هل يحتاج الله إلى قوس قزح ليتذكر عهده مع الإنسان؟
هل يحتاج الله إلى قوس قزح ليتذكر عهده مع الإنسان؟
هل يحتاج الله إلى قوس قزح ليتذكر عهده مع الإنسان؟
430- هل يحتاج الله إلى قوس قزح ليتذكَّر عهده مع الإنسان..؟ كيف ظهر قوس قزح لأول مرة بعد الطوفان، مع أنه يتشكل بألوانه الزاهية في الأيام المطيرة من انكسار أشعة الشمس وانعكاسها على قطرات الأمطار؟ ألم يكن هناك أمطارًا قبل الطوفان؟ وهل قوس قزح هو قوس الله؟ (1)
ويقول الدكتور مصطفى محمود ” ومثل آخر للآيات المريبة التي تدعيها التوراة على الله، ما قالته عن قوس قزح في سفر التكوين. وتزعم التوراة أن الله وضع قوس قزح في السحاب بعد طوفان نوح كعلامة ميثاق بينه وبين الأرض ليُذكّر نفسه حتى لا يعود فيُغرق الأرض بطوفان آخر إلى قيام الساعة..
وهذا كلام مخالف لما يقوله العلم الثابت من أن قوس قزح ظاهرة طبيعية تحدث أينما التقى بخار الماء المعلَّق في الجو بأشعة الشمس، فيؤدي انكسار الأشعة على ذرات الماء المعلَّقة إلى انحلال النور الأبيض إلى ألوان الطيف السبعة التي تظهر في قوس قزح وليس من شروط هذه الظاهرة العلمية أن يأتي نوح ويحدث الطوفان فتوضع القوس في السماء ميثاقًا إلهيًا بين الله والأرض..
بل وهي وفقًا لمعلوماتنا ظاهرة قديمة موجودة منذ أن وُجدت الشمس في السماء ومنذ أن حدث التبخر والضباب والسحب وذرات الماء المعلَّقة.. وكلها أمور قديمة.. منذ آدم وقبل آدم. منذ أن نزلت الأمطار على أول نبات في تاريخ الأرض القديم.. وأي طالب ثانوي يستطيع بتجربة بسيطة في معمل الطبيعة أن يصنع قوس قزح الصناعي باستخدام مجموعة مناشير زجاجية يكسر بها الضوء بدلًا من ذرات الماء..
ويحلله إلى قوس من الأطياف السبعة.. ثم لماذا يضع الله علامة في السماء ليتذكر ميثاقه على الأرض، ولماذا يحرص على تذكير نفسه. ليس من صفاته أن ينسى أو أن له ذاكرة ضعيفة مثلنا.. إن كلام التوراة هنا مثير للشك”(2).
ج: 1- يخاطب الله الإنسان باللغة التي يدركها الإنسان، ولذلك قال له ” وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة بميثاق بيني وبين الأرض. فيكون متى انتشر سحابًا على الأرض وتظهر القوس في السحاب. إني أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم.. فلا تكون أيضًا المياه طوفانًا لتهلك كل ذي جسد. فمتى كانت القوس في السحاب أبصرها لأذكر ميثاقًا أبديًا بين الله وبين كل نفس حيَّة” (تك 9: 13 – 16) فقول الله ” أذكر ميثاقي “ أو ” أبصرها لأذكر ميثاقًا أبديًا “ تعبيرات مجازية، وقد جاء مثيلها في القرآن مثل قوله ” نسوا الله فنسيهم” (سورة التوبة 67) فهل الله ينسى؟!
2- يظهر قوس قزح من تحلل (وليس انكسار) ضوء الشمس بواسطة السحب، ولكيما يظهر لا بُد أن يكون هناك رقعة من السماء مغطاة بالسحب، وأخرى خالية منها، وهذا ما لم يكن متوفرًا قبل الطوفان، لأنه كان هناك طبقة سميكة من بخار الماء تحيط بالأرض، ولم تكن هناك أي رقعة خالية من السحب، وقبل الطوفان لم يكن هناك أمطار، وبالتالي لم يرَ قوس قزح من قبل، ويقول كِن هام وآخرون ” كانت هناك مياه فوق الغلاف الجوي، ومن الواضح أنها لم تعد موجودة اليوم.
من المستحيل أن يكون المقصود بها السحاب، لأن السحاب موجود في الغلاف الجوي ويسقط مطرًا، كما أنه لم يكن هناك قوس قزح.. على وجه التحديد يقول الله {وصنعت قوسي في السحاب} (تك 9: 13) إشارة إلى حقيقة وجود سحاب لحدوث قوس قزح، فالسحاب مكوَّن من قطرات الماء وعندما تشع الشمس خلال قطرات الماء هذه تكون بمثابة منشورات زجاجية فينشطر الضوء إلى الألوان المكونة له، ونرى قوس قزح، واضح من هذا الميثاق أنه كان حدثًا جديدًا صنعه الله، فلأول مرة شُوهد قوس قزح“(3).
ويقول د. هنري موريس Henry Morris الذي شارك في تأليف كتاب ” طوفان سفر التكوين” ” إن قوس قزح الذي أعطاه الله هو نتيجة أخرى لتغير الغلاف الجوي للأرض بعد الطوفان، فقوس قزح هو انعكاس لضوء الشمس يظهر عادة بعد المطر حيث يظهر حيثما ينكشف جزء من السماء بعد اختفاء السحب. ولقد ظهر لأول مرة بعد الطوفان كعلامة ميثاق من الله لنوح أنه لن يعود يهلك الأرض بالطوفان” (تك 9: 11 – 17)”(4).
3- دُعي قوس قزح في التوراة بهذا الاسم. أما في الفكر الإسلامي فقد دُعي قوس الله، بسبب الاعتقاد بأن ” قزح ” هو اسم الشيطان، فيُروي عن دهب مسندًا أن الله أوصى لنوح حين هبط من السفينة ” يا نوح إني خلقت خلقي لعبادي، وأمرتهم بطاعتي، وقد عصوني وعبدوا غيري، وأستوجبوا بذلك غضبي فغرَّقتهم، وإني قد جعلت قوسي أمانًا لعبادي وبلادي، وموثقًا مني بيني وبين خلقي، يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق، ومن أولى بعهدي مني..؟ لا تقولوا قوس قزح فإن قزح اسم الشيطان، ولكن قولوا قوس الله..“”(5)(6).
4- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا ” يتكلم الله معنا بأسلوبنا الذي نفهمه، فعندما أقام عهدًا بأن لا يكون هناك طوفان ثانية، اختار أن يكون هذه علامة ميثاق نستطيع نحن أن نراها عند حدوث أمطار، وتكون مناسبة لموضوع الميثاق، فنطمئن أن هذا المطر ليس طوفانًا.. إن الله يريد أن يقول لنا: إن كنتم أنتم سترون العلامة فتتذكرون، أفلا أتذكر أنا ولا أنقض عهدي معكم؟“(7).
5- يقول الدكتور ملاك شوقي إسكاروس ” قبل الطوفان لم يكن هناك مطر على الإطلاق، إنما كانت تُروى النباتات بالندى، والذي يعتمد على تشبع الجو ببخار الماء مع وجود فروق بسيطة في درجات الحرارة خلال اليوم
ويقول ” د. رونالد ماتي ” وهو أحد الجغرافيين في جامعة سياتل بأمريكا {لم يكن هناك رياح قبل الطوفان على سطح الأرض.. إن نقطة الندى تتكون فقط في عدم وجود الرياح} وحيث أن الرياح هي أحد أهم عوامل تكوين المطر، فهذا يعني بالتأكيد عدم وجود أمطار قبل الطوفان..
ولا ننسى أن الله يخاطبنا بلغتنا، فبالرغم من أن الله لا ينسى قط، فإن القرآن ذكر عن المنافقين والمنافقات “نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون” (التوبة 67) وقد وضع نسيان الله على نفس مستوى نسيان الإنسان“(8).
_____
(1) راجع ليوتاكسل – هل التوراة كتاب مقدَّس أم جمع من الأساطير ص 73.
(2) التوراة ص 47 – 50.
(3) ترجمة جاكلين جورج إسحق – نبذة طوفان نوح ص 8.
(4) أورده نيافة الأنبا بولا – الكتاب المقدَّس والعلم ص 123.
(5) نعمة الله الجزائري – النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين ص 58، 86، 88، 93، 95.
(6) أورده د. سيد القمني – الأسطورة والتراث ص 215، 216.
(7) من إجابات سفر التكوين.
(8) من إجابات سفر التكوين.