470- هل تهكمت زوجة لوط على الملاكين وعلى زوجها؟
يقول جوناثان كيرتش ” فقد سألت زوجة لوط: من هذين الغريبين..؟ لما جلبتهما إلى هنا؟ هل لكي يحل بنا البلاء؟ ورد لوط بوقار واحترام: مثلما قلت لكِ إنهما ملاكان، إنهما رسولا الرب الذي سيهبنا بعض الهبات التي تنبأتُ بها مرات كثيرة إن كنتِ تتذكرين، وأنا لا أستطيع أن أفعل أقل من أن أستقبلهما في بيتنا.
– تقول ملاكان! وضحكت زوجته بمرارة وهي تقول: إنهما أقرب إلى الشياطين أو المجانين.
ورد عليها لوط قائلًا: بهدوء، ألم تري كيف انتشلاني من بين أيدي الحشد؟ ألم تري الضوء الذي سطع عندما فتحا الباب لإنقاذي؟ ألم تري كيف أن الرجال في الساحة قد أصيبوا بالعمى؟ يجب أن يكونا ملاكين..
– همست زوجة لوط (كالأفعى) فالله: أي رجل ذلك الذي يضحي بلحمه ودمه من أجل حماية زوج من الغرباء!
– وكرر قوله: إنهما ملاكان.. أصغي إلى ما قالا لي ” أخرج من سدوم، أنت وأسرتك، لأن الله أرسلنا لتدمير هذا المكان! خذ زوجتك وأطفالك، خذ أي من الناس الذين ينتمون إليك واهرب”.
– وبالطبع فإنه ستفعل ما قالاه مع أنك لم تفعل أبدًا ما أقوله لك، وأنا زوجتك وأم ابنتيك.
– أقسم لك يا زوجتي الطيبة، إن هذا ما قالاه لي.
– إنك يا زوجي مجنون أيضًا.
لم ترَ ابنة لوط والدها قبلئذ في مثل هذه الحالة من الهياج الشديد. إلاَّ أنها رأته وهو يسير نحو الأمام ونحو الوراء، ويفرك يدًا بيد، ويتوقف أحيانًا لينوس إلى الأمام والوراء وكأنه يصلي. ثم اتجه فجأة نحو الباب.
فصرخت أمها: إلى أين تذهب أيها المجنون ونحن في منتصف الليل؟
فصاح أبوها: لكي أجلب بناتي المتزوجات وأزواجهن وبذلك يمكن لهم أن يهربوا أيضًا”(1) وعلى نفس المنوال يتابع الكاتب هذا السيناريو السخيف(2).
ج:
1- ما سبق هو مجرد تصوُّر مريض لجوناثان لم يحدث قط في أرض الواقع، لأن التوراة التي اعتدنا منها الصدق الكامل والصراحة التامة، لم تشر من قريب ولا بعيد لمثل هذا التصوُّر، فإن التوراة لم تتستر قط على خطايا الآباء والأنبياء وضعفاتهم، بل ذكرتها صراحة لنتعظ منها، ولندرك أن الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله. وأيضًا لم يكون جوناثان شاهد عيان على هذه الأحداث لنصدق كلامه، أو ليصدق على الأقل نفسه، فتصوراته نابعة من وحي خيال مريض لحاجة في نفس يعقوب، وهي إفساد سبل الله المستقيمة، فهي نابعة أساسًا من إبليس الحيَّة القديمة الملتوية.
2- من قال أن لوط استضاف الملاكين طمعًا في هبات؟ ومن قال أن لوط تنبأ عن هذه الهبات..؟ إن لوط عندما استضاف الملاكين لم يكن يدري، ولم يدر في ذهنه، أنهما ملاكين، بل ظن أنهما رجلان غريبان يحتاجان إلى بيت يأويهما تلك الليلة.
3- لماذا يتجنى جوناثان على زوجة لوط بهذه الصورة؟ من أخبره أنها تهكمت على الملائكة واتهمت زوجها بالجنون؟ ما هو سنده وعلى أي مرجع استند؟ وجوناثان هذا الذي يتجنى هنا على زوجة لوط، نجده يدافع عنها في موقف آخر عندما تلكأت في الخروج من سدوم لأن قلبها متعلق ببناتها.. إن ما كتبه جوناثان هو لون من ألوان التهريج الذي يسر الجهلة.
_____
(1) ترجمة نذير جزماتي – حكايا محرمة في التوراة ص 29، 30.
(2) راجع ص 35، 36.