Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

كم مكث بنو إسرائيل في مصر؟ هل 400 أم 430 أم 215؟

 455- كم مكث بنو إسرائيل في مصر؟ هل 400 سنة كقول الله لإبراهيم (تك 15: 13) أم 430 سنة كقول موسى النبي (خر 12 40) أم 215 سنة كقول المفسرين والمؤرخين المسيحيين، وهي المدة الزمنية الواقعة بين دخول أخوة يوسف وأبيه إلى مصر (عام 1706 ق. م.) وعبور الإسرائيليين بحر القلزم وغرق فرعون عام (1491 ق. م.)؟(1)

وإن لم يكن بنو إسرائيل أمضوا في مصر إلاَّ ما يزيد عن المائتي عامًا قليلًا، فلماذا صرح سفر الخروج بأن مدة إقامة بني إسرائيل في مصر كانت 430 سنة (خر 12: 40)؟ ولماذا أضافت التوراة السامرية أن مدة إقامة آباء وأجداد بني إسرائيل في مصر وكنعان كانت 430 سنة ” فكان جميع ما سكن بنو إسرائيل وآباؤهم وأجدادهم في أرض كنعان وأرض مصر أربعمائة وثلاثين سنة”.

ويقول الأستاذ محمد قاسم أن الطبعة الأولى للتوراة السامرية في مصر سنة 1978م خلت من كلمة أجدادهم(2) كما يعلق الأستاذ محمد قاسم على (تك 15: 13 – 16) قائلًا “ونخلص من هذه النبوءة إلى:

أ – أن نسل إبراهيم (وليس إبراهيم) سيكون غريبًا في أرض ليست لهم، وهي مصر وقد تلقى إبراهيم من قبل وعودًا بأن نسله سيمتلك أرض كنعان، وبالتالي فإن إضافة أرض كنعان إلى أرض مصر في حساب فترة الإقامة يعتبر خطأ من مدوني التوراتين السامرية واليونانية.

ب – إن هذا التغرب مقترن بالاستعباد والإذلال لمدة أربعمائة سنة، ولم يتعرض إسحق أو يعقوب للاستعباد الذي تعرض له بنو إسرائيل، وبالتالي فإن إضافة آباء وأجداد بني إسرائيل إلى فترة الإقامة في التوراتين السامرية واليونانية، هو أيضًا خطأ آخر يتنافى مع النبوءة المنسوبة لإبراهيم.

جـ – إن الأمة التي يستعبدون فيها لمدة أربعمائة سنة، سيخرجون منها بأملاك جزيلة (يقصد سرقة حلي المصريين) وسيكون الخروج في الجيل الرابع لجيل الدخول إلى هذه الأرض (مصر).. ونجد أن الجيل الرابع لبعض الأسباط -اعتبارًا من دخول مصر- هو الذي تم فيه الخروج، ولكن لو حسبنا عدد الأجيال بدءًا من إسحق حتى الخروج فإننا نصل إلى الجيل الثامن لسبطي يهوذا ويوسف، والسابع لسبط لاوي.

وهذا يؤكد أن النبوءة المنسوبة لإبراهيم لا تشمل أرض كنعان كما لا تشمل آباء وأجداد بني إسرائيل.. وتكون التوراة العبرانية أقل تناقضًا، فالفرق بين المدة الموضحة بالنبوءة وبين تقرير فترة الإقامة هو 30 سنة فقط، ويمكن تبرير هذا الفرق بأن بني إسرائيل قد تنعموا في مصر 30 سنة، ثم تعرضوا للاستعباد لمدة 400 سنة”(3).

ج

1- هناك ثلاث آراء في المدة التي قضاها بنو إسرائيل في الغربة:

الرأي الأول: أن ما جاء في (تك 15: 13) بأن مدة تغرب بني إسرائيل في مصر 400 من باب التقريب، وفي (خر 12: 40) حدد الوحي المدة بالضبط وهي 430 سنة.

الرأي الثاني: المدة الأولى التي أمضاها بنو إسرائيل في مصر حتى موت فرعون الذي كان يعرف يوسف ثلاثون سنة، لم يكن فيها ثمة اضطهادات لبني إسرائيل. ثم جاء فرعون الذي لا يعرف يوسف فبدأ معه الاضطهاد الذي استمر 400 عام، واعترف بعض النُقَّاد بأن هذا الأمر لا يمثل ثمة مشكلة فالدكتور موريس بوكاي الذي طالما هاجم الكتاب المقدَّس يقول ” يبدو فعلًا أن بالإمكان القول بأن العبريين مكثوا بمصر طيلة 400 أو 430 عامًا دون المجازفة بالوقوع في خطأ كبير”(4).

الرأي الثالث: يحتسب البعض الفترة من ولادة إسحق إلى خروج بني إسرائيل من مصر 400 سنة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وهي المدة التي أخبر بها الله إبراهيم قائلًا ” أعلم يقينًا أن نسلك سيكون غريبًا في أرض ليست لهم ويستعبدون لهم. فيذلونهم أربع مئة سنة” (تك 15: 13). أما من وقت تغرب إبراهيم عن وطنه (أور الكلدانيين) فهي 430 سنة، والفارق 30 سنة منها 5 سنوات أقامها إبراهيم في حاران (أع 7: 2، تك 12: 5) و25 سنة أمضاها إبراهيم في كنعان حتى ولد إسحق (تك 12: 4، 21: 5) وهي تطابق ما قاله موسى النبي ” وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربعة مئة وثلاثين سنة” (خر 12: 40) وقال بولس الرسول أن المدة من وعد الله لإبراهيم (تك 12: 1 – 5) إلى إعطاء الشريعة 430 سنة ” وإنما أقول هذا أن الناموس الذي صار بعد أربع مئة وثلاثين سنة” (غل 3: 17) ويمكن تفصيل هذه المدة كالآتي:

5 سنوات في حاران

25 سنة في كنعان حتى ولادة إسحق

60 سنة أمضاها إسحق حتى ولادة يعقوب

130 سنة عمر يعقوب عندما نزل إلى مصر

210 سنة مدة أقامة بني إسرائيل في مصر

______

430 سنة

2- يبقى التساؤل إن كان إبراهيم وإسحق ويعقوب تغربوا في حاران وأرض كنعان 220 سنة، وأمضى نسلهم 210 سنة في مصر، فكيف يقول موسى النبي ” وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مئة وثلاثين سنة” (خر 12: 4) والإجابة سهلة، لأن هذا الأسلوب متعارف عليه، فعند وجود أمرين متلازمين مترابطين، يمكن الاكتفاء بذكر أحدهما، ولذلك اكتفى موسى النبي بذكر مصر لأنها هي التي استعبدت شعب الله وأذلته، وفيها تمجد الله عندما أخرج شعبه بيد قوية وذراع رفيعة على يد موسى النبي.

3- في الترجمة السامرية (وكذلك السبعينية) أوضح المترجم المعنى بإدراج كلمتي “أبهاؤهم”، و” كنعان ” فجاءت الترجمة ” وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها (وآباؤهم) في مصر (وكنعان) فكانت 400 سنة ” ولكن الأصل العبري حفظ النص كما دونه موسى النبي.

وجاء في دائرة المعارف ” وطبقًا لما جاء في التكوين (15: 13) نرى أن مدة تغرب الإسرائيليين في مصر كانت بالتقريب حوالي 400 سنة، وبتحديد أكثر حسب الخروج (12: 40، 41) كانت 430 سنة. ولكن هذا النص الأخير جاء في السبعينية كما يلي ” مدة تغرب أبناء يعقوب التي عاشوها في مصر وفي أرض كنعان” (وتوجد نفس القراءة في النسخة السامرية مع ذكر كنعان قبل مصر).. وهذا يتفق مع التقليد اليهودي الذي ذكره الرسول بولس (غلا 3: 17) وكذلك مع ما ذكره يوسيفوس”(5).

_____

(1) راجع البهريز جـ 1 س 73، س275، والدكتور أحمد حجازي السقا – نقد التوراة ص 130، 131.

(2) راجع التناقض في تواريخ وأحداث التوراة من آدم إلى سبي بابل ص 215.

(3) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة من آدم إلى سبي بابل ص 216، 217.

(4) القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ص 254.

(5) دائرة المعارف الكتابية جـ 1 ص 232.

Exit mobile version