Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

هل تلكأت زوجة لوط في خروجها من سدوم لأن قلبها كان متعلق ببناتها؟ وهل هي بريئة براءة نوح في فلكه، وإسحق على مذبحه، ويسوع على صليبه؟

471- هل تلكأت زوجة لوط في خروجها من سدوم لأن قلبها كان متعلق ببناتها؟ وهل هي بريئة براءة نوح في فلكه، وإسحق على مذبحه، ويسوع على صليبه؟

يقول ” جوناثان كيرتش”.. ” بدأ الشيء المرعب بصورة مفاجئة، تمامًا مثلما قال الغريبان أنه سيحدث، وجاء من مكان خلفهم صوت هدير الرعد، وقذف دخان ذي رائحة كريهة، واهتزت الأرض وكأنها تمشي من تحت أقدامهم.. وبدأت ابنه لوط الكبرى بالبكاء.

وسألته: ماذا يحدث الآن يا أبي؟ ماذا يحدث لأخواتنا الطيبات وأطفالهن؟ ربما غيروا رأيهم، قالت الابنة الصغرى وافترضت: أنهن آتون وراءنا الآن.

– نعم نعم. قالت زوجة لوط.. وأضافت: ربما كانت الصغيرة على حق، وربما كان علينا أن ننتظرهم هنا ليلتقوا بنا.

فأمرها لوط بألاَّ تكون حمقاء.. وهو يقول: إننا نفعل ما قال لنا الملاكان.. ونهرب!

– فضحكت زوجة لوط بمرارة وهي تتساءل: ملائكة؟ ألا تزال تدعوهما بملائكة، ودم بناتك لم يزل على أيديهما..؟

– وملأت رائحة الكبريت النتنة أنوفهم، وسمعت أذانهم أصواتًا جديدة، وكأنها صراخ الرجال والنساء والأطفال، وهم يتألمون ويموتون، حملتها الريح الساخنة عبر السهل في الطريق من سدوم.

– آه يا ماما.. صرخت الابنة الأكبر.

– وصاح لوط وهو يسحب زوجته وابنته أن أسرعوا –

فالتفتت امرأته إلى وراءها فصارت نصب ملح”(1).

كما يقول ” جوناثان كيرتش ” معلقًا على حادثة امرأة لوط ” وافترض آخرون أنها كانت حزينة جدًا لمغادرتها سدوم، المكان الذي أحبته رغم (أو ربما بسبب) آثامه.. وهي بذلك تستحق إلى حد ما، مصيرها نصف الكوميدي، ونصف المآسوي (التراجيدي): موسيقى سريعة متغيرة وتتحوَّل فجأة إلى حجر.. وقارن أحد المثقفين التوراتيين المعاصرين، وهو دكتور ” آلان أيكوك ” زوجة لوط مع شخصيات توراتية أخرى.. نوح في فلكه فوق أرارات، وإسحاق مربوط على المذبح تحت سكين إبراهيم، ويسوع على الصليب.. وكلهم أبرياء جُعلوا في معاناة، رغم براءتهم، من جانب إله مقتدر تمامًا على ارتكاب أفعال العنف العشوائية”(2).

ج: 1- لماذا صدق جوناثان جزءًا من القصة دون بقية القصة؟ لقد صدق دمار المدينة وراح يتخيل أمورًا لم تحدث ولا تناسب الحدث الجلل، فمن يتصوَّر أن زوجة لوط كانت تضحك وهي تواجه الموت..؟! ومن يقول أن لوط البار ينهي زوجته بألفاظ لا تليق مثل قوله “لا تكوني حمقاء”.

2- عندما يكون هناك تحذيرًا إلهيًا واضحًا، وقد استدعى إرسال ملاكين إلى لوط وأسرته. ثم تخرج زوجة لوط بجسدها، أما عقلها وقلبها فمرتبطان بمكان الخطية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فإن هذا بلا شك يعرض الإنسان للخطورة، هذا ما حدث مع زوجة لوط.. لقد أمسك الملاكان بأيدي لوط وزوجته وابنتيه وأخرجوهم إلى خارج المدينة، وقالا للوط ” أهرب لحياتك لا تنظر إلى ورائك لا تقف في كل الدائرة. أهرب إلى الجبل لئلا تهلك” (تك 19: 17) وخطية امرأة لوط تمثلت في مخالفة وعصيان هذه الوصية، وربما لأن قلبها كان متعلقًا بما تركته من أهل ومقتنيات، ولذلك قال السيد المسيح محذرًا ” أذكروا امرأة لوط” (لو 17: 32).

3- يقول القديس كبريانوس ” {ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله} (لو 9: 62) امرأة لوط عندما خلصت نظرت إلى الوراء مخالفة للوصية ففقدت ما انتفعت به من هروبها. ليتنا لا نتطلع إلى الوراء حيث يدعونا الشيطان للتراجع، إنما ننظر إلى ما هو قدام حيث يدعونا المسيح. لنرفع أعيننا إلى السماء لئلا تخدعنا الأرض بمباهجها وبإغراءاتها”(3).

4- يقول أحد الآباء الرهبان بدير القديس أنبا مقار ” كان تحذير الرب للوط ومَن معه ألاَّ ينظروا إلى الوراء.. ولكن امرأة لوط ” نظرت من ورائه فصارت عمود ملح “ أي أنها مضت من وراء لوط ونظرت متعمدة نحو سدوم نظرة تحسُّر على ما فقدوه هناك من غنى ومتاع وماشية وممتلكات، غير حاسبة حُسن صنيع الرب بهم وإنقاذه لهم من الهلاك إنه أفضل من العالم كله، لذلك كانت عقوبتها في الحال أنها تحوَّلت وهي في مكانها إلى عمود من الملح. ولقد حاول البعض أن يعتبر هذا الأمر رمزيًا، ولكن الرب يسوع استشهد به عند حديثه عن مجيء ملكوت الله قائلًا ” في ذلك اليوم مَن كان على السطح وأمتعته في البيت فلا ينزل ليأخذها. والذي في الحقل كذلك لا يرجع إلى الوراء. أذكروا امرأة لوط. من طلب أن يخلص نفسه (ويأخذ أمتعة معه) يهلكها.. ومن أهلكها (متجردًا من كل شيء باغضًا حتى نفسه) يُحييها” (لو 17: 31 – 33)”(4).

5- لم يعاني نوح على جبل أرارات، إنما كان يشعر بحفظ اليد العالية له، وعندما كان إسحق مربوطًا على المذبح تحت سكين إبراهيم جاز اختبارًا جبارًا للطاعة، فنجح فيه واستحق عليه المكافأة، كما أنه كان رمزًا للسيد المسيح الذي قدم ذاته على الصليب وهو برئ تمامًا، فهو بلا خطية، ولكنه حمل خطايانا، لكيما ينقذنا من حكم الموت وسطوة الخطية.

_____

(1) ترجمة نذير جزماتي – حكايا محرَّمة في التوراة ص 34، 35.

(2) ترجمة نذير جزماتي – حكايا محرَّمة في التوراة ص 70.

(3) أورده القمص تادرس يعقوب – تفسير سفر التكوين ص199.

(4) تفسير سفر التكوين ص 259، 260.

هل تلكأت زوجة لوط في خروجها من سدوم لأن قلبها كان متعلق ببناتها؟ وهل هي بريئة براءة نوح في فلكه، وإسحق على مذبحه، ويسوع على صليبه؟

Exit mobile version