هدب ثوب المسيح – الإنجيل بخلفية يهودية (5)
هدب ثوب المسيح – الإنجيل بخلفية يهودية (5)
منقول من صفحة المسيح في التراث اليهودي
من إنجيل متى (9: 20-22)
[وإذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه ومسّت هدب ثوبه. لأنها قالت في نفسها أن مسست ثوبه فقط شفيت. فالتفت يسوع وابصرها فقال ثقي يا ابنة. إيمانك قد شفاك فشفيت المرأة من تلك الساعة.]
ما هو الهدب؟
هدب الثوب بالعبرية هي (تسيتسيت – ציצת) كما جاءت في الوصية ” وقل لهم أن يصنعوا لهم أهدابا –ציצת- في أذيال ثيابهم” وكان اليهود يخيطون تلك الهدب على الأطراف الأربع لردائهم (تث 22: 12) بطريقة وشكل معين أهمها أن تًصنع باللون الأسمانجوني (الأزرق السماوي) بحسب الوصية (عد 15: 38)، وكان الهدف منها أن تكون للتذكرة بخصوص الوصايا (عد 15: 39-40)، جرى العُرف لاحقاً على ارتداء تلك الهدب على ثوب مُربع الأبعاد يُدعى (طاليت – טַלִּית).
التزم المسيح بهذه الوصية التوراتية فكان يرتدي تلك الهدب دائماً (مت 9: 20، 14: 36) [1]. وفي زمنه اعتاد الفريسيين الذين ظنوا انهم اتقى وابر من الاخرين أن يصنعوا هدب أرديتهم بشكل أكبر من الحجم الطبيعي حتى يظهروا للناس وقد لامهم المسيح على ذلك الفعل (مت 23: 5).
معنى القصة ومغزاها:
المرأة نازفة الدم كانت في وضع نجاسة -بحسب الشريعة- بسبب الدم النازل منها، ومع هذا قد لمست هُدب ثوب المسيح وهذا يعتبره اليهود اطهر ما في الثوب وهو علامة على طهارة الشخص ذاته، فلا عجب أنها كانت خائفة وقد لمست الهُدب من الخلف، وهذا أيضاً ما جعلها تستحي أن تجيب على سؤال المسيح: “.. من لمس ثيابي؟” (مر 5: 30).
لأن بحسب التناخ فإن من يمس نجساً بطرف ثوبه فهو يتنجس” (حجي 2: 11-13)، لكن في حالة المسيح قد حدث شيء معاكس تماماً، فطهارة يسوع وطهارة ثيابه لم تتأثر وإنما نجاسة المرأة تأثرت إذ انتزعت بالكامل. في القصة التالية بحسب رواية متى (9: 23-26) ذهب المسيح الى صبية ميتة وامسك يدها – جسد الميت يُعتبر المصدر الأساسي للنجاسة بحسب الشريعة (عد 19: 11) – لم تتأثر طهارة المسيح بل تأثرت الصبية إذ قامت من الموت ولم تعد بعد مصدراً للنجاسة.
كِلا الحدثان هما دلالة قوية على اختلاف المسيح وعلى انه الوحيد الطاهر والذي له القدرة على تطهير الآخرين ونزع نجاستهم أيّا كان نوع تلك النجاسة.
________________________________
[1] كلمة هُدب بحسب ما جاءت في الوصية التوراتية قد ترجمها اليهود (كرسبدين – כְּרוּסְפְּדִין) في ترجوم اونكيلوس وترجموها في السبعينية اليونانية بنفس اللفظ (كرسبيدون – κράσπεδον) وهو نفس اللفظ الذي استخدمه كتبة الأناجيل في التعبير عن هُدب ثوب المسيح مثل “واذا امرأة نازفة دم.. قد جاءت من ورائه ومسّت هُدب -κράσπεδον- ثوبه” (مت 9: 20).