كيف يدعو الله نهر الفرات على أنه أكبر من نهر مصر (تك 15: 18)؟
456- كيف يدعو الله نهر الفرات على أنه أكبر من نهر مصر (تك 15: 18)؟
ويقول الأستاذ طلعت رضوان ” فإن الأصوليون اليهود مازالوا يفرضون على الأجيال الجديدة أن تردد في طابور الدراسة الصباحي، وفي صلواتهم في المعابد الآية الشهيرة التي تنص على [في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام قائلًا لنسلك أعطي هذه الأرض. من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات] (تك 15: 18).. من المعلوم أن نهر النيل أكبر من نهر الفرات..، نهر النيل من أطول أنهار العالم ويبلغ طوله حوالي 6640 كم في حين أن نهر الفرات 2330 كم منها 1200 كم في العراق، 675 كم في سوريا، 455 كم في تركيبا، فلو أن هذا الإله العبراني رأى نهر النيل، أو لو أنه يعرف أبسط المعلومات الجغرافية التي يعرفها تلميذ في المرحلة الإعدادية، لما وقع في هذا الخطأ الذي يدل على الكذب، وهو يلجأ إلى الكذب حتى يهب أراضي الغير لشعبه المختار”(1).
ج:
1- يا ليت النُقَّاد يقرأون النص بلا تحيز، ولا يحملونه فوق ما يحتمل. قال الكتاب ” في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقًا قائلًا. لنسلك أُعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات” (تك 15: 18) فلم يقل الكتاب قط أن نهر الفرات أكبر من نهر مصر، ولكنه وصف نهر الفرات بأنه النهر الكبير.. وهنا يحق التساؤل: لماذا دعى الكتاب الفرات بالنهر الكبير بينما هناك أنهارًا أكبر منه؟
والإجابة سهلة لأن نهر الفرات هو أكبر الأنهار في منطقة غرب آسيا، ولم يقل سفر التكوين بأن الفرات هو النهر الأكبر على مستوى العالم بل قال أنه النهر الكبير، وهذا ما أكد عليه موسى النبي مرة أخرى ” إلى النهر الكبير نهر الفرات” (تث 1: 7) وذكره أيضًا يشوع بن نون “إلى النهر الكبير نهر الفرات” (يش 1: 4) كما أن نهر الفرات هو النهر المعروف لدى الشعب العبراني من منابعه حتى مصبه(2) ولنتذكر أن الكتاب المقدَّس ليس كتاب جغرافيا يتكلم على أنهار العالم ويرتبها بحسب أطوالها، إنما هو الكتاب الذي يهدف أولًا وأخيرًا إلى خلاص الإنسان، ومع ذلك فهو يخلو تمامًا من أية أخطاء جغرافية أو تاريخية أو علمية.
2- ما علاقة الكتاب المقدَّس المُوحى به من الله، والذي شهد القرآن مرارًا وتكرارًا إلى أنه نور وهدى، بما تنتهجه إسرائيل حاليًا من سياسة الاستيطان والتوسع، بحجة أنهم شعب الله المختار الوارث عهود إبراهيم؟! لقد أعطى الله العهود والوعود لإبراهيم ولنسله بشرط طاعة الوصية، وهذا ما لم يلتزم به الشعب اليهودي، لقد أخرجوا أنفسهم من دائرة شعب الله، ولاسيما عندما رفضوا السيد المسيح ” إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله” (يو 1: 11) وعلى كلٍ فإن الأستاذ طلعت يمثل توجهًا لكثير من النُقَّاد العرب الذين فيما هم يهاجمون دولة إسرائيل يهاجمون العهد القديم، فهم لا يفصلون بين الدين والسياسة، بل أن الكثير مما ينتقدونه يوافق عليه القرآن والتراث الإسلامي، كما رأينا في إجابات العديد من الأسئلة السابقة.
_____
(1) مجلة العربي – عدد 510 – مايو 2001م.
(2) راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 6 ص 24.