474- هل أهلك الرب سدوم وعمورة بأن أمطر عليهما كبريتًا ونارًا “فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتًا ونارًا من عند الرب من السماء” (تك 19: 24) أم أنه رفع المدينة بمن فيها وما فيها وقلبها على الأرض “إن الله ذكر إبراهيم وأرسل لوطًا من وسط الانقلاب. حين قلب المدن التي سكن فيها لوط” (تك 19: 29)؟(1)
ج:
1- عندما يلتقي الإنسان بظروف مآسوية تهز أعماقه يقول لقد انقلبت حياتي رأسًا على عقب، فما أشد المأساة التي لحقت بسدوم وعمورة إذ سقط عليهما كبريت ونار فأحرق سكانهما، وخربت المدينتان، فهل بعد كل هذا إذا قال الوحي أن الرب قلب المدينتين يكون مخطئًا..؟! ولماذا يأخذ الناقد فعل ” قلب ” بالتفسير الحرفي، فيقول أن الرب رفع المدينة وقلبها على الأرض، وهل قال الوحي الإلهي أن الرب رفع المدينة قبل أن يقلبها..؟ إن فعل ” قلب ” فعل مجازي يعبر عن حجم المأساة، مثلما نقول عن مكان أو إنسان أن الرب “خسف به الأرض” مع أن الأرض لم تخسف ولم تنخفض، إنما هذا تعبير عن شدة المأساة.
2- يعلق الأرشيدياكون نجيب جرجس عن تعبير الكتاب ” فأمطر الرب.. كبريتًا ونارًا “ وتعبير ” قلب تلك المدن “ فيقول ” يعني أن هلاك المدينتين لم يكن مجرد حادث طبيعي جاء عن طريق الصدفة، وإنما كان عامله غضب الله وانتقامه منهما.. قد يكون الله تعالى قد خلق النار والكبريت خلقًا فوريًا في هذه الظروف لتنفيذ قصده، وقد يكون قد أنزل شهبًا وصواعق من السماء وهيأ زلازل وبراكين لتقذف الغازات القابلة للاشتعال ونفس المواد الموجودة بالمنطقة لتتطاير في الجو إلى مسافات عالية ثم تنزل على الأرض حممًا محرقة مدمرة. ويُقرّر الجيولوجيون أن منطقة البحر الميت غنية بطبقات من الحجر الجيري والحمر والكبريت، وأقلب تلك المدن أي دمرها وأزال معالمها“(2).
_____
(1) البهريز جـ 1 س280.
(2) تفسير سفر التكوين ص 179، 180.