هل الله أمر إبراهيم أن يقدم ابنه ذبيحة ثم نسخ أمره؟ هل مازح الله إبراهيم بهذا؟ عي كذب إبراهيم؟ هل استطاع إسحق حمل الحطب؟
486
486- هل الله أمر إبراهيم أن يقدم ابنه ذبيحة ثم نسخ أمره؟ هل مازح الله إبراهيم بهذا؟ عي كذب إبراهيم؟ هل استطاع إسحق حمل الحطب؟
س486: س أ – هل الله أمر إبراهيم أن يقدم ابنه ذبيحة (تك 22: 2) ثم نسخ أمره عندما منعه من ذبح ابنه، وذبح الكبش عوضًا عنه (تك 22: 12)؟
ج: لم يكن ذبح إسحق أمرًا واردًا لدى الله، لأن الله لا يقبل الذبائح البشرية وقد نهى عنها في الشريعة “ متى دخلت الأرض التي يعطيك الرب إلهك لا تتعلم أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم. لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار” (تث 18: 9، 10) إنما ما قصده الله هو امتحان إبراهيم لتذكية إيمانه وإظهار عظم محبته لله وطاعته له، ليكون قدوة ومثال على مدى الأجيال، ومنذ بداية القصة أوضح الكتاب أن هذا امتحان ” وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم فقال له يا إبراهيم فقال هآنذا. فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق وأذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال” (تك 22: 1، 2) ثم من أحضر الكبش؟ أليس الله هو الذي دبر وجود هذا الكبش ممسكًا بقرنيه في هذا المكان، ليذبحه إبراهيم عوضًا عن ابنه إسحق.
س ب – هل أراد الله أن يروح عن نفسه فمازح إبراهيم وداعبه بتلك المزحة الفظيعة، إذ طلب منه أن يقدم ابنه ذبيحة؟(1).
س ج: الله كامل في ذاته متكامل في صفاته، منزه عن أدنى نقص، فهو ليس إنسانًا يمكن أن يُصاب بالملل والسأم، ولذلك من يقبل فكرة أن الله قد أُصيب بالملل، فراح يروح عن نفسه، ويتسلى بمشاعر إبراهيم، فهو لا يتكلم عن إلهنا كلي القدرة، كلي الحب، نبع السعادة، إنما يتكلم عن كائن ضعيف محدود لا يمكن أن ندعوه إلهًا.
س جـ- هل كذب إبراهيم على الغلامين عندما قال لهما ” وأما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد ثم نرجع إليكما” (تك 22: 5) بينما هو يضمر ذبح الغلام؟
ج: لم يكذب إبراهيم، إنما كان يعلن عن إيمانه بالله القادر أن يهب إسحق الحياة، حتى لو ذُبح وقُدم محرقةً، ولذلك يقول بولس الرسول ” بالإيمان قدم إبراهيم إسحق.. إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات” (عب 11: 17، 19).
س د- هل استطاع إسحق حمل حطب المحرقة؟ وهل ظلت النار مشتعلة لمدة يومين؟ ومن أين جاءت الشجرة فوق الجبل الصخري؟(2).
ج: 1- سار إبراهيم مع إسحق والغلامين لمدة يومين وهم يمتطون دوابهم، كما حملت هذه الدواب الحطب أيضًا، وعندما أبصر إبراهيم الموضع توقف عن المسير حيث ترك غلاميه، وحمل إسحق حطب المحرقة، ومن السهل على شاب مثل إسحق أن يحمل هذه الكمية من الحطب ليسير بها إلى مسافة ليست طويلة، ولاسيما أن الحطب عبارة عن أغصان جافة يخف وزنها ويسهل حملها، ومع هذا فإننا نؤكد أن إسحق لم يحمل هذا الحطب ثلاثة أيام، إنما حمله خلال المسافة بين مكان استراحة الغلامين وبين مكان تقديم الذبيحة.
2- لم يذكر الكتاب المقدَّس أن إبراهيم أخذ نارًا منذ بداية رحلته والتي استغرقت ثلاثة أيام، بل قال ” فبكر إبراهيم صباحًا وشدَّ على حماره وأخذ اثنين من غلمانه معه وإسحق ابنه وشقق حطب لمحرقة وقام وذهب إلى الموضع الذي قال له الله” (تك 22: 3).. إذًا من أين جاء إبراهيم بالنار في اليوم الثالث؟ إن الأمر في منتهى البساطة، فيكفي أن يحمل معه مشعلًا بدون نار، أما النار فيحصل عليها ببساطة وسهولة بمجرد قدح حجرين معًا، وعندما قال الكتاب عن إبراهيم “وأخذ بيده النار والسكين “ فهو لم يحمل جمرًا، إنما حمل مشعلًا مشتعلًا.
3- من المعروف أن جبال لبنان وفلسطين تنمو على سفوحها الأشجار، بل أن شجر الأرز المرتفع ينمو على منحدرات جبال لبنان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولذلك لا عجب أن يكون على جبل المريا بعض الأشجار أو الشجيرات المتشابكة، وهي ما دعاها سفر التكوين بالغابة، ووجد إبراهيم الكبش ممسكًا بقرنيه في هذه الشجيرات، ونحن المؤمنين نؤمن ونصدق بعصمة الكتاب المقدَّس عصمة تامة وكاملة في مجمله وفي كل جزئياته، أما المُلحد فهو لا يصدق نفسه، فكيف يصدق ما جاء بالكتاب المقدَّس..؟! إنه يبذل قصارى جهده في تشويه الأحداث الكتابية، ويشكك في كافة تفصيلاتها، وهذا ليس أمرًا جديدًا على عدو الخير الذي يحرك أتباعه ويزرع فيهم أفكاره. أما نحن فلا نجهل أفكاره.
_____
(1) ليوتاكسل – التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 111.
(2) ليوتاكسل – التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 113.