عالمية دعوة المسيح – جورج ناصر
عالمية دعوة المسيح – جورج ناصر
مقال مختصر في نقاط عن عالمية دعوة المسيح ردا على من يقول إن المسيح لم يكن نبيًا إلا لبني إسرائيل.
1- باختيار مجال دعوته بين بني إسرائيل
“وَبَعْدَمَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللهِ وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ»” (مرقس1).
واختار الجليل ميدان دعوته لانه (جليل الأمم) حيث يمتزج الغير مؤمنين بالمسيحيين فيسمعون كلام الله ليتم ما قيل بأشعياء النبي “جَلِيلَ الأُمَمِ اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ” (أشعياء 9).
2- الأمم تتبع يسوع
هذه لوحة عامة عن حركة الدعوة “وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْب. فَذَاعَ خَبَرُهُ فِي جَمِيعِ سُورِيَّةَ. فَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَالْعَشْرِ الْمُدُنِ وَأُورُشَلِيمَ وَالْيَهُودِيَّةِ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ.” (مت 4: 23-25).
فهو يذكر بين اتباع المسيح جموعا من سوريا الكبري كلها. ويخص بالذكر المدن العشرة وهي عشر مدن أنشأها الاستعمار في شرق الأردن يستعمرها الأمم. فالأمم من المدن العشر يتبعون يسوع.
3- رحلات يسوع إلى أراضي الأمم
فقد قام بأربعة رحلات إلى ارض الأمم للدعوة بالإنجيل:
- رحلة إلى شرق بحيرة طبرية في منطقة جرش (مرقس 4 -5).
- رحلة إلى نواحي صور وصيدا (مرقس7).
- رحلة ما بين المدن العشر (مرقس7-8).
- رحلة في منطقة بانياس وجبل الشيخ (مرقس8_9).
- مروره بالسامرية، مثل السامري الصالح، قبول إيمان الكنعانية.
4- المسيح يدعو لتأسيس ملكوت الله في العالم
كان بني إسرائيل يظنون أن المسيح يخصهم وحدهم بإقامة دولة قومية. فكشف لهم أسرار ملكوت الله في مثل الزوان على سبيل المثال (متى 13).
ففي مثل الزوان بين القمح يريد أن ابن الإنسان -يسوع- يزرع في العالم قمحا جيدا ولكن عدو الله إبليس يندس ويزرع بينه زوانا ويفسر هذه الاستعارة التمثيلية بقوله: ” الذي يزرع الزرع الجيد هو المسيح، والحقل هو العالم، الزرع الجيد هم أبناء الله، والزوان هما أبناء إبليس، والحصاد هو منتهي الدهر، والحصادون هما الملائكة” (متى 13:24-30 و36-43). إن حقل الدعوة المسيحية هو العالم كله.
5- تلاميذ المسيح سيشهدون بالإنجيل للأمم
فبداية أوصاهم المسيح على أن يقتصروا في التبشير على بني إسرائيل بقوله لهم:- “إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا (متى 10: 5). ولكنه أخبرهم عندما يرسلهم إلى العالم كله ينقلون دعوته بين المسيحيين في مهاجرهم وبين الأمميين في مواطنهم “وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُم وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ” (متى 10: 17). فدعوة المسيح في الأصل للعالم كله.
6- المسيح يربط الشهادة العالمية لدعوته باستشهاده
يعلن يسوع للجماهير في الهيكل في يوم الفصح معني استشهاده في دعوته ” اَلآنَ دَيْنُونَةُ هذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هذَا الْعَالَمِ خَارِجًا. وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إلى الْجَمِيعَ». قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُوتَ.” (يوحنا12:31). يربط المسيح الوثنية في العالم بإبليس. ويعلن أن استشهاده دينونة للعالم الشرير ونهاية لسلطان إبليس عليه ولهذا يكون استشهاده شهادة تجتذب العالم للإيمان.
7- بعثه رسل المسيح بالإنجيل للعالم كله
بعد قيامته من الموت وقبل ارتفاعه للسماء كلمهم وقال:
- “«اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.” (مر 16: 15).
- “فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.” (مت 28: 19).
8- المسيا الذي ينتظره اليهود عالميا
الرابي ليڤي بن جرشون (1288-1344م) تكلم عن عالمية دور المسيح المُنتظر حيث قال:
[ولم يقم نبي بعد كموسى (تثنية 34: 10) الذي كان نبيا لإسرائيل وحدها، ولكن سيكون من هذا الشعب نبيا لأمم العالم أيضا، وهو الملك المسيح، كما قيل في المدراش “هوذا عبدي يعقل” (أشعياء 52: 13) ويكون أعظم بكثير من موسى وشُرِح أن معجزاته أيضا ستكون أعظم من معجزات موسى. لأن موسى جعل إسرائيل وحدها تعبد يهوه، بينما بالمعجزات الجديدة فهو (المسيح) سيجعل كل الأمم تعبد يهوه. كما قيل “لأني حينئذ احول الشعوب الى شفة نقية ليدعوا كلهم باسم الرب” (صف 3: 9).. وهو سيحيي الموتى].
وفي الختام نجد أن لوقا في أعمال الرسل يوضح كيف انتشرت المسيحية في ظرف عشرين سنة فسبوا العالم إلى طاعة الإيمان بسلطان الكلمة والمعجزة والروح القدس وكمال اليقين فنجد في القرن الأول والثاني أساقفة لأورشاليم وانطاكية والهند وروما والإسكندرية……الخ – من الهند في تقصي الشرق إلى فرنسا و…..الخ في اقصي الغرب ، “ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، شَاهِدًا اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ” (عبرانيين 2: 4).