإلقاء الدقيق في القدر إجراء طقسى ظاهرى مرافق لإتمام المعجزة، بينما الدقيق ليس في حد ذاته مادة مضادة للتسمم.
ليس من الصعب إذن أن نفهم أن تفتيح عينى طوبيا الشيخ قد تم لا بقوة موجودة ذاتياً في مرارة كبد الحوت التى لا يمكن أن تفعل شيئاً سوى أن تصبغ البياض في القرنية لكنها لا تعيد إليها شفافيتها لترد للعين نعمة البصر، إنما الشفاء تم بالنعمة الخفية التى صاحبت الدهن بمرارة الحوت. وهناك عامل آخر يؤخذ في الحسبان وهو إيمان طوبيا الابن الذي تجلى في طاعته لقول الملاك ودهنه عينى والده بمرارة الحوت وبالمثل أيضاً يمكن أن نفهم تأثير حرق قلب (أو كبد) الحوت في الجمر.
فالقوة ليست في الإجراء الطقسى في حد ذاته الذي يغذى حواس الإنسان ويعمل على تقوية إيمانه فعندما يرى الدخان صاعداً من الجمر يؤمن أنه مثلما احترق قلب الحوت في جمر النار وصعد دخانه ثم تبدد هكذا أيضاً يحترق كل عمل الشياطين وهم أنفسهم يتبددون عندما نلتجئ إلى قوة الله ونسلك بالروح مثلما سلك طوبيا في زيجة روحانية فيربط الشيطان بعيداً عنا في برية مصر أى في أقصى الأرض في برية الأرض الخاطئة بمعنى أن الشيطان لا يكون مربوطاً إلا عن القديسين فقط بينما يستطيع أن يتسلط على الأشرار الذين أخضعوا أنفسهم لسلطانه.
الاعتراض السابع:
أنبأ طوبيا الشيخ (7:14) أن بيت الله الذي أُحرق سوف يُستأنف بناؤه مع أن بيت الله لم يُحرق إلا بعد وفاة طوبيا.
الرد:
أن طوبيا يتكلم هنا بروح النبوة بأسلوب الكثيرين من أنبياء العهد القديم الذين يرون المستقبل كأنه حاضر ويتكلمون عنه بأسلوب الماضى (راجع مثلاً قول داود في مز17:22 عن صلب المسيح بأسلوب الماضى ” ثقبوا يدي ورجلىَّ ” والكلام هنا ليس عن داود الذي لم تُثقب يداه ولا رجلاه وإنما هو نبوة عن السيد المسيح في المستقبل تُسجل باستخدام أسلوب الزمن الماضى للتأكيد)
الإعتراض الثامن:
يقول المعترض أن سنحاريب بن سرجون الثاني وليس ابن شلمنأسر كما ذكر في سفر طوبيا الإصحاح الأول والعدد الثامن عشر.
الرد:
-
كلمة ” ابن ” تستعمل في الكتاب المقدس بالمعنى الحرفى وبمعنى حفيد وبمعنى مباشر وغير مباشر.
-
كما تستعمل في الزمان مثل ابن عشرين عاماً (عد 20:1).
-
تستعمل للمكان مثلما نطلقها على شعب ما أنهم أبناء أرض أو بلد معين مثل ” بنى الكوشيين عا7:9 “. (بنى أشور حز18:16). (بنى يهوذا يؤ6:3).
-
تستخدم أيضاً للدلالة على الصفات المميزة كما في (بنى الأثم 2سم34:3). (بنى لئيم يث13:13). (بنى بليعال 1صم27:10).
-
تطلق للدلالة على تلاميذ أحد المعلمين أو مريديه مثل ” يا أولادى أنا معكم زماناً قليلاً بعد ” (يو33:13). ” وإلى تيموثاوس الابن الصريح في الإيمان ” (1تى 2:1). ” أطلب إليك لأجل ابنى أنسيموس (فل10).
-
تستخدم للدلالة على الانتماء لطبقة اجتماعية أو فئة من الناس كما في العبارة المشهورة بنو الأنبياء (2مل3:2، 5-7، 38:4).
ومن هذا المنطلق نجد أن أستير يطلق عليها أنها ابنة مردخاى في حين أنها ابنة عمه (قارن أس7:2، 15، 14:4) ومازال إلى وقتنا الحالى يطلق على العم أو الخال لفظ أب في صعيد مصر فيقول أبى فلان. ونجد أن سنحاريب عندما كان يتكلم عن الملوك الذين كانوا قبله في ملك أشور يلقبهم بأبائى (2مل12:19). وهذا ما يؤكد ما نسبه طوبيا لسنحاريب حيث الذين سبقوه في الملك هم سرجون الثاني أبيه.
وشلمنأسر الخامس عمه والذي يدعوه سفر طوبيا أبيه، وتغلث فلا سر جده. ويكنيا الذي نسب ليوشيا باعتباره أبوه (مت11:1) في حين يرد في (1أخ15:3، 16) أن يكنيا هو ابن ابن يوشيا وكذلك فقد دعى أخزيا ابناً ليهوشافاط والحقيقة أنه ابن ابنه (2أخ1:22، 9).
ونلاحظ أيضاً أن إطلاق ابن في معناها الشامل والواسع في فكر وكتابات الأشوريين أيضاً فنجد شلمنأسر الثالث يكتب على مسلته السوداء عن ياهو بن يهوشافاط بن نمش الذي قضى على بيت آخآب بن عمرى واستقل بالملك (2مل2:9): ” أن ياهو ابن عمرى بادر بدفع الجزية “. فهنا أطلق الأشوريين لقب ابن على الذي يملك على البلد بعد شخصية قيادية معينة. وهو ما فعله طوبيا أيضاً وبذلك لا نجد أى تناقض أو تعارض.
الإعتراض التاسع:
ورد في سفر طوبيا أن سنحاريب هو خليفة شلمنآصر في حين أن سرجون الثاني (722 – 705 ق. م) هو الذي خلف شلمناصر.
الرد:
السفر يركز على الملوك الذين أوقعوا الضرر والسوء باليهود، بينما لم يذكر الملوك الذين لم يفعلوا شيئاً ذا بال لليهود (راجع طو 15:1) وهو ما تكرر في إنجيل القديس متى، إذ تجاوز في سرده لسلسلة أنساب المسيح عدة ملوك، حيث ورد (فى مت 8:1) أن يورام ولد عزّيّا والحقيقة أن يورام ولد أخزيا، وأخزيا ولد ويوآش ولد أمصيا، وأمصيا ولد يورام (كما ورد في ” 2مل 12:8، 14 “، ” 2أخ 24:22، 25 “) ربما لكي يحافظ على سلسلة الأنساب 14 جيلا لا أكثر ولا أقل، وربما لإن أولئك الملوك كانوا من أصل وثنى (راجع 2مل 31:16).
- في عهد شلمناصر أحتل الآشوريين كل البلاد فيما عدا السامرة بعد أن عصى عليه هوشع وتحالف مع ملك مصر ضده.
- الملك سنحاريب (704 – 682 ق. م) والذي إعتلى العرش بعد سرجون الثاني، هو الذي ضربه الرب حين حاول الإستيلاء على أورشليم في ايام حزقيا الملك، وقد قتله إبناه عندما كان يسجد في هيكل الإله نسروخ وهربا إلى أرارات، وقد إهتم الكتاب المقدس كعادته بجوهر القصة ولم يورد التفاصيل الفرعية.
- كان سرجون الثاني مشغولاً بقمع الثورات الداخلية في الإمبراطورية، مثل ثورة مردوخ في سنة 721 ق. م الذي إستطاع الإستقلال بحكم بابل عشر سنوات قبل قمعه، والثورات التى قامت في حماة وغزة ودمشق والسامرة ورفح، حيث هزمها جميعاً في معركة قرقر وثورة (مينالوميداس) ملك فريجية التى أقمعها في معركة كركميش، كما هاجم سرجون نفسه أورواتو (ارارات حالياً) وحملها، ثم ثورة (ازورى) ملك اشدود مع بعض المدن الفلسطينية بالتحالف مع ملك مصر، ولكنه سحقها جميعاً في سنة 711 ق. م كما قام بإنتصارات مختلفة في سنة 710 ق. م في سوريا وفلسطين وارارات وغيرها وقد نعم ببعض الهدوء في أواخر حياته فقام بأعمال تشييد كثيرة وقد قتل سنة 705 ق. م في مناوشة على الحدود مع آسيا الصغرى ودفن بعيداً عن وطنه.
ومن هنا يتضح السبب في إغفال سفر طوبيا لسرجون الثاني:
الإعتراض العاشر:
البعض يظن أنه يوجد تناقض بين الآية القائلة: ” ضع خبزك وخمرك على مدفن البار ولا تأكل ولا تشرب منهما مع الخطاة (طو18:4) “. والآية: ” لم أكل منه في حزنى ولا أخذت منه في نجاسة ولا أعطيت منه لأجل ميت بل سمعت لصوت الرب إلهى وعملت حسب كل ما أوصيتنى (تث14:26).
الرد:
أننا لو أمعنا النصين المذكورين لا نجد أى تناقض بينهما إطلاقاً حيث أنه في سفر التثنية يقول: ” متى فرغت من تعشير كل عشور محصولك في السنة الثالثة سنة العشور وأعطيت اللاوى والغريب واليتيم والأرملة فأكلوا في أبوابك وشبعوا تقول أمام الرب إلهك. قد نزعت المقدس من البيت وأيضاً أعطيته للاوى والغريب واليتيم والأرملة حسب كل وصيتك التى أوصيتنى بها لم أتجاوز وصاياك ولا نسيتها. لم آكل منه في حزنى ولا أخذت منه في نجاسة ولا أعطيت منه لأجل ميت بل سمعت صوت الرب إلهى وعملت حسب كل ما أوصيتنى أطلع من مسكن قدسك من السماء وبارك شعبك إسرائيل والأرض التى أعطيتنا كما حلفت لآبائنا أرضاً تفيض لبناً وعسلاً (تث 12:26-15) “.
فهنا يتكلم عن العشور وليس عن أى أكل وشرب ونلاحظ أن العشور مكرسة لله والأشياء المكرسة والمخصصة لله هي مقدسة ولهذا يقول مقدم العشور: ” قد نزعت المقدس من البيت ” (تث13:26) “. لذلك ينطبق عليها حكم جميع المقدسات فيجب أن تكون بعيدة عن أى دنس أو نجس وفى العهد القديم كل ما يختص بالموتى كان نجساً وحتى الإنسان الذي كان يلمسه كان يتنجس ولابد له أن يتطهر (عد11:19-13، 22:18). وهذا ينطبق على كل الذبائح مثل ذبيحة السلامة وللكاهن ذبيحة الأثم والخطية حيث لا يأكل منهما أحد في حزنه.
والله هنا يعلمهم يجب أن تكون التقدمة ليست على حساب تقدمة أخرى ونلاحظ هذا في تصرف داود النبى والملك حينما أراد أن يشترى قطعة الأرض التى لأرونة اليبوسى وقال له: ” بل اشترى منك بثمن ولا أصعد للرب إلهى محرقات مجانية (2صم 24:24) “. والعشور عادة كانت تقدم في مواسم الأعياد والأفراح. فالله لا يريد أن تتحول الأعياد إلى حزن وذلك بتذكار الذين رقدوا من ذويهم والترحم عليهم. وخاصة كان الله يعتبر هذه الأعياد هي أعياده هو.
ونجد أن تقديم القرابين من أجل الموتى هو تقليد قديم حتى عند قدماء المصريين منذ زمن بعيد ومازالت هذه العادة موجودة حتى وقتنا الحالى. وكانت موجودة لدى اليونانيين. والرومانيين. وحتى عند اليهود أيضاً كانت موجودة ولذلك نجد يهوذا المكابى يقدم قرابين وذبائح عن الموتى، ولم يعترض أحد من الكهنة (2مل38:12-46).
وواضح من سفر أرميا النبى أن المأكولات التى كانت تقدم من أجل الموتى كانت تقدم كنوع من أنواع التعزية. ولأن الله كان لا يريد أن يعزى هذا الشعب في ذلك الوقت أى قبل السبى البابلى مباشرة يقول لأرميا النبى: ” لا تدخل بين النوح ولا تمضى للندب ولا تعزهم لأنى نزعت سلامى من هذا الشعب يقول الرب الإحسان والمراحم فيموت الكبار والصغار في هذه الأرض، لا يفنوهم ولا يندبونهم ولا يخمشون (أى يجرح وجهه) أنفسهم ولا يجعلون قرعة أى حلق الرأس بطريقة خاصة تعلن عن الحزن من أجلهم ولا يكسرون خبزاً في المناحة ليعزوهم عن ميت ولا يسقونهم كأس التعزية عن أب أو أم (أر5:16-7) “.
وبذلك لا يوجد أى تناقض بين الأيتين المذكورتين
الاعتراض الحادى عشر:
البعض يظن أن كل ما يتعلق بالملاك رافائيل خيال وأنه شخصية خرافية.
الرد:
من الواضح لنا جيداً من خلال الكتاب المقدس وسير الأباء أن عمل الملائكة الأساسى والخاص بالبشر هو خدمة العتيدين أن يرثوا الخلاص (عب14:1). ومن هذا المنطلق نجد أن الملائكة تأخذ صورة بشر أى تتجلى بصورة بشر وتظهر لأناس قديسين لإبلاغهم رسالة معينة أو لمعونتهم في عمل ما وهذا ما نلاحظه من المواقف الآتية:
فى قصة هلاك سدوم وعمورة نجدهم يتجلون مع السيد الرب لإبراهيم أب الأباء فيقدم لهم طعاماً وشراباً على أساس أنهم أناس غرباء. وبعد الغذاء ذهب الملاكان إلى لوط ابن أخى إبراهيم في سدوم وعمورة وأنقذوه دون أن يعلم أنهم ملاكان. ونلاحظ أن الملاكين قضيا ليلة كاملة مع لوط وأسرته. وعندما توانى عن الخروج هو وأسرته أمسكا بأيديهم وأخرجوهم خارج المدينة (تك1:18- 26:19).
وعندما كان جدعون يخبط الحنطة في المعصرة لكي يهربها من المديانيين ظهر له ملاك الرب في هيئة إنسان وشجعه على التحرر من نير المديانيين (قض11:6-23). ونفس الوضع تكرر مع منوح وامرأته عندما بشرهم بميلاد شمشمون (قض2:13-23)
ومن هذا المنطلق نجد القديس بولس الرسول يشجع على إضافة الغرباء متعللاً بأن في إضافتنا للغرباء أننا نضيف ملائكة دون أن نعلم فيقول: ” لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون (عب1:12) ” ونجد أن الملائكة ظهرت لهاجر جارية سارة زوجة إبراهيم مرتين. وشجعتها على العودة إلى بيت مولاتها عندما هربت منها. وأعلمتها عن مستقبل ابنها (تك 18:21-19)
وظهر أيضاً لدانيال مرات عديدة ليعلن له عن أمور ستحدث في المستقبل منها إنهاء فترة السبى. والممالك التى ستسود العالم حتى مجئ السيد المسيح في الجسد. وحدد وقت مجئ السيد المسيح في الجسد أيضاً (دا7، 8، 9، 10، 11، 12).
ولزكريا (لو11:1-20). وليوسف الشيخ (مت 20:1، 23، 13:2، 14، 19، 20) وللسيدة العذراء (لو26:1-38) فظهور الملائكة على مر كل هذه العصور والسنين أمر يفوق الحصر. فالملائكة تدافع عنا وتعلن للبعض عن بعض الأمور التى ستحدث في المستقبل. وترفع أعمال الرحمة والصدقة وصلواتنا وطلباتنا وتشكراتنا لدى الله. فواضح مما سبق أن الإعتراض على شخصية الملاك رافائيل بأنها شخصية غير حقيقية ليس له ما يثبته.
الاعتراض الثاني عشر:
البعض يعترض على سفر طوبيا ويقول كيف إنسان يهودى ان يربى كلباً وهو من الحيوانات النجسة، ويحاول أن يؤكد كلامه فيستشهد ويذكر الآية التى تقول ” لا تدخل أجرة زانية ولا ثمن كلب إلى بيت الرب إلهك عن نذر ما لأن كليهما رجس لدى الرب (تث18:23) “.
الرد:
يجب ألا ننسى أن القصة قد حدثت خارج أورشليم مما يغفر بعض التجاوزات. وقد تكون عادة اقتناء كلب للترفيه قد اكتسبت في ذلك السبى. في ميمر للقديس يوحنا ذهبى الفم يرد أن طوبيا تبعه كلب من مواشيهم أى أن الكلب كان موجوداً بغرض الحراسة.
نعم الشريعة لا تطالب بنذر أجرة الزانية ولا ثمن الكلب حيث المقصود به هنا هو الرجل الشاذ جنسياً أى المأبون حيث كانت تنتشر هذه العادات كجزء من عبادة الأوثان. ولذلك أطلق لفظ رجس ولم يقل الكتاب المقدس نجس. فكلمة نجس تطلق على ما يقال في المستقذر (عقلاً وشرعاً). أما كلمة رجس تطلق على ما يقال في المستقذر (طبعاً). فحيث أنها من منطلق العادة القذرة لذلك سماها الكتاب المقدس رجس لدى الرب
ولذلك جاءت ترجمة هذه الآية في الترجمة الحديثة للكتاب المقدس هكذا: ” لا يكن من بنات بنى إسرائيل ولا من بنيه بغى أو مأبون في هياكل العبادة لا تدخلوا إلى بيت الرب إلهكم أجرة بغى زانية ولا مأبون كلب لنذرٍ ما ولأن كليهما رجس لدى الرب إلهكم (تث18:23-19).
أما إطلاق أسماء بعض الحيوانات كصفة للبعض فهذا واضح جداً على مستوى الكتاب المقدس وفى الحياة العامة ويكفى لذلك عندما قال السيد المسيح للمرأة الكنعانية: ” ليس حسناً إن يؤخذ خبز البنين أى الإسرائلين ويطرح للكلاب أى للأمم (مت26:15، مر27:7) ” وقال عن هيرودس ” أذهبوا وقولوا لهذا الثعلب (لو32:13)
والشريعة أيضاً كانت تسمح بتربية الحيوانات النجسة ويقدم عن أبكارها فدية. ويوضح ذلك سفر اللاويين حيث يقول: ” وإن كان بهيمة نجسة مما لا يقربونه قرباناً للرب يوقف البهيمة أمام الكاهن فيقومها الكاهن جيدة أم رديئة فحسب تقويمك يا كاهن هذا يكون. فإن فكها يزيد فكهاً يزيد خمسها على تقويمك (لا11:27-13). وفى سفر العدد يزيده أيضاحاً فيقول: ” كل فاتح رحم من كل جسد يقدمونه للرب من الناس ومن البهائم يكون لك أى لهرون رئيس الكهنة غير أنك تقبل فداءه. وفداءه من ابن شهر تقبله حسب تقويمك فضة خمسة شواقل على شاقل القدس. هو عشرون جيرة (عدد15:18:16) “. أما لو لم يفتديه بكسر عنقه فيقول في ذلك: ” أما بكر الحمار فتفديه بشاه. وأن لم تفديه تكسر عنقه (خر13:13) “
ويؤكد هذا الكلام مرة ثانية فيقول ” لى كل فاتح رحم. وكل ما يولد ذكراً من مواشيك بكراً من ثور شاه. وأما بكر الحمارفتفديه بشاه. وإن لم تفده تكسر عنقه، كل بكر من بنيك تفديه. ولا يظهروا أمامى فارغين (خر19:34-20) “.
ومن هذا المنطلق كان الشعب يربى بعضاً من الحيوانات النجسة ولكن لا يقدم منها للرب تقدمات أو بكور أو نذور ولهذا كان الشعب يستعمل هذه الحيوانات ولم تكن تنجسه مثال ذلك:
السيد المسيح نفسه ركب على أتان وجحش ابن أتان ودخل إلى الهيكل مباشرة ولم ير في ذلك أى نجاسة هو أو الكهنة المسئولين عن الهيكل (قارن مت1:21-17 ومر1:11ولو46:28). وكان قضاة بنى إسرائيل يركبون على أتن صحر (قض10:5، 4:10، 14:12) وعند تمليك داود الملك أقام وليمة الملك وكانوا يأتون بالخبز على الحمير والجمال والبغال والبقر (أى40:12) ومن ضمن قطعان مواشي داود الملك نجد الجمال والحمير (1 أى30:27). كان لدى سليمان قروداً وطواويس وخيل وبغال (1مل22:10-25).
وكان من عادة الرعاة تربية الكلاب للحراسة حيث يقول في ذلك أيوب الصديق: ” وأما الآن فقد ضحك على أصاغرى أياماً الذين كنت استنكف من أجعل آبائهم مع كلاب غنمى (أى1:30) “. وأشعياء النبى يقول: ” مراقبوه عمى كلابهم لا تقدر أن تنبح (أش10:56). ولذلك نجد الكلاب التى لحست دم نابوت اليزرعيلى (1مل19:21) ودم آخآب ملك إسرائيل (1مل38:22) والكلاب التى أكلت جثة إيزابل عند مترسة يزرعيل (2مل35:9-37). والكلاب التى كانت تلحس قروح لعازر المسكين (لو21:16). ومن المستحيل أن تكون كل هذه الكلاب كلاب ضاله.
وبالإضافة إلى كل ذلك نجد الأنبياء كثيراً ما يأخذون بعض الاستعارات والتشبيهات من الكلاب. فكيف يستطيع العامة فهم ذلك لو لم يكن يرونه دائماً. ومع أن الناموس كان يسمح بتربية الحيوانات النجسة إلا أنه لم يكن يسمح إطلاقاً بأكل لحمها. وبذلك لا نجد أى خطأ في تربية كلب لدى طوبيا واصطحابه معه في رحلاته.
الإعتراض الثالث عشر:
والبعض يظن ما فعله طوبيا من حرق كبد السمكة ما هو إلا سحر ومن هذا المنطلق يعترضون على صحة سفر طوبيا.
الرد:
من الحماقة أن نظن أو نعتقد أن الشيطان يستطيع أن يقدم أى خير للإنسان فكيف للظلمة أن تهب النور؟! وكيف للشرير أن يقدم خيراً؟! وعندما قيل عن السيد المسيح لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين فعلم السيد المسيد أفكارهم وقال لهم: ” كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب وكل مدينة أو بيت منقسم على ذاته لا يثبت فإن كان الشيطان يخرج الشيطان فقد انقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته (مت 24:12-37) “
وكلام السيد المسيح هنا ينطبق على موقف طوبيا أيضاً فطوبيا كإنسان يهودى وعاش في بيته إنسان يعيش حسب البر الذي في الناموس يعلم جيداً عقوبة من يقوم بهذا العمل وهو الرجم (خر 18:22، 1صم 9:28). وكيف لسارة أن تسمح لزوجها أن يمارس عمل السحر وهو الأمر الذي لم تلجأ إليه من قبل فالشيطان لا يريد شيئاً سوى عبودية الناس له ويحاول بكل الطرق أن يستعبد الإنسان فكيف له أن يُطرد من مسكنه إن لم يأتى القوى ويطرده؟ فالشيطان يريد المزيد من عبودية الناس له فهل بهذه البساطة يتخلى عن الذين تحت قبضته؟!
وسفر طوبيا لم ينسب إطلاقاً إلى عمل السحر أو طرد الشيطان عن سارة ولكنه يؤكد تماماً على أن الملاك هو الذي قام بعملية طرد الشيطان من سارة. فيقول على لسان طوبيا الأبن ” وهو أى الملاك كف عنها الشيطان أى عن سارة وفرح أبويها (طو 3:12) “. وقيل أيضاً على لسان الملاك نفسه: ” فإن الرب قد أرسلنى لا شفيك وأخلص سارة كنتك من الشيطان (طو 14:12) “.
وقيل أيضاً: ” فذكر طوبيا كلام الملاك فأخرج من كيسه فلذة من الكبد وألقاها على الجمر المشتعل حينئذ قبض الملاك رافائيل على الشيطان وأوثقه في برية مصر العليا (طو3:28). أما حرق فلذة الكبد فهى تشير إلى ذبيحة الشكر والسلامة حيث يحرق زيادة الكبد. مع الكليتين. وكل الشحم الموجود بالذبيحة. وعندما قام طوبيا بعملية حرق فلذة الكبد اشتمها الله ذبيحة رضاء ومسرة والشيطان لن يحتمل رضا الله على هذه الأسرة ولذلك فَرَّمن المكان فقيده الملاك رافائيل بحيث لا يعود مرة ثانية (مر 15:9). وبهذا أتضح لنا أن ما قدم به طوبيا لم يكن به أى نوع من أنواع السحر. وبالتالى لا يجب الإعتراض على سفر طوبيا.
الإعتراض الرابع عشر:
يقول المعترض كيف للشيطان أن يقتل أزواج سارة السبعة؟ ومن أين له السلطان بذلك
الرد:
الشيطان قوته محدودة وفى ذلك يقول القديس يعقوب الرسول: ” قاوموا أبليس فيهرب منكم (يع 7:4) “. وبالتالى لا يستطيع أن يأتى بعمل ما إلا بعدما يأخذ الإذن والسماح من الله ففى معجزة خروج لجيئون من مجنون كورة الجدرين لم يستطيع الشيطان أن يدخل الخنازير إلا بعدما سمح له السيد المسيح بذلك (قارن مر 9:5-13). ونجد ذلك أيضاً في تجربة أيوب البار فهو الذي سمح بتجربة أيوب وقال للشيطان ” هوذا كل ما له في يدك وإنما إليه لا تمد (أي 12:1) “.
وعندما لم ينجح الشيطان في زعزعة ثقة أيوب بالله وحاول تجربته مرة ثانية قال الله للشيطان:” ها هو في يدك ولكن أحفظ نفسه (أى 6:2) “. ولذلك يقول بولس الرسول عن الله: ” لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون (1كو 13:10) “. أما عن قتله لأزواج سارة يجب علينا ألا ننس قول السيد المسيح عن الشيطان أنه ” كان قتالاً للناس من البدء (يو 44:8) “. وتوجد أمثلة كثيرة عن قتل الشيطان للإنسان في الكتاب المقدس منها:
تجربة أيوب البار تظهر مدى تعطش أبليس لسفك دماء البشر. فعندما سمح له الله بتجربة أيوب نجد أن الشيطان يعمل باساليب متعددة فمرة يرسل ناراً لتحرق الغنم وغلمان أيوب. ومرة يرسل ريحاً شديداً فتصطدم البيت ويسقط على أولاد أيوب فيموتون جميعاً مع كل الذين معه في البيت وحتى عندما أرسل السبئيون والكلدانيون يقول عنهم الكتاب المقدس أنهم ضربوا الغلمان بحد السيف ولم يأخذوهم كعبيد أو أسرى (أي 13:1-19).
وأما عن أيوب يقول الله للشيطان ” إحفظ نفسه ” (أي 6:2). فما معنى إحفظ نفسه سوى أن لا يقتله كما قتل أولاده وعبيده وبعضاً من مواشيه. وفى معجزة إخراج لجيئون من مجنون كورة الجدرين عندما سمح السيد المسيح للشياطين أن تدخل في قطيع الخنازير نجده دفعها من على الجوف إلى البحر فأختنقوا جميعاً وكانوا نحو ألفين (مر 13:5).
وعندما أرد الله ان يعاقب آخاب ملك إسرائيل يقول الكتاب المقدس على لسان أحد أنبياء الله وهو ميخا بن يمله ” قد رأيت الرب جالساً على كرسيه وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره. فقال الرب من يغوى آخاب فيصعد ويسقط في راموت جلعاد. فقال هذا هكذا وقال ذاك هكذا، ثم خرج الروح أى الشيطان الروح الذي أصبح نجساً ووقف أمام الرب وقال أنا أغويه. وقال له الرب بماذا فقال أخرج وأكون روح كذب في أفواه جميع أنبيائه. فقال أنك تغويه وتقتدر فأخرج وأفعل هكذ (1مل 19:22-22) “. وفعلاً خرج الشيطان وكان روح كذب على أفواه جميع أنبياء آخاب واستطاع أن يقنعه بدخوله الحرب فجرح آخاب بها ومات (1مل 1:22-38).
ونجد أن الشيطان يتسبب بصورة مباشرة في قتل الناس أيضاً عندما وقف الشيطان ضد إسرائيل وأغوى داود ليحصى الشعب (1أي 1:21) وانساه الشيطان أن يجمع الفدية من كل المعدودين والتى كانت توجبها الشريعة (خر 12:30)، فضرب الشعب بالوباء نتيجة لذلك فمات منهم سبعون ألف رجل (1صم 15:24، أى 14:21). وبهذا نجد أن سفر طوبيا جزء لا يتجزأ من فكر وتعاليم الكتاب المقدس.
الاعتراض الخامس عشر:
يقول المعترض أن المسافة بين أحمتا وراجيس تبلغ 165ميلاً (250 كيلو متر تقريباً) ولقد قطعها الأسكندر الأكبر في أحد عشر يوماً والبعض الأخر يقول في خمسة عشر يوماً فكيف يستطيع طوبيا قطعها في يومين.
الرد:
هل اسكندر الأكبر قطع هذه المسافة أثناء حربه مع ” دأريوس إمبراطور مملكة فارس أم بعدها فإذا كان الإسكندر الأكبر قطعها أثناء حربه فله الحق وكل الحق أن يفتخر بذلك فهوى كغازى مستعمر:
أولاً: لابد له من مقاومة ومحاربة من يتصدى له من أهل هذه البلاد والنصرة عليهم.
ثانياً: لابد له في أثناء هذه المسافة من ترتيب جيوشه حسب الخطط التى تستجد بالنسبة لظروف الحرب.
ثالثاً: عليه أن يختار الطريق الذي يناسبه في تحقيق طموحاته بأقل قدر ممكن من الخسائر التى يتكبدها حتى يصل إلى الحرب الفاصلة. واحتلال عاصمة الإمبراطورية الفارسية.
ولهذه الأسباب لابد من الوضع في الحسبان أن هذه المدة يتخللها بعض الوقت لتنظيم الجيش أو التعوق لاسباب عسكرية، أو سياسية، أو بسبب مقاومة أهل البلاد له باعتباره عدواً يريد احتلال بلادهم، وبهذا تستغرق هذه المسافة مدة من الزمن أكثر من وقتها الطبيعى. أما لو كان بعد الحرب فهناك فرق شاسع بين الإمبراطور الجديد وهو يتفقد البلاد. وبين إنسان ليس له أى صفة سياسية، فنجد أنه تقام بعض الأحتفالات على طول الطريق لكي يظهروا له الطاعة والخضوع والولاء.
وقد نجد الإمبراطور يكرم البعض ويعاقب البعض الآخر أمام الكل لكي يكونوا عبرة لمن يحاول التمرد. أو أقامته في بعض الأماكن لتقديم فروض العبادة وشكر الآلهة التى ساعدته، ومنها آلهة أهل هذه البلاد لكي يكسب رضا وود سكان هذه المقاطعات أو التعوق للإستجمام في بعض الأماكن التى قد تروق له. وبالتالى هذه الرحلة تستغرق وقت أكثر من إنسان عابر في طريقه لا يهتم بشئ سوى أن يصل إلى هدفه.
فهذه المسافة 250 كيلو متر حسب قوانين الكشافة لا تستغرق أكثر من أربعة أو خمسة ايام، حيث أن الجوال يستطيع قطع مسافة طولها 60 كيلو متر في مدة اثنتى عشر ساعة. مع العلم أن الإنسان الشاب يستطيع أن يمشى على اقدامه لمدة ثمانية عشر ساعة في خلال اليوم الواحد. ولهذا نجد بعض التجار كانوا يقطعون المسافة من القاهرة إلى الاسكندرية قبل وسائل المواصلات الحديثة في يومين أو ثلاثة على أكثر تقدير.
ومازال للآن نجد بعضاً من عامة الشعب قد ينذرون أن يذهبوا إلى أماكن العبادة مشياً على الأقدام ويقطعون المسافات قد تتجاوز الستة وخمسون كيلو متراً في مدة من الزمن تقترب من أثنتى عشر ساعة.
ولابد من ملاحظة أخيرة وهي تعدد الطرق وبالتالى اختلاف الزمن، فعلى سبيل المثال: يوجد عدة طرق بين ديرى القديسين العظيمين الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس فأحداهما تقطعة السيارة في ساعة تقريباً وبسرعة 100 كيلو متر في الساعة تقريباً ويوجد طريق آخر كان الرحالة يقطعونه في ثلاثة ايام، ويوجد طريق آخر يتم قطعة في مدة لا تتجاوز ثلاثة عشر ساعة سيراً على الأقدام مع أن مكان الديرين ثابت ولكن عندما أختلف الطريق اختلف الزمن أيضاً.
فطوبيا أخذ الطريق القصيرة بين راجيس وأحمتا حتى لو كان هذا طريق في نظر البعض وعر ومحفوف بالمخاطر.
ونلاحظ في رحلة عودة طوبيا عندما ترك زوجته سارة مع عبيدها وممتلكاتها وصل قبلها بسبعة ايام مع أنه نفس الطريق (طو 18:11). وبهذا يسقط هذا الاعتراض أيضاً.
الإعتراض السادس عشر:
ذكر في سفر طوبيا إن سبط منسى، إنفصل عن إسرائيل الأم، بينما كان طوبيا مايزال شاباً (طو 4:1) بينما تم هذا الإنفصال عام 930م، في عهد يربعام ورحبعام.
الرد:
المقصود بالإنفصال هنا هو السبى والبعد عن أورشليم الأم.
الإعتراض السابع عشر:
ذكر في سفر طوبيا أن طوبيا إصطاد سمكة من نهر دجلة، في حين أن هذا النهر لا يقع على الطريق من نينوى إلى راجيس.
الرد:
بالرجوع إلى خريطة الإمبراطورية الأشورية، يتضح لنا أن أخذ فروع نهر دجلة الرئيسية، يمتد شرقاً حتى يصل إلى اكبتانا (أحمتا) حيث تقع راجيس هناك.
الإعتراض الثامن عشر:
كيف يمكن لشاب أعزل ان يصطاد حوتا، وكيف يمكن أن تحيا الحيتان في الأنهار في حين أن مكانها المحيطات؟
الرد:
جميع الترجمات اليونانية والانجليزية والقبطية، أوردتها (سمكة كبيرة) وليست حوتا، وقد ترجع التسمية إلى الرغبة في الإشارة إلى كبر السمكة، كذلك تجدر الإشارة هنا، إلى أنه وحتى وقت قريب، كان الناس في صلواتهمن يقولون عن الخمس خبزات والسمكتين (خمس خبزات وحوتان!).
وقد وردت على هذا النحو في بعض الأجابى القديمة.
الاعتراض التاسع عشر:
ماذا يعنى أن الملاك طرد الشيطان وأوثقه في برية مصر؟
الرد:
معروف أن برية مصر العليا (حسب النص اللاتينى) وهي صعيد مصر، كانت مليئة في ذلك الوقت بالهياكل الوثنية والتى تسكنها الشياطين. كما أنه كان هناك إعتقاد، في ذلك الوقت، بأن مصر هي آخر حدود العالم، إذ كانت تمثل الحدود الجنوبية للإمبراطورية الآشورية، فهو بالتالى، قد طرد خارج العالم!، وكما أن مصر هي آخر الحدود الجنوبية فهذا يعنى أنه قد طرح إلى أسفل! في ذلك الوقت أيضاً كانت منطقة طيبة (الأقصر) تشهد نشاطا دينيا ملحوظاً، حيث يوجد الآن آمون، معبود مصر كلها.
الاعتراض العشرين:
يرد في الحديث عن رحلة الرجوع إلى نينوى أنهما (طوبيا والملاك) وصلا إلى حاران بالقرب من نينوى، في حين أن حارن تقع غرب نينوى فكيف ذلك؟.
هناك عدة احتمالات:
- أن المنطقة كان فيها الكثير من القلاقل بسبب ثورة مردوخ بلادان، مما كان يحتم على القادم من أحمتا الدوران والمرور عن طريق حاران في الغرب.
- ربما تعنى كلمة حاران، لعوياً: قافلة، فيكون المعنى أن طوبيا بلغ القافلة التى كانت أمامه من عبيد وإماء ومواشى وأموال (هبة راعوئيل له).
- وقد تعنى حاران أيضاً لغوياً: طريق، فيصبح المعنى أن طوبيا وصل إلى طريق القوافل، حيث كانت هناك طرق خاصة للقوافل التجارية.
- قد تكون هناك قرية صغيرة تحمل نفس الإسم وتقع شرق نينوى وهو الأمر الذي يحدث كثيراً.
- فى الترجمة اليونانية يرد أنهم وصلوا إلى بلدة قصرين (أربيل) وتقع بالفعل شرق نينوى
المراجع:
- دراسات في العهد القديم د. إميل ماهر.
- تفسير سفر طوبيا إعداد راهب من دير البراموس.
- دراسات وتأملات في سفر طوبيا الراهب القس / يوانس الأنبا بولا
- مرشد الطالبين
- تفسير سفر طوبيا القمص / بيشوى عبد المسيح
- سفر طوبيا الخورى بولس الفغالى
- كتابنا السماوى بحث في أسفار الكتاب المقدس أدور سمير كامل
- مقدمة في الأسفار القانونية الثانية مكتبة المحبة
- مقدمات في أسفار الكتاب المقدس كنيسة مارجرجس سبورتنج
- دراسة وتفسير سفر طوبيا القس / يوحنا باقى مصر الجديدة
إقرأ أيضًا:
قانونية الأسفار القانونية الثانية
المقدمة والفهرس – الأسفار القانونية الثانية Arabic Deuterocanon
ما هي الأسفار القانونية الثانية؟ – الفصل الأول
نظرة البروتستانت للاسفار القانونية – الفصل الثاني
لماذا لا يؤمن البروتستانت بالأسفار القانونية الثانية؟ – الفصل الثالث
الرد على اعتراضات البروتستانت على الأسفار القانونية الثانية – الفصل الرابع
سفر طوبيا (طوبيت) – بحث شامل عن سفر طوبيا (طوبيت) وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر يهوديت – بحث شامل عن سفر يهوديت وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر مكابيين الأول – بحث شامل عن سفر مكابيين الأول وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر نبوة باروخ – بحث شامل عن سفر نبوة باروخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
المزمور 151 – بحث شامل عن المزمور 151 وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
صلاة منسى – بحث شامل عن صلاة منسى وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
تتمة سفر دانيال – بحث شامل عن تتمة سفر دانيال وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
تتمة استير – بحث شامل عن تتمة استير وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
تتمة سفر دانيال – بحث شامل عن تتمة سفر دانيال وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
صلاة منسى – بحث شامل عن صلاة منسى وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
المزمور 151 – بحث شامل عن المزمور 151 وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر المكابيين الثاني – بحث شامل عن سفر المكابيين الثاني وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر نبوة باروخ – بحث شامل عن سفر نبوة باروخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر يشوع بن سيراخ – بحث شامل عن سفر يشوع بن سيراخ وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه
سفر حكمة سليمان – بحث شامل عن سفر حكمة سليمان وقانونيته والرد على الإعتراضات الموجهة إليه